الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبيح أو حظر وعلل المصالح لا تعلم بالاستخراج وإنما تعلم بالتوقيف وكلامنا في العلة التي تستخرج من علل الاحكام وليست بمتعدية فقد فرق القاضي بين علل المصالح وعلل الأحكام وكأنه أراد بعلل المصالح الحكم وهذا يقتضي أنه لا يقول بالمناسب الغريب وقد لا يثبت القياس في الاسباب بالحكم ثم أعاد هذا المعنى وبسط القول في هذه المسألة.
مسألة: لا يجوز تخصيص العلة المستنبطة وتخصيصها نقض لها
نص عليه واختلف فيه أصحابنا علىوجهين ذكرهما أبوإسحاق ابن شاقلا في شرح الخرقي وذكرهما الخرزي وأبو حفص البرمكي أحدهما كالمنصوص اختاره القاضي وأبو الحسن1 بن الخرزي وبه قال المالكية وأكثر الشافعية وجماعة من المتكلمين وبعض الحنفية وذكر القاضي كلام أحمد الدال على منع تخصيص العلة من قوله القياس أن يقاس الشىء على الشىء إذا كان مثله في كل أحواله إلى آخره.
[قال شيخنا] وفيه نظر فانه ذكر هذا أنه احدى الروايتين في مسألة قياس الشبه مع أن التخصيص لا يمنع أن يكون الفرع مثل الأصل في كل أحواله إذا جبر النقض بالفرق ثم ذكر أن أبا إسحاق حكى فيها وجهين قال وقول أحمد القياس يقتضي أن لا يجوز شراء أرض السواد لأنه لا يجوز بيعها ليس بموجب لتخصيص العلة لأن تخصيص العلة لا يمنع من جريانها في حكم خاص وماذكره أحمد إنما هو اعتراض النص على قياس الأصول في الحكم العام وقد يترك قياس الأصول للخبر.
قلت هذا أحد الاقوال الخمسة والثاني يجوز تخصيصها ذكره أبوإسحاق ابن شاقلا عن بعض أصحابنا وقال القاضي في مقدمة المجرد وهذا ظاهر كلامه في كثير من المواضع ولم يذكر غيره واختاره أبو الخطاب [2وقد ذكر الشيخ هنا وغيره أن أحمد نص على امتناع تخصيصها.
1 في د "والخرزي" بدون ذكر الكنية وفي ب "وأبو الحسين الجزري".
2 ما بين هذين المعقوفين متأخر في د عما يليه.
قلت وقد ذكر القاضي في مقدمة المجرد أن القول بجواز تخصيصها هو ظاهر كلام أحمد في كثير من المواضع.
قلت فصارت على روايتين منصوصتين1] ولفظه هى صحيحة2 حجة فيما عدا المخصوص وبه قالت الحنفية وبعض الشافعية ومالك وكذا قال أصحابنا وأبو الطيب وأنكر عبد الوهاب صحة هذا عنهم وحكى ابن برهان عن الشافعي نفسه والمتقدمين من الحنفية كالاول ونصره وقال أبوالخطاب كلام أحمد يحتمل القولين معا.
[قال شيخنا] تلخيص قول أبي الخطاب في تخصيص العلة أنه لا يجوز تخصيصها إلا بدليل شرعى يدل على موضع التخصيص وسواء كان المخصص نصا أو غير نص وهذا يقتضي جواز تخصيصها وإن لم يبن في صورة التخصيص مانع يقتضي استثناء تلك الصورة من مواضع العلة فهو يخصها بعموم الادلة لا بخصوص العلل وقال إن مدعى العلة يحتاج إلى تبيين ما يدل عليها في الأصل ويبين أن الموضع الذي يخص دلت عليه دلالة صحيحة منعت من تعليقه على العلة فأما إذا لم يبين ذلك ووجدت علته مع عدم حكمها فهى منتقضة فاسدة وكلامه في المسألة يقتضي أنها تخص لا أن العلة مانعة لكن يكفى في صحتها وجود الحكم معها في الأغلب كما يكفى في صحة الدليل وجود مدلوله في الأغلب وجعل عمدة قوله إن العلة أمارة والامارة لا يجب وجود حكمها معها على كل حال وإن كان ترك الدليل والعلة لا يجوز إلا الموجب.
وهذا القول عندي خطأ وهو قول من أبي تخصيص العلة فأما جواز تخصيص المانع فلا ينبغي أن يشك فيه والخلاف فيه لفظي اصطلاحي واختار أبو محمد أنه يجوز تخصيص المنصوصة بالدليل مطلقا كاللفظ وأما المستنبطة فلا يجوز تخصيصها إلا لفوات شرط أو وجود مانع أو ما علم أنه مستثنى تعبدا وهل على المستدل أن يحترز في الأصطلاح اختار استحسان ذلك في الشرط دون المانع لأن
1 متأخر في د عما يليه.
2 في اب "هي حجة".
الشرط أمر وجودي فيصير في هذا ثلاثة أقوال واختيار أبي محمد البغدادي اشتراط الاطراد إلا في المنصوصة أو فيما استثنى عن القواعد كالمصراة والعاقلة.
[قال شيخنا] الذي يظهر في تخصيص العلة أن تخصيصها يدل على فسادها إلا أن يكون لعلة مانعة فانه إذا كان لعلة مانعة فهذا في الحقيقة ليس تخصيصا وإنما عدم المانع شرط في حكمها فإن كان التخصيص بدليل ولم يظهر بين صورة التخصيص وبين غيره فرق مؤثر فإن كانت العلة مستنبطة بطلت وكان قيام الدليل علىانتفاء الحكم عنها دليلا على فسادها وإن كانت العلة منصوصة وجب العمل بمقتضى عمومها1 إلا في كل موضع يعلم أنه مستثنى بمعنى النص الآخر.
وحاصلة أن التخصيص بغير علة مانع مبطل لكونها علة وإذا تعارض نص الأصل المعلل ونص النقض وهو معلل فلا كلام وإن لم يكن معللا بقى التردد فى الفرع هل هو في معنى الأصل أو هو في معنى النقض وقد علم تبعه للاصل دون النقض.
وتلخيصه أن العلة لا تخص إلا العلة2 كما أن الدليل لا يخص إلا بدليل فإن كانت مستنبطة فلا بد من بيان العلة المخصصة وإن كانت العلة منصوصة كفى بيان دليل مخصص فهذا لمن تأمل حقيقة الأمر.
وأخصر منه أن العلة المستنبطة لا يجوز تخصيصها إلا لعلة مانعة وأما المنصوصة فيجوز تخصيصها لعلة مانعة أو دليل3 مخصص وهذا في الحقيقة قول المتقدمين الذين منعوا تخصيص العلة.
وقال القاضي فى كتاب القولين هل يجوز تخصيص العلة الشرعية وهو أن
1 في ا "بمقتضاها".
2 في ب "إلا بعلة".
3 في ا "ولدليل مخصص".
توجد العلة ولا حكم قال شيخنا أبوعبد الله لا يجوز ومتى دخلها التخصيص لم تكن علة وقد أومأ إليه أحمد ف رواية الحسين بن حسان فقال القياس أن يقاس الشىء على الشىء إذا كان مثله في كل أحواله فأما إذا أشبهه في حال وخالفه في حال فهذا خطأ قال ومن أصحابنا من قال يجوز تخصيصها فيكون دلالة على الحكم في عين دون عين قال وهو المذهب1 الصحيح ومسائل أصحابنا تدل عليه قال في رواية بكر بن محمد في المذي يغسل ذكره كما جاء في لأثر ولو كان القياس لكان يغسل موضع المذى وإنما هو الاتباع قال فقد بين أن القياس كان يقتضى غسل نفس الموضع ولكن ترك القياس في ذلك لدليل أولى منه وهو حديث علي وإذا كان من مذهبه جواز ترك القياس لدليل أقوى منه جاز تخصيصه في موضع لدليل وذكر نصه في رواية أبي طالب والمروذى في أموال الكفار وفى أرض السواد لثقته في قول الصحابي قال ومن أصحابنا من منع تخصيص العلة فقوله يفضي الىترك قل أحمد في المسائل التي ترك القياس فيها2.
[شيخنا] فصل:
القائلون بتخصيص العلة لا تفسد العلة بالنقض عندهم إذا كان التخصيص بدليل فأما المانعون من تخصيصها فالنقض مفسد للعلة عندهم ثم تارة يكون التعليل لجنس الحكم فيكون كالحد وتارة لعين الحكم3 فإن كانت لالحاق الحكم انتقضت بأعيان المسائل وإن كان التعليل لاثبات حكم مجمل لم ينتفض إلا بالنفى المجمل4 وإن كان التعليل لنفى مجمل انتقض باثبات مجمل أو مفصل وإن كان
1 في ا "وهذا المذهب صحيح".
2 في هامش اهنا "بلغ مقابلة على أصله.
3 في ب "لغير الحكم" تحريف.
4 في ب "إلا بنفي مجمل".