الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الاستصحاب فإن هنا أربع مراتب فعله أو أمره بما يضاد الوجوب كأمره بأن يعطى القاتل جميع السلب فإن هذا يضاد وجوب أخذ الخمس الثاني عدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم مع قيام المقتضى فهذان نصان1 في عدم الوجوب والثالث عدم دليل السمع الموجب فإنه لا وجوب إلا به فعدم الموجب ملزوم عدم الوجوب الرابع استصحاب ما كان قبل السمع وكذلك عدم التحريم تارة يثبت بقوله أو فعله ما ينافي التحريم وتارة بعدم نهيه2 مع قيام المقتضى وهذا الذي يسمى تقريرا وثالثا بعدم المحرم ورابعا بالاستصحاب فهذه الدلائل العدمية دليل3 على عدم الوجوب والاستصحاب والتحريم والكراهة وبعضها مستلزمة لدليل ثبوتي ومن هذا فعله للشيء هل هو دليل على الحل الشرعي أو دليل على عدم التحريم مطلقا بحيث يكون النهى بعد ذلك نسخا عاما4 أولا يحكم يكون نسخا لأن الثابت إنما كان عدم التحريم.
1 في ب "فهذان نص".
2 في ب "لعدم بينة".
3 كلمة "دليل" ساقطة من ب.
4 في ب "نسخا خاصا".
مسألة يجوز الأخذ بأقل ما قيل ونفي ما زاد
لأنه يرجع حاصله إلى استصحاب دليل العقل على براءة الذمة فيما لم يثبت شغلها به وأما أن يكون الأخذ بأقل ما قيل أخذا وتمسكا بالإجماع فلا لأن النزاع في الاقتصار1 عليه ولا إجماع فيه قال بعضهم هذا نوع من أنواع الإجماع صحيح لا شك فيه وقال قوم بل يأخذ بأكثر ما قيل ذكرهما ابن حزم وقال بعضهم ليس بدليل2 صحيح.
قال شيخنا قلت: إذا اختلفت البينتان في قيمة المتلف فهل يوجب الأقل أو بسقطهما فيه روايتان وكذلك لو اختلف شاهدان فهذا يبين أن في إيجاب
1 في ب "الانتصار عليه" تحريف.
2 كلمة "بدليل" ساقطة من ا.
الأقل بهذا المسلك اختلافا وهو متوجه فإن إيجاب الثلث أو الربع ونحو ذلك لا بد أن يكون له مستند ولا مستند1 على هذا التقدير وإنما وقع الاتفاق على وجوبه اتفاقا فهو شبيه بالاجماع المركب إذا أجمعوا على مسألتين مختلفتي المأخذ ويعود الأمر إلى جواز انعقاد الإجماع بالبحث والاتفاقات وإن كان كل واحد من المجمعين ليس له مأخذ صحيح وأشار إليه ابن حزم.
فصل:
يتعلق بالقول بأقل ما قيل2 وضابطه دليل ظاهر لفظي أو عقلي.
انعقد الإجماع على عدم اعتباره مطلقا إجماعا مفردا أو مركبا وهو إذا كان اللفظ العام أو المطلق مقيدا بحد وقد اختلف في حده فهل يجوز الاستمساك بعمومه فيما زاد على أقل الحدود كعموم آية السرقة فإنه قد اتفق الفقهاء على أنها مخصوصة بنصاب فهل لمن يقطع بما زاد على الثلاثة الدراهم أن يحتج بعمومه فيما بين الثلاثة والعشرة أو يقال في نصاب هذا مما قد يستدل به طائفة من الفقهاء وقد استدل المالكية وأصحابنا مثل أبن أبى موسى في شرح الخرقي على الحنفية في مسألة أكثر الحيض بإطلاق قوله: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} 3 على أن في اللفظ عموما من كونه أذى وهذا لو ثبت فلا ريب في هذا الترتيب عندنا وعند الجمهور أن له قدرا مخصوصا قال أصحابنا وجب اجتناب الحائض مع وجود الحيض قل أو كثر إلا ما قام دليله وقد قام الدليل عندنا وعند أبى حنيفة أن ما نقص عن اليوم والليلة ليس بحيض وبقى ما زاد على ذلك على حكم الظاهر ثم إنهم أجابوا عن احتجاج مالك بالآية في القليل والكثير بما يبطل حجتهم على أبى حنيفة فركبوا هذا
1 كلمة "ولا مستند" ساقطة من ا.
2 في د "يتعلق بما مر".
3 من الآية "222" من سورة البقرة.
الدليل تارة وأبطلوه أخرى وهذا قريب من مثل هذا في البراءة مثل أن يقال في مسألة الحيض الأصل براءة ذمتها من الحيض وقد اتفقنا على عدم شغلها في اليوم السادس عشر فمن قال بالشغل قبل ذلك فعليه الدليل وقد يعارض بأن دلائل السمع العامة قد اقتضت وجوب الصلاة على كل مكلف خرج منه العشر فما دونها فبقى فيما زاد على العموم وهذه المعارضة أقوى لإزالة الدليل السمعي للبراءة الأصلية لكن القدح فيه أن الدليل إنما تناول غير الحائض ويستعمل مثل هذا في الزكاة وهذا الدليل فيه نظر فإن العلم بأن هذا الظاهر لم يرد منه المتكلم إلا قدرا مخصوصا يمنع أن يكون قصد به العموم وإذا علمنا لم يقصد به العموم امتنع الاستدلال به ومن هذا الوجه قد يفرق بينه وبين الاستصحاب.
[شيخنا] فصل:
فأما ان ثبت أن العموم أو الإطلاق أو الاستصحاب منزل على نوع دون نوع فهل يجوز الاستمساك به فيما عدا النوع المتفق على خروجه هذا أقوى من الأول وهو في الاستصحاب أقوى منه في الخطاب وذلك لأن صاحب التحديد بالثلاثة مثلا لا بد له من دليل يختص به على التحديد بها كما أن صاحب العشرة لا بد له من دليل على التحديد بالعشرة فتكافآ في ذلك فم يجز لأحدهما الاستدلال بالظاهر وحده لعدم دلالة الظاهر وحده على مذهبه وأما النوع فالدليل المخرج له من العموم يتفقان فيه فمن أراد إخراج نوع آخر فعليه دليل ثان وحاصله أن خروج نوع يتفقان في الدلالة عليه كما اتفقا في حكمه وخروج ما بينهما من المقدار لا يتفقان في دليله كما لا يتفقان في حكمه وإنما هو إجماع مركب فهو نظير القياس على أصل مركب وأضعف [منه] 1 ومثل ذلك في الفروع2 الاحتجاج
1 في ب "وأصعب".
2 في ب "في النوع".
بعموم آية السرقة في سارق ما أصله الإباحة وما يسرع فساده ولولا ذلك لما جاز الاستمساك بعام مخصوص وإنما يقبح ذلك إذا كثرت الأنواع المخصوصة بحيث يكون النوع المتروك أقل من الأنواع المخرجة فهذا فيه تفصيل ونظر وهذا قد يتعارض فيه الإضمار والتخصيص [1فقيل هما سواء وقيل التخصيص أولى ويتعارض فيه المجاز والتخصيص1] وهذا البحث قد يقدح في الاستمساك بأقل ما قيل لأن القائل بوجوب2 ثلث دية المسلم لا بد من دليل غير الإجماع وغير براءة الذمة إذ ليس الثلث بأولى من الربع ومن الخمس3 والمناظرة إنما هي مع ذلك القائل الأول لا مع الثاني والثالث وإجماعهم على وجوب الثلث نوع من الإجماعات المركبة فإن وجوبه من لوازم القول بوجوب النصف والجميع فالقائل بوجوب النصف يقول إنما وجبت النصف لدليل فإن كان صحيحا وجب القول به وإن كان ضعيفا فلست موافقا على وجوب الثلث كما يقال مثل ذلك في حلى الصغيرة وعشر الخضروات الخراجية وإجبار بنت خمس عشرة4 لكن القولان المركبان قد يكون كل واحد منهما أعم من الأخر5 كما في هذه النظائر وقد يكون أحدهما هو العام كما في نصاب السرقة وكما في التقابض فإن بعضهم يستعمل مثل هذا وفيه نظر مثل أن يقال للأم مع الأخوين اتفقوا على وجوب السدس واختلفوا فيما زاد عليه والأصل عدمه فإن القائل بالثلث كذلك فهذا يشبه القول بأقل ما قيل بل هو ولو قال أيضا قد اتفقوا على توريث الجد واختلفوا في توريث الأخوة لكان ضعيفا لأن القدر الذي اتفقوا عليه إنما هو ما لم يقل إنه حق الأخ إلا أن يحتج على ميراث الجد بنص وبنفي ميراث
1 ما بين المعقوفين ساقط من ا.
2 في ب "القائل يثلث دية المسلم".
3 في ب "من الخمسين".
4 في ا "وإجبار بنت عشر".
5 في ب "أعم من الأخص" خطأ.
مسألة فإن كان بحضرته أو بموضع يمكنه سؤاله في الحادثة قبل ضيق وقتها جاز له الاجتهاد
بشرط أن يأذن له أو يسمع حكمه فيقره عليه وهو قول الحنفية وقال الجبائي وابنه وغيرهما لا يجوز وقال شيخنا وأكثر الشافعية يجوز بدون الشرط المذكور ونقل المقدسي كتفصيل أبى الخطاب في مسألة واحدة.
[شيخنا] فصل:
وللمفتى أن يرد الفتوى إذا كان في البلد من يقوم مقامه وإلا لزمه النظر فيها وقال أبو عمرو بن الصلاح ان لم يكون في البلد إلا هو تعين عليه الجواب وإن كان في الناحية اثنان واستفتيا معا فالجواب واجب عليهما على الكفاية وإن لم يحضر غيره وعند الحليمي يتعين عليه بسؤاله جوابه وليس له أن يحيله على غيره.
[شيخنا] فصل:
فإن كان في البلد من هو معروف عند العوام بالفتيا وهو في الباطن جاهل تعين على هذا الجواب والأظهر أنه لا يتعين عليه بذلك لحديث ابن أبى ليلي وإذا سأل العامي عما لم يقع لم تجب مجاوبته.