الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أمثلتها التي ذكرها المزني قوله: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} 1 وقوله: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} 2.
والتحقيق أن يقال صيغة أفعل بعد الحظر لرفع ذلك الحظر وإعادة حال الفعل إلى ما كان قبل الحظر فإن كان مباحا كان مباحا وإن كان واجبا أو مستحبا كان كذلك وعلى هذا يخرج قوله: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} 3 فإن الصيغة رفعت الحظر وأعادته إلى ما كان أولا وقد كان واجبا وقد قرر المزني هذا المعنى.
1 من الآية "4" من سورة النساء.
2 من الآية "4" من سورة المائدة.
3 من الآية "5" من سورة التوبة.
مسألة: صيغة الأمر بعد الحظر تنقسم إلى حظر من جهة لمخاطب بصيغة افعل
…
مسألة1: صيغة الأمر بعد الحظر تنقسم إلى حظر من جهة المخاطب بصيغة افعل
فيكون قوله: افعل إذنا ورفعا لذلك الحظر والى حظر ثابت من جهة غيره فلا يكون أباحة بل أمرا مبتدأ ذكره القاضي في ضمن المسألة وكذلك ابن عقيل وفي كلام القاضي ما يقتضي التسوية وينبني على ذلك أن رفع الأول نسخ دون الثاني وهذا كما قسمت الوجوب إلى معنيين كما يجيء.
فصل:
ولو نهاه عن شيء فاستأذن العبد في فعله فقال "افعل" فقال القاضي هذا لا يقتضي الوجوب بلا خلاف وذكر بعد هذا إذا استأذنه في فعل شيء فقال "افعل" حمل على الإباحة بالاستئذان والإذن جميعا جعله محل وفاق.
فصل:
الأمر بعد الحظر قسمان لأن الحظر إما أن يكون نهيا من الأمر أو يكون محظورا يعنى نهيا من [غير] الآمر2 فذكر من جملة الصور التي تفيد في العرف
1 في النجدية "مسألة" وفوقها "فصل".
2 كلمة "غير" ليست في الأصل ولا بد منها لتحقيق القسمين وليتطابق مع تقرير المثال الذي ذكره ولولا ذكر هذه الكلمة لكان القسم الثاني هو الأول بعينه.
الإذن ما يشمل القسمين وهو ما إذا قال "لا تدخل بستان فلان ولا تحضر دعوته ولا تغسل ثيابك" ثم قال له بعد ذلك: ادخل واحضر واغسل ثيابك قال: وكذلك قول الرجل لضيفه كل ولمن دخل داره ادخل فقيل له غير هذا إلا ترى أنه يقول لعبده لا تقتل زيدا فيكون حظرا فإذا قال: اقتله بعد هذا كان حظرا على الوجوب1 قال: لأن الأصل حظر قتل زيد فقوله لا تقتل زيدا توكيد للحظر المتقدم لا لأنه مستفاد به حظر وفي مسألتنا وقع النهي ثم رفع النهي فيجب أن يعود إلى ما كان إليه2.
قلت وهذا تصريح بأن الخلاف إنما هو في حظر أفاده النهي لا في حظر غيره وأن ذلك النهي
…
3 فصار قولان.
ثم حظر النهي منه ما يكون مغي كقوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} 4 ومنه ما يكون في معنى المغي كالنهي عن الصيد والانتشار5 ومنه ما يكون نسخا كالحديث ونازع القاضي في قوله: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} 6 فقال لا نسلم أن وجوب قتل المشركين استفيد بهذه الآية بل بقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} 7 ونحوها مما لم يتقدمه حظر.
قلت وهذا ضعيف بل الأمر بعد الحظر يرفع الحظر ويكون كما قبل الحظر والأمر في هذه الآية كذلك وقد قرر القاضي أن الأمر بعد الحظر بمنزلة الغاية فيفيد
1 في أصل النجدية "لكان أمرا على الوجوب" وفي هامشها "حطرا" ومعها علامة التصحيح وهي التي توافق تقريره بعد.
2 لعله لو قال "يعود لما كان عليه" كان أدق.
3 كذا وسقط خبر إن.
4 من الآية "222" من سورة البقرة.
5 أما النهي عن الصيد فيشير به إلى قوله تعالى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} إلى قوله جل وجلاله: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} وأما الانتشار فيشير به إلى قوله تباركت كلماته: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} .
6 من الآية "5" من سورة التوبة.
7 من الآية "29" من سورة التوبة.