الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة: التأسي بأفعاله عليه الصلاة والسلام لا يقتضيه العقل
لم يذكر ابن برهان فيه خلافا [زو] وذكره القاضي في الكفاية والعدة وذكره الحلواني وقال خلافا لبعض الناس في قولهم وجوبها من جهة العقل وكذلك حكى ابن عقيل عن بعض الأصوليين ورد عليه.
مسألة: فأما شرعنا ففعله حجة فيما ظهر وجهه
إن كان واجبا وجب علينا وإن كان مندوبا ندب لنا وإن كان مباحا أبيح لنا وهو قول الجمهور قال ابن برهان: هو قول الفقهاء قاطبة قال: وأما أصحابنا المتكلمون فتوقفوا في ذلك.
قلت وقد حكينا هذا فيما مضى عن الأشعرية وبعض الشافعية والتميمي صاحبنا.
قال ابن برهان وأما الحنفية فانقسموا في ذلك قسمين كالمذهبين.
والظاهر أنه يريد المتكلمين منهم وإلا تناقض [قوله] .
مسألة فعل النبي صلى الله عليه وسلم يفيد الإباحة
إذا لم يكن فيه معنى القربة في قول الجمهور وذهب أهل الوقف في التي قبلها إليه ها هنا.
مسألة: فإن كان جهة القربة
…
مسألة فإن كان على جهة القربة
ولم يكن بيانا لمجمل أو امتثالا لأمر بل ابتداء ففيه روايتان فيما ذكره القاضي إحداهما أنه على الندب إلا أن يدل دليل على غيره نقلها إسحاق بن إبراهيم والأثرم وجماعة عنه بألفاظ صريحة واختارها أبو الحسن التميمي [ح] ولفخر إسماعيل والقاضي في مقدمة المجرد وبها قالت الحنفية فيما حكاه أبو سفيان السرخسي وأهل الظاهر وأبو بكر الصيرفي والقفال والثانية أنها على الوجوب وبها قال أبو علي بن خيران وابن أبي هريرة والاصطخرى وابن سريج وطوائف من المعتزلة حكى ذلك الجويني وبها قالت المالكية واختارها القاضي [ح] والحلواني وأخذها من قوله
في رواية حرب يمسح رأسه كله لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الرأس كله [ح] قال في مقدمة المجرد: هو قول جماعة من أصحابنا وحكاه في القولين عن ابن حامد وقطع بذلك ابن أبي موسى في الإرشاد من غير خلاف ومن قوله في رواية الأثرم إذا رمى الجمار فبدأ بالثالثة ثم الثانية ثم الأولى لم يصح قد فعل النبي صلى الله عليه وسلم الرمي وبين فيه سنته وفي رواية الجماعة المغمى عليه يقضى لأن النبي صلى الله عليه وسلم أغمى عليه فقضى وفي هذا كله نظر لأن فعله للمسح وقع بيانا لقوله: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} 1 ورميه وقع بيانا لقوله: "خذوا عنى مناسككم" وليس النزاع في مثل ذلك وأما حديث الإغماء فإنه لما علم منه الراوي أنه قضى لزم الوجوب لا من مجرد الفعل بل من كونه قضى إذ لو حمل على الندب لخرج عن كونه قضاء وقال قوم لا يدل على شيء لأن الصغائر والسهو والنسيان يجوز على الأنبياء قال القاضي: وذهبت المعتزلة والأشعرية إلى أن ذلك على الوقف فلا يحمل على وجوب ولا ندب إلا بدليل والقول بالوقف اختيار ابن برهان وأبى الطيب الطبري وحكاه عن أبي بكر الدقاق وأبى القاسم بن قال: والبربجى من أصحابنا أعنى حكى عنهم القول بالوقف واختار الجويني مذهب الندب إلا في شيء من أفعاله وهو ما تعلق بفعل ظهرت فيه خصائصه فإنه وافق فيه الواقفة [ز، و] وذكر عن أحمد ما يقتضى الوقف وأخذه من كذا وذهب الجويني إلى أن من أفعاله صلى الله عليه وسلم ما يستبان بها رفع الحرج عن الأمة في ذلك الفعل وزعم أنه قد علم ذلك من حال الصحابة قطعا وأما إذا خوطب بخطاب خاص له بلفظه فإنه وقف في تعدية حكمه إلى أمته حتى يدل عليه دليل وقد سبقت ثم إن كان في فعله قصد القربة فاختار مذهب من حمله على الاستحباب دون الوجوب وقال في كلام الشافعي ما يدل على ذلك وحكاه عن طوائف من المعتزلة وذكر مذهب الواقفية وذكر كلاما يقتضى أن معناه أنهم لا يعدون حكمه إلى
1 من الآية "6" من سورة المائدة
الأمة بوجوب ولا ندب ولا غيرهما إلا بدليل إذ الفعل لا صيغة له وجائز أن يكون من خواصه.
فصل:
فأما ما لم يظهر فيه معنى القربة فيستبان فيه ارتفاع الحرج عن الأمة لا غير وهذا قول الجمهور واختاره الجويني والمحققون من القائلين بالوجوب أو الندب في التي قبلها وغلا قوم ممن قال بالوجوب هناك فذهب إليه هنا أيضا وعزاه بعض النقلة إلى ابن سريج قال الجويني: وهذا زلل وقدر الرجل أجل من هذا وذهب جماعة ممن قال بالندب في التي قبلها إلى الندب هنا احتياطا بصفة التوسط وأما الواقفية فعلى قاعدتهم في الوقف وإنما أعدنا هذه المسألة تحريرا للقول فيها.
فصل:
وفائدة ذلك إنما تظهر في حق أمته إذا قلنا إنهم أسوته فأما على قول من قال: لا يشاركونه إلا بدليل فتقف الفائدة على خاصته والأول قول الجمهور.
[زو] فصل:
في معرفة فعله صلى الله عليه وسلم على أي وجه فعله من واجب وندب وإباحة ذكر وجوه كل واحد من هذه الرازي في المحصول قبل النسخ وذكر ذلك أبو الخطاب والقاضي في الكفاية وبسط القول فيه.
"ز" الوقف في أفعاله له معنيان أحدهما الوقف في تعديه حكمه إلى الأمة وثبوت التأسي وإن عرفت جهة فعله والثاني الوقف في تعيين جهة فعله من وجوب أو استحباب وإن كان التأسي ثابتا والوقف قول أبي الخطاب وذكره عن أحمد وفي الحقيقة هو بالتفسير الثاني يؤول إلى مذهب الندب.
فصل:
إذا ثبت أن أفعاله على الوجوب فإن وجوبها من جهة السمع خلافا لمن قال: يجب بالعقل هذا كلام القاضي وهذا أخص من التأسي.
فصل:
في دلالة أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم على الأفضلية.
وهي مسألة كثيرة المنفعة وذلك في صفات العبادات وفي مقاديرها وفي العادات وكذلك دلالة تقريره وهي حال أصحابه على عهده وترك فعله وفعلهم وكذلك في الأخلاق والأحوال.
فصل:
قال القاضي: النبي صلى الله عليه وسلم لا يفعل المكروه ليبين به الجواز لأنه لا يحصل فيه التأسي لأن الفعل يدل على الجواز قال: فإذا فعله استدل به على جوازه وانتفت الكراهية وذكر عن الحنفية أنهم حملوا وضوءه بسؤر الهرة على بيان الجواز مع الكراهة.
فصل:
في دلالة أفعاله العادية على الاستحباب أصلا وصفة كالطعام والشراب واللباس والركوب والمراكب والملابس والنكاح والسكنى والمسكن والنوم والفراش والمشي والكلام.
واعلم أن مسألة الأفعال لها ثلاثة أصول:
احدها: أن حكم أمته كحكمه في الوجوب والتحريم وتوابعهما إلا أن يدل دليل يخالف ذلك وهذا لا يختص بالأفعال بل يدخل فيه ما عرف حكمه في حقه
بخطاب من الله أو1 من جهته ولهذا ذكرت هذه المسألة في الاوامر أعنى مسألة الخطاب وقد ذكر عن التميمي وأبى الخطاب التوقف في ذلك [وأخذ] من كلام أحمد ما يشبه رواية والصواب عنه العكس وعلى هذا فالفعل إذا كان تفسيرا لمجمل شملنا واياه أو امتثالا لامر شملنا واياه لم يحتج الى هذا الأصل وقد يكون هذا من طريق الأولى بأن يعلم سبب التحريم في حقه وهو في حقنا أشد أو سبب2 الاباحة أو الوجوب.
الأصل الثاني أن نفس فعله يدل على حكمه صلى الله عليه وسلم إما حكم معين أو حكم مطلق وأدنى الدرجات الاباحة وعلى تعليل التميمي بتجويز الصغائر يتوقف في دلالته في حقه على حكمه وقد اختلف أصحابنا في مذهب أحمد هل يؤخذ3 فعله على وجهين ومثل هذا تعليله بتجويز النسيان والسهو لكن هذا4 مأخذ ردىء فإنه لا يقر على ذلك والكلام في فعل لم يظهر عليه عتاب فمتى ثبت أن الفعل يدل على حكم كذا وثبت [أنا مساوون] له في الحكم ثبت الحكم في حقنا.
[الأصل الثالث أن الفعل هل يقتضى حكما في حقنا] 5 من الوجوب مثلا وإن لم يكن واجبا عليه كما يجب على المأموم متابعة الامام فيما لا يجب على الامام وعلى الجيش متابعة الامام فيما لا يجب على الامام وعلى الحجيج موافقة الامام في المقام بالمعرف الى افاضة الامام هذا ممكن أيضا بل من الممكن أن يكون [سبب] الوجوب في حقه معدوما في حقنا ويجب علينا لاجل المتابعة ونحوها كما يجب علينا
1 حرف "أو" ساقط من.
2 في ب "أو ثبت الإباحة" تصحيف.
3 في ب "هل يؤجد من فعله".
4 كلمة "هذا" ساقطة من ا.
5 ما بين المعقوفين ساقطة من ب.
الرمل والاضطباع مع عدم السبب الموجب له في حق الأولين أو سبب الاستحباب منتفيا في حقنا وقد نبه القرآن على هذا بقوله: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} 1 فصار واجبا عليهم لموافقته ولو لم يكن قد تعين الغزو في ذلك الوقت الى غير ذلك الوجه وهذا الذي ذكرناه في المتابعة قد يقال في كل فعل صدر منه اتفاقا لا قصدا كما كان ابن عمر يفعل في المشى في طريق مكة وكما في تفضيل اخراج التمر وهذا في الاقتداء نظير الامتثال في الأمر فالفائدة قد تكون في نفس تقيدنا بهديه وبأمره وفي نفس الفعل المفعول المأمور به والمقتدى به فهذا أحرى في الاقتداء ينبغى أن تتفطن له فإنه لطيف وطريقة أحمد تقتضيه وهذا في الطرف الآخر من المنافاة لقول من قال المأمور به قد [يرتفع به لارتفاع] علته من غير نسخ فإن أحمد تسرى لأجل المتابعة [واختفي ثلاثا لاجل المتابعة] وقال ما بلغني حديث إلا عملت به حتى أعطى الحجام دينارا وكان يتحرى الموافقة في جميع الأفعال النبوية2.
فصل:
احتج القائل بأن فعله لا يدل على وجوبه علينا بأن المتبوع أوكد حالا من المتبع فإذا كان ظاهر فعله لا ينبىء عن وجوبه عليه فلان لا يدل على وجوبه علينا أولى فقال القاضي هذا يبطل على أصل المخالف بالأمر فانهم يجعلونه دالا على الوجوب في حق غيره ولا يدل على وجوبه عليه لأن الأمر لا يدخل تحت الأمر عندهم قال: وعلى أنا نقول ان ظاهر أفعاله تدل على الوجوب في حقه كما تدل على ذلك في حق غيره كما قلنا في أوامره هي لازمه له وهو داخل
1 من الآية "120" من سورة التوبة.
2 كتب بعد هذا الكلام في ا "بياض".