الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14 - بَابُ الْمَوَاقِيتِ
249 -
قَالَ (1) الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا السَّكَنُ بْنُ نافع، ثنا عمران بن حُدَير (2)، عن أبي مِجْلَز قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ عَنِ الصَّلَوَاتِ، قَالَ: فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْفَجْرِ بِغَلَسٍ، ثُمَّ صَلَّى (3) صَلَاةَ الْعَصْرِ بِنَهَارٍ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ انْتَظَرَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، حَتَّى قِيلَ مَا يَحْبِسُهُ، ثُمَّ صَلَّى، ثُمَّ انْتَظَرَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ، حَتَّى قِيلَ مَا يَحْبِسُهُ، ثُمَّ صَلَّى، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم:"أَيْنَ السَّائِلُ؟ ". قَالَ هَا أنَا ذَا. قَالَ صلى الله عليه وسلم: "أَشَهِدْتَنا أَمْسِ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. قَالَ صلى الله عليه وسلم: "وَشَهِدْتَنَا الْيَوْمَ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "أيَّ (4) ذَلِكَ أردتَ فَهُوَ وَقْتٌ وَمَا بَيْنَهُمَا وقت".
(1) تأخر هذا الحديث في (ك)، فأتى بعد رقم (267).
(2)
في (عم): (جدير).
(3)
سقطت من (عم).
(4)
في (ك): (أني).
249 -
تخريجه:
ذكره الهيثمي (بغية الباحث 1/ 164: 112).
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 125 أ)، كتاب المواقيت، باب أوقات الصلوات، وعزاه للحارث بن أبي أسامة، وقال: هذا إسناد مرسل فيه مقال؛=
= السكن بن نافع أبو الحسن الباهلي قال فيه أبو حاتم: شيخ، وباقي رجال الإسناد ثقات. اهـ.
الحكم عليه:
إسناده حسن لكنه مرسل، لأن أبا مجلز تابعي لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم. انظر: جامع التحصيل (ص 296).
قال علي بن المديني: سمعت يحيى بن سعيد يقول: أول ما طلبت الحديث وقع في يدي كتاب فيه مرسلات عن أبي مجلز فجعلت لا أشتهيها وأنا يومئذ غلام. اهـ. (جامع التحصيل ص 91).
قلت: والمرسل عمومًا ضعيف عند أكثر أهل الحديث. انظر: التمهيد لابن عبد البر (1/ 5)؛ شرح العلل (1/ 529).
ولهذا المرسل شاهد صحيح من حديث بُريدة بن الحُصَيب الأسلمي رضي الله عنه، أن رجلًا أتى النبي، فذكر نحوه.
رواه مسلم (1/ 428، 429: 613)؛ والترمذي (1/ 286: 152)؛ والنسائي (1/ 258: 519)؛ وابن ماجه (1/ 219: 667)؛ وأحمد (5/ 349).
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح.
وشاهد آخر من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، نحو حديث بريدة.
رواه مسلم (1/ 429: 614)؛ وأبو داود (1/ 279: 395)؛ والنسائي (1/ 260: 523)؛ وأحمد (4/ 416).
250 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ (1)، عَنْ عَلِيِّ (2) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ (3) زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"صَلِّهَا مَعِي (4) الْيَوْمَ وَفِي غَدٍ"(5). فَلَمَّا كَانَ بِقَاعِ نَمِرة (6) بالجُحْفَة (7) صَلَّاهَا حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذِي طَوى (8) أَخَّرَهَا حَتَّى قَالَ النَّاسُ: أَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالُوا: لَوْ صَلَّيْنَاهَا (9)؟، فَخَرَجَ فَصَلَّاهَا أَمَامَ الشَّمْسِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ:"مَاذَا قُلْتُمْ؟ " قَالُوا: قُلْنَا: لَوْ صَلَّيْنَا. قَالَ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ فَعَلْتُمْ أَصَابَكُمْ عذاب". ثم دعى السائل فقال صلى الله عليه وسلم (10): "الصلاة ما بين هذين الوقتين"(11).
(1) ابن المطلب بن أبي وداعة السهمي.
(2)
في (المسند): (عبد الله). وهو علي بن عبد الله الأزدي الباقي.
(3)
في (سد): (بن).
(4)
في (ك): (في).
(5)
في (المسند): (وغدًا).
(6)
في (عم):، (يمره)، وهو خطأ. وقاع نمرة: موضع بقُدَيد، وقديد: موضع قرب مكة.
مشارق الأنوار (2/ 34)؛ معجم البلدان (4/ 313).
(7)
الجُحفَة: بضم الجيم وسكون الحاء- مشهورة من المواقيت، وهي قرية جامعة على طريق المدينة إلى مكة، من المدينة على ثمانية مراحل. مشارق الأنوار (1/ 168).
قلت: والذي يترجح عندي أن قاع نمرة المذكور في هذا الحديث هو موضع بالجحفة، وليس هو الذي بقديد.
(8)
ذو طَوَى: بفتح الطاء والواو، وادٍ بمكة، وقيل: موضع قرب مكة. ولا منافاة بين القولين. مشارق الأنوار (1/ 276)؛ معجم البلدان (4/ 45).
(9)
في (ك) و (المسند): (لو صلينا).
(10)
في (مح) أعاد هنا (فقال)، ولا محل لها.
(11)
في (المسند) و (المقصد) و (الإتحاف): (الصلاة ما بين هاتين الصلاتين).
250 -
تخريجه:
هو في مسند أبي يعلى (ق 331 أ- 331 ب).
وذكره الهيثمي (المقصد العلي ص 227: 197).
وذكره أيضًا (المجمع 1/ 317)، وقال: رواه أبو يعلى، والطبراني في الكبير، من رواية علي بن عبد الله بن عباس، عنه، وعلي لم يدرك زيد بن حارثة. اهـ.
قلت: قوله: (من رواية علي بن عبد الله بن عباس) ليس له دليل قوي، لأن علي ابن عبد الله بن عباس الهاشمي لم يذكر في شيوخ كثير بن كثير، وكثير بن كثير لم يذكر في تلاميذه، وعلي بن عبد الله الأزدي البارقي مذكور في شيوخ كثير بن كثير، وكثير بن كثير مذكور في تلاميذه، وهما -أي علي الهاشمي، وعلي الأزدي- جميعًا أرسلا عَنْ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ رضي الله عنه، فالراجح عندي هنا أنه علي بن عبد الله الأزدي. وقد وجدت الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي رجح ما رجحت هنا في تعليقه على مصنف عبد الرزاق.
ورواه عبد الرزاق في المصنف (1/ 567: 2158)، عن ابن جريج قال: أخبرني كثير بن كثير، به، فذكره بلفظ مقارب.
ورواه الطبراني في الكبير (5/ 89: 4669)، من طريق الدَّبَري، عن عبد الرزاق، به فذكره.
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 132 أ)، كتاب المواقيت، باب وقت الصبح، وعزاه لأبي يعلى.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد فيه علتان:
الأولى: عنعنة ابن جريج، وقد زالت بتصريحه بالإخبار في رواية عبد الرزاق -التي سبق ذكرها-.
الثانية: الإنقطاع بين علي بن عبد الله الأزدي، وزيد بن حارثة، لأنه توفي سنة=
= ثمان في غزوة مؤتة، فأنى لعلي بن عبد الله الأزدي أن يدركه. انظر: الإصابة (3/ 25).
ولهذا الحديث شاهدان:
1 -
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أن سائلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عن وقت الصبح، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بلالًا، فأذن حين طلع الفجر، فلما كان من الغد أخر الفجر حتى أسفر، ثم أمره فأقام فصلى، ثم قال:"هذا وقت الصلاة" هذا لفظ رواية النسائي، وفي رواية البزار:"ما بين هذين وقت".
رواه النسائي (2/ 11: 642)؛ والبزار كما في كشف الأستار (1/ 193: 380)؛ والبيهقي (1/ 377). ورجال النسائي كلهم ثقات لكن حميد الطويل مدلس لا يقبل من روايته إلَّا ما صرح فيه بالسماع وقد عنعن هنا، ولم يصرح بالسماع عند جميعهم. وأما قول الألباني في الصحيحة (3/ 109: 1115)، عن سند البزار:(هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين) فهو صحيح إذ إن رجاله كلهم حديثهم في الصحيحين، لكنه معلول بعنعنة حميد الطويل، فالحديث ضعيف حتى يوجد له طريق مقبولة يصرح فيها حميد بالسماع.
2 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فغلَّس بها، ثم صلى الغد فأسفر بها، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم "أَيْنَ السائل عن وقت صلاة الغَداة؟ فيما بين صلاتي أمس واليوم".
رواه أبو يعلى (10/ 343: 5938)؛ ومن طريقه ابن حبان (3/ 25: 1493)، من طريق سعيد بن يحيى الأموي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمن، به، فذكره.
ورجاله ثقات إلَّا محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة- فإنه صدوق له أوهام.
انظر: التقريب (ص 499)، فالحديث حسن لغيره، إن شاء الله تعالى.
251 -
وَقَالَ (1) إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ (2)، ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو الْهُذَلِيِّ، قَالَ: إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه:(كتبتَ فِي الصَّلَاةِ وَأَحَقُّ مَا تَعَاهَدَ الْمُسْلِمُونَ أَمْرُ دِينِهِمْ، وَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، حَفِظْتُ مِنْ ذَلِكَ مَا حَفِظْتُ، وَنَسِيتُ مِنْهُ مَا نَسِيتُ، فصلِّ الظهرَ بِالْهَجِيرِ (3)، والعصرَ والشمسُ حَيَّةٌ (4)، والمغربَ لِفِطْرِ الصَّائِمِ، والعشاءَ مَا لَمْ تَخَفْ رُقاد النَّاسِ، والصبحَ بغلس، وأطِلِ القراءة فيها).
(1) ليس في (عم).
(2)
ابن فارس العبدي.
(3)
في (حس): (بالفجر)، وهو خطأ. والهاجرة والهجير: هي نصف النهار عند اشتداد الحر.
مختار الصحاح (ص 288)، مادة:(هجر).
(4)
إذا كانت الشمس مرتفعة عن المغرب لم يتغير لونها بمقارنة الأفق، قيل: هي حية، كأن مغيبها وتغير لونها موتها. جامع الأصول (5/ 220).
251 -
تخريجه:
ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 124 ب)، كتاب المواقيت، باب أوقات الصلوات، وعزاه لإسحاق بن راهويه.
ورواه البيهقي (1/ 456)، من طريق الضحاك بن مخلد، ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جندب، عن الحارث بن عمر -سقطت الواو من المطبوع- الهذلي، به فذكره.
ورواه مالك في الموطأ (1/ 7)، كتاب وقوت الصلاة، وعبد الرزاق (1/ 536: 2036)، والبيهقي (1/ 370). كلهم من طريق أبي سهيل بن مالك -عم مالك بن
أنس- عن أبيه أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى. . . فذكر نحوه.=
= وهذا سند صحيح رجاله ثقات.
ورواه مالك في الموطأ (1/ 7)، كتاب وقوت الصلاة، من طريق هشام بن عروة عن أبيه: أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى. . . فذكر نحوه.
ورجاله ثقات لكنه منقطع، لأن عروة بن الزبير لم يسمع من عمر. انظر: جامع التحصيل (ص 236).
ورواه مالك أيضًا في الموطأ (1/ 6)، كتاب وقوت الصلاة؛ ومن طريقه رواه عبد الرزاق (1/ 536: 2038) من طريق نافع مولى ابن عمر، أن عمر كتب إلى عماله. . . فذكر نحوه.
ونافع لم يسمع من عمر بن الخطاب. انظر: تهذيب التهذيب (10/ 414). لكن لهذا المتن طريق أخرى عند عبد الرزاق (1/ 537: 2039) فرواه من طريق مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مثله. فأحال على المتن السابق، وهذه طريق متصلة، رجالها ثقات.
ورواه عبد الرزاق (1/ 535: 2035) من طريق معمر، عن قتادة، عن أبي العالية الرياحي: أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى. . . فذكر نحوه.
وفيه عنعنة قتادة، وهو ممن لا يقبل حديثهم إلَّا إذا صرحوا بالسماع. انظر: مراتب المدلسين (ص 102).
ورواه عبد الرزاق أيضًا: (1/ 536: 2037) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عمر قال: كتب عمر إلى أهل الأمصار
…
فذكر نحوه.
وفيه عبد الله بن عمر العمري، وهو صدوق سيِّيء الحفظ، لكن روايته منجبرة بما تقدم.
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 319)، من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن نافع بن جبير قال: كتب عمر إلى أبي موسى. . . فذكر نحوه. ورجاله ثقات لكن حبيب بن أبي ثابت مدلس وقد عنعن. انظر: مراتب=
= المدلسين (ص 84): (من الثالثة). ونافع بن جبير بن مطعم لم يذكر له رواية عن عمر. انظر: تهذيب الكمال (3/ ق: 1403).
الحكم عليه:
الأثر بهذا الإسناد ضعيف لجهالة الحارث بن عمرو الهذلي، لكن الأثر صحيح ثابت عن عمر موقوفًا عليه من غير هذه الطريق كما بينت في التخريج.
252 -
[1][وقال (1) إسحاق] أخبرني (2) بشر بن عمر الزهراني (3) ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ (4)، حدثني أبو بكر بن عَمر [و](5) بن حزم، عن أبي (6) مسعود الأنصاري رضي الله عنه، قَالَ:(جَاءَ جِبْرِيلُ (7) عليه الصلاة والسلام، إِلَى النَّبي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ (8):" [أقم] (9) فصلِّ" وذلك لِدُلُوكِ (10) الشَّمْسِ حِينَ مَالَتْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا. . .) الحديث بطوله.
(1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ك)، وقد تأخر هذا الحديث في (ك)، فأتى بعد رقم (253).
(2)
في (عم) و (سد) و (ك): أخبرنا.
(3)
في (ك): الرهباني.
(4)
هو الأنصاري.
(5)
سقطت الواو من (مح، حس) فزدتها من (عم) و (سد) و (ك).
(6)
في (سد): ابن، وهو خطأ.
(7)
سقطت لفظة (جبريل) من: (حس).
(8)
سقط من (ك) قوله: (فقال: قم فصل) إلى قوله: (فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم).
(9)
في (مح): (ثم)، وما أثبته من (حس، عم، سد، والإتحاف).
(10)
يقال: دَلَكت الشمس إذا زالت، ومنه قوله تعالى:{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} ، سورة الإسراء، آية 78. وانظر: مختار الصحاح (ص 87)، مادة:(دلك).
[2]
تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ (1)، عَنْ سُلَيْمَانَ (2)، عند البيهقي وساقه بطوله (3).
* قلت: وأصله فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ بَشِيرِ بْنِ أَبِي مَسْعُودٍ (4) مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْأَوْقَاتِ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِهِ بِبَيَانِ الْأَوْقَاتِ (5)، وَهَذَا الْإِسْنَادُ شاهد جيد لأبي داود (6)، وأخرجته (7) للفائدة (8).
(1) في (حس): أوس، وهو خطأ.
(2)
هو ابن بلال.
(3)
وتمامه عند البيهقي (1/ 361، 362): (ثم أتاه حين كان ظله مثله فقال: "قم فصل"، فصلى العصر أربعًا، ثم أتاه حين غربت الشمس فقال:"قم فصل، فصلى المغرب ثلاثًا، ثم أتاه حين غاب الشفق فقال: "قم فصل" فصلى العشاء الآخرة أربعًا، ثم أتاه حين بَرق الفجر فقال: "قم فصل" فصلى الصبح ركعتين، ثم أتاه من الغد في الظهر حين صار ظل كل شيء مثله، فقال: "قم فصل" فصلى الظهر أربعًا، ثم أتاه حين صار ظله مثليه، فقال: "قم فصل" فصلى العصر أربعًا، ثم أتاه الوقت بالأمس حين غربت الشمس، فقال: "قم فصل" فصلى المغرب ثلاثًا، ثم أتاه بعد أن غاب الشفق وأظلم، فقال: "قم فصل"، فصلى العشاء الآخرة أربعًا، ثم أتاه حين أسفر الفجر، فقال: "قم فصل، فصلى الصبح ركعتين، ثم قال:"ما بين هذين صلاة".
وقد ذكره الزيلعي في نصب الراية (1/ 223)، بهذا اللفظ، مع اختلاف أحرف يسيرة، وعزاه لإسحاق بن راهويه.
وسنده عند البيهقي: أنبأ علي بن أحمد بن عبدان، أنبأ أحمد بن عبيد الصفار، ثنا الأسفاطي -يعني: العباس بن الفضل- ئنا إسماعيل بن أبي أويس، به.
(4)
بَشير بن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري المدني، "له رؤية. وقال العجلي: تابعي ثقة" -ع إلَّا الترمذي-. تاريخ الثقات (ص 82)؛ الجرح (2/ 376)؛ الإصابة (1/ 174)، (القسم الثاني)؛ التهذيب (1/ 466)؛ التقريب (ص 125).
(5)
يأتي تفصيل ذلك في التخريج.
(6)
في (ك): (لرواية أبي داود).
(7)
في (عم) و (سد): (أخرجته) بدون الواو. وفي (حس): (وأخرجه).
(8)
قوله: (وأخرجته للفائدة) أي إن هذا الحديث ليس من شرط كتابي لأنه مخرج في بعض الستة ومسند أحمد عن طريق ذلك الصحابي. وإنما ذكرته ليُعلم أن لرواية أبي داود شاهدًا.
252 -
تخريجه:
هو في سنن البيهقي (1/ 361، 362)، كتاب الصلاة، باب عدد ركعات الصلوات الخمس.
وقال عَقِبَهُ: أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم لم يسمعه من أبي مسعود الأنصاري، وإنما هو بلاع بلغه. اهـ.
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 124 أ)، كتاب المواقيت، باب أوقات الصلوات، وعزاه لإسحاق بن راهويه.
1 -
ورواه البخاري (2/ 3: 521، 6/ 305: 3221)؛ ومسلم (1/ 425: 610)؛ والنسائي (1/ 245: 494)؛ وابن ماجه (1/ 220: 668)، كلهم من طريق عروة بن الزبير، قال: سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبا مسعود يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "نزل جبريل فأمّني فصليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه"، يحسب بأصبعه خمس صلوات. هذا لفظ البخاري -في الرواية الثانية- والنسائي.
2 -
ورواه أبو داود (1/ 278: 394)؛ وابن خزيمة (1/ 181: 352)؛ وابن حبان (3/ 25: 1492)؛ والطبراني في الكبير (17/ 259: 716)؛ والدارقطني (1/ 250)؛ والبيهقي (1/ 364)، جميعهم من طريق أسامة بن زيد الليثي: أن ابن شهاب أخبره، أن عمر بن عبد العزيز كان قاعدًا على المنبر، فأخر العصر شيئًا، فقال له عروة بن الزبير: أما إن جبريل، قد أخبر محمدًا صلى الله عليه وسلم بوقت الصلاة، فقال له عمر: اعلم ما تقول. فقال عروة: سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبا مسعود الأنصاري يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "نزل جبريل صلى الله عليه وسلم. . . الحديث"، وقد ذكر فيه أبو مسعود رضي الله عنه رؤيته لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم -الأوقات الخمسة بمواقيتها، ولم يذكر عدد الركعات. قال أبو داود: روى هذا الحديث عن الزهري: معمر، ومالك، وابن عيينة،=
= وشعيب بن أبي حمزة، والليث بن سعد، وغيرهم، لم يذكروا الوقت الذي صلَّى فيه ولم يفسروه. اهـ.
قال المنذري في مختصر سنن أبي داود (1/ 233)، (وهذه الزيادة في قصة الإسفار -يعني قوله: وصلى الصبح مرة بغلس، ثم صلَّى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات، لم يعد إلى أن يسفر- رواتها عن آخرهم ثقات، والزيادة من الثقة مقبولة). اهـ.
قلت: بل فيهم أسامة بن زيد الليثي، وهو صدوق يهم. انظر: التهذيب (1/ 208)؛ التقريب (ص 98).
وقال الخطابي: صحيح الإسناد. اهـ.
وقال ابن سيد الناس: إسناده حسن. انظر: التعليق المغني على الدارقطني (وهو مطبوع بذيل السنن)(1/ 250).
قلت: والصواب فيه إن شاء الله، أنه حسن لغيره.
3 -
ورواه الباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز (ص 110: 58)؛ والطبراني في الكبير (17/ 263: 724)، كلاهم من طريق سليمان بن بلال به فذكره بلفظ حديث الباب.
4 -
ورواه الباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز (ص 113: 60)، والطبراني في الكبير (17/ 260: 718)، من طريق أيوب بن عتبة قال: سمعت أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يقول: حَدَّث عروة بن الزبير عمر بن عبد العزيز، عن أبي مسعود الأنصاري أو -عند الباغندي (و) - بشير بن أبي مسعود -وكلاهما صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- إن جبريل، جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
الحديث -ولم يذكر الباغندي متنه- وهو عند الطبراني بلفظ حديث الباب لكن دون ذكر عدد الركعات.
ورواه البيهقي في المعرفة. انظر: نصب الراية (1/ 223) من هذه الطريق.=
= وقال: فأيوب بن عتبة ليس بالقوي. اهـ.
قال الهيثمي (المجمع 1/ 305): رواه الطراني في الكبير وفيه: أيوب بن عتبة، ضعفه ابن المديني، ومسلم، وجماعة.
ووثقه عمرو بن علي -في رواية-، وكذلك يحيى بن معين -في رواية- وضعفه -في روايات- والأكثر على تضعيفه. اهـ.
قلت: وتضعيفه هو الصواب. انظر: التهذيب (1/ 408).
وفيه علة أخرى وهي قوله: (عن أبي مسعود الأنصاري أو بشير بن أبي مسعود).
فإن كان عروة سمعه من أبي مسعود الأنصاري فهو متصل، لكن لم أر من ذكر لعروة سماعًا منه، وهو محتمل لأن عروة ولد سنة ست وعشرين، وأبا مسعود مات بعد الأربعين. أما إن كان سمعه من بشير بن مسعود مرفوعًا فهو مرسل، لأن بشيرًا لم يثبت أنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم. انظر: الإصابة (1/ 174)(القسم الثاني).
وقد تكلم على هذه العلة الحافظ ابن حجر، فبين الصواب فيها. قال الحافظ في الإصابة (1/ 174): وهو من تخليط أيوب بن عتبة، وإنما رواه عروة، عن بشير بن أبي مسعود، عن أبيه، كما هو في الصحيحين وغيرهما. اهـ.
5 -
ورواه البيهقي (1/ 365): من طريق سليمان بن بلال، قال: قال صالح بن كيسان: سمعت أبا بكر بن حزم، بلغه أن أبا مسعود قال:(نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة، فأمره فصلى الظهر حين زالت الشمس. . .) الحديث بنحوه، وليس فيه ذكر عدد الركعات.
ورجاله ثقات عن آخرهم، لكنه منقطع، لأن أبا بكر بن حزم لم يسمعه من أبي مسعود، وإنما بلغه بلاغًا.
وهذه الرواية تدل أيضًا على أن حديث الباب منقطع، حيث إن أبا بكر لم يصرح فيه بالسماع، وإنما عنعن فكانت هذه الرواية مبينة لهذا الانقطاع.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد منقطع، لأن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، لم يسمعه من أبي مسعود الأنصاري، وإنما هو بلاغ بلغه، قاله البيهقي (1/ 362).
وقد بينت ذلك رواية البيهقي الأخرى (1/ 365)، حيث قال صالح بن كيسان: سمعت أبا بكر بن حزم بلغه أن أبا مسعود، به فذكره.
وفي رواية للباغندي والطبراني، أن أبا بكر سمعه من عروة بن الزبير عن أبي مسعود.
ورجال سند إسحاق كلهم ثقات وليس فيه إلَّا ما ذكرنا من الانقطاع. ومتن هذا الحديث صحيح إن شاء الله تعالى، لما ذكرناه من المتابعات ولما سنذكره من الشواهد، إلَّا أن في ذكر عدد الركعات فيه إشكالًا لأنها لم ترد في شيء من طرق حديث أبي مسعود، غير هذه الطريق المنقطعة، ولأنها مخالفة لحديث عائشة رضي الله عنها الصحيح:"الصلاة أول ما فرضت ركعتين فأقرت صلاة السفر، وأتمت صلاة الحضر". متفق عليه.
البخاري (2/ 569: 1090)؛ ومسلم (1/ 478: 685).
فتبقى هذه الزيادة ضعيفة شاذة، إلَّا أن تحمل على أن ذلك كان بعد زيادة صلاة الحضر، لكن ذلك بعيد جدًا؛ لأن نزول جبريل، وتعليمه النبي صلى الله عليه وسلم كان أول ما فرضت الصلاة.
ولهذا الحديث شواهد عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم، منها:
1 -
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين زالت الشمس، فقال:"قم يا محمد فصل الظهر. . . " الحديث، بنحو حديث أبي مسعود، لكن ليس فيه ذكر عدد الركعات.
رواه التر مذي (1/ 281: 150) مختصرًا؛ والنسائي (1/ 263: 526)؛ وأحمد (3/ 330)؛ وابن حبان (3/ 16: 1470)؛ والدارقطني (1/ 256)؛ والحاكم=
= (1/ 195)؛ والبيهقي (1/ 368)؛ وابن عبد البر في التمهيد (8/ 28) مطولًا. من طرق عن عبد الله بن المبارك، عن حسين بن علي بن حسين بن علي، قال: أخبرني وهب بن كيسان، عن جابر، به.
قال البخاري كما في العلل الكبير (1/ 202): أصح شيء في المواقيت حديث جابر. اهـ. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. اهـ.
وقال الحاكم: حديث صحيح مشهور. اهـ. ووافقه الذهبي. قلت: ورجاله كلهم ثقات.
ورواه النسائي (1/ 255: 513)؛ وأحمد (3/ 351، 352)؛ والدارقطني (1/ 257)؛ والحاكم (1/ 196)؛ والبيهقي (1/ 368)؛ وابن عبد البر في التمهيد (8/ 30)، من طريق بُرد بن سنان، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر، به فذكر نحوه.
وإسناد النساني حسن.
2 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أمني جبريل عليه السلام، عند البيت مرتين. . . الحديث " بنجوه.
رواه أبو داود (1/ 274: 393)؛ والترمذي (1/ 278: 149)؛ والشافعي (1/ 50: 145)؛ وعبد الرزاق (1/ 531: 2028)؛ وأحمد (1/ 333)؛ وابن خزيمة (1/ 168: 325)؛ والطحاوي (1/ 146)؛ والدارقطني (1/ 258)؛ والحاكم (1/ 193)؛ والبيهقي (1/ 364)؛ والبغوي (2/ 181: 348)، من طريق عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة، عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ ابن عباس، به.
وعبد الرحمن بن الحارث بن عياش، صدوق له أوهام. انظر: التهذيب (6/ 156).
ورواه عبد الرزاق (1/ 531: 2029)، من طريق عبد الله بن عمر، عن عمر بن=
= نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن ابن عباس، به فذكره.
تنبيه: وقع في مصنف عبد الرزاق خطأ مطبعي بلا شك فتحرفت (بن) إلى (عن) فقال: (عمر بن نافع، عن جبير بن مطعم، عن أبيه) فيكون جبير بن مطعم يروي عن أبيه، وأبوه لم يسلم.
قال ابن دقيق العيد (التلخيص 1/ 173): هي متابعة حسنة. اهـ.
قلت: فيه العمري، وهو صدوق سيء الحفظ، وعمر بن نافع لم أجد له ترجمة.
وقد صَحَّح حديث ابن عباس رضي الله عنهما -هذا- جمع من أهل العلم، وحسنه آخرون.
قال الترمذي: حسن صحيح. اهـ.
وقال الحاكم: صحيح. اهـ. ووافقه الذهبي.
وصححه ابن السكن. انظر: تحفة المحتاج (1/ 244).
وقال ابن عبد البر في التمهيد (8/ 28): تكلم بعض الناس في إسناد حديث ابن عباس هذا بكلام لا وجه له، وهو والله كلهم معروفو النسب مشهورون بالعلم. اهـ.
وقال البغوي: حسن. اهـ.
وصححه أبو بكر بن العربي في عارضة الأحوذي (1/ 250، 251)، وصححه أحمد شاكر في شرحه للمسند (5/ 34: 3081)، وصححه الألباني في الأرواء (1/ 268: 249).
3 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هَذَا جبريل عليه السلام، جاءكم يعلمكم دينكم" فصلى الصبح
…
الحديث.
رواه النسائي (1/ 249: 502) مطولًا؛ والطحاوي (1/ 147)؛ والدارقطني (1/ 261)؛ والحاكم (1/ 194)؛ والبيهقي (1/ 369) مختصرًا، من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به.=
= قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. اهـ. ووافقه الذهبي.
وليس كما قالا، لأن فيه محمد بن عمرو بن علقمة، وهو صدوق له أوهام ولم يخرج له مسلم إلَّا في المتابعات. انظر: التهذيب (9/ 375)؛ التقريب (ص 499).
فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى، كما قال الذهبي في الميزان (4/ 673) خاصة وأنه قد توبع في هذا الحديث.
فرواه البزار كما في كشف الأستار (1/ 187: 368)؛ والحاكم (1/ 194)، ومن طريقه البيهقي (1/ 369) وهو عندهما مختصرًا.
من طريق عمر بن عبد الرحمن بن أسيد، عن محمد بن عمار بن سعد المؤذن،
عن أبي هريرة، به.
لكن وقع في رواية الحاكم تسمية محمد بن عمار بن سعد: (محمد بن عباد بن جعفر المؤذن).
وقد رواه البيهقي من طريقه فلم ينسبه وإنما قال: (عن محمد أنه سمع أبا هريرة)، ثم قال بعد تمام الحديث:(محمد هو ابن عمار بن سعد المؤذن).
ولم أجد من يسمى بهذا الاسم الذي ذكره الحاكم في رواة الحديث، ولم يذكر ابن أبي حاتم في الرواة عن عمر بن عبد الرحمن بن أسيد إلَّا محمد بن عمار بن سعد.
وقد أشار الحافظ في التلخيص (1/ 174) إلى طريق الحاكم، ولم يتعقبها بشيء.
وقد أفادني صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور، محمود ميره: أن هذا هو الموجود في كل ما لديه من نسخ المستدرك المخطوطة. فلا أدري ما وجهه.
قال البزار: محمد بن عمار لا نعلم روى عنه إلَّا عمر هذا. اهـ.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد. اهـ. ووافقه الذهبي.
وقال الهيثمي (المجمع 1/ 303): رواه البزار، وفيه عمر بن عبد الرحمن بن أسيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، ذكره ابن أبي حاتم وقال: سمع منه أبو نعيم، وعبد الله بن نافع، سست أبي يقول ذلك. وشيخ البزار إبراهيم بن نصر لم=
= أجد من ترجمه، وبقية رجاله موثقون. اهـ.
قلت: وتصحيحه بعيد جدًا فإن فيه عمر بن عبد الرحمن -كما ذكر الهيثمي- وقد ذكره البخاري في التاريخ (6/ 174)، وابن أبي حاتم (6/ 121)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا فهو مجهول الحال.
وفيه محمد بن عمار بن سعد المؤذن، ولم يوثقه أحد، إلَّا ابن حبان فإنه ذكره في الثقات (5/ 372)، وقال عنه الحافظ في التقريب (ص 498): مستور. اهـ. وهو كما قال إذ لا عبرة بذكر ابن حبان، فإنه يذكر المجاهيل والمجروحين.
وأما شيخ البزار -إبراهيم بن نصر- فقد وجدت له ترجمة عند الذهبي في السير (13/ 355)، قال الذهبي: إبراهيم بن نصر بن عبد العزيز الحافظ الإمام المجود أبو إسحاق الرازي، محدث نهاوند، يروي عن: أبي نعيم. . . وعنه: أحمد بن محمد بن أوس. . . وقد صنف المسند، وقدم هَمَذان وحدث بها، وكان كبير الشأن عالي الإسناد، توفي في حدود الثمانين ومائتين، قال الخليلي: مسنده نيف وثلاثون جزءًا، وهو صدوق. اهـ.
وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 89)، وهو وإن لم يُذكَر البزار في تلاميذه فإنه في طبقة شيوخه، خاصة وأنه قد روى عن أبي نعيم، وهو في هذا الإسناد يروي عن أبي نعيم.
والخلاصة أن حديث أبي هريرة بمجموع الطريقين حسن لذاته، وصحيح لغيره بشواهده.
قال البخاري (العلل الكبير 1/ 203): وحديث مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبي هريرة -في المواقيت- هو حديث حسن. اهـ.
وقال الحافظ في التلخيص (1/ 173): رواه النسائي بإسناد حسن، فيه محمد بن عمرو بن علقمة، وصححه ابن السكن، والحاكم. اهـ.
[3]
وَقَالَ الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا (1) دَاوُدُ بْنُ المُحَبَّر، ثنا حَمَّادٌ، يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سعيد، عن أبي بكربن محمد بن عمرو بن حزم [قَالَ] (2): إِنَّ النَّبِيَّ (3) صلى الله عليه وسلم. . . فذكره مطولًا.
(1) في (سد): أخبرنا.
(2)
زدتها من (عم) و (سد).
(3)
في (ك، والإتحاف): أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.
252 -
تخريجه:
ذكره الهيثمي (بغية الباحث ص 158: 106) بطوله.
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 124 أ)، كتاب المواقيت، باب أوقات الصلوات، وعزاه للحارث بن أبي أسامة، وقد ساقه بطوله.
ورواه عبد الرزاق (1/ 535: 2033) من طريق الثوري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أبيه، وعن يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ محمد، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فصلى به الظهر حين زالت الشمس. . هذا هو الموجود من متنه في المصنف، وقد ذكر المحقق أن فوق كلمة (الشمس) خط معقوف. قال المحقق: يشير به الكاتب إلى وقوع خطأ. اهـ.
قلت: لعله ألحق الساقط بالهامش ووضع الخط المعقوف إشارة إليه، لكن هذا الهامش لم يظهر في نسخة المحقق فاضطر إلى هذا التأويل.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد فيه علتان:
1 -
داود بن المحبر، وهو متهم بالوضع، لكنه توبع في شيخ شيخه كما في رواية عبد الرزاق.
2 -
الإعضال، لأن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، تابعي صغير، ولم يثبت أنه سمع هذا الحديث من أحد من الصحابة، وإنما روى نحوه عن جده عمرو بن=
= حزم ولم يدركه -قاله المزي- وروى نحوه أيضًا عن أبي مسعود الأنصاري، ولم يسمعه منه أيضًا. انظر تخريج الحديث السابق، والآتي برقم (254)، فيكون الساقط هنا اثنين: التابعي، وصحابي الحديث.
ولم يذكروا لأبي بكر رواية عن أحد من الصحابة إلَّا أبا حبة الأنصاري، وخالدة بنت أنس الأنصارية، ولم أقف على هذا الحديث مرويًا عن أحدهما. وقد ذكر المزي أن روايته عن جده عمرو بن حزم مرسلة. انظر: تهذيب الكمال (3/ ق: 1587).
ومتنه معتضد بما قبله.
253 -
وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ -هُوَ ابْنُ هَارُونَ-، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ -هُوَ (1) ابْنُ سِيرِينَ-، عَنْ أَبِي مُهَاجِرٍ (2) قَالَ:(كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه: أَنْ صَلِّ الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ (3) بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، وصل المغرب حين تغيب الشمس -أوحين تَغْرُبُ الشَّمْسُ- وَصَلِّ الْعِشَاءَ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ، وأقم (4) بسواد (5)، أو بغلس، وأطل القراءة).
(1) سقطت (هو) من (حس).
(2)
كذا في جميع النسخ، وبغية الباحث، والإتحاف. وذكر حبيب الرحمن الأعظمي أنه عنده في مسند الحارث: مهاجر دون لفظة (أبي)، وهو الصواب.
(3)
أي: باقية على شدة حرها، صافية اللون، لم يدخلها التغير بدنو المغيب، كأنه جعل مغيبها لها موتًا، وأراد تقديم وقتها -انظر: مشارق الأنوار (1/ 218)؛ والنهاية (1/ 471)؛ وهدى السارى (ص 110) -.
(4)
يعني صلاة الفجر كما في رواية الطحاوى الآتية في التخريج.
(5)
في (عم) و (سد): (لسواد).
253 -
تخريجه:
ذكره الهيثمي في بغية الباحث (1/ 160: 108).
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 124 ب)، كتاب المواقيت، باب أوقات الصلوات، وعزاه للحارث بن أبي أسامة.
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 320) من طريق عبد الله بن إدريس، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سيرين قال: أخبرني المهاجر، قال: قرأت كتاب عمر إلى أبي موسى، فيه مواقيت الصلاة. . . الحديث بنحوه مختصرًا.=
= ورواه الطحاوي (1/ 181) من طريق يزيد بن إبراهيم قال: ثنا محمد بن سيرين، عن المهاجر: أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى: (أن صلِّ الفجر بسواد -أو قال: بغلس- وأطل القراءة).
ثم رواه من طريق يزيد بن هارون قال: أنا ابن عون، عن محمد، عن المهاجر، عن عمر رضي الله عنه: مثله -ولم يسق متنه-.
الحكم عليه:
الحديث رجاله ثقات رجال الشيخين، عدا مهاجر البصري فإنه مجهول.
لكن متنه قد صح من طرق -بألفاظ متقاربة- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى رضي الله عنه، كما بينت ذلك في تخريج الحديث رقم (251)، وكان الأليق بهذا الأثر أن يكون بعده مباشرة -كما جاء في نسخة (ك) -.
254 -
وَقَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنْ عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ:(جَاءَ جِبْرِيلُ عليه الصلاة والسلام [فَصَلَّى] (1) بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَصَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ كَأَنَّهُ يُرِيدُ ذَهَابَ الشَّفَقِ، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ بِغَلَسٍ حِينَ فَجَر (2) الْفَجْرُ، ثُمَّ جَاءَ جِبْرِيلُ عليه الصلاة والسلام مِنَ الْغَدِ، فَصَلَّى الظُّهْرَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَصَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ لِوَقْتٍ وَاحِدٍ (3)، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ بَعْدَ (4) مَا ذَهَبَ هَوي (5) مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ بِهَا).
* هَذَا إِسْنَادُ حَسَنٌ، إلَّا أَنْ مُحَمَّدَ (6) بْنَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، لِصِغَرِهِ، فَإِنْ كَان الضَّمِيرُ فِي (جَدِّهِ) يَعُودُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ تَوقَفَ (7) عَلَى سَمَاعِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ عَمْرٍو (8).
(1) في (مح) و (حس): (يصلي)، وما أثبته من (عم) و (سد) و (ك) و (الإتحاف).
(2)
فجر الفجر، أي: ظهر. انظر: أساس البلاغة (ص 334)، مادة:(فجر).
(3)
في (حس) كرر بعد هذا قوله: (ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ)، وهو سهو من الناسخ.
(4)
في (عم): (حين).
(5)
الهوي -بالفتح-: الحين الطويل من الزمان. النهاية (4/ 285)، مادة:(هوي).
قلت: وعلى هذا يكون المراد هنا أنه مضى وقت طويل من تلك الليلة قبل أن يصلوا العشاء.
(6)
قوله: (محمد بن عمرو) إلى قوله: (يعود على أبي بكر) ساقط من (ك).
(7)
في (عم) و (سد): (فوقف)، وسقط قوله:(توقف على سماع أبي بكر) من (حس).
(8)
قلت: بل هو عائد على أبي بكر بن محمد بلا شك، ولا دخل لمحمد بن عمرو بن حزم في هذا الإسناد، لأن الجد جاء معينًا فقال:(عن جده عمرو بن حزم) فلا مجال للاحتمالات هنا.
254 -
تخريجه:
ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 124 ب)، كتاب المواقيت، باب أوقات الصلوات، وعزاه لإسحاق، وقال: هذا إسناد حسن. اهـ.
قلت: فيه انقطاع -كما سيأتي-.
ورواه عبد الرزاق (1/ 534: 2032) من طريق مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ، عن مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ: أن جبريل عليه السلام نزل فصلى. . . الحديث. وزاد في آخره (ثم صلى الفجر بعد ما أسفر بها جدًا، ثم قال: فيما بين هذين الوقتين وقت).
هكذا جاء إسناد الحديث في مصنف عبد الرزاق (عبد الله بن أبي بكر، عن مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ)، وعلى هذا يكون الحديث منقطعًا لأن عبد الله بن أبي بكر لم يدرك جده محمد بن عمرو، وقد علق المحقق على هذا مما يفيد أن هذا هو الموجود في المخطوط، لكن قال الزيلعي. (نصب الراية 1/ 225):(وأما حديث عمرو بن حزم فرواه عبد الرزاق "في مصنفه" أخبرنا مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده عمرو بن حزم)، فذكر الحديث، ثم قال:(وعن عبد الرزاق، رواه إسحاق في مسنده).
وكذلك قال ابن حجر في الدراية (1/ 99).
فما وقع في المصنف -والله أعلم-. ما هو إلَّا تحريف من الناسخ، ومما يؤيد ذلك أن عبد الرزاق رواه بعد ذلك (1/ 535: 2033) من طريق الثوري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أبيه، وعن يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ محمد قال: جاء جبريل. . . الحديث. فهو هنا وإن كان مرسلًا فإنه من طريق أبي بكر بن محمد، وهذا يؤيد صحة ما ذكرناه.
الحكم عليه:
رجال إسناد هذا الحديث كلهم ثقات، لكن قال المزي في تهذيب الكمال=
= (2/ ق 1030، 2/ ق 1587)، وتحفة الأشراف (8/ 149): أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم لم يدرك جده عمرو بن حزم، وروايته مرسلة. اهـ. بتصرف.
ولم أجد من صرح بذلك غير المزي رحمه الله، وقال الحافظ ابن حجر في ترجمة عمرو بن حزم في التهذيب (8/ 21): بأنه تكلم على قول المصنف: (إن أبا بكر لم يدرك جده)، في ترجمة أبي بكر حفيده، لكن لم أجد كلامه على هذه المسألة هناك. انظر: التهذيب (12/ 38، 39، 40)، ويبدو أنه سقط إما من المطبعة أو المخطوط، لأن الترجمة انتهت بـ (قلت).
وسماع أبي بكر من جده ممكن لأن جده توفي -على الصحيح- بعد سنة خمسين، واتفقوا على أن وفاة أبي بكر كانت قبل نهاية سنة عشرين ومائة، وذكروا أنه عاش أربعًا وثمانين سنة، فعلى هذا يكون سن أبي بكر عند وفاة جده لا يقل عن أربع عشرة سنة.
ويشهد لهذا الحديث حديث جابر بن عبد الله، وابن عباس، وأبي هريرة رضي الله عنهم، التي سبق تخريجها في حديث رقم (252).
255 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا غَسَّانُ -وَهُوَ ابْنُ الرَّبِيعِ-، عَنْ مُوسَى بْنِ مُطَير (1)، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه، فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ، الَّتِي كَانَ يَدُوم عَلَيْهَا فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ أَخَّرَ وَقَدَّمَ، وَلَكِنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَ يَدُومُ عَلَيْهَا كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهَا؟ قَالَ:(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يصلي الظُّهْرَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، فَإِنْ كَانَ الصَّيْفُ أَبْرَدَ بِهَا، وَكَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، وَكَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ إِذَا غَابَ قُرْصُ الشَّمْسِ، وَيَنْصَرِفُ وَمَا يُرَى ضَوْءُ [النَّجْمِ] (2) وَكَانَ يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حَتَّى إِذَا خَافَ النَّوْمَ قَالَ: "يَا بِلَالُ أَذِّنْ"، وَسَمِعْتُهُ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَوْلَا أَنْ تَنَامَ أُمَّتِي عَنْهَا لَسَرَّنِي أَنْ أَجْعَلَهَا فِي ثُلُثِ اللَّيْلِ، أونصف اللَّيْلِ". وَكُنَّا نَنْصَرِفُ مِنَ الْفَجْرِ وَنَحْنُ نَرَى ضَوْءَ النُّجُومِ).
* فِي السُّنَنِ (3) بَعْضُهُ مِنْ وَجْهٍ آخر.
(1) في (ك): مطر.
(2)
في (مح): (الفحم) وفي (حس) و (عم) و (سد): (الفجر) وما أثبته من (ك، والإتحاف).
(3)
في (ك): (الشمس) وهو تحريف.
255 -
تخريجه:
ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 125 أ)، كتاب المواقيت، باب أوقات الصلوات، وعزاه لأبي يعلى، وقال: وفي إسناده مطير وهو ضعيف. اهـ.
قلت: بل فيه ابنه موسى بن مطير، وهو متهم بالكذب.
وروى النسائي (1/ 237: 552)؛ وأبو داود الطيالسي (ص 284: 2136)؛ وأحمد (3/ 129، 169)، من طرق عن شعبة، عن أبي صدقة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ=
= رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ: (يصلي الظهر إذا زالت الشمس، ويصلي العصر بين صلاتيكم هاتين، ويصلي المغرب إذا غربت الشمس، ويصلي العشاء إذا غاب الشفق، ثم قال على إثره: ويصلي الصبح إلى أن ينفسح البصر) هذا لفظ النسائي.
ورجاله ثقات، وأبو صدقة هو توبة الأنصاري، مولى أنس بن مالك، أثنى عليه شعبة خيرًا. المسند (3/ 169). ووثقه الذهبى في الميزان (1/ 361).
وروى البخاري (2/ 28: 550)؛ ومسلم (1/ 433: 621)؛ وأبو داود (1/ 185: 404)؛ والنسائي (1/ 252، 253: 507، 508)؛ وابن ماجه (1/ 223: 682)، عن أنس رضي الله عنه قَالَ:(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يصلي العصر والشمس بيضاء مرتفعة حية. . .).
وروى البخاري (2/ 21: 540)؛ والترمذي (1/ 294: 156)؛ والنسائي (1/ 246: 496)، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:(خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حين زاغت الشمس فصلى بهم صلاة الظهر)، وعند الترمذي:(زالت) بدل: (زاغت).
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا، لأن شيخ أبي يعلى ضعيف، وموسى بن مطير متهم بالكذب، وأباه مطير متروك، لكن أكثر ألفاظ هذا الحديث رويت عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه من طرق أخرى -كما بينت في التخريج-.
ويشهد لعمومه حديث جابر، وابن عباس، وأبي هريرة رضي الله عنهم، في إمامة جبريل، وقد سبق تخريجها في حديث رقم (252).
ويشهد له أيضًا حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، وفيه: (كان يصلي -أي رسول الله صلى الله عليه وسلم- الهجير -التي تدعونها الأولى- حين تدحض الشمس، ويصلي العصر ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية. . . وكان=
= يستحب أن يؤخر من العشاء -التي تدعونها العتمة- وكان يكره النوم قبلها، والحديث بعدها. . .).
رواه البخاري (2/ 26: 547)؛ ومسلم (1/ 447: 647)؛ وأبو داود (1/ 281: 398)؛ والنسائي (1/ 246: 495)؛ وابن ماجه (1/ 221: 674)، وهو عنده مختصر.
256 -
وَقَالَ (1) إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ ثَعْلَبَةَ (2)، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ (3) مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال:"سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي الصَّلَاةِ: "لَا تُقَدِّمُوهَا لِلْفَرَاغِ، وَلَا تُؤَخِّرُوهَا لِلْحَاجَةِ".
* هذا إسناد ضعيف.
(1) قوله: (وقال إسحاق)، ليس في (ك).
(2)
هو أبو صفوان الحميري.
(3)
في (عم)، (سد): أبي.
256 -
تخريجه:
ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 124 ب)، كتاب المواقيت، أوقات الصلوات وعزاه لإسحاق بن راهويه، وقال: هذا إسناد ضعيف، إسحاق بن ثعلبة قال فيه أبو حاتم: مجهول منكر الحديث. وقال ابن عدي: أحاديثه كلها غير محفوظة. اهـ.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد فيه علتان:
1 -
إسحاق بن ثعلبة، وهو منكر الحديث.
2 -
الانقطاع بين الحسن البصري وابن مسعود رضي الله عنه، لأنه لم يسمع منه. انظر: المراسيل لابن أبي حاتم (ص 31: 45).
لذا فالحديث ضعيف جدًا. وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود رضي الله عنه، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها. . . الحديث".
رواه البخاري (2/ 9: 527)؛ ومسلم (1/ 89، 90: 85)؛ والترمذي (1/ 325: 173)؛ والنسائي (1/ 292: 610، 611).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. اهـ.
قلت: فلما كان من أحب الأعمال إلى الله: الصلاة على وقتها، كان تقديمها على الوقت أو تأخيرها مرغوبًا عنه.
257 -
وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بن عبد العزيز (1) ابن أَبِي رَوَّادٍ، ثنا بَلْهط بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّمْضَاءَ فَلَمْ يُشْكِنا (2)، وَقَالَ:"استعينوا بلا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا تَدْفَعُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ بَابًا مِنَ الضَّرَّاءِ (3) أَدْنَاهَا الْهَمُّ".
(1) زاد في (ك): يعني.
(2)
أي: لم يُزِل شكواهم. (النهاية 2/ 497)، مادة:(شكى).
والمراد منها طلب الإبراد بصلاة الظهر حتى تبرد الرمضاء فلا تؤذهم.
(3)
في (عم) و (سد) و (ك): الضر. والضراء: الشدة. (مختار الصحاح ص 159)، مادة:(ضرر).
257 -
تخريجه:
ذكره الهيثمي (المجمع 1/ 306)، وعزاه للطبراني في الصغير والأوسط، وقال: وفيه بلهط، ضعفه العقيلي، ووثقه ابن حبان. اهـ.
وذكره أيضًا في مجمع البحرين (1/ 55 ب)، كتاب الصلاة، باب وقت الظهر.
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 126 ب)، كتاب المواقيت، باب الإبراد بالظهر في شدة الحر. وعزاه لابن أبي عمر، وقال: هذا إسناد فيه مقال؛ بلهط، قال الذهبي: لا يعرف، والخبر منكر.
وذكره ابن حبان في الثقات، وباقي الإسناد ثقات. اهـ.
ورواه العقيلي في الضعفاء الكبير (1/ 166)؛ والطبراني في الصغير (1/ 157)؛ وأبو نعيم في الحلية (3/ 156)؛ وفي أخبار أصبهان (2/ 93)، من طرق عن محمد بن أبي عمر العدني، به. ووقع في روايتي أبي نعيم (سبعين بابًا) واختلفت ألفاظهم في حروف يسيرة.
قال العقيلي: أما الكلام الأول: فرواه أبو إسحاق، عن سعيد بن وهب، عن=
= خباب، قال:"شكونا إلى النبي عليه السلام حر الرمضاء فلم يشكنا". رواه عن أبي إسحاق: شعبة، وسفيان وغيرهما من الثقات.
وأما اللفظ الآخر: فلا يصح فيه شيء. اهـ.
وقال الطبراني: لم يروه عن محمد بن المنكدر إلَّا بلهط بن عباد المكي، وهو عندي ثقة، تفرد به ابن أبي عمر عن عبد المجيد، ولا يروى عن جابر إلَّا بهذا الإسناد ولا يحفظ لبلهط حديثًا غير هذا. اهـ.
وقال أبو نعيم في الحلية: وحديث بلهط بن عباد تفرد به عبد المجيد بن أبي رواد. اهـ.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف؛ لجهالة بلهط بن عباد، وقد تقدم قول العقيلي: حديثه غير محفوظ ولا يتابع عليه.
وقال ابن أبي حاتم في الجرح (2/ 440): روى عن محمد بن المنكدر حديثًا منكرًا. اهـ. وقال الذهبي: لا يعرف والخبر منكر. اهـ.
وقد جاء بعض ألفاظه في أحاديث صحيحة، وبعضها في حديث ضعيف:
1 -
عن خباب بن الأرت رضي الله عنه، قَالَ:(شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، الصلاة في الرمضاء فلم يشكنا).
رواه مسلم (1/ 433: 619)، واللفظ له؛ والنسائي (1/ 247: 497)؛ وابن ماجه (1/ 222: 675)؛ وأحمد (5/ 108، 110).
2 -
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، في سفر. . . الحديث، وفيه: فقال- يعني رسول الله -: (يا عبد الله بن قيس، قُلْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا كنز من كنوز الجنة"، أو قال: "ألا أدلك على كلمة هي كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلَّا بالله".
رواه البخاري (11/ 187، 213، 500: 6384، 6409، 6610)؛ ومسلم=
= (4/ 2076: 2704)؛ وأبو داود (2/ 182: 1526)؛ والترمذي (5/ 457، 509: 3374، 3461)؛ وأحمد (4/ 407) وغيرهم.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. اهـ.
3 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "من قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللَّهِ، كان دواء من تسعة وتسعين داء، أيسرها الهم".
رواه الحاكم (1/ 542)، من طريق: عبد الرزاق، عن بشر بن رافع، عن محمد بن عجلان عن أبيه، به.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، وبشر بن رافع الحارثي ليس بالمتروك، وإن لم يخرجاه. اهـ. قال الذهبي: بشر واهٍ. اهـ.
قلت: وهو كما قال. انظر: التهذيب (1/ 448).
258 -
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) الْمَدَنِيُّ، ثنا هُرَير (2) بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيج قَالَ (3): سَمِعْتُ جَدِّي رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ رضي الله عنه، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نَوِّر (4) بِلَالُ بِالصُّبْحِ قَدْرَ مَا يُبْصِرُ (5) الْقَوْمُ مَوَاقِعَ نبلهم"(6).
(1) هكذا في جميع النسخ، والإتحاف. وفي مسند ابن أبي شيبة:(إبراهيم بن إسماعيل) وهو الصواب، ولا وجود لمن اسمه إسماعيل في تلاميذ هرير بن عبد الرحمن في تهذيب الكمال.
(2)
في (حس) و (عم) و (سد) و (ك): (هرمز) وهو تصحيف.
(3)
لفظة (قال) ليست في (ك).
(4)
أي: صلِّها وقد استنار الأفق كثيرًا. انظر: النهاية (5/ 125)، مادة:(نور).
(5)
في (حس): يبصره.
(6)
النبل: السهام العربية، ولا واحد لها من لفظها، فلا يقال: نَبْلة، وإنما يقال: سهم، ونُشَّابه. النهاية (5/ 10)، مادة:(نبل).
258 -
تخريجه:
هو في مسند أبي بكر بن أبي شيبة (1/ 111 أ).
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 131 ب)، كتاب المواقيت، باب وقت الصبح، وعزاه لأبي بكر بن أبي شيبة. وقد ذكر قبل رواية ابن أبي شيبة رواية الطيالسي لهذا الحديث. ولا أدري لماذا أهمل الحافظ رواية الطيالسي، فلم يذكرها هنا وهي على شرطه.
وقد رواه أبو داود الطيالسي (1/ 129: 961)، من طريق أبي إبراهيم، عن هرير، به فذكره، لكن قال:(أسفر)، مكان (نور).
وأبو إبراهيم، شيخ أبي داود في هذا الحديث، الظاهر أنه محمد بن أبي حميد، وهو ضعيف منكر الحديث، فإنه من شيوخ أبي داود، ومن طبقة تلاميذ هرير بن عبد الرحمن، وكان مدنيًا.=
ورواه البخاري في التاريخ (3/ 301)؛ والطبراني في الكبير (4/ 277: 4414)، من طريق أبي إسماعيل المؤدب، ثنا هُرَيْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعِ بن خديج الأنصاري، عن جده رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال لبلال، فذكره، إلَّا
أن البخاري لم يذكر لفظه وإنما قال: نحوه -يعني نحو حديث أسفروا بالصبح-، وهذا إسناد حسن.
أبو إسماعيل المؤدب هو إبراهيم بن سليمان بن رزين، وهو "صدوق".
التهذيب (1/ 125).
ورواه أبو داود (1/ 294: 424)؛ والنسائي (1/ 272: 548)؛ وابن ماجه (1/ 221: 672)؛ وعبد الرزاق (1/ 568: 2159)؛ وأحمد (3/ 465)، (4/ 140، 142)؛ والدارمي (1/ 277)؛ وابن حبان (3/ 22، 23: 1487، 1489)؛ والطحاوي (1/ 178، 179)؛ والطبراني (4/ 249: 4283، 4284)، من طرق عن محمد بن عجلان، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أصبحوا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم"، أو "أعظم للأجر"، هذا لفظ أبي داود، وعند بعضهم بلفظ:"أسفروا. . . "، وبلفظ:"نوروا. . . "، ولم يذكر النسائي في روايته:"فإنه أعظم للأجر".
وقد صرح محمد بن عجلان بالسماع كما في رواية النسائي، وابن ماجه، ورجاله ثقات.
وقد تابع محمد بن عجلان، محمد بن إسحاق، فرواه عن عاصم، به.
رواه الترمذي (1/ 289: 154)؛ والطيالسي (ص 129: 959)؛ والدارمي (1/ 277)؛ والطحاوي (1/ 179)؛ وابن حبان (3/ 23: 1488)؛ والطبراني في الكبير (4/ 250، 251: 4286، 4290)؛ والبيهقي (1/ 457)؛ والبغوي في شرح السنة (1/ 196: 354).
قال الترمذي: حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح. اهـ.=
= قلت: لكن ابن إسحاق مدلس لا يقبل من حديثه إلَّا ما صرح فيه بالسماع، ولم أجد تصريحه في شيء من هذه الطرق، بل وجدت ما يقوي كونه دلس في هذا الحديث، ففي رواية أحمد (3/ 465)، صرح ابن إسحاق بتحمله هذا الحديث عن محمد بن عجلان، فقد قال:(أنبأنا محمد بن عجلان) لكن هذا ليس أمرًا قاطعًا، لأنه يمكن أن يكون سمعه من محمد بن عجلان، وسمعه مرة أخرى من عاصم بن عمر.
وقال العقيلي في الضعفاء (1/ 113): يُروى عن رافع بن خديج بسناد جيد. اهـ.
وقال ابن حجر في الفتح (2/ 55): صححه غير واحد. اهـ.
الحكم عليه:
الحديث رجاله كلهم ثقات، إلَّا إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، فإنه ضعيف، وقد خطأ أبو حاتم أبا نعيم في قوله:(إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع)، وبين أن الصواب:(إبراهيم بن سليمان المؤدب)، وقد ذكرته في التخريج من روايته عن هرير، كما عند البخاري في التاريخ، والطبراني في الكبير.
قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 139: 385): سألت أبي عن حديث رواه أبو نعيم، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ، عَنْ هرير بن عبد الرحمن. . . فذكره بسنده ومتنه، ثم قال: قال أبي: حدثنا هارون بن معروف، وغيره، عن
أبي إسماعيل إبراهيم بن سليمان المؤدب، عن هرير، وهو أشبه. اهـ.
وقال في موضع آخر من العلل (1/ 143: 400): سمعت أبي وذكر حديث إبراهيم بن سليمان بن إسماعيل المؤدب، عن هرير بن عبد الرحمن
…
وذكر
الحديث بسنده ومتنه، ثم قال: قال أبي: روى أبو بكر بن أبي شيبة هذا الحديث عن أبي. نعيم، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ، عَنْ هرير بن عبد الرحمن، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قال أبي: وسمعنا من أبي نعيم، كتاب إبراهيم بن إسماعيل، الكتاب كله، فلم يكن لهذا الحديث فيه ذكر، وقد حدثنا غير واحد، عن أبي إسماعيل المؤدب.=
= قلت لأبي: الخطأ من أبي نعيم، أو من أبي بكر بن أبي شيبة؟
قال: أرى قد تابع أبا بكر رجل آخر، إما محمد بن يحيى، أو غيره، فعلى هذا يدل أن الخطأ من أبي نعيم. يعني أن أبا نعيم أراد أبا إسماعيل المؤدب، وغلط في نسبته، ونسب إبراهيم بن سليمان إلى إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع. اهـ.
قلت: وعلى كل حال فهذا متن صحيح، لما ذكرته من المتابعات في تخريجه، وقد تقدم قول الحافظ: صححه غير واحد. وممن صححه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (22/ 95).
وله شاهد من حديث زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ محمود بن لبيد، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.
رواه النسائي (1/ 272: 549)؛ والطبراني (4/ 251: 4294).
وإسناد النسائي صحيح، وأما إسناد الطبراني ففيه شيخه إسحاق بن إبراهيم القطان المصري، لم أجد له ترجمة، أما الرجل المبهم في قوله:(رجل من الأنصار) فالظاهر أنه صحابي لأن جل رواية محمود بن لبيد عن الصحابة، ويحتمل أن يكون هو رافع بن خديج كما في الروايات المتقدمة.
وقد أثبت بعضهم لمحمود بن لبيد الصحبة، لكن لم يثبت ذلك بسند صحيح صريح، والأكثر على أنه تابعي كبير. الإصابة (6/ 66)؛ التهذيب (10/ 65). قال المزي في تهذيب الكمال (3/ ق: 1311): ولد في حياة النبي، ولم تصح له رؤية ولا سماع من النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه أحمد (4/ 143) من طريق هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عن محمود بن لبيد، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم .. فذكره.
وهذا إسناد حسن. هشام بن سعد، قال فيه الذهبي: حسن الحديث. الكاشف (3/ 196). وقد رواه زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ محمود بن لبيد -كما في الرواية السابقة- وفي هذه الرواية أسقط عاصم بن عمر، فإما أن يكون=
= دلسه، وإما أن يكون سمعه من كليهما.
ورواه الطحاوي (1/ 179)، من طريق زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ رجال من قومه مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالُوا: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
…
فذكره.
وقد رواه من طريقين عن زيد بن أسلم، وهو حسن بمجموعهما.
وتقويه رواية ابن أبي عمر القادمة برقم (259).
ورواه عبد الرزاق في المصنف (1/ 568: 573)؛ وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 321)، من طريق زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وهذا مرسل لأن زيد بن أسلم تابعي لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم. انظر: التهذيب (3/ 365).
ولهذا الحديث شواهد أخرى أعرضت عن ذكرها لشدة ضعفها. انظر: نصب الراية (1/ 235 إلى 237)؛ وإرواء الغليل (1/ 281 إلى 287).
259 -
[1] وَقَالَ (1) ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَصْبِحُوا (2) بِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَصْبَحْتُمْ بِهَا كَانَ أَعْظَمَ لِلْأَجْرِ".
[2]
وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَقَالَ (3): حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ (4)، ثنا أَبُو عَامِرٍ (5)، ثنا (6) فُلَيْحٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ فُلَيْحًا.
(1) في (مح): كرر (وقال).
(2)
أي: صلوها عند طلوع الصبح. يقال: أصبح الرجل إذا دخل في الصبح. (النهاية 3/ 6)، مادة:(صبح).
(3)
(الواو) ليست في (عم) و (سد) و (ك). ولفظة (قال) ليست في (ك).
(4)
الغيلاني المازني.
(5)
هو العقدي.
(6)
في (ك): (حدثنا).
259 -
تخريجه:
ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 131 ب)، كتاب المواقيت، باب وقت الصبح، وعزاه لابن أبي عمر.
ورواه الطحاوي (1/ 179)، من طريقين عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عمر ابن قتادة، عن رجال من قومه من الأنصار من أصحاب رسول الله قَالُوا: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: فذكره.
إسناد الطحاوي بطريقيه حسن إن شاء الله.=
= وقد روي من عدة طرق عن زيد بن أسلم، كما بينت ذلك في شواهد الحديث السابق.
وأما رواية البزار فلم أجد من أخرجها غيره. انظر: كشف الأستار (1/ 194: 384)؛ زوائد البزار لابن حجر (1/ 620: 235).
وقد ذكرها الهيثمي (المجمع 1/ 315)، وعزاها للبزار وقال: ورجاله ثقات. اهـ.
الحكم عليه:
الحديث بإسناد ابن أبي عمر حسن، فبهام الصحابي لا يضر، لكن قد يكون عاصم بن عمر لم يسمعه من الصحابي مباشرة وإنما سمعه من تابعي عنه، فإنه لم يسمع إلَّا من نزر قليل من الصحابة، وروايات الحديث الصحيحة قد بينت أن بينه وبين الصحابي محمود بن لبيد، وهو من كبار التابعين -على الصحيح- خاصة وأن زيد بن أسلم قد اضطربت الروايات عنه في هذا الحديث، فمرة رواه عن عاصم بن عمر، عن محمود بن لبيد، عن رجال من الأنصار -كما عند النسائي والطبراني-، وهذه هي أصح طرق هذا الحديث عنه كما بينت في تخريج شواهد الحديث السابق.
ومرة رواه عن عاصم، عن رجل من الصحابة، كما هنا، وكما في روايتي الطحاوي.
ومرة أرسله كما في رواية عبد الرزاق وابن أبي شيبة التي تقدم تخريجها في الحديث السابق.
وهو صحيح بشاهده الذي تقدم تخريجه -وهو حديث رافع بن خديج-.
وأما رواية البزار فلم يتابع فليح عليها كما قال البزار، وفليح صدوق له أوهام وغرائب فلا يحتمل تفرده. وفي إسناده أيضًا عمر بن قتادة بن النعمان وهو مستور، لم يرو عنه إلَّا ابنه ولم يوثقه أحد.
260 -
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا (1) بكر بن عبد الله (2)، ثنا عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى (3)، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ (4)، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ (5):(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَرْجِعُ نَاسٌ (6) إِلَى أَهَالِيهِمْ وَهُمْ ينظرون (7) مواقعَ النبلِ حين يرمونها).
(1) في (ك): ثنا.
(2)
في مسند ابن أبي شيبة: (عبد الرحمن) وهو الصواب، وهو بكر بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى. فكأنه هنا نسبه إلى جده، ولم يرو عن عيسى بن المختار سوى بكر بن عبد الرحمن.
(3)
هو محمد بن عبد الرحمن القاضي.
(4)
ابن عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية.
(5)
لفظة (قال) ليست في (ك).
(6)
في (ك) ومسند ابن أبي شيبة: (الناس).
(7)
في (عم) و (سد) و (ك): (يبصرون).
260 -
تخريجه:
هو في مسند ابن أبي شيبة (1/ 172 ب).
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 130 أ)، كتاب المواقيت، باب وقت المغرب، وعزاه لأبي بكر بن أبي شيبة، وقال: محمد بن أبي ليلى ضعيف، لكن له أصل في الصحيحين وغيرهما من حديث سلمة بن الأكوع. اهـ.
ورواه ابن أبي حاتم (العلل 1/ 92)، رقم (249)، من طريق أحمد بن عثمان الأودي، قال: حدثنا بكر بن عبد الرحمن، به فذكره.
وقد سقط من إسناده ابن أبي ليلى، فلعله سهو من الناسخ.
قال أبو حاتم: هذا خطأ إنما يروى عن الزهري، عن ابن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم
…
الحديث، مرسل، به. اهـ.=
= ورواه الطبراني في الكبير (19/ 62: 116)، من طريق أبي كريب، وأحمد بن عثمان الأودي، قالا: حدثنا بكر بن عبد الرحمن، به فذكره.
ورواه أيضًا (19/ 62: 114)، من طريق أبي زائدة، ثنا عمر بن حبيب القاضي، ثنا يحيى بن سعيد، عن الزهري، به فذكر نحوه.
ورواه أيضًا في الأوسط، كما في مجمع البحرين (1/ 56 أ)، من هذه الطريق، وقال: لم يروه عن يحيى إلا عمر، تفرد به أبو زائدة. اهـ.
قلت: عمر بن حبيب القاضي، ضعيف. انظر: التهذيب (7/ 431). ورواه أيضًا في الكبير (19/ 62: 115)؛ والأوسط، كما في مجمع البحرين (1/ 56 أ)، من طريق موسى بن أعين، عن إسحاق بن راشد، عن الزهري، حدثني ابن كعب بن مالك، عن أبيه، به فذكر نحوه.
قال الطبراني: لم يرفعه عن إسحاق إلا موسى. اهـ.
قلت: ورجاله ثقات إلا المعافى بن سليمان، فإنه صدوق. لكن بعض الأئمة كابن معين والذهلي وغيرهما، ضعفوا رواية إسحاق بن راشد الجزري عن الزهري، وقالوا بأن فيها اضطرابًا.
انظر: شرح العلل (2/ 809)؛ التهذيب (1/ 230)؛ هدي الساري (ص 389).
ورواه عبد الرزاق (1/ 551: 2090)؛ ومن طريقه الطبراني في الكبير (19/ 63: 117)، من طريق معمر، وابن جريج، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أخبره أن رجالًا من بني سَلِمة كانوا يشهدون المغرب
…
الحديث.
قال الطبراني: ولم يقل معمر، وابن جريج، في هذا الحديث عن ابن كعب، عن أبيه. اهـ.
ورواه الطبراني في الكبير (19/ 63: 118)، من طريق يونس عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كعب، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أخبره
…
الحديث.=
= قال الطبراني: هكذا رواه يونس، عن ابن شهاب، عن ابن كعب، أخبرني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وقال الهيثمي (المجمع 1/ 311): ورجاله ثقات. اهـ.
قلت: شيخ الطبراني: إسماعيل بن الحسن الخفاف، لم أجد له ترجمة.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف لسوء حفظ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لِيَلَى، وقد توبع في رواية هذا الحديث عن شيخ شيخه -كما مر في التخريج- لكن هذه المتابعات لا تخلو من مقال.
وقد خالف الثقات -معمر، وابن جريج- هذه الروايات فرووه مرسلًا كما في رواية عبد الرزاق عنهما. وهذا مما يقوي صحة كلام أبي حاتم الرازي -الذي تقدم ذكره- في تخطئته لمن وصله، وتصحيح الإرسال فيه.
وأما رواية يونس بن يزيد الأيلي المتقدِّمة فقد تفرد بها، وهو ثقة، وخاصة في حديثه عن الزهري، لكن يقع في حديثه المناكير إذا حدث من حفظه. انظر: شرح العلل (2/ 765)، فلعل هذه الرواية حدث بها من حفظه فوقعت له المخالفة، على أنه لا مانع من كون الحديث عند الزهري من طريقين أحدهما عن عبد الله بن كعب مرسلًا، والآخر عن ابنه عبد الرحمن متصلًا.
والحديث إن شاء الله تعالى، بمجموع هذه الطرق المرسل منها والموصول، وبما له من الشواهد الصحيحة لا ينزل عن درجة الحسن. فمن شواهده:
1 -
ما رواه البخاري (2/ 40: 559)؛ ومسلم (1/ 441: 637)؛ وابن ماجه (1/ 224: 687)؛ وأحمد (4/ 141)؛ وعبد بن حميد في المنتخب من مسنده (1/ 491: 426). من حديث رافع بن خديج رضي الله عنه، قال:(كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم، فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله).
2 -
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قَالَ: (كُنَّا نُصَلِّي مَعَ=
= رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَغْرِبَ، ثم نأتي بني سَلِمة ونحن نبصر مواقع النبل).
رواه الطيالسي (ص 243: 1771)؛ وأحمد (3/ 382)؛ وابن خزيمة (1/ 173: 337)؛ والطحاوي (1/ 213)، من طرق عن ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ القعقاع بن حكيم، به. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات.
ورواه أحمد (3/ 369)؛ والبزار كما في كشف الأستار (1/ 190: 374)، من طريق سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيل، عن جابر، به مثله.
قال البزار: لا نعلم له عن جابر طريقًا غير هذا. اهـ.
قلت: بل له طرق أخرى كما ترى.
وعبد الله بن محمد بن عَقيل، صدوق في حديثه لين، ويقال: تغير بآخره.
انظر: التقريب (ص 321).
3 -
وما رواه الطيالسي (ص 190: 1335)؛ وأحمد (4/ 114، 115، 117)؛ وعبد بن حميد في المنتخب من مسنده (1/ 254: 281)، من طرق عن ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، سمعت زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قال:(كنت أصلي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثم أخرج إلى السوق. فلو أرمي لأبصرت مواقع نبلي).
ورجاله ثقات إلا صالح مولى التوأمة فإنه قد اختلط آخر عمره، لكن ابن أبي ذئب ممن سمع منه قبل الاختلاط، وكان قبله معدود عند بعض العلماء من الثقات. انظر: التهذيب (4/ 405)؛ التقريب (ص 274)؛ الكواكب النيرات (ص 258)، فالحديث بهذا الإسناد حسن، وهو صحيح لغيره.
4 -
وما رواه البخاري (2/ 41: 561)؛ ومسلم (1/ 441: 636)؛ وأبو داود (1/ 291: 417)؛ والترمذي (1/ 304: 164)؛ وابن ماجه (1/ 225: 688)؛ وأحمد (4/ 51)؛ وعبد بن حميد في المنتخب من مسنده (1/ 351: 386)؛ وابن حبان (3/ 34: 1521)، من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: (أن=
= رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس، وتوارت بالحجاب). هذا لفظ مسلم.
5 -
وما رواه أحمد (4/ 36)؛ والطحاوي (1/ 213)، من طريق علي بن بلال، عن ناس من الأنصار قالوا:(كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المغرب، ثم ننصرف فنترامى حتى نأتي ديارنا، فما بخفى علينا مواقع سهامنا)، وفي لفظ آخر:(حتى يأتون ديارهم في أقصى المدينة)،
قال الحافظ في الفتح (2/ 41): سنده حسن. اهـ.
قلت: رجاله ثقات، إلا علي بن بلال الليثي، فقد ذكره ابن حبان في الثقات (7/ 208)، وقال: يروي المراسيل والمقاطيع، وذكره البخاري وابن أبي حاتم وسكتا عليه، ولم يذكره صاحب الميزان، وذكره في اللسان ولم يزد على كلام ابن حبان. وقال في تعجيل المنفعة (ص 291): ليس بمشهور.
261 -
[وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ -أَيْضًا-](1): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيل، عَنِ الْأَجْلَحِ (2)، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:(خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى أَتَى سَرِف (3)، وَهِيَ تِسْعَةُ أَمْيَالٍ مِنْ مَكَّةَ).
* فِيهِ دليل على امتداد وقت المغرب.
(1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ك).
(2)
هو ابن عبد الله بن حُجَيَّهَ، أبو حجية الكندي.
(3)
سَرِف -بفتح أوله، وكسر ثانيه، بعدها فاء-: موضع على ستة أميال من مكة، من طريق مَرّ، وقيل: سبعة، وتسعة، واثنا عشر، وهناك أعرس رسول الله صلى الله عليه وسلم بميمونة مَرجعَه من مكة، حيث قضى نسكه. (معجم ما استعجم 3/ 735).
قلت: ولعل هذه الرواية تؤيد كونها تسعة أميال.
261 -
تخريجه:
ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 128 ب)، كتاب المواقيت، باب وقت المغرب، وعزاه لأبي بكر بن أبي شيبة.
ورواه أحمد (3/ 305)، من طريق محمد بن فضيل، به فذكره بتمامه.
ورواه الطبراني في الأوسط (2/ 292: 1514)، من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، حَدَّثَنَا عبد الرحيم بن سليمان، عن الأجلح، وحبيب بن حسان، عن أبي الزبير، به فذكره بلفظ مقارب. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن حبيب إلا عبد الرحيم، تفرد به عبد الله بن عمر. اهـ.
قلت: وحبيب بن حسان متروك الحديث. انظر: الميزان (1/ 450، 454)، فلا فائدة من متابعته للأجلح، لأنها كعدمها.
وفيه أيضًا عنعنة أبي الزبير وهو مدلس، لا يقبل حديثه إلا إذا صرح بالسماع.
انظر: مراتب المدلسين (ص 108).=
= ورواه أبو داود (2/ 16: 1215)؛ والنسائي (1/ 287: 593)، من طريق يحيى بن محمد الجاري، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن مالك، عن أبي الزبير، به، ولفظه عند النسائي:(غابت الشمس ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فجمع بين الصلاتين بسَرِف)، ولم يرد عندهما ذكر المسافة.
ورواه الطحاوي (1/ 161)، من طريق نُعيم بن حماد، عن عبد العزيز بن محمد، به فذكره. وفيه عنعنة أبي الزبير -وهو مدلس كما تقدَّم-.
وهذا الحديث ليس من الزوائد، لأن أبا داود، والنسائي، أخرجا معناه، وأحمد أخرجه في مسنده بحروفه، وشرط الحافظ رحمه الله: أن لا يكون أخرجه أحد السبعة، من طريق ذلك الصحابي -أي ولو كان بمعناه كما صرح بذلك في المقدمة-.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف، لأن أبا الزبير مدلس لا يقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بالسماع. انظر: مراتب المدلسين (ص 108)، وقد عنعن هنا، ولم أجد للحديث طريقًا أخرى فيها تصريحه بالسماع.
لكن للحديث شواهد كثيرة دالة على تأخيره صلى الله عليه وسلم صلاة المغرب في السفر، فالحديث بهذه الشواهد حسن لغيره.
1 -
فمنها حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السير في السفر يؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء) متفق عليه.
انظر: البخاري (2/ 572: 1091)؛ ومسلم (1/ 489: 703).
2 -
وحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ:(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يجمع بين صلاة المغرب والعشاء في السفر).
رواه البخاري (2/ 579: 1108)؛ ورواه مسلم (1/ 489: 704) بمعناه، وفيه:(ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء، حين يغيب الشفق).
262 -
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن حسان العبدي (1)، [حَدَّثَتْنِي] (2) جَدَّتَايَ: دُحَيبة، وَصَفِيَّةُ بِنْتَا عُلَيْبَةَ، عَنْ رَبِيبَتِهِمَا (3) وَجَدَّةِ أَبِيهِمَا: قَيْلَة بِنْتِ مَخْرَمَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ:(صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْفَجْرَ حين [انشق (4) الفجر (5) و] النجوم شَابِكَةً (6) فِي السَّمَاءِ [مَا نَكَادُ](7) نَتَعَارَفُ (8)، وَالرِّجَالُ ما تكاد تعارف ((9).
(1) في (المسند) و (مصادر الترجمة): (العنبري).
(2)
في (مح) و (حس): (حدثني)، وما أثبته من باقي النسخ وهو أليق بالسياق.
(3)
بيض لكلمة (ربيبتهما) في (ك)، ومعناها: حاضنتهما، والحاضنة هي التي تقوم على تربية الطفل في صغره. انظر: معجم مقاييس اللغة (2/ 381)، مادة:(رب).
(4)
يقال: شق الفجر، وانشق، إذا طلع، كأنه شق موضع طلوعه وخرج منه. النهاية (2/ 491)، مادة:(شقق).
(5)
في (عم): ليست واضحة، وفي (مح) و (حس):(انشقت). وفي (ك): (انشق). والتصحيح والزيادة من المسند.
(6)
أي: ظاهرة جميعها ومختلط بعضها ببعض لكثرة ما هو ظاهر منها. انظر: النهاية (2/ 441)، مادة:(شبك).
(7)
في (مح) و (حس): ما يكاد. بالتحتانية، وهو خطأ.
(8)
بعد هذا في المسند زيادة: (مع ظلمة الليل)، وهي ثابتة أيضًا في الإتحاف.
(9)
في (عم) و (حس): (تتعاف).
262 -
تخريجه:
هو في مسند الطيالسي (ص 230: 1658).
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 131 أ)، كتاب المواقيت، باب وقت الصبح، وعزاه لأبي داود الطيالسي.
ورواه الطحاوي (1/ 177) من طريق يعقوب بن إسحاق الحضرمي، ثنا عبد الله بن حسان العنبري، به فذكر نحوه.=
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف لجهالة حال كل من دحيبة، وصفية بنتي عليبة، والراوي عنهما عبد الله بن حسان.
لكن التغليس بالفجر ثابت في الصحاح عن عدد من الصحابة:
1 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (لقد كان نساء من المؤمنات يشهدن الفجر مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، متلفعات بمروطهن، ثم ينقلبن إلى بيوتهن وما يعرفن، من تغليس رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالصلاة).
رواه البخاري (2/ 54: 578)؛ ومسلم (1/ 445، 446: 645)، واللفظ له؛ وأبو داود (1/ 293: 423)؛ والنسائي (1/ 271: 545، 546)؛ والترمذي (1/ 287: 153)؛ وابن ماجه (1/ 220: 669)؛ وابن حبان (3/ 26، 27: 1496، 1497، 1498، 1499).
قال الترمذي: حديث عائشة حديث حسن صحيح. اهـ.
2 -
وعن محمد بن عمرو بن الحسن بن علي قال: سألنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:(كان يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس حية، والمغرب إذا وجبت، والعشاء إذا كثر الناس عجل، وإذا قلو أخر، والصبح بغلس).
رواه البخاري (2/ 41، 47: 560، 565)، واللفظ له؛ ومسلم (1/ 446: 646)؛ وأبو داود (1/ 281: 397)؛ والنسائي (1/ 270: 543)؛ والبيهقي (1/ 434).
263 -
وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ (1)، عَنْ لَيْثٍ (2)، عَنْ طاوس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:(لَا (3) تَفُوتُ صَلَاةٌ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الأخرى).
(1) هو ابن عيينة.
(2)
هو ابن أبي سُليم.
(3)
سقطت (لا) من (عم).
263 -
تخريجه:
ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 123 ب)، كتاب المواقيت، باب أوقات الصلوات، وعزاه لمسدد، وقال: هذا إسناد موقوف، ورجاله ثقات. اهـ.
قلت: بل فيه ليث بن أبي سليم، وهو يحتاج إلى متابع.
ورواه عبد الرزاق (1/ 584: 2226)، من طريق ليث، عن ابن طاوس، عن ابن عباس قال:(وقت الظهر إلى العصر، والعصر إلى المغرب، والمغرب إلى العشاء، والعشاء إلى الصبح).
وفيه ليث بن أبي سليم، وابن طاوس -واسمه عبد الله- لم يدرك ابن عباس رضي الله عنهما. انظر: تهذيب الكمال (2/ ق: 696).
ورواه الطحاوي (1/ 165)، من طريق أبي داود، عن سفيان بن عيينة، به، فذكره بلفظ مقارب لحديث الباب.
الحكم عليه:
الأثر بهذا الإسناد ضعيف، لأن فيه ليث بن أبي سليم، وهو يحتاج إلى متابع ولم أجد من تابعه، لكن لهذا الأثر شواهد تشهد بصحة معناه، فلعله بها يرتفع إلى درجة الحسن لغيره. فمنها:
1 -
ما رواه الشيخان: البخاري (2/ 56: 579)؛ ومسلم (1/ 424: 608)، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس=
= فقد أدرك العصر".
وقد رواه مسلم (1/ 424: 609) أيضًا من حديث عائشة رضي الله عنها، لكن فيه (سجدة) مكان (ركعة)، والمعنى واحد.
فهذا الحديث الصحيح دال على معنى أثر ابن عباس رضي الله عنهما، في الجملة.
2 -
ما رواه عبد الرزاق (1/ 582: 2216)؛ وابن أبي شيبة (1/ 334)، من طريق الثوري، عن عثمان بن موهب -سقطت الميم في مصنف ابن أبي شيبة فصار عثمان بن وهب- قال: سمعت أبا هريرة وسأله رجل عن التفريط في الصلاة. فقال: (أن تؤخرها إلى وقت التي بعدها، فمن فعل ذلك فقد فرط) اللفظ لعبد الرزاق. وسنده صحيح.
وعثمان بن موهب: هو عثمان بن عبد الله بن موهب، ثقة، وقد نسب إلى جده هنا. انظر: التقريب (ص 385).
ووجدت لأثر ابن عباس شاهدًا صحيحًا:
3 -
فعن أبي قتادة رضي الله عنه قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: "إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم وتأتون الماء
…
" بطوله، وفيه: "أما إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى
…
" الحديث.
رواه مسلم (1/ 372: 681)؛ وأبو داود مختصرًا (1/ 307: 441). قال النووي في شرحه على مسلم (5/ 187): فيه دليل على امتداد وقت كل صلاة من الخمس حتى يدخل وقت الأخرى، وهذا مستمر على عمومه في الصلوات إلَّا الصبح فإنها لا تمتد إلى الظهر بل يخرج وقتها بطلوع الشمس، لمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم:"من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح". اهـ.
264 -
حَدَّثَنَا (1) سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو -هُوَ ابْنُ دِينَارٍ- قَالَ:(كُنَّا نُصَلِّي مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ (2) رضي الله عنهما الْفَجْرَ، ثُمَّ نَأْتِي جِيَادَ (3) فَنَقْضِي حَاجَتَنَا، ثُمَّ نَرْجِعُ. وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ عُمَرَ رضي الله عنه بِغَلَسٍ، فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَلَا يَعْرِفُ صاحبه) (4).
(1) هذا الحديث من مسند مسدد كسابقه. وسفيان هو ابن عيينة.
(2)
ابن الزبير: هو عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي، الأسدي، أبو بكر، وأبو خبيب، كان أول مولود في الإسلام بالمدينة من المهاجرين، وأمه هي أسماء بنت أبي بكر الصديق، وقد ولي الخلافة تسع سنين، قتل بمكة على يد الحجاج بن يوسف، في ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين -ع-
الإصابة (4/ 69)؛ التقريب (ص 303).
(3)
جياد -يسمى أيضًا: أجياد-: موضع بمكة يلي الصفا.
معجم البلدان (1/ 105).
(4)
زاد في (ك): (وغيره).
264 -
تخريجه:
ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 131 ب)، كتاب المواقيت، باب وقت الصبح، وعزاه لمسدد، وقال: هذا إسناد رجاله ثقات. اهـ.
ورواه عبد الرزاق (1/ 571: 2173) من طريق سفيان بن عيينة، به، فذكره، دون قول ابن الزبير، فلم يذكره.
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 320) من طريق وكيع، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمرو بن دينار: أنه صلَّى مع ابن الزبير فكان يغلس بالفجر فينصرف ولا يعرف بعضنا بعضًا.
وفي سنده تخليط كما ترى وأظن أن صوابه: وكيع بن نافع بن عمر -الجمحي- عن عمرو بن دينار. لكن تبادر إلى ذهن الناسخ السند المعروف -نافع عن ابن عمر-، وقد وجدت الشيخ حبيب الرحمن قد أثبت ما استظهرته هنا -في تحقيقه لمصنف ابن أبي شيبة (2/ 244: 3214) - من بعض نسخ المصنف.
الحكم عليه:
الأثر بهذا الإسناد صحيح. وله شواهد منها:
1 -
عن عمرو بن ميمون الأودي قال: (كنت أصلي مع عمر بن الخطاب الصبح، ولو كان ابني إلى جنبي ما عرفت وجهه).
رواه عبد الرزاق (1/ 571: 2171)؛ وابن أبي شيبة (1/ 320) بنحوه - وسنده صحيح.
2 -
وعن نافع قال: (كان ابن عمر يصلي مع ابن الزبير الصبح، ثم يرجع إلى منزله مع الصلاة، لأن ابن الزبير كان يصلي بليل -أو قال: بغلس-).
رواه عبد الرزاق (1/ 571: 2174) وسنده صحيح.
3 -
عن مغيث بن سُمَيّ قال: (صليت مع عبد الله بن الزبير الصبح بغلس، فلما سلم أقبلت على ابن عمر، فقلت: ما هذه الصلاة، قال: هذه صلاتنا كانت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، فلما طُعِن عمر أسفر بها عثمان).
رواه ابن ماجه (1/ 221: 671) وسنده صحيح، وإن كان فيه الوليد بن مسلم، لأنه صرح بالتحديث وكذلك باقي رجال السند صرحوا بالتحديث، فأمن كل ما يخشى من أنواع تدليسه، وهو ثقة إذا أمن ذلك منه.
265 -
وَقَالَ الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ المُحَبَّر، ثنا حَمَّادٌ (1)، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ (2): أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ رضي الله عنه، قَالَ لِلْأَنْصَارِيِّ (3) الَّذِي ذكَّره بِمِيقَاتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ: بَلَى اشْهَدُوا (4) أنَا كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ (5) نَقِيَّةٌ (6)، ثُمَّ نَأْتِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ (7) -وَهِيَ عَلَى مِيلَيْنِ مِنَ المدينة- وإن الشمس لم تفقد (8).
(1) هو ابن سلمة.
(2)
لفظة (قال)، ليست في (ك).
(3)
هذا الأنصاري هو عقبة بن عمرو، أبو مسعود البدري. انظر: البخاري (2/ 3)؛ الأسماء المبهمة (ص 237).
وهو عقبة بن عمرو بن ثعلبة، الأنصاري الخزرجي، شهد العقبة، واختلف في شهوده بدرًا،
وشهد ما بعدها، توفي بعد الأربعين -ع-. الإصابة (4/ 252)؛ التقريب (ص 395).
(4)
في البغية: (أشهد).
(5)
من قوله: (بيضاء نقية)، إلى قوله:(وإن الشمس) ساقط من (ك).
(6)
سقطت من (عم) و (سد) لفظة (نقية). وقوله: (نقية)، أي: خالصة صافية، لم تدخلها صفرة ولا تغير. فتح الباري (2/ 42).
(7)
هم بنو عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأزدي القحطاني، وهم أهل قباء. انظر: جمهرة النسب للكلبي (ص 621)؛ الانباه على قبائل الرواة (ص 101، 104).
(8)
في (عم)، و (سد)، و (ك)، و (الإتحاف)، و (البغية): لمرتفعة.
265 -
تخريجه:
ذكره الهيثمي (بغية الباحث 1/ 159: 107)، بلفظ أطول مما هنا فيبدوا أن الحافظ اختصره.
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 125 أ)، كتاب المواقيت، باب أوقات الصلوات، بتمامه كما في البغية، وعزاه للحارث بن أبي أسامة، وقال: هذا الإسناد والذي قبله ضعيف لضعف داود بن المحبر. اهـ.=
= ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 327)، من طريق أبي أسامة، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:(قدم رجل على المغيرة بن شعبة، وهو على الكوفة، فرآه يؤخر العصر، فقال له: لم تؤخر العصر؟ فقد كنت أصليها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثم أرجع إلى أهلي بني عمرو بن عوف والشمس مرتفعة). وسنده صحيح.
ورواه الخطيب في الأسماء المبهمة (ص 237)، من طريق الحارث بن أبي أسامة، به فذكره بتمامه.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا، لأن فيه داود بن المحبر، وهو متهم بالوضع.
لكن الحديث قد ثبت من غير طريقه كما بينت في التخريج، والقصة وبعض ألفاظه ثابتة في الصحيحين وغيرهما.
انظر: تخريج الحديث رقم (252).
266 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبُو (1) مُعَاوِيَةَ، ثنا ابْنُ أَبِي لَيْلَى (2)، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عَازِبٍ، عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ (3)، فَقَدَّم، وأخَّر، وَقَالَ: الْوَقْتُ مَا (4) بينهما".
(1) لفظة (أبو) ساقطة من (ك). وأبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير.
(2)
هو محمد بن عبد الرحمن.
(3)
في مسند أبي يعلى بعد هذا زيادة: (فأمر بلالا).
(4)
سقطت (ما) من (عم).
266 -
تخريجه:
هو في مسند أبي يعلى (3/ 341: 1679).
وذكره الهيثمي (المقصد العلي ص 265: 184).
وذكره أيضًا (المجمع 1/ 304)، وعزاه لأبي يعلى، وقال: وفيه حفصة بنت عازب، ولم أجد من ذكرها. اهـ.
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 125 ب)، كتاب المواقيت، باب أوقات الصلوات، وعزاه لأبي يعلى، وقال: هذا إسناد ضعيف [لضعف] ابن أبي ليلى. اهـ. ما بين المعقوفتين زدته لتستقيم العبارة.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف لسوء حفظ ابن أبي ليلى، ولجهالة حفصة بنت عازب. وله شاهدان صحيحان:
1 -
من حديث بُريدة بن الحُصَيْب رضي الله عنه، وفيه:(وقت صلاتكم بين ما رأيتم)، وفي لفظ:(ما بين ما رأيت وقت).
2 -
ومن حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وفيه:(الوقت بين هذين).
وقد سبق تخريجهما في حديث رقم (249).
فالحديث حسن لغيره بهذه الشواهد.
267 -
[وَقَالَ أَبُو يَعْلَى](1): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الجوهري، ثنا أصرم ابن حَوْشب، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَانَ الْفَيْءُ ذِرَاعًا وَنِصْفًا (2) إِلَى ذِرَاعَيْنِ فَصَلُّوا الظُّهْرَ".
(12)
وَحَدِيثُ (3) أَبِي مَحْذُورَةَ رضي الله عنه، سَبَقَ فِي الأذان (4).
(1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ك).
(2)
في (مح) و (حس): (نصف).
(3)
لم أجد هذه الإحالة في (ك).
(4)
باب الأذان: حديث رقم (225).
267 -
تخريجه:
هو في مسند أبي يعلى (9/ 377: 5502).
وذكره الهيثمي (المقصد العلي ص 266: 186).
وذكره أيضًا (المجمع 1/ 306)، وقال: رواه أبو يعلى، وفيه أصرم بن حوشب، وهو كذاب. اهـ.
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 126 ب)، كتاب المواقيت، باب وقت الظهر، وعزاه لأبي يعلى، وقال: هذا إشاد ضعيف لضعف أصرم. اهـ.
ورواه العُقَيلي في الضعفاء الكبير (1/ 118)، من طريق إبراهيم بن سعيد الجوهري، به، فذكره. -وقد سقط زياد بن سعد من سنده، وهو خطأ مطبعي أو من الناسخ-. وقال: لا يتابع عليه، ولا يعرف إلَّا به. اهـ.-يعني أصرم بن حوشب-.
ورواه ابن حبان في المجروحين (1/ 183) من طريق أبي يعلى، به فذكره.
وقال: المتنان جميعًا باطلان -يعني هذا الحديث، وحديث آخر طويل-.
ورواه ابن عدي في الكامل (1/ 395) من طريق محمد بن جعفر، حدثنا=
أصرم بن حوشب، به فذكره. وقال: هذه الأحاديث عن زياد بن سعد، لا يرويها عن زياد غير أصرم بن حوشب هذا. اهـ.
ورواه ابن الجوزي في الموضوعات (2/ 86) من طريق ابن عدي، به فذكره وقال: قال أبو جعفر العقيلي: لا يعرف هذا الحديث إلَّا بأصرم، وليس له أصل من جهة يثبت. وقال أبو حاتم ابن حبان: هذا متن باطل. وأصرم كان يضع الحديث على الثقات. قال يحيى بن معين: أصرم كذاب خبيث. وقال البخاري: متروك الحديث. اهـ.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد موضوع، لأن في سنده أصرم بن حوشب وهو وضاع، ولم أجد من تابعه عليه، وقد حكم عليه كثير من أهل العلم بأنه موضوع، كما تقدم عن ابن حبان، وابن الجوزي، وقد أورده في الموضوعات أيضًا:
ابن عَرَّاق في تنزيه الشريعة (2/ 76) في الفصل الأول.
وعلي القاري في الأسرار المرفوعة (ص 116: 30).
والشوكاني في الفوائد المجموعة (ص 35).
وقال الألباني في ضعيف الجامع (1/ 220: 224): موضوع. اهـ.
268 -
وَقَالَ الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ، ثنا عَمْرٌو الجُعْفِي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى (1)، عَنْ سُويد بْنِ غَفَلة، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قَالَ:(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسْفِرُ بالفجر)(2).
(1) الجعفي مولاهم.
(2)
أي: يصليها إذا انكشف الصبح وأضاء.
انظر: النهاية (2/ 372)، مادة:(سفر).
268 -
تخريجه:
ذكره الهيثمي (بغية الباحث 1/ 163: 111).
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 132 أ)، كتاب المواقيت، باب وقت الصبح، وعزاه للحارث بن أبي أسامة.
وذكره السيوطي في مسند أبي بكر (ص 153: 498)، وعزاه للحارث، وقال: عبد العزيز، وعمرو كلاهما متروكان. اهـ.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا، لأن فيه عبد العزيز بن أبان الأموي، وهو متهم بالوضع، وفيه أيضًا عمرو بن شمر الجعفي، وهو متروك الحديث.
لكن الأمر بالإسفار بصلاة الصبح قد دل عليه حديث رافع بن خديج الصحيح الذي تقدم تخريجه في حديث رقم (258).
269 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، ثنا شَبَابة، حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بْنُ سِنَانٍ (1)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ بِلَالٍ رضي الله عنهم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"أصبحوا بصلاة الصبح فإنه أعظم للأجر".
(1) هكذا في جميع النسخ، والصواب:(سيار) كما في الإتحاف، ومصادر ترجمته، وكتب الحديث.
269 -
تخريجه:
ذكره الهيثمي (المجمع 1/ 315)، وعزاه للبزار والطبراني في الكبير، وقال: وفيه أيوب بن سيار وهو ضعيف. اهـ.
قلت: بل هو منكر الحديث جدًا.
ولم يعزه الهيثمي لأبي يعلى، وهذا يدل على أن هذا الحديث من الرواية المطولة لمسند أبي يعلى.
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 132 أ)، كتاب المواقيت، باب وقت الصبح، وعزاه لأبي يعلى، وقال: هذا إسناد ضعيف لضعف أيوب بن سيار. اهـ.
ورواه البزار، [كما في كشف الأستار (1/ 194: 383)؛ وزوائد البزار لابن حجر (1/ 615: 234)]. والطحاوي (1/ 179)؛ والعقيلي في الضعفاء (1/ 112)؛ وابن حبان في المجروحين (1/ 171)؛ والطبراني في الكبير (1/ 339، 351: 1016، 1067)؛ وابن عدي (1/ 339)؛ والعسكري في تصحيفات المحدثين (2/ 621)، من طرق عن أيوب بن سيار عن محمد بن المنكدر، به.
قال البزار: وأيوب ضعيف. اهـ.
وقال العقيلي: ليس لإسنادهما جميعًا، -يعني هذا الحديث وحديث بلال: (أذنت في ليلة باردة شديدة
…
) -، أصلًا ولا يتابع عليهما -يعني أيوب بن سيار- قال: فأما متن الحديث الأول، في الإسفار بالفجر فيروى عن رافع بن خديج بإسناد=
= جيد، والثاني: فليس بمحفوظ إسناده ولا متنه. اهـ.
وقال ابن حبان: هذا متن صحيح وإسناد مقلوب. اهـ.
وقال ابن عدي: وهذان الحديثان -يعني حديث الباب، وحديث بلال: (أذنت في غداة باردة
…
) - لا يرويهما بهذا الإسناد عن محمد بن المنكدر غير أيوب بن سيار. اهـ.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا، لأن فيه أيوب بن سيار، وهو منكر الحديث جدًا، ولم يتابع عليه كما تبين في التخريج من خلال أقوال بعض من خرجه من الأئمة، لكن المتن صحيح كما قال ابن حبان، من حديث رافع بن خديج. انظر: تخريج الحديث رقم (258).
270 -
وَقَالَ (1) أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ الْوَلِيدِ الْمَدَنِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ المَقْبُري (2)، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَحَدَكُمْ لِيُصَلِّي الصَّلَاةَ وَمَا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهَا أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ".
(1) لم أجد هذا الحديث في (ك): بعد البحث والتحري.
(2)
هو سعيد بن أبي سعيد.
_________
270 -
تخريجه:
ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 132 ب)، كتاب المواقيت، باب في من صلى الصلاة في وقتها، ومن أخرها، وعزاه لابن منيع، وقال: هذا إسناد ضعيف لضعف يعقوب. اهـ.
ورواه الدارقطني (1/ 248) من طريق إبراهيم بن الفضل، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إن أحدكم ليصلي الصلاة لوقتها، وقد ترك من الوقت الأول ما هو خير له من أهله وماله".
وفيه إبراهيم بن الفضل المخزومي المدني، وهو متروك الحديث. انظر: الضعفاء للنسائي (ص 45)؛ التقريب (ص 92).
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا، لأن فيه يعقوب بن الوليد، وهو كذاب متهم بالوضع، وقد تابعه إبراهيم بن الفضل المخزومي -كما في رواية الدارقطني- لكنه متروك، فوجود متابعته كعدمها.
وللحديث شواهد، لكنه غير قابل للتقوية لوجود كذاب في سنده، ومن شواهده:
1 -
عن نوفل بن معاوية رضي الله عنه: أن النبي قال: "من فاتته الصلاة فكأنما وتر أهله وماله".=
= رواه ابن حبان (3/ 14: 1466) من طريق أبي عامر العَقَدي، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بن هشام، به.
ورجاله ثقات، إلَّا أن ابن أبي ذئب وإن كان ثقة، فقد تُكلم في روايته عن الزهري، فقد قال ابن معين، ويعقوب بن شيبة: لم يسمع من الزهري وإنما عرض عليه، وحديثه عنه فيه شيء. انظر: شرح العلل (2/ 809).
وتكلم مسلم في رواية العراقيين عنه وقال بأن فيها وهمًا كبيرًا. التمييز (ص 191)؛ شرح العلل (2/ 779)، والراوي عنه هنا عراقي بصري، وهو أبو عامر العقدي. وظاهر هذا الإسناد الاتصال.
وقد روى هذا الحديث البخاري (6/ 612: 3601، 3602)؛ ومسلم (4/ 2212: 2886)؛ والنسائي (1/ 238: 479)، ولفظه:(من الصلاة صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله). وفي رواية أخرى للنسائي: (1/ 237: 478): (من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله).
فقد صرحت رواية النسائي بهذه الصلاة المبهمة في رواية الشيخين. ورواية الشيخين والنسائي دالة على ضعف رواية ابن أبي ذئب التي جاء فيها الإطلاق على جميع الصلوات، لا صلاة بعينها.
وهو عند الشيخين من طريق صالح بن كَيسان، عن الزهري، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عبد الرحمن بن مطيع بن الأسود، عن نوفل بن معاوية. فزاد صالح: عبد الرحمن بن مطيع، بين أبي بكر بن عبد الرحمن ونوفل بن معاوية، فلعله من المزيد في متصل الأسانيد.
2 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الرَّجُلَ لِيُصَلِّي الصَّلَاةَ، وَمَا فَاتَهُ مِنْ وقتها خير من أهله وماله".
رواه محمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة (2/ 961: 1043، 1044) بإسنادين:=
= الأول: من طريق شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن الزهري، به. ورجاله ثقات، لكنه منقطع لأن الزهري لم يسمع من ابن عمر، وقيل سمع منه حديثين أو ثلاثة. (جامع التحصيل ص 269).
والثاني: من طريق هشيم، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عبد الرحمن
الجُرَشي، عن ابن عمر، به. ورجاله ثقات، لكن هشيم مدلس وقد عنعن. انظر: مراتب المدلسين (ص 115).
وحديث ابن عمر مخرج في الصحيحين: البخاري (2/ 30: 552)؛ ومسلم (1/ 435: 626) لكن بلفظ: "الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله".
3 -
وعن طَلْق بن حبيب قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الرَّجُلَ لِيُصَلِّي الصَّلَاةَ وَمَا فَاتَهُ مِنْ وقته أفضل من أهله وماله".
يأتي تخريجه في الحديث الآتي بعد هذا الحديث برقم (271).
271 -
وَقَالَ (1) أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ (2)، ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ (3) بْنُ سُلَيْمَانَ (4)، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ (5)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ: أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يُدْعى يَعْلَى (6)، قَالَ (7): أَخْبَرَنِي طَلْقٌ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إِنَّ الرَّجُلَ لِيُصَلِّي الصَّلَاةَ، وَمَا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهِ أَفْضَلُ من أهله وماله".
(1)(الواو) ليست في (عم) و (سد)، ولم أجد هذا الحديث في (ك) بعد البحث والتحري.
(2)
الأزدي العتكي.
(3)
في الإتحاف (عبد الرحمن)، وهو سبق قلم.
(4)
الكناني، أبو علي الأشل.
(5)
هو الأنصاري.
(6)
هو ابن مسلم بن هرمز المكي.
(7)
في (عم) و (سد): (يقول).
271 -
تخريجه:
ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 132 ب)، كتاب المواقيت، باب في من صلى الصلاة في وقتها ومن أخرها عنه، وعزاه لأبي يعلى.
ورواه عبد الرزاق (1/ 584: 2225) من طريق ابن أبي سَبْرة، عن يحيى بن سعيد، به، فذكره. بلفظ مقارب.
وفي سنده ابن أبي سبرة، وقد رمي بالوضع. انظر: التقريب (ص 623).
ورواه محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/ 960، 961: 1040، 1041، 1042) من ثلاث طرق:
الطريق الأولى: من طريق الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد، عن يعلى، عن طلق قال: بلغتا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ "إِنَّ الرَّجُلَ لِيُصَلِّي الصَّلَاةَ، وَمَا فَاتَهُ، ولما فاته من وقتها أفضل من أهله وماله".
ورجاله ثقات، إلَّا أنه مرسل لأن طلقًا تابعي صغير، وقذ. حذف. يحيى بن سعيد=
= الواسطة بينه وبين يعلى بن مسلم، وهو محمد بن المنكدر، فلا أدري أدلسه أم سمعه مرة من محمد، ومرة من يعلى -وسماعه منه ممكن-. انظر: مراتب المدلسين (ص 47)، وهو من الأولى.
الطريق الثانية: من طريق محمد بن يحيى الذهلي، حدثنا جعفر بن عون، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المنكدر، به فذكر المتن السابق. ورجاله ثقات إلَّا أنه مرسل كسابقه.
الطريق الثالثة: من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عن محمد بن المنكدر، عن طلق بن حبيب قال: كان يقال
…
، بهذا الحديث -يعني بمثل الحديث السابق-.
ورجاله ثقات إلَّا أنه مرسل كسابقيه، ولم يذكر محمد بن المنكدر يعلى بن مسلم في هذه الطريق، ومحمد ليس بمدلس وسماعه من طلق ممكن.
الحكم عليه:
الحديث إسناده صحيح، إلَّا أنه مرسل، حيث إن طلق بن حبيب العنزي، تابعي لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم.
انظر: الطبقات (7/ 227)؛ ذكر أسماء التابعين للدارقطني (2/ 124: 568).
وله شواهد خرجتها في الحديث السابق (270).
272 -
[1] حَدَّثَنَا (1) أَبُو الرَّبِيعِ (2)، ثنا حَمَّادٌ (3)، عَنْ عَاصِمٍ (4)، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، [قَالَ] (5): قُلْتُ لِأَبِي (6): يَا أَبَتَاهُ أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} (7)، أيُّنا لَا يَسْهُو؟ [أيُّنا] (8) لَا يُحَدِّث نَفْسَهُ (9)؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ إِضَاعَةُ الْوَقْتِ، يَلْهو حتى يضيع (10) الوقت.
(1) لم أجد هذا الحديث في (ك) بعد البحث والتحري. والحديث سابقه من مسند أبي يعلى.
(2)
هو الزهراني.
(3)
هو ابن زيد.
(4)
هو ابن أبي النجود.
(5)
ليست في (مح).
(6)
في (عم)، و (سد): لأبتي.
(7)
سورة الماعون: آية (5).
(8)
في (مح)، (حس):(أمنا) وما أثبته من بقية النسخ، والمسند، والمقصد العلي، والإتحاف.
(9)
سقطت من (حس).
(10)
في (عم)، (سد): يضيق.
272 -
تخريجه:
هو في مسند أبي يعلى (2/ 63: 704).
وذكره الهيثمي (المقصد العلي ص 285: 207).
وذكره أيضًا (المجمع 1/ 325)، وعزاه لأبي يعلى، وقال: إسناده حسن.
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 132 ب)، كتاب المواقيت، باب في من صلى الصلاة في وقتها ومن أخرها، وعزاه لأبي يعلى، وقال: هذا إسناد حسن. اهـ.
ورواه محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (1/ 125: 43)؛ والطبري في تفسيره (30/ 201)؛ والبيهقي (2/ 214)، من طرق عن عاصم بن أبي النجود، به. وفي بعض ألفاظهم اختلاف يسير.=
= ورواه البيهقى (2/ 214)، من طريق عبد الله بن زبيد الأيامى، عن طلحة بن مصرف، عن مصعب بن سعد، به فذكر نحوه.
ورواه الطبري في تفسيره (30/ 201) من طريق خلف بن حوشب، عن طلحة بن مصرف، عن مصعب، به فذكر نحوه.
الحكم عليه:
الأثر بهذا الإسناد رجاله ثقات، إلا أن عاصم بن أبي النجود في حفظه سوء، لكن قد تابعه سماك بن حرب -كما في روأية أبي يعلى الآتية- وطلحة بن مصرف -كما مر في التخريج-، فزال ما نخشاه من سوء حفظه، فالأثر صحيح لغيره.
وله شاهد من كلام مسروق بن الأجدع رحمه الله تعالى، حيث قال في تفسير هذه الآية:(إغفال الصلاة عن وقتها) وفي رواية: (تضييع ميقاتها).
روأه محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (1/ 126: 44)؛ والطبري في تفسيره (30/ 201) من طريقين عن الأعمش، عن أبى الضحى مسلم ابن صَبِيْح، عنه به.
ورجاله ثقات أثبات، وليس فيه إلَّا ما يخشى من عنعنة الأعمش.
انظر: مراتب المدلسين (ص 67).
[2]
حَدَّثَنَا (1) زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْوَاسِطِيُّ، ثنا صَالِحُ بْنُ عُمَرَ (2)، [ثَنَا](3) حَاتِمٌ (4)، عَنْ سِمَاك، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي فَقُلْتُ: يَا أَبَهْ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} ، [أَسَهْو] (5) أَحَدِنَا فِي صَلَاتِهِ [حَدِيثُ] (6) نَفْسِهِ؟ قَالَ سعد:(أوَ ليس كلنا نفعل (7) ذلك؟ ولكن الساهي
…
فذكره) (8).
(1) لم أجد هذا الحديث في (ك) بعد البحث والتحري. والحديث كسابقيه من مسند أبي يعلى.
(2)
هو الواسطي.
(3)
في (مح)، و (حس): بن.
(4)
هو ابن أبي صغيرة.
(5)
في نسخ المطالب: (أيسهو)، والتصحيح من المسند، والمقصد العلي.
(6)
في نسخ المطالب: (الحديث)، والتصحيح من المسند، والمقصد العلي.
(7)
في (عم)، و (سد) والمسند: يفعل بالتحتانية.
(8)
تمامه -كما في المسند- (عن صلاته: الذي يصليها لغير وقتها، فذلك الساهي عنها) قال مصعب -مرة أخرى-: (تَرْكُه الصلاة في مواقيتها).
272 -
[2] تخريجه:
هو في مسند أبي يعلى (2/ 64: 705).
وذكره الهيثمي (المقصد العلي ص 186: 208).
وأشار إليه (المجمع 1/ 325)، عند ذكره للرواية السابقة وعزاهما لأبي يعلى، وقال: اسناده حسن. اهـ. قلت: فلا أدري قصد مجموع الطريقين أو الأول فقط.
وذكره البوصير (الإتحاف 1/ 133 أ)، كتاب المواقيت، باب في من صلى الصلاة لوقتها ومن أخرها. وعزاه لأبي يعلى.
الحكم عليه:
الأثر بهذا الإسناد رجاله ثقات إلَّا أن سماك بن حرب ساء حفظه بآخره فربما=
= قبل التلقين، لكن الراوي عنه حاتم بن أبي صغيرة من طبقة قدماء أصحابه كشعبة والثوري، وحديثهم عنه أصح من غيرهم، لكن لا أستطيع الجزم بسماعه هذا الأثر منه قديمًا، وإن كان ذلك الأقرب لما ذكرته سابقًا، وقد زال ما نخشاه من سوء حفظه بما مر في الأثر السابق من المتابعات، فارتقى بها إلى الصحيح لغيره.
273 -
حَدَّثَنَا (1) شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمير، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ: إِنَّهُ سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} ، "هُمُ الَّذِينَ يُخْرِجُونَ (2) الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا".
* قَالَ الْبَزَّارُ: رَوَاهُ الْحُفَّاظُ مَوْقُوفًا، وَلَمْ يَرْفَعْهُ غَيْرُ عكرمة بن إبراهيم.
(1) الحديث كسابقه من مسند أبي يعلى. ولم أجده في (ك) بعد البحث والتحري.
(2)
في المسند: (يؤخرون).
273 -
تخريجه:
هو في مسند أبي يعلى (2/ 140: 822).
وذكره الهيثمي (المقصد العلي ص 286: 209).
وذكره أيضًا (المجمع 1/ 325)، وقال: رواه البزار، وأبو يعلى، مرفوعًا بنحو هذا، وموقوفًا، وفيه عكرمة بن إبراهيم، ضعفه ابن حبان، وغيره، وقال البزار: رواه الحفاظ موقوفًا ولم يرفعه غيره. اهـ.
وذكره أيضًا (المجمع 7/ 143)، وعزاه للطبراني في الأوسط، وقال: وفيه عكرمة بن إبراهيم وهو ضعيف جدًا. اهـ.
وذكره أيضًا في كشف الأستار (1/ 198: 392)، وقال: قال البزار: لا نعلم أحدًا أسنده إلا عكرمة، وهو لين الحديث، وقد رواه الثقات الحفاظ عن عبد الملك، عن مصعب بن سعد، عن أبيه موقوفًا. اهـ.
وذكره ابن حجر في زوائد البزار (ص 641: 244).
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 133 أ)، كتاب المواقيت، باب في من صلى الصلاة لوقتها ومن أخرها، وعزاه لأبي يعلى، وذكر طريق البزار وكلامه عليها. ثم=
قال: وقال الحافظ عبد العظيم المنذري: عكرمة هذا مجمع على ضعفه، والصواب وقفه. اهـ.
قلت: كلام المنذري في الترغيب والترهيب (1/ 387).
ورواه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (1/ 124: 42)؛ وابن المنذر في الأوسط (2/ 387: 1081)؛ والطبري في تفسيره (30/ 202)؛ والعقيلي في الضعفاء (3/ 377)؛ وابن أبي حاتم في العلل (1/ 187)، رقم (536)؛ والبيهقي (2/ 214)؛ والبغوي في شرح السنة (2/ 246: 397)؛ وفي تفسيره (4/ 532)، من طريق عكرمة بن إبراهيم الأزدي، به مرفوعًا.
قال العقيلي: وقال الثوري، وحماد بن زيد، وأبو عوانة، وقيس بن الربيع، عن عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه موقوفًا.
وروى الأعمش، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، موقوفًا أيضًا.
ورواه حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك بن حرب، عن مصعب بن سعد، عن أبيه موقوفًا أيضًا، والموقوف أولى.
ورواه ابن عيينة، عن موسى الجهني، عن مصعب بن سعد، عن أبيه موقوفًا أيضًا. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: هذا خطأ، والصحيح موقوف. اهـ.
وقال البيهقي: وهذا الحديث إنما يصح موقوفًا. وعكرمة بن إبراهيم قد ضعفه يحيى بن معين، وغيره من أئمة الحديث. اهـ.
وقال البغوي في شرح السنة: عكرمة بن إبراهيم ضعيف. اهـ.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد فيه علتان:
1 -
عنعنة عبد الملك بن عمير، وهو مدلس لا يقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بالسماع، ولم أجده صرح في شيء من طرق هذا الحديث.=
= 2 - ضعف عكرمة بن إبراهيم الأزدي، ومع ضعفه كان يخالف الثقات. قال العقيلي في الضعفاء (3/ 377): يخالف في حديثه، وفي حفظه اضطراب. اهـ.
لذا، فالحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا. وقد ورد بالأسانيد الصحيحة موقوفًا على سعد بن أبي وقاص -كما في الأثرين السابقين- فهذا يبين خطأ عكرمة في رفعه، كما قال البزار، والعقيلي، وأبو زرعة، والبيهقي، والمنذري -وقد ذكرت كلامهم في تخريج الحديث-.
وقد سُئل الدارقطني في العلل (4/ 320)، رقم (592)، عن هذا الحديث فقال: يرويه عبد الملك بن عمير، فاختلف عنه: فأسنده عكرمة بن إبراهيم عن عبد الملك بن عمير، وَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وغيره يرويه عن عبد الملك بن عمير موقوفًا على سعد. وهو الصواب.
وكذلك رواه طلحة بن مصرف، وسماك بن حرب، وعاصم بن أبي النجود، عن مصعب بن سعد، عن أبيه موقوفًا. وهو الصواب. اهـ.
274 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ (1)، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ (2)، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ بُكَيْرٍ (3)، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ (4)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّهُ (5) سَيَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ فَسَقَةٌ يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ لِغَيْرِ وَقْتِهَا، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، فَصَلُّوا الصلاة لوقتها، واجعلوا الصلاة معهم نافلة"(6).
(1) هو المسيبي.
(2)
هو ابن أبي نافع الصائغ.
(3)
هكذا في (مح) و (حس) و (عم) و (سد) والإتحاف، والصواب:(بكر)، كما في المسند والمقصد العلي ومصادر الترجمة، وهو داود بن بكر بن أبي الفرات.
(4)
هو أبو محمد الجصاص البصري.
(5)
سقطت لفظة (إنه) من (عم).
(6)
لم أجد هذا الحديث في (ك) بعد البحث والتحري.
274 -
تخريجه:
هو في مسند أبي يعلى (7/ 293: 4323).
وذكره الهيثمي (المقصد العلي ص 287: 210).
وذكره أيضًا (المجمع 1/ 325)، وقال: رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط، وفي إسناده من لا يعرف. اهـ.
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 133 أ)، كتاب المواقيت، باب فيمن صلى الصلاة في وقتها، ومن أخرها. وعزاه لأبي يعلى.
ورواه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 235، 6/ 153)، من طريق إبراهيم بن المنذر، عن عبد الله بن نافع، به.
ورواه الطبراني في الأوسط كما في مجمع البحرين (1/ 55 أ)، من طريق المقدام بن داود، ثنا خالد بن نزار، ثنا عمر بن حفص بن ذكوان، به.
قال الطبراني: لم يروه عن زياد إلا داود، تفرد به عمر. اهـ.=
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد فيه علتان:
1 -
زياد بن أبي زياد الجصاص، وهو متروك.
2 -
عمر بن ذكوان، وهو مجهول الحال.
فالحديث بهذ! الإسناد ضعيف جدًا، وغير قابل للتقوية.
لكن معنى هذا المتن صحيح مروي عن عدد من الصحابة:
1 -
عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قال لي رسول الله: "كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها -أو يميتون الصلاة عن وقتها-؟ " قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: "صلِّ الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل، فإنها لك نافلة".
رواه مسلم (1/ 448: 648)، واللفظ له؛ وأبو داود (1/ 299: 431)؛ والترمذي (1/ 332: 176)؛ والنسائي (2/ 113: 859)؛ وابن ماجه (1/ 398: 1256)؛ وأحمد (5/ 147، 159، 168)؛ والدارمي (1/ 279)؛ والبيهقي (2/ 299، 301).
2 -
وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحو حديث الباب، رواه مسلم (1/ 378: 534)، في أثناء حديث التطبيق، من طرق عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، والأسود، عنه به.
ورواه أحمد (1/ 455، 459)، من طريق ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، به فذكره.
ورواه أبو داود (1/ 300: 432)، من طريق حسان بن عطية، عن عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميمون الأودي، عن عبد الله، مرفوعًا، فذكره وفي أوله قصة.=
= ورواه ابن ماجه (1/ 398: 1255)، من طريق عاصم بن أبي النجود، عن زر، عنه به فذكره.
3 -
وعن عبادة بن الصامت، مرفوعًا، نحو حديث الباب.
رواه أبو داود (1/ 301: 433)؛ وابن ماجه (1/ 398: 1257)؛ وأحمد (5/ 315، 329)، من طريق هلال بن يَسَاف، عن أبي المثنى، عن أبي أُبَيّ -ابن امرأة عبادة بن الصامت، وقيل ابن أخته- عن عبادة، به.
ورجاله ثقات إلا أبا المثنى ضمضم الأملوكي الحمصي، ففيه خُلْف.
انظر: التهذيب (4/ 463).
وذكره الهيثمي (المجمع 1/ 325)، وقال: رجاله رجال الصحيح. اهـ.
قلت: ولم يصب، لأن أبا المثنى مختلف في توثيقه، ولم يخرج له الشيخان.
4 -
وعن شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: "سيكون من بعدي أئمة يميتون الصلاة
…
" الحديث رواه أحمد (4/ 124)؛ والبزار كما في كشف الأستار (1/ 198: 393)؛ والطبراني في الأوسط كما في مجمع البحرين (1/ 55 أ)، من طريقين عن إسماعيل بن عياش، عن -وعند البزار والطبراني: حدثنا- راشد بن داود الصنعاني الدمشقي، عن أبي أسماء الرحبي، به.
قال البزار: لا نعلمه يُروى عن شداد إلَّا من هذا الوجه. اهـ.
وقال الطبراني: لا يروى عن شداد إلا بهذا الإسناد. اهـ.
وذكره الهيثمي (المجمع 1/ 325)، وعزاه لهم، ثم قال: وفيه راشد بن داود، ضعفه الدارقطني، ووثقه ابن معين، ودحيم، وابن حبان. اهـ.
قلت: قال الحافظ: صدوق له أوهام. اهـ. انظر: التقريب (ص 204)، فحديثه حسن بما قبله.=
= 5 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (يكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة
…
) الحديث.
رواه مسدد كما فى الإتحاف (1/ 131 ب)، من طريق أبي الأحوص، به.
قال البوصيري: رجاله ثقات. اهـ.
قلت: وهو كما قال، وهو هنا موقوف لكن له حكم الرفع، لأن هذا إخبار عن المغيبات فلا سبيل لمعرفته إلا عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم.