المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌39 - باب القول عند دخول المسجد والخروج منه - المطالب العالية محققا - جـ ٣

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌4 - كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌1 - بَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ

- ‌2 - بَابُ عِظَم قَدْرِ الصَّلَاةِ

- ‌3 - بَابُ الْأَذَانِ

- ‌4 - باب مؤذن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌5 - بَابُ صِفَةِ الْأَذَانِ وَمَوْضِعِهِ

- ‌6 - بَابُ التَّأْذِينِ قَبْلَ الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ

- ‌7 - بَابُ لَا يَكُونُ الإِمام مُؤَذِّنًا

- ‌8 - بَابُ فَضْلِ الْمُؤَذِّنِينَ

- ‌9 - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ

- ‌10 - باب فضل من أذن محتسبًا

- ‌11 - بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ الْأَذَانِ

- ‌12 - بَابُ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ

- ‌13 - بَابُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةُ

- ‌14 - بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌15 - بَابُ مُرَاعَاةِ الْأَوْقَاتِ بِالْمَقَادِيرِ الْمُعْتَادَةِ

- ‌16 - بَابُ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لِلْحَاجَةِ

- ‌17 - بَابُ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ وَتَعْجِيلِهَا

- ‌18 - بَابُ الإِبراد بِالظُّهْرِ

- ‌19 - بَابُ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ

- ‌20 - بَابُ كَرَاهِيَةِ تَسْمِيَتِهَا الْعَتَمَةَ

- ‌21 - بَابُ كَرَاهَيةِ النَّوْمِ قَبْلَهَا

- ‌22 - بَابُ السَّمر بَعْدَ الْعِشَاءِ

- ‌23 - بَابُ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌26 - بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَالسُّتْرَةِ لِلْمُصَلِّي

- ‌27 - بَابُ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ

- ‌28 - بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ

- ‌29 - بَابُ جَوَازِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ

- ‌30 - بَابُ مَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَفِيهِ

- ‌31 - بَابُ مَا يُصَلَّى إِلَيْهِ وَمَا لَا يُصَلَّى إِلَيْهِ

- ‌32 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ الْمُصَلِّينَ

- ‌33 - بَابُ مَتَى يُؤْمَرُ الصَّبِيُّ بِالصَّلَاةِ

- ‌34 - [بَابُ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَتَوْسِيعِهَا]

- ‌35 - بَابُ فَضْلِ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا

- ‌38 - بَابٌ فِي فَضْلِ مُلَازَمَةِ الْمَسْجِدِ

- ‌39 - بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ

- ‌41 - بَابٌ السِّوَاكُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌42 - بَابُ الصُّفُوفِ

- ‌43 - بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌44 - بَابُ أَقَلِّ الْجَمَاعَةِ

- ‌45 - بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ

- ‌46 - بَابُ الْأَمْرِ بِاتِّبَاعِ الإِمام فِي أَفْعَالِهِ

- ‌48 - بَابُ أَمْرِ الإِمام بِالتَّخْفِيفِ

- ‌49 - بَابُ الْفَتْحِ عَلَى الإِمام

- ‌51 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ التَّدَافُعِ فِي الإِمامة بَعْدَ الإِمام

- ‌52 - بَابُ مِقْدَارِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌53 - باب التجميع في البيوت

- ‌54 - بَابُ شُرُوطِ الْأَئِمَّةِ

- ‌55 - بَابُ مَا يَصْنَعُ مَنْ جَاءَ وَحْدَهُ فَوَجَدَ الصَّفَّ كَامِلاً

- ‌56 - بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ

- ‌5 - " صِفَةُ الصَّلَاةِ

- ‌1 - بَابٌ فِي الِاسْتِفْتَاحِ وَغَيْرِهِ

الفصل: ‌39 - باب القول عند دخول المسجد والخروج منه

‌39 - بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ

375 -

قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ (1)، ثنا حَيْوَةُ بْنُ شُريح، أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ (2)، عَنْ يَزِيدَ بْنِ (3) قُسَيط، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:(إِنِّي لَأَقُولُ إِذَا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ)(4).

* مَوْقُوفٌ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، لَكِنَّهُ مُنْقَطِعٌ (5).

(1) هو عبد الله بن يزيد القرشي المكي.

(2)

هو حميد بن زياد الخراط.

(3)

تحرفت لفظة (بن) في (ك) إلى: (به)، وهو تصحيف ظاهر.

(4)

زاد في (الإتحاف): (وإذا خرجت قلتها).

(5)

ما بين النجمتين ليس في (ك).

ص: 570

375 -

تخريجه:

ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 156 أ)، كتاب المساجد، باب ما يقول إذا دخل المسجد وإذا خرج منه، وعزاه لابن أبي عمر.

ص: 570

الحكم عليه:

الأثر بهذا الإسناد كما قال الحافظ رحمه الله تعالى، رجاله رجال الصحيح،=

ص: 570

= لكنه منقطع؛ لأن يزيد بن قسيط لم يدرك أبا الدرداء بل ولد قبل وفاته بسنتين، أو أكثر قليلًا. وله شواهد مرفوعة، وموقوفة، منها:

1 -

عن أبي حميد -أو أبي أُسَيْدٍ-. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك.

رواه مسلم (1/ 494: 713)، من طريق يحيى بن يحيى؛ وأبو عوانة (1/ 414)، من طريقين عن ابن أبي مريم؛ والبيهقي (2/ 441)، من طريق يحيى بن يحيى، كلاهما عن سليمان بن بلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصاري، به.

قال مسلم: سمعت يحيى بن يحيى يقول: كتبت هذا الحديث من كتاب سليمان بن بلال. قال بلغني أن يحيى الحماني يقول: وأبي أسيد. اهـ.

ورواه مسلم -أيضًا- (1/ 495: 713)، ولم يذكر لفظه وإنما أحال على حديث يحيى بن يحيى؛ وابن حبان (3/ 247: 2046)؛ وابن السني (ص 80: 156)؛ وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث (ص 121)؛ والبيهقي (2/ 441)، من طرق عن بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، به، مثله، وزادوا في أوله -عدا مسلم-:(فليسلم) بعد قوله: (إذا دخل أحدكم المسجد). قال البيهقي: ولفظ التسليم فيه محفوظ. اهـ.

ورواه النسائي (2/ 53: 729)؛ وفي عمل اليوم والليلة (ص 220: 177)؛ وأحمد (3/ 497، 5/ 425)؛ وابن حبان (3/ 247: 2047)، من طرق عن أبي عامر العَقَدي، حدثنا سليمان بن بلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصاري، قال: سمعت أبا حميد، وأبا أسيد، به، فذكره بمثل لفظ مسلم.

ورواه الدارمي (2/ 293)، من طريق القعنبي، ثنا سليمان -يعني ابن=

ص: 571

= بلال-، عن ربيعة، عن عبد الملك بن سعيد، عن أبي حمد أو أبي أسيد، فذكره بلفظ مسلم.

ورواه أبو داود (1/ 317: 465)؛ والبيهقي (1/ 442)، من طريق

أبي الجماهر محمد بن عثمان، حدثنا الدراوردي، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الملك بن سعيد، سمعت أبا حميد -أو أبا أسيد- الأنصاري يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ ليقل:

الحديث"، بمثل لفظ مسلم.

ورواه الدارمي (1/ 324)، من طريق يحيى بن حسان، أنا عبد العزيز بن محمد -يعني الدراوردي-، به مثله. إلَّا أن الهمزة سقطت من نسختي (سمعت أبا حمد، وأبا أسيد الأنصارى يقول). والدليل على سقوط همزة (أو) من نسختي وأنه ليس من أصل الرواية ما تقدم من رواية أبي داود والبيهقي، وأيضًا قوله:(أبا حميد وأبا أسيد الأنصارى يقول) فلو كان بواو العطف للزمه أن يقول: (الأنصاريين يقولان)، وبذا تكون رواية الدارمي موافقة لرواية أبي داود والبيهقي.

ثم وجدت الحافظ ابن حجر قد روى هذا الحديث في نتائج الأفكار (1/ 274)، من طريق الدارمي على الصواب. فالحمد لله. وقد وقفت عليه -أيضًا- في سنن الدارمي (1/ 264: 1401) بتحقيق عبد الله هاشم اليماني، فوجدته فيها كما في نسختي إلَّا أنه قال:(يقولان) بدل (يقول)، وقد علق المحقق في الحاشية، فقال: وفي الدمشقية: (وأبا أسيد)، وفيها:(يقول)، وفي الهندية:(أو أبا أسيد)، وفيها (يقولان). اهـ.

ورواه أبو عوانة (1/ 414)؛ وابن أبي حاتم في العلل (1/ 178: 509)؛ والطبراني في الدعاء (2/ 993: 426)، من طريق ابن وهب، أخبرني يحيى بن عبد الله بن سالم، عن عمارة بن غزية، عن ربيعة به، وفيه:(أبا حميد وأبا أسيد)، وزاد: (وليسلم صلى النبي صلى الله عليه وسلم

وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم

الحديث).=

ص: 572

= ورواه ابن ماجه (1/ 254: 772)، من طريق إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، به، مثل رواية أبي عوانة، والطبرانى، سندًا ومتنًا، غير أنه قال:(عن أبي حميد) فقط.

وشيخ إسماعيل بن عياش هنا مدني، وروايته عن غير الشاميين ضعيفة.

ورواه أبو عوانة (1/ 414)، من طريق عبد العزيز الأويسي، ثنا عبد العزيز، عن ربيعة، عن عبد الملك بن سويد -كذا في الأصل وكأنه نسبه لجده-، عن أبي حميد السَّاعِدِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا دخل المسجد:"اللهم افتح لنا أبواب رحمتك، وسهل لنا أبواب رزقك".

وعبد العزيز يحتمل أن يكون هو الدراوردي، ويحتمل أن يكون ابن الماجشون، فكلاهما يروي عن ربيعة، ويروي عنهما الأويسي. ثم وجدت الحافظ قد جزم بأنه الدراوردي. انظر: نتائج الأفكار (1/ 277).

قال ابن أبي حاتم (العلل 1/ 178: 509): سئل أبو زرعة عن حديث رواه ربيعة بن أبي عبد الرحمن، فاختلف عنه، فروى بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عن ربيعة، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصاري، عن أبي حميد الساعدي، [أو -سقطت من الأصل-] عن أبي أسيد الساعدي، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: فذكره.

ورواه سليمان بن بلال، عن ربيعة، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد، عن أبي حميد، وأبي أسيد، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ أبو زرعة: عن أبي حميد، وأبي أسيد كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم. أصح. قلت -أي ابن أبي حاتم-: لم يكن أخرج أبو زرعة من خالف بشر بن المفضل في روايته عن عمارة بن غزية، وأحسب أنه لم يكن وقع عنده، وأخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة عليه، عن ابن وهب، عن يحيى بن عبد الله بن سالم، عن عمارة بن غزية، عن ربيعة، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد، عن أبي حميد، وأبي أسيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما رواه سليمان بن بلال، فدل أن=

ص: 573

= الخطأ من بشر بن المفضل. اهـ.

قلت: لا أظن أن أبا زرعة، وابن أبي حاتم -رحمهما الله- أصابا في ذلك.

وذلك أن سليمان بن بلال قد روى عنه ثلاثة من الثقات الأثبات، هم يحيى بن يحيى النيسابوري، وابن أبي مريم سعيد بن الحكم، والقعنبي، هذا الحديث بمثل رواية بشر بن المفضل. ولم أر من خالفهم في سليمان بن بلال، إلَّا أبا عامر

العقدي، وهو وإن كان ثقة، فهم أوثق منه وأكثر. ويحيى بن عبد الله بن سالم ليس بالمحل الذي يمكن أن تعارض رواية بشر بن المفضل بروايته، فإنه صدوق، وبشر ثقة ثبت.

وقد رواه أيضًا الدراوردي -كما تقدم- عن ربيعة، فوافق بشر بن المفضل.

وبهذا تظهر غزارة علم الإِمام مسلم، ومعرفته بالأحاديث، وطرقها الراجحة، والمرجوحة، فقد أخرج رواية الشك وترك رواية الجمع، وليس في ذلك أدنى أثر على صحة الحديث فكلاهما صحابي.

2 -

وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بنت الحسين، عن جدتها فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم، وقال:"رب اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك". وإذا خرج صلى على محمد وسلم، وقال:"رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك".

رواه الترمذي (2/ 127)، واللفظ له؛ وابن ماجه (1/ 353: 771) بنحوه؛ وابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 338)، (10/ 405: 9813)؛ وأحمد (6/ 282، 283)؛ والدولابي في الذرية الطاهرة (ص 105: 195)؛ والطبراني في الكبير (22/ 424: 1044) باختصار؛ وفي الدعاء (2/ 992: 424)؛ والبغوي في شرح السنة (2/ 367: 481)، من طرق عن ليث بن أبي سليم، به.

ثم روى الترمذي، وأحمد، من طريق ابن علية، أنه قال بعد روايته هذا الحديث عن ليث بن أبي سليم: ثم لقيت عبد الله بن الحسن بمكة، فسألته عن هذا الحديث،=

ص: 574

= فحدثني به قال: كان إذا دخل قال: "رب افتح لي باب رحمتك"، وإذا خرج قال:"رب افتح لي باب فضلك".

قال الترمذي: حديث فاطمة، حديث حسن، وليس إسناده بمتصل، وفاطمة بنت الحسين لم تدرك فاطمة الكبرى إنما عاشت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أشهرا. اهـ.

قال في تحفة الأحوذي (1/ 262): فإن قلت: قد اعترف الترمذي بعدم اتصال إسناد حديث فاطمة، فكيف قال: حديث فاطمة حديث حسن. قلت: الظاهر أنه حسَّنه لشواهده، وقد بينا في المقدمة أن الترمذي قد يحسن الحديث مع ضعف الإسناد للشواهد. اهـ.

قلت: ومع انقطاعه ففيه ليث بن أبي سليم، وهو صدوق سيِّىء الحفظ، اختلط فلم يتميز حديثه فلا يحتج به إلَّا فيما توبع عليه، وقد تابعه تلميذه ابن علية -كما تقدم- فزال ما نخشاه من سوء حفظه.

ورواه عبد الرزاق (1/ 425: 1664)، ومن طريقه: الطبراني في الكبير (22/ 423: 1043)؛ وفي الدعاء (2/ 991: 423)، من طريق قيس بن الربيع، عن عبد الله بن الحسن، به نحوه، ولم يذكر التسليم.

وقيس بن الربيع، صدوق ساء حفظه، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه.

ورواه الدولابي في كتاب الذرية الطاهرة (ص 106: 196)، من طريق موسى بن داود، حدثنا عبد العزيز الدراوردي، عن عبد الله بن الحسن، به نحوه.

وموسى بن داود الضبي، صدوق له أوهام. التقريب (ص 550).

وهذا متابع جيد لما تقدم.

ورواه الدولابي فيه أيضًا: (ص 106: 197)، والطبراني في الدعاء (2/ 992: 425)، من طريق ابن وهب، أخبرني أبو سعيد التميمي، عن روح بن القاسم، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ فاطمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه.=

ص: 575

= ولم أجد ترجمة لأبي سعيد التميمي، وهذا مرسل فقد سقطت صحابيته، وهي فاطمة رضي الله عنها.

ورواه ابن السني (ص 45: 87)؛ والحافظ في نتائج الأفكار (1/ 284: 286)، من طريق إبراهيم بن يوسف الصيرفي الكندي الحضرمي الكوفي، ثنا سُعَيْر بن الخِمْس، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عن جدته، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه، وليس فيه ذكر الصلاة.

وسعير بن الخمس، صدوق. التقريب (ص 243).

وإبراهيم بن يوسف، صدوق فيه لين. التقريب (ص 95).

قال الحافظ: رجال هذا السند ثقات، لكن فيه انقطاع. اهـ. -يعني بين فاطمة وجدتها- وقوله رجاله ثقات فيه تجوز.

ورواه العقيلي في الضعفاء (1/ 255)؛ وابن عدي في الكامل (2/ 781 - 782)، من طريق حسان بن إبراهيم الكرماني، عن عاصم بن سليمان، عن عبد الله بن الحسن -تصحفت في الكامل إلى: حسين-، عن أمه فاطمة بنت الحسين بن علي، عن أمها فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. فذكر نحوه. لكن رَويا عن أحمد بن حنبل، أنه قال: ليس هذا من حديث عاصم الأحول، هذا من حديث ليث بن أبي سليم. اهـ.

قلت: حسان بن إبراهيم، ثقة يخطئ، فلعل هذا من أخطائه.

وبمجموع هذه الطرق يظهر أن نقطة الضعف الوحيدة في هذا الحديث هي الإنقطاع بين فاطمة الصغرى وفاطمة الكبرى رضي الله عنها.

3 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وليقل: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ. وَإِذَا خَرَجَ فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وليقل: اللهم باعدني من الشيطان"، وعند ابن ماجه:(اعصمني من الشيطان)، وعند ابن خزيمة:(أجرني)، وعند ابن السني:(أعذني).=

ص: 576

= رواه النسائي في عمل اليوم والليلة (ص 178: 90)؛ وابن ماجه (1/ 254: 773)؛ وابن خزيمة (1/ 231: 452)؛ وابن حبان (3/ 246، 247: 2045، 2048)؛ والطبراني في كتاب الدعاء (2/ 994: 427)؛ وابن السني (ص 44: 86)؛ والحاكم (1/ 207) مختصرًا؛ وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 19)؛ والبيهقي (2/ 442)، من طرق عن أبي بكر عبد الكبير بن عبد المجيد الحنفي، ثنا الضحاك بن عثمان، ثنا سعيد المقبري، به. قال النسائي: خالفه محمد بن عجلان، رواه عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ كعب قوله. اهـ.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. اهـ.

ووافقه الذهبي. وقد تابع الضحاك بن عثمان، أبو معشر، فرواه عن سعيد المقبري، به مثله. روى ذلك الطبراني في الدعاء (2/ 994: 428) لكن أبا معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي المدني، ضعيف، أسن واختلط، قاله الحافظ في التقريب (ص 559): فلا عبرة بمتابعته.

وقد روى عبد الرزاق (1/ 427: 1670) خلاف ذلك، فرواه عن أبي معشر المدني، عن سعيد بن أبي سعيد، أن كعبًا قال لأبي هريرة رضي الله عنه: احفظ عليَّ اثنتين، فذكره بلفظ مقارب.

فلعل ما وقع في رواية الطبراني من قبل شيخه محمد بن عيسى بن شيبة المصري، فإني لم أجد من ذكره، أو أنه من تخليطات أبي معشر.

ورواه النسائي في عمل اليوم والليلة (ص 178: 91)؛ وعبد الرزاق (1/ 428: 1671)؛ ومسدد في مسنده كما في الإتحاف (1/ 156 أ)، وصرح ابن عجلان عنده بالتحديث، وابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 339 - 10/ 406: 9816)، من طرق عَنِ

ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه: أن كعب الأحبار قال: يا أبا هريرة احفظ مني اثنتين، أوصيك بهما، إذا دخلت المسجد

فذكره بلفظ مقارب لرواية الضحاك بن عثمان السابقة، ووقع في رواية ابن أبي شيبة: عن=

ص: 577

= أبي هريرة، قال لي كعب بن عجرة، فذكره.

وعبد الرزاق أحال على متن حديث أبي معشر السابق.

وعند مسدد: "احفظني من الشيطان الرجيم".

قال الإِمام أبو عبد الرحمن النسائي: خالفه ابن أبي ذئب، رواه عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن كعب. ثم رواه (ص 179: 92)، من طريق عيسى بن إبراهيم، عن ابن وهب، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما طلعت الشمس ولا غربت على يوم خير من يوم الجمعة"، ثم قدم علينا كعب، فقال أبو هريرة: وذكر رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، سَاعَةٌ في يوم الجمعة لا يوافقها مؤمن يصلي يسأل الله شيئًا إلَّا أعطاه. قال كعب: صدق والذي أكرمه، وإني قائل لك اثنتين فلا تنسهما، إذا دخلت المسجد فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم

فذكره بلفظ الضحاك السابق.

قال أبو عبد الرحمن النسائي: ابن أبي ذئب أثبت عندنا من محمد بن عجلان، ومن الضحاك بن عثمان، في سعيد المقبري، وحديثه أولى عندنا بالصواب، وبالله التوفيق.

وابن عجلان اختلطت عليه أحاديث سعيد المقبري، ما رواه سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، وسعيد عن أخيه عن أبي هريرة، وغيرهما من مشايخ سعيد، فجعلها ابن عجلان كلها عن سعيد، عن أبي هريرة، وابن عجلان ثقة. والله أعلم. اهـ.

قلت: تقديم ابن أبي ذئب على المذكورين في سعيد المقبري، مما لا يختلفون فيه، قال ابن المديني: الليث وابن أبي ذئب ثبتان في حديث سعيد المقبري (شرح العلل 2/ 670)، وابن عجلان حاله كما ذكر أبو عبد الرحمن وهو موافق لابن أبي ذئب في الجملة.

وأما الضحاك بن عثمان، فهو صدوق ربما وهم، فلا يعتد بمخالفته لمن ذكرنا.

فالراجح أن هذا الحديث موقوف على كعب الأحبار، ولا يصح رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم=

ص: 578

= قال الحافظ (نتائج الأفكار 1/ 280): وخفيت هذه العلة على من صحح الحديث، من طريق الضحاك، وفي الجملة هو حسن لشواهده، والله أعلم.

قلت: تحسينه باعتبار سنده بعيد ولو بشواهده، لكن المتن صحيح مما تقدم من حديث أبي أسيد، وأبي حميد.

4 -

وعن أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إذا دخل المسجد قال:"السلام على النبي ورحمة الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك والجنة"، وإذا خرج قال:"السلام على النبي ورحمة الله، اللهم أعذني من الشيطان، ومن الشر كله".

رواه عبد الرزاق (1/ 425: 1663)، من طريق ابن جريج، أخبرني هارون بن أبي عائشة، به.

قال الحافظ (نتائج الأفكار 1/ 288): ورجاله ثقات، ليس فيه سوى الإِرسال، والله أعلم. اهـ.

قلت: لأن أبا بكر بن محمد تابعي صغير.

وهارون بن أبي عائشة المدني، وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم يذكروا في الرواة عنه إلَّا ابن جريج، وعادة الحافظ في التقريب أن يطلق على من هذه حاله -غالبًا- لفظ (مقبول).

التاريخ الكبير (8/ 220)؛ وتاريخ الثقات (ص 454)؛ والجرح (9/ 93)؛ والثقات (7/ 579).

5 -

وعن سعيد بن ذي حُدَّان قال: سألت علقمة: ما تقول إذا دخلت المسجد؟ قال أقول: السلام عليكم أيها النبي، ورحمة الله وبركاته، صلى الله وملائكته على محمد.

رواه عبد الرزاق (1/ 427: 1669)؛ وابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 339، 10/ 407: 9818) -وليس عنده ذكر السؤال- من طريق الثوري -وعند=

ص: 579

= عبد الرزاق: ومعمر- عن أبي إسحاق، به.

وتصحف اسم سعيد بن ذي حدان، إلى (جلدان)، وعند ابن أبي شيبة (ابن أبي حدان)، وفي الموضع الثاني (دي حدام)، وصححها المحقق، لكن الموضع الأول (ابن أبي) لم يصحح.

وسعيد بن ذي حدان، لم يرو عنه إلَّا أبو إسحاق السبيعي، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطاء وقال ابن المديني: وهو رجل مجهول، لا أعلم أحدًا روى عنه إلَّا أبو إسحاق. اهـ.

وقال الحافظ: كوفي مجهول.

التاريخ الكبير (3/ 470)؛ والجرح (4/ 19)؛ والثقات (4/ 282)؛ والميزان (2/ 135)؛ والتقريب (ص 235)؛ والتهذيب (4/ 26).

وأبو إسحاق السبيعي، ثقة ساء حفظه بآخره، وكان يدلس، لكن سماع الثوري منه صحيح، ولا يَرِدُ هنا إلَّا تدليسه -وهو من الثالثة-.

وعليه فالأثر بهذا الإسناد ضعيف جدًا.

6 -

وعن إبراهيم -وهو النخعي- أنه كان إذا دخل المسجد قال:

(بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وإذا دخل بيتًا ليس فيه أحد قال: السلام عليكم).

رواه عبد الرزاق (1/ 427: 1668) بصيغة الأمر ولفظه أطول مما هنا، من طريق الثوري ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 339، 10/ 407: 9819)، واللفظ له، من طريق أبي معاوية، كلاهما عن الأعمش، به.

وهذا سند صحيح رجاله ثقات، ولا تضر عنعنة الأعمش هنا. قال الذهبي:

وإذا قال (عن) تطرق إليه أحتمال التدليس إلَّا فى شيوخ أكثر عنهم كإبراهيم النخعي

فروايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال. اهـ. ميزان الاعتدال (2/ 224).

ص: 580

376 -

[وَقَالَ](1): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إِذَا خَرَجَ إِلَى (2) الْمَسْجِدِ قَالَ: " اللَّهُمَّ احْفَظْنِي من الشيطان الرجيم).

(1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ك). والقائل هو ابن أبي عمر العدني.

(2)

في (ك) و (والإتحاف): (من) مكان (إلى) ولعلها أترب للصو اب.

ص: 581

376 -

تخريجه:

ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 156 ب)، كتاب المساجد، باب ما يقوله إذا دخل المسجد وإذا خرج منه، وعزاه لابن أبي عمر، وقال: هذا إسناد مرسل أو معضل. اهـ.

ص: 581

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا؛ لأنه معضل، فعبد الله بن سعيد بن أبي هند لم يدرك أحدًا من الصحابة رضي الله عنهم، وإنما روى عن كبار التايعين كابن المسيب وغيره.

ويشهد له ما تقدم -في الحديث السابق- في مرسل أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم، وأثر أبي هريرة رضي الله عنه، عن كعب الأحبار. فقد جاء في رواية مسدد:(اللهم احفظني من الشيطان الرجيم).

وعن حيوة بن شريح قال: لقيت عقبة بن مسلم فقلت له: بلغني أنك حدثت عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ كان إذا دخل المسجد قال:" أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم". قال: أَقَط؟ قلت: نعم. قال: "فإذا قال ذلك قال الشيطان: حُفِظ مني سائر اليوم".

رواه أبو داود (1/ 318: 466)؛ والحافظ في نتائج الأفكار (1/ 281)، من طريق إسماعيل بن بشر بن منصور، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد الله بن المبارك، به.=

ص: 581

= قال الحافظ: هذا حديث حسن غريب، ورجاله موثقون، وهم من رجال الصحيح، إلَّا إسماعيل، وعقبة.

وقال: ومعنى قوله: (أقط) أما بلغك إلَّا هذا خاصة، والهمزة للاستفهام، والمشهور في طاء (قط) التخفيف، والله أعلم. اهـ.

قلت: إسماعيل بن بشر، صدوق. (التقريب ص 106).

وعقبة بن مسلم، ثقة. (التقريب ص 395).

ص: 582

377 -

وَقَالَ الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ [أَبَانَ](1)، ثنا هِشَامٌ -هُوَ الدَّسْتَوائي-، عَنْ يَحْيَى -هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ-، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَام رضي الله عنه: أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يُسَلِّم عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ (2)(اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ)، وَإِذَا خَرَجَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (3)، وَيتَعوَّذ مِنَ الشَّيْطَانِ.

* موقوف وفيه انقطاع.

(1) في (مح): (أباب) بالموحدة، وهو خطأ والصواب بالنون كما في باقي النسخ ومصادر الترجمته.

(2)

قوله: (ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) في (سد) و (ك).

(3)

زاد في (مح): (ثم قال: اللهم)، وهي زيادة لا معنى لها هنا وأظنها سهوًا من الناسخ.

ص: 583

377 -

تخريجه:

ذكره الهيثمي (بغية الباحث ص 178: 125).

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 156 أ)، كتاب المساجد، باب ما يقوله إذا دخل المسجد وإذا خرج منه. وعزاه للحارث بن أبي أسامة، وقال: هذا إسناد ضعيف. اهـ.

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 339)، كتاب الصلوات: ما يقول الرجل إذا دخل المسجد وما يقول إذا خرج، وفي (10/ 406: 9817)، كتاب الدعاء: ما يدعو به الرجل وهو في المسجد. من طريق أبي عامر العقدي، عن علي بن مبارك، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بن عبد الرحمن، أن عبد الله بن سلام كان

الحديث بمثله.

وقد أدخل يحيى بن أبي كثير في هذه الرواية محمد بن عبد الرحمن، بينه وبين عبد الله بن سلام. وقد ذكر المزي في شيوخ يحيى ثلاثة بهذا الاسم:=

ص: 583

=

1 -

محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، القرشي العامري، روى عن جابر بن عبد الله، وزيد بن ثابت وغيرهما، وكان ثقة. انظر: التهذيب (9/ 294)، وسماعه من عبد الله بن سلام محتمل.

2 -

محمد بن عبد الرحمن مولى بني زهرة، ويقال: هو الأول (التهذيب 9/ 310).

3 -

محمد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، روى عن عمته عمرة بنت عبد الرحمن، ومحمد بن عمرو بن الحسن، وهو ثقة، مات سنة أربع وعشرين ومائة، وسماعه من عبد الله بن سلام، غير محتمل، فإن عبد الله بن سلام، مات سنة اثنتين وأربعين. انظر: التهذيب (9/ 298).

ص: 584

الحكم عليه:

الأثر بهذا الإسناد فيه علتان:

1 -

عبد العزيز بن أبان، وهو متهم بالوضع، لكنه توبع -كما في رواية ابن أبي شيبة-.

2 -

يحيى بن أبي كثير لم يسمع من أحد الصحابة رضي الله عنهم، وهذه هي التي عني الحافظ بقوله:(فيه انقطاع)، وقد ذكر الواسطة بينه وبين عبد الله بن سلام -كما في رواية ابن أبي شيبة- لكن لم يتبين سماع هذا الواسطة من عبد الله بن سلام، وأيضًا: يحيي مدلس وقد عنعن.

فالحديث بهذا الإسناد، وإسناد ابن أبي شيبة، ضعيف.

وتشهد له الأحاديث السابقه. انظر: الحديث رقم (375، 376).

ص: 584

378 -

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ (1)، ثنا صَالِحُ بْنُ مُوسَى بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ (2)، عَنْ أَبِيهَا، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنهم، قَالَ (3): إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ، قَالَ:"اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ"، وَإِذَا خَرَجَ قَالَ:"اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ".

* خَالَفَهُ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَآخَرُونَ (4)، [فَقَالُوا]، (5):[عَنْ](6) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ (7)، عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ، عَنْ (8) جَدَّتِهَا فَاطِمَةَ بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

(1) في (عم) و (سد): (سعد).

(2)

قوله: (بنت الحسين) ليس في (حس).

(3)

لفظة (قال): ليست في (ك).

(4)

لفظة (وآخرون): ليست في (ك).

(5)

في (مح) و (حس) و (سد) و (ك): (فقال).

(6)

لفظة (عن): ليست في (مح)، وفي (حس) و (عم) و (سد):(بزيادة واو).

(7)

في (ك): (الحسين).

(8)

قوله: (عن جدتها فاطمة) سافط من (ك).

ص: 585

378 -

تخريجه:

هو في مسند أبي يعلى (1/ 378: 486).

وذكره الهيثمي (المقصد العلي ص 308: 241)، وذكره في المجمع (2/ 32)، وعزاه لأبي يعلى، وقال: وفيه صالح بن موسى، وهو متروك الحديث. اهـ.

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 156 أ)،كتاب المساجد، باب ما يقوله إذا دخل المسجد وإذا خرج منه، وعزاه لأبي يعلى.

ورواه ابن عدي في الكامل (4/ 1388) في ترجمة صالح بن موسى الطلحي،=

ص: 585

= من طريق محمد بن عبيد المحاربي، ثنا صالح بن موسى، به نحوه.

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 339)، كتاب الصلوات: ما يقول الرجل إذا دخل المسجد وما يقول إذا خرج، وفي (10/ 406: 9815)،كتاب الدعاء: ما يدعو به الرجل وهو في المسجد، من طريق أبي معاوية عن عبد الرحمن ابن أبي إسحاق، عن النعمان بن سعد، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ إذا دخل المسجد قال: اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ قَالَ: اللَّهُمَّ اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك.

وهذا موقوف ضعيف؛ عبد الرحمن بن إسحاق الوسطي الأنصاري، ضعيف.

(التهذيب 6/ 136؛ التقريب ص 336). والنعمان بن سعد بن حَبْتَه الأنصاري الكوفي، لم يرو عنه إلَّا ابن أخته عبد الرحمن بن إسحاق، ولم يوثقه إلَّا ابن حبان.

قال الحافظ: والراوي عنه ضعيف كما تقدم فلا يحتج بخبره. اهـ.

وقال في التقريب: مقبول. (التهذيب 10/ 453؛ التقريب ص 564).

ص: 586

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد فيه سويد بن سعيد، وهو صدوق لكنه عمي فكان يقبل التلقين، وفيه أيضًا صالح بن موسى الطلحي، وهو متروك. وقد توبع سويد بن سعيد -كما في رواية ابن عدي- في رواية هذا الحديث عن صالح بن موسى، وقد خولف في هذا الحديث -كما بيَّن الحافظ- فرواه الناس عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ فاطمة، عن جدتها فاطمة عن النبي صلى الله عليه وسلم.- وقد استوفيت تخريجه في شواهد الحديث رقم (375).

قال الحافظ في نتائج الأفكار (1/ 288): وقد شذ صالح بن موسى الطلحي، فرواه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عن أبيها الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب. أخرجه أبو يعلى من طريقه، وصالح ضعيف. اهـ.

ص: 586

40 -

بَابُ مَا يُجْتَنَبُ (1) فِي الصَّلَاةِ ومَا لَا يُجْتنَبُ (1)

379 -

[1] قَالَ (2) إِسْحَاقُ، وَأَبُو بَكْرٍ، جَمِيعًا: عَنْ عُقْبَةَ -قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا (3) وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حدثنا (4) عقبة بن خالد اليشكري (5) - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ الله، عَنِ الصَّلَاةِ فِي [الْقَوْسِ](6).

فَقَالَ: "صَلِّ فِي [الْقَوْسِ]، وَاطْرَحِ القَرَن"(7).

[2]

، قَالَ إِسْحَاقُ: وَكَانَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا بِهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ خَالِدٍ، وَفَسَّرَهُ عِيسَى، قَالَ: القَرَن: الجَعْبَة (8) الصَّغِيرَةُ تَكُونُ مَعَ الصَّيَّادِينَ.

[3]

وَقَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ، عَنْ مُوسَى، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.

[4]

، وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا (9) أَبُو بَكْرٍ، بِهِ.

(1) في (ك): يجنب.

(2)

لفظة (قال): ليست في (عم)، و (سد).

(3)

في (ك): أنا، وهو اختصار لفظة:(أخبرنا).

(4)

في (ك): ثنا، وهو اختصار لفظة (حدثنا).

(5)

في (ك): (السكري)، ولم أجد لما هنا أصلًا في ترجمته وإنما هو (السكوني).

(6)

في (مح)، و (سد):(الفرش)، وفي (عم):(العرس).

(7)

في (عم)، و (سد):(العرى). والقَرَن: جَعْبَةٌ (كنانة توضع فيها السهام) من جلود، تشق ويجعل فيها النشاب، وأمره بنزعه لأنه من جلد غير مذكى ولا مدبوغ.

انظر: النهاية (4/ 55): (قرن)، و (1/ 274):(جعب).

وهي تكون مع الصيادين كما قال عيسى بن يونس راوي الحديث.

(8)

في (ك): (الجفنة).

(9)

في (ك): (ثنا).

ص: 587

379 -

تخريجه:

ذكره الهيثمي (المجمع 2/ 57)، وعزاه للطبراني في الكبير -فقط- وقال: وفيه موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، وهو ضعيف. اهـ.

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 222 ب)، كتاب افتتاح الصلاة، باب الصلاة في القسي والسيوف، وعزاه لإسحاق بن راهويه، وأبي بكر بن أبي شيبة، وأبي يعلى.

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 233)، كتاب الصلوات: في الصلاة في القوس والسيف؛ والطبراني في الكبير (7/ 28: 6277)؛ وابن حبان في المجروحين (2/ 241) في ترجمة موسى بن محمد التيمي؛ والدارقطني (1/ 398)، باب الصلاة في القوس والقرن والنعل وطرح الشيء في الصلاة إذا كان فيه نجاسة؛ والحاكم (1/ 335، 336)، كتاب صلاة الخوف؛ والبيهقي (3/ 255)، كتاب صلاة الخوف، باب ما لا يحمل من السلاح لنجاسته أو ثقله.

من طرق عن عقبة بن خالد، به، مثله، وعند جميعهم -عدا الحاكم والبيهقي- زيادة، (والقرن) بعد قوله:(عن الصلاة في القوس).

وفي رواية الطبراني زيادة: (يعني الكنانة)، قلت: وهو تفسير لكلمة (القرن).

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، إن كان محمد بن إبراهيم التيمي سمع من سلمة بن الأكوع. اهـ. ووافقه الذهبي فقال: صحيح. اهـ.=

ص: 588

= وقال البيهقي: موسى بن محمد غير قوي. اهـ.

وسيأتي ذكر ما فيه في الحكم على الحديث.

ص: 589

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد ضعيف؛ لأن في سنده موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، وهو منكر الحديث، ولم أجد من تابعه عليه.

ومحمد بن إبراهيم التيمي لم أجد من ذكر له سماعًا من سلمة بن الأكوع، وقد جاء عن بعض الصحابة، والتابعين، رضي الله عنهم، ما يشهد لهذا الحديث.

1 -

فعن مَكْحُولٍ عَنْ واثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه، قال: كان أناس مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يربطون مساويكهم بذوائب سيوفهم، فإن حضرت الصلاة استاكوا ثم صلوا، وكان أحدهم إذا حضرت الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يأخذ سيفه، أو قوسه، فيصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم.

رواه البيهقي (3/ 225)، من طريق أبي يحيى الحماني، عن أبي سعد، به.

وقال: أبو سعد البقال غير قوي. اهـ.

قلت: بل هو ضعيف مشهور بالتدليس، وقد عنعن هنا. انظر: التقريب (ص 241)؛ ومراتب المدلسين (ص 141).

وأبو يحيى الحماني عبد الحميد بن عبد الرحمن، صدوق يخطئ، ورمي بالإرجاء. (التقريب ص 334).

2 -

وعن الْأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يصلون وعليهم قسيهم.

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 232).

وفيه الأحوص بن حكيم وهو ضعيف الحفظ. (التقريب ص 96).

3 -

وعن إبراهيم النخعي أنه قال: القوس بمنزلة الرداء.

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 233)، من طريق هشيم، أخبرنا عُبَيدَة، به.

وعبيدة بن معتب الضبي، ضعيف واختلط بآخره. (التقريب ص 379).

ص: 589

380 -

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ (1)، عَنِ الْعَلَاءِ (2)، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ وَاثِلَةَ رضي الله عنه، قَالَ (3):(كُنَّا إِذَا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، في الْمُعَسْكَرِ فَأُقِيمَتِ (4) الصَّلَاةُ وَثَبْنَا إِلَى قِسينا (5)، وَسُيُوفِنَا، فصلينا فيها بمنزلة الرداء (6).

(1) هو ابن عطية الصفار.

(2)

في (حس): العلامة. وهو تصحيف. والعلاء هو ابن كثير الليثي.

(3)

لفظة (قال): ليست في (ك).

(4)

في (عم)، و (ك):(وأقيمت).

(5)

في (ك) لم تتضح هاتان الكلمتان: (وثبنا إلى قسينا)، وجاءت هكذا:(وسا إلى حمسا).

والقِسىُّ: جمع قَوْس، وتجمع أيضًا على أقواس. والقوس: آلة على هيئة هلال ترمى بها السهام -تُذكر وتؤنث-. انظر: أساس البلاغة (ص 381)؛ واللسان (6/ 185)؛ والمعجم الوسيط (2/ 766)، مادة:(قوس).

(6)

لفظة: (الرداء) سقطت من (سد) وبيض لمكانها. والرداء: هو الثوب، أو البرد الذي يضعه الإنسان على عاتقيه وبين كتفيه فوق ثيابه، وسمي السيف رداء لأن من تقلده فكانه قد تردى به.

وكذلك القوس تسمى رداء لأنها تحمل في موضع الرداء من العاتق. انظر: النهاية (2/ 217)، مادة:(ردى).

ص: 590

380 -

تخريجه:

ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 222 ب)، كتاب افتتاح الصلاة، باب الصلاة في القسي والسيوف، وعزاه لأحمد بن منع.

ص: 590

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد فيه يوسف بن عطية، والعلاء بن كثير، وكلاهما متروك.

لذا فالحديث ضعيف جدًا. وله شواهد، منها:

1 -

الحديث السابق -على ضعفه- وأيضًا ما ذكرنا له من الشواهد.

2 -

وعن عروة بن الزبير قال: كان يقال: السيوف أردية الغزاة.=

ص: 590

= رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 233)، من طريق الأحوص بن حكيم، حدثني راشد بن سعد، به.

والأحوص بن حكيم، ضعيف الحفظ. (التقريب ص 96).

3 -

وعن إبراهيم النخعي قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، يصلون في السيوف عليها الكمحت -وفي نسخة: اللمحت- من جلود الميتة.

وجاء في المحقق: (الكيمخت) قال الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي -مفسرًا لهذه اللفظة-: لباس أو غطاء يصنع من جلد العير، أصله فارسي.

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 233)، وهو في المحققة (3/ 284: 6230)، من طريق وكيع، قال: حدثنا عُبَيْدَة، به.

وعبيدة هو ابن معتب الضبي، وهو ضعيف واختلط بآخره. التقريب:(ص 379).

4 -

وعنه أيضًا قال: كانوا يرون أن السيوف بمنزلة الرداء في الصلاة. رواه عبد الرزاق (1/ 361: 1405)، وابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 233)، واللفظ له من طريق الثوري، عن منصور، به.

وهذا سند صحيح، فمنصور هو ابن المعتمر.

ص: 591

381 -

[و](1) قال مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا (2) عَبْدُ الْوَارِثِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: (نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنْ أُصَلِّيَ وَأَنَا عَاقِصٌ شَعْرِي، وَأَنْ أُقَلِّبَ الْحَصَى فِي الصلاة

الحديث) (3).

(1) الواو ليست في (مح)، و (حس).

(2)

في (ك): ثنا.

(3)

اختصر الحافظ رحمه الله، هذا الحديث وذكر منه أجزاء في مواضع أخرى، ولفظه -كما في الإتحاف (1/ 181 ب)، كتاب استقبال القبلة، باب في الرجل يصلي عاقصًا شعره-: نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن أربع، وسألته عن أربع، نهانى أن أصلي وأنا عاقص شعري، وأن أقلب الحصى في الصلاة، وأن اختص يوم الجمعة بصوم، وأن احتجم وأنا صائم، وسألته عن: أدبار السجود. فقال: "الركعتين بعد المغرب. إدبار النجوم: الركعتين قبل الغداة" وسألته عن الحج الأكبر. قال: "هو يوم النحر"، وسألته عن الصلاة الوسطى. قال: هي العصر التي فُرّط فيها"، وذكره الهندي في الكنز بهذا اللفظ وعزاه لمسدد (5/ ح)(14563).

ص: 592

381 -

تخريجه:

ذكره البوصيري في الإتحاف -كما تقدم-.

وروى أحمد (1/ 146)؛ وعبد بن حميد (1/ 121: 67)؛ والبيهقي (3/ 212)، كتاب الجمعة، باب إذا أحصر الإِمام لُقِّن. من طريق إسرائيل بن يونس، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يا علي إني أحب لك ما أحب لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي، لا تقرأ وأنت راكع، ولا وأنت ساجد، ولا تصلِّ وأنت عاقص شعرك فإنه كفل الشيطان، ولا تُقْع بين السجدتين، ولا تعبث بالحصى

الحديث.

وفيه الحارث الأعور، وهو ضعيف الحديث، متهم بالكذب.

ورواه عبد الرزاق (2/ 144: 2836)، كتاب الصلاة، باب القراءة في الركوع والسجود، من طريق الحسن بن عمارة، عن أبي إسحاق، به نحوه.=

ص: 592

= وروى ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 414)، كتاب الصلوات، في تحريك الحصى. من طريق وكيع، عن سفيان، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قال:(إذا صليت فلا تعبث بالحصى).

وروى -أيضًا- في (2/ 435)، كتاب الصلوات: الرجل يصلي وشعره معقوص. بسنده السابق عن علي رضي الله عنه قال: إلا يصلي الرجل وهو عاقص شعره) وهذان موقوفان ضعيفان، فالحارث هو الأعور.

ص: 593

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد فيه ثلاث علل:

1 -

عنعنة محمد بن إسحاق، وهر مدلس.

2 -

عنعنة أبى إسحاق السبيعي، وقد قال شعبة وغيره: لم يسمع من الحارث إلَّا أربعة أحاديث والباقي إنما هو كتاب. وهو مدلس أيضًا.

3 -

ضعف الحارث بن عبد الله الأعور، فقد كذبه الشعبي وغيره، ورمي بالرفض.

والعلة الأولى قد زالت بمتابعة إسرائيل لابن إسحاق في رواية معنى هذا الحديث عن أبي إسحاق -كما مر في التخريج-.

والحديث ضعيف جدًا لهاتين العلتين الأخيرتين.

لكن متنه قد صح عن غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم، يرفعونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فمن ذلك:

1 -

عن ابن عباس رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، ولا أكف ثوبًا ولا شعرًا".

رواه البخاري (2/ 295: 809، 810)؛ ومسلم (1/ 354: 490)؛ وأبو داود (1/ 552: 889)؛ والترمذي (2/ 62: 273)؛ والنسائي (2/ 208: 1093)؛ وابن ماجه (1/ 286: 884)؛ وأحمد (1/ 279، 285، 286).=

ص: 593

= 2 - وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنه رأى عبد الله بن الحارث يصلي، ورأسه معقوص من ورائه. فقام فجعل يحله، فلما انصرف أقبل إلى ابن عباس فقال: ما لك ورأسي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف".

رواه مسلم (1/ 355: 492)؛ وأبو داود (1/ 425: 647)؛ والنسائي (2/ 215: 1114)؛ وأحمد (1/ 304، 316)؛ والدارمي (1/ 320)؛ وابن حبان (4/ 22: 2277)؛ والبيهقي (2/ 108).

3 -

وعن أبي سعيد المقبري، أنه رأى أبا رافع رضي الله عنه، مر بحسن بن علي رضي الله عنهما، وهو يصلي قائمًا وقد غرز ضفره في قفاه، فحلها أبو رافع فالتفت حسن إليه مغضبًا. فقال أبو رافع: أقبل على صلاتك ولا تغضب فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "ذلك كفل الشيطان" يعني مقعد الشيطان، يعني مغرز ضفره.

رواه أبو داود (1/ 424: 646) واللفظ له؛ والترمذي (2/ 223: 384) ومن طريقه البغوي في شرح السنة (3/ 138: 646).

وعبد الرزاق (2/ 183: 2991)؛ والرُّوياني في مسنده (ق 136 أ)؛ وابن خزيمة (2/ 58: 911)؛ وابن حبان (4/ 21: 2276)؛ وابن المنذر (3/ 263: 1628)؛ والطبراني (1/ 332: 993)؛ والحاكم (1/ 261)؛ وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 147: 718)؛ والبيهقي (2/ 109).

من طريق ابن جريج، أخبرني عمران بن موسى، عن سعيد المقبري، به.

قال الترمذي: حديث أبي رافع حديث حسن. اهـ. وقال الدارقطني في العلل (2/ 89 ب): وحديث عمران بن موسى، أصحها إسنادًا. اهـ. يعني أنه أصح طرق حديث أبي رافع.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، وقد احتجا بجميع رواته غير عمر ان. اهـ. ووافقه الذهبي.=

ص: 594

= قلت: رجاله ثقات، غير عمران بن موسى، فلم يوثقه إلَّا ابن حبان، وقال فيه الحافظ: مقبول. الثقات (7/ 240)؛ والتقريب (ص 430).

وقد تابعه مُخَوَّل بن راشد. فرواه عن أبي سعد رجل من أهل المدينة عن أبي رافع رضي الله عنه.

أخرجه ابن ماجه (1/ 331: 1042)؛ وابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 434)؛ والدارمي (1/ 320)؛ والرواياني في مسنده (ق 134 أ) وليس في روايته قوله (رجل من أهل المدينة)؛ والطبراني (1/ 331: 991) من طرق عن شعبة، به نحوه. وهو عند ابن أبي شيبة والدارمي والطبراني مختصرًا. وتصحف (أبي سعد) إلى (أبي سعيد) في المطبوع من مصنف ابن أبي شيبة وسنن الدارمي والطبراني، إذ المعروف في هذا الحديث هو ما في رواية ابن ماجه (أبو سعد) وقد جاء على الصواب في المحقق من مصنف ابن أبي شبة (4/ 180: 8018) وأشار الشيخ حبيب الرحمن إلى أنه جاء في بعض النسخ محرفًا إلى (أبي سعيد) ورجاله ثقات إلَّا أبا سعد المدني، فقد قال الحافظ في التقريب (ص 643): قيل هو شرحبيل بن سعد. اهـ.

وجزم المزي بذلك في التحفة (9/ 204). وقال الحافظ: في جزمه نظر، وشُرْحبيل بن سعد، صدوق اختلط بآخره. (التقريب ص 265؛ التهذيب 4/ 320).

لكن وجدت الدارقطني في العلل (2/ 89 ب)، جزم بان أبا سعد، هو سعيد المقبري.

وعلى هذا يكون منقطعًا لأنه لم يدرك أبا رافع.

ورواه عبد الرزاق (2/ 183: 2990)، ومن طريقه أحمد (6/ 8)؛ والطراني (1/ 331: 990)، ورواه أحمد أيضًا (6/ 391)، من طريق وكيع.

كلاهما عن الثوري عن مخول بن راشد، عن رجل، عن أبي رافع رضي الله عنه فذكره مختصرًا.

وفيه راو مبهم وهو قوله: رجل.

ورواه الطبراني (1/ 331: 992) من طريق يحيى الحماني عن قيس بن الربيع=

ص: 595

= عن مخول: حدثني شيخ من أهل الطائف يكنى أبا سعيد عن أبي رافع أنه رأى الحسين بن علي ساجدًا قد عقص شعره، فقال أبو رافع: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا يصلين أحدكم وهو عاقص شعره".

والظاهر أنه حسن كما قال الترمذي، بمجموع هذه الطرق، وبشواهده الصحيحة السابقة.

ورواه الشافعي، كما في السنن المأثورة (ص 115: 5)، ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن (3/ 27: 3541)، من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد أخبرنا ابن جريج، أخبرني عمران بن موسى، أخبرني سعيد بن أبي سعيد المقبري أنه رأى أبا رافع. فذكره بطوله ولم يذكر (عن أبيه).

4 -

وعن معيقيب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد

قال:" إن كنت لا بد فاعلًا فواحدة".

وفي رواية لمسلم: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، المسح في المسجد -يعني الحصى- قال:"إن كنت لا بد فاعلًا فواحدة".

رواه البخاري (3/ 79: 1207)؛ ومسلم (1/ 387: 546)، واللفظ لهما؛ وأبو داود (1/ 581: 946)؛ والترمذي (2/ 220: 380)؛ والنسائي (3/ 7: 1192)؛ وابن ماجه (1/ 327: 1026)؛ وأحمد (3/ 426)، (5/ 425).

5 -

وعن أبي ذر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه، فلا يمسح الحصى".

رواه أبو داود (1/ 581: 945)؛ والترمذي (2/ 219: 379)؛ والنسائي (3/ 6: 1191)؛ وابن ماجه (1/ 328: 1027)؛ وأحمد (5/ 150)؛ وابن حبان (4/ 19، 20: 2270، 2271)؛ والبيهقي (2/ 1284، من طرق عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي الأحوص، به.

قال الترمذي: حديث أبي ذر حديث حسن. اهـ.=

ص: 596

= قلت: رجاله ثقات، عدا أبا الأحوص مولى بني ليث -أو غفار- فلم يرو عنه إلَّا الزهري، وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين عندهم. اهـ. وقال الحافظ: مقبول. اهـ. وذكره ابن حبان في الثقات. وهو قليل الحديث، وعندي أنه إلى الضعف اقرب.

تاريخ ابن معين (2/ 690)؛ والثقات (5/ 564)؛ والميزان (4/ 487)؛ والتهذيب (12/ 5)؛ والتقريب (ص 617).

وهذا الحديث حسن كما قال الترمذي رحمه الله، بشواهده.

ص: 597

382 -

وَقَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (1): حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ زُفَر، عَنْ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ (2):(مَنِ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَفِيهِ دِرْهَمٌ (3) حَرَامٌ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً مَا كَانَ عَلَيْهِ). ثُمَّ (4) أَدْخَلَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: صُمَّتا (5) إِنْ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سمعناه يقوله.

(1) في المنتخب من مسند عبد بن حميد، والإتحاف: قال عبد بن حميد: أخبرنا الأسود بن عامر، حدثنا بقية).

(2)

لفظة (قال): ليست في (عم، سد، ك).

(3)

لفظة (درهم): ليست في (ك).

(4)

قوله: (ثم أدخل) ساقط من (حس).

(5)

في (عم): صمت. والصمم: ذهاب السمع. انظر النهاية (3/ 53)؛ والمعجم الوسيط (1/ 524): (صمم).

ص: 598

382 -

تخريجه:

هو في المنتخب من مسند عبد بن حميد (2/ 51: 847).

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 223 ب)، كتاب افتتاح الصلاة، باب ما يُجتنب في الصلاة، وغير ذلك مما يُذكر، وعزاه لعبد بن حميد، وقال: هذا إسناد ضعيف، لتدليس بقية بن الوليد، وجهالة التابعي. اهـ.

وذكره الهيثمي (المجمع 10/ 292)، وقال: رواه أحمد من طريق هاشم، عن ابن عمر. وهاشم لم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا، على أن بقية مدلس. اهـ.

ورواه أحمد (2/ 98)، من طريق أسود بن عامر، حدثنا بقية، به مثله. قال الذهبي في تنقيح التحقيق (ص 54): هاشم لا يُدرى من هو. اهـ.

وعلى هذا، فليس الحديث بزائد حيث أخرجه أحمد في مسنده.

ورواه الخطيب في تاريخه (14/ 21) من طريق هارون بن أبي هارون العبدي، حدثنا بقية، عن مسلمة الجهني، حدثني هاشم الأوقص، قال: سمعت ابن عمر، فذكر مثله.=

ص: 598

= قال الخطيب: هكذا رواه هارون عن بقية، وخالفه أبو عتبة أحمد بن الفرج الحمصي. اهـ. ثم رواه من طريق أبي العباس الأصم، حدثنا أبو عتبة، حدثنا بقية، حدثنا يزيد بن عبد الله الجهني، عن أبي جعونة، عن هاشم الأوقص قال: سمعت ابن عمر. فذكره.

قلت: ومن هذه الطريق رواه ابن حبان في المجروحين (2/ 37).

وقال: هذا إسناد شبه لا شيء. اهـ، ثم قال الخطيب: خالفهما مؤمل بن الفضل الحراني. اهـ. ثم رواه من طريق مؤمل بن الفضل، حدثنا بقية، عن أبي جَعْوَنة، عن هاشم الأوقص، عن نافع، عن ابن عمر، به مثله.

قال الألباني (الأحاديث الضعيفة 2/ 240: 844): ثم رواه ابن عساكر من طرق أُخرى، عن بقية على وجوه أخرى من الاضطراب عن هاشم. وقال: وهذا الاضطراب في الحديث من بقية، فإنه كان يخلط فيه. قلت -أي الألباني-: ومداره على هاشم الأوقص، وقد قال البخاري: ضال غير ثقة. كما رواه ابن عدي عنه. اهـ.

قلت: الذي في المطبوع من الكامل لابن عدي (7/ 2576). قال البخاري: هاشم الأوقص غير ثقة. اهـ.

وهذا هو الذي نقله الذهبي في الميزان (4/ 288)، ج (2).

أما الذي قال فيه: ضال غير ثقة. فهو الجوزجاني في أحوال الرجال ص 98.

وقال الذهبي في الميزان (4/ 431): يزيد بن عبد الله الجهني عن هاشم الأوقص، وعنه بقية: لا يصح خبره. اهـ. وقال الذهبي أيضًا في المقتنى في سرد الكنى (1/ 150): أبو جعونة، عن هاشم الأوقص لم يصح خبره. اهـ.

ورواه ابن حبان في المجروحين (2/ 37) من طريق علي بن أحمد الجواربي، حدثنا أبي وعمي، قالا: حدثنا عبد الله بن أبي علاج، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فذكره بلفظ مقارب.

قال ابن حبان: فليس من حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ولا ابن عمر رواه، ولا نافع=

ص: 599

= حدث به، ولا مالك ذكره. وإنما هو مشهور من حديث الشاميين من رواية بقية بن الوليد بإسناد واهٍ. اهـ.

وقال الذهبي في الميزان (2/ 394): هذا كذب. اهـ.

وعبد الله بن أبي علاج هو عبد الله بن أيوب بن أبي علاج، قال فيه ابن حبان في المجروحين (2/ 37): شيخ يروي عن يونس بن يزيد، ومالك بن أنس، ما ليس من أحاديثهم، لا يشك المستمع لها -إذا كان ذلك صنعته- أنه كان يضعها. اهـ.

وقال الذهبي (الميزان 2/ 394): متهم بالوضع كذاب، مع أنه من كبار الصالحين. اهـ.

ص: 600

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد فيه علتان:

1 -

عنعنة بقية، وهو مدلس.

2 -

هاشم، إن كان هو الأوقص كما جاء في بعض طرق هذا الحديث، فهو غير ثقة، كما قال البخاري، والجوزجاني، دمان كان غيره فهو مجهول.

وقد اضطرب بقية بن الوليد في إسناد هذا الحديث -كما تبين في التخريج- اضرابًا شديدًا.

وعليه، فالحديث ضعيف جدًا.

وقد نقل الخلال عن أبي طالب قال: سألت أبا عبد الله -يعني أحمد بن حنبل- عن هذا الحديث، فقال: ليس بشيء ليس له إسناد. اهـ.

(نصب الراية 2/ 325).

ص: 600

383 -

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ [بْنُ أَبِي شَيْبَةَ](1): حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ (2)، ثنا زُهَيْرٌ (3)، أنا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عن عبد الله رضي الله عنه قال: خَلَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَعْلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَخَلَعَ مَنْ خَلْفَهُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"مَا حَمَلَكُمْ عَلَى خَلْعِ نِعَالِكُمْ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاكَ خَلَعْتَ فَخَلَعْنَا. قَالَ صلى الله عليه وسلم: " إِن جِبْرِيلَ عليه الصلاة والسلام أَخْبَرَنِي أَنَّ بِأَحَدِهِمَا قَذَرًا فَخَلَعْتُهُمَا لِذَلِكَ (4)، فَلَا تَخْلَعُوا نِعَالَكُمْ".

* أَبُو حمزة ضعيف.

(1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ك).

(2)

هو مالك بن إسماعيل النهدي.

(3)

هو ابن معاوية بن خديج.

(4)

في المسند: (لأجل ذلك).

ص: 601

383 -

تخريجه:

هو في مسند أبي بكر بن أبي شيبة (1/ 146 ب).

وذكره الهيثمي (المجمع 2/ 56) وقال: رواه البزار والطبرني في الأوسط والكبير. قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ هَكَذَا إِلَّا أبو حمزة، وأبو حمزة هو ميمون الأعور، ضعيف. اهـ.

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 182 ب)، كتاب القبلة، باب الصلاة في الخفاف والنعال، وعزاه لأبي بكر بن أبي شيبة.

ورواه البزار كما في كشف الأستار (1/ 290: 606)؛ وزوائد البزار لابن حجر (ص 788: 301)؛ والطحاوي (1/ 511)، كتاب الجنائز، باب المشي بين القبور بالنعال؛ والطبراني في الكبير (10/ 83: 9972)، -والأوسط كما في مجمع البحرين (1/ 67 أ) كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعلين-، والحاكم (1/ 140)، كتاب الطهارة، -ولم يظهر في المطبوع من المستدرك إلا بعض المتن والباقي=

ص: 601

= بياض-، من طرق عن أبي غسان مالك بن إسماعيل، به مثله، وزاد البزار في روايته: قال إبراهيم: كانوا يخلعونها. قال: ورأيت إبراهيم يصلي في نعليه.

قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ هَكَذَا إِلَّا أبو حمزة. اهـ.

قال الحافظ: وهو ميمون الأعور، ضعيف. اهـ.

وقال البيهقي (2/ 403) حديث ابن مسعود إنما رواه أبو حمزة الراعي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. وأبو حمزة غير محتج به، وروي من وجه آخر أضعف منه. اهـ.

ورواه ابن عدي في الكامل (6/ 2162) في ترجمة محمد بن جابر اليمامي، من طريق مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ إبراهيم، به نحوه.

ومحمد بن جابر الحنفي اليمامي، ضعيف. وأبو إسحاق السبيعي مدلّس وقد عنعن. فلعل البيهقي إنما عني هذه الطريق حين قال: وروي من وجه آخر أضعف منه.

ص: 602

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد رجاله كلهم ثقات، إلا أبا حمزة ميمون الأعور، فإنه ضعيف جدًا، وخاصة في أحاديثه التي يرويها عن إبراهيم النخعي، وهذا منها، ولم يتابع عليه إلا من طريق أضعف منه -كما تقدم في التخريج-. لذا، فالحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا، وله شواهد بعضها صحيحة.

وصلاته صلى الله عليه وسلم نعليه وخفيه ثابتة في الصحيحين، وغيرهما:

[1]

صلاته صلى الله عليه وسلم في نعليه:

(1)

عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد قال: قلت لأنس بن مالك: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي في النعلين؟ قال: نعم.

رواه البخاري (1/ 494: 386)؛ ومسلم (1/ 391: 555)؛ والترمذي (2/ 249: 400)؛ والنسائي (2/ 74: 775)؛ وأحمد (3/ 100، 166، 189)؛ والدارمي (1/ 320)؛ وابن خزيمة (2/ 105: 1010).=

ص: 602

= (ب) وعن عبد الله بن الشِّخِّير رضي الله عنه قَالَ: (صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فرأيته تنخع فدلكها بنعله).

وفي رواية لمسلم: (بنعله اليسرى).

وفي رواية لأحمد بسند صحيح: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه).

رواه مسلم (1/ 390: 554)؛ وأبو داود (1/ 324، 325: 482، 483)؛ والنسائي (2/ 52: 727)، لكنه قال:(فدلكها برجله)؛ وأحمد (4/ 25).

(ج) وعن عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ:(رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم يصلي حافيًا، ومنتعلًا).

رواه أبو داود (1/ 427: 653)؛ وابن ماجه (1/ 330: 1038)؛ وابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 415)؛ وأحمد (2/ 174، 178، 179، 190، 206، 215)؛ والطحاوي (1/ 512)؛ والبيهقي (2/ 431)، من طرق عن عمرو بن شعيب، به. وهو حديث صحيح لغيره.

(د) وعن عائشة رضي الله عنها، مثل حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.

رواه النسائي (3/ 82: 1361)؛ والطبراني في الأوسط (2/ 123: 1235)؛ والبيهقي (2/ 431) من طرق عنها.

وسند النسائي جيد، وسند الطبراني قال عنه الهيثمي في المجمع (2/ 55): رجاله ثقات.

(هـ) وعن شداد بن أوس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خالفوا اليهود، فإنهم لا يصلون في نعالهم، ولا خفافهم".

وفي رواية ابن حبان "خالفوا اليهود والنصارى".

رواه أبو داود (1/ 427: 652)؛ وابن حبان (3/ 306: 2183)؛ والحاكم (1/ 260)؛ والبيهقي (2/ 432)، من طريق مروان بن معاوية الفزاري، ثنا هلال بن=

ص: 603

= ميمون، ثنا يعلي بن شداد، به.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإِسناد، ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي.

قلت: سنده حسن، هلال بن ميمون الرملي، صعدوق. (الكاشف 3/ 251؛ التقريب ص 576؛ التهذيب 11/ 84).

ويعلي بن شداد، صدوق أيضًا. (الميزان 4/ 457؛ القريب ص 609؛ التهذيب 11/ 402).

[2]

صلاته صلى الله عليه وسلم في خفيه:

(أ) في حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه:" ومسح على خفيه ثم صلى" يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رواه البخاري (1/ 473، 495: 363، 388)؛ ومسلم (1/ 229: 274).

(ب) عن همام بن الحارث قال: رأيت جرير بن عبد الله بال " ثم توضأ ومسح على خفيه، ثم قام فصلى، فسُئل فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل هذا. قال إبراهيم -هو النخعي-: فكان يعجبهم لأن جريرًا كان من آخر من أسلم.

رواه البخاري (1/ 494:387)؛ والنسائي (2/ 73: 774)؛ وأحمد (4/ 364).

وحديث جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه أخرجه الجماعة كلهم، وإنما اقتصرت على المذكورين هنا لأني لم أجد قوله:(ثم قام فصلى) إلا عندهم، وهو الشاهد هنا.

قال الحافظ (الفتح 1/ 494): قوله (ثم قام فصلى) ظاهر في أنه صلى في خفيه؛ لأنه لو نزعهما بعد المسح لوجب غسل رجليه، ولو غسلهما لنقل. اهـ.

قلت؛ ولذلك ترجم له البخاري) بقوله: باب الصلاة في الخفاف.

[3]

ذكر الأحاديث التي فيها صلاته صلى الله عليه وسلم في نعليه، وإخبار جبريل عليه السلام، له أن بهما أذى:=

ص: 604

= (أ) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه، إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره

الحديث بنحو حديث الباب.

رواه أبو داود (1/ 426: 650)؛ والطيالسي (ص 286: 2154)؛ وابن أبي شمبة في مصنفه (2/ 417)؛ وابن سعد، وأحمد (3/ 20، 92)؛ وعبد بن حميد، والحربي، وأبو يعلى، والدارمي (1/ 320)؛ وابن خزيمة (2/ 107: 1017)؛ وابن المنذر، والطحاوي (1/ 511)؛ وابن حبان (3/ 305: 2182)؛ والحاكم (1/ 260)؛ والبيهقي (2/ 402، 431)، والحافظ في (موافقة الخبر).

من طرق عن حماد بن سلمة، عن أبي نعامة السعدي، عن أبي نضرة، به (ووقع في سنن أبي داود خطأ ظاهر، إذ نسب حماد، فقال: (بن زيد)، وإنما الحديث معروف بحماد بن سلمة. وكذلك وقع في عون المعبود (2/ 353)، وقد روى هذا الحديث البيهقي (2/ 432) من طريق ابن داسة عن أبي داود، فقال: حماد بن سلمة).

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي.

وقال البيهقي: هذا الحديث يُعرف بحماد بن سلمة عن أبي نعامة عبد ربه السعدي عن أبي نضرة. وقد رُووي عن الحجاج بن الحجاج، عن أبي عامر الخزاز،

عن أبي نعامة، وليس بالقوي؛ ورُوي من وجه آخر غيو محفوظ عن أيوب السختياني، عن أبي نضرة. اهـ.

قال: وكأن الشافعي رحمه الله رغبة عن حديث أبي سعيد لاشتهاره بحماد بن سلمة، عن أبي نعامة السعدي، عن أبي نضرة، وكل واحد منهم مختلف في عدالته، وكذلك لم يحتج البخاري في الصحيح بواحد منهم، ولم يخرجه مسلم في كتابه مع احتجاجه بهم في غير هذه الرواية. اهـ.

وقد تعقبه ابن التركماني -في الجوهر النقى (مطبوع بحاشية. السنن الكبرى=

ص: 605

= للبيهقي) - مما محصله أن حماد بن سلمة إمام جليل، ثقة ثبت، لم يُتَّهم بلون من الألوان -أي: البدع-، وأما أبو نعامة فوثقه ابن معين، وأبو نضرة وثقه ابن معين وأبو زرعة، وأخرج مسلم للثلاثة، ولا يلزم من ترك البخاري الاحتجاج بشخص أن يكون للاختلاف في عدالته؛ لأنه لم يلتزم هو ولا مسلم التخريج عن كل عدل على ما عرف.

قلت: والأمر كما قال ابن التركماني، فإن الأئمة مجمعون على إمامة حماد بن سلمة، وجلالته، وأنه لا يتكلم فيه إلا مبتدع، لكن كان له بعض الأوهام عن بعض الشيوخ.

وهذا الحديث قد توبع عليه ورُوي عن غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم -كما تقدم ويأتي-.

وأبو نعامة السعدي، واسمه عبد ربه، وقيل عمرو، ثقة أيضًا، وثقه ابن معين.

وقال أبو حاتم: لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات. واتفق على القول بتوثيقه الإمامان الحافظان: الذهبي، وابن حجر. (الثقات 7/ 155؛ الكاشف 3/ 340؛ التهذيب 12/ 257؛ التقريب ص 679).

وأبو نضرة: المنذر بن مالك بن قُطَعَة العبدي، ثقة.

وقال النووي في المجموع (3/ 132): رواه أبو داود بإسناد صحيح. اهـ.

ورواه ابن خزيمة (1/ 384: 786)، من طريق محمد بن عَقِيل، نا حفص، حدثني إبراهيم، عن الحجاج، عن أبي نعامة، به نحوه.

وهذه متابعة جيدة لحماد بن سلمة، فمحمد بن عقيل، صدوق حدث من حفظه فأخطأ في أحاديث. (التقريب ص 497).

وحفص هو ابن عبد الله السلمي، صدوق. (الكاشف 1/ 178؛ التقريب ص 172).

وإبراهيم هو ابن طهمان، ثقة يغرب، وهو أروى الناس عن حجاج بن حجاج=

ص: 606

= الأحول. (التقريب ص 90).

وحجاج هو ابن حجاج الباهلي الأحول، ثقة. (التقريب ص 152).

فهذا إسناد حسن، مما قبله.

ورواه عبد الرزاق (1/ 388: 1516)، من طريق معمر، عن أيوب، عن رجل حدثه عن أبي سعيد الخدري، فذكر نحوه.

وفيه رجل لم يسم، فهو مجهول.

ورواه البيهقي (2/ 403) من طريق معمر، عن أيوب، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، به نحوه. لكن قال البيهقي: غير محفوظ. اهـ.

قلت: وأحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن العباس الشافعي المذكور في سند البيهقي، هو ابن بنت الشافعي، فقيه كبير القدر. (تهذيب الأسماء 2/ 296؛ طبقات السبكي 2/ 186؛ طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 75؛ حسن المحاضرة 1/ 306). وعمه هو إبراهيم بن محمد الشافعي، وهو من رجال التهذيب. وقد سُئل أبو حاتم عن هذا الحديث، فقال في العلل لابنه:(1/ 121: 330)، رواه حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي نعامة، عن أبي نضرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسل. قال أبو حاتم: أيوب أحفظ، وقد وهن أيوب رواية هذا الحديث حديث حماد بن سلمة.

ورواه أبراهيم بن طهمان، عن حجاج الأحول، عن أبي نعامة، عن أبي نضرة، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. والمتصل أشبه؛ لأنه اتفق اثنان عن أبي نضرة، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وقال الدارقطني (العلل 4/ 5 أ، ب): يرويه أبو نعامة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد. حدث به: حماد بن سلمة، والحجاج بن الحجاج، وأبو عامر الخزاز، [ومر .. القطان]-كذا بالأصل فلم يتبين آخر الكلمة الأولى، وأظن أن صواب الجملة: ومرحوم العطار. لأنه هو أحد الرواة عن أبي نعامة-.

ورُوي عن أيوب السختياني، عن أبي نعامة، مرسلًا. ومن قال فيه: عن=

ص: 607

= أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، فقد وهم، والصحيح: عن أيوب سمعه من أبي نعامة، لم يحفظ إسناده فأرسله. والقول قول من قال: عن أبي سعيد. اهـ.

(ب) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، نحو حديث الباب.

رواه الطبراني في الأوسط -كما في مجمع البحرين (1/ 167أ)، كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعال-، والحاكم (1/ 139)؛ والبيهقي (2/ 404).

ورواه أيضًا البزار -كما في كشف الأستار (1/ 290: 605)، لكن مختصرًا- من طريق عبد الله بن المثنى، عن ثمامة، به.

قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُهُ عَنْ أَنَسٍ إِلَّا من هذا الوجه. اهـ.

وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي. وقال البيهقي: روي عن أنس بإسناد لا بأس به. وقال: تفرد به عبد الله بن المثنى. اهـ. وقال الهيثمي في المجمع (2/ 56). رواه الطبراني في الأوسط" ورجاله رجال الصحيح، ورواه البزار باختصار. اهـ.

قلت: عبد الله بن المثنى، صدوق يخطئ، لكن روايته عن عمه ثمامة أحسن حالًا من غيرها.

وثمامة بن عبد الله بن أنس، ثقة.

(ج) وعن أبي هريرة رضي الله عنه، بنحو حديث الباب.

رواه البزار -كما في كشف الأستار (1/ 289: 604) - والطبراني في الأوسط -كما في مجمع البحرين (1/ 67 ب) كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعال- من طريق يحيى بن أيوب، عن عباد بن كثير، عن أيوب، عن محمد، به. قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ هَكَذَا إِلَّا عباد، وهو لين الحديث، ولا رواه عنه إلَّا يحيى. اهـ.

وقال الطبراني: لم يروه عن أيوب، عن محمد إلا عباد، تفرد به يحيى، ورواه عبد الرزاق، عن معمر، عن رجل، عن أبي سعيد. اهـ.=

ص: 608

= وقال الهيثمي (المجمع 2/ 55): رواه البزار، والطبراني في الأوسط، وفي إسنادهما عباد بن كثير البصري، سكن مكة، ضعيف. اهـ.

وقال الحافظ (التلخيص 1/ 278): إسناده ضعيف، ومعلول أيضًا. اهـ.

قلت: عباد بن كثير البصري، متروك. (التقريب ص 290)، ولم يبين الحافظ علته، وأظنها المخالفة، فإن الناس يروون هذا الحديث عن أيوب، عن رجل، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، وليس عن محمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ثم وجدت الدارقطني قد نص على ذلك -كما تقدم في كلامه على حديث أبي سعيد- حيث قال: ومن قال فيه عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، فقد وهم. والصحيح عن أيوب، سمعه من أبي نعامة، لم يحفظ إسناده فأرسله. اهـ.

(د) وعن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلًا، نحوه.

رواه عبد الرزاق (1/ 388: 1514)، من طريق ابن جريج، به. وقد قال أحمد: ليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن، وعطاء بن أبي رباح. اهـ.

وقال ابن عبد البر: مراسيل عطاء والحسن لا يُحتجُّ بهما؛ لأنهما كانا يأخذان عن كل أحد. اهـ.

انظر: التمهيد (1/ 30)؛ جامع التحصيل (ص 79، 87، 90).

(هـ) وعن قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلًا.

رواه عبد الرزاق (1/ 388: 1517)،من طريق معمر، به. ولم يذكر متنه، وإنما قال: مثل ذلك -يعني حديث أبي سعيد-، وقد كان يحيى بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئًا، ويقول هو بمنزلة الريح، ويقول: هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء علقوه. اهـ.

(المراسيل لابن أبي حاتم ص 3؛ جامع التحصيل ص 90).

ص: 609

384 -

[وَقَالَ](1) الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قُتَيْبة، ثنا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ (2)، قَالَ: صلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، فَخَلَعَ النَّاسُ نِعَالَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ (3):[لِمَ](4) خَلَعْتُمْ نِعَالَكُمْ؟ ". قَالُوا: خَلَعْتَ فَخَلَعْنَا. قَالَ: "إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا (5) أَذًى، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَقْلِبْ نَعْلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا أَذًى فليخلعهما (6)، وإلا فليصلِّ فيهما (5) ".

* مرسل.

(1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ك).

(2)

في (ك): (المدني).

(3)

لفظة (لهم): ليست في (عم، سد، ك، والبغية).

(4)

ما بين المعقوفتين زيادة من (عم، ك، والبغية).

(5)

في (ك): فيها.

(6)

في (عم، سد): (فليمطهما). وفي (ك، والبغية، والإتحاف): فليمطه. وهي أشبه بالصواب.

ص: 610

384 -

تخريجه:

ذكره الهيثمي (بغية الباحث 197: 137).

وذكره البوصيرى (الإتحاف 1/ 182 ب)، كتاب القبلة، باب الصلاة في النعال والخفاف، وعزاه للحارث بن أبي أسامة، وقال: هذا إسناد ضعيف لضعف الحسن بن قتيبة. اهـ.

ورواه أبو داود (1/ 427: 651)، من طريق موسى بن إسماعيل، حدثنا أبان، حدثنا قتادة، حدثني بكر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بهذا. ولم يذكر أبو داود متنه وإنما أحال على سابقه، وهو حديث أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه، وبيَّن ما اختلف الحديثان فيه، وهو كلمة واحدة، ففي حديث أبي سعيد قال: فيهما قذرًا، أو قال أذى.=

ص: 610

= وفي حديث بكر بن عبد الله: فيهما خبث.

ورجال أبي داود كلهم ثقات، إلا أنه مرسل.

موسى بن إسماعيل المنقري، ثقة ثبت. (التقريب ص 549).

وأبان هو ابن يزيد العطار، ثقة حجة.

وعلى هذا، فليس الحديث من الزوائد، إلا أن يكون الحافظ رحمه الله، أورده لأجل أن أبا داود لم يذكر لفظه، وما أرى هذا بمتجه لأنه جرت عادة المحدثين على الإحالة بالمتن على سابقه إذا كان بلفظه ويعتبرونه حديثًا مستقلًا.

ص: 611

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد فيه علتان:

1 -

الحسن بن قتيبة، وهو ضعيف جدًا.

2 -

بكر بن عبد الله المزني، تابعي لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، فحديثه مرسل كما قال الحافظ.

والعلة الأولى زالت بمتابعة قتادة -كما في رواية أبي داود-.

فالحديث ضعيف للإرسال، لكن متنه قد صح من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. انظر شواهد الحديث السابق رقم (383).

ص: 611

385 -

[وقال](1): حدثنا أبو النضر (2)، ثنا سليمان بن (3) حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ الْأَعْرَابِيَّ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ مِنْ جَلْدِ بَعِيرٍ (4). قَالَ: فَتَفَلَ عَنْ يساره، ثم حك حيث تفل بنعله.

(1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ك). والقائل هو الحارث بن أبي أسامة.

(2)

هو هاشم بن القاسم.

(3)

هكذا جاءت في جميع النسخ وفي الإتحاف أيضًا، وفي البغية (عن)، وهو الصواب إن شاء الله، لأن الإِمام أحمد رواه (5/ 6) من طريق أبي هاشم، وبهز قالا: حدثنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، به. فنسب سليمان وحميدًا.

(4)

في (ك) و (البغية) و (مسند أحمد): (بقر).

ص: 612

385 -

تخريجه:

ذكره الهيثمي (بغية الباحث ص 196: 136).

وذكره أيضًا (المجمع 2/ 54)، وقال: رواه أحمد، وفيه رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات. اهـ.

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 182 ب)، كتاب القبلة، باب الصلاة في النعال والخفاف، وعزاه للحارث بن أبي أسامة.

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 415)، كتاب الصلوات: من رخص في الصلاة في النعلين، وأحمد (5/ 6)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (ص 118): ذِكرُ نعله صلى الله عليه وسلم، من طرق عن سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عمن سمع الأعرابي يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي وعليه نعلان من بقر، قَالَ: فَتَفَلَ عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ حَكَّ حَيْثُ تفل بنعله. هذا لفظ أحمد، وليس عند ابن أبي شيبة وأبي الشيخ ذكر التفل.

وعلى هذا ليس الحديث من الزوائد، لأن أحمد أخرجه في مسنده، لكن لعل الحافظ اعتبره زائدًا بسبب ما وقع في سنده من التحريف في قوله (سليمان بن حميد)، والصواب كلما بينا:(سليمان عن حميد).=

ص: 612

= الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد رجاله ثقات، إلَّا الذي لم يسم فلا ندري ما حاله، فهو مجهول. وعليه فالحديث ضعيف.

وقد تقدم في حديث رقم (383) أحاديث صحيحة فيها صلاته جمع في نعليه، ودلكه البزاق بأحدهما- كما في حديث عبد الله بن الشخير، وانظر: أيضًا شواهد الحديث رقم (362).

وعن أبي ذر رضي الله عنه قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يصلي في نعلين مخصوفتين من جلود البقر.

رواه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (ص 118). والبيهقي (2/ 420)، من طريق علي بن سعيد، نا محمد بن سنان القزاز، نا أبو غسان العنبري، نا شعبة، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الصامت به.

قال الدارقطني "العلل" 2/ 74 ب، 75 أ): يرويه حميد بن هلال، وأختلف عنه: فرواه شعبة، عن حميد بن هلال. واختلف عن شعبة، فرواه يحيى بن كثير، عن شعبة، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الصامت، عن أبي ذر.

وقيل: عن شعبة، عن حميد بن هلال، عن مطرف، عن أعرابي رأى النبي صلى الله عليه وسلم.

[و] رواه سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ الْأَعْرَابِيَّ يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. اهـ.

وقال البيهقي: تفرد به أبو غسان يحيى بن كثير العنبري، كما أعلم. اهـ.

قلت: أبو غسان ثقة. انظر: التقريب (ص 595)، وتفرده لا يضر. لكن محمد بن سنان القزاز ضعيف. (التقريب ص 482). وهو علة الأثر، عما ذكره الدارقطني من الاختلاف فيه.

ص: 613

386ـ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا زُهَيْرٌ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ -وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَلْقَمَةَ- قَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَتَى أَبَا مُوسَى فِي دَارِهِ (2) فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: تَقَدَّمْ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، -فَأَنْتَ أَقْدَمُ مِنِّي سِنًّا وَأَعْلَمُ-. قَالَ: لَا (3) بَلْ تَقَدَّمْ (4) أَنْتَ، فَإِنَّمَا أَتَيْنَاكَ فِي مَنْزِلِكَ وَمَسْجِدِكَ فَأَنْتَ أَحَقُّ. فَتَقَدَّمَ أَبُو مُوسَى رضي الله عنه، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ (5) [لَهُ] (6): مَا أَرَدْتَ إِلَى خَلْعِهِمَا؟!! أَبِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوى، أنت (7)؟!!

(1) زاد في (ك): (بن حرب)، وهو وهم فإنما هو ابن معاوية.

(2)

لفظة (في داره): ليست في المسند.

(3)

لفظة (لا): ليست في (سد) و (ك).

(4)

لفطة (تقدم): ليست في (عم).

(5)

لفظة (عبد الله): ليست في المسند. وعبد الله هو ابن مسعود، وأبو موس هو الأشعري.

(6)

ما بين المعقوفتين زيادة من (ك).

(7)

لفظة (أنت): ليست في (حس). وزاد بعدها في المسند، والإتحاف: "لقد رأينا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي في الخفين والنعلين). وطوى -بضم أوله وكسره- واد بأصل جبل الطور بالشام، وهو الذي نودي منه موسى عليه السلام، وهو واد مقدس، قال الله تعالى:{فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12)} [سورة طه: الأيتان 11، 12].

وانظر: معجم ما استعجم (3/ 896، 897)؛ وفتح القدير (3/ 358).

ص: 614

386 -

تخريجه:

هو في مسند أبي بكر بن أبي شيبة (1/ 60 أ- 60 ب).

وذكره الهيثمي (المجمع 2/ 66)، وقال: رواه أحمد، وفيه رجل لم يسم، ورواه الطبراني متصلًا برجال ثقات. اهـ.

وذكره الوصيري (الإتحاف 1/ 182 ب)، كتاب القبلة، باب الصلاة في النعال والخفاف، وعزاه لأبي بكر بن أبي شيبة.=

ص: 614

= ورواه أحمد (1/ 460)؛ والطحاوي (1/ 511)، كتاب الجنائز، باب المشي بين القبور بالنعال؛ والطبراني في الكبير (9/ 293: 9262).

من طرق عن زهير بن معاوية، به مثله، مع ذكر المرفوع من الحديث الذي لم يذكره الحافظ هنا، كما ذكرنا في فروق النسخ.

وعلى هذا فالحديث ليس من الزوائد لأن أحمد أخرجه في مسنده.

ورواه ابن ماجه (1/ 330: 1039)، كتاب إقامة الصلاة، باب الصلاة في النعال؛ وابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 417)، كتاب الصلوات: من رخص في الصلاة في النعلين.

من طريق يحيى بن آدم، به. فذكر المرفوع منه فقط، ولم يذكر ابن أبي شيبة في روايته (الخفين).

ورواه عبد الرزاق (1/ 386: 1057)، ومن طريقه الطبراني في الكبير (9/ 292: 9261)، من طريق إسرائيل بن يونس.

وابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 418)، من طريق شريك.

كلاهما عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ ابن مسعود، به نحوه.

وهذا إسناد رجاله ثقات، لولا ما فيه من عنعنة أبي إسحاق وهو مدلس، فإن سماع شريك، وإسرائيل، منه قديم، وأبو الأحوص هو عوف بن مالك الجشمي، ثقة. التقريب (ص 433).

وروى عبد الرزاق (2/ 392: 3821)، كتاب الصلاة، باب الرجل يؤتى في ربعه، من طريق ابن عيينة، عن حصين بن عبد الرحمن، عن مرة الهمداني قال: أتيت ابن مسعود أطلبه في داره، فقيل: هو عند أبي موسى الأشعري. فأتيته، فإذا عبد الله وحذيفة

الحديث، وفيه: قال: فاقيمت الصلاة فتقدم أبو موسى، فأمهم لأنهم كانوا في داره.=

ص: 615

= وهذا إسناد صحيح؛ حصين بن عبد الرحمن هو السلمي، ثقة. انظر: تهذيب الكمال (6/ 519).

لكن ليس فيه ذكر الصلاة في النعال، إنما هو مثبت لأصل القصة.

وروى الطبراني في الكبير (9/ 90: 8493)، من طريق مغيرة قال: قال إبراهيم: أتى عبد الله أبا موسى، فتحدث عنده فحضرت الصلاة، فلما أقيمت فتأخر أبو موسى، فقال عبد الله: لقد علمت أن من السنة أن يتقدم صاحب البيت. فأبى أبو موسى، حتى تقدم مولى لأحدهما.

قال الهيثمي (المجمع 2/ 66): رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح. اهـ.

قلت: وهو كما قال، فإن شيخ الطبراني محمد بن النضر الأزدي -اسم أبيه أحمد ونسب هنا لجده- وإن لم يكن من رجال التهذيب، فإنه ثقة. (تاريخ بغداد 1/ 364). لكن مغيرة بن مقسم لم يصرح بالسماع من إبراهيم النخعي، وكان يدلس -من الثالثة- لا سيما عن إبراهيم النخعي. وإبراهيم النخعي لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، فهو منقطع. لكن قال أحمد: مرسلات إبراهيم النخعي لا بأس بها.

قال العلائي: وخص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود دون غيره. اهـ. (جامع التحصيل ص 89). قلت: وهذا منها. وهذه الرواية فيها نوع تعارض مع ما تقدم لكن تحمل على التعدد.

ص: 616

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد فيه علتان:

1 -

زهير بن معاوية لم يسمع من أبي إسحاق إلَّا بعد الإختلاط.

2 -

أبو إسحاق لم يسمع من علقمة بن قيس. لكن أبا إسحاق رواه من وجه آخر عن أبي الأحوص عن ابن مسعود -كما تقدم في التخريج- وقد عنعن، ولم يصرح بالسماع، وهو مدلس -من الثالثة-.=

ص: 616

= وعليه فالحديث ضعيف من طريقه، وقد صح منه إمامة أبي موسى الأشعري لهم -كما في رواية عبد الرزاق عن مرة الهمداني- وليس فيها ذكر النعال.

والمرفوع منه، وهو قوله:"لقد رأينا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي في الخفين والنعلين" قد صح من رواية غير واحد من الصحابة كما تقدم في حديث رقم (383).

أما النهي عن إمامة الرجل في بيته وسلطانه، فثابتة من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه، وغيره.

ففي حديث أبي مسعود الأنصاري: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله

ولا يؤمَّن الرجلُ الرجلَ في سلطانه

الحديث".

وفي رواية: "ولا تؤمَّن الرجل في أهله ولا في سلطانه".

رواه مسلم (1/ 465: 673)؛ وأبو داود (1/ 390، 391: 582، 583)؛ والترمذي (1/ 458: 235)؛ والنسائي (2/ 76: 780)؛ وابن ماجه (1/ 313: 980).

ص: 617

387 -

وقال (1) أبو يعلى: حدثنا إبراهيم -هو ابن عَرْعَرَةَ-، ثنا سَلْم بْنُ قتُيْبة، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَبْهان، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ (2):(إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يُصَلِّي فِي خُفَّيهِ).

(1) الواو زيادة من (ك). ولفظة (قال): ليست في (عم) و (سد).

(2)

لفظة (قال): ليست في (ك).

ص: 618

387 -

تخريجه:

هو في مسند أبي يعلى (5/ 291: 2912)، ولفظه" كان يصلي في خفيه ونعليه".

وذكره الهيثمي (المقصد العلي ص 370: 334).

وذكره أيضًا (المجمع 2/ 54)، وعزاه للطبراني في الأوسط" وقال: في الصحيح منه الصلاة في النعلين فقط، ومدار الحديثين -هذا الحديث وحديث البزار- على عمر بن نبهان، وهو ضعيف. وروى أبويعلى منه الصلاة في الخفين. اهـ.

قلت: عند أبي يعلى الصلاة في الخفين والنعلين.

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 182 ب)، كتاب القبلة، باب الصلاة في النعال والخفاف، وعزاه لأبي يعلى.

ورواه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 202) في ترجمة عمر بن نبهان؛ وفي التاريخ الصغير (2/ 121)؛ والعقيلي في الضعفاء (3/ 193)؛ والطبراني في الأوسط (427/ 3: 2922)؛ وابن عدي في الكامل (5/ 1690)، من طرق عن سلم بن قتيبة، به مثله، وزادوا -عدا البخاري في الكبير والطبراني-:"ورأيته يدعو بباطن كفيه وبظاهرهما".

قال البخاري: لا يتابع -يعني عمر بن نبهان- في حديثه.

وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلَّا عمر، تفرد به سلم. اهـ.=

ص: 618

= ورواه البزار كما في كشف الأستار (1/ 287، ح (597)، من طريق عقبة بن مكرم العمي، ثنا أبو قتبة، به ولفظه:"خالفوا اليهود وصلوا في خفافكم ونعالكم، فإنهم لا يصلون في خفافهم ونعالهم". قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ أَنَسِ إلَّا مِنْ هذا الوجه، ولا حدث به عن عمر إلَّا قتيبة، وعمر مشهور. اهـ.

ص: 619

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد ضعيف لأجل عمر بن نبهان، قال الدارقطني: يحدث عن قتادة عن أنس بغرائب. اهـ.

قلت: وهذا منها، فلم يتابع على ذكر الخفين في حديث أنس، أما النعلان فثابتة في الصحيحين وغيرهما.

وكذلك صلاته في خفيه، ثابتة في الصحيحين وغيرهما، لكن من حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه وغيره، وقد سبق تخريج هذه الأحاديث في الحديث رقم (383).

ص: 619

388 -

وَقَالَ إِسْحَاقُ: أنا المُؤمَّل، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُخَوَّل بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ:(نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن يصلى الرَّجُلُ وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ).

قُلْتُ لِلْمُؤَمِّلِ: أَفِيهِ أُمُّ سَلَمَةَ؟

فَقَالَ: لَا أَشُكُّ (1)، كَتَبْتُهُ مِنْهُ أَوَّلًا بِمَكَّةَ.

* قُلْتُ: قَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَوَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، لَيْسَ فِيهِ أُمُّ سَلَمَةَ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُمَا، وَبِسَبَبِ ذَلِكَ [اسْتَثْبَتُّ](2) إسحاقُ المؤمَّلَ، فَإِنْ كَانَ المؤمَّل حَفِظَهُ فَالِاخْتِلَافُ فِيهِ من سفيان لا عليه، والله أعلم (3).

(1) في نصب الراية (2/ 94): فقال: بلا شك، هكذا كتبته منه إملاء بمكة.

(2)

في الأصل (استفتيت)، وهو خطأ، والصواب ما أثبته إذ لا يتسق الكلام إلا به.

(3)

هذا الحديث انفردت به (ك) من بين النسخ، ولم يذكره البرصري في الإتحاف، وهو مستدرك عليه.

وقول الحافظ: فالاختلات فيه من سفيان لا عليه. اهـ. أي أن سفيان الثوري هو الذي تارة يزيد في الإسناد فيجعله عن أم سلمة وتارة يقصر به فيجعله عن أبي رافع.

ص: 620

388 -

تخريجه:

هو في مسند إسحاق بن راهويه (4/ 217 ب).

وذكره الهيثمي (المجمع 2/ 86)، وقال: رواه الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح. اهـ.

ورواه الترمذي في العلل الكبير (1/ 254): أبواب الصلاهّ في كراهية كف الشعر في الصلاة، والدارقطني في العلل (2/ 90 أ).

من طريق محمد بن بشار، عن مؤمَّل، به، فذكره بلفظ: "نهى أن يصلي الرجل=

ص: 620

= وهو معقوص".

ورواه الطبراني في الكبير (23/ 252: 512)، من طريق علي بن عبد العزيز، ثنا أبو حذيفة، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُخَوَّلِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ سعيد الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أُمِّ سلمهَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله.

وعلي بن عبد العزيز البغوي، ثقة. "الجرح 6/ 196؛ والسير 13/ 348؛ والميزان 3/ 143).

وأبو حذيفة هو موسى بن مسعود النهدي البصري، صدوق سيِّئ الحفظ، وقد ضعفه في سفيانَ الثوري جماعةٌ منهم: أحمد، وابن معين -في رواية- والعقيلي.

(الجرح 8/ 163؛ الضعفاء للعقيلي 4/ 197؛ الكاشف 3/ 166؛ الميزان 4/ 221؛ شرح العلل 2/ 726؛ التهذيب 10/ 370؛ والتقريب ص 554).

ص: 621

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد رجاله كلهم ثقات، إلَّا مؤمل بن إسماعيل فإنه صدوق يخطئ كثيرًا. وقد تابعه أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي -كما في رواية الطبراني- وهو صدوق سيِّئ الحفظ، وضُعِّف في روايته عن الثوري.

وإسناده قابل للتحسين بمجموع الطريقين، لكن الحديث معلول:

فقد خولف مؤمل بن إسماعيل، وأبو حذيفة في إسناد هذا الحديث، فرواه وكيع بن الجراح -وهو من كبار أصحاب الثوري-، وعبد الرزاق، فقالا: عن الثوري، عن مخول بن راشد، عن رجل، عن أبي رافع، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

الحديث- وقد سبق تخريجه في شواهد الحديث رقم (381).

ورواه غندر، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وسعيد بن عامر، وخالد بن الحارث، كلهم عن شعبة، عن مخول بن راشد، عن أبي سعد رجل من أهل المدينة، قال: رأيت أبا رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، رأى الحسن بن علي وهو يصلي وقد عقص شعره، فأطلقه، أو نهى عنه. وقال: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل وهو=

ص: 621

= عاقص شعره. وقد سبق تخريجه في حديث رقم 381، وليس في طريق أبي أسامة، وسعيد بن عامر ذكر القصة-.

وأبو سعد المدني هو شُرَحْبيل بن سعد، جزم بذلك المزي في تحفة الأشراف (9/ 204). وذكر الترمذي (العلل الكبير 1/ 255): أنه رواه أسود بن عامر، عن زهير، عن مخول، عن شرحبيل المدني أن أبا رافع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

الحديث.

ففي هذه الطريق التصريح بأنه شرحبيل بن سعد المدني. لكن قال الترمذي في العلل الكبير (1/ 257): وأبو سعيد، هو عندي سعيد المقبري .. اهـ.

قلت: قوله: (أبو سعيد) أظنه تصحيفًا صوابه (أبو سعد) لأنه هكذا في أصل الرواية" وقوله إنه سعيد المقبري، متعقب عليه؛ لأنه يلزم منه أن يكون حديث شعبة منقطعًا لأن سعيدًا المقبري لم يدرك أبا رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وفي رواية غندر، وخالد بن الحارث -عند ابن ماجه- التصريح بان أبا سعد رأى أباء رافع. ورواه ابن جريج، عن عمران بن موسى، عن سعيد المقبري، عن أبيه، قال: رأيت أبا رافع مولى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وقد سبق تخريجه في حديث رقم 381.

وقد وافق الدارقطني، الترمذيَ، بأن أبا سعد هو سعيد المقبري. انظر: علل الدارقطني (2/ 89 ب).

وقال الترمذي (العلل الكبير 1/ 257): وهذا الحديث -يعني حديث ابن جريج عن عمران بن موسى، السابق- هو الصحيح، وحديث مخول فيه اضطراب، ورواية شعبة عن مخول، أشبه وأصح من حديث مؤمل عن سفيان عن مخول؛ لأن شعبة قال: عن أبي سعيد، عن أبي رافع، وأبو سعيد هو عندي سعيد المقبري. اهـ.

قلت: كنية سعيد المقبري أبو سعد، وليس أبا سعيد، وأظن أن ما وقع هنا تصحيف فقد روى الحديث قبل هذا الكلام بأسطر فقال: أبو سعد. وقوله: هو عندي سعيد المقبري متعقب كما ذكرت سابقًا.=

ص: 622

= وقال ابن أبي حاتم (العلل 1/ 107: 289): سألت أبي عن حديث رواه المؤمل بن إسماعيل، عن الثوري، عن مخول، عن سعيد المقبري، عن أم سلمة قالت: نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إن يصلي الرجل ورأسه معقوص.

قال أبي: إنما روي عن مخول، عن أبي سعيد، عن أبي رافع، وكنية سعيد المقبري أبو سعيد. وأخطأ مؤمل إنما الحديث عن أبي رافع. اهـ.

وقال الدارقطني في العلل (2/ 90 أ): واختلف عن الثوري، فرواه مؤمل بن إسماعيل، عن الثوري، عن مخول، عن أبي سعيد، عن أبي رافع، عن أم سلمة.

ووهم في ذكر أم سلمة، وغيره لا يذكر فيه أم سلمة. وحديث عمران بن موسى أصحها إسنادًا. اهـ. وقال أيضًا (5/ 177 ب): يرويه مخول بن راشد. واختلف عنه، فرواه مؤمل وأبو حذيفة، عن الثوري، عن مخول، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أُمِّ سلمة. وغيرهما يرويه عن الثوري، عن مخول، ولا يذكر أم سلمة. و [هكذا]-زيادة من نصب الراية-، رواه شعبة [و]-في العلل (عن) - شريك، عن مخول، وهو الصواب. اهـ.

والنهي عن كف الشعر وعقصه ثابت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، ولا أكف ثوبًا ولا شعرًا".

وفي مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّهُ رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص من ورائه، فقام فجعل يحله. فلما انصرت أقبل إلى ابن عباس فقال: مالك ورأسي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يقول:"إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف".

وحديث أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل ورأسه معقوص.

- وقد تقدم تخريج هذه الأحاديث في شواهد الحديث رقم (381).

ص: 623