الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
19 - بَابُ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ
281 -
قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ (1)، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، ثنا داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم على أَصْحَابِهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ، فَقَالَ:"صَلَّى الناسُ وَرَقَدُوا وَأَنْتُمْ تَنْتَظِرُونَهَا، أَمَا إِنَّكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا"، ثُمَّ (2) قَالَ صلى الله عليه وسلم:"لَوْلَا ضعفُ الضعيفِ، وكِبَرُ الكبيرِ، لأخَّرْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ إِلَى شَطْرِ (3) اللَّيْلِ".
* أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ "فِي صَحِيحِهِ" عَنْ أَبِي يَعْلَى.
وَتَابَعَهُ سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ أَبِي معاوية [محمد بن خازم](4).
(1) هو زهير بن حرب.
(2)
لفظة (ثم)، ليست في (ك).
(3)
الشطر: نصف الشيء، ويُستعمل في الجزء منه. (المعجم الوسيط 1/ 482)، مادة:(شطر).
(4)
ما بين المعقوفتين زيادة من (ك)، وهي زيادة توضيحية، فأبو معاوية هو محمد بن خازم.
281 -
تخريجه
هو في مسند أبي يعلى (3/ 444: 1939).
وذكره الهيثمي (المقصد العلي ص 273: 193).
= وذكره أيضًا (المجمع 1/ 312)، من طريق أبي الزبير، قال: سألت جابرًا
…
الحديث. وعزاه لأحمد، وأبي يعلى. قال: وزاد أبو يعلى: "ولولا ضَعْفُ الضَّعِيفِ، وَكِبَرُ الْكَبِيرِ لَأَخَّرْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ إلى شطر الليل".
قال: وإسناد أبي يعلى رجاله رجال الصحيح. اهـ.
قلت: لم أجد هذا الحديث بهذه الطريق في المطبوع من مسند أبي يعلى، ولا في المقصد العلي، ولا في الإتحاف. وأظن أن الهيثمي إنما عنى طريق أبي يعلى التي عندنا هنا في حديث الباب، وإنما سها عن التنبيه إلى ذلك.
وهو في صحيح ابن حبان (3/ 36: 1527)، وقد تحرّف فيه (أبو خيثمة) إلى (أبو حسين). وجاء على الصواب في موارد الظمآن (ص 91: 273).
وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 130 ب)، كتاب المواقيت، باب وقت العشاء، وعزاه لأبي يعلى.
أما متابعة سعدان بن نصر فقد أخرجها البيهقي (1/ 375).
ورواه ابن أبي شيبة في المُصَنَّف (1/ 402)، من طريق أبي معاوية، به.
ورواه أيضًا في المُصَنَّف (1/ 402)، من طريق الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جهّز رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَيْشًا حتى انتصف الليل، أو بلغ ذلك، ثم خرج إلينا فقال:"صلى الناس ورقدوا وأنتم تنتظرون الصلاة، أما إنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتموها".
ومن طريقه رواه أبو يعلى (3/ 442: 1936)، والطحاوي (1/ 157).
ورواه أحمد (3/ 367)، من طريق أبي الجواب، عن عمار بن رزيق، عن الأعمش، به.
قلت: وفي هذه الرواية علتان:
1 -
أن أباسفيان طلحة بن نافع متكلم في سماعه من جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، فقد قال شعبة، وابن عيينة: روايته عن جابر إنما هي صحيفة.=
= وروي عن شعبة، وأبي خالد الدالاني قالا: لم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث. وقد اعترض البخاري على هذا فقال: وما يدريه -يعني أبا خالد الدالاني- أوَ لا يرضى أن ينجو رأسًا برأس حتى يقول مثل هذا. اهـ. وعن عبد الرحمن بن مهدي، قال: كان شعبة يرى أن أحاديث أبي سفيان عن جابر إنما هو كتاب سليمان اليَشْكُري. اهـ. وقال البخاري: نا مسدد، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان: جاورت جابرًا بمكة ستة أشهر. اهـ. وقال البخاري -أيضًا-: قال علي: سمعت عبد الرحمن قال: قال لي هشيم، عن أبي العلاء، قال أبو سفيان: كنت أحفظ، وكان سليمان اليشكري يكتب -يعني عن جابر-. اهـ.
وقال ابن عدي: قد روى عن جابر أحاديث صالحة، رواه الأعمش عنه، ورواه عن الأعمش الثقات، وهو لا بأس به.
وقال أبو زرعة: طلحة بن نافع عن عمر، مرسل، وهو عن جابر أصح. اهـ.
قلت: فالراجح عندي هو ما قاله البخاري، لمجاورته جابرًا بمكة، لكنه مدلس، فمتى عنعن لم يقبل حديثه وقد عنعن هنا. انظر: معرفة الرجال (2/ 642)؛ التاريخ الكبير (4/ 346)؛ العلل الكبير (2/ 966)؛ الجرح (1/ 46، 145)، (4/ 475)؛ المراسيل لابن أبي حاتم (ص 100)؛ الكامل (4/ 1432)؛ جامع التحصيل (ص 202)؛ شرح العلل (2/ 852)؛ هدي الساري (ص 411)؛ مراتب المدلسين (ص 88)، (من الثالثة).
2 -
أن فيه عنعنة الأعمش، وهو مدلس مشهور بذلك، وكان يدلس عن الضعفاء رحمه الله، لكن أبا سفيان من شيوخه الذين أكثر عنهم، وهو راويته، وقد قال الذهبي: إن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال. لكن قال ابن حبان: كان الأعمش يدلس عنه -يعني أبا سفيان-. (الثقات 4/ 393).
انظر: التاريخ الكبير (4/ 346)؛ جامع التحصيل (ص 202)؛ هدي الساري (ص 441)؛ مراتب المدلسين (ص 66).=
= وقد جاء في سند أبي يعلى [عن زائدة، عن سليمان]، فتوارد عليه ثلاثة من المحققين كلهم يسميه (ابن طرخان التيمي) ولا أدري لماذا عدلوا عن الأعمش وهو راوية أبي سفيان، ولم أجد لهم مستندًا على هذا العدول، بل وجدت ما يؤكد خطأهم وهو أنه جاء مصرحًا به في مصنف ابن أبي شيبة:[عن زائدة، عن الأعمش، عن أبي سفيان]. وجاء عند أحمد -كما سبق ذكره- مصرحًا به مثل المصنف. ولم يذكر المزي طلحة بن نافع في شيوخ سليمان بن طرخان التيمي، ولا ذكر سليمان في تلاميذه.
انظر هذا الوهم في: مسند أبي يعلى (3/ 442: 1936)؛ المقصد العلي (ص 274: 194)؛ الإتحاف (ص 583: 419) من المحققة.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد رجاله ثقات، إلا أن أبا معاوية محمد بن خازم يقع له الوهم في غير حديث الأعمش، وقد سُئل أبو زرعة عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث وهم، وهم فيه أبو معاوية. اهـ. قال ابن أبي حاتم: لم يبين الصحيح ما هو، والذي عندي أن الصحيح ما رواه وهيب، وخالد الواسطي، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. اهـ. علل ابن أبي حاتم (1/ 186)، رقم (533).
وبنحو ذا قال الدارقطني في العلل (4/ ق 5 أ).
وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، رواه أبو داود (1/ 293: 422)، من طريق مسدد، حدثنا بشر بن المفضل، ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي نضرة، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه.
ورواه النسائي (1/ 268: 538)، وفي الكبرى (1/ 475: 1520)، من طريق عمران بن موسى، حدثنا عبد الوارث، حدثنا داود، به نحوه.
ورواه ابن ماجه (1/ 226: 693)، من طريق عمران بن موسى، به.=
= ورواه ابن خزيمة (1/ 177: 345)، قال: نا بندار، نا ابن أبي عدي، عن داود، ح وحدثنا عمران بن موسى القزاز، نا عبد الوارث، نا داود ح، وحدثنا إسحاق بن إبرإهيم بن حبيب بن الشهيد، نا عبد الأعلى، عن داود، عن أبي نضرة، به نحوه.
ورواه البيهقي (1/ 375، 451)، من طريق علي بن عاصم، أنا داود، به. قال البيهقي: هكذا رواه بشر بن المفضل، وغيره، عن داود بن أبي هند وخالفهم أبو معاوية الضرير عن داود، فقال: عن جابر بن عبد الله. اهـ.
قلت: وبهذه الطرق الصحيحة المتعددة إلى داود بن أبي هند يتبين خطأ أبي معاوية في هذا الحديث، وأن الصواب ما رواه الجماعة عنه، عن أبي نضرة، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وقد ثبت نحو هذا الحديث عن عدد من الصحابة:
1 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (أَعْتَم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بالعشاء، حتى رقد الناس، واستيقظوا، ورقدوا، واستيقظوا، فقام عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ: الصلاة).
قال عطاء: قال ابن عباس رضي الله عنهما: (فخرج النبي صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إليه الآن يقطر رأسه ماء، واضعًا يده على رأسه، فقال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوها هكذا").
رواه البخاري (2/ 50: 571)، (13/ 224: 7239)؛ ومسلم (1/ 444: 642)؛ والنسائي (1/ 265: 531) وغيرهم.
2 -
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: (أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي بصلاة العشاء -وهي التي تدعى العتمة- فلم يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: نام النساء والصبيان، فخرج رسول الله فقال لأهل=
= المسجد حين خرج عليهم: "ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم"، وذلك قبل أن يفشوا الإسلام في الناس).
رواه البخاري (2/ 47، 49: 566، 569)؛ ومسلم (1/ 441: 638)؛ والنسائي (1/ 267: 535)؛ وابن حبان (3/ 38: 1533)؛ والبيهقي (1/ 450).
3 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (شُغِل عنها ليلة فأخَّرها، حتى رقدنا في المسجد، ثم استيقظنا، ثم رقدنا، ثم استيقظنا، ثم خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثم قال:"ليس أحد من أهل الأرض الليلة ينتظر الصلاة غيركم".
رواه البخاري (2/ 50: 570)؛ ومسلم (1/ 442: 639)؛ وفي رواية لمسلم (1/ 442: 939)؛ وأبي داود (1/ 292: 420)؛ والنسائي (1/ 267: 537)؛ وابن حبان (3/ 39: 1534)؛ والبيهقي (1/ 450)، قال:(مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة، فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل، أو بعده، فلا ندري أشيء شغله في أهله، أو غير ذلك، فقال حين خرج: "إنكم لتنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم، ولولا أن يثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة"، ثم أمر المؤذن فأقام الصلاة وصلى).
4 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: (أخر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل، ثم صلى، ثم قال:"صلى الناس وناموا، أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها".
رواه البخاري (2/ 51: 572)، واللفظ له؛ ومسلم (1/ 443: 640)؛ والنسائي (1/ 268: 539)؛ وابن ماجه (1/ 226: 692)؛ وابن حبان (3/ 39: 1535)؛ والبيهقي (1/ 375).
5 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "لولا أن أشق على أمتي
…
ولأمرتهم بتأخير العشاء". زاد الترمذي: "إلى ثلث الليل أو نصفه".=
= ولابن ماجه، وأحمد، وابن حبان: "ولأخّرت العشاء إلى ثلث الليل، أو نصف الليل
…
".
رواه أبو داود (1/ 40: 46)؛ والترمذي (1/ 310: 167)؛ والنسائي (1/ 266: 534)؛ وابن ماجه (1/ 226: 690، 691)؛ وعبد الرزاق (1/ 556: 2107)؛ والحميدي (2/ 428: 965)؛ والشافعي في مسنده (ص 30: 72)؛ وأحمد (2/ 250، 259، 433)؛ وابن حبان (3/ 37، 40: 1529، 1536).
قال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. اهـ.