المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌28 - باب ستر العورة - المطالب العالية محققا - جـ ٣

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌4 - كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌1 - بَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ

- ‌2 - بَابُ عِظَم قَدْرِ الصَّلَاةِ

- ‌3 - بَابُ الْأَذَانِ

- ‌4 - باب مؤذن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌5 - بَابُ صِفَةِ الْأَذَانِ وَمَوْضِعِهِ

- ‌6 - بَابُ التَّأْذِينِ قَبْلَ الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ

- ‌7 - بَابُ لَا يَكُونُ الإِمام مُؤَذِّنًا

- ‌8 - بَابُ فَضْلِ الْمُؤَذِّنِينَ

- ‌9 - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ

- ‌10 - باب فضل من أذن محتسبًا

- ‌11 - بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ الْأَذَانِ

- ‌12 - بَابُ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ

- ‌13 - بَابُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةُ

- ‌14 - بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌15 - بَابُ مُرَاعَاةِ الْأَوْقَاتِ بِالْمَقَادِيرِ الْمُعْتَادَةِ

- ‌16 - بَابُ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لِلْحَاجَةِ

- ‌17 - بَابُ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ وَتَعْجِيلِهَا

- ‌18 - بَابُ الإِبراد بِالظُّهْرِ

- ‌19 - بَابُ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ

- ‌20 - بَابُ كَرَاهِيَةِ تَسْمِيَتِهَا الْعَتَمَةَ

- ‌21 - بَابُ كَرَاهَيةِ النَّوْمِ قَبْلَهَا

- ‌22 - بَابُ السَّمر بَعْدَ الْعِشَاءِ

- ‌23 - بَابُ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌26 - بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَالسُّتْرَةِ لِلْمُصَلِّي

- ‌27 - بَابُ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ

- ‌28 - بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ

- ‌29 - بَابُ جَوَازِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ

- ‌30 - بَابُ مَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَفِيهِ

- ‌31 - بَابُ مَا يُصَلَّى إِلَيْهِ وَمَا لَا يُصَلَّى إِلَيْهِ

- ‌32 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ الْمُصَلِّينَ

- ‌33 - بَابُ مَتَى يُؤْمَرُ الصَّبِيُّ بِالصَّلَاةِ

- ‌34 - [بَابُ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَتَوْسِيعِهَا]

- ‌35 - بَابُ فَضْلِ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا

- ‌38 - بَابٌ فِي فَضْلِ مُلَازَمَةِ الْمَسْجِدِ

- ‌39 - بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ

- ‌41 - بَابٌ السِّوَاكُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌42 - بَابُ الصُّفُوفِ

- ‌43 - بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌44 - بَابُ أَقَلِّ الْجَمَاعَةِ

- ‌45 - بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ

- ‌46 - بَابُ الْأَمْرِ بِاتِّبَاعِ الإِمام فِي أَفْعَالِهِ

- ‌48 - بَابُ أَمْرِ الإِمام بِالتَّخْفِيفِ

- ‌49 - بَابُ الْفَتْحِ عَلَى الإِمام

- ‌51 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ التَّدَافُعِ فِي الإِمامة بَعْدَ الإِمام

- ‌52 - بَابُ مِقْدَارِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌53 - باب التجميع في البيوت

- ‌54 - بَابُ شُرُوطِ الْأَئِمَّةِ

- ‌55 - بَابُ مَا يَصْنَعُ مَنْ جَاءَ وَحْدَهُ فَوَجَدَ الصَّفَّ كَامِلاً

- ‌56 - بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ

- ‌5 - " صِفَةُ الصَّلَاةِ

- ‌1 - بَابٌ فِي الِاسْتِفْتَاحِ وَغَيْرِهِ

الفصل: ‌28 - باب ستر العورة

‌28 - بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ

318 -

[1][قَالَ](1) إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا رَوْح بْنُ عُبادة، أنا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ (2)، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن علي بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَ عَلَيْهِ يَوْمًا وَقَدْ كَشَفَ عَنْ فَخِذَيْهِ، فَقَالَ:"يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ لَا تَكْشِفْ عَنْ فَخِذِكَ (3) فَإِنَّهَا عَوْرَةٌ، وَلَا تَنْظُرٍ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ، فَإِنَّكَ تُغَسِّلُ الْمَوْتَى".

قُلْتُ: أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ (4) ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ حَبِيبٍ، بِسَنَدِهِ، دُونَ قَوْلِهِ:"فَإِنَّهَا عَوْرَةٌ" وَدُونَ قَوْلِهِ: "فإنك تغسل الموتى".

(1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ك).

(2)

قوله: (بن خالد) ليس في (ك).

(3)

في (عم)، و (سد)، و (ك):(فخذيك) -وجاءت هكذا في الإتحاف أيضًا-.

(4)

زاد في (ك): (روح عن) وأظنه وهمًا من الناسخ، لأن الحديث عند أبي داود ليس من طريق روح، إنما هو من طريق حجاج بن محمد المِصِّيصي عن ابن جريج، ورواية أحمد من طريق يزيد أبي خالد عن ابن جريج.

ص: 348

[2]

وَرَوَاهُ الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ [الشَّاشِيُّ](1)، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ [سَعْدٍ](2) الْعُوفِيُّ، ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه، قَالَ: دَخَلَ عليَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَا كَاشِفٌ عَنْ فَخِذِي، فَقَالَ:"يَا عَلِيُّ غَطِّ فَخِذَكَ فَإِنَّهَا من العورة".

(1) في (مح)، و (حس): الشاسي -آخره مهملة ثم ياء تحتانية-؛ وفي (ك): الشامي، وما أثبته هو الوارد في (سد)، و (عم) وهو الموافق لما في ترجمته في كتب الرجال. والظاهر أن الحافظ ابن حجر يعني بهذا أن الهيثم أخرجه في مسنده، لكني لم أجده في القطعة الموجودة من المسند، وتبدأ هذه القطعة من أول الجزء الخامس. وتنتهي هذه القطعة بالجزء الخامس عشر، وآخره حديث أبي اليسر عن النبي صلى الله عليه وسلم.

- صوّرَته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من المكتبة الظاهرية بدمشق- وهو فيها برقم (1068)، ورقمه في المكتبة المركزية (2892 ف، 9806 ف). وقد طبعت هذه القطعة في ثلاثة مجلدات بتحقيق الدكنور محفوظ الرحمن زين الله.

ونشرته مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة سنة (1410 هـ).

(2)

في (مح)، و (حس):(سعيد)، وهو خطأ والصواب ما أثبته.

ص: 349

318 -

تخريجه:

ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 178 أ)، كتاب القبلة، باب في ستر العورة وعزاه لإسحاق.

ورواه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (1/ 146)، قال: حدثني عبيد الله بن عمر القواريري، حدثني يزيد أبو خالد البَيْسَري القرشي، ثنا ابن جريج، أخبرني حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تبرز فخذك، وَلَا تَنْظُرٍ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ".

ورواه ابن عدي في الكامل (7/ 2734)، من طريق أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا ابن جريج، أخبرني حبيب بن أبي ثابت، به فذكره.=

ص: 349

= وعلى هذه الصورة يكون قد سقط من إسناد ابن عدي شيخ شيخه، وأبو خالد البيسري، لأن شيخ ابن عدي وهو أبو يعلى لم يدرك ابن جريج، ولا أبا خالد البيسري فلعله رواه عن القواريري، عن أبي خالد البيسري، عن ابن جريج، به. وقد راجعت نسخة من الكامل (صورت من مكتبة أحمد الثالث بتركيا. ورقمها في مكتبة جامعة الإمام المركزية (9671 ف الجزء الثالث: ق 254 أ) فوجدته كما في المطبوع.

والقواريري ثقة ثبت. انظر: التقريب (ص 373).

وأما يزيد أبو خالد: فهو يزيد بن عبد الله بن قسيط القرشي، أبو خالد البيسري البصري، روى عن: الثوري وابن جريج، وعمر بن محمد بن يزيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وطلحة بن عمرو الحضرمي، وعنه، القواريري، وأبو كامل الجحدري، وأبو داود الطيالسي، وقطن بن نسير، وعلي بن أبي هاشم الطبراخ، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، ذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في الثقات فقال: مستقيم الحديث، أصله من السند. اهـ.

وذكره ابن عدي في الكامل، فقال: ليس هو بمنكر الحديث. اهـ. وقد روى ابن عدي هذا الحديث في ترجمته.

وقال الذهبي: مقل، تُكلم فيه. اهـ. وقال الحسيني -في التذكرة برجال العشرة-: مجهول. وتبعه أبو زرعة ابن العراقي في ذيله على الكاشف، ولم يتعقبهما الحافظ ابن حجر بشيء في تعجيل المنفعة، وقد تصحف (البيسري) في تعجيل المنفعة إلى (النسري) فلعل هذا هو الذي دفع الحافظ إلى موافقة الحسيني وإلَاّ فإنه قد ذكره في اللسان، وذكر كلام ابن عدي، وابن حبان فيه، فكيف يوافق على تجهيل من هذه حاله، وعندي أنه صدوق، لذكر ابن حبان له في الثقات، وقوله:

مستقيم الحديث، ولما قاله ابن عدي أيضًا -ليس بمنكر الحديث-".

التاريخ الكبير (8/ 346)؛ الجرح (9/ 276)؛ الثقات (9/ 274)؛ الكامل (7/ 2734)؛ المغني (2/ 751)؛ الميزان (4/ 431)؛ ذيل الكاشف (ص 310)؛=

ص: 350

= توضيح المشتبه (1/ 515)؛ تعجيل المنفعة (455)؛ اللسان (6/ 290).

وقد صحح العلَاّمة أحمد شاكر هذا الإسناد -في تعليقه على المسند (2/ 303: 1248) - وما أظنه يوافق على ذلك، لأن حبيب بن أبي ثابت مدلس لايقبل من حديثه إلَّا ما صرح فيه بالسماع، وقد تكلم غير واحد في سماعه من عاصم بن ضمرة.

وقد أعله الحافظ في التلخيص (1/ 278) بعلة أخرى، وهي أن تصريح ابن جريج بإخبار حبيب له وهم. ولعل الذي دفع الحافظ إلى هذا القول أن أبا داود رواه من طريق حجاج بن محمد المصيصي، عن ابن جريج، قال: أخبرت عن حبيب بن أبي ثابت. وهذا فيه تصريح ابن جريج أنه لم يسمعه من حبيب، وقد قال أبو حاتم (علل ابن أبي حاتم 2/ 271): ابن جريج لم يسمع هذا الحديث بذا الإسناد من حبيب، إنما هو من حديث عمرو بن خالد الواسطي، ولا يثبت لحبيب -وقد تحرفت في المطبوع إلى (لحسن) - رواية عن عاصم، فأرى أن ابن جريج أخذه من الحسن بن ذكوان، عن عمرو بن خالد، عن حبيب، والحسن بن ذكوان وعمرو بن خالد ضعيفا الحديث. اهـ.

قلت: وكلام أبي حاتم خاص برواية حجاج عن ابن جريج، لقوله:(بذا الإسناد)، فلا يقدح هذا في تصريح ابن جريج بإخبار حبيب له في طريق أخرى غير هذه الطريق، لأن ابن جريج حافظ واسع الحفظ فيمكن أنه سمعه أولًا من الحسن بن ذكوان، أو غيره، ثم سمعه من حبيب بن أبي ثابت مباشرة.

وذكر يعقوب بن شيبة عن علي بن المديني أنه قال في حديث ابن جريج هذا:

رأيته في كتب ابن جريج: أخبرني إسماعيل بن مسلم، عن حبيب. انظر: شرح العلل (2/ 828). وكلام ابن المديني هذا معارض لما ذهب إليه أبو حاتم لأن أبا حاتم لم يجزم بما قال، وإنما قال:(فأرى أن ابن جريج أخذه من الحسن بن ذكوان)، فمن رآه في كتبه أثبت ممن قال بغلبة الظن، فيكون الساقط بين ابن جريج، وحبيب في رواية=

ص: 351

= حجاج هو إسماعيل بن مسلم المكي، وهو من أقران ابن جريج، وكان ضعيف الحديث. انظر: التقريب (ص 110).

فتبقى رواية يزيد أبي خالد القرشي، عن ابن جريج، أخبرني حبيب، صحيحةً لا وهم فيها لما ذكرنا، ولأن يزيد صدوق، ولم ينفرد بهذا فقد تابعه محمد بن سعد العوفي قال: ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قال: حدثني حبيب، به، كما في رواية الهيثم بن كليب التي ذكرها الحافظ.

ورواه الدارقطني (1/ 225)، كتاب الحيض، باب في بيان العورة والفخذ منها: من طريق أحمد بن منصور بن راشد الحنظلي، نا روح بن عبادة، ثنا ابن جريج أخبرني حبيب، به، ولفظه:(لا تكشف عن فخذك، فإن الفخذ من العورة).

ومحمد بن سعد العوفي، وإن كان فيه لين، فروايته منجبرة بمتابعة أحمد بن منصور بن راشد الحنظلي، وهو صدوق. انظر: التقريب (ص 85).

وأما ما ذكره العلامة الألباني في الأرواء (1/ 296)، من توهين الإخبار في هاتين الروايتين -أعني رواية عبد الله بن أحمد، ورواية الدارقطني- بأن يزيد بن عبد الله البيسري مجهول، وأحمد بن منصور قد خالفه الثقات فرووه عن روح، عن ابن جريج عن حبيب، ولم يصرح بالإخبار، فهو كلام مردود لأمور:

1 -

أن يزيد بن عبد الله البيسري، ليس بمجهول بل هو صدوق مشهور.

2 -

أنه احتج برواية البيهقي (2/ 228)، كتاب الصلاة، باب عورة الرجل، من طريق أحمد بن كامل، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعُوفِيُّ، ثنا رَوْحُ، ثنا ابن جريج، عن حبيب، به. وهذه معارضة برواية الهيثم بن كليب -السابقة- ففيها تصريح ابن جريج بالتحديث، وهي من طريق محمد بن سعد العوفي نفسه.

ورواية الهيثم بن كليب مقدمة على رواية أحمد بن كامل، لأنه وإن كان ثقة، فقد قال فيه الدارقطني، كان متساهلًا فربما حدث من حفظه بما ليس في كتابه، وأهلكه العُجب. اهـ. وقال الذهبي: كان يعتمد على حفظه فيهم. اهـ.=

ص: 352

= انظر: بغداد (4/ 357)؛ الميزان (1/ 129)؛ السير (15/ 544)؛ اللسان (1/ 249).

3 -

توهينه لأحمد بن منصور، وأنه لم يوثقه أحد، عدا قول أبي حاتم: صدوق. وأن الصدوق قد يخطىء.

فأقول: أما توهينه بأنه لم يوثقه أحد، فقول أبي حاتم كاف لتوثيقه وإن قال:(صدوق)؛ لتشدده في الرجال، وفي إطلاق العبارات، فكم رأيناه يطلق على مشاهير الثقات لفظ:(صدوق)، وأحمد بن منصور من شيوخه وقد كتب عنه -كما في الجرح (2/ 78) - فهو أعلم الناس بحاله.

وأما قوله: (الصدوق قد يخطىء) فهو صحيح لكن أوثق الثقات قد يخطىء أيضًا، فهذا احتمال لا دليل عليه، فلم يصف أحمد بن منصور أحد بهذا.

4 -

قوله: (قد خالف -يعني أحمد بن منصور- في ذلك كل من وقفنا على روايته لهذا الحديث عن روح من الثقات، مثل بشر بن آدم عند ابن ماجه، والحارث بن أبي أسامة عند الحاكم، ومحمد بن سعد العوفي عند البيهقي، فإنهم قالوا عن روح، عن ابن جريج، عن حبيب، كما تقدم. الأولان ثقتان، الأول احتج به البخاري، والثاني حافظ صدوق، والآخر قال الدارقطني: لا بأس به).

فأقول:

(أ) رواية الثقات لحديث بالعنعنة ليس موهنًا لرواية ثقة آخر بالتحديث، فهي زيادة ثقة، سيما وقد تابعه من ذكرنا.

(ب) أن احتجاجه برواية محمد بن سعد العوفي، منقوض بما ذكرت سابقًا.

حيث رواه الهيثم بن كليب من طريقه وفيه تصريح ابن جريج بالتحديث، وطريق الهيثم أصح من طريق البيهقي.

(ج) أن قوله: (الأول احتج به البخاري) ليس بصواب لأن شيخ ابن ماجه في هذا الحديث هو بشر بن آدم بن يزيد البصري، وهو صدوق فيه لين، وليس من رجال=

ص: 353

= البخاري. انظر: الكاشف (1/ 100)؛ التهذيب (1/ 442)؛ التقريب (ص 122)، وأما الذي احتج به البخاري فهو بشر بن آدم الضرير أبو عبد الله البغدادي، وليس هو من شيوخ ابن ماجه وإنما يروي عنه بواسطة الذهلي. انظر: المراجع السابقة، ورجال البخاري للكلاباذي (1/ 107).

والخلاصة أنه لا معنى لتوهيم من ذكر تصريح ابن جريج بالإخبار، لأنه قول ليس له دليل قوي ينهض به. انظر: تعليق أحمد شاكر على هذا الحديث في شرحه للمسند (2/ 303: 1248).

وأما ما ذكره الحافظ من رواية أحمد، وأبي داود، وابن ماجه، لهذا الحديث، فهي كما يلي:

1 -

لم أجد الإمام أحمد روى هذا الحديث في مسنده، وإنما رواه ابنه عبد الله في زياداته على المسند (1/ 146) وقد سبق ذكرها.

2 -

رواه أبو داود (3/ 501: 3140)، كتاب الجنائز، باب ستر الميت عند ذمله، وأيضًا في:(4/ 303: 4015)، كتاب الحمَّام، باب النهي عن التعري، من طريق علي بن سهل الرملي، حدثنا حجاج -وهو ابن محمد- عن ابن جريج، قال: أخبرت عن حبيب بن أبي ثابت، به، ولفظه: "لا تكشف فخذك، وَلَا تَنْظُرٍ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ، قال أبو داود: هذا الحديث فيه نكارة. اهـ. وعنده في الموضع الأول: (لا تبرز) بدل (لا تكشف).

3 -

ورواه ابن ماجه (1/ 469: 1460)، كتاب الجنائز، با ما جاء في تغسيل الميت، من طريق بشر بن آدم، ثنا روح بن عبادة، عن ابن جريج، عن حبيب، به، ولفظه:"لا تبرز فخذك، وَلَا تَنْظُرٍ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ".

ورواه الطحاوي (1/ 474)، كتاب الصلاة، باب الفخذ هل هو من العورة أم لا، من طريق يحيى بن سعيد، عن سعيد، عن ابن جريج، عن حبيب، به، ولفظه:"الفخذ عورة"، وقوله هنا:(عن سعيد) أظنه زيادة من النساخ أو الطابع، لأن=

ص: 354

= يحيى بن سعيد القطان يروي عن ابن جريج مباشرة، وأيضًا لم يذكره في روايته للحديث في مشكل الآثار (2/ 284)، وهي بنفس سند ومتن روايته في شرح معاني الآثار.

ورواه الدارقطني (1/ 225)، كتاب الحيض، باب في بيان العورة، من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن ابن جريج، عن حبيب، به، مثل رواية أبي داود.

ومن طريق أحمد بن منصور بن راشد، نا روح، ثنا ابن جريج، أخبرني حبيب، به، وقد تقدم ذكرها.

ورواه الحاكم (4/ 180)، كتاب اللباس، من طريق الحارث بن أبي أسامة، ثنا روح، ثنا ابن جريج، عن حبيب، به، مثل رواية أبي داود، إلَّا أنه قال:(لا تبرز فخذيك) بالتثنية. وسكت عليه ولم يتعقبه الذهبي بشيء.

ورواه البيهقي (2/ 228)، كتاب الصلاة، باب عورة الرجل، من طريق أبي داود، ثنا علي بن سهل الرملي، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال أخبرت عن حبيب، به، مثله.

ورواه أيضًا: من طريق أبي بكر أحمد بن كامل، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعُوفِيُّ، ثنا رَوْحُ، ثنا ابن جريج، عن حبيب، به، فذكره بلفظ رواية الهيثم بن كليب.

ص: 355

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد فيه علتان:

1 -

عباد بن منصور، وهو صدوق سيىء الحفظ، وتغير بآخره، وكان قدريًا، لكن قد تابعه -متابعة قاصرة- ابن جريج، حيث رواه عن حبيب بن أبي ثابت -كما تقدم بيانه- فزال ما نخشاه من سوء حفظه، وأما بدعته فلا تأثير لها هنا.

2 -

عنعنة حبيب بن أبي ثابت، وهو مدلس لا يقبل من حديثه إلَّا ما صرح=

ص: 355

= فيه بالسماع، وروايته هنا عن عاصم بن ضمرة، وقد تكلم غير واحد في سماعه منه -انظر: مصادر ترجمته وعلل ابن أبي حاتم (2/ 271) - فقالوا إنه لم يسمع منه، وقال ابن المديني: سمع حديثًا واحدًا. اهـ.

وقال ابن المديني أيضًا: أحاديث حبيب عن عاصم بن ضمرة، لا تصح، إنما هي مأخوذة عن عمرو بن خالد الواسطي. اهـ. انظر: شرح العلل (2/ 827)، وكذلك قال أبو داود. وقال الحافظ في التلخيص الحبير (1/ 279): وبين البزار أن الواسطة بينهما هو عمرو بن خالد الواسطي. اهـ. قلت: وهو متروك. انظر: التقريب (ص 421).

لذا فالحديث ضعيف جدًا، وله شواهد لكن لا تخلو من مقال، ومنها:

1 -

عن جرهد الأسلمي رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، مرَّ به وهو كاشف عن فخذه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "غط فخذك فإنها من العورة، هذا لفظ إحدى روايات الترمذي.

علقه البخاري (1/ 478)، قال: ويروى عن ابن عباس، وجرهد، ومحمد بن جحش، عن النبي صلى الله عليه وسلم "الفخذ عورة".

ورواه أبو داود (4/ 303: 4014) من طريق القعنبي، عن مالك، عن أبي النضر، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن أبيه -قال: كان جرهد هذا من أصحاب الصفة- أنه قال: جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وفخذي منكشفة فقال:"أما علمت أن الفخذ عورة".

ورواه البيهقي (2/ 228) من طريق ابن أبي أويس، عن مالك، به نحوه.

ورواه الترمذي (5/ 110: 2795)؛ وابن أبي شيبة في مصنفه (9/ 118: 6743)؛ والدارقطني (1/ 224)؛ والحاكم (4/ 180)، من طريق ابن عيينة، عن سالم أبي النضر، عن زرعة بن مسلم بن جرهد الأسلمي، عن جده جرهد قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، بجرهد في المسجد، وقد انكشف فخذه فقال:"إن الفخذ عورة".=

ص: 356

= قال البخاري في تاريخه (2/ 249)، بعد الإشارة إلى هذه الطريق: وهذا لا يصح. اهـ.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وما أرى إسناده بمتصل. اهـ.

وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي.

ورواه أحمد (3/ 478) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك، عن أبي النضر، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن أبيه، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مر به

الحديث.

ورواه الطحاوي في المشكل (2/ 285)، من طريق ابن وهب، عن مالك، عن أبي النضر، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن أبيه، عن جده جرهد، وكان من أصحاب الصفة، أنه قال: جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عندي وفخذي منكشفة، فقال:"خمر عليك، أما علمت أن الفخذ عورة".

ورواه في شرح معاني الآثار (1/ 475) من طريق ابن وهب، عن مالك، عن أبي النضر، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن أبيه، وكان من أصحاب الصفة، أنه قال: جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عندي

الحديث، بمثل لفظه السابق في المشكل.

ورواه أحمد (3/ 479) من طريق إسحاق بن عيسى الطباع، عن مالك، عن أبي النضر، عن زرعة بن جرهد، عن أبيه وكان من أصحاب الصفة

الحديث.

ورواه الترمذي (5/ 111: 2798)؛ وعبد الرزاق (1/ 289: 1115)؛ وأحمد (3/ 478)، من طريق معمر، عن أبي الزناد، أخبرني ابن جرهد، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، مرّ به وهو كاشف عن فخذه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"غط فخذك فإنها من العورة" هذا لفظ الترمذي، وعند أحمد:(مرّ بي)، وعند عبد الرزاق:(رآني).

قال الترمذي: هذا حديث حسن. اهـ.

ورواه أحمد (3/ 479)، وابن حبان (3/ 106: 1707)، من طريق سفيان=

ص: 357

= -وهو الثوري- قال: حدثني أبو الزناد، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن جده جرهد قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وعليَّ بردة، وقد انكشفت فخذي، قال:"غط فإن الفخذ عورة".

ورواه الطحاوي (1/ 475)، من طريق مسعر، عن أبي الزناد، عن عمه زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن جده جرهد، قَالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وعلي بردة قد كشفت عن فخذي فقال:"غلط فخذك، الفخذ عورة".

ورواه أيضًا في المشكل (2/ 286) بنفس الإسناد السابق، إلَّا أنه قال:(عن عمه زرعة بن عبد الله) وأظنه تحريفًا.

ورواه أحمد (3/ 479)؛ والبخاري في تاريخه (2/ 248)، من طريق ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن جرهد جده، ونفر من أسلم سواه ذوي رضا، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرّ على جرهد، وفخذ جرهد مكشوفة فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"يا جرهد غط فخذك، فإن يا جرهد الفخذ عورة" ولم يذكر البخاري قوله: (ونفر من أسلم سواه ذوي رضا) كما أنه اختصر الحديث.

ورواه الترمذي (5/ 111: 2797)؛ وأحمد (3/ 478)؛ والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 475)؛ وفي المشكل (2/ 285)، من طريقين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيل، عن عبد الله بن جرهد الأسلمي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وعند أحمد: سمع أباه جرهدًا يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الفخذ عورة" هذا لفظ الترمذي.

وعند أحمد: "فخذ المرء المسلم عورة".

قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. اهـ.

ورواه البخاري في تاريخه (5/ 63)، والطحاوي (1/ 475)، من طريق الحسن، -تحرفت في المطبوع من شرح معاني الآثار إلى (المحسن) - ابن صالح، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عن عبد الله بن مسلم بن جرهد، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ=

ص: 358

= النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فخذ الرجل من عورته" أو قال: "من العورة" واللفظ للطحاوي.

قال البخاري (التهذيب 5/ 170): عبد الله بن مسلم أصح. اهـ.

قال الحافظ في تغليق التعليق (2/ 212): فدخله أيضًا -يعني حديث عبد الله بن محمد بن عقيل- الاضطراب والإرسال. اهـ.

قلت: وله طرق أخرى، منها المرسل، ومنها الموقوف، أعرضت عن ذكرها اختصارًا.

قال ابن القطان الفاسي -انظر: نصب الراية (4/ 243) -: وحديث جرهد له علتان:

إحداهما: الاضطراب المؤدي لسقوط الثقة به، وذلك أنهم مختلفون فيه، فمنهم من يقول: زرعة بن عبد الرحمن، ومنهم من يقول: زرعة بن عبد الله

قال: وإن كنت لا أرى الاضطراب في الإسناد علة، فإنما ذلك إذا كان من يدور عليه الحديث ثقة، فحينئذِ لا يضره اختلاف النقلة عليه إلى مرسل ومسند، أو رافع وواقف، أو واصل وقاطع، وأما إذا كان الذي اضطرب عليه الحديث غير ثقة، أو غير معروف، فالاضطراب يوهنه، أو يزيده وهنًا، وهذه حال هذا الخبر، وهي العلة الثانية أن زرعة وأباه غير معروف الحال، ولا مشهوري الرواية. اهـ.

وقال الحافظ في تغليق التعليق (2/ 209): وأما حديث جرهد فإنه حديث مضطرب جدًا. اهـ.

قلت: وهو كما قالا، فإن اضطرابه شديد، وليس له طريق مستقيمة، وأما حال زرعة بن عبد الرحمن فهي معروفة، فهو زرعة بن عبد الرحمن الأسلمي المدني، وقيل: زرعة بن مسلم بن جرهد، لكن قال البخاري وأبو حاتم: لم يصح، وقد وثقه النسائي وابن حبان.

انظر: التاريخ الكبير (3/ 110)؛ الجرح (3/ 606)؛ الثقات (4/ 268)؛ التهذيب (3/ 326).=

ص: 359

= وأما والده عبد الرحمن بن جرهد، فهو مجهول الحال. انظر: التهذيب (6/ 155)؛ التقريب (ص 338).

وأما عبد الله بن جرهد، وقيل: عبد الله بن مسلم بن جرهد -وصححه البخاري- فلم يرو عنه إلَّا عبد الله بن محمد بن عقيل. قال ابن حبان بعد ذكره في الثقات: إن كان حفظه. اهـ. ولم يوثقه أحد إلَّا ما كان من ابن حبان حيث ذكره في الثقات وقال ما ذكرناه عنه، فهو مجهول.

انظر: الثقات (5/ 22)؛ الميزان (2/ 400)؛ الكاشف (2/ 69)؛ التهذيب (5/ 170)؛ التقريب (ص 298).

ولمزيد الاطلاع على ما في هذا الحديث من الاضطراب. انظر: علل الدارقطني (4/ 92 ب)، وقد جاء مسند جرهد الأسلمي في وسط مسند ابن عمر، ثم انبتر الكلام على هذا الحديث بعد أن ذكر كثيرًا من طرقه، وأظن أن بعض الأوراق جاءت في غير محلها فانبتر الكلام.

2 -

وعن محمد بن جحش رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فمرّ على معمر، وهو جالس عند داره بالسوق، وفخذاه مكشوفتان، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"يَا معمر غط فخذيك، فإن الفخذين عورة".

رواه أحمد (5/ 290)؛ والبخاري في التاريخ (1/ 13)، وعلقه في الصحيح بصيغة التمريض (1/ 478)؛ والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 474)؛ وفي مشكل الآثار (2/ 285)؛ والطبراني في الكبير (19/ 245، 246: 550، 551، 552، 553، 554، 555)؛ والحاكم (3/ 637، 4/ 80)؛ والبيهقي (2/ 228)،

واللفظ له؛ -والخطيب في الأسماء المبهمة (ص 380) - من طرق عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي كثير مولى محمد بن جحش، به.

قال الحافظ في الفتح (1/ 479): رجاله رجال الصحيح، غير أبي كثير، فقد روى عنه جماعة، لكن لم أجد فيه تصريحًا بتعديل، ومعمر المشار إليه هو معمر بن=

ص: 360

= عبد الله بن نضلة القرشي العدوي. اهـ.

قلت: أبو كثير، ذكره البخاري، وابن أبي حاتم، وسكتا عليه، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: شيخ. وقال الحافظ في التقريب: ثقة. فيبدو أن الحافظ إنما وثقه رغم أنه لم يجد فيه تصريحًا بتعديل، لرواية جماعة من الثقات عنه، ولعدم وجود النكارة في حديثه، ولذكر ابن حبان له في الثقات.

التاريخ الكبير (8/ كنى 65)؛ الجرح (9/ 429)؛ الثقات (5/ 570)؛ الكاشف (3/ 328)؛ التهذيب (12/ 211)؛ التقريب (ص 668).

3 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، على رجل وفخذه خارجة فقال:"غط فخذك فإن فخذ الرجل من عورته".

ذكره البخاري معلقًا (1/ 478)؛ ورواه الترمذي (5/ 111: 2796)؛ وابن أبي شيبة في مصنفه (9/ 119: 6747)؛ وأحمد (1/ 275)، واللفظ له؛ والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 474)؛ وفي مشكل الآثار (2/ 285)؛ والطبراني في الكبير (11/ 84: 11119)؛ والحاكم (4/ 181)؛ والبيهقي (2/ 228)؛ والخطيب في الأسماء المبهمة (ص 378)، من طرق عن إسرائيل بن يونس، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، به.

وأبو يحيى القتات مختلف في اسمه فقيل: زاذان، وقيل دينار، وقيل: مسلم، وقيل غير ذلك، قال الحافظ في التقريب (ص 684): لين الحديث. اهـ.

وقال أحمد: روى إسرائيل عن أبي يحيى القتات أحاديث مناكير جدًا، كثيرة. اهـ. انظر: الميزان (4/ 586)؛ التهذيب (12/ 277).

قال البيهقي بعد روايته لهذه الأحاديث الثلاثة -حديث جرهد، وحديث ابن عباس، وحديث محمد بن جحش-: وهذه أسانيد صحيحة يحتج بها. اهـ. (2/ 228).

قلت: وقد مر بك ما فيها من العلل، لكن يتقوى بعضها ببعض.

ص: 361

319 -

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (1)، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أنا أَبُو الرِّجَالِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: (لَا تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ (2) لمن قدر) (3).

(1) هو ابن علية.

(2)

أي: درع، وخمار، وإزار. انظر: سنن البيهقي (2/ 235)، فقد جاء تفسيرها في رواية عن عمر رضى الله عنه.

(3)

أي: لمن توفرت عنده هذه الثياب، أو استطاع شراءها، أما من كان في ضيق من أمره فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.

ص: 362

319 -

تخريجه:

ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 182 أ)، كتاب استقبال القبلة، باب ما تصلي فيه المرأة، وعزاه لمسدد، وقال: هذا إسناد رجاله ثقات. اهـ.

وروى عبد الرزاق (3/ 128: 5029)، كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة من الثياب، وابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 224)، كتاب الصلوات، باب المرأة في [كم] ثوب تصلي، عن مكحول، عمن سأل عائشة رضي الله عنها، في كم تصلي المرأة من الثياب؟ فقالت له: سل عليًا ثم ارجع إليَّ فأخبرني بالذي يقول لك، قال: فأتى عليًا فسأله فقال: في الخمار، والدرع السابغ. فرجع إلى عائشة فأخبرها، فقالت: صدق.

ورجاله ثقات إلا أنه منقطع، لأن مكحولًا لم يسمع من عائشة، ووقع في مصنف ابن أبي شيبة (عن مكحول قال: سألت عائشة)، وهو خطأ لاتفاقهم على عدم سماعه منها. انظر: جامع التحصيل (ص 285)؛ التهذيب (10/ 289)، وقد تبين لي أن ما وقع في مصنف ابن أبي شيبة إنما هو خطأ مطبعي، فقد جاء في النسخة التي حققها حبيب الرحمن الأعظمي (3/ 270: 6142): (عن مكحول قال: سُئلت عائشة

) الحديث، فصرح أنه سألها غيره.=

ص: 362

= وروى عبد الرزاق (3/ 129: 5031)، كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة من الثياب، عن ابن جريج قال: أخبرتني ليلى بنت سعيد: أنها رأت عائشة أم المؤمنين تصلي في الدار مؤتزرة و [عليها] درع، وخمار كثيف ليس عليها غير ذلك.

وروى ابن أبي أبي شيبة في مصنفه (2/ 226)، كتاب الصلوات، باب المرأة في [كم] ثوب تصلي- من طريق ابن فضيل، عن عاصم، عن معاذة، عن عائشة:(أنها قامت تصلي في درع وخمار، فأتتها الأمة فألقت عليها ثوبًا).

وهذا إسناد حسن.

ص: 363

الحكم عليه:

الأثر بهذا الإسناد حسن، لأجل ابن إسحاق، فإنه صدوق مدلس، لكن قد صرح بالإخبار هنا فانتفى التدليس. وله شواهد عن بعض الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، يرتفع بها إلى الصحيح لغيره. فمن شواهده:

1 -

عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، قَالَ:(تصلي المرأة في ثلاثة أثواب)، وسيأتي بر قم (321)، وسنده صحيح.

2 -

وعن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، قال:(إذا صلت المرأة فلتصل في ثيابها كلها: الدرع، والخمار، والملحفة).

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 225)، من طريق عبد الله بن نمير، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، به. وهذا سند صحيح.

3 -

وعن ابن سيرين، قال:(تصلي المرأة في ثلاثة أثواب)، وفي رواية عنه:(كان يستحب أن تصلي المرأة في ثلاثة أثواب، في الدرع والخمار والحَقْو).

قلت: كانت الأنصار تسمي الإزار: الحَقْوَ. انظر: ابن أبي شيبة (2/ 225). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 225).

الأولى: من طريق ابن علية عن أيوب، به. وهذا سند صحيح. والثانية: من طريق وكيع، قال: حدثنا أبو هلال، به. وهذا سند حسن، أبو هلال هو محمد بن سُلَيم الراسبي، صدوق فيه لين. انظرة التقريب (ص 481).

ص: 363

320 -

حَدَّثَنَا (1) هُشَيْمٌ، عَنْ مُجالد (2) قَالَ (3): سُئل مَسْرُوقٌ: كيف تصلي [الأمة](4)؟ قال: (كما تخرج)(5).

(1) القائل هو مسدد، فالحديث مس مسنده كسابقه. وهثيم هو ابن بشير.

(2)

في (ك): (خالد).

(3)

ليست في (عم) و (سد) و (ك).

(4)

في (مح) و (حس) و (سد): (المرأة)، وما أثبته مس (عم) و (ك) والإتحاف، ومصنف ابن أبي شيبة.

(5)

أي: كما تخرج للسوق وغيره، وكانت الإماء تخرج بدون خمار لِيُعرَفْن من الحرائر، بل ورد عن عمر بن الخطاب أنه أجبرهن على ذلك، ونزع خمار من رآها تلبسه. انظر: مصنف عبد الرزاق (2/ 134: 5059، 5061)؛ ومصنف ابن أبي شيبة (2/ 230، 231)، وهذا عندي في ما إذا لم تخش الفتنة، فإن خيت الفتنة بهن وجب سترهن دفعًا للمفسدة.

ص: 364

320 -

تخريجه:

ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 182 أ)، كتاب استقبال القبلة، باب ما تصلي فيه المرأة من الثياب. وعزاه لمسدد، وفال: مجالد ضعيف. اهـ.

ورواه ابن أبي شيبة في مصنف (2/ 230)، كتاب الصلوات، باب في الأمة تصلي بغير خمار، من طريق أبي أسامة، عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق قال:(تصلي الأمة كما تخرج).

وفيه مجالد، وليس بالقوي، وتغير بآخره. انظر ترجمته في الجرح (8/ 361)؛ الميزان (3/ 438)؛ التهذيب (10/ 39).

ص: 364

الحكم عليه:

الأثر بهذا الإسناد فيه ثلاث علل:

1 -

عنعنة هشيم، وهو مدلس، لكن تابعه أبو أسامة، كما في رواية ابن أبي شيبة.

2 -

ضعف مجالد بن سعيد.=

ص: 364

= 3 - الانقطاع بين مجالد ومسروق، فلم أجد له رواية عنه، وإنما المشهور أنه يروي عنه بواسطة الشعبي، فإن كان الساقط هو الشعبي فلا يضر لأنه ثقة، لكن لا نعلم من هو الساقط، فقد يكون غيره. وقد جاء متصلًا عند ابن أبي شيبة، كما ذكرت في التخريج، من طريق مجالد، عن الشعبي، عن مسروق. وبهذا ترتفع هذه العلة.

لذا، فالأثر ضعيف. وقد جاء عن غير مسروق بأسانيد لا تخلو من مقال، وصح نحوه عن عطاء:

1 -

عن أبي إسحاق: أن عليًا وشُريحًا كانا يقولان: (تصلي الأمة كما تخرج).

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 230)، من طريق شريك، به.

وشريك هو ابن عبد الله النخعي، صدوق يخطىء كثيرًا، تغير حفظه منذ وُلي القضاء. انظر: التقريب (ص 266).

وأبو إسحاق هو السبيعي، مدلس لا يقل من حديثه إلا ما صرح فيه بالسماع، وقد عنعن هنا، وليس له سماع من علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وإنما رآه رؤية.

انظر: جامع التحصيل (ص 245).

لذا، فالأثر بهذا الإسناد ضعيف جدًا.

2 -

وعن شُريح قال: (تصلي الأمة كما تخرج).

رواه عبد الرزاق (3/ 135: 5056)، وابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 230)، من طرق عن مجالد، عن الشعبي، به.

ومجالد قد عرفت حاله فيما تقدم.

3 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، (وسُئل كيف تصلي الأمة؟ قال: كما تخرج).

رواه ابن أبي شيبة (2/ 231)، من طريق مجالد عن الشعبي، به.=

ص: 365

= 4 - وعن ابن جريج قال: قلت لعطاء: ما أدنى ما تكفي الأمة من الثياب؟ قال: نقول فيها ما قال عمر: ألقت فروتها وراء الدار، فيكفيها إزارها ودرعها، قال: وتجعل بعض درعها على رأسها، فلت: فكانت ناكحة عبدًا؟ قال: وكذلك أمة عند عبد. قلت: فكانت ناكحة حرًا؟ قال فلتلفف ذلك منها، لتصل في إزارها ودرعها وخمارها.

رواه عبد الرزاق (3/ 133: 5052). وسنده صحيح إلى عطاء بن أبي رباح، أما المنقول عن عمر فمنقطع، لأن عطاء بن أبي رباح لم يدرك عمر، رضي الله عنه.

انظر: جامع التحصيل (ص 237)، وقد روى مجاهد، عن عمر، نحوه.

مصنف ابن أبي شيبة (2/ 231)، ولم يدرك عمر أيضًا. انظر: جامع التحصيل (ص 273).

5 -

وعن ابن جريج -أيضًا- قال: قلت لعطاء: أتصلي الأمة التي قد حاضت بغير خمار؟ قال: نعم.

رواه عبد الرزاق (3/ 135: 5057)، وسنده صحيح.

6 -

وعن إبراهيم النخعي قال: (ليس على الأمة خمار، وإن كانت عجوزًا).

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 230)، من طريق سفيان، عن حماد، به.

وسفيان هو الثوري، وحماد هو ابن أبي سليمان: ففيه صدوق له أوهام.

انظر: التقريب (ص 178).

ص: 366

321 -

وقال أحمدبن مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّه، ثنا (1) سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: (تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي ثَلَاثِة أَثْوَابٍ).

* هَذَا إسناد صحيح.

(1) في (ك): (عن).

ص: 367

321 -

تخريجه:

ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 182)، كتاب استقبال القبلة، باب ما تصلي فيه المرأة، وعزاه لابن منيع، وقال: هذا إسناد صحيح. اهـ.

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 224)، كتاب الصلوات، باب المرأة في [كم] ثوب تصلي. ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (5/ 74: 2410) جماع أبواب اللباس في الصلاة، ذكر عدد ما تصلي فيه المرأة من الثياب، من طريق ابن علية -وسقط ابن أبي شيبة من المطبوع، فصار:(حدثنا موسى بن هارون، ثنا ابن علية). وموسى لم يدرك ابن علية-.

والبيهقي (2/ 235)، كتاب الصلاة، باب الترغيب في أن تكثف ثيابها. من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري.

كلاهما عن سليمان التيمي، به، مثله. وزاد البيهقي في روايته:(درع، وخمار، وإزار).

ص: 367

الحكم عليه:

الأثر بهذا الإسناد رجاله ثقات، لكن تكلم القطان في رواية التيمي عن الحسن، وابن سيرين، وقال: صالحة إذا قال: سمعت، أو: قلت. اهـ. وقد عنعن هنا. لكن الحافظ ابن حجر، وتلميذه البوصيري، قد صححا هذا الإسناد، فكأنهما لم يلتفتا إلى قوله. وله شواهد صحيحة، وبعضها حسن، عن عائشة، وابن عمر، وابن سيرين رضي الله عنهم، من كلامهم، وقد تقدم تخريجها في رقم (319).

ص: 367

322 -

[1] وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ [عُمَرَ](1) الْأَسْلَمِيُّ، ثنا الضَّحَّاكُ بْنُ [عُثْمَانَ](2)، عَنْ حَبِيبٍ مَوْلَى عُرْوَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما، تَقُولُ:(رَأَيْتُ أَبِي يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ (3)، وَثِيَابُهُ مَوْضُوعَةٌ، وَقَالَ (4): يَا بُنَيَّةُ إِنَّ آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ الله صلَّى (5) فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ).

[2]

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، بِهِ.

(1) في (مح) و (عم) و (حس) و (سد) ومصنف ابن أبي شيبة: (عَمرو)، والتصحيح من (ك) ومسند أبي يعلى، والمقصد العلي، والإتحاف، وكتب الرجال. ومحمد بن عمر الأسلمي هو الواقدي.

(2)

في (مح) و (عم) و (حس) و (سد): (عمر)، والتصحيح من (ك) ومصنف ابن أبي شيبة، ومسند أبي يعلى، والإتحاف، وكتب الرجال.

(3)

في مسند أبي يعلى: (قلت: يا أبه تصلي في ثوب واحد وثيابك موضوعة؟ فقال

).

(4)

في مصنف ابن أبي شيبة: (فقال).

(5)

في (ك) ومصنف ابن أبي شيبة ومسند أبي يعلى والمقصد والمجمع والإتحاف: (خلفي).

ص: 368

322 -

تخريجه:

هو في مسند أبي يعلى (1/ 51: 51).

وذكره الهيثمي (المقصد العلي ص 364: 323).

وذكره الهيثمي -أيضًا- (المجمع 2/ 48)، وقال: رواه أبو يعلى، وفيه الواقدي وهو ضعيف. اهـ.

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 171 أ) كتاب الإمامة، باب صلاة الإمام خلف رجل من رعيته، وعزاه لأبي بكر، وأبي يعلى، وقال: هذا إسناد ضعيف، شيخ ابن أبي شيبة: الواقدي. اهـ.

وذكره السيوطي في مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه (ص 7: 1)، وعزاه لابن أبي شيبة.=

ص: 368

= ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 314)، كتاب الصلوات، باب في الصلاة في الثوب الواحد. وأبو بكر المروزي في مسند أبي بكر الصديق (ص 150: 115)، من طريق الواقدي، به مثله، إلا أن المروزي ساقه بلفظ أبي يعلى، وفيه بعض إيضاح كما بينت في فروق النسخ.

ص: 369

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد فيه علتان:

1 -

الواقدي، وهو متروك.

2 -

حبيب مولى عروة، وهو لين الحديث، ولم أجد من تابعه.

لذا، فالحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا، لكن الصلاة في الثوب الواحد ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم. روى ذلك غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم.

فمن هذه الأحاديث:

1 -

عن محمد بن المنكدر قال: (رأيت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يصلي في ثوب واحد، وقال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يصلِّي في ثوب) زاد مسلم: (متوشِّحًا به).

رواه البخاري (1/ 468: 353)؛ ورواه مسلم (1/ 369: 518)، من طريق أبي الزبير، وأبو داود (1/ 416: 633) من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر، بنحوه.

2 -

وعن عمر بن أبي سلمة: أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد، في بيت أم سلمة، وقد ألقى طرفيه على عاتقيه.

رواه البخاري (1/ 468، 469: 354، 355، 356)؛ ومسلم (1/ 368: 517)؛ وأبو داود (1/ 415: 628)؛ والترمذي (2/ 166: 339)؛ والنسائي (2/ 70: 764)؛ وابن ماجه (1/ 333: 1049)؛ ومالك في الموطأ (1/ 140).

3 -

وعن أم هانىء رضي الله عنها قالت: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، فوجدته يغتسل، وفاطمة ابنته تستره. قالت: فسلمت عليه. فقال: من هذه؟ =

ص: 369

= قلت: أنا أم هانىء بنت أبي طالب. فقال: "مرحبًا بأم هانىء". فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات ملتحفًا في ثوب واحد

) الحديث.

رواه البخاري (1/ 469: 357)، واللفظ له، ومسلم (1/ 265: 336).

4 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن سائلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن الصلاة

في ثوب واحد، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَوَلِكُلكم ثوبان؟! ".

رواه البخاري (1/ 470: 358)؛ ومسلم (1/ 367: 515)؛ وأبو داود (1/ 414: 625)؛ والنسائي (2/ 69: 763)؛ وابن ماجه (1/ 333: 1047)؛ ومالك في الموطأ (1/ 140).

5 -

وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: (آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مع القوم صلى في ثوب واحد متوشحًا، خلف أبي بكر).

رواه النسائي واللفظ له (2/ 79: 785)؛ والترمذي (2/ 197: 363)، ولفظه:(صلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في مرضه خلف أبي بكر، قاعدًا في ثوب متوشًحًا به)، وابن حبان (3/ 283: 2122) بنحو رواية النسائي، من طريق حميد الطويل، عن ثابت، به.

ولم يذكر النسائي ثابتًا في روايته، وإنما هو عنده من طريق حميد، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه. وسيأتي لهذا الحديث مزيد تخريج عند الحديث رقم (332).

قال الترمذى: هذا حديث حسن صحيح. قال: وهكذا رواه يحيى بن أيوب، عن حميد، عن ثابت، عن أنس، وقد رواه غير واحد عن حميد، عن أنس؛ ولم يذكروا فيه (عن ثابت)، ومن ذكر فيه (عن ثابت) فهو أصح. اهـ.

ص: 370

323 -

[وَقَالَ](1) الْحَارِثُ: نَا (2) أَبُو النَّضْرِ (3)، نا (4) اللَّيْثُ (5)، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (6) عَنْ بُسْر (7) بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ (8) الْخَوْلَانِيِّ، رَبِيبِ (9) مَيْمُونَةَ رضي الله عنهما، قال (10):(رَأَيْتُ مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، تُصَلِّي فِي دِرْعٍ (11) سَابِغٍ (12) ضَيِّقٍ، وَخِمَارٍ (13)، لَيْسَ عَلَيْهَا إزار) (14).

* صحيح موقوف.

(1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ك).

(2)

فى (عم) و (سد) و (ك): (حدثنا).

(3)

هو هاشم بن القاسم.

(4)

في (عم) و (سد): (ثنا).

(5)

هو ابن سعد.

(6)

هو الأشج.

(7)

في (عم) و (سد): (بشر).-بالمعجمة- وفي (ك): (بشير).

(8)

في (ك): (عبد الله).

(9)

زاد هنا فى (عم): (عن) ولا محل لها.

(10)

ليست فى (ك).

(11)

درع المرأة: قميصها. النهاية (2/ 114)، مادة:(درع).

(12)

قال ابن فارس: سبغ: السين والباء والغين. أصل واحد يدل على تمام الشيء وكماله. اهـ.

والسابغ ما طال إلى الأرض واتسع. معجم مقاييس اللغة (3/ 129)؛ اللسان (8/ 432)، مادة:(سبغ).

(13)

قال ابن فارس في مادة (خَمَر): والخاء والميم والراء، أصل واحد يدل على التغطية، والمخالطة في ستر. اهـ. والخمار ما تغطي به المرأة رأسها. معجم مقاييس اللغة (2/ 215)؛ اللسان (4/ 257)؛ والمعجم الوسيط (1/ 255)، مادة:(خمر).

(14)

هو ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن -يُذَكَّر ويُؤنث-. المعجم الوسيط (1/ 116)، مادة:(أزر).=

ص: 371

= 323 - تخريجه:

ذكره الهيثمي (بغية الباحث ص 193: 134).

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 182)، كتاب القبلة، باب ما تصلي فيه المرأة، وعزاه للحارث بن أبي أسامة.

ورواه مالك في الموطأ (1/ 142) كتاب صلاة الجماعة، باب الرخصة في صلاة المرأة في الدرع والخمار -ومن طريقه البيهقي (2/ 233)، كتاب الصلاة، باب ما تصلي فيه المرأة من الثياب- من طريق الثقة، عن بكير بن عبد الله الأشج، به، ولفظه:(كانت تصلي في الدرع والخمار وليس عليها إزار).

قلت: لا يكتفى بتوثيق رجل دون تسميته، لأنه قد يكون ثقة عنده، ضعيفًا عند غيره. انظر: تدريب الراوي (1/ 310).

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 225)، كتاب الصلوات، باب المرأة في [كم] ثوب تصلي، من طريق مالك، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن عبيد الله الخولاني، عن مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(أنها صلت في درع وخمار).

قلت: قد رواه مالك في الموطأ، كما مر من طريق الثقة عنده، عن بكير.

وروى ابن أبي حاتم في الجرح (1/ 23) بإسناده: أنه قيل لمالك: سمعت من بكير بن عبد الله بن الأشج؟ فقال: لا أعلمه.

وقال أحمد: لم يسمع من بكير بن الأشج شيئًا. اهـ.

وقال العلائي: قد صرح الإمام مالك بالسماع منه، رواه عنه ابن وهب. اهـ.

جامع التحصيل (ص 271). وكذلك بكير إنما يروي هذا الحديث من طريق بسر بن سعيد، كما مر.

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه أيضًا (2/ 224)، من طريق محمد بن إسحاق، عن بكير بن الأشج، عن عبيد الله الخولاني قال:(رأيت ميمونة تصلي في درع واحد فضلا، وقد وضعت بعض كمها على رأسها).=

ص: 372

= قال: وكان. عبيد الله يتيمًا في حجرها.

وفيه عنعنة ابن إسحاق، وهو مدلس، وبكير بن الأشج إنما يروي هذا الحديث من طريق بسر بن سعيد، عنه، كما رواه الثقات.

ورواه ابن المنذر في الأوسط (5/ 72: 2406) جماع أبواب اللباس في الصلاة: ذكر عدد ما تصلي فيه المرأة من الثياب، من طريق ابن وهب.

والبيهقي (2/ 233)، كتاب الصلاة، باب ما تصلي فيه المرأة من الثياب، من طريق ابن لهيعة.

كلاهما عن بكير بن عبد الله بْنِ الأشج، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عبيد الله الخولاني، به مثله. وليس عند البيهقي قوله:(ضيق).

تنبيه: وقع في أكثر المصادر تسمية بسر بن سعيد (بشر) بالمعجمة، وهو تصحيف.

ص: 373

الحكم عليه:

الأثر بهذا الإسناد رجاله كلهم ثقات، وهو صحيح كما قال الحافظ رحمه الله.

1 -

وله شاهد من حديث مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ، عن أمه أنها سألت أم سلمة: ماذا تصلي فيه المرأة من الثياب؟

فقالت: تصلي في الخمار والدرع السابغ الذي يغيب ظهور قدميها.

رواه أبو داود (1/ 420: 639)؛ ومالك في الموطأ (1/ 142)؛ وابن سعد (8/ 476)؛ وابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 225)؛ وابن المنذر في الأوسط (5/ 72: 2405)؛ والبيهقي (2/ 232)، من طرق عن محمد بن زيد، به، -وجاء في المطبوع من طبقات ابن سعد:(محمد بن يزيد) فلعله تصحيف-.

وأمه أم حرام، قال الذهبي: لا تعرف. (الميزان 4/ 612).

وقد روي مرفوعًا: رواه أبو داود (1/ 420: 640)، والحاكم (1/ 250)، والبيهقي (2/ 233)، مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن دينار، عن محمد بن زيد،=

ص: 373

= عن أمه (وفي المستدرك: عن أبيه) -وقد راجع شيخنا ما لديه من نسخ المستدرك، فوجدها مثل المطبوع، فلا أدري هل هي تصحيف أم رواية- عن أم سلمة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟

قال: "إذا كان الدرع سابغًا يغطي ظهور قدميها".

قال أبو داود: روى هذا الحديث: مالك بن أنس، وبكر بن مضر، وحفص بن غياث، وإسماعيل بن جعفر، وابن أبي ذئب، وابن إسحاق، عن محمد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة، لم يذكر أحد منهم النبي صلى الله عليه وسلم، قصروا به على أم سلمة رضي الله عنها. اهـ. وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي.

وقال الدارقطني (العلل 5/ 181 ب)، وهو الصواب -يعني وقفه-.

قلت: عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، صدوق يخطىء. (التقريب ص 344)، وقد خالف كل هؤلاء الثقات، وعلى كل حال فهو ضعيف؛ لجهالة حال أم محمد بن زيد، وعلى فرض صحة ما في المستدرك من قوله:(عن أبيه)، فقد ذكره ابن أبي حاتم. (الجرح 3/ 572)، ولم بذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، ولم أجد له ترجمة عند غيره.

2 -

وعن عطاء بن أبي رباح قال: تصلي المرأة في درع وخمار.

رواه ابن أبي شيبة (2/ 226)، من طريق عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، به.

وهذا سند صحيح، وتقدم تخريج هذا الأثر في رقم (319).

ص: 374

324 -

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا عَبْدان، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ قَالَ (1):(سَأَلْتُ عَطَاءً (2) عَنِ الْقَوْمِ يَغْرِقُونَ فَيَخْرُجُونَ عُرَاةً كَيْفَ يُصَلُّونَ؟ قَالَ: إِنْ أَصَابُوا حَشِيشًا اسْتَتَرُوا بِهِ، وإلَاّ صَلَّوْا قُعُودًا، إِمَامُهُمْ بَيْنَهُمْ -أو قال: وسطهم-) (3).

(1) لفظة (قال) ليست في (ك).

(2)

هو ابن أبي رباح.

(3)

في (ك): (أوسطهم).

ص: 375

324 -

تخريجه:

ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 171 أ)، كتاب الإمامة، باب في إمامة الأعمى والعراة، وعزاه لأبي يعلى، وقال: هذا إسناد ضعيف لضعف الحجاج. اهـ.

وروى عبد الرزاق (2/ 583: 4561)، من طريق ابن جريج قال: سئل عطاء عن الرجل يخرج من البحر عريانًا؟ قال: يصلي قاعدًا.

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 92)، كتاب الصلوات في القوم يكونون عراة وتحضر الصلاة، من طريق حفص بن غِياث، عن ابن جريج، عن عطاء: سئل عن قوم انكسرت بهم سفينتهم فأدركتهم الصلاة وهم في الماء؟ قال: يومئون إيماء.

فإن خرجوا عراة؟ قال: يصلون قعودًا.

ولم يصرح ابن جريج بالسماع من عطاء، وهو مدلس لا يقبل من حديثه إلَّا ما صرح فيه بالسماع.

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه: -الإحالة السابقة-، من طريق وكيع، عن إبراهيم بن يزيد، عن عطاء في العراة، قال: يصلون قعودًا يومئون إيماء يقوم إمامهم وسطهم.

وابراهيم بن يزيد، هو الخوزي، وهو متروك الحديث. (التقريب ص 95).=

ص: 375

= الحكم عليه:

الأثر بهذا الإسناد ضعيف، لعدم معرفة حال شيخ أبي يعلى. فإن كان عبدان بن يسار الشامي فهو مجهول.

وأما ما أعل به البوصيري هذا الأثر بقوله: هذا إسناد ضعيف؛ لضعف حجاج. اهـ. فلا أوافقه عليه، لأن حجاجًا صدوق ربما أخطأ، فإذا صرح بالسماع فلا ينزل حديثه عن درجة الحسن -إن شاء الله تعالى- خاصة وأنه كان فقيهًا وهذه مسألة فقهية.

وأما ما ذكرته من المتابعات فليست بناهضة لتقوية هذا الأثر لما فيها من العلل.

وقد روي نحو هذا الأثر عن بعض الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، فمن ذلك:

1 -

عن ميمون بن مِهران قال: سئل علي عن صلاة العريان، فقال: إن كان حيث يراه الناس صلى جالسًا، وإن كان حيث لا يراه الناس صلى قائمًا.

رواه عبد الرزاق (2/ 584: 4566)، من طريق إبراهيم بن محمد، عن إسحاق بن عبد الله، به.

وإبراهيم بن محمد هو ابن أبي يحيى الأسلمي، وهو متروك. التقريب (ص 93). وميمون بن مهران لا أراه أدرك عليًا، فقد قال أحمد: لم يرو إلَّا عن ابن عباس وابن عمر، رضي الله عنهم. اهـ. وقال أبو زرعة ميمون بن مهران، عن سعد

مرسل. اهـ. مراسيل بن أبي حاتم (ص 206، 207). فَمِن رِوايته عن سعد بن أبي وقاص مرسلة فبالأحرى أن تكون عن علي مرسلة أيضًا، لأن سعدًا تأخر موته فقد مات سنة خمس وخمسين. (التقريب ص 232)، وعلي مات سنة أربعين. (التقريب ص 402).

2 -

وعن نافع، عن ابن عمر، في قوم عراة خرجوا من البحر، قال: يصلون قعودًا ويومئون إيماء.

رواه ابن المنذر (الأوسط 1/ ق 248 أ)، جماع أبواب اللباس في الصلاة، ذكر=

ص: 376

= صلاة العاري لا يجد ما يستتر به، من طريق إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عبيد الله، به.

وعبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة الحمصي، ضعيف جدًا، ولم يرو عنه إلَّا إسماعيل بن عياش. انظر: التهذيب (6/ 348).

وأيضًا إسماعيل بن عياش مدلس، وقد عنعن.

3 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: الذي يصلي في السفينة، والذي يصلي عريانًا، يصلي جالسًا.

رواه عبد الرزاق (2/ 584: 4565)، من طريق إبراهيم بن محمد، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، به.

وإبراهيم بن محمد، هو ابن أبي يحيى الأسلمي، وهو متروك. (التقريب ص 93).

4 -

وعن معمر، عن قتادة قال: إذا خرج ناس من البحر عراة فأمهم أحدهم، صلوا قعودًا، وكان إمامهم معهم في الصف، ويومئون إيماء.

قال معمر: وإن كان على أحدهم ثوب أمهم قائمًا، ويقوم في الصف، وهم خلفه قعودًا صفًا واحدًا.

رواه عبد الرزاق (2/ 583: 4564)، وسنده صحيح.

ورواه أيضًا (2/ 583: 4563)، عن معمر، عن قتادة، قال: إذا خرج الرجل من البحر عريانًا صلى جالسًا.

5 -

وعن الحسن، في القوم تنكسر بهم السفينة فيخرجون عراة كيف يصلون؟ قال: جلوسًا، وإمامهم وسطهم، ويسجدون ويغضون أبصارهم.

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 92)، من طريق يزيد بن هارون، عن هشام، به. ورجاله ثقات، إلَّا أنه تكلم في رواية هشام، وهو ابن حسان، عن الحسن البصري فقيل: لم يسمع منه لصغره وإنما يرسل عنه. انظر: التهذيب (11/ 34).

ص: 377

325 -

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ أَبِي (1) حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه، قال:(كَانَ عَامَّةُ مَنْ يُصَلِّي خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَصْحَابَ الْعُقَدِ). قُلْتُ: وَمَا أَصْحَابُ الْعُقَدِ؟ قَالَ: (لَمْ يَكُنْ لَأَحَدِهِمْ إلَّا ثَوْبٌ (2) كَانَ يعقده على عنقه).

(1) في (حس): (ابن). وأبو حازم هو سلمة بن دينار الأعرج.

(2)

زاد في المسند (واحد حتى).

ص: 378

325 -

تخريجه:

سقط مسند سهل بن سعد، من مسند الطيالسي المطبوع، وسقط كذلك من نسخة بتنة الهندية المخطوطة، وقد وجدته في نسخة مكتبة الأوقاف العراقية، ووجدت هذا الحديث فيه (ق 76 أ- ب).

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 178 أ)، كتاب القبلة، باب الصلاة في الثوب الواحد، وعزاه لأبي داود الطيالسي.

ورواه البخاري (1/ 473: 362)، كتاب الصلاة، باب إذا كان الثوب ضيقًا، (2/ 298: 814)، كتاب الأذان، باب عقد الثياب وشدها، (3/ 86: 1215)، كتاب العمل في الصلاة، باب إذا قيل للمصلي تقدم أو انتظر فانتظر فلا بأس.

ومسلم (1/ 326: 441)، كتاب الصلاة، باب أمر النساء المصليات وراء الرجال أن لا يرفعن رؤوسهن من السجود حتى يرفع الرجال.

وأبو داود (1/ 415: 630)، كتاب الصلاة، باب الرجل يعقد الثوب في قفاه ثم يصلي.

والنسائي (2/ 70: 766)، كتاب القبلة، باب الصلاة في الإزار.

وأحمد (3/ 433، 5/ 331).

من طرق عن الثوري، عن أبي حازم، به، ولفظه: القد رأيت الرجال عاقدي أزرهم في أعناقهم مثل الصبيان، من ضيق الأزر، خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال قائل: يا معشر النساء لا ترفعن رؤوسكن حتى يرفع الرجال"، هذا لفظ مسلم وأبي داود.=

ص: 378

= وفي لفظ للبخاري: (كان الناس يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهم عاقدوا أزرهم من الصغر على رقابهم، فقيل للنساء: لا ترفعن رؤوسكن حتى يستوي الرجال جلوسًا).

وأظن الحافظ اعتبره زائدًا بقوله فيه: (لم يكن لأحدهم إلَّا ثوب).

ورواه الطحاوي (1/ 382)، كتاب الصلاة، باب في الثوب الواحد، من طريق بشر بن المفضل، قال: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه: أن رجالًا من المسلمين كانوا يشهدون الصلاة مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عاقدي ثيابهم في رقابهم، ما على أحدهم إلَّا ثوب واحد.

وسنده حسن؛ عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الله بن الحارث المدني: صدوق. (التقريب ص 336).

ص: 379

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا، لأن فيه عدي بن الفضل، وهو متروك، لكن قد تابعه سفيان الثوري، كما عند الشيخين وغيرهما، في رواية معنى هذا الحديث عن أبي حازم، وليس في حديث سفيان قوله:(لم يكن لأحدهم إلَّا ثوب)، وقد جاءت هذه اللفظة في رواية الطحاوي، من طريق عبد الرحمن ابن إسحاق، -كما بينا في التخريج- فالمتن صحيح، إلَّا ذكر الثوب، فإنه لم يرد إلَّا في رواية الطحاوي، وسنده حسن.

وللحديث شواهد صحيحة كثيرة فيها صلاته صلى الله عليه وسلم، وبعض أصحابه، في ثوب واحد، وقد ذكرت طرفًا منها عند الحديث رقم (322).

ص: 379