المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌23 - باب الدعاء في الصلاة - المطالب العالية محققا - جـ ٣

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌4 - كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌1 - بَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ

- ‌2 - بَابُ عِظَم قَدْرِ الصَّلَاةِ

- ‌3 - بَابُ الْأَذَانِ

- ‌4 - باب مؤذن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌5 - بَابُ صِفَةِ الْأَذَانِ وَمَوْضِعِهِ

- ‌6 - بَابُ التَّأْذِينِ قَبْلَ الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ

- ‌7 - بَابُ لَا يَكُونُ الإِمام مُؤَذِّنًا

- ‌8 - بَابُ فَضْلِ الْمُؤَذِّنِينَ

- ‌9 - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ

- ‌10 - باب فضل من أذن محتسبًا

- ‌11 - بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ الْأَذَانِ

- ‌12 - بَابُ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ

- ‌13 - بَابُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةُ

- ‌14 - بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌15 - بَابُ مُرَاعَاةِ الْأَوْقَاتِ بِالْمَقَادِيرِ الْمُعْتَادَةِ

- ‌16 - بَابُ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لِلْحَاجَةِ

- ‌17 - بَابُ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ وَتَعْجِيلِهَا

- ‌18 - بَابُ الإِبراد بِالظُّهْرِ

- ‌19 - بَابُ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ

- ‌20 - بَابُ كَرَاهِيَةِ تَسْمِيَتِهَا الْعَتَمَةَ

- ‌21 - بَابُ كَرَاهَيةِ النَّوْمِ قَبْلَهَا

- ‌22 - بَابُ السَّمر بَعْدَ الْعِشَاءِ

- ‌23 - بَابُ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌26 - بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَالسُّتْرَةِ لِلْمُصَلِّي

- ‌27 - بَابُ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ

- ‌28 - بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ

- ‌29 - بَابُ جَوَازِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ

- ‌30 - بَابُ مَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَفِيهِ

- ‌31 - بَابُ مَا يُصَلَّى إِلَيْهِ وَمَا لَا يُصَلَّى إِلَيْهِ

- ‌32 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ الْمُصَلِّينَ

- ‌33 - بَابُ مَتَى يُؤْمَرُ الصَّبِيُّ بِالصَّلَاةِ

- ‌34 - [بَابُ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَتَوْسِيعِهَا]

- ‌35 - بَابُ فَضْلِ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا

- ‌38 - بَابٌ فِي فَضْلِ مُلَازَمَةِ الْمَسْجِدِ

- ‌39 - بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ

- ‌41 - بَابٌ السِّوَاكُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌42 - بَابُ الصُّفُوفِ

- ‌43 - بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌44 - بَابُ أَقَلِّ الْجَمَاعَةِ

- ‌45 - بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ

- ‌46 - بَابُ الْأَمْرِ بِاتِّبَاعِ الإِمام فِي أَفْعَالِهِ

- ‌48 - بَابُ أَمْرِ الإِمام بِالتَّخْفِيفِ

- ‌49 - بَابُ الْفَتْحِ عَلَى الإِمام

- ‌51 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ التَّدَافُعِ فِي الإِمامة بَعْدَ الإِمام

- ‌52 - بَابُ مِقْدَارِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌53 - باب التجميع في البيوت

- ‌54 - بَابُ شُرُوطِ الْأَئِمَّةِ

- ‌55 - بَابُ مَا يَصْنَعُ مَنْ جَاءَ وَحْدَهُ فَوَجَدَ الصَّفَّ كَامِلاً

- ‌56 - بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ

- ‌5 - " صِفَةُ الصَّلَاةِ

- ‌1 - بَابٌ فِي الِاسْتِفْتَاحِ وَغَيْرِهِ

الفصل: ‌23 - باب الدعاء في الصلاة

‌23 - بَابُ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ

288 -

قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى التُّسْتَري، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ [سَعِيدِ](1) بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ (2)، عَنْ أَبِي رَافِعٍ رضي الله عنه، قَالَ (3): إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[قَالَ](4): "سَلُوا حَوَائِجَكُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ".

* رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، إِنْ كَانَ أَبُو رَافِعٍ هُوَ الصَّحَابِيَّ، وَإِلَّا فَهُوَ مُرْسَلٌ، أَوْ مُعْضَلٌ.

(1) في جميع النسخ: (سعد)، والصواب:(سعيد) كما في مسند الروياني. ومصادر الترجمة، وهو سعيد بن أبي أيوب -واسمه: مقلاص- الخزاعي مولاهم.

(2)

هو أبو عبد الرحيم المصري الإسكندراني.

(3)

لفظة (قال)، ليست في (ك).

(4)

في (مح)، و (حس): قالوا.

ص: 250

288 -

تخريجه:

ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 200 أ)، كتاب افتتاح الصلاة، باب في فضل صلاة الصبح، وما يقرأ فيها، وعزاه لأبي يعلى، وقال: هذا إسناد رجاله ثقات. اهـ.

وذكره الديلمي في الفردوس (2/ 432).

ورواه الرُّوياني في مسنده (ق 138 ب) في مسند أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، من=

ص: 250

= طريق ابن إسحاق، نا محمد بن بكير، نا عبد الله بن وهب، به مثله، وزاد بعد قوله:(حوائجكم): (البتة).

ص: 251

الحكم عليه:

رجال إسناد هذا الحديث كلهم ثقات كما قال الحافظ، لكن ليس لخالد بن يزيد الجمحي رواية عن أحد من الصحابة، وإنما يروي عن بعض التابعين.

فإن كان أبو رافع المذكور هنا صحابيًا فالحديث منقطع، لأنه سقط منه الواسطة بين خالد بن يزيد والصحابي، وإن كان أبو رافع غير الصحابي فالحديث مرسل، لسقوط صحابيه، وقد يكون معضلًا -كما قال الحافظ- وقد ضعفه محدث العصر ناصر الدين الألباني. (ضعيف الجامع 3/ 221)، وهو كما قال سواء كان إسناده منقطعًا أو مرسلًا، أو معضلًا وهو أشد.

ص: 251

24 -

بَابُ (1) الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا

289 -

[1] قَالَ (2) إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو (3) بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ المَقْبُري (4)، عَنْ عَون بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه عمرو بن عَبَسة (5) رضي الله عنه، وَكَانَ قَدْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي يَا مُحَمَّدُ عمَّا أَنْتَ بِهِ عَالِمٌ وَأَنَا بِهِ جَاهِلٌ؟ فَسَأَلَهُ عَنْ سَاعَاتِ الصَّلَاةِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا صَلَّيْتَ الْمَغْرِبَ فَالصَّلَاةُ مَقْبُولَةٌ مَشْهُودَةٌ (6) حَتَّى تُصَلِّيَ الْفَجْرَ، ثُمَّ اجْتَنِبِ الصَّلَاةَ حَتَّى تَرْتَفِعَ (7) الشَّمْسُ وتَبْيَضّ فَإِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، فَإِذَا ابْيَضَّتْ، وَارْتَفَعَتْ، فَالصَّلَاةُ مَقْبُولَةٌ مَشْهُودَةٌ حَتَّى [يَنْتَصِفَ] (8) [النَّهَارُ] (9)، وَتَعْتَدِلَ الشَّمْسُ، وَيَقُومَ كُلُّ شَيْءٍ فِي ظِلِّهِ، وَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي تُسَعَّر (10) فِيهَا جَهَنَّمُ، فَإِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ فَالصَّلَاةُ مَقْبُولَةٌ مَشْهُودَةٌ حَتَّى تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، فَإِنَّ الشَّمْسَ تَغْرُبُ بَيْنَ قرني شيطان".

[2]

قَالَ اللَّيْثُ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ إِخْوَانِنَا، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ -في (11) هَذَا الْحَدِيثَ- أَنَّهُ قَالَ:"إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ يومئذٍ نِصْفَ النَّهَارِ، لأن جهنم لا تُسَعَّر فيه".

(1) في (ك) أتى باب (فضل الذكر بعد صلاة الصبح) قبل هذا الباب، وهو متأخر جدًا في باقي النسخ.

(2)

ليست في (عم).

(3)

في (عم): (عمر).

(4)

هو سعيد بن كيسان.

(5)

في (عم) و (ك): (عنبسة).

(6)

مشهودة: أي تشهدها الملائكة، وتكتب أجرها للمصلي. النهاية (2/ 513):(شهد).

(7)

في (حس): (ترفع).

(8)

في (مح) و (حس): (تنتصف) -بالتاء الفوقية- وما أثبته أليق بالسياق. وفي (ك): (ينتصب).

(9)

في (مح): (الشيطان).

(10)

تُوقَد. النهاية (2/ 367): (سعر).

(11)

لفظة (في) ليست في (ك).

ص: 252

* قُلْتُ: هَذَا الْمَتْنُ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ، مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ عَبَسة (1) نَفْسِهِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقُ شَاهِدَةٌ لِتِلْكَ، وَهَذَا الْإِسْنَادُ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا لِأَنَّ عَوْنًا لَمْ يُدْرِكْ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، وَقَدْ جَاءَتْ عَنْهُ (2) أَحَادِيثُ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، غير هذا.

(1) في (ك): عنبسة.

(2)

في (عم): (جملة).

ص: 253

289 -

تخريجه:

ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 135 ب)، كتاب المواقيت، باب في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، وعزاه لإسحاق، ثم قال: قال شيخنا أبو الفضل العسقلاني أبقاه الله تعالى: هذا إسناد صَحِيحٌ إلَّا أَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا، لِأَنَّ عَوْنًا لم يدرك عبد الله بن مسعود، فقد جَاءَتْ عَنْهُ أَحَادِيثُ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِيهِ، عن ابن مسعود غير هذا. اهـ.

ص: 253

= قلت: شيخه أبو الفضل هو ابن حجر مؤلف هذا الكتاب.

ص: 254

الحكم عليه:

ما حكم به الحافظ على هذا الحديث صحيح لا غبار عليه، وما قاله من عدم سماع عون بن عبد الله من ابن مسعود قد قاله غير واحد من أهل العلم، كالترمذي، والدارقطني، بل حكى المِزْيُّ أنه يقال: إن روايته عن الصحابة مرسلة. وقد أثبت له السماع من أبي هريرة: البخاري، وابن أبي حاتم. انظر: مصادر ترجمته. فالحديث بهذا الإسناد ضعيف لعدم معرفة الواسطة بين عون وعَمِّ أبيه عبد الله بن مسعود، لكن كما ذكر الحافظ، قد روي هذا الحديث بألفاظ مقاربة للفظ حديث الباب، من طريق عمرو بن عبسة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: فرواه مسلم (1/ 569: 832)، وفي أوله قصة، وفي آخره ذكر الوضوء؛ وأبو داود (2/ 56: 1277)؛ والنسائي (1/ 283: 584)؛ وابن ماجه (1/ 396: 1251)؛ وأحمد (4/ 111، 112، 113).

وفي كل هذه الروايات نهيه عن الصلاة بعد العصر إلى أن تغرب الشمس.

وعند النسائي (1/ 279: 572)، وأحمد (4/ 385) كما في حديث الباب، أي: أمره أن يصلي حتى تقرب الشمس من الغروب، وسند النسائي صحيح.

أما قول الليث: وحدثني بعض إخواننا عن المقبري في هَذَا الْحَدِيثَ، أَنَّهُ قَالَ:"إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ يَوْمَئِذٍ نِصْفَ النَّهَارِ لأن جهنم لا تسعر فيه" فلم أجد فيما وقفت عليه من طرق الحديث له ذكرًا، وهو ضعيف جدًا لعدم معرفة الواسطة بين الليث والمقبري. فإن كان القائل: قال الليث، هو إسحاق، فهو معلق منقطع في موضعين.

وستأتي أحاديث في الصلاة وسط النهار. انظر: حديث رقم (300).

ص: 254

290 -

[وَقَالَ](1) إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ (2)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق، عن (3) محمد ابن عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: انْصَرَفْنَا لِجَنَازَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه، مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَعَلَى النَّاسِ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ (4)، فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا، فَقَامَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، فَصَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: لَا تُصَلُّوا عَلَى جَنَائِزِكُمْ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ. فَجَلَسَ الْأَمِيرُ، وَالنَّاسُ.

* هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ، مَوْقُوفٌ، وَلِمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ، مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، نحوه.

(1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ك).

(2)

هو ابن عبد الحميد الضبي.

(3)

قوله: (عن محمد بن) ساقط من (ك).

(4)

الوليد بن عتبة بن أبي سفيان بن حرب، ولِيَ لعمه معاوية المدينة، وكان ذا جود وحلم، وسؤدد، وديانة. وحج بالناس مرات. مات سنة أربع وستين.

جمهرة النسب للكلبي (ص 51)؛ الثقات (5/ 491)؛ جمهرة أنساب العرب لابن حزم (1/ 111)؛ السير (3/ 534)؛ شذرات الذهب (1/ 72).

ص: 255

290 -

تخريجه:

ذكره البوصيري في مختصر الإتحاف (1/ 119 أ)، كتاب الجنائز، باب هل يصلى على الجنازة في الأوقات المكروهة، وقال: رواه مسدد، إسحاق بإسناد حسن. اهـ.

قلت: ولا أدري لماذا أهمل الحافظ عزو هذا الحديث إلى مسدد.

وأما رواية مالك التي أشار إليها الحافظ، فهي في الموطأ (1/ 229)، كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنائز بعد الصبح إلى الإسفار، وبعد العصر إلى الإصفرار، عن محمد بن أبي حرملة، مولى عبد الرحمن بن أبي سفيان بن=

ص: 255

= حويطب: أن زينب بنت أبي سلمة توفيت، وطارق أمير المدينة، فأتي بجنازتها بعد صلاة الصبح، فوضعت بالبقيع. قال: وكان طارق يغلس بالصبح. قال ابن أبي حرملة: فسمعت عبد الله بن عمر يقول لأهلها: إما أن تصلوا على جنازتكم الآن، وإما أن تتركوها حتى ترتفع الشمس.

وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وقد صرح محمد بن أبي حرملة بالسماع من ابن عمر، وفي هذا رد لقول المزي: في سماعه منه نظر. اهـ. انظر: تهذيب الكمال (3/ ق: 1186).

ورواه البيهقي (2/ 460)، كتاب الصلاة، باب ذكر البيان بأن النهي مخصوص ببعض الصلوات دون بعض، من طريق مالك، به مثله.

وروى عبد الرزاق (3/ 523: 6565)، كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنازة في الحين التي تكره فيه الصلاة، من طريق معمر، عن الزهري، عن سالم ابن عبد الله، أن ابن عمر قال يوم وضعت جنازة رافع بن خَديج ببقيع الغرقد يريدون أن يصلوا عليها بعد الصبح، قبل أن تطلع الشمس، فصاح في الناس ابن عمر: ألا تتقون الله، إنه لا يصلح لكم أن تصلوا على الجنائز بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغيب الشمس. فانتهى الناس فلم يصلوا عليها حتى طلعت الشمس.

وهذا إسناد رجاله ثقات.

وروى البيهقي (2/ 460)، كتاب الصلاة، باب ذكر البيان أن النهي مخصوص ببعض الصلوات دون بعض، من طريق الحاكم، أنبأ أبو العباس المحبوبي، ثنا سعيدبن مسعود، ثنا النضر بن شميل، أنبأ شعبة، عن أبي بكر بن حفص قال: سمعت ابن عمر في جنازة رافع بن خديج يقول: إن لم تصلوا عليه حتى تطفل الشمس فلا تصلوا عليه حتى تغيب.

وهذا إسناد صحيح. أبو العباس المحبوبي هو محمد بن أحمد بن محبوب بن=

ص: 256

= فضيل المروزي، راوي جامع الترمذي. (السير 15/ 537). ووصفه بالإمام المحدث.

وسعيد بن مسعود هو صاحب النضر بن شميل، أبو عثمان المروزي، أحد الثقات. (السير 12/ 504).

وأبو بكر بن حفص هو عبد الله بن حفص بن عمر بن سعيد بن أبي وقاص الزهري، اشتهر بكنيته، وكان ثقة. (التقريب ص 300).

وروى عبد الرزاق (3/ 523: 6564)، من طريق الثوري، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنِ ابْنِ عمر رضي الله عنهما، قال: اخرجوا بالجنائز قبل أن تطفل الشمس للغروب.

ورواه ابن أبي شيبة (3/ 288)، كتاب الجنائز، ما قالوا في الجنائز يصلى عليها عند طلوع الشمس وعند غروبها، من طريق أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، به فذكر نحو حديث عبد الرزاق، ورجال الإسنادين ثقات.

وروى مالك (1/ 229)، كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنائز بعد الصبح إلى الإسفار، وبعد العصر إلى الإصفرار، ومن طريقه: عبد الرزاق (3/ 523: 6561)، والبيهقي (2/ 459)، عن نافع أن عبد الله بن عمر قال: يصلى على الجنازة بعد العصر، وبعد الصبح إذا صليتا لوقتهما.

ورواه عبد الرزاق (3/ 523: 6560)، من طريق معمر، عن أيوب، قال: قلت

لنافع، فذكر نحوه.

وروى عبد الرزاق (3/ 523: 6563)، من طريق الثوري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عمر رضي الله عنهما، أنه كان يكره أن يصلى على الجنائز إذا طلعت الشمس حتى ترتفع شيئًا.

وهذا إسناد رجاله ثقات.=

ص: 257

= الحكم عليه:

الأثر بهذا الإسناد رجاله كلهم ثقات إلَّا محمد بن إسحاق فإنه صدوق مدلس، وقد عنعن. لكن قد روي من غير وجه، عن ابن عمر نحوه، ولذلك حسن الحافظ إسناده، ويرتفع إلى الصحيح لغيره بمتابعاته السابقة، وبشاهده المرفوع، وهو حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، قال: ثلاث ساعات كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بنهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب.

رواه مسلم (1/ 568: 831)؛ وأبو داود (3/ 531: 3192)؛ والترمذي (3/ 339: 1030)؛ والنسائي (4/ 82: 2013)؛ وابن ماجه (1/ 486: 1519)؛ وعبد الرزاق (3/ 225: 6569)؛ وابن أبي شيبة (2/ 353)؛ وأحمد (4/ 152)؛ والدارمي (1/ 333)؛ والطحاوي (1/ 151)؛ وأبو عوانة (1/ 386)؛ والبيهقي (2/ 454).

وأثر ابن عمر هنا فيه النهي عن الصلاة على الجنازة من بعد صلاة الصبح حتى ترتفع الشمس، لكنه محمول على أنهم كانوا يؤخرون صلاة الصبح، ثم يذهبون للصلاة على الجنازة في البقيع وقد اقترب بزوغ الشمس، ويدل على ذلك ما سبق ذكره عنه رضي الله عنه، أنه لا يرى بذلك باسأ إذا صليتا -أعني الصبح والعصر- في وقتهما.

ص: 258

291 -

[1][وَقَالَ](1) إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ العَقَدي، ثنا زُهَيْرٌ -وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ-، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَة، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ أُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَا رَأَيْتُهُ صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ وَلَا بَعْدَ الصُّبْحِ.

[2]

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ (2): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ (3)، ثنا زهير، به.

* هذا الإِسناد (4) حسن.

(1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ك).

(2)

سقط من (سد) لفظة: (أبو بكر).

(3)

في (ك): (بكر).

(4)

في (عم) و (سد) و (ك): (إسناد).

ص: 259

291 -

تخريجه:

ذكره الهيثمي (المجمع 2/ 226)، وقال: رواه أحمد، والطبراني في الأوسط، ورجال أحمد رجال الصحيح. اهـ.

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 133 أ)، كتاب المواقيت، باب ما جاء في كراهية الصلاة بعد العصر، وبعد الصبح إلَّا بمكة، وعزاه لإسحاق، وأبي بكر بن أبي شيبة، وقال: هذا إسناد حسن. اهـ.

ورواه أحمد (4/ 51)، من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن أبي بكير، ثنا زهير بن محمد، به، وفي آخره زيادة:(قط).

وعلى هذا فليس هذا الحديث من الزوائد، فلعل الحافظ وهم في إيراده لأن من شرطه أن يكون الحديث غير مخرج في شيء من الأصول السبعة.

ورواه الطبراني في الأوسط؛ كما في مجمع البحرين (1/ 95 أ)، كتاب الصلاة، باب الأوقات التي تكره الصلاة فيها، من طريق سعيد بن سلمة، ثنا يزيد بن=

ص: 259

= خصيفة، عن ابن سلمة بن الأكوع، عن سلمة، به.

قال الطبراني: لم يروه عن ابن سلمة إلَّا يزيد، تفرد به سعيد بن سلمة. اهـ.

قلت: سعيد بن سلمة بن أبي الحسام العدوي مولاهم، صدوق، صحيح الكتاب، يخطىء من حفظه. (التقريب ص 236).

وابن سلمة بن الأكوع إن كان هو إياس، فهو ثقة، وإن كان غيره فلا أدري ما اسمه وما حاله.

ص: 260

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد رجاله ثقات إلَّا زهير بن محمد التميمي فإنه صدوق.

وقد صحح أحمد ما رواه عنه أبو عامر العقدي، وعبد الرحمن بن مهدي.

لكنه منقطع لأن يزيد بن خصيفة لم يثبت له لقاء أحد من الصحابة غير السائب ابن يزيد، ولذا ذكره ابن حبان في أتباع التابعين، وذكر أنه أدرك السائب ابن يزيد.

وسلمة بن الأكوع مات قبل السائب بنحو عشرين سنة.

وعلى هذا ففي تحسين الحافظ لهذا الإسناد نظر، لكن الحديث حسن بشواهده.

وقد ذكر المزي يزيد بن خصيفة في تلاميذ سلمة بن الأكوع، لكن لم يذكر سلمة بن الأكوع في شيوخه، فاظن أن ذكره له في تلاميذ سلمة وهم، لأن أحدًا لم يذكر في شيوخه من الصحابة غير السائب بن يزيد رضي الله عنه. وقد أدخل بينه وبين سلمة رجلًا -كما في رواية الطبراني السابقة- تفرد بها سعيد بن سلمة، وليس هو بالحافظ، ولم يسم ابن سلمة بن الأكوع.

1 -

وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال:(شهد عندي رجال مرضيون، وأرضاهم عندي عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، نهى عن الصلاة بعد الصبح، حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب).

رواه البخاري (2/ 58: 581)؛ ومسلم (1/ 566: 826)؛ وأبو داود (2/ 56:=

ص: 260

= 1276)؛ والترمذي (1/ 343: 183)؛ والنسائي (1/ 276: 562)؛ وابن ماجه (1/ 396: 1250).

2 -

ومن حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة يعد العصر حتى تغيب الشمس".

رواه البخاري (2/ 61: 586)؛ ومسلم (1/ 567: 827)؛ والنسائي (1/ 277: 566)؛ وابن ماجه (1/ 395: 1249).

3 -

ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عن

صلاتين: بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس).

رواه البخاري (2/ 61: 588)، واللفظ له؛ ومسلم (1/ 566: 825)؛ والنسائي (1/ 276: 561)؛ وابن ماجه (1/ 395: 1248)؛ ومالك (1/ 221): (وقد أخطأ محققه محمد عبد الباقي، في تخطئة أحمد شاكر في قوله: رواه البخاري)؛ وأحمد (2/ 462).

4 -

ومن حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: صحبت النبي صلى الله عليه وسلم، فلم أره يسبح في السفر، وقال الله جل ذكره:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [سورة الأحزاب: آية 21].

رواه البخاري (2/ 577: 1101)، واللفظ له؛ ومسلم (1/ 479: 689)؛ وأبو داود (2/ 20: 1223)؛ والنسائي (3/ 122: 1457، 1458)؛ وابن ماجه (1/ 340: 1071).

وهذا الحديث وإن كان خاصًا بالتنفل بعد الصلوات فالجامع بينه وبين حديث الباب هو السفر وأنه إذا ترك أداء نوافل الصلوات فمن باب أولى أن لا يصلي في هذين الوقتين اللذين تواتر النهي عن الصلاة فيهما.

ص: 261

292 -

وَقَالَ (1) مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ (2): إِنَّ رَجُلًا (3) رَأَى أَبَا الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، [صَلَّى](4) وَقَدِ اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، تَنْهَوْنَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ؟!

قَالَ: أَجَلْ، إلَّا أَنَّ هَذَا البَيْتَ لَيْسَ كَغَيْرِهِ.

(1) سقطت الواو من (عم). وسقط من (سد): (وقال مسدد).

(2)

لفظة: (قال)، ليست في (ك).

(3)

بينت رواية الطحاوي (2/ 186) كان هذا الرجل هو عبد الله بن باباه المكي مولى آل حجير ابن أبي إهاب -ويقال: مولى يعلى ابن أمية-. روى عن: جبير بن مطعم، وأبي هريرة، وعنه: أبو الزبير المكي، وعمرو بن دينار، قال الحافظ: ثقة.

انظر: التهذيب (5/ 152)؛ التقريب (ص 296)، روى له: مسلم والأربعة.

(4)

ما بين المعقوفتين ساقط من (مح) وزدته من بقية النسخ.

ص: 262

292 -

تخريجه:

ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 133 أ)، كتاب المواقيت، باب ما جاء في كراهية الصلاة بعد العصر وبعد الصبح إلَّا بمكة، وعزاه لمسدد، وقال: هذا إسناد رجاله ثقات. اهـ.

ورواه ابن أبي شيبة (ج 4)، القسم الأول (ص 168: 1112)؛ والطحاوي (2/ 186)؛ والبيهقي (2/ 463)، من طريق إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عبد الله بن باباه، قال:(طاف أبو الدرداء بعد العصر، وصلى قبل مغارب الشمس، فقلت: أنتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، تقولون: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)، فقال:(إن هذا البلد ليس كسائر البلدان) هذا لفظ الطحاوي.

وفيه عند جميعهم عنعنة أبي الزبير، وهو مدلس لا يقبل من حديثه إلَّا ما صرح فيه بالسماع. اتظر: مراتب المدلسين (ص 108).=

ص: 262

= الحكم عليه:

الأثر بهذا الإسناد ضعيف لانقطاعه، لأن أبا الدرداء مات في آخر خلافة عثمان بن عفان، فلم يدركه أبو الزبير، لكن قد بينَت رواية ابن أبي شيبة والطحاوي والبيهقي الواسطةَ بينه وبين أبي الدرداء، وهو عبد الله بن باباه، ولم يصرح أبو الزبير بالسماع عندهم فبقي الحديث على ضعفه لأنه مدلس لا يقبل من حديثه إلَّا ما صرح فيه بالسماع. انظر: مراتب المدلسين (ص 108).

وله شاهد من حديث جبير بن مطعم، وابن عباس، وأبي ذر، وغيرهم، وعن بعض الصحابة والتابعين موقوفًا عليهم، فيكون بهذه الشواهد حسنًا لغيره.

1 -

عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه، أن النبي، قال:"يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت، وصلَّى أية ساعة شاء من ليل أو نهار".

رواه أبو داود (2/ 449: 1894)؛ والترمذي (3/ 211: 868)؛ والنسائي (1/ 284: 585)؛ وابن ماجه (1/ 398: 1254)؛ والشافعي في مسنده (1/ 57: 170)؛ والحميدي في مسنده (1/ 255: 561)؛ وابن أبي شيبة (ج 4)، (القسم الأول)، (ص 166: 1101)؛ وأحمد (4/ 80)؛ والدارمي (2/ 70)؛ وابن خزيمة (2/ 263: 1280)؛ والطحاوي (2/ 186)؛ وابن حبان (3/ 46: 1550، 1552)؛ والدارقطني (1/ 423)؛ والحاكم (1/ 448)؛ والبيهقي (2/ 461)؛ والبغوي في شرح السنة (1/ 333: 780)، من طرق عن سفيان بن عيينة، عن أبي الزبير، عن عبد الله بن باباه، عنه به، وقد صرح أبو الزبير بالسماع عند الحميدي، والنسائي، وغيرهما.

قال الترمذي: حديث جبير حديث حسن صحيح. اهـ.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي. وقال البيهقي: أقام ابن عيينة إسناده، ومن خالفه في إسناده لا يقاومه، فرواية ابن عيينة أولى أن تكون محفوظة، والله أعلم. اهـ.

ص: 263

= ورواه عبد الرزاق (5/ 61: 9004)؛ وأحمد (4/ 81، 84)؛ وابن خزيمة (2/ 263: 1280)، من طريق ابن جريج، أنا أبو الزبير، أنه سمع عبد الله بن باباه، به مثله.

وهذا سند صحيح.

ورواه ابن حبان (3/ 46: 1551)، من طريق حرملة بن يحيى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أن أبا الزبير حدثه، عن ابن باباه به نحوه.

وإسناده حسن لأجل حرملة بن يحيى فإنه صدوق. انظر: التقريب (ص 156).

ورواه أحمد (4/ 82، 83)، من طريقين عن ابن إسحاق، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عبد الله بن باباه، به نحوه.

وهذه متابعة جيدة لأبي الزبير المكي، حيث صرح ابن إسحاق بالتحديث، لكن شيخه عنعن، وهو مدلس من الثالثة، وهم من لا يقبل من حديثهم إلَّا ما صرحوا فيه بالسماع. انظر: مراتب المدلسين (ص 90).

2 -

وعن أبي ذر رضي الله عنه، أنه أخذ بحلقة باب الكعبة، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "لا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلَا بعد الفجر حتى تطلع الشمس، إلَّا بمكة، إلَّا بمكة".

رواه أحمد (5/ 165)، واللفظ له، والدارقطني (1/ 424)، والبيهقي (2/ 461)، من طريق عبد الله بن المؤمل، عن حميد مولى عفراء، عن قيس بن سعد، عن مجاهد، به، هذه طريق الدارقطني والبيهقي. أما أحمد فإنه عنده من طريق ابن المؤمل عن قيس بن سعد، به.

وعبد الله بن المؤمل ضعيف الحديث كما في التقريب (ص 325)، لكن تابعه إبراهيم بن طَهمان، كما عند البيهقي (2/ 461)، فرواه عن حميد مولى عفراء، عن قيس بن سعد، به مثله.=

ص: 264

= قال البيهقي: حميد الأعرج ليس بالقوي، ومجاهد لايثبت له سماع من أبي ذر. اهـ.

قلت: حميد الأعرج هو ابن قيس مولى عفراء، المكي، أخرج له الجماعة، وقال فيه ابن حجر: ليس به بأس. التقريب (ص 182). ووثقه الذهبي في الكاشف 1/ 193). وقد ظن ابن التركماني أنه حميد الأعرج الكوفي القاص المُلَاّئي، فتعقب البيهقي بقوله: تساهل في أمره، والذي في الكتب أنه واهي الحديث، وقيل ضعيف، وقيل منكر الحديث، وقيل: ليس بشيء، وقال ابن حبان: يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ مسعود نسخة كأنها موضوعة. اهـ. انظر: الجوهر النقي- مطبوع بذيل سنن البيهقي (2/ 461) -، وقد نبه على هذا الوهم ابن الملقن رحمه الله، فقال في البدر المنير (2/ ق 126 ب): وهذا عجيب من المعترض، فطبقتهما مختلفة، فإن هذا المتروك لم يرو [إلَّا]، عن عبد الله بن الحارث المؤدب، وحميد الآخر روى عن قيس بن سعد، وجماعة. اهـ.

وأما مجاهد فكما قال البيهقي لم يسمع من أبي ذر. انظر: جامع التحصيل (ص 274). فالحديث منقطع، والمنقطع ضعيف عند أهل العلم، وقد توسع ابن الملقن في البدر المنير (2/ ق 125 ب، 126 أ) في الكلام على هذا الحديث، فذكر علله، وأقوال العلماء فيه، ولم يحكم عليه بشيء.

3 -

وعن عمرو بن دينار قال: رأيت أنا وعطاء بن أبي رباح: ابن عمر رضي الله عنهما، طاف بعد الصبح، وصلى قبل أن تطلع الشمس.

رواه الشافعي في مسنده (1/ 58: 171)؛ والبيهقي (2/ 462)، من طرق عن عمرو بن دينار، به.

وهذا إسناد في غاية الصحة، وقد علقه البخاري (3/ 488)، بلفظ (وكان ابن عمر رضي الله عنهما، يصلي ركعتي الطواف ما لم تطلع الشمس). وانظر: تغليق التعليق (3/ 77).=

ص: 265

= ورواه عبد الرزاق (5/ 63: 9011)؛ وسعيد بن منصور كما في فتح الباري (3/ 489)؛ وابن أبي شيبة (ج 4) القسم الأول (167: 1153)؛ والبيهقي (2/ 463)؛ من طرق عن عطاء بن أبي رباح، قال رأيت ابن عمر

الحديث بنحو حديث عمرو بن دينار.

ورواه سعيد بن منصور كما في الفتح (3/ 489)، قال: حدثنا داود العطار، حدثنا عمرو بن دينار (رأيت ابن عمر طاف سبعًا بعد الفجر، وصلى ركعتين وراء المقام). قال الحافظ: هذا إسناد صحيح. اهـ.

4 -

وعن عبد العزيز بن رُفَيع قال: (رأيت عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما، يطوف بعد الفجر ويصلي ركعتين

) الحديث.

رواه البخاري (3/ 488: 1630)؛ والبيهقي (2/ 462).

ص: 266

293 -

[وقال مسدد](1): حدثنا (2) يَحْيَى (3)، ثنا [عَنْبَسَةُ](4) الْوَزَّانُ، قَالَ: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِيهَا بُدَيْلٌ (5)، فَقَالَ -وَالشَّمْسُ مُصْفَرَّةٌ عَلَى أَطْرَافِ الْحِيطَانِ-: لَا تُصَلُّوا هَذِهِ السَّاعَةَ.

فَقَالَ أبو أمامة (6) رضي الله عنه: صليت مع أبي هريرة رضي الله عنه على جنازة هذه الساعة.

(1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ك).

(2)

في (ك): ثنا.

(3)

هو القطان.

(4)

في (مح)، و (حس)، و (عم)، و (سد):(عتبة)، والتصحيح من (ك) و (مختصر الإتحاف).

(5)

بديل -بالتصغير- لعله: ابن ميسرة العُقيلي -بضم العين- البصري، روى عن أنس بن مالك، وعبد الله بن شقيق. وعنه: شعبة، وحماد بن زيد، "ثقة"، مات سنة ثلائين ومائة وقيل: سنة خص وعشرين ومائة -ع إلَّا البخاري-.

الجرح (2/ 428)؛ الثقات (6/ 117)؛ تهذيب الكمال (4/ 31). وتحرف اسمه إلى (بديد)؛ التهذب (1/ 424)؛ التقريب (ص 120).

(6)

هكذا جاء في نسخ المطالب -عدا (عم) ففيها (أبو أسامة) وهو تحريف- وفي هذه الطبقة: أبو أمامة: أسعد -وقيل: سعد- ابن سهل بن حُنَيف -بضم المهملة- الأنصاري المدني، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حنكه وسماه، وروى عنه مرسلًا، وعن أبي سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وأبي هريرة رضي الله عنهم. وعنه أبو الزناد عبد الله بن ذكوان، والزهري، "ثقة"، مات سنة مائة، وله اثنتان وتسعون سنة -ع-.

انظر: الطبقات (5/ 82)؛ تاريخ الثقات (ص 490)؛ الجرح (2/ 344)؛ المراسيل لابن أبي حاتم (ص 152)، الثقات (4/ 295)؛ تهذيب الكمال (2/ 525)؛ شرح العلل (2/ 597)؛ الإصابة (1/ 99)؛ التهذيب (1/ 363).

وجاء في مختصر الإتحاف (1/ 119 ب): "أبو لبابة" وهكذا ورد عند ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 287)، وهو أقرب للصواب لأن أبا لبابة هو المذكور في شيوخ عنبسة الوزان، ولأن ابن معين نص على أن حديث الباب تفرد به يحيى القطان عن عنبسة الوزان عن أبي لبابة. انظر: تاريخ ابن معين (2/ 557).=

ص: 267

= 293 - تخريجه:

ذكره البوصيري في مختصر الإتحاف (1/ 119 ب)، كتاب الجنائز، باب هل يصلى على الجنازة في الأوقات المكروهة، وعزاه لمسدد.

ورواه ابن أبي شيبة (3/ 287)، كتاب الجنائز، ما قالوا في الجنائز يصلى عليها عند طلوع الشمس وعند غروبها، من طريق يحيى بن سعيد، عن عنبسة الوراق، قال: حدثنا أبو لبابة قال: صليت مع أبي هريرة على جنازة والشمس على أطراف الجدر.

ص: 268

الحكم عليه:

الأثر بهذا الإسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.

وقال ابن معين في تاريخه (2/ 557): (ليس يرويه إلَّا يحيى القطان وحده، عن عنبسة الوزان، عن أبي لبابة هذا). اهـ.

قلت: وما أظن ابن معين أراد تضعيف الأثر بهذا، وإنما أراد بيان تفرد هؤلاء بروايته، وحديث الثقة -وإن تفرد به- مقبول عند جمهور العلماء ما لم يخالف من هو أوثق منه.

ص: 268

294 -

[1][وَقَالَ (1) أَبُو بَكْرٍ:] حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ (2)، عَنِ الإفريقي عبد الرحمن بن زياد بن أَنْعُم، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ (3)، عَنْ عَبْدِ الله بن عمرو رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَّا رَكْعَتَيْنِ (4) ".

[2]

وَقَالَ ابن أبي عمر: حدثنا المقرىء (5)، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، بِهِ.

[3]

وَقَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا (6) يَعْلَى، ثنا الإِفريقي، به.

(1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ك)، وهي زيادة مهمة إذ بعَدَمِها يكون الحديث من مسند مسدد، تبعًا لما قبله، وهو في الإتحاف كما هنا معزو لأبي بكر بَن أبي شيبة.

(2)

هو الضرير.

(3)

هو أبو عبد الرحمن الحُبُلي.

(4)

في (الإتحاف): (إلَّا الركعتين). قال الترمذي رحمه الله (2/ 279) بعد حديث ابن عمر رضي الله عنهما الا صلاة بعد الفجر إلَّا سجدتين): ومعنى هذا الحديث إنما يقول: لا صلاة بعد طلوع الفجر إلَّا ركعتي الفجر. اهـ.

قلت: وهو مطلق هنا لم يعين هل المراد قبل الصلاة أو بعدها، لكن جاء التعيين في رواية ابن أبي شيبة في المصنف من طريق أبي معاوية نفسه، وفي رواية الثوري عند عبد الرزاق، والدارقطني، والبيهقي، وفي رواية ابن وهب عند البيهقي -وسيأتي بيان ذلك في التخريج-.

(5)

هو عبد الله بن يزيد القرشي العدوي المكي المقرىء.

(6)

في (ك): (ثنا). ويعلى هو ابن عبيد بن أبي أمية الطنافسي.

ص: 269

294 -

تخريجه:

ذكره الهيثمي (المجمع 2/ 218)، وعزاه للبزار والطبراني في الكبير، وقال: وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، واختلف في الاحتجاج به. اهـ.

وذكره -أيضًا- في كشف الأستار (1/ 338: 703)، من طريق المقرىء، ثنا عبد الرحمن بن زياد، به، ولفظه:(لا صلاة قبل الفجر إلَّا ركعتي الفجر).=

ص: 269

= وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 135 أ)، كتاب المواقيت، باب ما جاء في الصلاة بعد الصبح، وعزاه لأبي بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، وعبد بن حميد، وقال: الإفريقي ضعيف. اهـ.

ورواه عبد الرزاق (3/ 53: 4757)، كتاب الصلاة، باب الصلاة بعد طلوع الفجر، من طريق الثوري، عن الإفريقي، به. ولفظه:(لا صلاة بعد طلوع الفجر إلَّا ركعتي الفجر).

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 355)، كتاب الصلوات، من كره إذا طلع الفجر أن يصلي أكثر من ركعتين، من طريق أبي معاوية، به، ولفظه:(لا صلاة بعد طلوع الفجر إلَّا ركعتين قبل صلاة الفجر).

ورواه الدارقطني (1/ 246)، كتاب الصلاة، باب النهي عن الصلاة بعد صلاة الفجر، من طريق الثوري، عن الإفريقي، به، ولفظه:(لا صلاة بعد طلوع الفجر إلَّا ركعتين).

ورواه -أيضًا- (1/ 419)، كتاب الصلاة، باب لا صلاة بعد الفجر إلَّا سجدتين، من طريق الثوري، به، ولفظه:(لا صلاة بعد صلاة الفجر إلَّا ركعتين).

قلت: اختلف اللفظ عند الدارقطني في الموضعين كما ترى، مع أن شيخه في الموضعين واحد، فلعل كلمة (طلوع) تصحفت إلى:(صلاة) التي جاءت في الموضع الثاني، لأن ما جاء في الموضع الأول هو الموافق لرواية عبد الرزاق عن الثوري.

ورواه البيهقي (2/ 465)، كتاب الصلاة، باب من لم يصل بعد الفجر إلَّا ركعتي الفجر ثم بادر بالفرض، من طريق ابن وهب، عن الإفريقي، به، ولفظه:"لا صلاة بعد طلوع الفجر إلَّا ركعتي الفجر".

ثم رواه من طريق الثوري، عن الإفريقي، به، مثل لفظ ابن وهب.

ثم رواه (2/ 466)، من طريق جعفر بن عون، عن الإفريقي، به، موقوفًا على عبد الله بن عمرو، ولفظه:(لا صلاة بعد أن يصلي الفجر إلَّا ركعتين)، ثم قال: وهو=

ص: 270

= بخلاف رواية الثوري، وابن وهب، في المتن، والوقف، والثوري أحفظ من غيره، إلَّا أن عبد الرحمن الإفريقي غير محتج به. اهـ.

ص: 271

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد ضعيف، لأن مداره في جميع طرقه على عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وهو ضعيف الحفظ، كما أنه مدلس ولم أر تصريحه بالسماع في شيء من طرق هذا الحديث، لكن للحديث شواهد يرتفع بها إلى الحسن لغيره، لأن ضعف الإفريقي من قِبَل حفظه، ومِنَ الأئمة من وثقه لصلاحه، فمن شواهده:

1 -

عن يسار مولى ابن عمر قال: رآني ابن عمر رضي الله عنهما، وأنا أصلي بعد طلوع الفجر، فقال: يا يسار إن رسول الله خرج علينا ونحن نصلي هذه الصلاة، فقال:"ليبلغ شاهدُكم غائبَكم، ولا تصلوا بعد الفجر إلَّا سجدتين".

رواه أبو داود (2/ 58: 1278)، واللفظ له؛ والترمذي (2/ 278: 419)؛ وأحمد (2/ 104)؛ والدارقطني (1/ 419)؛ والبيهقي (2/ 465)، من طريق قُدامة بن موسى، عن أيوب -وقيل: محمد- ابن حصين، عن أبي علقمة عن يسار، به.

قال الترمذي: حديث ابن عمر حديث غريب، لا نعرفه إلَّا من حديث قدامة بن موسى، وروى عنه غير واحد. اهـ.

قلت: قدامة بن موسى، ثقة. انظر: التقريب (ص 454)، لكن علته: محمد -وقيل: أيوب- ابن حصين، فإنه مجهول. انظر: التقريب (ص 474).

وله طرق أخرى عند ابن عدي والطبراني -استوفى ذكرها الألباني في الإرواء (2/ 234) -، ولا تقوم بشيء منها حجة، ولذلك أعرضت عن الإطالة بذكرها.

2 -

وعن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا صَلَاةَ بَعْدَ النداء إلَّا سجدتين -يعني الفجر-".

رواه عبد الرزاق (3/ 52، 53: 4755، 4756)؛ والبيهقي (2/ 466)، من طريق الثوري، حدثنا عبد الرحمن بن حرملة، به.=

ص: 271

= ومن طريق الثوري، عن أبي رباح، عن سعيد، به نحوه.

قال البيهقي: وروي موصولًا بذكر أبي هريرة رضي الله عنه فيه ولا يصح. اهـ.

قلت: ورجال الطريق الأولى -عند عبد الرزاق- ثقات إلَّا عبد الرحمن بن حرملة فإنه: صدوق ربما أخطأ، كما في التقريب (ص 339).

وهو مرسل لأن سعيد بن المسيب تابعي وليس بصحابي، لكن لمراسيله مكانة عند أهل العلم، قال ابن رجب في شرح العلل (1/ 555): وأما مراسيل ابن المسيب فهي أصح المراسيل، كما قال أحمد وغيره، وكذا قال ابن معين: أصح المراسيل: مراسيل ابن المسيب. قال الحاكم: قد تأمل الأئمة المتقدمون مراسيله فوجدوها بأسانيد صحيحة، قال: وهذه الشرائط لم توجد في مراسيل غيره. كذا قال. اهـ. ثم نقل عن ابن عبد البر تصحيحه لمرسل سعيد، ونص الشافعي على ذلك. وانظر: معرفة علوم الحديث (ص 25، 26)؛ التمهيد (1/ 30)، وقد رواه متصلًا الطبراني في الأوسط -كما في مجمع البحرين (1/ 96 أ) -، وفيه أحمد بن عبد الصمد الأنصاري، قال فيه الذهبي: لا يعرف. اهـ. (الميزان 1/ 117).

3 -

وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لا يمنعن أحدكم -أو أحدًا منكم- أذان بلال من سَحُوره، فإنه يؤذن بليل ليرجع قائمكم، ولينبه نائمكم

" الحديث متفق عليه.

البخاري (2/ 103: 621)؛ ومسلم (2/ 768: 1093).

قال ابن دقيق العيد، في كتاب الإمام: فلو كان التنفل بعد الصبح مباحًا لم يكن لقوله: "حتى يرجع قائمكم" معنى. اهـ. انظر: نصب الراية (1/ 256).

4 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: أخبرتني حفصة: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا اعتكف المؤذن للصبح، وبدا الصبح، صلَّى ركعتين خفيفتين=

ص: 272

= قبل أن تقام الصلاة) متفق عليه، وفي لفظ لمسلم:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلي إلَّا ركعتين خفيفتين".

البخاري (2/ 101: 618)؛ ومسلم (1/ 500: 723).

5 -

وعن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح)، متفق عليه، واللفظ لمسلم.

البخاري (2/ 101: 619)؛ ومسلم (1/ 501: 724).

فهذان الحديثان يدلان على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي بعد طلوع الفجر قبل الصلاة إلَّا ركعتي الفجر.

ص: 273

295 -

وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ (1)، عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَير، عَنْ طَاوُسٍ (2): أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ فَنَهَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

فَقَالَ طَاوُسٌ: إِنَّمَا نُهِي عَنْهَا أَنْ يَتخِذَها سُلَّمًا (3).

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ تَكُونَ (4) لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (5) الْآيَةَ، وَمَا أَدْرِي أتعَذَّبُ (6) عَلَيْهَا، أَمْ (7) تُؤْجَر (6).

* إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَأَصْلُهُ في النسائي (8).

(1) هو ابن عيينة.

(2)

في (عم) زيادة: (قال).

(3)

أي: يتوصل بها إلى المحرم، وهو الصلاة عند غروب الشمس، وقد صرح بذلك الفاروق عمر بن الخطاب، في أثر عند عبد الرزاق (2/ 431: 3972).

(4)

في (سد): (يكون) -بالياء التحتية- وهذه قراءة أهل الكوفة ومنهم عاصم بن أبي النجود، وقرأ الباقون بالتاء الفوقية. انظر: كتاب الإقناع في القراءات السبع (2/ 737)؛ فتح القدير (4/ 283)؛ الوافي في شرح الشاطبية (ص 345).

(5)

سورة الأحزاب: آية 36.

(6)

في (حس) و (عم) و (سد): (أيعذب عليها، أم يؤجر) -بالياء التحتية في الموضعين-.

(7)

في (ك): (أو).

(8)

يأتي بيان ذلك في التخريج والحكم على الأثر.

ص: 274

295 -

تخريجه:

ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 133 أ)، كتاب المواقيت، باب ما جاء في كراهية الصلاة بعد العصر، وبعد الصبح، وعزاه لابن أبي عمر، وقال: هذا إسناد صحيح، وأصله في النسائي. اهـ.=

ص: 274

قلت: وكأنه رأى توثيق هشام بن حجير فصححه، أو أنه تبع الحافظ في تصحيحه.

وأما أصله الذي ذكر الحافظ أنه عند النسائي، فهو ما رواه في سننه (1/ 278: 569)، كتاب الصلاة، باب النهي عن الصلاة بعد العصر، من طريق أحمد بن حرب قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ، عَنْ طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما، "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، نَهَى عن الصلاة بعد العصر".

وهذا إسناد حسن.

ورواه عبد الرزاق، كتاب الصلاة، باب الساعة التي يكره فيها الصلاة (2/ 433: 3974)، من طريق ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن المصعب، أن طاووسًا أخبره، أنه سأل ابن عباس عن ركعتين بعد العصر؟ فنهاه عنها، فقال: فقلت: لا أدعهما، فقال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} فتلا هذه الآية إلى {مُبِينًا (36)} .

ورواه الطحاوي، كتاب الصلاة، باب الركعتين بعد العصر (1/ 305) مثل حديث عبد الرزاق إلَّا أنه سمى شيخ ابن جريج: عامر بن مصعب.

وهذا أقرب للصواب لأن عمرو بن مصعب بن الزبير ذكره البخاري في التاريخ (6/ 372)، وابن أبي حاتم في الجرح (6/ 261)، ولم يذكرا ابن جريج في الرواة عنه ولا طاوس في شيوخه، أما عامر بن مصعب فقد ذكره في التهذيب (5/ 81)، وذكر ابن جريج في تلاميذه وطاوسًا في شيوخه، وقال في التقريب (ص 288): لا يعرف، وقد وثقه ابن حبان على عادته. اهـ.

ونقل في التهذيب عن الدارقطني أنه قال: ليس بالقوي.

ورواه البيهقي، كتاب الصلاة، باب النهي عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس

: (2/ 453)، من طريق سعدان، ثنا سفيان بن عيينة، به فذكره، وفيه زيادة: (قال ابن عباس: إنه قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم، عن صلاة بعد العصر

).=

ص: 275

= الحكم عليه:

الأثر بهذ الإسناد رجاله ثقات، إلَّا هشام بن حجير فإنه صدوق وقد تابعه عامر بن مصعب كما تقدم، وهو وإن كان مختلفًا فيه، فإن متابعته صالحة، مع ما لهذا الأثر من الشواهد، فهو صحيح إن شاء الله، كما قال الحافظ رحمه الله، ومن شواهده:

1 -

حديث عمر بن الخطاب: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (نَهَى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر، حتى تغرب).

2 -

وحديث أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس".

3 -

وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ:(نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن صلاتين: بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس)، وكل هذه الأحاديث في الصحيحين وغيرهما، وقد شق تخريجها في حديث رقم (291).

وقد ورد عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم، نَهْيُ من رَأوه يصلي بعد العصر وهذا متواتر عن عمر بن الخطاب، وسيأتي بيانه في تخريج الحديث رقم وروى عبد الرزاق (2/ 428: 3960)، من طريق ابن عيينة، عن عبيد الله ابن أبي زيد، عن قزعة، قال: كنت أصلي ركعتين بعد العصر، فلقيني أبو سعيد الخدري، فنهاني عنهما، فقال -كذا في الأصل ولعل الصواب:(فقلت) - أتركهما لك؟ قال: نعم.

وإسناده صحيح.

ص: 276

296 -

[و](1) قال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سِمَاك بْنِ حَرْبٍ، قَالَ (2): سَمِعْتُ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ سَمُرَة بْنِ جُنْدَب رضي الله عنه، قَالَ:(نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنْ يُصَلى بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ عَلَى قَرْنٍ -أو قرني- الشيطان)(3).

(1) ما بين المعقوقين زيادة من (ك).

(2)

لفظة (قال) ليست في (ك).

(3)

في (عم): (شيطان). قال الخطابي في غريب الحديث (1/ 726): قرنا الشيطان ناحيتا رأسه.

وقيل: معنى القرن القوة، وذلك أن القرون لذوات القرون أسلحة، يقول: إن الشمس إنما تطلع حين قوة الشيطان، أي: وقت يَقوَى أمر الشيطان، وهو أن عَبَدَة الشمس يرصدون بصلاتهم وقت بزوغها، فذا بزغت سجدوا لها، وذلك من تسويل الشيطان لهم، فنهى صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في ذلك الوقت، لتكون صلاة مَن عَبَدَ الله في غير وقت صلاة من عبد الشيطان، والله أعلم. اهـ.

قلت: وهذا المعنى الأخير هو الأقرب للصواب.

ص: 277

296 -

تخريجه:

ذكره الهيثمي (المجمع 2/ 225)، بنحو حديث الباب، وعزاه لأحمد والبزار والطبراني في الكبير، وقال: رجال أحمد رجال الصحيح. اهـ.

وذكره -أيضًا- في كشف الأستار (1/ 292: 612)، من طريق عمرو بن علي، ثنا أبو داود، ثنا شعبة، به، ولم يذكر الهيثمي متنه وإنما قال:

، فذكر نحوه -يعني نحو الحديث الذي قبله- قال البزار: لا نعلم أسند المهلب عن سمرة غير هذا. اهـ.

وذكره أيضًا في كشف الأستار (1/ 292: 611)، من طريق إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن سمرة، فذكر نحوه.

قال البزار: وأحاديث إسماعيل لا نعلم رواها عن الحسن غيره. اهـ.

قلث: وإسماعيل بن مسلم هذا هو أبو إسحاق المكي، وهو ضعيف الحديث.

ص: 277

= (التقريب ص 110)، وفيه عِلَّة أخرى وهي عنعنة الحسن البصري، وهو مدلس، والجمهور على أنه لم يسمع من سمرة بن جندب غير حديث العقيقة، والباقي إنما هو كتاب. انظر: جامع التحصيل (ص 165).

ورواه الطبراني في الكبير (7/ 227: 6946)، من هذه الطريق التي رواها البزار، وهي معلولة بما تقدم.

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 134 ب)، كتاب المواقيت، باب ما جاء في الصلاة بعد الصبح، وعزاه لأبي داود الطيالسي، وأبي بكر بن أبي شية، ثم ذكر روايتي أحمد في مسنده، وسأذكرهما فيما يأتي، ثم قال: هذا إسناد حسن، المهلب بن أبي صفرة ذكره ابن حبان في الثقات، وسماك مختلف فيه، قال ابن معين: ثقة. وكذا قال أبو حاتم، وزاد: صدوق.

وقال أحمد: مضطرب الحديث. وقال ابن المبارك: ضعيف الحديث. وقال صالح جزرة: يضعف. وقال يعقوب بن سفيان: روايته عن عكرمة مضطربة وروايته عن غيره صالحة. وباقي رجال الإسناد ثقات. اهـ.

ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده (ص 121: 896)، قال: حدثنا شعبة قال: أخبرني سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ سَمِعْتُ الْمُهَلَّبَ بْنَ أبي صفرة يقول: سمعت سمرة بن جندب يخطب، يقول في خطبته:(نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عن صلاة قبل طلوع الشمس، فإنها نطلع بين قرني الشيطان، أو على قرني الشيطان).

قلت: ولا أدري لِمَ لَم يذكر الحافظ هذه الرواية لأنها هي الأصل وهي أتم من جهة الإسناد لتصريح أبي داود بالتحديث، ثم يعطف عليها رواية ابن أبي شيبة كعادته.

ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 349)، كتاب الصلاة، باب من قال لا صلاة بعد الفجر، من طريق أبي داود، به فذكر مثله. إلَّا أنه زاد في أوله (لا تصلوا، أو قال: نهى

).=

ص: 278

= ورواه أحمد (5/ 15)، من طريق محمد بن جعفر، ثنا شعبة، به، فذكره بلفظ:

"لا تصلوا حين تطلع الشمس ولا حين تسقط فإنها تطلع بين قرني الشيطان، وتغرب بين قرني الشيطان".

ورواه أيضًا (5/ 20)، من طريق حجاج، ثنا شعبة، به فذكر نحو الرواية الأولى.

ورواه ابن خزيمة (2/ 256: 1274)، كتاب الصلاة، جماع أبواب الأوقات التي ينهى عن صلاة التطوع فيهن، من طريق محمد بن جعفر، ثنا شعبة، به فذكر مثل رواية أحمد الأولى.

ورواه الطبراني في الكبير (7/ 234: 6974)، من طريق ابن أبي شيبة، به فذكره بلفظ حديث الباب.

ورواه الطحاوي (1/ 152)، كتاب الصلاة، باب مواقيت الصلاة، من طريق وهب، ثنا شعبة، به فذكره نحو رواية أحمد.

ورواه الطبراني في الكبير (7/ 234: 6973)، من طرق عن شعبة، به فذكره بلفظ حديث أحمد.

ورواه الطبراني في الكبير (7/ 248: 7007، 7008)، من طريقين عن خبيب بن سليمان بن سمرة بن جندب، عن أبيه سليمان، عن سمرة بن جندب قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نصلي أية ساعة شئنا

الحديث بنحوه. وخبيب بن سليمان، مجهول. انظر: التقريب (ص 192)، وأبوه سليمان بن سمرة قال فيه الحافظ: مقبول. انظر: التقريب (ص 252).

ص: 279

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد فيه عنعنة أبي داود الطيالسي، وهو مدلس، لكن صرح بالتحديث في غير رواية ابن أبي شيبة، وفيه سماك بن حرب وهو ثقة، ساء حفظه بآخره فكان ربما تلقن، لكن الحديث له شواهد ترفعه إلى مرتبة الصحيح لغيره، فمنها:=

ص: 279

=

1 -

حديث عمرو بن عَبَسة رضي الله عنه، وفيه: "صلِّ صلاة الصبح ثم أقْصِر عن الصلاة حتى تطلع الشمس، حتى ترتفع، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان

".

رواه مسلم وغيره، تقدم تخريجه في حديث رقم (289).

2 -

حديث ابن عباس قال: شهد عندي رجال مرضيون، وأرضاهم عندي عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: (نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب)، متفق عليه.

3 -

وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا: (لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس

) متفق عليه.

4 -

وحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن صلاتين: بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعدالعصر حتى تغرب الشمس)، متفق عليه. وقد سبق تخريج هذه الأحاديث في حديث رقم (291).

5 -

وحديث زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، نَهَى أن يصلى إذا طلع قرن الشمس، أو غاب قرنها، وقال:(إنها تطلع بين قرني شيطان، أو من بين قرني شيطان). رواه أحمد (5/ 190)، من طريق عفان، ثنا همام، ثنا قتادة، عن ابن سيرين، به.

قال الهيثمي (المجمع 2/ 224)، رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. اهـ.

قلت: وهو كما قال، لكن فيه عنعنة قتادة، وهو مدلس لا يقبل من حديثه إلَّا ما صرح فيه بالسماع. انظر: مراتب المدلسين (ص 102).

وقد تواترت الأحاديث في النهي عن الصلاة بعد العصر، وبعد الصبح، روى ذلك أكثر من عشرين صحابيًا، جملة منها في الصحيحين -كما تقدم-.=

ص: 280

= قال الطحاوي (1/ 304): فقد جاءت الآثار عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم متواترة بالنهي عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وعمل بذلك أصحابه من بعده، فلا ينبغي لأحد أن يخالف ذلك. اهـ. وانظر: التلخيص الحبير (1/ 185)؛ وقطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة (ص 82: 27)؛ ونظم المتناثر من الحديث المتواتر (ص 111: 83).

ص: 281

297 -

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا (1) أَبُو عَوانَة، عَنْ مُغِيرة (2)، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3)، عَنِ الْأَسْوَدِ (4)، قَالَ (5):(أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه، كَانَ يضربُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ).

* إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ من وجه آخر.

(1) في (ك): (ثنا).

(2)

في (عم) زيادة: (عن عبد الرحمن).

(3)

هو النخعي.

(4)

في (سد): (عن أبي الأسود). وهو الأسود بن يزيد النخعي.

(5)

لفظة (قال) ليست في (ك).

ص: 282

297 -

تخريجه:

ذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 102 ب)، من المختصرة: النوافل، باب الصلاة بعد العصر، وقال رواه مسدد ورجاله ثقات. اهـ.

ص: 282

الحكم عليه:

الأثر بهذا الإسناد رجاله ثقات، لكن فيه عنعنة مغيرة بن مقسم الضبي، وهو مدلس، ولا سيما في حديثه عن إبراهيم النخعي، ولا يقبل من حديثه إلَّا ما صرح فيه بالسماع، وفي حكم الحافظ على سنده بالصحة تجوز.

وهذا الأمر -ضرب من صلى بعد العصر- قد ثبت عن عمر رضي الله عنه، من طرق كثيرة، وبها يكون هذا الأثر صحيحًا لغيره. فمن ذلك:

1 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (وكنت أضرب الناس مع عمر بن الخطاب عنها)، قلت: يعني الركعتين بعد العصر.

رواه البخاري (3/ 105: 1233)، كتاب السهو، باب إذا كُلِّم وهو يصلي فأشار بيده واستمع؛ ومسلم (1/ 571: 834)، كتاب صلاة المسافرين، باب معرفة الركعتين اللتين كان يصليهما النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر.=

ص: 282

= 2 - وعن مختار بن فُلْفُل قال: سألت أنس بن مالك عن التطوع بعد العصر؟ فقال: (كان عمر يضرب الأيدى على صلاة بعد العصر).

رواه مسلم (1/ 573: 836)؛ وابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 351).

3 -

وعن زر بن حُبَيش قال: (رأيت عمر بن الخطاب يضرب على الصلاة بعد العصر).

رواه عبد الرزاق (2/ 429: 3965)، من طريق الثوري، عن عاصم، عن زر، به. وسنده حسن.

4 -

وعن السائب بن يزيدد (أنه رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يضرب المنكدر على الصلاة بعد العصر).

رواه مالك في الموطأ (1/ 221: 50)؛ وعبد الرزاق (2/ 429)؛ وابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 351)، من طرق عن الزهري، به. وسنده صحيح.

5 -

وعن قزعة قال: كنت أصلي ركعتين بعد العصر فلقيني أبو سعيد الخدري فنهاني عنهما، فقال: -كذا بالأصل والصواب: (فقلت) - أتركهما لك؟ قال: نعم.

رواه عبد الرزاق (2/ 428)، من طريق ابن عيينة، عن عبيد الله بن أبي يزيد، به. وسنده صحيح.

فلم ينفرد عمر رضي الله عنه، بالنهي عن هاتين الركعتين بل شاركه أبو سعيد الخدري -كما في هذا الأثر- ومعاوية رضي الله عنه، كما سيأتي في الحديث رقم (298).

وقد صح النهي عن الصلاة بعد العصر عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مَنْ رواية عدد من الصحابة. انظر: تخريج الحديث رقم (291 و 296).

ص: 283

298 -

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي أَبُو التيَّاح، عَنْ مَعْبَد الجُهَني، قَالَ: خَطَبَنَا (1) مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه، فَقَالَ:(أَلَا مَا بالُ أقوامٍ يُصَلُّونَ صَلَاةً قَدْ (2) صحبتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَا (3) رَأَيْتُهُ (4) يُصَلِّيهَا، وَقَدْ سَمِعْنَاهُ يَنْهَى عَنْهَا -يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العصر-).

(1) في (المسند): (خطب).

(2)

في (المسند): (فقد).

(3)

في (ك): (وما).

(4)

في (المسند): (رأيناه).

ص: 284

298 -

تخريجه:

لم أجد مسند معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما في المطبوع من مسند أبي داود الطيالسي. وكذلك لم أجده في نسخة بتنة المخطوطة، وقد وجدته في نسخة مكتبة الأوقاف العراقية ووجدت هذا الحديث فيه (ق 76 ب).

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 102 ب)، من المختصرة: النوافل، باب الصلاة بعد العصر، وقال رواه مسدد بسند فيه معبد الجهني.

ورواه البيهقي (2/ 453)، كتاب الصلاة، باب النهي عن الصلاة

وبعد العصر حتى تغرب الشمس: من طريق يونس بن جيب، ثنا أبو داود الطيالسي، به، فذكر مثله.

قال البيهقي: وكذلك رواه عثمان بن عمر، عن شعبة.

ورواه البخاري (2/ 61: 587)، كتاب مواقيت الصلاة، باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس، من طريق غندر قال: حدثنا شعبة، عن أبي التياح، قال: سمعت حُمْران بن أبان يحدث عن معاوية قال: (إنكم لتصلون صلاة، لقد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيناه يصليها، ولقد نهى عنهما). يعني: الركعتين بعد العصر.

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 349)، كتاب الصلوات، باب من قال=

ص: 284

= لا صلاة بعد الفجر وبعد العصر، من طريق شبابة، والطحاوي (1/ 304)، كتاب الصلاة، باب الركعتين بعد العصر، من طريق عبد الله بن حمران، والبيهقي (2/ 452)، كتاب الصلاة، باب النهي عن الصلاة

وبعد العصر حتى تغرب الشمس، من طريق محمد بن جعفر (غندر)، قالوا حدثنا شعبة، بمثل إسناد البخاري ومتنه.

قال البيهقي: وكان أبا التياح سمعه منهما -يعني من معبد الجهني، وحمران ابن أبان-، والله أعلم. اهـ.

وقال الحافظ في الفتح (2/ 62): والطريق التي اختارها البخاري أرجح، ويجوز أن يكون لأبي التياح فيه شيخان. اهـ.

ص: 285

الحكم عليه:

رجال إسناده ثقات إلَّا معبد الجهني، فإنه صدوق مبتاع، لكن لا علاقة لهذا الحديث ببدعته، وقد تابعه في رواية هذا الحديث عن معاوية رضي الله عنه أبانُ بن حمران -كما في رواية البخاري وغيره- لذا فالحديث صحيح لغيره.

ويشهد لهذا الحديث ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم، (أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الصبح، وبعد العصر). انظر: تخريج الحديث رقم (291)، ورقم (296).

ص: 285

299 -

وَقَالَ الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا (1) سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ بَيَانٍ (2)، عَنْ وَبَرة، قَالَ:(رَأَى عُمَرُ رضي الله عنه تَمِيمًا الدَّارِيَّ رضي الله عنه يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ، فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ، فَقَالَ تَمِيمٌ: لِمَ يَا (3) عُمَرُ تَضْرِبُنِي عَلَى صَلَاةٍ صَلَّيْتُهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: يَا تَمِيمُ ليس كل الناس يعلم ما تعلم).

(1) في (ك): (ثنا).

(2)

هو ابن بشر الأحمسي.

(3)

في (ك): (يا عمر لم) - بتقديم (يا عمر) على (لم).

ص: 286

299 -

تخريجه:

ذكره الهيثمي في بغية الباحث (ص 296: 209).

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 102 ب)، من المختصرة: النوافل، باب الصلاة بعد العصر، وقال: رواه الحارث وأبو يعلى بسند رجاله ثقات. اهـ.

ورواه أحمد (4/ 102)، من طريق هشام بن عروة، عن أبيه قال: خرج عمر على الناس يضربهم على السجدتين بعد العصر، حتى مر بتميم

الحديث بنحوه ورجاله ثقات، لكن عروة لم يسمع من عمر بن الخطاب. انظر: علل ابن أبي حاتم (1/ 154)؛ جامع التحصيل (ص 236).

ورواه الطبراني في الكبير (2/ 58: 1281)؛ والأوسط (كما في مجمع البحرين (1/ 94 ب)، كتاب الصلاة، باب الصلاة بعد العصر)، من طريق عبد الله بن صالح، حدثني الليث، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، قال: أخبرني (في الكبير: أخبر) تميم الداري -أو أخبِرتُ- أن تميمًا الداري ركع ركعتين

الحديث بنحوه مطولًا.

قال الطبراني: لا يروى عن تميم إلَّا بهذا الإسناد، تفرد به الليث. اهـ.

وقال الهيثمي (المجمع 2/ 222): رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح في=

ص: 286

= الكبير. والأوسط

وفيه عبد الله بن صالح، قال فيه عبد الملك بن شعيب: ثقة مأمون وضعفه أحمد، وغيره. اهـ.

قلت: وقال الحافظ في التقريب (ص 308): صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة. اهـ. وفيه أيضًا: تردد عروة فلم يجزم بأن تميمًا أخبره به.

ص: 287

الحكم عليه:

إسناده رجاله ثقات، لكن لم أجد من ذكر لوبرة بن عبد الرحمن سماعًا من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإنما سمع من صغار الصحابة رضي الله عنهم، فهو مرسل، لكنه يعتضد بمرسل عروة، فلعله يرتفع إلى الحسن لغيره لشواهده التي أسلفنا ذكرها في حديث رقم (297).

ص: 287

300 -

[وَقَالَ (1) الْحَارِثُ]: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ (2)، أَنَّهُ (3) سَمِعَ الْمَقْبُرِيَّ (4) يُحَدِّثُ (5) عن (6) أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ (7):"نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عَنِ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ".

(1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ك). وقد تأخر هذا الحديث فيها فأتى بعد رقم (304).

(2)

ابن بانك، أبو مصعب المدني.

(3)

لفظة (أنه) ليست في (ك).

(4)

هو سعيد بن كيسان.

(5)

لفظة (يحدث) ليست في (ك)، وفي (البغية):(بخير).

(6)

سقط حرف الجر (عن) من (سد).

(7)

لفظة (قال) ليست في (ك).

ص: 288

300 -

تخريجه:

ذكره الهيثمي (بغية الباحث ص 268: 198).

ورواه الأثرم في الناسخ والمنسوخ. انظر: البدر المنير (2/ 125 أ)، من طريق الواقدي، به فذكره.

ورواه الشافعي في المسند (1/ 139: 408)، كتاب الصلاة، باب في صلاة الجمعة، والبيهقي (2/ 464)، كتاب الصلاة، باب ذكر البيان أن النهي مخصوص ببعض الأيام دون بعض، من طريق إبراهيم بن محمد، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ المقبري، به فذكر مثله، وفيه زيادة (حتى تزول الشمس).

قال ابن عبد البر في التمهيد (4/ 20): وإبراهيم بن محمد الذي روى عنه الشافعي هذا الخبر، هو ابن أبي يحيى المدني، متروك الحديث، وإسحاق بعده في الإسناد، وهو ابن أبي فروة، ضعيف أيضًا. اهـ.

ورواه البيهقي (2/ 464): من طريق أبي خالد الأحمر، عن شيخ من أهل المدينة يقال له عبد الله، عن سعيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم=

ص: 288

= قال: "تحرم -يعني الصلاة- إذا انتصف النهار كل يوم إلَّا يوم الجمعة.

قال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 125 أ): وهذا الشيخ يُحْتاج إلى معرفة عينه وحاله. اهـ.

ص: 289

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا، لأن فيه محمد بن عمر الواقدي، وهو متروك الحديث، ورواية الشافعي وإن خلت من الواقدي، فإن فيها إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وهو متروك أيضًا. انظر: التقريب (ص 93)، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وهو متروك كذلك. انظر: التقريب (ص 102)، أما رواية البيهقي الثانية ففيها مجهول، وهو عبد الله -شيخ من أهل المدينة-، وللحديث شواهد لكن لا يخلو شيء منها من مقال، فلا أراه يرتفع بها عن الضعف، ومنها:

1 -

عن أبي قتادة، رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ كره الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ، إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ:"إن جهنم تُسجَّر إلَّا يوم الجمعة".

رواه أبو داود (1/ 653: 1083)؛ والبيهقي (2/ 464، 3/ 192)؛ والخطيب في تاريخه (8/ 260)؛ وابن عبد البر في التمهيد (4/ 20)، من طريق ليث، عن مجاهد، عن أبي الخليل، به.

قال أبو داود: هو مرسل، مجاهد أكبر من أبي الخليل، وأبو الخليل لم يسمع

من أبي قتادة. اهـ.

قلت: وكذلك قال الترمذي. انظر: جامع التحصيل (ص 198). وقال ابن عبد البر: وهذا الحديث منهم من يوقفه. اهـ. وفيه أيضًا: ليث وهو ابن أبي سليم، وهو صدوق سيء الحفظ واختلط فلم يتميز حديثه، فيحتاج إلى متابع.

2 -

وعن واثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، رضي الله عنه، قَالَ: سأل سائل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال يوم الجمعة يؤذن فيها بالصلاة في نصف النهار، وقد نهيت عن سائر الأيام؟ =

ص: 289

= فقال: "إن الله يُسَعِّر جهنم كل يوم في نصف النهار، ويخبثها في يوم الجمعة".

رواه الطبراني في الكبير (22/ 60: 144)، من طريق بشر بن عون، ثنا بكار بن تميم، عن مكحول، به.

وفيه بشر بن عون القرشي، قال ابن حبان في المجروحين (1/ 190): روى عن بكار بن تميم، عن مكحول، عن واثلة، نسخة فيها ستمائة حديث كلها موضوعة، لا يجوز الإحتجاج به بحال. اهـ.

وبكار بن تميم شيخه مجهول. انظر: الميزان (1/ 340).

3 -

وفي حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ يَوْمَئِذٍ نِصْفَ النَّهَارِ لِأَنَّ جَهَنَّمَ لَا تسعر فيه".

رواه بهذه الزيادة إسحاق بن راهويه في مسنده. انظر: حديث رقم (289)، وهي زيادة ضعيفة، لأن في سندها انقطاعًا سبق بيانه هناك.

ص: 290

301 -

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا هُدْبة، وَإِبْرَاهِيمُ [السَّامِيُّ](1)، قَالَا: ثنا أَبَانُ (2)، عَنْ يَحْيَى (3)، [أَنَّ](4) قُرَّةَ بْنَ أَبِي قُرَّةَ، حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا أُسَيد حَدَّثَهُ: أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ، فَزَجَرَهُ، وَقَالَ: لَا تصلِّ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ" -لَفْظُ هُدْبَةَ-.

(1) في جميع النسخ (الشامي) بالمعجمة، والتصحيح من كتب الرجال.

(2)

هو ابن يزيد العطار.

(3)

هو ابن أبي كثير الطائي، مولاهم.

(4)

في جميع النسخ (بن)، والصواب ما أثبته لأنه ليس في الرجال -حسب علمي- من اسمه يحيى بن قرة، وإنما الموجود: قرة بن أبي قرة، يروي عن أبي أسيد -مالك بن ربيعة- وعنه يحيى بن أبي كثير. وهو الموافق لما في معجم الطبراني الكبير.

ص: 291

301 -

تخريجه:

ذكره الهيثمي (المجمع 2/ 227)، ولم يذكر القصة التي في أوله، وعزاه للطبراني في الكبير، وقال: وفيه فروة بن أبي فروة ولم أجد من ذكره، وبقية رجاله ثقات. اهـ.

قلت: الذي في سند الطبراني: قرة بن أبي قرة، وليس فروة، وما في الطبراني هو الموافق لما في المطالب في هذا الحديث.

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 103 أ) من المختصرة، كتاب النوافل، باب الصلاة بعد العصر؛ وقال: رواه أبو يعلى.

ورواه الطبراني في الكبير (19/ 268: 593)، من طريق موسى بن هارون، وعبد الله بن أحمد، قالا: حدثنا هدبة بن خالد، به، فذكر المرفرع فقط.=

ص: 291

= الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد رجاله ثقات إلا قرة بن أبي قرة، فإنه مجهول. لذا، فالحديث ضعيف.

وللحديث شاهد من حديث عمر بن الخطاب، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة رضي الله عنهم، وكلها في الصحيحين. وقد سبق تخريجها في حديث رقم (291).

ص: 292

302 -

الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عبدِ القارِيّ، قَالَ:(طُفْتُ مَعَ عُمَرَ رضي الله عنه، بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَرَكِبَ فَلَمْ يُصْبِحْ حتى أتى ذا طَوَى (2) فركع ركعتين).

(1) هو ابن عوف الزهري المدني.

(2)

ذو طَوَى: موضع قرب مكة.

افظر: مشارق الأنوار (1/ 276)؛ ومعجم البلدان (4/ 45).

ص: 293

302 -

تخريجه:

ذكره الهيثمي (بغية الباحث 2/ 480: 369).

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 162 أ) من المختصرة، كتاب الحج، باب ما جاء في جمع الأسابيع، وركعتي الطواف، وما يقرأ فيهما، وجواز فعلهما في غير المسجد. وقال: رواه الحارث والبيهقي ورجاله ثقات.

وذكره البخاري (3/ 488) تعليقًا مجزومًا به.

ورواه مالك في الموطأ: كتاب الحج، باب الصلاة بعد الصبح والعصر في الطواف (1/ 368: 117)، وعبد الرزاق، كتاب الحج، باب الطواف بعد العصر والصبح (5/ 63: 9008)، والطحاوي، كتاب المناسك، باب الصلاة للطواف بعد الصبح وبعد العصر (2/ 187)، والبيهقي، كتاب الصلاة، باب البيان أن النهي مخصوص ببعض الأمكنة (2/ 463)، وفي كتاب الحج، باب من ركع ركعتي الطواف حيث كان (5/ 91)، من طريق الزهري، عن حميد، به مثله، وعند بعضهم زيادة: (فلما قضى عمر طوافه نظر فلم ير الشمس طلعت فركب

) وهو عند عبد الرزاق من طريق معمر، وعند الباقين من طريق مالك، كلاهما عن الزهري.

ورواه الطحاوي (2/ 187)، والبيهقي (2/ 463)، وابن حجر في تغليق التعليق (3/ 78)، من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عبد الرحمن بن عبدِ القارِيّ، به مثله.=

ص: 293

= قال البيهقي: وكذلك رواه الحُمَيدي عن سفيان، والصحيح عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. ثم نقل البيهقي عن يونس بن عبد الأعلى قوله: قال لي الشافعي رحمه الله في هذا الحديث: إتَّبعَ سفيانُ بن عيينة في قوله: (الزهري، عن عروة، عن عبد الرحمن) المجرة -يريد لزوم الطريق-. قال عبد الرحمن بن محمد -الراوي عن يونس-: وذلك أن مالكًا، ويونس، وغيرهما رووا الحديث عن الزهري، عن حميد، عن عبد الرحمن القاري، عن عمر، فأراد الشافعي أن سفيان وهِمَ، وأن الصحيح ما رواه مالك. اهـ.

قلت: وكذا قال أحمد بن حنبل. انظر: فتح الباري (3/ 489)؛ تغليق التعليق (3/ 79)، وقد ذكر الحافظ في الفتح (3/ 489) أن الأثرم رواه من طريق نوح بن يزيد، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن الزهري. مثل رواية سفيان -وهذا سند رجاله ثقات- فلعله كان عند الزهري من طريقين، وليس هذا بغريب على حافظ واسع الحفظ مثل الزهري، وهو أولى من توهيم سفيان بن عيينة -والله أعلم-. لكن وجدت أبا حاتم قد وافقهم على تخطئة ابن عيينة ومن وافقه. انظر: العلل لابنه (1/ 282: 835).

ورواه سعيد بن أبي عروبة في المناسك: عن قتادة، عن عطاء، عن عمر مرسلًا. قاله الحافظ في تغليق التعليق (3/ 79).

ورواه ابن أبي شيبة في المصنف: (ج 4)، القسم الأول (ص 169: 1117)، من طريق ابن أبي ليلى، عن عطاء قال: (طاف عمر

الحديث).

وهذا كسابقه، لأن عطاء بن أبي رباح لم يدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإنما ولد في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه. انظر: التهذيب (7/ 202).

ص: 294

الحكم عليه:

الأثر بهذا الإسناد رجاله كلهم ثقات، إلا عاصم بن علي، فإنه صدوق. لكن قد تابعه مالك، ومعمر -كما عند عبد الرزاق- فرووه عن شيخ شيخه الزهري. وعلى=

ص: 294

= هذا، فالأثر صحيح.

ويشهد له ما جاء عن بعض الصحابة والتابعين، من فعلهم رضي الله عنهم، ومن ذلك:

1 -

ما رواه عبد الرزاق (5/ 63: 9010)، والبيهقي (2/ 464)، من طريق ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيح، عَنْ أبيه قال:(قدم أبو سعيد الخدري حاجًا أو معتمرًا، فطاف بعد الصبح، فقال -وعند البيهقي: فقلت-: انظروا كيف يصنع، فلما فرغ من سُبعه قعد، فلما طلعت الشمس صلّى ركعتين). هذا لفظ عبد الرزاق. ورجاله ثقات.

ورواه ابن أبي شيبة (ج 4)، القسم الأول (ص 169: 1118)، من طريق أبي داود الطيالسي، عن هشام الدستوائي، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، نحوه.

2 -

وروى عبد الرزاق (5/ 63: 9009)؛ وابن أبي شيبة في مصنفه (ج 4)، القسم الأول (ص 169: 1114)، من طريق أيوب قال:(رأيت سعيد بن جبير، ومجاهدًا يطوفان بعد العصر سبعًا واحدًا، ثم يجلسان ولا يصليان حتى تغرب الشمس) لفظ عبد الرزاق. وسنده صحيح.

3 -

وفي الباب عن معاذ بن عفراء عند ابن أبي شيبة (ج 4)، القسم الأول (ص 169: 1116)؛ والطحاوي (1/ 303)؛ والبيهقي (2/ 264).

4 -

وعن عائشة رضي الله عنها عند ابن أبي شيبة (ج 4)، القسم الأول (ص 169: 1115).

5 -

وعن المسور بن مخرمة (عنده أيضًا: 1113).

ص: 295

303 -

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أنا مَخْرَمة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ نَافِعٍ، قَالَ: رَآنِي [أَبُو هُبَيْرَةَ](1) الْأَنْصَارِيُّ، صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَا أُصَلِّي الْفَجْرَ (2) حِينَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَعَابَ ذَلِكَ عليَّ، وَنَهَانِي، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تُصَلُّوا حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا إِنَّمَا تَطْلُعُ فِي قَرْنِ (3) شَيْطَانٍ".

(1) في (مح): (أبو هريرة)، والتصحيح من بقية النسخ، والمسند.

(2)

في (ك)، والمسند، والمفاريد لأبي يعلى، والمقصد العلي، والإتحاف:(الضحى).

(3)

في المفاريد: (قرون).

ص: 296

303 -

تخريجه:

هو في مسند أبي يعلى (3/ 143: 1572)، وفي المفاريد له (ص 84: 84).

وذكره الهيثمي المقصد العلي ص 374: 344).

وأيضًا (المجمع 2/ 226)، وسمى صحابيه أبا بشير الأنصاري، وقال: رواه أحمد، وأبو يعلى، والطبراني في الأوسط، إلا أن أبا يعلى قال: رآني أبو هبيرة، ورجال أحمد ثقات. اهـ. ثم ذكر رواية البزار عن أبي اليسر وقال: رجاله ثقات. اهـ.

قلت: بل في كل طرق الحديث سعيد بن نافع، لم يرو عنه إلا واحد ولم يوثقه غير ابن حبان.

وذكره أيضًا في كشف الأستار (1/ 336: 699)، من طريق محمد بن عبد الرحيم، ثنا هارون بن معروف، ثنا ابن وهب، عن مَخْرَمَةُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ نَافِعٍ قال: رآني أبو اليسر، فذكره بلفظ مقارب. قال البزار: لا نعلمه عن أبي اليسر إلا من هذا الوجه، وسعيد لا نعلمه حدث عنه إلا بكير. اهـ.

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 137 أ)، كتاب المواقيت، باب في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، وعزاه لأبي يعلى.=

ص: 296

= وذكره ابن الأثير في أُسد الغابة (5/ 315)، من طريق أبي يعلى به، فذكر مثله. ثم قال: وسعيد -يعني ابن نافع- تابعي لم يدرك من قُتل بأُحد، وهو مرسل.

وفي قوله: (رآني أبو هبيرة) نظر، فإن كان غير الذي قتل يوم أُحد، وإلا فهو منقطع. اهـ.

وذكره ابن حجر في الإصابة (7/ 19)، في ترجمة أبي بشر الأنصاري.

وذكره أيضًا في الإِصابة (7/ 198)، في ترجمة أبي هبيرة الأنصاري، ثم قال: خلطه -يعني الصحابي- ابن الأثير بالذي قبله -يعني أبا هبيرة بن الحارث بن علقمة- ثم قال: سعيد تابعي لم يدرك من يقتل بأُحد، فإن كان غيره وإلا فهو منقطع. انتهى، وكيف يحتمل أن يكون منقطعًا وهو يصرح بأنه رآه، فتعين الاحتمال الأول. اهـ.

ورواه أحمد، وابنه (5/ 216)، من طريق هارون بن معروف، به، إلا أنه سمّى الصحابي أبا بشير الأنصاري، فذكره بلفظه إلا أنه قال:"فإنها تطلع بين قرني الشيطان".

ورواه الطبراني في الأوسط. انظر: مجمع البحرين (1/ 95 أ)، من طريق محمد بن زريق، ثنا أبو الطاهر، ثنا ابن وهب، أخبرني مَخْرَمَةُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ نَافِعٍ قال: (رآني أبو بشير صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي

الحديث).

قال الطبراني: لا يروى عن أبي بشير إلا بهذا الإسناد، تفرد به ابن وهب. اهـ.

ص: 297

الحكم عليه:

الحديث رجاله ثقات، إلا سعيد بن نافع، فلم يرو عنه إلا بكير بن عبد الله الأشج، ولم يوثقه إلا ابن حبان، على عادته في توثيق المجاهيل، وهو عندي مجهول، وفيه أيضًا الانقطاع بين مخرمة وأبيه لأن روايته وجادة، وأما الاختلاف في اسم الصحابي فلا يضر لأن الصحابة كلهم عدول.

وهذا المتن صحيح ثابت عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم، وقد تقدم=

ص: 297

= تخريج بعض هذه الشواهد في حديث رقم (291)، ونضيف هنا ما يأتي:

1 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله عنه: "إذا طلع حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تبرز

" الحديث، وفيه: "ولا تحينوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها، فإنها تطلع بين قرني شيطان -أوالشيطان-" هذا لفظ البخاري، وعند مسلم: "لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها، فإنها تطلع بين قرني شيطان".

البخاري (6/ 335: 3272)؛ ومسلم (1/ 567: 828).

2 -

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وقت الظهر إذا زالت الشمس

" الحديث، وفيه: "فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة فإنها تطلع بين قرني شيطان".

رواه مسلم (1/ 427: 612).

3 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: وهِمَ عمر، إنما نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها.

رواه مسلم (1/ 571: 833)، والنسائي (1/ 279: 570).

ص: 298

304 -

[وَقَالَ](1): حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ (2)، ثنا (3) رَوْح، ثنا أُسَامَةُ بْنُ [زَيْدٍ](4)، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ (5)، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تُصَلُّوا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ وَتَغْرُبُ عَلَى قَرْنِ شَيْطَانٍ، وصلوا بين ذلك ما شئتم".

(1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ك)، والقائل أبو يعلى.

(2)

هو محمد بن عبد الله.

(3)

في (ك): (حدثنا).

(4)

في (مح) و (حس) و (عم) و (سد): (يزيد)، وما أثبته من (ك)، والمسند، والإتحاف، ومصادر الترجمة. وهو أسامة بن زيد الليثي مولاهم.

(5)

في (ك): (عبد الله). وهو حفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك الأنصاري.

ص: 299

304 -

تخريجه:.

هو في مسند أبي يعلى (7/ 220: 4216).

وذكره الهيثمي (المقصد العلي ص 375: 345).

ولم أجده في مظنته في المجمع.

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 137 أ)، كتاب المواقيت، باب في الأوقات التي نُهي عن الصلاة فيها، وعزاه لأبي يعلى.

وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/ 561: 314)، وقال: وهذا إسناد حسن، رجاله لهم ثقات، رجال الشيخين، غير أسامة بن زيد، وهو الليثي، وفيه كلام من قبل حفظه، والمتقرر أنه حسن الحديث إذا لم يخالف، وقد استشهد به مسلم. اهـ.

ورواه ابن المنذر في الأوسط (2/ 389: 1089)، من طريق روح بن عبادة، به، فذكر مثله، إلا أنه قال:"لا صلاة" مكان "لا تصلوا".

ورواه البزار كما في كشف الأستار (1/ 293: 613)، قال: حدثنا محمد بن المثنى أبو موسى، ثنا روح بن عبادة، به، وَلَفْظُهُ: "إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد=

ص: 299

= العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الفجر حتى تطلع الشمس".

قال البزار: لا نعلم رواه عن حفص إلا أسامة. اهـ.

قلت: وهو بهذا اللفظ موافق لغيره من الأحاديث.

ص: 300

الحكم عليه:

فيه أسامة بن زيد الليثي، وهو صدوق يهم. وللحديث شواهد كثيرة، كحديث عمرو بن عبسة -تقدم برقم (289) -، وحديث عمر، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة رضي الله عنهم، وكلها في الصحيحين -وقد تقدم تخريجها في حديث رقم (290) - وحديث ابن عمر، وابن عمرو، وعائشة رضي الله عنهم -وتقدم تخريجها في حديث رقم (303) - وحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعًا، لا يذكر الله فيها إلا قليلًا". رواه مسلم وغيره -وقد تقدم تخريجه في حديث رقم 278 - . وحديث علي رضي الله عنه أن النبي قال: "لا تصلوا بعد العصر، إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة"، وفي رواية النسائي:"إلا أن تكون الشمس بيضاء نقية مرتفعة".

رواه أبو داود (2/ 55: 1274)؛ والنسائي (1/ 280: 573)؛ وأحمد (1/ 81، 129)؛ وأبو يعلى (1/ 329: 411)، و (ص 437: 581)، من طرق عن منصور بن المعتمر، عن هلال بن يساف، عن وهب بن الأجدع، به. وهذا سند صحيح.

وله طريق أخرى عند أحمد (1/ 130)، قال: حدثنا إسحاق بن يوسف، أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله، وهذه الطريق شاهد جيد للأولى.

ص: 300

25 -

بَابُ لَا فَرْضَ مِنَ الصَّلَاةِ (1) غَيْرَ الْخَمْسِ

305 -

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا زَمْعَة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ (2)، قَالَ: كُنْتُ (3) جَالِسًا فِي مَجْلِسٍ فِيهِمْ (4) عُبادة (5) رضي الله عنه (6)، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: "أَتَانِي جِبْرِيلُ، عليه الصلاة والسلام، مْنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ الله تعالى يقول (7): إني فى ضت عَلَى أُمَّتِكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ مَنْ وَفَّى (8) بِهِنَّ عَلَى وُضُوئِهِنِّ، وَمَوَاقِيتِهِنَّ، وَرُكُوعِهِنَّ (9)، وَسُجُودِهِنَّ، فَإِنَّ لَهُ (10) بِهِنَّ عِنْدِي عَهْدًا أَنْ أُدْخِلَهُ بِهِنَّ الْجَنَّةَ

الحديث (11).

(1) في (حس)، و (سد)، و (عم):(الصلوات).

(2)

هو الخولاني.

(3)

في المسند: (كنت في مجلس مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فيهم عبادة

).

(4)

في (ك): (فيه).

(5)

في (سد): (سعد بن عبادة) وهو خطأ، (وفي المسند): عبادة بن الصامت.

(6)

في المسند زيادة: (فذكروا الوتر، فقال بعضهم، واجب، وقال بعضهم: سنة، فقال عبادة بن الصات: أما أنا فأشهد أني سمعت

).

(7)

في المسند: (قال لك: إني قد فرضت).

(8)

في المسند: (من وافاهن على وضوئهن).

(9)

لفظة: (وركوعهن) ليست في المسند.

(10)

في المسند: (فإن له عندك بهن عهدًا).

(11)

تمام الحديث في المسند: "ومن لقيني قد أنقص من ذلك شيئًا -أو كلمة نسيتها- فليس له عندك عهدًا إن شئت عذبته، وإن شئت رحمته".

ص: 301

305 -

تخريجه:

هو في مسند الطيالسي (ص 78: 573).

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 118 أ)، كتاب الصلاة، باب فرض الصلاة، وعزاه لأبي داود الطيالسي.

ورواه أبو داود (2/ 130: 1420)، كتاب الصلاة، باب فيمن لم يوتر، والنسائي (1/ 230: 461)، كتاب الصلاة، باب المحافظة على الصلوات الخمس؛ وابن ماجه (1/ 449: 1401)، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في فرض الصلوات الخمس، ومالك (1/ 123: 14)، صلاة الليل، باب الأمر بالوتر، وأحمد

(5/ 319)، من طريق محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن مُحْيريز، أن رجلًا من بني كنانة يدعى المُخدَجي، سمع رجلًا بالشام يدعى أبا محمد يقول: إن الوتر واجب.

قال المُخْدَجي: فَرُحْتُ إلى عبادة بن الصامت فأخبرته، فقال عبادة: كذب أبو محمد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئًا استخفافًا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد: إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة" لفظ أبي داود.

ورجاله ثقات، إلَّا المخدجي، واسمه رُفَيع، وقيل: أبو رُفيع، قال الحافظ فيه: مقبول. اهـ. انظر: التقريب (ص 640)،

ونقل المنذري في مختصر سنن أبي داود (2/ 123)، عن ابن عبد البر أنه قال: لم يختلف عن مالك في إسناد هذا الحديث، وهو حديث ثابت. اهـ.

ورواه أبو داود (1/ 295: 425)، كتاب الصلاة، باب في المحافظة على وقت الصلوات، وأحمد (5/ 317)؛ من طريق عطاء بن يسار، عن عبد الله الصُّنَابحي، قال: زعم أبو محمد

الحديث بنحوه، ورجاله ثقات إلَّا عبد الله الصُّنَابحي، فقيل=

ص: 302

= صحابي وقيل: هو أبو عبد الله الصنابحي عبد الرحمن بن عسيلة، لكن أخطأ الرواة في تسميته، وقيل غير ذلك. انظر: التهذيب (6/ 90، 229)؛ التقريب (ص 331)، وعلى كل حال فهو متابع جيد للمخدجي.

ص: 303

الحكم عليه:

الحديث رجاله ثقات، إلَّا زمعة بن صالح، فإنه ضعيف الحديث لسوء حفظه، وحديثه عن الزهري أشد ضعفًا، وقد انفرد في هذا الحديث بلفظة لم نجد من تابعه عليها، وهي قوله: "أَتَانِي جِبْرِيلُ، عليه الصلاة والسلام، مْنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ يقول: وأما باقي الحديث فحسن لغيره، لما ذكرت من المتابعات، ولما له من الشواهد الصحيحة، ومنها:

1 -

عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، من أهل نجد ثائر الرأس، يُسمَعُ دَوي صوته ولا يُفْقَه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله:"خمس صلوات في اليوم والليلة"، فقال: هل علي غيرها؟ قال: "لا، إلَّا أن تطوع

الحديث" متفق عليه.

البخاري (1/ 106: 46)؛ ومسلم (1/ 40: 11).

2 -

وعن مالك بن صعصعة رضي الله عنه -في حديث الإسراء الطويل-: "فأتيت موسى فقال: ما صنعت؟ قلت: جعلها خمسًا. فقال مثله. قلت: فسلمت.

فنودي: إني قد أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي، وأجزي الحسنة عشرًا". متفق عليه.

البخاري (6/ 302: 3207)؛ ومسلم (1/ 149: 164)، ولم يورد اللفظ كاملًا وإنما أحال على سابقه، وهو حديث أنس عن أبي ذر رضي الله عنهما.

3 -

وعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه -فِي حديث الإسراء الطويل- "قال: هي خمس وهي خمسون، لا يبدل القول لديّ

الحديث" أي هي خمس في العدد، خمسون في الأجر والثواب، كما بيَّن ذلك حديث مالك بن صعصعة.=

ص: 303

= البخاري (1/ 458: 349)؛ ومسلم (1/ 148: 163).

4 -

وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "نزل جبريل فأمني، فصليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه" يحسب بأصابعه خمس صلوات.

رواه الشيخان وغيرهما. وقد سبق تخريجه في حديث رقم (252).

ص: 304

306 -

وَقَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي هَارُونَ [الْعَبْدِيِّ](1) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ:(فُرِضت الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَيْلَةَ الإِسراء (2) خَمْسِينَ صَلَاةً (3)، ثُمَّ نُقِصَتْ حَتَّى جُعِلَتْ خَمْسًا، فَقَالَ اللَّهُ عز وجل:"كَانَ (4) لَكَ فِي الْخَمْسِ خَمْسِينَ، الْحَسَنَةُ بعشر أمثالها".

(1) في (مح)، و (حس):(العنزي). وما أثبته هو الصواب -إن شاء الله- وهو الموافق لما في المنتخب، والإتحاف، وكتب الرجال.

(2)

في (المنتخب من مسند عبد بن حميد): (اسري به).

(3)

سقطت من (عم).

(4)

في (عم)، و (سد)، و (ك)، و (المنتخب)، و (مصنف عبد الرزاق):(فإن).

ص: 305

306 -

تخريجه:

هو في المنتخب من مسند عبد بن حميد (2/ 93: 955).

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 118 ب)، كتاب الصلاة، باب فرض الصلاة، وعزاه لعبد بن حميد، وقال: هذا إسناد ضعيف لضعف أبي هارون العبدي، واسمه عمارة بن جوين. اهـ.

ورواه عبد الرزاق (1/ 452: 1769)، كتاب الصلاة، باب ما جاء في فرض الصلاة من طريق معمر، به، مثله.

ص: 305

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا، لأن في سنده أبا هارون العبدي، وهو متروك.

والمتن صحيح ثابت من حديث أنس بن مالك، ومالك بن صعصعة، وهما في الصحيح، وكونها خمس صلوات في اليوم والليلة جاء أيضًا في الصحيحين من حديث طلحة بن عبيد الله، ونحوه في حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنهم جميعًا -وقد سبق تخريجها في حديث رقم (305) -.

ص: 305

307 -

وَقَالَ (1) أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا حُبَيِّب بْنُ حَبِيْب (2)، أَخُو حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ العَيْزار بْنِ حُرَيث، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: أَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، إنَّا أناس (3) من المسلمين، وها هنا أُنَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينِ يَزْعُمُونَ أنَّا لَسْنَا عَلَى شَيْءٍ (4)، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ، وَأَتَى الزَّكَاةَ، وَحَجَّ الْبَيْتَ، وصام رمضان، وقرى الضيف، دخل الجنة".

(1) وقعت مكررة في (مح).

(2)

في (حس)، و (عم) زيادة:(أبي).

(3)

في (حس)، و (عم)، و (سد): أناسًا -بالنصب-.

(4)

زاد في الإتحاف: (ونحن نقيم الصلاة، ونؤتي الزاة، ونحج البيت، ونصوم رمضان).

ص: 306

307 -

تخريجه:

ذكره الهيثمي (المجمع 1/ 45)، وعزاه للطبراني في الكبير، وقال: وفي إسناده حبيب بن حبيب أخو حمزة الزيات، وهو ضعيف. اهـ.

وذكره البوصيري (الإتحاف 1/ 119 ب)، كتاب الصلاة، باب فضل الصلاة، وعزاه لأبي بكر بن أبي شيبة.

ورواه الطبراني في الكبير (12/ 136: 12692)، من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، وعثمان بن أبي شيبة، قالا: ثنا حبيب أخو حمزة الزيات، به فذكر الحديث ولم يذكر القصة التي قبله.

ورواه ابن عدي في الكامل (2/ 821)، من طريق عثمان بن أبي شيبة، ثنا حَبِيبُ بْنُ حَبِيبٍ أَخُو حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، به، فذكره بمثل رواية الطبراني.

قال ابن عدي: لحبيب أحاديث غيرها يرويها عنه عثمان وغيره، وهذان الحديثان -يعني هذا الحديث وحديثًا آخر ذكره- اللذان ذكرتهما لا يرويهما عن أبي إسحاق غيره، وهما أنكر ما رأيت له من الرواية. اهـ.=

ص: 306

= الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا، لأن فيه حبيب بن حبيب، وهو واهي الحديث. وللحديث شواهد صحيحة، لكن حديث حبيب بن حبيب غير قابل للانجبار لشدة ضعفه.

ومن شواهده:

1 -

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس: شهادة أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ، وإقام الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِ، وصومِ رمضانَ". رواه الشيخان وغيرهما.

البخاري (1/ 49: 8)؛ ومسلم (1/ 45: 16)؛ والترمذي (5/ 5: 2609)؛ والنسائي (8/ 107: 5001).

2 -

وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، من أهل نجد ثائر الرأس، يُسمَع دَوي صوته ولا يُفْقَه ما يقول، حتى دنا، فذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول صلى الله عليه وسلم:"خمس صلوات في اليوم والليلة"، قال: هل عليَّ غيرها؟ قال: "لا إلَّا أن تطوع. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وصيام رمضان" قال: هل على غيره؟ قال: "لا إلَّا أن تطوع قال: وذكر لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الزكاة، قال: هل على غيرها؟ قال: "لا إلَّا أن تطوع"، قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أفلح إن صدق، أو دخل الجنة إن صدق". متفق عليه.

البخاري (1/ 106: 46، 4/ 102: 1891)؛ ومسلم (1/ 40: 11).

3 -

وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: نُهِينا أن نسأل رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع

(وفيه: الله أرسلك؟ قال؟ "نعم" قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا. قال: "صدق"

) ثم ذكر الزكاة، وصوم رمضان، والحج وفيه: (قال: ثم=

ص: 307

ولّى -أي الأعرابي- قال: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن، ولا أنقص منهن، فقال النبي:"لئن صدق ليدخلن الجنة".

رواه البخاري (1/ 148: 63)، مختصرًا ولم يذكر الحج، ولا قوله "لئن صدق ليدخلن الجنة"، ومسلم (1/ 41: 12).

4 -

وعن أبي شُرَيح العدوي أنه قال: سَمِعَت أُذُنَايَ وأبصرت عيناي حين تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضيفه جائزته"

قالوا: وما جائزته يا رسول الله؟ قال: "يومه وليلته، والضيافة ثلاثة أيام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه، الحديث متفق عليه واللفظ لمسلم.

البخاري (10/ 445، 531: 6019، 6135)، (ص 531: 6135)؛ ومسلم (1/ 69، 3/ 1352: 48).

ص: 308