الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جملة مستكثر، ثم قدم إلى الديار المصرية في سنة أربع وسبعمائة ومعه من العروض ما قيمته ألف ألف دينار، فأقام بالقاهرة مدة، ثم توجه إلى ثغر الإسكندرية فتوفي بها في شهر رمضان سنة ثلاثة عشرة وسبعمائة، وكان خيراً ديناً، وله بر وصدقات، رحمه الله تعالى.
1443 - شيخ شيوخ حماة
586 - 662هـ؟ 1190 - 1263م
عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن بن محمد بن منصور بن خلف، قاضي القضاة، وشيخ شيوخ حماة، شرف الدين أبو محمد الأنصاري الأوسي، الدمشقي الأصل والمولد، الحموي الدار والوفاة، الشافعي المعروف بابن الرفا، وبشيخ شيوخ حماة، قاضي حماة ورئيسها.
مولده ضحى يوم الأربعاء ثاني عشرين جمادى الأولى سنة ست وثمانين وخمسمائة، وسافر مع والده إلى بغداد، فسمع بها من جماعة منهم: عبد المنعم جزء ابن عرفة، ومن عبد الواحد بن أحمد بن أبي المجد الحربي مسند الإمام أحمد، ومن عبد الوهاب بن سكينة، وأبي علي يحيى بن سليمان، وعلي بن أحمد ابن يعيش، وبدمشق: من أبي اليمن الكندي وقرأ عليه القراءات وكثيراً من
كتب الأدب، وسمع أيضاً من أبيه، وأبي المجد محمد بن الحسين القرويني، وعبد اللطيف بن يوسف البغدادي، وغيرهم، وحدث بحماة ودمشق والقاهرة وبعلبك، سمع منه الأئمة والأعيان كأبي عبد الله محمد اليونيني، والحافظ زكي الدين البرزالي، وكان أكبر سناً منه، وعز الدين محمد بن أحمد بن القاضي الفاضل، وأبو الحسين علي بن محمد اليونيني، وأبو العباس الظاهري، وابن خلف الدمياطي، والشريف عز الدين، وشرف الدين الغزاوي، وأحمد بن فرج، وقاضيا القضاة بدر الدين بن جماعة وشرف الدين عبد الغني بن يحيى ابن أبي بكر الحراني الحنبلي، وخلق سواهم.
قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في تاريخه: وتفقه وبرع في العلم والأدب والشعر، وكان من أذكياء بني آدم المعدودين، وله محفوظات كثيرة، انتهى.
وذكره الصاحب أبو القاسم عمر بن أحمد بن عبد الله بن أبي جرادة في تاريخه، قال: أصله من كفر طاب، وولد بدمشق، وخدم عند صاحب بعلبك، ثم ولي وزارة الملك المظفر صاحب حماة إلى أن مات، وولي الوزارة لابنه وفوض إليه التدبير وكان قبل وزارته بحماة شيخ الشيوخ بها، وهو من الفضلاء النبلاء الرؤساء الفقهاء، روى الحديث عن ابن كليب، وشيخنا ابن طبرزد، وله شعر حسن، أنشدني منه عدة مقاطيع، وأخبرني أن أصله من كفر طاب، وأن أهل كفر طاب كانوا من تنوخ وبهز، وسكن عندهم جماعة من الأوس، وكانوا يكرمونهم إلى أن اتفق هجمة الروم لكفر طاب، انتهى كلام ابن العديم باختصار.
وقال العلامة شهاب الدين محمود في تاريخه: وكانت له الوجاهة عند الملوك، والمنزلة الرفيعة في الدول، واليد الطولى في النظم والنثر، والتنوع في الفضائل، وهو القائل:
لها معاطف تغريني برقتها
…
ولينها أن أقاسي قلبها القاسي
باتت موسدةً رأس على يدها
…
عطفاً وكانت يدي منها على راسي
وله أيضاً:
إن قوماً يلحون في حب سعدى
…
لا يكادون يفقهون حديثا
سمعوا وصفها ولاموا عليها
…
أخذوا طيباً وأعطوا خبيثا
وله أيضاً:
لا تنس وجدي بك يا شادنا
…
في حبه أنسيت أحبابي
مالي على هجرك من طافةٍ
…
فهل إلى وصلك من باب
وله ملغزا في جمزة:
من لي عن سميه
…
سما به سفك دمه
تصحيفه في خده
…
وفي فؤادي وفمه
وكان الشيخ شرف الدين المذكور من أصحاب الملك الناصر يوسف بن محمد
ابن غازي صاحب حماة، وكان الناصر يعظمه ويكرمه، ويقع بينه وبينه مكاتبات كثيرة، وسافر في خدمته إلى الديار المصرية، ولما توجه الملك الناصر إلى حلب أرسل كاتبه فحضر إلى عنده، أقام بالخدمة الناصرية، ثم عزم على العود إلى حماة فخرج الملك الناصر لوداعه، وأبعد عن البلد فأقسم على أن يرجع، فأنشد الملك الناصر:
يا من يعز علينا أن نفارقهم
…
وجداننا كل شي بعدهم عدم
فقال الشيخ شرف الدين مجيباً:
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا
…
أن لا تفارقهم فالراحلون هم
فقال السلطان: والله لتعودن، فعاد معه وأقام عشرين يوماً أخرى.
والبيتان للمتنبي.
واتفق أن الملك الناصر المذكور كان بعمان، أنشده الشيخ شرف الدين المذكور:
أفدي حبيباً منذ واجهته
…
عن وجه بدر التم أغناني
في خده خالان لولاهما
…
ما بت مفتوناً بعمان
فأعجبا الملك الناصر وطرب بهما، وكرر إنشادهما، ولب كتاب الإنشاء وقال: مثل هذا يكون معاني الشعر، فقال كمال الدين بن العجمي: أحد كتاب الدرج، يا مولانا هاذان البيتان ما تخدم فيهما النورية ولا يتفق أن يكون المراد إلا اسم المكان، ودخول حرف الجر مانع من غرضه وإلا قال بعمين،
فلما كان من العد اجتمع السلطان بشيخ الشيوخ وأخبره بما قال ابن العجمي، فقال له: يا مولانا هذا إنكار من لم يعرف القرآن ولا يعرف كلام العرب، قال الله تعالى:" إن هذان لساحران " وقال بعض العرب: إن أباها وأبا أباها البيت. وهذا جائز أن تنوب ألفاً، تمشي في الأحوال الثلاثة عند بني الهجم وبني العشر وبين الحارث، فسر الملك الناصر بذلك. انتهى.
قلت: ومن شعره أيضاً:
وغمام معربد ببروق وزمجرة
…
وغادر الروض ناظراً بعيون مخضره
وله:
يا نظرة ما جلت لي حسن طلعته
…
حتى انقضت وأذابتني على وجل
عاتبت إنسان عيني في تسرعه
…
فقال لي: الإنسان من عجل
وله أيضاً:
قلت وقد عقرب صدغاً له
…
عن مشقة الحاجب لم يحجب
فدست يا رب الجمال الذي
…
ألف بين النون والعقرب
وله أيضاً:
أفدي حبيباً رزقت منه
…
عطف محب على حبيب
بوجنة ما أتم ربحي
…
وقد غدا وردها نصيبي
وله أيضاً:
مرضت ولي جيرة كلهم
…
عن الرشد في صحبتي حائد
فأصبحت في النقص مثل الذي
…
ولا صلةٌ لي ولا عائد
وله أيضاً:
قالوا ما في جلق نزهة
…
ننسيك من أنت به مغرا
يا عاذلي دونك من لحظه
…
سهماً ومن عارضه سطرا
السهم وسطرا من متنزهات دمشق.
وله أيضاً:
سبحان مورثه من حسن يوسف ما
…
لم يبقى في الحجر لي والصبر من حصص
أقام للشعراء العذر عارضه
…
فكم لهم في دبيب النمل من قصص
وله أيضاً:
ولقد عجبت لعاذلي في حبه
…
لما دجى ليل العذار المظلم
أوما درى من سنني وطريقتي
…
أني أميل مع السواد الأعظم
وله أيضاً:
سألته من ريقه شربةً
…
أطفئ بها من كيدي حره
فقال أخشى يا شديد الظما
…
أن نتبع الشربة بالجره