الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: كان رحمه الله من أعيان فقهاء السادة الحنفية، ذكره الحافظ عبد القادر في طبقاته وأثنى عليه، وتوفي بحلب في صفر سنة خمس وعشرين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.
1503 - ابن فضل الله
623 - 717هـ؟ 1226 - 1317م
عبد الوهاب بن فضل الله بن المجلي بن دعجان بن خلف، القاضي شرف الدين أبو محمد القرشي العمري، نسبته إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
مولده في ثالث ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وستمائة بدمشق، كان إماماً فقيهاً، كاتباً بليغاً، أديباً مترسلاً، كتب المنسوب الفائق، وتنقل في الخدم حتى صار صاحب ديوان الإنشاء بالديار المصرية مدة طويلة، ومكان مخاديمه يعظمونه ويحترمونه مثل: حسام الدين لاجين، والملك الأشرف خليل ابن قلاوون، والملك الناصر محمد بن قلاوون، وكان الأمير تنكز نائب الشام في كل قليل يذكره، ويجعل أفعاله قواعد يمشى عليها، وكان كاملاً في فنه، أحسن من كتب عن ملوك الأتراك، وكان يدور في كلامه ويتحيل حتى يخرج عن ثقل الإعراب وما يلحن، وهو أول كاتب سر ولي بديار مصر
من بني فضل الله، وهو أن الملك الأشرف خليل بن قلاوون لما تغير على كاتب سره عماد الدين إسماعيل بن أحمد بن الأثير قال لنائبه الأمير بدر الدين بيدرا: انظر لي غيره، وكان الأمير لاجين السلاح دار حاضراً، فذكر شرف الدين المذكور وأثنى عليه، فأحضره السلطان على البريد من دمشق في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وستمائة وأخلع عليه، واستقر به في كتابة السر بالديار المصرية، ودام على ذلك حتى نقله الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى كتابة سر دمشق عوضاً عن أخيه يحيى، وولي عوضه القاضي علاء الدين بن الأثير.
قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: حكى لي القاضي شهاب الدين بن القيسراني قال: كنت يوماً أقرأ البريد على الأمير تنكز فتحرك على دائر المكان طائر فالتفت إلي يسيراً ورجع إلي وقال: كنت يوماً بالمرج وشرف الدين بن فضل الله يقرأ علي بريداً جاء من السطلان، والصبيان قد رموا حلة على عصفور، فاشتغلت بالنظر إليها فبطل القراءة وأمسكني، وقال: يا خوند إذا قرأت عليك كتاب السلطان اجعل بالك كله مني، ويكون ذهنك كله عندي، لا تشتغل بغيري أبداً، وأفهمه لفظة لفظة. انتهى.
وكان في مبدأ أمره يلبس القماش الفاخر، ويأكل الأطعمة المنوعة الفاخرة، ويعمل السماعات المليحة، ويعاشر الفضلاء مثل بدر الدين بن مالك وغيره، ثم
انسلخ من ذلك كله لما دخل الدولة، وقتر على نفسه، واختصر في ملبسه، وانجمع عن الناس انجماعاً كلياً، وكان قد سمع في الكهولة من ابن عبد الدائم، وأجاز له ابن مسلمة وغيره، وكان السلطان الملك الناصر محمد بن قالاوون قد نقله من مصر إلى الشام عوضاً عن أخيه محيي الدين يحيى، لأن الملك الناصر كان قد وعد القاضي علاء الدين بن الأثير لما كان معه في الكرك بالمنصب، فأقام بدمشق إلى سنة سبع عشرة وسبعمائة، وتوفي رحمه الله في شهر رمضان من السنة وخلف نعمة طائلة.
ورثاه القاضي شهاب الدين محمود وهو بمصر بقصيدة أولها:
لتبك المعالي والعلا الشرف الأعلى
…
وتبك الورى الإحسان والحلم والفضلا
ومن شعره يمدح الملك المنصور قلاوون الصالحي الألفي.
تهب الألوف ولا تهاب لهم
…
ألفاً إذا لاقيت في الصف
ألف وألف من ندى ووغى
…
فلأجل ذا سموك بالألفي
وله لما ختن الملك الناصر محمد بن قلاوون:
لم يروع له الختان جناناً
…
قد أصاب الحديد منه حديداً