الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال المقريزي رحمه الله: وكان من ظلمة الأقباط. انتهى.
قلت: وهذا والد الصاحب أمين الدين إبراهيم بن عبد الغني بن الهيصم - وزير زماننا هذا - ذكرناه في حرف الهمزة في مكانه.
1454 - ابن أبي الفرج
784 - 821هـ؟ 1382 - 1418م
عبد الغني بن عبد الرزاق بن أبي الفرج بن نقولا الأرمني الأصل القبطي، الأمير فخر الدين بن الوزير تاج الدين، الشهير بابن أبي الفرج.
قال الشيخ تقي الدين المقريزي: كان جده من جملة نصارى الأرمن وأسلم، وكان أبوه ممن ولي الوزارة والإستادارية، ومولد فخر الدين هذا في شوال سنة أربع وثمانين وسبعمائة، وعرف الحساب، وكتب الخط الجيد، ولما نقل أبوه من ولاية قطيا إلى الوزارة في الأيام الظاهرية برقوق ولاه موضعه بقطيا، وحملت إليه الخلعة في أول يوم من جمادى الأولى سنة إحدى وثمانمائة فباشر ولاية قطيا ونظرها مدة وزارة أبيه، ثم صرف عنها وأعيد إليها عدة مرات في الأيام الناصرية فرج، ثم ولي كشف الشرقية في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، فوضع السيف في العرب، وأسرف في سفك الدماء وأخذ
الأموال، وتجاوز عن الحد والمقدار في الظلم، ثم طلب الزيادة في الظلم والفساد وبذل للناصر أربعين ألف دينار، فولاه وظيفة الأستادارية، عوضاً عن تاج الدين عبد الرزاق بن الهيصم في يوم الثلاثاء ثالث عشر شهر ربيع الآخرة سنة أربع عشرة وثمانمائة، فوضع يده في الناس بأخذ أموالهم بغير شبهة من شبهة الظلمة حتى داخل الرعب كل بريء، وكثر الشناعة عليه وساءت القالة فيه، فصرف في ذي الحجة من السنة وسر الناس بعزله سروراً كثيراً، وعوقب عقوبة لم تعهد مثلها في الكثرة حتى أيس منه كل أحد ورق له أعداؤه، وهو في ذلك يظهر من قوة النفس وشدة الجلد مالاً يوصف، ثم خلى عنه وعاد إلى ولاية قطيا، ثم صرف عنها، وخرج مع الناصر إلى دمشق من غير وظيفة، وشهد واقعته بها، فلما قتل الناصر تعلق بحواشي الأمير شيخ وقدم معهم إلى القاهرة وأعيد إلى كشف الوجه البحري. انتهى كلام المقريزي باختصار.
قلت: واستمر فخر الدين المذكور في كشف الوجه البحري إلى أن قبض الملك المؤيد شيخ على الأمير بدر الدين حسن بن محب الدين في ثامن شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وثمانمائة ورسم بإرسال تشريف الأستادارية إلى فخر الدين هذا - وهو بالبحيرة - فحمل إليه، وقدم فخر الدين إلى القاهرة في يوم خامس عشرين شهر ربيع الآخر المذكور، واستقر أستاداراً على ما بيده
من كشف الوجه البحري، وسلمه ابن محب الدين وأمره بعقوبته، فعوقب ابن محب الدين المذكور وصودر وأخذت منه أموال لا تحصى.
واستمر فخر الدين في الأستادارية، وعظم أمره. وزادت حرمته، وظهر من الملك المؤيد إقبال زائد إليه لكثرة ما يحمله لخزانته من الأموال والتقادم والتحف، لكنه أخرب من مدته اليسيرة كثيراً من بلاد الصعيد، وأفتى بالقتل خلائق من مشايخ عربانها، ثم سافر المذكور إلى البحيرة وعاد في يوم السبت
…
ذي القعدة من سنة تسع عشرة، ففي يوم قدومه أخلع عليه خلعة الوزارة مضافاً إلى الأستادارية، بعد موت تقي الدين عبد الوهاب بن أبي شاكر، فباشر الوظيفتين مدة، ثم بلغه عن الملك المؤيد ما داخله الخوف منه، فاختفى وفر إلى بغداد وأقام بها مدة، ثم قدم بعد أن أرسل إليه الملك المؤيد أماناً، وأعيد إلى الأستادارية، واستمر أستاداراً إلى أن توفي يوم الاثنين نصف شوال سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، وجفن بمدرسته التي أنشأها بين السورين بظاهر القاهرة، وصولح السلطان على تركته بمائتي مثقال.
قال المقريزي: وكان جباراً قاسياً، شديداً جلداً، عبوساً، بعيداً عن الترف، قتل من عباد الله ما لا يحصى، وخرب إقليم مصر بكماله، وأفقر أهله ظلماً وعتواً وفساداً في الأرض ليرضي سلطانه فأخذه الله أخذاً وبيلاً، انتهى كلام المقريزي.
قلت: لا ينكر عليه ما كان يفعله من الظلم والجور، فإنه كان من بيت ظلم وعسف، وكان عنده جبروت الأرمن، ودهاء النصارى، وشيطته الأقباط، وظلم المكسة، فإن أصله من الأرمن، وربي مع النصارى وتدرب بالأقباط، ونشأ مع المكسة بقطيا، فاجتمع فيه من قلة الدين وخصائل السوء ما لا يوصف كثرة، لعمري هو أحق بقول القائل:
مساوئ لو قسمن على الغوني
…
لما مهرن إلا بالطلاق
قيل إنه لما دفن بمدرسته سمعه جماعة من الصوفية وغيرهم وهو يصيح في قبره، وتداول هذا الخبر على أفواه الناس، قلت: وما خفاهم أعظم إن شاء الله تعالى، فلله الحمد والمنة بهلاك مثل هذا الظالم في عنفوان شبيبته إذ لو طال عمره لكان ظلمه وجوره يملأ الأقطار.
وهو بن الوزير تاج الدين عبد الرزاق، وأخو ناصر الدين محمد