الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمير جاركس الخليلي، - مشير الدولة - لا يتصرف الوزر إلا بأمره، فدام الأمر على ذلك إلى يوم الأربعاء سادس عشرين ذي القعدة قبض على بني مكانس الثلاثة، ولبس علم الدين سن إبره الوزارة، واستمر ابن مكانس في الترسيم إلى أن هرب من ميضأة جامع الصالح - خارج باب زويلة - واختفى مدة، ثم ظهر ودام معزولاً إلى أن صار يلبغا الناصري مدبر المملكة بالديار المصرية - بعد خلع برقوق وحبسه بالكرك - في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة فصار ابن مكانس هذا عند يلبغا كمشير المملكة، وجرى على عادته في التهور وسرعة الحركة إلى أن زالت دولة الناصري، وتخومل إلى أن مات بعد خطوب قاساها في يوم الثلاثاء رابع عشرين جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانمائة.
وكان من أعاجيب الزمان من خفة العقل والطيش وسرعة الحركة وكثرة التقلب، يقال إنه لما أعيد إلى الوزارة قال لبعض من معه من حواشيه وهو نازل في موكبه بالخلعة إلى داره والناس بين يديه: يا فلان ما هذه الركبة غالية بعلقة مقارع.
1473 - ابن كتب المناخ
…
-
852هـ؟
…
- 1448م
عبد الكريم بن عبد الرزاق بن عبد الله بن عبد الوهاب، الصاحب كريم الدين
ابن الصاحب تاج الدين بن شمي الدين بن علم الدين، الشهير بابن كاتب المناخ، القبطي الأصل المصري.
ولد بالقاهرة، وأمه أم ولد رومية، ونشأ بها تحت كنف والده، وعرف قلم الديونة بحسب الحال، وخدم في عدة جهات، وباشر عند جماعة من أعيان الأمراء، ثم ولي نظر الديوان المفرد، ثم ولي الوزر بعد عزل الأمير أرغون شاه النوروزي الأعور - في حياة والده - وبعد استعفاء والده من الوزر بأشهر، فإن والده كان عزل عن الوزر بأرغون شاه في يوم الاثنين ثامن ذي الحجة سنة خمس وعشرين وثمانمائة، وكان لبس الصاحب كريم الدين هذا للوزر في ثامن عشرين شوال سنة ست وعشرين وثمانمائة.
أخبرني الصاحب كريم الدين قال: لما وليت الوزر دخلت إلى والدي أسلم عليه، فقال لي: يا عبد الكريم أنا وليت الوزر ومعي خمسين ألف دينار، وأنت تعلم كيف خرجت منها فقيراً لا أملك شيئاً، فأنت من أين تسد؟ فقلت: يا سيدي من أضلاع المسلمين، على سبيل المداعبة، فصاح من كلامي واستغاث، انتهى.
قلت: ولما ولي الصاحب كريم الدين الوزر نالته السعادة في مباشرته، وقام بالكلف السلطانية أتم قيام، فطالت أيامه، ثم أضيف إليه نظر ديوان المفرد مدة، ثم عزل عن النظر وانفرد بالوزر إلى بعد سنة ثلاث وثلاثي
ن وثمانمائة أضيف إليه الأستادارية على كره منه بعد أقبغا الجمالي، فباشرهما معاً مدة، ثم استعفى من الأستادراية فأعفى واستقل بالوزر مدة كما كان أولاً إلى أن أخلع عليه الملك الأشرف برسباي باستقراره في كتابة السر بالديار المصرية مضافاً على الوزر، بعد موت القاضي شهاب الدين أحمد بن السفاح في أوائل سنة ست وثلاثين وثمانمائة تخميناً، فباشرهما أشهراً، وعزل عن كتابة السر بالقاضي كما الدين محمد بن البارزي، وأبقى معه الوزر، ودام على ذلك مدة، وقبض عليه وصودر وعوقب بالمقارع، وعزل بالصاحب أمين الدين إبراهيم بن عبد الغني بن الهيصم ناظر الدولة، ثم أفرج عنه بعد أن حمل إلى الخزانة الشريفة نحو، العشرين ألف دينار.
واستمر بطالاً مدة إلى أن أخلع عليه باستقراره ملك الأمراء بالوجه القبلي، فتوجه إلى الصعيد، وباشر الشف، وهو على ري المباشرين إلى أن طلب إلى القاهرة وأخلع عليه بنظر بندر جدة، وجعل مشد جدة معه الأمير يلخجا الساقي - أحمد أمراء العشرات ورأس نوبة - فتوجه المذكور إلى جدة، وعاد إلى القاهرة بعد موسم سنة ثمان وأربعين وثمانمائة، وقد تولى الوزر من بعده جماعة كثيرة: الصاحب أمين الدين إبراهيم بن الهيصم، ثم الصاحب جمال الدين يوسف بن كاتب جكم، ثم التاج الخطير، ثم الأمير غرس الدين خليل بن
شاهين - نائب الإسكندرية - ثم عبد الباسط بغير خلعة، فلما وصل الوزر إلى عبد الباسط وعجز عن القيام بكلف الدولة أخذ في السعي لعود الصاحب كريم الدين هذا إلى وظيفة الوزر، ولا زال به حتى أذعن ولبس، واستقر الصاحب أمين الدين بن الهيصم ناظر الدولة معه على عادته أولاً، واستمر من حينئذ وذلك سنة تسع وثلاثين إلى أن استعفى من الوزر في الدولة الظاهرية جقمق، فأعفي في يوم الاثنين ثامن جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، بحكم تعلله ولزومه للفراش أشهراً، وولي الوزر الصاحب أمين الدين إبراهيم بن الهيصم ثانياً.
واستمر الصاحب كريم الدين المذكور مريضاً وعوفي وانتكس غير مرة إلى أن مات في يوم الأحد حادي عشرين شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وكثر أسف الناس عليه، ودفن بالصحراء بتربته التي جددها بجوار تربة الأمير بجاس.