المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الوضوء بماء البحر) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ١

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمةتشتمل على مبادى علم الحديث، وشذرات من علم المصطلح

- ‌الحديث المقبول

- ‌(الخبر المردود)

- ‌ المعلق)

- ‌ المرسل)

- ‌ المعضل)

- ‌ المنقطع)

- ‌المرسل الخفيّ

- ‌المردود للطعن)

- ‌ الموضوع)

- ‌ المتروك)

- ‌ المعلّ)

- ‌ مدرج الإسناد)

- ‌ مدرج المتن)

- ‌ المقلوب)

- ‌ المزيد في متصل الأسانيد)

- ‌ المضطرب)

- ‌ المصحف)

- ‌ المحرف)

- ‌ المبهم)

- ‌التقسيم الثانى للخبر باعتبار نهاية السند

- ‌ المرفوع)

- ‌ الموقوف)

- ‌ المقطوع)

- ‌(فائدة) إذا قال الصحابى كنا نقول أو نفعل كذا

- ‌(أقسام السند)

- ‌العلوّ النسبىّ

- ‌ الموافقة

- ‌ البدل

- ‌ المساواة

- ‌ المصافحة

- ‌(أنواع الرواية)

- ‌ رواية الأقران

- ‌ رواية الأكابر عن الأصاغر

- ‌ رواية الأصاغر عن الأكابر

- ‌ المتفق والمفترق)

- ‌ المتشابه

- ‌ المسلسل)

- ‌(طرق تحمل الحديث)

- ‌ السماع

- ‌ القراءة

- ‌ الإجازة

- ‌ المناولة

- ‌ الإعلام

- ‌ الوجادة

- ‌صيغ الأداء

- ‌(فوائد)

- ‌(ترجمة الإمام الحافظ أبي داود)

- ‌ التعريف بكتاب السنن لأبى داود

- ‌ شرط أبى داود وطريقته في سننه

- ‌ ما سكت عليه أبو داود

- ‌ النسخ المروية عن أبى داود وتراجم رواتها

- ‌(أسانيد الكتاب منى إلى المؤلف رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ)

- ‌(كتاب الطهارة)

- ‌(باب التخلي عند قضاء الحاجة)

- ‌(باب الرجل يتبوّأ لبوله)

- ‌(باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء)

- ‌ التسمية قبل التعوذ

- ‌(باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة)

- ‌(باب الرخصة في ذلك)

- ‌(باب كيف التكشف عند الحاجة)

- ‌(باب كراهية الكلام عند الخلاء)

- ‌(باب أيردّ السلام وهو يبول)

- ‌(باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر)

- ‌(باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء)

- ‌(باب الاستبراء من البول)

- ‌(باب في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده)

- ‌(باب المواضع التى نهى عن البول فيها)

- ‌(باب في البول في المستحم)

- ‌(باب النهى عن البول في الجحر)

- ‌(باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء)

- ‌(باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء)

- ‌لا يشرب نفسا واحدا

- ‌(باب الاستتار في الخلاء)

- ‌(باب ما ينهى عنه أن يستنجى به)

- ‌(باب الاستنجاء بالأحجار)

- ‌(باب في الاستبراء)

- ‌(باب في الاستنجاء بالماء)

- ‌(باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى)

- ‌(باب السواك)

- ‌ الاستياك للصائم بعد الزوال

- ‌(باب كيف يستاك)

- ‌(باب في الرجل يستاك بسواك غيره)

- ‌(باب غسل السواك)

- ‌(باب السواك من الفطرة)

- ‌الاستنشاق)

- ‌قص الأظفار)

- ‌نتف الإبط)

- ‌حلق العانة)

- ‌ اختتان الخنثى

- ‌(باب السواك لمن قام من الليل)

- ‌(باب فرض الوضوء)

- ‌ متي فرضت الطهارة

- ‌ سبب وجوب الطهارة

- ‌(باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث)

- ‌(باب ما ينجس الماء)

- ‌(من أخرج هذه الرواية أيضا)

- ‌(باب ما جاء في بئر بضاعة)

- ‌ بيان أن ماء بئر بضاعة كان كثيرا لا يتغير

- ‌(باب الماء لا يُجنِب)

- ‌(باب البول في الماء الراكد)

- ‌(باب الوضوء بسؤر الكلب)

- ‌(باب سؤر الهرّة)

- ‌(باب الوضوء بفضل طهور المرأة)

- ‌(باب النهى عن ذلك)

- ‌(باب الوضوء بماء البحر)

- ‌ جواز التطهر بماء البحر الملح

- ‌(باب الوضوء بالنبيذ)

- ‌(باب الرجل أيصلى وهو حاقن)

- ‌(باب ما يجزى من الماء في الوضوء)

- ‌(باب الإسراف في الوضوء)

- ‌(باب في إسباغ الوضوء)

- ‌(باب الوضوء في آنية الصفر)

- ‌(باب في التسمية على الوضوء)

- ‌لفظها الوارد

- ‌(باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها)

- ‌ استحباب استعمال ألفاظ الكنايات فيما يتحاشى التصريح به

الفصل: ‌(باب الوضوء بماء البحر)

يشمله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بطريق الظهور، نعم لو لم يرد ذلك التعليل كان فعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مخصصا للنهى من عموم الحديثين السابقين، وقد نقل النووي الاتفاق على جواز وضوء المرأة بفضل الرجل دون العكس، وتعقبه الحافظ بأن الطحاوي قد أثبت فيه الخلاف وقد علمته، وأكثر أهل العلم على جواز تطهر الرجل من فضل طهور المرأة، والأخبار في ذلك أصح فأما غسل الرجل والمرأة ووضوؤهما من الإناء الواحد جميعا فقد نقل الطحاوى والقرطبي والنووي الاتفاق عليه، وفيه نظر لما حكاه ابن المنذر عن أبي هريرة أنه كان ينهى عنه، وحكاه ابن عبد البر عن قوم كما تقدم.

(فقه الحديث) دلّ الحديث على النهى عن تطهر الرجل بفضل طهور المرأة وتقدم بيانه

(من روى الحديث أيضا) رواه أحمد والبيهقي وابن ماجه والدارقطنى والترمذى وزاد أو قال بسؤرها، وذكر رواية أخرى بدون شك وقال هذا حديث حسن، وقال النووى حديث الحكم بن عمرو ضعيف ضعفه أئمة الحديث منهم البخارى وغيره، وقال العيني في شرح البخارى حديث الحكم الغفاري قال جماعة إنه لا يصح، وقال ابن منده لا يثبت من جهة السند (قلت) حسنه الترمذى ورجحه ابن ماجه على حديث عبد الله بن سرجس وصححه ابن حبان وأبو محمد الفارسى والقول قول من صححه لا من ضعفه لأن سنده ظاهره السلامة من تضعيف وانقطاع، وقال ابن قدامة الحديث رواه أحمد واحتج به وتضعيف البخارى لا يقبل لاحتمال وقوفه عليه من طريق غير صحيح، وبه يردّ قول النووي اتفق الحفاظ على تضعيفه اهـ بتصرف.

(باب الوضوء بماء البحر)

أى في بيان أنه يجوز التطهر بماء البحر وإن وقعت فيه نجاسة لأنه لا يتنجس لكثرته وعدم تغيره، والبحر متسع من الماء الملح أو من الماء مطلقا وجمعه بحور وأبحر وبحار وتصغيره أبيحر لا بحير كما في القاموس.

(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ، مِنْ آلِ ابْنِ الْأَزْرَقِ، أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ - وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ - أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ، وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ:«هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ»

ص: 276

(ش)(رجال الحديث)

(قوله صفوان بن سليم) بضم السين المهملة وفتح اللام أبو عبد الله ويقال أبو الحارث المدني الزهرى، روى عن ابن عمر وجابر وعطاء بن يسار وحميد ابن عبد الرحمن وآخرين، وعنه مالك والليث والسفيانان وابن جريج وغيرهم. قال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث عابدا وقال يعقوب بن شيبة ثقة ثبت مشهور بالعبادة وقال أحمد ثقة من خيار عباد الله الصالحين ويستسقى بحديثه وينزل القطر من السماء لذكره. توفي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين ومائة وله اثنتان وسبعون سنة، روى له الجماعة

(قوله سعيد ابن سلمة) بفتحتين المخزومى، روى عن المغيرة بن أبي بردة، وعنه صفوان بن سليم والجلاح وثقه النسائي وذكره ابن حبان في الثقات

(قوله المغيرة بن أبي بردة) بضم الموحدة وسكون الراء الحجازى الكناني ويقال ابن عبد الله بن أبي بردة، روى عن أبي هريرة وزياد بن نعيم الحضرمى، وعنه يحيى بن سعيد الأنصاري وصفوان بن سليم والحارث بن يزيد وسعيد بن سلمة المخزومى وغيرهم، وثقه النسائي وذكره ابن حبان في الثقات وقد وهم من قال إنه مجهول لا يعرف روى له النسائي وأبو داود والترمذى وابن ماجه

(قوله أخبره) أى أخبر المغيرة سعيدا فالضمير المرفوع يرجع إلى المغيرة والمنصوب إلى سعيد بن سلمة

(قوله أنه سمع أبا هريرة) أى أن المغيرة سمع أبا هريرة كذا في الموطأ وباقى السنن وهو الصواب أما من قال فيه عن المغيرة عن أبيه فقد وهم كما قاله ابن حبان وعلى فرض صحته فلا يوهم إرسالا في الإسناد للتصريح فيه بسماع المغيرة من أبي هريرة وعليه فرواية هذا البعض من المزيد في متصل الأسانيد

(قوله سأل رجل) هو كما في بعض طرق الدارقطني عبد الله المدلجى وكذا ساقه ابن بشكوال بإسناده، وفي رواية الدارمى قال أتى رجل من بني مدلج إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وفي رواية للحاكم فجاءه صياد

(قوله إنا نركب البحر) أى مراكبه من السفن، زاد الحاكم نريد الصيد، والمراد به الملح لأنه مظنة السؤال عنه لكونه مالحا ومرّا وريحه منتن

(قوله ونحمل معنا القليل من الماء) أى العذب، وفي رواية للحاكم والبيهقي فيحمل معه أحدنا الإداوة وهو يرجو أن يأخذ الصيد قريبا فربما وجده كذلك وربما لم يجد الصيد حتى يبلغ من البحر مكانا لم يظن أن يبلغه فلعله يحتلم أو يتوضأ فإن اغتسل أو توضأ بهذا الماء فلعل أحدنا يهلكه العطش فهل ترى في ماء البحر أن نغتسل به أو نتوضأ به إذا خفنا ذلك فقال اغتسلوا منه وتوضؤوا به، وفي رواية للدارمى ونحمل معنا من العذب لشفاهنا "يعني لشربنا" فإن نحن توضأنا به خشينا على أنفسنا وإن نحن آثرنا بأنفسنا وتوضأنا من البحر وجدنا في أنفسنا من ذلك فخشينا أن لا يكون طهورا

(قوله عطشنا) بكسر الطاء المهملة من باب علم أى أصابنا الظمأ لفقد الماء العذب

(قوله أفنتوضأ بماء البحر) الفاء عاطفة على محذوف تقديره أهو طهور فنتوضأ، وإنما توقفوا عن التطهر بمائه لما ذ كر من أنه مرّ مالح ريحه منتن

ص: 277

وما كان هذا شأنه لا يشرب فتوهموا أن ما لا يشرب لا يتطهر به

(قوله هو الطهور ماؤه) بفتح الطاء أي الطاهر المطهر ماؤه. وذكر الماء يقتضى أن الضمير في قوله هو الطهور للبحر إذ لو أريد به الماء لما احتيج إلى قوله ماؤه إذ يصير المعنى الماء طهور ماؤه وهو فاسد، وفي لفظ للدارمى فإنه الطاهر ماؤه، ولم يقل في الجواب نعم مع حصول الغرض به ليقرن الحكم بعلته وهي الطهورية المتناهية في بابها ودفعا لتوهم حمل لفظ نعم على الجواز على سبيل الرخصة للضرورة ولما يفهم من الجواب بنعم من أنه إنما يتوضأ به فقط لأنه المسئول عنه، وفي إجابته بقوله الطهور ماؤه بيان أن الطهورية وصف لازم له غير قاصر على حالة الضرورة وغير خاص بحدث دون حدث بل يرفع كل حدث ويزيل كل خبث، وفي شرح العيني قوله هو الطهور ماؤه هو مبتدأ والطهور مبتدأ ثان وماؤه خبر المبتدأ الثاني والجملة خبر المبتدأ الأول، ويجوز كون ماؤه فاعلا للطهور ويكون الطهور مع فاعله خبرا للمبتدإ لأن الطهور صيغة مبالغة وهي كاسم الفاعل في العمل، وهذا التركيب فيه القصر لأن المبتدأ والخبر معرفتان وهو من طرق القصر وهو من قصر الصفة على الموصوف لأنه قصر الطهورية على ماء البحر وهو قصر ادّعائي قصد به المبالغة لعدم الاعتداد بغير المقصور عليه لا قصر حقيقى لأن الطهورية ليست بمقصورة على ماء البحر فقط، والظاهر أنه قصر تعيين لأن السائل كان متردّدا بين جواز الوضوء به وعدمه فعين له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الجواز بقوله هو الطهور ماؤه اهـ بتصرّف، وفي النيل وتعريف الطهور باللام الجنسية المفيدة للحصر لا ينفي طهورية غيره من المياه لوقوع ذلك جوابا لسؤال من شك في طهورية ماء البحر من غير قصد للحصر اهـ

(قوله الحلّ) بكسر الحاء المهملة أى الحلال كما في رواية للدارمى والدارقطني من حلّ الشيء يحلّ بالكسر حلا خلاف حرم فهو حلال وحلّ أيضا فوصفه بكل منهما وصف بالمصدر

(قوله ميتته) بفتح الميم ما مات من حيوانه بلا ذكاة وترك العاطف لما بين الجملتين من المناسبة في الحكم والعطف يشعر بالمغايرة، وسألوه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن ماء البحر فأجابهم عن مائه وطعامه لعلمه أنه قد يعوزهم الزاد في البحر كما يعوزهم الماء فلما جمعتهما الحاجة انتظم الجواب بهما، وأيضا علم طهارة الماء مستفيض عند الخاصة والعامة وعلم ميتة البحر وكونها حلالا مشكل في الأصل، فلما رأى السائل جاهلا بأظهر الأمرين غير مستبين للحكم فيه علم أن أخفاهما أولى بالبيان، أو يقال إنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما أعلمهم بطهارة ماء البحر وقد علم أن في البحر حيوانا قد يموت فيه والميتة نجس احتاج إلى أن يعلمهم أن حكم هذا النوع من الميتة خلاف حكم الميتات لئلا يتوهموا أن ماءه نجس بحلولها فيه. قال ابن العربي ومن محاسن الفتوى الإجابة بأكثر مما يسأل عنه تتميما للفائدة وإفادة لعلم آخر غير المسئول عنه ويتأكد ذلك عند ظهور الحاجة إلى الحكم كما هنا اهـ أما

ص: 278

ما وقع في كلام كثير من الأصوليين من أن الجواب يجب أن يكون مطابقا للسؤال فليس المراد بالمطابقة عدم الزيادة بل المراد أن الجواب يكون مفيدا للحكم المسئول عنه، وفي قوله الحلّ ميتته دليل على حل جميع ميتة البحر حتى كلبه وخنزيره وإنسانه (وللعلماء) في المسألة تفصيل قال العيني احتج مالك والشافعى وأحمد بهذا الحديث على أن جميع ما في البحر حلال إلا الضفدع في رواية عن أحمد والشافعي، وعنهم لا يحلّ في البحر ما لا يحلّ مثله في البرّ، وقال أصحابنا لا يؤكل من حيوان الماء إلا السمك بأنواعه لقوله تعالى "ويحرم عليهم الخبائث" وما سوى السمك خبيث، والجواب عن الحديث أن الميتة فيه محمولة على السمك بدليل قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أحلت لنا ميتتان ودمان أما الميتتان فالسمك والجراد الحديث اهـ وكذا لا يحلّ عند الحنفية السمك الطافي على وجه الماء وهو ما مات بلا سبب ثم علا وبطنه من فوق أما ما يكون ظهره من فوق فلا يكون طافيا فيؤكل كما يؤكل ما في بطن الطافي وما مات بسبب كبرد الماء وحرّه. وأصل ذلك ما جاء عن جابر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُأن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه رواه المصنف في "باب الطافي من السمك من كتاب الأطعمة" وما يعيش في البحر وغيره كالضفدع والسلحفاة في حله خلاف عند المالكية. قال الباجى في شرح الموطأ والحيوان جنسان بحرى وبرّى أما البحرى فنوعان نوع لا تبقى حياته في البرّ كالحوت ونوع تبقي حياته في البرّ كالضفدع والسرطان والسلحفاة، فأما الحوت فإنه طاهر مباح على أىّ وجه فاتت نفسه، وبهذا قال مالك والشافعى. وقال أبو حنيفة ما مات منه حتف أنفه فإنه غير مباح. والدليل على صحة قولنا قوله تعالى "أحل لكم صيد البحر وطعامه" قال عمر بن الحطاب رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وهو من أهل اللسان صيده ما صدته وطعامه ما رمي به، وقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في البحر "هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته" واسم الميتة إذا أطلق في الشرع فإنما يطلق على ما فاتت نفسه من غير ذكاة ولذلك قال تعالى "حرمت عليكم الميتة" وأما ما تدوم حياته كالضفدع والسلحفاة فهو عند مالك طاهر حلال لا يحتاج إلى ذكاة، وقال ابن نافع هو حرام نجس إن مات حتف أنفه، ووجه قول مالك أن هذا من دوابّ الماء لا يفتقر إلى ذكاة كالحوت، ووجه قول ابن نافع أنه حيوان تبقى حياته في البر كالطير اهـ وعند الحنابلة يحلّ أكل جميع حيوان البحر إلا الضفدع والحية والتمساح قال في كشاف القناع شرح الإقناع (ويباح جميع حيوانات البحر) لقوله تعالى "أحل لكم صيد البحر الآية" وقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما سئل عن ماء البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته رواه مالك (إلا الضفدع) بكسر الضاد والدال والأنثى ضفدعة ومنهم من يفتح الدال نص عليه واحتج بأن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نهى عن قتله رواه أحمد وأبو داود والنسائي، ولاستخبائها فتدخل في قوله تعالى "ويحرّم عليهم الخبائث"(والحية) لأنها من الخبائث

ص: 279

وفيها وجه وأطلقها في الفروع (والتمساح) نصا لأن له نابا يفترس به، ويؤكل القرش كخنزير الماء وكلبه وإنسانه لعموم الآية والأخبار. وروى البخاري أن الحسن بن على ركب على سرج عليه من جلود كلب الماء اهـ بزيادة من شرح المنتهى، والضابط عند الشافعية أن ما لا يعيش إلا في البحر فيكون عيشه في البرّ عيش مذبوح يحلّ أكله ولو على غير صورة السمك ككلب الماء وخنزيره وأن ما يعيش في البرّ والبحر كالضفدع والسرطان والحية والنسناس والتمساح والساحفاة يحرم أكله وهذا هو المعتمد عندهم، وقبل غير ذلك (قال) العلامة محمد الرملى في نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ما نصه (حيوان البحر) وهو ما لا يعيش إلا فيه وإذا خرج منه صار عيشه عيش مذبوح أو حي لكنه لا يدوم (السمك منه حلال كيف مات) بسبب أم غيره طافيا أم راسبا لقوله تعالى "أحلّ لكم صيد البحر وطعامه" أي مصيده ومطعومه، وفسر جمهور الصحابة والتابعين طعامه بما طفا على وجه الماء، وصح خبر هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته، نعم إن انتفخ الطافي وأضرّ حرم، ويحلّ أكل الصغير ويتسامح بما في جوفه ولا يتنجس به الدهن، ويحلّ شيه وقليه وبلعه ولو حيا. ولو وجدنا سمكة في جوف أخرى ولم تتقطع وتتغير حلت وإلا فلا (وكذا) يحلّ كيف مات (غيره في الأصح) مما لم يكن على صورة السمك المشهور فلا ينافى تصحيح الروضة أن جميع ما فيه يسمى سمكا ومنه القرش وهو اللخم بفتح اللام والخاء المعجمة ولا نظر إلى تقوّيه بنابه لأنه ضعيف ولا بقاء له في غير البحر بخلاف التمساح لقوّته وحياته في البر (وقيل لا) يحلّ غير السمك لتخصيص الحلّ به في خبر "أحلت لنا ميتتان السمك والجراد" وردّ بما مرّ من تسمية كل ما فيه سمكا (وقيل إن أكل مثله في البر) كالغنم (حلّ وإلا) بأن لم يؤكل مثله فيه (فلا) يحلّ (ككلب وحمار) لتناول الاسم له أيضا (وما يعيش) دائما (في بر وبحر كضفدع) بكسر أوله وفتحه وضمه مع كسر ثالثه وفتحه في الأول وكسره في الثاني وفتحه في الثالث (وسرطان) ويسمى عقرب الماء ونسناس (وحية) وسائر ذوات السموم وسلحفاة وترسة على الأصح، قيل هي السلحفاة وقيل اللجاة هى السلحفاة (حرام) لاستخبائه وضرره مع صحة النهى عن قتل الضفدع اللازم منه حرمته. كذا في الروضة كأصلها وهو المعتمد وإن قال في المجموع إن الصحيح المعتمد أن جميع ما في البحر تحلّ ميتته إلا الضفدع وما فيه سمّ، وما ذكره الأصحاب أو بعضهم من تحريم السلحفاة والحية والنسناس محمول على ما في غير البحر اهـ وأما الدنيلس فالمعتمد حله كما جرى عليه الدميرى وأفتى به ابن عدلان وأئمة عصره وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى اهـ.

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أنه يطلب ممن جهل شيئا أن يسأل أهل العلم عنه. وعلى جواز ركوب البحر لغير حج وعمرة وجهاد لأن السائل إنما ركبه للصيد كما تقدم. أما قوله

ص: 280