المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لا يشرب نفسا واحدا - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ١

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمةتشتمل على مبادى علم الحديث، وشذرات من علم المصطلح

- ‌الحديث المقبول

- ‌(الخبر المردود)

- ‌ المعلق)

- ‌ المرسل)

- ‌ المعضل)

- ‌ المنقطع)

- ‌المرسل الخفيّ

- ‌المردود للطعن)

- ‌ الموضوع)

- ‌ المتروك)

- ‌ المعلّ)

- ‌ مدرج الإسناد)

- ‌ مدرج المتن)

- ‌ المقلوب)

- ‌ المزيد في متصل الأسانيد)

- ‌ المضطرب)

- ‌ المصحف)

- ‌ المحرف)

- ‌ المبهم)

- ‌التقسيم الثانى للخبر باعتبار نهاية السند

- ‌ المرفوع)

- ‌ الموقوف)

- ‌ المقطوع)

- ‌(فائدة) إذا قال الصحابى كنا نقول أو نفعل كذا

- ‌(أقسام السند)

- ‌العلوّ النسبىّ

- ‌ الموافقة

- ‌ البدل

- ‌ المساواة

- ‌ المصافحة

- ‌(أنواع الرواية)

- ‌ رواية الأقران

- ‌ رواية الأكابر عن الأصاغر

- ‌ رواية الأصاغر عن الأكابر

- ‌ المتفق والمفترق)

- ‌ المتشابه

- ‌ المسلسل)

- ‌(طرق تحمل الحديث)

- ‌ السماع

- ‌ القراءة

- ‌ الإجازة

- ‌ المناولة

- ‌ الإعلام

- ‌ الوجادة

- ‌صيغ الأداء

- ‌(فوائد)

- ‌(ترجمة الإمام الحافظ أبي داود)

- ‌ التعريف بكتاب السنن لأبى داود

- ‌ شرط أبى داود وطريقته في سننه

- ‌ ما سكت عليه أبو داود

- ‌ النسخ المروية عن أبى داود وتراجم رواتها

- ‌(أسانيد الكتاب منى إلى المؤلف رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ)

- ‌(كتاب الطهارة)

- ‌(باب التخلي عند قضاء الحاجة)

- ‌(باب الرجل يتبوّأ لبوله)

- ‌(باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء)

- ‌ التسمية قبل التعوذ

- ‌(باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة)

- ‌(باب الرخصة في ذلك)

- ‌(باب كيف التكشف عند الحاجة)

- ‌(باب كراهية الكلام عند الخلاء)

- ‌(باب أيردّ السلام وهو يبول)

- ‌(باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر)

- ‌(باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء)

- ‌(باب الاستبراء من البول)

- ‌(باب في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده)

- ‌(باب المواضع التى نهى عن البول فيها)

- ‌(باب في البول في المستحم)

- ‌(باب النهى عن البول في الجحر)

- ‌(باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء)

- ‌(باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء)

- ‌لا يشرب نفسا واحدا

- ‌(باب الاستتار في الخلاء)

- ‌(باب ما ينهى عنه أن يستنجى به)

- ‌(باب الاستنجاء بالأحجار)

- ‌(باب في الاستبراء)

- ‌(باب في الاستنجاء بالماء)

- ‌(باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى)

- ‌(باب السواك)

- ‌ الاستياك للصائم بعد الزوال

- ‌(باب كيف يستاك)

- ‌(باب في الرجل يستاك بسواك غيره)

- ‌(باب غسل السواك)

- ‌(باب السواك من الفطرة)

- ‌الاستنشاق)

- ‌قص الأظفار)

- ‌نتف الإبط)

- ‌حلق العانة)

- ‌ اختتان الخنثى

- ‌(باب السواك لمن قام من الليل)

- ‌(باب فرض الوضوء)

- ‌ متي فرضت الطهارة

- ‌ سبب وجوب الطهارة

- ‌(باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث)

- ‌(باب ما ينجس الماء)

- ‌(من أخرج هذه الرواية أيضا)

- ‌(باب ما جاء في بئر بضاعة)

- ‌ بيان أن ماء بئر بضاعة كان كثيرا لا يتغير

- ‌(باب الماء لا يُجنِب)

- ‌(باب البول في الماء الراكد)

- ‌(باب الوضوء بسؤر الكلب)

- ‌(باب سؤر الهرّة)

- ‌(باب الوضوء بفضل طهور المرأة)

- ‌(باب النهى عن ذلك)

- ‌(باب الوضوء بماء البحر)

- ‌ جواز التطهر بماء البحر الملح

- ‌(باب الوضوء بالنبيذ)

- ‌(باب الرجل أيصلى وهو حاقن)

- ‌(باب ما يجزى من الماء في الوضوء)

- ‌(باب الإسراف في الوضوء)

- ‌(باب في إسباغ الوضوء)

- ‌(باب الوضوء في آنية الصفر)

- ‌(باب في التسمية على الوضوء)

- ‌لفظها الوارد

- ‌(باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها)

- ‌ استحباب استعمال ألفاظ الكنايات فيما يتحاشى التصريح به

الفصل: ‌لا يشرب نفسا واحدا

ذكر حالة الاستنجاء في الحديث تنبيها على ما سواها لأنه إذا كره المس باليمين حالة الاستنجاء مع مظنة الحاجة فغيره أولى ولأن الغالب أنه لا يحصل مس الذكر إلا في تلك الحالة فخصت بالذكر لغلبة حضورها في الذهن وما خرج مخرج الغالب لا مفهوم له، والحق أن هذا من ذكر بعض أفراد العام لا من المطلق والمقيد لأن الأفعال في حكم النكرات والنكرة في سياق النفى تعمّ

(قوله وإذا أتى الخلاء فلا يتمسح بيمينه) أى إذا حضر محل قضاء الحاجة فبال أو تغوّط فلا يستنجى بيمينه كما في رواية البخارى والبيهقى بل بيساره، والتمسح في الأصل إمرار اليد ونحوها على الشئ كما في القاموس والمراد به هنا الاستنجاء كما في حديث سلمان السابق نهانا أن نستنجى باليمين، وهذا النهى للتنزيه أو التحريم كما تقدم بيانه وافيا في باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة "فإن قيل" النهى عن مس الذكر والاستنجاء باليمين مشكل لأنه إن استنجى بيساره احتاج إلى مس ذكره بيمينه وإن استنجى بيمينه احتاج إلى مسه بيساره فهو واقع في المنهى عنه بكل حال "أجيب" بأنه يمسك الحجر ونحوه بيمينه والذكر بيساره ويمرّ عليه العضو ولا يحرّك يمينه فلا يعدّ مستجمرا باليمين ولا ماسا بها، قال الحافظ ابن حجر ومن ادّعى أنه مستجمر بمها فقد غلط وإنما هو كمن صب الماء بيمينه على يساره اهـ

(قوله وإذا شرب الخ) أى شرع في الشرب ف‌

‌لا يشرب نفسا واحدا

بل يشرب نفسين أو ثلاثا مع فصل القدح عن فيه مخافة سقوط شئ من الفم أو الأنف فيه وهذا من آداب الشريعة. وذكر هنا أدب الشرب لأن الغالب من أخلاق المؤمنين التأسى بأفعال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقد كان إذا بال توضأ وثبت أنه شرب من فضل وضوئه فالمؤمن بصدد أن يفعل ذلك فعلمه أدب الشرب مطلقا لاستحضاره غالبا عند الوضوء. والنهى في الحديث محمول على الكراهة عند العلماء. ونهى عن الشرب نفسا واحدا لأنه إذا استوفى شربه نفسا واحدا تكاثر الماء في موارد حلقه وأثقل معدته وأضعف الأعصاب فيخشى منه الضرر وهكذا هو العبّ المنهى عنه فقد روى سعيد بن منصور وابن السنى وأبو نعيم والبيهقى عن أبى حسين مرسلا إذا شرب أحدكم فليمص الماء مصا ولا يعبّ عبا فإن الكباد من العبّ. وأبو حسين هو عبد الله ابن عبد الرحمن بن الحارث المكي النوفلى ثقة خرج له الجماعة. وأخرج البيهقى عن ابن شهاب مرسلا أيضا نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن العبّ نفسا واحدا وقال ذلك شرب الشيطان. وفى الاحتجاج بالمرسل خلاف، وفي مسند الفردوس عن على مرفوعا إذا شربتم الماء فاشربوه مصا ولا تشربوه عبا فإن العبّ يورث الكباد. وفيه محمد بن خلف قال الذهبى عن الدارقطنى متروك يتقوّى بما روى عن أبى حسين. وأخرج البيهقى عن أنس بن مالك مصوا الماء مصا ولا تعبوه عبا وفى سنده لين. والكباد بضم الكاف وجع الكبد. والعبّ الشرب

ص: 121

بلا تنفس فإذا جعل شربه على نفسين أو ثلاثة كان أخف على معدته وأنفع لريه وأحسن في الأدب وأقمع للعطش وأقوى في الهضم وأبعد من فعل أرباب الشره. والسنة فيه أن يشرب على نفسين أو ثلاثة يسمى الله تعالى في بداية كل واحدة ويحمده في آخرها. فقد روى الترمذى عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا تشربوا واحدا كشرب البعير ولكن اشربوا مثنى وثلاث وسموا إذا أنتم شبتم واحمدوا إذا أنتم رفعتم قال الترمذى هذا حديث غريب. وورد أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يشرب في ثلاثة أنفاس إذا أدنى الإناء إلى فيه سمى الله تعالى وإذا أخره حمد الله يفعل ذلك ثلاثا قال الحافظ في الفتح أخرجه الطبرانى في الأوسط بسند حسن عن أبى هريرة اهـ قال ابن القيم للتسمية في الأول والحمد في الآخر سرّ عجيب في نفع الطعام والشراب ودفع مضرّته اهـ ويستوى فما ذكر الماء واللبن وجميع المائعات

(فقه الحديث) دلّ الحديث على النهى عن مس الفرج باليمين حال قضاء الحاجة، وعلى النهى عن الاستنجاء بها، وعلى كراهة الشرب في نفس واحد لما فيه من الضرر، وعلى شرف اليمين وطلب صونها عن النجاسات

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومسلم والنسائى وابن ماجه والبيهقى والترمذى وقال هذا حديث حسن صحيح ورواه أحمد في مسنده وأبو داود الطيالسى وابن حبان وقال ابن منده حديث قتادة مجمع على صحته

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمِصِّيصِيُّ، ثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ يَعْنِي الْإِفْرِيقِيَّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، وَمَعْبَدٍ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ كَانَ يَجْعَلُ يَمِينَهُ لِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَثِيَابِهِ، وَيَجْعَلُ شِمَالَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله محمد بن آدم بن سلمان) الجهنى. روى عن على بن هاشم وابن المبارك وحفص بن غياث ومروان بن معاوية وغيرهم. وعنه الفضل بن العباس وعبد الله ابن محمد بن بشر وأبو داود وأبو حاتم وقال هو صدوق وقال النسائى ثقة صدوق لا بأس به

ص: 122

مات سنة خمس ومائتين

(قوله المصيصي) بكسر الميم وتشديد المهملة الأولى نسبة إلى مصيصة بلد بالشام

(قوله ابن أبي زائدة) هو يحيى بن زكريا (1)

(قوله أبو أيوب) هو عبد الله ابن على الكوفى الأزرق. روى عن صفوان بن سليم والزهرى وأبى إسحاق السبيعى وجماعة وعنه موسى بن عقبة ويحيى بن زكريا ومروان بن معاوية، قال أبو زرعة لين في حديثه إنكار ليس بالمتين وقال ابن معين ليس به بأس. روى له أبو داود والترمذى

(قوله الإفريقي) بكسر الهمزة والراء بينهما فاء ساكنة نسبة إلى إفريقية بلاد واسعة قبالة الأندلس

(قوله عن المسيب ابن رافع) الأسدى أبى العلاء الكوفى. روى عن جابر بن سمرة وأبى سعيد الخدرى وأبى إياس والأسود بن يزيد وجماعة، وعنه منصور والأعمش وأبو إسحاق السبيعى وإسماعيل بن أبى خالد وغيرهم. ذكره ابن حبان في الثقات وقال العجلى تابعى ثقة. روى له الجماعة قال ابن معين لم يسمع من صحابى إلا من البراء وعامر بن عبدة. مات سنة خمس ومائة

(قوله معبد) بن خالد بن مرير بالتصغير ابن حارثة الجدلى القيسى العابد الكوفى. روى عن المستورد بن شدّاد ومسروق وحارثة بن وهب والنعمان بن بشير وغيرهم، وعنه الأعمش وعاصم بن بهدلة وشعبة والثورى وكثيرون. روى له الجماعة وثقه ابن معين ويعقوب بن سفيان والنسائى وابن عدى والعجلى وقالا تابعى وقال أبو حاتم صدوق وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان عابدا صابرا على التهجد يصلى الغداة والعشاء بوضوء واحد مات في ولاية خالد على العراق سنة ثمانى عشرة ومائة

(قوله حارثة بن وهب الخزاعي) هو أخو عبيد الله بن عمر بن الخطاب لأمه صحابى نزل الكوفة له ستة أحاديث اتفق البخارى ومسلم على أربعة. روى عن جندب الخيرى وحفصة بنت عمر، وعنه أبو إسحاق السبيعى ومعبد بن خالد الجدلى الكوفى والمسيب بن رافع. روى له الجماعة

(قوله حفصة) بنت عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما من المهاجرات كانت قبل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تحت خنيس بالتصغير ابن حذافة السهمى فقد أخرج الشيخان عن ابن عمر قال تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمى وكان من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قد شهد بدرا وتوفى بالمدينة قال عمر فلقيت عثمان فقلت إن شئت أنكحتك حفصة قال سأنظر في أمرى فلبث ليالى ثم لقينى فقال قد بدا لى أن لا أتزوج في يومى هذا قال عمر فلقيت أبا بكر فقلت إن شئت أنكحتك حفصة فصمت فلم يرجع إلى شيئا فكنت عليه أوجد منى على عثمان فلبثت ليالى ثم خطبها رسول الله على الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأنكحتها إياه فلقينى أبو بكر فقال لعلك وجدت علىّ حين عرضت عليّ حفصة فلم أرجع إليك شيئا فقلت نعم قال فإنه لم يمنعنى أن أرجع عليك فيما عرضت عليّ إلا أنى قد علمت أن رسول الله صلى الله تعالى عليه

(1)(تنبيه) إن لم نذكر ترجمة أحد رجال الحديث فليعلم أنها تقدمت

ص: 123

وعلى آله وسلم قد ذكرها فلم أكن لأفشى سرّه ولو تركها لقبلتها، تزوجها رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد عائشة واختلف في طلاقها فقد أخرج النسائى عن ابن عباس والمصنف عن ابن عمر أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان طلق حفصة ثم راجعها وأخرج أبو يعلى عن ابن عمر قال دخل عمر على حفصة وهى تبكي فقال لعلّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قد طلقك إنه كان قد طلقك ثم راجعك من أجلى فإن كان قد طلقك مرة أخرى لا أكلمك أبدا، وذكر البغوى في تفسيره عن مقاتل بن حيان أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يطلقها وإنما همّ بطلاقها فأتاه جبريل عليه السلام وقال لا تطلقها فإنها صوّامة قوامة وإنها من جملة نسائك في الجنة فلم يطلقها. روت عن النبى صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وعن أبيها ولها ستون حديثا اتفق البخارى ومسلم على ثلاثة وانفرد مسلم بستة وروى عنها أخوها عبد الله وحارثة بن وهب وأم مبشر الأنصارية وعبد الرحمن بن الحارث والمطلب بن أبى وداعة وآخرون، ولدت قبل البعثة بخمس سنين وماتت في شعبان سنة إحدى أو خمس وأربعين في خلافة معاوية وصلى عليها مروان بن الحكم أمير المدينة وحمل سريرها بعض الطريق ثم حمله أبو هريرة إلى قبرها

(قوله يجعل يمينه لطعامه الخ) يعنى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يتناول بيمينه المطعوم والمشروب والملبوس ونحوها من كل ما هو من باب التكريم والتشريف ويجعل شماله لغير ذلك من الأمور الخسيسة كالاستنجاء والامتخاط. والطعام في الأصل يطلق على كل ما يساغ حتى الماء وعلى ذوق الشئ، وفى العرف اسم لما يؤكل وجمعه أطعمة والشراب ما يشرب من المائعات

(قوله وثيابه) جمع ثوب وهو مذكر ويجمع أيضا على أثواب وهو ما يلبسه الناس من كتان وصوف وقطن ونحو ذك

(قوله وشماله) بكسر الشين خلاف اليمين وهى مؤنثة وجمعها أشمل مثل ذراع وأذرع وشمائل أيضا

(قوله لما سوى ذلك) كالاستنجاء والامتخاط وذكر الثلاثة في الحديث لا يفيد الحصر فإن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يحب التيمن في الأمور الشريفة كلها فقد روى الشيخان عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يعجبه التيمن في ترجله وتنعله وطهوره في شأنه كله كذا في أكثر الروايات بغير واو وفى بعضها وفى شأنه كله بإثبات الواو واعتمد عليها صاحب العمدة وسيأتى الكلام على هذا الحديث في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى. وروى النسائى عن عائشة أيضا كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يحب التيامن يأخذ بيمينه ويعطى بيمينه ويحب التيمن في جميع أموره. قال النووى هذه قاعدة مستمرّة في الشرع وهي أن ما كان من باب التكريم والتشريف كلبس الثوب والسراويل والخف ودخول المسجد والسواك والاكتحال وتقليم الأظفار وقص الشارب وترجيل الشعر ونتف الإبط وحلق الرأس والسلام من الصلاة

ص: 124

وغسل أعضاء الطهارة والخروج من الخلاء والمصافحة والأكل والشرب واستلام الحجر الأسود وغير ذلك مما هو في معناه يستحب التيامن فيه وأما ما كان بضدّه كدخول الخلاء والخروج من المسجد والامتخاط والاستنجاء وخلع الثوب والسراويل والخف وما أشبه ذلك فيستحب التياسر فيه وذلك كله لكرامة اليمين وشرفها اهـ

(فقه الحديث) دلّ الحديث على طلب التيامن في كل ما كان من باب التكريم والتشريف والتياسر فيما سوى ذلك وهذا لكرامة اليمين وشرفها والله عز وجل يفضل ما شاء على ما شاء ويؤخذ من نقل أم المؤمنين حفصة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا الحديث عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه يطلب من أهل العلم والفضل نقل آثار الرسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى الناس للتأسى به صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

(من روى الحديث أيضا) رواه ابن حبان والحاكم والبيهقى والإمام أحمد بلفظ كان يجعل يمينه لأكله وشربة وثيابه وأخذه وعطائه وشماله لما سوى ذلك. قال ابن محمود شارح أبى داود هو حسن لا صحيح لأن فيه أبا أيوب الإفريقى لينه أبو زرعة ووثقه ابن حبان. وقال ابن سيد الناس هو معلل وقال النووى إسناده جيد

(ص) حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«كَانَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ الْيُمْنَى لِطُهُورِهِ وَطَعَامِهِ، وَكَانَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى لِخَلَائِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ أَذًى»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله أبو توبة الربيع بن نافع) الحلبى الطرسوسى. روى عن يزيد بن المقدام ومحمد بن مهاجر وهشام بن يحيى وإبراهيم بن سعد وغيرهم. وعنه أبو داود وأحمد ابن حنبل والبخارى ومسلم والنسائى وابن ماجه وكثيرون. قال أبو حاتم ثقة صدوق حجة وذكره ابن حبان في الثقات وقال أحمد ويعقوب بن سفيان ليس به بأس وقال يعقوب بن شيبة ثقة صدوق. مات سنة إحدى وأربعين ومائتين

(قوله ابن أبى عروبة) هو سعيد

(قوله عن أبي معشر) هو زياد بن كليب التميمى الحنظلى الكوفى. روى عن سعيد بن جبير والنخعى وفضيل ابن عمرو والشعبى. وعنه المغيرة وخالد الحذاء وقتادة وأيوب السختيانى وغيرهم. روى له مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى ووثقه وقال العجلى وابن المدينى ثقة وقال ابن حبان ثقة كان من الحفاظ المتقنين وقال أبو حاتم صالح ليس بالمتين في حفظه. مات سنة تسع عشرة أو عشرين ومائة

(قوله إبراهيم) النخعى

(قوله كانت يد رسول الله الخ) أى كان النبى صلى الله تعالى

ص: 125

عليه وعلى آله وسلم يستعمل يده اليمنى في الأمور الشريفة من الطهور والطعام والشراب وغيرها واليد مؤنثة وهي من المنكب إلى أطراف الأصابع ولامها محذوفة وأصلها يدى بفتح الدال وقيل بسكونها وجمع القلة أيد وجمع الكثرة أيادى

(قوله لطهوره) بضم الطاء المهملة وفتحها روايتان بمعنى وهو مصدر مضاف إلى الفاعل وقيل بالضم الفعل وبالفتح اسم لما يتطهر به وعليه فيقدّر مضاف أى لاستعمال طهوره وقال سيبويه الطهور بالفتح يقع على الماء والمصدر معا

(قوله وكانت يده اليسرى لخلائه) أى كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يجعل يده اليسرى لاستنجائه وغيره مما يستقذره الطبع وتكرهه النفس كالمخاط والرعاف. والأذى ما يستقذر من النجاسة ونحوها يقال أذى الشئ أذى من باب تعب بمعنى قذر. ومما يطلب استعمال اليد اليسرى فيه حمل النعل فما يقع من بعض أهل العلم وغيرهم من حملهم كتبهم بشمائلهم ونعالهم بأيمانهم مخالف للسنة المطهرة، قال في شرح المشكاة وكثيرا ما رأينا عوام طلبة العلم يأخذون الكتاب باليسار والنعال باليمين إما لجهلهم أو غفلتهم اهـ

(من روى الحديث أيضا) رواه أحمد والطبرانى عن إبراهيم عن عائشة وهو منقطع فإن إبراهيم لم يسمع من عائشة كما قال المنذرى فهو ضعيف لكن يقوّيه حديث حفصة الذي قبله وحديث عائشة الآتى بعده فما يوجد في بعض النسخ من ذكر الأسود في هذا السند بين إبراهيم وعائشة غلط من الناسخ

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بُزَيْعٍ، ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ

(ش)(رجال الحديث)

(قوله محمد بن حاتم بن بزيع) بفتح فكسر البصرى أبو بكر ويقال أبو سعيد نزيل بغداد. روى عن قبيصة والأسود بن عامر ويحيى بن بكير وجعفر بن عون وغيرهم. وعنه البخارى ومسلم وأبو داود والنسائى وقال ثقة وذكره ابن حبان في الثقات. مات في رمضان سنة تسع وأربعين ومائتين

(قوله عبد الوهاب بن عطاء) الخفاف أبو نصر البصرى العجلى مولاهم نزيل بغداد. روى عن حميد الطويل وابن جريج وشعبة ومالك ابن أنس وغيرهم. وعنه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعمرو بن زرارة النيسابورى وطائفة وثقه ابن معين وقال مرة لا بأس به وقال النسائي ليس بالقوى وقال الساجى صدوق ليس بالقوى وقال ابن العلاء يكتب حديثه وقال أبو حاتم يكتب حديثه محله الصدق ووثقه الدارقطنى ومحمد ابن سعد والحسن بن سفيان وابن حبان وقال البخارى يكتب حديثه قيل له يحتج به قال أرجو أنه كان يدلس عن ثور وأقوام أحاديث مناكير وضعفه أحمد بن حنبل وقال صالح بن محمد

ص: 126