الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلان لا يحتمل الضرب وهذه الدّابة لا تحتمل هذا المقدار من الحمل وهذه الأسطوانة لا تحتمل ثقل السقف اهـ بتصرّف، وأما الاختلاف في رفعه ووقفه فقد تقدم عن ابن القيم وقد علمت ما فيه وأشار له المصنف بقوله.
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَقَفَهُ
(ش) هذه العبارة ساقطة من بعض النسخ والغرض منها بيان أن الحمادين رويا الحديث عن عاصم واختلفا في رفعه ووقفه فرفعه ابن سلمة ووقفه ابن زيد وقد قوى الدارقطني وقفه برواية إسماعيل بن علية حيث قال بعد إخراج رواية حماد بن سلمة وخالفه حماد بن زيد رواه عن عاصم بن المنذر عن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر موقوفا غير مرفوع وكذلك رواه إسماعيل بن علية عن عاصم بن المنذر عن رجل لم يسمه عن ابن عمر موقوفا أيضا اهـ
(باب ما جاء في بئر بضاعة)
أى في بيان حكم مائها، وبضاعة بكسر الموحدة وضمها وهو المحفوظ في الحديث والأكثر لغة دار لبني ساعدة بالمدينة وهم بطن من الخزرج وبئرها معلومة، قال في البدر المنير بضاعة اسم لصاحب البئر، وقيل اسم لموضعها وهى بئر بالمدينة بصق رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وبرّك وتوضأ في دلو وردّه فيها وكان إذا مرض مريض يقول له اغتسل بمائها فيغتسل فكأنما نشط من عقال وهى في ديار بني ساعدة معروفة اهـ.
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، قَالُوا: ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ يُطْرَحُ فِيهَا الْحِيَضُ وَلَحْمُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَافِعٍ.
(ش)(رجال الحديث)
(قوله محمد بن سليمان الأنبارى) بن أبي داود أبو هارون. روى عن أبي معاوية الضرير ووكيع وابن مهدى ومحمد بن يزيد الواسطى وغيرهم، وعنه يعقوب بن شيبة وابن أبي عاصم ومحمد بن وضاح وبقيّ بن مخلد وغيرهم. وثقه الخطيب ومسلمة. مات سنة أربع
وثلاثين ومائتين، والأنبارى نسبة إلى أنبار بفتح الهمزة مدينة قرب بلخ
(قوله أبو أسامة) حماد بن أسامة
(قوله محمد بن كعب) بن سليم بن أسد أبو حمزة القرظى المدنى. روى عن العباس بن المطلب وعلى وابن مسعود وأبي ذرّ وأبي هريرة وجابر وأنس وكثيرين، وعنه الحكم بن عتيبة وابن عجلان ويزيد بن الهاد والوليد بن كثير وآخرون، قال العجلى تابعى ثفة وقال ابن سعد كان ثقة عالما كثير الحديث وقال ابن حبان كان من أفضل أهل المدينة علما وفقها وقال عون بن عبد الله ما رأيت أحدا أعلم بتأويل القرآن منه، قيل توفي سنة ثماني عشرة ومائة. روى له الجماعة
(قوله عبيد الله بن عبد الله الخ) أبو الفضل الأنصارى، وقيل عبد الله ابن عبد الله ذكره البيهقي. روى عن أبيه وأبي رافع وأبي سعيد وجابر، وعنه هشام بن عروة وسليط بن أبي أيوب ومحمد بن كعب وعبد الله بن أبي سلمة، صحح أحمد حديثه وعدّه ابن حبان في الثقات وقال ابن منده مجهول وقال ابن القطان لا يعرف حاله. مات سنة إحدى عشرة ومائة
(قوله أتتوضأ) بتائين بصيغة الخطاب للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وفي نسخة أنتوضأ بالنون والتاء على صيغة المتكلم مع الغير أى أيجوز لنا التوضؤ منها وقول النووى إن الثانية تصحيف ردّه العراقى في شرح أبي داود
(قوله يطرح فيها الحيض) أى يلقى. فيها الخرق التي تمسح بها المرأة دم الحيض أو تجعلها. على الفرج بين فخذيها والحيض بكسر الحاء المهملة وفتح المثناة التحتية جمع حيضة بكسر ففتح
(قوله والنتن) بنون مفتوحة فتاء مثناة ساكنة وتكسر أو بفتحتين وهو الشئ الذى له رائحة كريهة من قولهم نتن ينتن من بابي ضرب وتعب فهو نتن بفتح فكسر ويقال أنتن فهو منتن ونتن نتونة ونتانة من باب قرب فهو نتين كقريب، والمراد أن الناس يلقون الحيض ولحوم الكلاب والنتن في الصحارى خلف بيوتهم فيجرى عليها السيل ويلقيها في تلك البئر لأنها كانت منخفضة وكان ماؤها كثيرا لا تغيره هذه الأشياء، وليس المراد أن الناس يلقونها فيها لأنه كان من عادتهم في الجاهلية والإسلام تنزيه الماء وصونه عن النجاسات فلا يتوهم أن الصحابة وهم أطهر الناس وأنزههم كانوا يفعلون ذلك عمدا مع قلة الماء عندهم، أو أن الذى كان يفعل ذلك المنافقون
(قوله الماء طهور) أل في الماء للعهد والمعهود ماء بئر بضاعة ويحتمل أن تكون للاستغراق وهو الأقرب، وطهور بفتح الطاء المهملة أي طاهر مطهر كما تفيده صيغة المبالغة
(قوله لا ينجسه شيء) أى ما لم يتغير وإلا تنجس بالإجماع لأنه بالتغير خرج عن كونه ماء مطهرا فلم يبق على الطهورية، وما جاء في بعض الطرق من أن ماء هذا البئر كان كنقاعة الحناء فهو محمول على لون مائها (قال العيني) وبهذا الحديث استدل مالك على أن الماء لا يتنجس بوقوع النجاسة فيه وإن كان قليلا ما لم يتغير أحد أوصافه (والجواب) عن هذا أن هذه البئر كانت
في حدور من الأرض والسيول كانت تكسح هذه الأقذار من الطرق والأفنية وتحملها فتلقيها فيها وكان الماء لكثرته لا يؤثر فيه وقوع هذه الأشياء ولا تغيره فسألوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن شأنها ليعلموا حكمها في الطهارة والنجاسة فكان من جوابه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لهم أن الماء لا ينجسه شئ يريد الكثير منه الذى صفته صفة ماء هذه البئر في غزارته لأن السؤال إنما وقع عنها فخرج الجواب عليها، على أن بعضهم قد تكلم في هذا الحديث منهم ابن القطان في كتابه الوهم والإيهام وضعفه وقال إن في إسناده اختلافا فقوم يقولون عبيد الله بن عبد الله بن رافع وقوم يقولون عبد الله بن عبد الله بن رافع ومنهم من يقول عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع ومنهم من يقول عبد الله ومنهم من يقول عن عبد الرحمن بن رافع قال فتحصل فيه خمسة أقوال وكيفما كان فهو لا يعرف له حال اهـ وقوله يريد الكثير منه الخ فيه نظر لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو مقرر
(قوله وقال بعضهم عبد الرحمن بن رافع) أى قال بعض الرواة وهو محمد بن سلمة في السند الآتي عن عبيد الله ابن عبد الرحمن بن رافع بدل ابن عبد الله بن رافع في السند أو قال عن عبد الرحمن بن رافع بدل عبيد الله بن عبد الله بن رافع وقد نص البخارى على أن هذا وهم وقال البيهقي بعد سياق السند الآتي للمصنف وقيل عن محمد بن سلمة في هذا الإسناد عن عبد الرحمن بن رافع الأنصارى بصيغة التضعيف
(فقه الحديث) دل الحديث على أن الماء لا يتنجس بوقوع شئ فيه سواء أكان قليلا أم كثيرا ولو تغيرت أوصافه، لكن قام الإجماع على أن الماء إذا تغير أحد أوصافه بالنجاسة خرج عن الطهورية فكان الاحتجاح به على نجاسة ما تغير بحلول نجاسة فيه لا بالاستثناء في حديث إن الماء طهور إلا إن تغير ريحه أو لونه أو طعمه بنجاسة تحدث فيه رواه البيهقي عن أبي أمامة ورجح أبو حاتم إرساله، وقال الدارقطني لا يثبت هذا الحديث، فلذا لم يحتج بهذا الاستثناء فلا ينجس الماء بما لاقاه ولو كان قليلا إلا إذا تغير. وقد ذهب إلى ذلك ابن عباس وأبو هريرة والحسن البصرى وابن المسيب. وعكرمة وابن أبي ليلى والثورى وداود الظاهرى والنخعى وجابر بن زيد ومالك والغزالى ومن أهل البيت القاسم والإمام يحيى، والحديث وإن ورد على سبب خاص وهو بئر بضاعة فلفظه عام والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وذهب ابن عمر ومجاهد وإسحاق ومن أهل البيت الهادى والمؤيد بالله وأبو طالب والناصر، وكذا الشافعية وأحمد والحنفية إلى أنه ينجس القليل بما لاقاه من النجاسة وإن لم تتغير أوصافه إذ تستعمل النجاسة باستعماله لحديث إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها فإنه لا يدرى أين باتت يده وسيأتي للمصنف فنهى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم النائم عن غمس يده وعلل النهى بخشية النجاسة ومعلوم أن النجاسة التي قد تكون على يده وتخفي عليه لا تغير الماء، ولخبر إذا ولغ الكلب
في إناء أحدكم فليغسله سبعا، وفي رواية فليرقه ثم ليغسله سبعا، فإن الأمر بالغسل والإراقة دليل النجاسة، ولحديث لا يبولنّ أحدكم في الماء الدائم، رواهما المصنف، ولحديث القلتين، ولحديث استفت قلبك وإن أفتاك المفتون، عند أحمد وأبى يعلى والطبراني وأبى نعيم مرفوعا. ولحديث دع ما يريبك إلى ما لا يريبك أخرجه النسائي وأحمد وصححه ابن حبان والحاكم والترمذي من حديث الحسن بن على. قالوا فحديث الماء طهور لا ينجسه شئ مخصص بهذه الأدلة، واختلفوا في حدّ القليل الذي يجب اجتنابه عند وقوع النجاسة فيه، فقيل ما ظن استعمالها باستعماله، وإليه ذهب أبو حنيفة والمؤيد بالله وأبو طالب، وقيل ما دون القلتين على اختلاف في قدرهما، وإليه ذهب الشافعى وأصحابه والناصر والمنصور بالله. وأجاب القائلون بأن القليل لا يتنجس بالملاقاة للنجاسة إلا إن تغير بأن ما استدلوا به من الأحاديث لا يدلّ دلالة جازمة على مدّعاهم، وعلى فرض أنها تدلّ فهى محمولة على ما إذا تغير أحد أوصاف الماء جمعا بين الأدلة وبأن الاستدلال بهذه الأحاديث على ظنّ استعمال النجاسة باستعمال ذلك الماء موجب للدور لأنه لا يعرف القليل إلا بظنّ الاستعمال ولا يكون ذلك الظن إلا بمعرفة القلة، على أن الظن لا ينضبط بل يختلف باختلاف الأشخاص. وأيضا جعل ظن الاستعمال مناطا يستلزم استواء القليل والكثير، وأجابوا عن حديث القلتين بأنه مضطرب الإسناد والمتن كما تقدم، وعلى تسليم صحته فلا معارضة أيضا بينه وبين حديث الباب لأن ما بلغ مقدار القلتين فصاعدا لا يحمل الخبث ولا ينجس بملاقاة النجاسة إلا إن تغير أحد أوصافه فنجس إجماعا فيخص بهذا الإجماع حديث القلتين وعموم حديث الباب، أما ما دون القلتين فإن تغير خرج عن الطهارة بالإجماع وبمفهوم حديث القلتين وإن لم يتغير بأن وقعت فيه نجاسة لم تغيره فحديث الباب يدلّ بعمومه على عدم خروجه عن الطهارة لمجرّد ملاقاة النجاسة وحديث القلتين يدلّ بمفهومه على خروجه عن الطهورية بملاقاتها والمنطوق مقدّم على المفهوم. قال في الروضة الندية قد دلّ حديث القلتين على أن الماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث وإذا كان دون القلتين فقد يحمل الخبث ولكنه كما قيد حديث الماء طهور لا ينجسه شئ بتلك الزيادة التي وقع الإجماع عليها كذلك يقيد حديث القلتين بها فيقال إنه لا يحمل الخبث إذا بلغ قلتين في حال من الأحوال إلا في حال تغير بعض أوصافه بالنجاسة فإنه حينئذ قد حمل الخبث بالمشاهدة وضرورة الحسّ فلا منافاة بين حديث القلتين وبين تلك الزيادة المجمع عليها، وأما ما كان دون القلتين فهو مظنة لحمل الخبث وليس فيه أنه يحمل الخبث قطعا وبتا ولا أن ما يحمله من الخبث يخرجه عن الطهورية لأن الخبث المخرج عن الطهورية هو خبث خاصّ وهو الموجب لتغير أحد أوصافه أو كلها لا الخبث الذى لم يغير (وحاصله) أن ما دلّ عليه مفهوم حديث القلتين من أن ما دونهما قد يحمل الخبث لا يستفاد منه
إلا أن ذلك المقدار إذا وقعت فيه نجاسة قد يحملها وأما أنه يصير نجسا خارجا عن كونه طاهرا فليس في هذا المفهوم ما يفيد ذلك، ولا ملازمة بين حمل الخبث والنجاسة المخرجة عن الطهورية لأن الشارع قد نفى النجاسة عن مطلق الماء كما في حديث أبي سعيد المتقدّم وما شهد له، ونفاها عن الماء المقيد بالقلتين كما في حديث عبد الله بن عمر المتقدّم أيضا، وكان النفي بلفظ هو أعم صيغ العام فقال في الأول لا ينجسه شئ وقال في الثاني أيضا كما في تلك الرواية لم ينجسه شيء فأفاد ذلك أن كل ماء على وجه الأرض طاهر إلا ما ورد فيه التصريح بما يخصص هذا العام مصرّحا بأنه يصير الماء نجسا كما وقع في تلك الزيادة التي وقع الإجماع عليها فإنها وردت بصيغة الاستثناء من ذلك الحديث فكانت من المخصصات المتصلة بالنسبة إلى حديث أبي سعيد ومن المخصصات المنفصلة بالنسبة إلى حديث عبد الله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما على القول الراجح في الأصول وهو أنه يبني العام على الخاص مطلقا، فتقرر بهذا أنه لا منافاة بين مفهوم حديث القلتين وبين سائر الأحاديث بل يقال فيه إن ما دون القلتين إن حمل الخبث حملا استلزم تغير ريح الماء أو لونه أو طعمه فهذا هو الأمر الموجب للنجاسة والخروح عن الطهورية وإن حمله حملا لا يغير تلك الأوصاف فليس ذلك الحمل مستلزما للنجاسة اهـ وقال الشوكاني في الدرر البهية الماء طاهر ومطهر لا يخرجه عن الوصفين إلا ما غير ريحه أو لونه أو طعمه من النجاسات ولا فرق بين قليل وكثير وما فوق القلتين وما دونهما ومتحرّك وساكن، قال شارحه في الروضة الندية لا يخرج الماء عن الوصفين أى عن كونه طاهرا ومطهرا إلا ما غير أحد أوصافه الثلاثة من النجاسات لا من غيرها وهذا المذهب هو أرجح المذاهب وأقواها والدليل عليه ما أخرجه أحمد وصححه وأبو داود والترمذى وحسنه والنسائي وابن ماجه والدارقطني والبيهقي والحاكم وصححه وصححه أيضا يحيى بن معين وابن حزم من حديث أبي سعيد قال قيل يا رسول الله أتتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الماء طهور لا ينجسه شيء، وقد أعله ابن القطان باختلاف الرواة في اسم الراوى له عن أبي سعيد واسم أبيه وليس ذلك بعلة. وقد اختلف في أسماء كثير من الصحابة والتابعين على أقوال ولم يكن ذلك موجبا للجهالة، على أن ابن القطان نفسه قال بعد ذلك الإعلال وله طريق أحسن من هذه ثم ساقها عن أبي سعيد وقد قامت الحجة بتصحيح من صححه من أولئك الأئمة، وله شواهد منها حديث سهل بن سعد عند الدارقطني وحديث ابن عباس عند أحمد وابن خزيمة وابن حبان وحديث عائشة عند الطبراني في الأوسط وأبي يعلى والبزار وابن السكن كلها بنحو حديث أبي سعيد، وأخرجه يزيادة الاستثناء الدارقطني من حديث ثوبان بلفظ الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو طعمه، وأخرجه أيضا مع
الزيادة ابن ماجه والطبراني من حديث أبي أمامة بلفظ إن الماء طهور إلا إن تغير ريحه أو لونه أو طعمه بنجاسة تحدث فيه، وفي إسنادهما من لا يحتج به، وقد اتفق أهل الحديث على ضعف هذه الزيادة لكنه قد وقع الإجماع على مضمونها كما نقله ابن المنذر وابن الملقن في البدر المنير والمهدي في البحر، فمن كان يقول بحجية الإجماع كان الدليل عنده على ما أفادته تلك الزيادة هو الإجماع، ومن كان لا يقول بحجية الإجماع كان ذلك الإجماع مفيدا لصحة تلك الزيادة لكونها قد صارت مما أجمع على معناها بالقبول فالاستدلال بها لا بالإجماع اهـ.
(من روى الحديث أيضا) رواه الشافعى وأحمد والنسائي والترمذي والدارقطني والحاكم والبيهقي وصححه يحيى بن معين وأبو محمد ابن حزم. قال المنذرى تكلم فيه بعضهم وحكى عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال حديث بئر بضاعة صحيح اهـ وقال الترمذى حديث حسن وقد جوّد أبو أسامة هذا الحديث فلم يرو أحد حديث أبي سعيد في بئر بضاعة أحسن مما روى أبو أسامة وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد اهـ وقال في التلخيص وفي الباب عن جابر عند ابن ماجه بلفظ إن الماء لا ينجسه شيء، وفي إسناده أبو سفيان طريف بن شهاب وهو ضعيف متروك وعن ابن عباس بلفظ الماء لا ينجسه شيء رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان وعن سهل بن سعد عند الدارقطني وعن عائشة بلفظ إن الماء لا ينجسه شئ رواه الطبراني في الأوسط وأبو يعلى والبزار وابن السكن في صحاحهم ورواه أحمد من طريق أخرى صحيحة لكنه موقوف وأخرجه أيضا بزيادة الاستثناء الدارقطني من حديث ثوبان بلفظ الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو طعمه، وفي إسناده رشدين بن سعد وهو متروك وعن أبي أمامة مثله عند ابن ماجه والطبراني وفيه أيضا رشدين ورواه الييهقى بلفظ إن الماء طاهر إلا إن تغير ريحه أو لونه أو طعمه بنجاسة تحدث فيه، أو رده من طريق عطية بن بقية عن أبيه عن ثور عن راشد بن سعد عن أبي أمامة وفيه تعقب على من زعم أن رشدين بن سعد تفرّد بوصله ورواه الطحاوي والدارقطني من طريق راشد بن سعد مرسلا وصحح أبو حاتم إرساله وقال الشافعى لا يثبت أهل الحديث مثله وهو قول العامة لا أعلم بينهم خلافا وقال الدارقطني لا يثبت هذا الحديث وقال النووي اتفق المحدّثون على تضعيفه اهـ ملخصا فتلخص أن الاستثناء المذكور ضعيف فتعين الاحتجاج بالإجماع. قال ابن المنذر أجمع العلماء على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت له طعما أو لونا أو ريحا فهو نجس اهـ.
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيَّانِ، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَلِيطِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ
الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ الْعَدَوِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُقَالُ لَهُ: إِنَّهُ يُسْتَقَى لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا لُحُومُ الْكِلَابِ، وَالْمَحَايِضُ وَعَذِرُ النَّاسِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ:«إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ»
(ش)(رجال الحديث)
(قوله أحمد بن أبي شعيب) هو أحمد بن عبد الله بن أبى شعيب مسلم القرشى أبو الحسن الأموي مولي عمر بن عبد العزيز. روى عن زهير بن معاوية وموسى بن أبي الفرات وموسى بن أعين ومحمد بن سلمة وغيرهم. وعنه أبو زرعة وأبو حاتم والبخارى وأبو داود والنسائي وطائفة، قال أبو زرعة وأبو حاتم صدوق ثقة وذكره ابن حبان في الثقات، توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين
(قوله عبد العزيز بن يحيى) ابن يوسف أبو الأصبغ. روى عن عيسى بن يونس ومحمد بن سلمة والوليد بن مسلم ومخلد بن يزيد وجماعة. روى عنه البخارى في كتاب الضعفاء وأبو داود وأبو زرعة وأبو حاتم وبقية بن مخلد وجعفر الفريابي وآخرون، وثقه أبو داود وقال النسائي وأبو حاتم صدوق. وقال البخارى يروي عن عيسى بن يونس ولا يتابع عليه وقال ابن عدى وابن الحذّاء لا بأس بروايته وذكره ابن حبان في الثقات. توفي سنة خمس وثلاثين ومائتين
(قوله الحرانيان) صفة لأحمد وعبد العزيز تثنية حرّاني بالفتح والتشديد نسبة إلى حرّان مدينة بالجزيرة بينها وبين الرّها يوم وبينها وبين الرّقة يومان وهى على طريق الموصل والشام فتحت في عهد عمر بن الخطاب على يد عياض بن غنم
(قوله محمد بن سلمة) بن عبد الله أبو عبد الله الباهلى الحراني مولى بني قتيبة. روى عن هشام بن حسان وابن عجلان ومحمد بن إسحاق وسعيد بن سنان وآخرين وعنه أحمد بن حنبل وأبو داود وعبد العزيز بن يحيى وموسى بن عبد الرحمن وآخرون قال ابن سعد كان ثقة فاضلا عالما وذكره ابن حبان في الثقات وقال أبو عروبة أدركنا الناس لا يختلفون في فضله وحفظه ووثقه النسائي والعجلى، توفي سنة إحدى أو اثنتين وتسعين ومائة روى له الجماعة إلا البخاري (تنبيه) قال النووى سلمة كله بفتح اللام إلا عمرو بن سلمة إمام قومه وبني سلمة القبيلة من الأنصار فبكسرها
(قوله سليط) بفتح السين المهملة وكسر اللام (ابن أيوب) بن الحكم الأنصارى المدني. روي عن عبد الرحمن بن أبي سعيد وعبيد الله بن عبد الله بن رافع والقاسم بن محمد، وعنه خالد بن أبى نوف الشيبانى ومحمد بن إسحاق أخرج له