المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب ما يجزى من الماء في الوضوء) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ١

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمةتشتمل على مبادى علم الحديث، وشذرات من علم المصطلح

- ‌الحديث المقبول

- ‌(الخبر المردود)

- ‌ المعلق)

- ‌ المرسل)

- ‌ المعضل)

- ‌ المنقطع)

- ‌المرسل الخفيّ

- ‌المردود للطعن)

- ‌ الموضوع)

- ‌ المتروك)

- ‌ المعلّ)

- ‌ مدرج الإسناد)

- ‌ مدرج المتن)

- ‌ المقلوب)

- ‌ المزيد في متصل الأسانيد)

- ‌ المضطرب)

- ‌ المصحف)

- ‌ المحرف)

- ‌ المبهم)

- ‌التقسيم الثانى للخبر باعتبار نهاية السند

- ‌ المرفوع)

- ‌ الموقوف)

- ‌ المقطوع)

- ‌(فائدة) إذا قال الصحابى كنا نقول أو نفعل كذا

- ‌(أقسام السند)

- ‌العلوّ النسبىّ

- ‌ الموافقة

- ‌ البدل

- ‌ المساواة

- ‌ المصافحة

- ‌(أنواع الرواية)

- ‌ رواية الأقران

- ‌ رواية الأكابر عن الأصاغر

- ‌ رواية الأصاغر عن الأكابر

- ‌ المتفق والمفترق)

- ‌ المتشابه

- ‌ المسلسل)

- ‌(طرق تحمل الحديث)

- ‌ السماع

- ‌ القراءة

- ‌ الإجازة

- ‌ المناولة

- ‌ الإعلام

- ‌ الوجادة

- ‌صيغ الأداء

- ‌(فوائد)

- ‌(ترجمة الإمام الحافظ أبي داود)

- ‌ التعريف بكتاب السنن لأبى داود

- ‌ شرط أبى داود وطريقته في سننه

- ‌ ما سكت عليه أبو داود

- ‌ النسخ المروية عن أبى داود وتراجم رواتها

- ‌(أسانيد الكتاب منى إلى المؤلف رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ)

- ‌(كتاب الطهارة)

- ‌(باب التخلي عند قضاء الحاجة)

- ‌(باب الرجل يتبوّأ لبوله)

- ‌(باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء)

- ‌ التسمية قبل التعوذ

- ‌(باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة)

- ‌(باب الرخصة في ذلك)

- ‌(باب كيف التكشف عند الحاجة)

- ‌(باب كراهية الكلام عند الخلاء)

- ‌(باب أيردّ السلام وهو يبول)

- ‌(باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر)

- ‌(باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء)

- ‌(باب الاستبراء من البول)

- ‌(باب في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده)

- ‌(باب المواضع التى نهى عن البول فيها)

- ‌(باب في البول في المستحم)

- ‌(باب النهى عن البول في الجحر)

- ‌(باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء)

- ‌(باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء)

- ‌لا يشرب نفسا واحدا

- ‌(باب الاستتار في الخلاء)

- ‌(باب ما ينهى عنه أن يستنجى به)

- ‌(باب الاستنجاء بالأحجار)

- ‌(باب في الاستبراء)

- ‌(باب في الاستنجاء بالماء)

- ‌(باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى)

- ‌(باب السواك)

- ‌ الاستياك للصائم بعد الزوال

- ‌(باب كيف يستاك)

- ‌(باب في الرجل يستاك بسواك غيره)

- ‌(باب غسل السواك)

- ‌(باب السواك من الفطرة)

- ‌الاستنشاق)

- ‌قص الأظفار)

- ‌نتف الإبط)

- ‌حلق العانة)

- ‌ اختتان الخنثى

- ‌(باب السواك لمن قام من الليل)

- ‌(باب فرض الوضوء)

- ‌ متي فرضت الطهارة

- ‌ سبب وجوب الطهارة

- ‌(باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث)

- ‌(باب ما ينجس الماء)

- ‌(من أخرج هذه الرواية أيضا)

- ‌(باب ما جاء في بئر بضاعة)

- ‌ بيان أن ماء بئر بضاعة كان كثيرا لا يتغير

- ‌(باب الماء لا يُجنِب)

- ‌(باب البول في الماء الراكد)

- ‌(باب الوضوء بسؤر الكلب)

- ‌(باب سؤر الهرّة)

- ‌(باب الوضوء بفضل طهور المرأة)

- ‌(باب النهى عن ذلك)

- ‌(باب الوضوء بماء البحر)

- ‌ جواز التطهر بماء البحر الملح

- ‌(باب الوضوء بالنبيذ)

- ‌(باب الرجل أيصلى وهو حاقن)

- ‌(باب ما يجزى من الماء في الوضوء)

- ‌(باب الإسراف في الوضوء)

- ‌(باب في إسباغ الوضوء)

- ‌(باب الوضوء في آنية الصفر)

- ‌(باب في التسمية على الوضوء)

- ‌لفظها الوارد

- ‌(باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها)

- ‌ استحباب استعمال ألفاظ الكنايات فيما يتحاشى التصريح به

الفصل: ‌(باب ما يجزى من الماء في الوضوء)

الشافعية على حرمة الصلاة مع مدافعة واحد من الأخبثين وفساد الصلاة إن أدّى إلى ذهاب خشوعه ولو ضاق الوقت، والجمهور على كراهتها وحملوا الحديث على فرض صحته على ما إذا اشتدّ به الحال وظن أنه يضّره لحبسه حينئذ حرام.

(فقه الحديث) الحديث يدل على أنه لا يجوز لرجل أن يؤم غيره بغير إذنه على ما علمت تفصيله، وعلى أنه لا يجوز للإمام أن يدعو لنفسه دون المأمومين وقد سبق تفصيل ذلك في شرح الحديث الذى قبله.

(من روى الحديث أيضا) رواه الحاكم من طريق ثور عن يزيد عن أبي هريرة مرفوعا مختصرا ولفظه لا يحلّ لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصلى وهو حقن حتى يخفف، ورواه ابن ماجه من طريق السفر بن نسير عن يزيد بن شريح عن أبي أمامة ولفظه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نهى أن يصلى الرجل وهو حاقن، وفي الزوائد إسناده ضعيف لضعف السفر بن نسير وكذا بشر بن آدم شيخ ابن ماجه، وفي سند حديث المصنف أحمد ابن على وقد تكلم فيه كما تقدم، وفي البداية لابن رشد قال أبو عمر بن عبد البرّ هو حديث ضعيف السند لا حجة فيه.

(ص)، قَالَ أَبُو دَاوُدَ:«هَذَا مِنْ سُنَنِ أَهْلِ الشَّامِ لَمْ يُشْرِكْهُمْ فِيهَا أَحَدٌ»

(ش) هذه الجملة ساقطة من بعض النسخ والغرض من ذ كرها بيان أن هذا الحديث الذى رواه يزيد بن شريح بسنديه عن ثوبان وعن أبي هريرة ضعيف لأنه من سنن بضم السين أى من الطرق التي انفرد بروايتها أهل الشام لم يشاركهم في روايته غيرهم، أما حديث ثوبان فكل رواته شاميون فإن محمد بن عيسى وإن كان أصله بغداديا فقد نزل أذنه بلد بساحل الشام عند طرسوس، وكذا كل رواة حديث أبي هريرة شاميون إلا أبا هريرة، وقوله لم يشركهم بفتح المثناة التحتية والراء من باب تعب أى لم يشاركهم.

(باب ما يجزى من الماء في الوضوء)

أى في بيان القدر الذي يكفي من الماء في الوضوء وكذا الغسل.

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ، وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله همام) بن يحيى

(قوله قتادة) بن دعامة

(قوله صفية بنت شيبة) بن عثمان بن أبي طلحة عبد العزيز بن عبد الدار بن قصى القرشية العبدرية

ص: 302

قال الحافظ في الإصابة مختلف في صحبتها، وأبعد من قال لا رواية لها فقد ثبت حديثها في صحيح البخارى تعليقا قال قال أبان بن صالح عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة قالت سمعت النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وأخرج ابن منده من طريق محمد بن جعفر ابن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن صفية بنت شيبة قالت والله لكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حين دخل الكعبة "الحديث" وروت أيضا عن عائشة وأم حبيبة وأم سلمة أزواح النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وعن أسماء بنت أبي بكر وأم عثمان بنت سفيان، وعنها عبد الرحمن الحجي ومصعب بن شيبة والحسن بن مسلم وأم صالح بنت صالح والمغيرة بن حكيم وآخرون. روي لها عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى له وسلم خمسة أحاديث، ومنه ومما تقدم عن البخارى تعلم ردّ كلام ابن حبان حيث ذكرها في ثقات التابعين، اتفق البخارى ومسلم على روايتها عن عائشة. روى لها الجماعة

(معنى الحديث)

(قوله كان يغتسل بالصاع الخ) أى بملء الصاع ونحوه، والصاع مكيال يسع أربعة أمداد، والمد مختلف فيه فقيل هو رطل وثلث بالعراقي وبه يقول مالك والشافعي وأحمد وفقهاء الحجاز وأبو يوسف، وقيل رطلان وبه أخذ أبو حنيفة ومحمد وفقهاء العراق فيكون الصاع خمسة أرطال وثلثا على الأول وثمانية أرطال على الثاني، والرطل العراقى عند الحنفية ثلاثون ومائة درهم بالدرهم المتعارف، وإليه ذهب الرافعى من الشافعية، ورجح النووى أنه ثمانية وعشرون ومائة درهم وأربعة أسباع درهم، وهذا مذهب الحنابلة، وقالت المالكية هو ثمانية وعشرون ومائة درهم. وحجة الأولين ما سيأتي للمصنف في باب مقدار ما يجزئه في الغسل من قوله قال أبو داود وسمعت أحمد بن حنبل يقول صاع ابن أبي ذئب خمسة أرطال وثلث قال فمن قال ثمانية أرطال قال ليس ذلك بمحفوظ قال وسمعت أحمد يقول من أعطى في صدقة الفطر برطلنا هذا "يعني العراقى" خمسة أرطال وثلثا فقد أوفى، وما رواه الطحاوى عن أبي يوسف قال قدمت المدينة فأخرج إليّ من أثق به صاعا وقال هذا صاع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فوجدته خمسة أرطال وثلثا قال الطحاوى وسمعت ابن عمران يقول الذى أخرجه لأبي يوسف هو مالك، وما أخرجه البيهقي عن الحسين بن الوليد القرشى قال قدم علينا أبو يوسف من الحج فقال إني أريد أن أفتح عليكم بابا من العلم أهمني ففحصت عنه قال فقدمت المدينة فسألت عن الصاع قالوا صاعنا هذا صاع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قلت لهم ما حجتكم في ذلك قالوا نأتيك بالحجة غدا فلما أصبحت أتاني نحو من خمسين شيخا من أبناء المهاجرين والأنصار مع كل رجل منهم الصاع تحت ردائه وكل رجل منهم يخبر عن أبيه وأهل بيته أن هذا صاع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فنظرت فإذا هي سواء قال فعبرته فإذا هو خمسة أرطال

ص: 303

وثلث بنقصان يسير فرأيت أمرا قويا فتركت قول أبي حنيفة في الصاع وأخذت بقول أهل المدينة اهـ قال صاحب التنقيح هذا هو المشهور من قول أبي يوسف، واحتج أبو حنيفة ومن معه بما أخرجه ابن عدىّ في الكامل عن عمر بن موسى بن وجيه الوجيهى عن عمرو بن دينار عن جابر قال كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتوضأ بالمدّ رطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال وعمر بن موسى ضعيف. وبما أخرجه الدارقطني عن جعفر بن عون ثنا ابن أبي ليلى ذكره عن عبد الكريم عن أنس قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتوضأ بمدّ رطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال، وأخرجه الدارقطني من طريقين آخرين، من طريق موسى بن نصر الحنفي ومن طريق صالح بن موسى وهما ضعيفان، والبيهقي، ضعف أسانيد الثلاثة وروى ابن أبي شيبة في مصنفه في كتاب الزكاة حدثنا يحيى بن آدم قال سمعت حسن بن صالح يقول صاع عمر ثمانية أرطال وقال شريك أكثرمن سبعة أرطال وأقلّ من ثمانية، وأخرج الطحاوى عن إبراهيم النخعى قال عبرنا صاعا فوجدناه حجاجيا والحجاجي عندهم ثمانية أرطال بالبغدادى قال وصنع الحجاج هذه على صاع عمر، وأخرج النسائي قال حدثنا محمد بن عبيد ثنا يحيى بن زكريا عن موسى الجهني قال أتى مجاهد بقدح حزرته ثمانية أرطال فقال حدثتني عائشة أن رسول الله صلى في الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يغتسل بمثل هذا وهذا سند جيد (أقول) الخلاف بين الأئمة في ذلك لفظىّ، فمن قال إن الصاع ثمانية أرطال اعتبره من الماء كما تدلّ عليه الأحاديث السابقة. ومن قال إنه خمسة أرطال وثلث اعتبره من التمر أو الشعير فلا خلاف في مقدار المدّ والصاع، والاشتباه إنما جاء من عدم التقييد باختلاف المكيل بهما رزانة وخفة فإن الماء أثقل من العدس وهو أثقل من الحلبة والفول وهما أثقل من البرّ والحمص وهما أثقل من الذرة وهي أثقل من التمر والشعير فإن المدّ منهما يزن ثلاثة وسبعين ومائة درهم وثلثا ومن الذرة الصيفي خمسة وتسعين ومائة درهم وثلثا ومن الذرة الشامى اثنين ومائتي درهم وثلثا ومن البرّ والحمص ستة عشر ومائتي درهم ومن الفول والحلبة أربعة وعشرين ومائتى درهم ومن العدس سبعة وعشرين ومائتى درهم ومن الماء العذب الصافي أو المعين ستين ومائتي درهم، وعليه فالصاع من التمر والشعير يزن ثلاثة وتسعين وستمائة درهم وثلثا وهي خمسة أرطال وثلث بالعراقى، والصاع من الماء المذكور يزن أربعين وألف درهم وهي ثمانية أرطال بالعراقى.

(فقه الحديث) والحديث يدلّ على مقدار الماء الذى كان يغتسل أو يتوضأ به رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو الصاع في الغسل والمدّ في الوضوء، فيطلبه من الأمة أن تقتدى به صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في ذلك، ولتحذر من الإسراف في الماء كما يقع

ص: 304

ممن استولى عليهم الجهل والشيطان من الإسراف في الماء عند الطهارة ويعتقدون أن ذلك إحكام لها ولم يعقلوا أن الإسراف منهىّ عنه شرعا ولو على شاطئ البحر، نعوذ بالله تعالى من عمى البصيرة واستحواذ الشياطين. ومن المعلوم أن ما قارب الشئ يعطى حكمه فالزيادة على هذا المقدار أو النقص عنه قليلا لحاجة لا حظر فيه وتدلّ على ذلك الأحاديث الآتية، ولا ينافي حديث الباب ما روي عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا في صحيح البخاري قالت كنت أغتسل أنا والنبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله سلم في إناء واحد من قدح يقال له الفرق، والفرق إناء يسع ستة عشر رطلا لأنه لا يدلّ على أنهما كانا يغتسلان بجميع ما فيه بل على أنهما كانا يغتسلان منه وهذا لا يستلزم أنهما كانا يستعملان جميع ما فيه.

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه النسائي وابن ماجه وأخرجه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك بلفظ كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتوضأ بالمدّ ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد وأخرجه مسلم من حديث سفينة بنحوه.

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ أَبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ صَفِيَّةَ.

(ش) غرض المصنف بهذا بيان أن أبان بن يزيد روى الحديث السابق عن قتادة بسماعه من صفية وقد اتفقوا على أن المدلس إذا عنعن لا يحتج بحديثه إلا أن يثبت من طريق آخر بالسماع أو التحديث فبذلك تثبت صحة حديثه، ورواية أبان أخرجها البيهقي في سننه من طريق عفان قال ثنا أبان ثنا قتادة قال حدثتني صفية أن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتوضأ بالمدّ ويغتسل بالصاع.

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، ثَنَا هُشَيْمٌ، أَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ، وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله هشيم) بن بشير

(قوله يزيد بن أبي زياد)

الهاشمى أبو عبد الله مولاهم القرشي الكوفي. روى عن إبراهيم النخعى وأبي صالح السمان ومجاهد وعكرمة وثابت البناني وآخرين، وعنه أبو عوانة وشعبة وزهير بن معاوية والسفيانان وأبو بكر بن عياش وآخرون، قال أبو داود لا أعلم أحدا ترك حديثه وغيره أحب إليّ منه وقال النسائي وابن معين ليس بالقوي وقال أبو زرعة لين بكتب حديثه ولا يحتج

ص: 305

به وقال ابن سعد كان ثقة في نفسه إلا أنه اختلظ في آخر عمره فجاء بالعجائب وقال الدارقطني لا يخرج عنه في الصحيح ضعيف يخطئُ كثيرا ويلقن إذا لقن وقال يعقوب بن سفيان يزيد وإن كانوا يتكلمون فيه لتغيره فهو على العدالة والثقة وقال أحمد بن صالح ثقة ولا يعجبنى قول من يتكلم فيه. وما قاله العيني من أن يزيد هذا هو القرشي الدمشقي فليس بصحيح لأن هشيما الذى في سند الحديث من تلاميذ زياد القرشي الهاشمى وكذا سالم بن أبي الجعد فإنه من شيوخ زياد القرشي الهاشمى وليس من شيوخ زياد القرشى الدمشقى كما في تهذيب التهذيب. توفي سنة ست أو سبع وثلاثين ومائة. روى له مسلم وأبو داود والترمذى والنسائي وابن ماجه والبخارى في التعاليق

(قوله سالم ابن أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون العين المهملة الأشجعى الكوفي. روى عن أبي هريرة وابن عمر وجابر بن عبد الله وأنس وابن عباس، وعنه أبو إسحاق الهمداني وعمرو بن دينار والأعمش وقتادة وأبو إسحاق السبيعى وجماعة، قال ابن سعد كان كثير الحديث ووثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي وقال العجلى تابعى ثقة وقال إبراهيم الحربي مجمع على ثقته وقال الذهبي من ثقات التابعين لكنه يدلس ويرسل، توفي سنة إحدى ومائة. روى له الجماعة

(قوله جابر) بن عبد الله.

(معنى الحديث)

(قوله يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد) ليس الغسل بالصاع والوضوء بالمدّ للتحديد والتقدير بل كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ربما اقتصر على الصاع وربما زاد وربما نقص. قال ابن دقيق العيد الواجب في الغسل ما يسمى غسلا وذلك بإفاضة الماء على العضو وسيلانه عليه فمتى حصل ذلك تأدى الواجب وذلك يختلف باختلاف الناس فلا يقدر الماء الذي يغتسل به أو يتوضأ به بقدر معلوم. قال الشافعى وقد يرفق بالقليل فيكفي ويخرق بالكثير فلا يكفى، وأستحبّ أن لا ينقص في الغسل عن صاع ولا في الوضوء عن مدّ وقد دلت الأحاديث على مقادير مختلفة وذلك والله أعلم لاختلاف الأوقات والحالات وهو دليل على ما قلنا من عدم التحديد اهـ بتصرف، وقال النووى أجمع المسلمون على أن الماء الذى يجزئُ في الوضوء والغسل غير مقدر بل يكفى فيه القليل والكثير إذا وجد شرط الغسل وهو جريان الماء على الأعضاء اهـ وروى البخارى من حديث أنس أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ويتوضأ بالمدّ. وروى مسلم من حديث عائشة أنها كانت تغتسل هي والنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من إناء يسع ثلاثة أمداد وقريبا من ذلك، قال الشوكاني في شرح هذا الحديث القدر المجزئُ من الغسل ما يحصل به تعميم البدن على الوجه المعتمد سواء كان صاعا أو أقل أو أكثر ما لم يبلغ في النقصان إلى مقدار لا يسمى مستعمله مغتسلا أو إلى مقدار في الزيادة يدخل فاعله في حدّ الإسراف وهكذا الوضوء، القدر المجزئُ منه ما يحصل به غسل أعضاء الوضوء سواء كان مدا أو أقل أو أكثر ما لم يبلغ في الزيادة إلى حدّ السرف

ص: 306

أو النقصان إلى حدّ لا يحصل به الواجب اهـ فهذا يدل على اختلاف الحال في ذلك بقدر الحاجة وفي هذه الأحاديث الردّ على من قدّر الوضوء والغسل بما ذكر من الصاع والمدّ تمسكا بظاهر حديثى الباب كابن شعبان من المالكية وبعض الحنفية، وحمله الأكثرون على الاستحباب لأن أكثر من قدّر وضوءه وغسله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الصحابة قدّرهما بذلك وهذا إذا لم تدع الحاجة إلى الزيادة، وهو أيضا في حق من يكون خلقه معتدلا.

(من روى الحديث أيضا) رواه البيهقي من طريق أبي عوانة وغيره عن يزيد ورواه أيضا من طريق حصين ويزيد عن سالم من قول النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ورواه الحاكم في المستدرك من طريق محمد بن فضيل عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يجزئُ من الوضوء المدّ ومن الجنابة الصاع فقال له رجل لا يكفينا ذلك يا جابر فقال قد كفى من هو خير منك وأكثر شعرا. ورواه ابن ماجه من طريق يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبى طالب عن أبيه عن جده بلفظ الحاكم ورواه أحمد والأثرم وابن خزيمة بنحو لفظ المصنف وصححه ابن القطان قال المنذرى في إسناده يزيد بن أبي زياد وهو لا يحتج به اهـ وفيه نظر لأنك قد علمت ما قاله أبو داود وغيره من توثيقه وتابعه عليه حصين في رواية الحاكم والبيهقي فهو لا ينحط عن درجة الحسن. قال العيني رواه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه بهذا الطريق ثم قال والحديث انفرد به أبو داود عن بقية الستة اهـ ولعله يريد روايته بلفظ المصنف وإلا فقد رواه ابن ماجه بلفظ الحاكم كما تقدم وفي سنده سالم ابن أبي الجعد وهو مدلس كما تقدم عن الذهبي وقد عنعن فلعل المصنف اطلع على تصريح بسماعه من جابر كما بين في الحديث السابق.

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ، عَنْ جَدَّتِهِ وَهِيَ أُمُّ عُمَارَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَدْرُ ثُلُثَيِ الْمُدِّ»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله محمد بن جعفر) الهذلى مولاهم البصرى المعروف بغندر أبو عبد الله الحافظ. روى عن ابن جريج وسعيد بن أبي عروبة وابن عيينة والثورى وشعبة وغيرهم. وعنه أحمد بن حنبل وابن بشار وابن معين وقتيبة وإسحاق بن راهويه وآخرون قال ابن معين كان من أصح الناس كتابا وأراد بعضهم أن يخطئه فلم يقدر عليه وقال ابن المبارك إن اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حكم بينهم وكان وكيع يسميه الصحيح الكتاب

ص: 307

وقال أبو حاتم كان صدوقا وقال ابن حبان كان من خيار عباد الله ومن أصحهم كتابا على غفلة فيه ووثقه ابن سعد والمستملى والعجلى وقال عمرو بن العباس كتبت عن غندر حديثه كله ألا حديثه عن ابن أبي عروبة فإن عبد الرحمن نهاني أن أكتب عنه حديث سعيد وقال إن غندرا سمع منه بعد الاختلاط. توفى سنة ثلاث أو أربع وتسعين ومائة. روى له الجماعة، وسمي غندرا لأنه كان يكثر الشغب على ابن جريج قال له اسكت يا غندر، وأهل الحجاز يسمون المشغب غندرا، والشغب بسكون الغين المعجمة تهييج الشرّ

(قوله حبيب الأنصارى) ابن زيد ابن خلاد بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام المدني. روى عن عباد بن تميم وأنيسة بنت زيد وليلى مولاة جدته أم عمارة، وعنه شعبة وابن إسحاق وشريك النخعي. وثقه النسائي وابن معين وقال أبو حاتم صالح وذكره ابن حبان في الثقات. روى له أبو داود والترمذى والنسائي وابن ماجه

(قوله عباد بن تميم) بن غزية بفتح الغين المعجمة وكسر الزاى وتشديد المثناة التحتية ابن عمرو بن عطية الأنصارى وقيل تميم بن زيد بن عاصم المازني المدني. روى عن أبي سعيد الخدرى وأبي قتادة وعبد الله بن زيد وغيرهم، وعنه أبو بكر ابن حزم ويحيى ابن سيعد الأنصارى والزهرى وحبيب بن زيد ومحمود بن لبيد قال عباد كنت يوم الخندق ابن خمس سنين فأذكر أشياء وأعيها وكنا مع النساء في الآطام. وثقه النسائي وذكره ابن حبان في الثقات وقال العجلى تابعى ثقة، روى له الجماعة

(قوله عن جدّتي) وفي رواية النسائي يحدّث عن جدّتي، وفي نسخة عن جدّته، فعلى النسخة الأولى هي جدّة حبيب من جهة أمه لا من جهة أبيه لأنه لم يثبت أنها زوجة لخلاد جدّ حبيب، وعلى النسخة الثانية فهى جدّة عباد من جهة أبيه فلا خلاف بين النسختين لأنها جدّة لهما

(قوله أم عمارة) بضم العين المهملة وتخفيف الميم اسمها نسيبة بفتح النون وكسر السين على الأشهر وقيل لسينة باللام المضمومة والنون بنت كعب بن عمرو بن عوف الأنصارية النجارية، شهدت أحدا مع زوجها زيد بن عاصم وبيعة الرضوان ثم شهدت قتال مسيلمة باليمامة وجرحت يومئذ اثني أو أحد عشر جرحا وقطعت يدها وخلف عليها بعد زيد بن عاصم غزية بن عمرو فولدت له تميما وخولة وشهدت العقبة بايعت ليلتئذ ثم شهدت أحدا والحديبية وخيبر والفتح. روت عن النبى صلى الله تعالى وعلى آله وسلم أحاديث وروى عنها الحارث بن عبد الله بن كعب وعكرمة وليلى وأم سعيد بنت سعد ابن الربيع. روى لها أبو داود والترمذى والنسائي وابن ماجه، وأسند الواقدى من طريق أبي صعصعة قالت أم عمارة كانت الرجال تصفق على يدى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليلة العقبة والعباس آخذ بيد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلما بقيت أنا وأم سبيع نادى زوجي غزية يا رسول الله هاتان امرأتان حضرتا معنا يبايعانك فقال

ص: 308

قد بايعتهما على ما بايعتكم عليه إني لا أصافح النساء، وبه قال كانت أم سعيد بنت سعد بن الربيع تقول دخلت عليها فقلت حدّثيني خبرك يوم أحد فقالت خرجت أوّل النهار ومعى سقاء فيه ماء فانتهيت إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو في أصحابه والريح والدولة للمسلمين فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فجعلت أباشر القتال وأذبّ عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالسيف وأرمى بالقوس حتى خلصت إليّ الجراحة قالت أم سعيد فرأيت على عاتقها جرحا له غور أجوف. وعن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول ما ألتفت يمينا وشمالا يوم أحد إلا وأراها تقاتل دوني. وروى عكرمة مولى ابن عباس عن أم عمارة الأنصارية أنها أتت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقالت ما أرى كل شئ إلا للرجال وما أرى النساء يذكرن فنزلت هذه الآية "إن المسلمين والمسلمات الآية".

(معنى الحديث)

(قوله توضأ الخ) أى أراد الوضوء

(قوله قدر ثلثى المدّ) بنصب قدر على الحال والتقدير حال كونه مقدّرا بهذا المقدار ويجوز أن ينتصب بنزع الخافض والتقدير بمقدار ثلثى المدّ ويجوز الرفع على أن يكون صفة لماء أو يكون خبر مبتدإ محذوف أى هو قدر ثلثى المدّ، والمعنى أن الماء الذى كان في الإناء قدر ثلثى المدّ فثلثا المدّ أقلّ ما روى من وجه يعوّل عليه أنه توضأ به رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم.

(فقه الحديث) والحديث يدلّ على أن الوضوء بماء قدر ثلثى المدّ مجزئ كالوضوء بالمدّ ومحله إذا حصل به تعميم الأعضاء.

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه النسائي والبيهقي وصححه أبو زرعة وقال النووى حديث أم عمارة حسن وأخرجه ابن خزيمة وصححه عن أبي كريب محمد بن العلاء وابن حبان في صحيحه من طريق أبي كريب والحاكم في مستدركه من طريق يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة عن شعبة عن حبيب بن زيد عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أتى بثلثى مدّ من ماء فتوضأ فجعل يدلك ذراعيه قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ورواه أحمد أيضا من حديث عبد الله بن زيد بلفظ توضأ بنحو ثلثى المدّ أما ما رواه الطبراني في الكبير والبيهقي من حديث أبي أمامة من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم توضأ بنصف مدّ ففي إسناده الصلت بن دينار وهو متروك وحديث أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم توضأ بثلث مدّ قد قال الحافظ في التلخيص لم أجده وفي سبل السلام لا أصل له.

ص: 309

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، قال حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِإِنَاءٍ يَسَعُ رَطْلَيْنِ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله محمد بن الصباح) بفتح الصاد المهملة وتشديد الموحدة (البزاز) بالزاى المكرّرة مع تشديد الأولى أبو جعفر الرازى البغدادى الدّولابي صاحب السنن. روى عن حفص بن غياث ووكيع وابن المبارك ويزيد بن هارون ومحمد بن عبيد وسفيان ابن عيينة وكثيرين. وعنه البخارى ومسلم وأبو داود وأحمد وأبو زرعة وابن معين وقال ثقة مأمون ووثقه العجلى وقال يعقوب ثقة صاحب حديث يهم وقال أبو حاتم يحتج بحديثه وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن عدىّ شيخ سنيّ من الصالحين. توفي في المحرم سنة سبع وعشرين ومائتين

(قوله عبد الله بن عيسى) بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى الأنصارى أبو محمد الكوفي روى عن عكرمة والشعبي وسعيد بن جبير والزهرى وعبد الله ابن أبي الجعد وغيرهم، وعنه شعبة والسفيانان وشريك وزهير بن معاوية والحسن بن صالح وطائفة. قال النسائي ثقة ثبت وقال ابن خراش والحاكم هو أوثق آل بيته وقال أبو حاتم صالح وقال العجلى وابن معين ثقة وزاد ابن معين وكان يتشيع وقال ابن المديني هو عندى منكر الحديث. مات سنة خمس وثلاثين ومائة. روى له الجماعة

(قوله عبد الله بن جبر) هو عبد الله بن عبد الله بن جبر كما سيأتي في طريق شعبة أبو الحسن الأنصارى، قال النووى وقد أنكره بعض الأئمة وقال صوابه ابن جابر وهذا غلط من هذا المعترض بل يقال فيه جابر وجبر، وممن ذكر الوجهين فيه الإمام أبو عبد الله البخارى وأن مسعرا وأبا العميس وشعبة وعبد الله بن عيسى يقولون فيه جبرا اهـ. روى عن أبيه وابن عمر وأنس بن مالك وعتيك بن الحارث. وعنه شعبة ومسعر ومالك وعبد الله بن عيسى روى له البخارى وأبو داود والترمذى والنسائي وابن ماجه. وثقه ابن معين والنسائي وأبو حاتم

(معنى الحديث)

(قوله يسع رطلين) أى من الماء قال في المصباح الرطل معيار يوزن به وكسره أشهر من فتحه وهو بالبغدادى اثنتا عشرة أوقية والأوقية إستار وثلثا إستار والإستار أربعة مثاقيل ونصف مثقال والمثقال درهم وثلاثة أسباع والدرهم ستة دوانق والدانق ثماني حبات وخمسا حبة وعلى هذا فالرطل تسعون مثقالا وهي مائة درهم وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم. قال الفقهاء وإذا أطلق الرطل في الفروع فالمراد به رطل بغداد.

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم توضأ بماء

ص: 310

قدر رطلين واغتسل بماء قدر صاع، وعلى أن تقدير ماء الوضوء بمدّ ليس بلازم (والحاصل) أنه قد ورد في قدر الماء الذى اغتسل وتوضأ به صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم روايات كثيرة مختلفة للمصنف وغيره تدلّ على أن الماء الذى يغتسل ويتوضأ به ليس له قدر محدود يلتزم ما لم يبلغ في الزيادة حدّ الإسراف فيمنع أو في النقص حدّا لا يسمى مستعمله مغتسلا ولا متوضئا فيكون باطلا ولذا قال النووى قال الشافعى وغيره من العلماء الجمع بين هذه الروايات أنها كانت اغتسالات في أحوال وجد فيها أكثر ما استعمله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأقله فدلّ على أنه لا حدّ في قدر ماء الطهارة يجب استيفاؤه اهـ (وقال) العيني في شرح البخارى الإجماع قائم على ذلك فالقلة والكثرة باعتبار الأشخاص والأحوال لأن المغتسل له ثلاث أحوال (إحداها) أن يكون معتدل الخلق كاعتدال خلقه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيقتدى به في اجتناب النقص عن المدّ والصاع (الثانية) أن يكون ضئيلا نحيف الخلق بحيث لا يعادل جسده جسده صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيستحب له أن يستعمل من الماء ما تكون نسبته إلى جسده كنسبة المدّ والصاع إلى جسده صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (الثالثة) أن يكون متفاحش الخلق طولا وعرضا وعظم البطن وثخانة الأعضاء فيستحب أن لا ينقص عن مقدار تكون النسبة إلى بدنه كنسبة المدّ والصاع إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اهـ.

(من روى الحديث أيضا) رواه الترمذى من طريق شريك. قال النووى حديث أنس صحيح إلا أن فيه شريك بن عبد الله القاضى وقد ضعفه الأكثرون وقد ذكر أبو داود أن شعبة وسفيان روياه أيضا فلعله اعتضد عنده فصار حسنا فسكت عليه اهـ.

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ شَرِيكٍ، قَالَ: عَنِ ابْنِ جَبْرِ بْنِ عَتِيكٍ، قَالَ: وَرَوَاهُ سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، حَدَّثَنِي جَبْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ، سَمِعْتُ أَنَسًا إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«يَتَوَضَّأُ بِمَكُّوكٍ» وَلَمْ يَذْكُرْ رَطْلَيْنِ.

(ش) غرض المصنف بذكر هذه الروايات بيان الاختلاف بينها وبين رواية عبد الله بن عيسى السابقة فإن فيها العنعنة عن عبد الله بن جبر منسوبا إلى جدّه وفيها أن الإناء يسع رطلين، وفي رواية شعبة بن الحجاج حدثني عبد الله بن عبد الله منسوبا إلى أبيه وفيها يتوضأ بمكوك بدون

ص: 311

ذكر الرطلين، وفي رواية يحيى بن آدم عن شريك قال عن ابن جبر بنسبة الراوى إلى جدّه وعدم ذكر اسمه واسم أبيه، ولا منافاة بين هذه الروايات لأنه يصح نسبة الراوى إلى جدّه كما يصح نسبته إلى أبيه. أما رواية سفيان الثورى عن عبد الله بن عيسى ففيها قلب اسم الراوى حيث قال حدّثني جبر بن عبد الله والصحيح المحفوظ عبد الله بن عبد الله بن جبر وعليه أكثر الحفاظ ورواية شعبة أخرجها مسلم والنسائي وكذا البيهقى من طريق إسحاق الحربي ثنا عفان ثنا شعبة ثنا عبد الله بن جبر عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتوضأ بالمكوك ويغتسل بخمس مكاكى

(قوله قال حدّثني عبد الله الخ) أى قال شعبة بن الحجاج في روايته عن عبد الله بن عبد الله سمعت أنسا يقول كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتوضأ بمكوك، والمكوك بفتح الميم وضم الكاف الأولى المشدّدة مكيال يسع أحد عشر رطلا وربعا، وقال ابن الأثير المكوك اسم للمكيال ويختلف مقداره باختلاف اصطلاح الناس عليه في البلاد اهـ ويجمع على مكاكيك ومكاكي، والظاهر أن المراد به هنا المدّ كما مال إليه النووى، وقال ابن الأثير أراد بالمكوك المدّ وقيل الصاع والأول أشبه لأنه جاء في الحديث مفسرا بالمدّ اهـ يدلّ لذلك ما رواه مسلم والنسائي من طريق عبد الله بن جبر عن أنس قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتوضأ بمكوك ويغتسل بخمس مكاكيك، ولا يخفى أن المراد بالمكوك في هذه الرواية المدّ جمعا بين روايات الوضوء والغسل، ولأنه لو بقي المكوك على حقيقته للزم أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يغتسل بنيف وخمسين رطلا ولم يقل بذلك أحد، ويحيى بن آدم ابن سليمان أبو زكريا الأموى الكوفي. روى عن مالك والثورى ومسعر وآخرين، وعنه أحمد وإسحاق وابن المديني وابن معين وجماعة، وثقه النسائي وابن معين وأبو حاتم ويعقوب بن شيبة وقال كان كثير الحديث وقال العجلى كان ثقة جامعا للعلم عاقلا ثبتا في الحديث وقال يحيى بن أبي شيبة ثقة صدوق ثبت، حجة ما لم يخالف من فوقه مثل وكيع. مات سنة ثلاث ومائتين. روى له الجماعة.

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ:«الصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهُوَ صَاعُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَهُوَ صَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ»

(ش) غرض المصنف بهذا بيان مقدار الصاع بما يعلم منه أنه يرى لقول بأنه خمسة أرطال وثلث

(قوله خمسة أرطال) أى وثلث كما هو مذهب أهل الحجاز، ولعل لفظ الثلث سقط هنا، يؤيده قول المصنف وهو صاع ابن أبي ذئب لأن صاعه كان خمسة أرطال وثلثا كما نقل المصنف في باب مقدار الماء الذى يجزئُ به الغسل عن أحمد بن حنبل أنه. قال صاع ابن أبي ذئب

ص: 312