المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب أيرد السلام وهو يبول) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ١

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمةتشتمل على مبادى علم الحديث، وشذرات من علم المصطلح

- ‌الحديث المقبول

- ‌(الخبر المردود)

- ‌ المعلق)

- ‌ المرسل)

- ‌ المعضل)

- ‌ المنقطع)

- ‌المرسل الخفيّ

- ‌المردود للطعن)

- ‌ الموضوع)

- ‌ المتروك)

- ‌ المعلّ)

- ‌ مدرج الإسناد)

- ‌ مدرج المتن)

- ‌ المقلوب)

- ‌ المزيد في متصل الأسانيد)

- ‌ المضطرب)

- ‌ المصحف)

- ‌ المحرف)

- ‌ المبهم)

- ‌التقسيم الثانى للخبر باعتبار نهاية السند

- ‌ المرفوع)

- ‌ الموقوف)

- ‌ المقطوع)

- ‌(فائدة) إذا قال الصحابى كنا نقول أو نفعل كذا

- ‌(أقسام السند)

- ‌العلوّ النسبىّ

- ‌ الموافقة

- ‌ البدل

- ‌ المساواة

- ‌ المصافحة

- ‌(أنواع الرواية)

- ‌ رواية الأقران

- ‌ رواية الأكابر عن الأصاغر

- ‌ رواية الأصاغر عن الأكابر

- ‌ المتفق والمفترق)

- ‌ المتشابه

- ‌ المسلسل)

- ‌(طرق تحمل الحديث)

- ‌ السماع

- ‌ القراءة

- ‌ الإجازة

- ‌ المناولة

- ‌ الإعلام

- ‌ الوجادة

- ‌صيغ الأداء

- ‌(فوائد)

- ‌(ترجمة الإمام الحافظ أبي داود)

- ‌ التعريف بكتاب السنن لأبى داود

- ‌ شرط أبى داود وطريقته في سننه

- ‌ ما سكت عليه أبو داود

- ‌ النسخ المروية عن أبى داود وتراجم رواتها

- ‌(أسانيد الكتاب منى إلى المؤلف رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ)

- ‌(كتاب الطهارة)

- ‌(باب التخلي عند قضاء الحاجة)

- ‌(باب الرجل يتبوّأ لبوله)

- ‌(باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء)

- ‌ التسمية قبل التعوذ

- ‌(باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة)

- ‌(باب الرخصة في ذلك)

- ‌(باب كيف التكشف عند الحاجة)

- ‌(باب كراهية الكلام عند الخلاء)

- ‌(باب أيردّ السلام وهو يبول)

- ‌(باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر)

- ‌(باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء)

- ‌(باب الاستبراء من البول)

- ‌(باب في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده)

- ‌(باب المواضع التى نهى عن البول فيها)

- ‌(باب في البول في المستحم)

- ‌(باب النهى عن البول في الجحر)

- ‌(باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء)

- ‌(باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء)

- ‌لا يشرب نفسا واحدا

- ‌(باب الاستتار في الخلاء)

- ‌(باب ما ينهى عنه أن يستنجى به)

- ‌(باب الاستنجاء بالأحجار)

- ‌(باب في الاستبراء)

- ‌(باب في الاستنجاء بالماء)

- ‌(باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى)

- ‌(باب السواك)

- ‌ الاستياك للصائم بعد الزوال

- ‌(باب كيف يستاك)

- ‌(باب في الرجل يستاك بسواك غيره)

- ‌(باب غسل السواك)

- ‌(باب السواك من الفطرة)

- ‌الاستنشاق)

- ‌قص الأظفار)

- ‌نتف الإبط)

- ‌حلق العانة)

- ‌ اختتان الخنثى

- ‌(باب السواك لمن قام من الليل)

- ‌(باب فرض الوضوء)

- ‌ متي فرضت الطهارة

- ‌ سبب وجوب الطهارة

- ‌(باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث)

- ‌(باب ما ينجس الماء)

- ‌(من أخرج هذه الرواية أيضا)

- ‌(باب ما جاء في بئر بضاعة)

- ‌ بيان أن ماء بئر بضاعة كان كثيرا لا يتغير

- ‌(باب الماء لا يُجنِب)

- ‌(باب البول في الماء الراكد)

- ‌(باب الوضوء بسؤر الكلب)

- ‌(باب سؤر الهرّة)

- ‌(باب الوضوء بفضل طهور المرأة)

- ‌(باب النهى عن ذلك)

- ‌(باب الوضوء بماء البحر)

- ‌ جواز التطهر بماء البحر الملح

- ‌(باب الوضوء بالنبيذ)

- ‌(باب الرجل أيصلى وهو حاقن)

- ‌(باب ما يجزى من الماء في الوضوء)

- ‌(باب الإسراف في الوضوء)

- ‌(باب في إسباغ الوضوء)

- ‌(باب الوضوء في آنية الصفر)

- ‌(باب في التسمية على الوضوء)

- ‌لفظها الوارد

- ‌(باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها)

- ‌ استحباب استعمال ألفاظ الكنايات فيما يتحاشى التصريح به

الفصل: ‌(باب أيرد السلام وهو يبول)

(ش) يريد المصنف بهذا بيان أن الحديث ضعيف لانفراد عكرمة بإسناده وقد تقدم أن عكرمة تكلم غير واحد في روايته عن يحيى بن أبى كثير قال المنذرى في تلخيص السنن ضعف بعض الحفاظ حديث عكرمة هذا عن يحيى بن أبى كثير. قال في النيل لكنه لا وجه للتضعيف بهذا فقد أخرج مسلم حديثه عن يحيى واستشهد بحديثه البخارى عن يحيى أيضا اهـ. على أن انفراد عكرمة بإسناده غير مسلم لأن أبان بن يزيد تابعه على ذلك كما ذكره ابن دقيق العيد في الإمام وتابعه أيضا الأوزاعي عن يحيى بن أبى كثير عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مرسلا كما في سنن البيهقي بل ضعف الحديث جاء من هلال بن عياض أو عياض ابن هلال فإنه مجهول كما علمت، هذا ويوجد في النسخة المصرية بعد قول المصنف لم يسنده إلا عكرمة ما نصه حدثنا أبان ثنا يحيى بهذا يعنى حديث عكرمة. وهو غلط من بعض النساخ لما علمت أن رواية الحديث من طريق أبان إنما أخرجها ابن دقيق العيد في الإمام وأنها تردّ قول المصنف لم يسنده إلا عكرمة فتعين أنها ليست من كلام المصنف وإلا لتنافى

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه بلفظ المصنف وكذا البيهقى وأخرجه أيضا من طريق مسلم بن إبراهيم الورّاق عن عكرمة عن يحيى بن أبى كثير عن عياض ابن هلال وكذا أخرجه من طريق الأوزاعي عن يحيى بن أبى كثير عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مرسلا. وأخرجه ابن السكن وصححه وابن القطان من حديث جابر بلفظ إذا تغوّط الرجلان فليتوار كل واحد منهما عن صاحبه ولا يتحدّثا فإن الله يمقت على ذلك. قال الحافظ وهو معلول وأخرجه ابن ماجه عن أبى سعيد بلفظ تقدم وأخرجه ابن حبان في صحيحه بلفظ لا يقعد الرجلان على الغائط يتحدّثان يرى كل واحد منهما عورة صاجه فإن الله يمقت على ذلك، وأخرجه الطبرانى في الأوسط عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يخرج اثنان إلى الغائط فيجلسان يتحدّثان كاشفين عن عورتهما فإن الله عز وجل يمقت على ذلك، قال المنذرى إسناده لين

(باب أيردّ السلام وهو يبول)

أى في بيان الأحاديث الدالة على جواب هذا الاستفهام، وفى بعض النسخ باب في الرجل يردّ السلام وهو يبول وهى على تقدير الاستفهام، وفى نسخة باب لا يردّ السلام وهو يبول

(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، وَأَبُو بَكْرِ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ قَالَا: ثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «مَرَّ رَجُلٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى

ص: 64

وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَيَمَّمَ ثُمَّ رَدَّ عَلَى الرَّجُلِ السَّلَامَ»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله عثمان) بن محمد بن أبى شيبة إبراهيم بن عثمان أبو الحسن العبسى الكوفى الحافظ نزل بغداد ورحل إلى مكة والرّىّ. وكتب الكثير وصنف المسند والتفسير روى عن ابن المبارك وابن عيينة ووكيع بن الجراح وعبد الله النخعى وغيرهم. وعنه الشيخان وأبو داود وابن ماجه وأبو حاتم وجماعة، قال ابن معين ثقة أمين ووثقه أحمد بن عبد الله العجلى وقال أبو حاتم صدوق وأنكر عليه أحمد أحاديث. مات لثلاث مضين من المحرم سنة تسع وثلاثين ومائتين

(قوله أبو بكر) هو عبد الله بن محمد بن أبى شيبة الكوفى الحافظ أحد الأعلام روى عن هشيم وابن المبارك وجرير بن عبد الحميد وابن عيينة وآخرين. وعنه الشيخان وأبو داود وأبو حاتم وأحمد وغيرهم، قال أبو زرعة ما رأيت أحفظ منه وقال الخطيب كان متقنا حافظا صنف التفسير وغيره وقال أحمد صدوق وقال العجلى ثقة وكان حافظا للحديث وقال ابن حبان كان حافظا متقنا دينا ممن كتب وجمع وصنف وقال أبو حاتم كان أحد حفاظ الدنيا والمكثرين من الحديث مع ثبت وإتقان. ولد سنة تسع وخمسين ومائة. ومات سنة أربع أو خمس وثلاثين ومائتين

(قوله عمر بن سعد) بن عبيد الحفرى بفتح الحاء المهملة والفاء نسبة إلى حفر موضع بالكوفة أبو داود الكوفى. روى عن صالح بن حسان وشريك النخعى وسفيان الثورى وغيرهم وعنه أحمد وإسحاق وأبو بكر بن أبى شيبة وابن المدينى وقال لا أعلم أني رأيت بالكوفة أعلم منه ووثقه ابن معين وقال أبو حاتم صدوق. مات سنة ثلاث ومائتين

(قوله سفيان) بن سعيد ابن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهب الثورى أبو عبد الله الكوفى أحد الأئمة الأعلام. روى عن أبيه وحبيب بن أبى ثابت وأبى إسحاق السبيعى وأيوب السختيانى وكثيرين وعنه ابن عجلان من شيوخه ومالك من أقرانه وابن عيينة ويحيى القطان وغيرهم، قال ابن المبارك كتبت عن ألف ومائة شيخ ما كتبت عن أفضل من سفيان وقال ابن معين ما خالف أحد سفيان في شئ إلا كان القول قول سفيان وقال شعبة إن سفيان ساد الناس بالورع والعلم وقال ابن سعد كان ثقة مأمونا عابدا ثبتا وقال النسائى هو أجلّ من أن يقال فية ثقة وهو أحد الأئمة الذين أرجو أن يكون الله جعلهم إماما للمتقين وقال العجلى كان لا يسمع شيئا إلا حفظه وقال الخطيب كان إماما من أئمة المسلمين مجمعا على إمامته مع الإتقان والضبط والحفظ والمعرفة والزهد والورع وقال أبو عاصم سفيان الثورى أمير المؤمنين في الحديث

ص: 65

روى له الجماعة (1) ولد سنة سبع وتسعين. وتوفى سنة إحدى وستين ومائة بالبصرة

(قوله الضحاك ابن عثمان) بن عبد الله بن خالد بن حرام بن خويلد بن أسد أبو عثمان المدنى. روى عن نافع وعبد الله ابن دينار وسعيد المقبرى وزيد بن أسلم وغيرهم. وعنه يحيى القطان والثورى والواقدى وابن وهب وجماعة، وثقه أحمد وابن المدينى وابن معين وأبو داود وابن سعد وقال أبو زرعة ليس بالقوى وقال ابن عبد البر كان كثير الخطأ ليس بحجة. روى له الجماعة إلا البخارى. مات سنة ثلاث وخمسين ومائة بالمدينة

(قوله نافع) العدوى أبو عبد الله المدنى مولى ابن عمر بن الخطاب التابعى الجليل الثقة الثبت الفقيه. روى عن مولاه ابن عمر وأبى هريرة وعائشة وأبى سعيد الخدرى وغيرهم من الصحابة والتابعين. وعنه أيوب وابن جريج ومالك ويحيى بن سعيد وطائفة. قال البخارى أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر ووثقه العجلى وابن خراش والنسائى وقال ابن عمر لقد منّ الله علينا بنافع وقال مالك كنت إذا سمعت من نافع يحدّث عن ابن عمر لا أبالى أن لا أسمع من غيره وقال الخليلى هو من أئمة التابعين بالمدينة متفق عليه صحيح الرواية ولا يعرف له خطأ في جميع ما رواه. روى له الجماعة. قيل مات سنة عشرين ومائة

(قوله مرّ رجل) هو أبو الجهيم بالتصغير عبد الله بن الحارث بن الصمة كما بينه الشافعى رحمه الله تعالى في روايته لهذا الحديث من طريق الأعرج وصرّح به في مشكاة المصابيح قال في باب التيمم وعن أبى الجهيم بن الحارث ابن الصمة قال مررت على النبى صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم وهو يبول فسلمت عليه فلم يردّ علىّ حتى قام إلى جدار فحته بعصا كانت معه ثم وضع يديه على الجدار فمسح وجهه وذراعيه ثم ردّ علىّ، ذكره البغوى في شرح السنة وقال هذا حديث حسن اهـ. ويحتمل أن المراد بالرجل المهاجر بن قنفذ راوى الحديث الآتى

(قوله فسلم عليه فلم يردّ عليه) وفي رواية النسائى فلم يرد عليه السلام. والمراد أنه أخر الردّ حتى تطهر كما في الرواية والحديث الآتيين لأن السلام اسم من أسماء الله تعالى ففي حديث أنس مرفوعا إن السلام اسم من أسماء الله تعالى وضع في الأرض فأفشوا السلام بينكم رواه البخارى في الأدب. ولذا كره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يذكر اسم الله تعالى في تلك الحالة، ويحتمل أنه ترك الردّ عليه أصلا تأديبا له ويؤيده ما أخرجه ابن ماجه من طريق جابر قال إن رجلًا مرّ على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو يبول فسلم عليه فقال له رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا رأيتنى على مثل هذه الحالة فلا تسلم علىّ فإنك إن فعلت ذلك لم أردِّ عليك. وهو ضعيف لأن في سنده سويد بن سعد وفيه مقال

(1) المراد بالجماعة في تراجم رجال الحديث فيما تقدم وما سيأتي الستة البخارى ومسلم وأبو داود والترمذى والنسائي وابن ماجه

ص: 66

(فقه الحديث) دلّ الحديث على كراهة ذكر الله تعالى حال قضاء الحاجة ولو كان واجبا باعتبار الأصل كردّ السلام. وعلى أن المسلم في هذا الحال لا يستحقّ جوابا وهذا متفق عليه وأما ردّه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد ذلك فمن مكارم أخلاقه ولذا نهى ذلك الرجل أن يعود كما في رواية ابن ماجه عن جابر المتقدمة. وكما أنه لا يردّ السلام حال قضاء الحاجة لا يشمت العاطس ولا يحمد الله تعالى إذا عطس ولا يجيب المؤذن. وكذا لا يأتى بشيء من ذلك حال الجماع وإذا عطس في هذه الأحوال يحمد الله تعالى في نفسه ولا يحرّك به لسانه، وكراهة الذكر في هذه الأحوال كراهة تنزيه لا تحريم كما عليه الأكثرون، وحكي عن إبراهيم النخعى وابن سيرين أنه لا بأس بالذكر حال قضاء الحاجة، لكن لا وجه لهما

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم وأحمد وابن ماجه بلفظ المصنف والنسائى والبيهقى والترمذى وقال حديث حسن صحيح وأخرجه أيضا ابن ماجة عن أبى هريرة قال مرّ رجل على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يردّ عليه فلما فرغ ضرب بكفيه الأرض فتيمم ثم ردّ عليه السلام

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ تَيَمَّمَ ثُمَّ رَدَّ عَلَى الرَّجُلِ السَّلَامَ»

(ش) هذان تعليقان وصلهما المصنف في باب التيمم في الحضر. أما رواية ابن عمر فقد وصلها من طريق ابن الهاد أن نافعا حدّثه عن ابن عمر قال أقبل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الغائط فلقيه رجل عند بئر جمل وسلم عليه فلم يردّ عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حتى أقبل على الحائط فوضع يده على الحائط ثم مسح وجهه ويديه ثم ردّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على الرجل السلام. ومراد المصنف بغير ابن عمر ابن عباس وأبو الجهيم. فرواية ابن عباس وصلها من طريق ثابت العبدى قال أخبرنا نافع قال انطلقت مع ابن عمر في حاجة إلى ابن عباس فقضى ابن عمر حاجته فكان من حديثه يومئذ أن قال مرّ رجل على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في سكة من السكك وقد خرج من غائط أو بول فسلم عليه فلم يردّ عليه حتى إذا كاد الرجل أن يتوارى في السكة ضرب بيديه على الحائط ومسح بهما وجهه ثم ضرب ضربة أخرى فسح ذراعيه ثم ردّ على الرجل السلام وقال إنه لم يمنعني أن أردّ عليك السلام إلا أنى لم أكن على طهر. ورواية أبى الجهيم وصلها من طريق عيد الرحمن بن هرمز عن عمير مولى ابن عباس أنه سمعه يقول أقبلت أنا وعبد الله ابن يسار مولى ميمونة زوج النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حتى دخلنا على أبى الجهيم

ص: 67

ابن الحارث بن الصمة الأنصارى فقال أبو الجهيم أقبل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يردّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم السلام حتى أتى على جدار فمسح بوجهه ويديه ثم ردّ عليه السلام. وهذه الرواية أخرجها الشيخان بلفظ المصنف وأخرجها البغوى في شرح السنة عن أبى الجهيم بلفظ تقدم

(قوله تيمم ثم ردّ الخ) أى قصد صعيدا طاهرا فمسح وجهه ويديه ثم ردّ السلام، وإنما تيمم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما تقدم من أن السلام اسم من أسمائه تعالى فكره أن يذكره على غير طهارة اختيارا للأفضل فإنه وإن كان ردّ السلام بعد الفراغ من قضاء الحاجة جائزا بلا طهارة لحديث الباب الآتى كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يذكر الله على كل أحيانه لكن الذكر على الطهر أفضل ولعله لم يتوضأ لخوف فوات ردّ السلام ويدلّ له ما تقدم في رواية ابن عباس من قوله حتى إذا كاد الرجل أن يتوارى في السكة ضرب بيديه على الحائط الخ. وقول النووى في شرح رواية أبى الجهيم هذا الحديث محمول على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تيمم لعدم وجود الماء فان التيمم مع وجوده لا يجوز للقادر على استعماله ولو خاف فوات الوقت لا فرق في ذلك بين صلاة الجنازة والعيدين ونحوهما عند الجمهور اهـ إنما يظهر في عبادة تتوقف على طهارة وليس ردّ السلام منها، وسيأتى بيان ذلك في باب التيمم إن شاء الله تعالى وقد دلت هذه الروايات زيادة على ما تقدم على أن الأفضل لمن سلم عليه عقب فراغه من قضاء الحاجة أن يؤخر الردّ حتى يتطهر، قال النووى في شرح مسلم وفيه دليل على جواز التيمم للنوافل والفضائل كسجود التلاوة والشكر ومس المصحف ونحوها كما يجوز للفرائض وهذا مذهب العلماء كافة إلا وجها شاذا منكرا لبعض أصحابنا أنه لا يجوز التيمم إلا للفرائض وليس هذا الوجه بشئ

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ أَبِي سَاسَانَ، عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ "إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ أَوْ قَالَ: عَلَى طَهَارَةٍ"

(ش)(رجال الحديث)

(قوله محمد بن المثنى) بن عبيد بن قيس بن دينار أبو موسى البصرى الحافظ. روى عن معتمر وابن عيينة ووكيع ويحيى بن سعيد وكثيرين. وعنه الأئمة الستة وأبو زرعة وأبو حاتم وآخرون، قال محمد بن يحيى حجة وقال الخطيب كان ثقة ثبتا احتج سائر الأئمة

ص: 68

بحديثه وقال مسلمة ثقة مشهور من الحفاظ وقال النسائى لا بأس به كان يغير في كتابه وقال أبو حاتم صالح الحديث صدوق. مات بالبصرة سنة اثنتين وخمسين ومائتين

(قوله عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامى بالسين المهملة القرشى أبو همام ويقال أبو محمد البصرى أحد الكبار. روى عن يونس بن عبيد والجريرى وحميد الطويل وسعيد بن أبى عروبة وجماعة. وعنه أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو بن على ومحمد بن المثنى والفضل بن يعقوب وطائفة، وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائى والعجلى وابن نمير وغيرهم. قال أبو حاتم صالح الحديث وكان ممن سمع من سعيد بن أبى عروبة قبل اختلاطه وقال ابن حبان في الثقات كان متقنا قدريًّا وكان لا يدعو إليه وقال محمد ابن سعد لم يكن بالقوى. روى له الجماعة. مات سنة تسع وثمانين ومائة

(قوله سعيد) بن أبي عروبة أبو النضر البصرى الحافظ. روى عن أبى التياح ومطر الورّاق والحسن وابن سيرين وسمع النضر بن أنس وقتادة وغيرهم. وعنه شعبة وابن علية ويزيد بن زريع والثورى وطائفة، قال الحافظ هو من كبار الأئمة وثقه الأئمة كلهم إلا أنه رمى بالقدر وقال العجلى كان لا يدعو إليه وكان قد كبر واختلط وقال أبو عوانة ما كان عندنا في ذلك الوقت أحفظ منه وقال أبو حاتم سمعت أحمد بن حنبل يقول لم يكن لسعيد بن أبى عروبة كتاب إنما كان يحفظ ذلك كله وقال ابن معين والنسائى ثقة وقال أبو زرعة ثقة مأمون وقال الأزدى اختلط اختلاطا قبيحا وقال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث ثم اختلط في آخر عمره. روى له الجماعة مات سنة ست وخمسين ومائة

(قوله قتادة) بن دعامة

(قوله الحسن) أبو سعيد بن أبى الحسن يسار البصرى ثقة فقيه فاضل يرسل ويدلس. روى عن عبد الله بن عمر وأنس بن مالك وجندب ابن عبد الله وعبد الرحمن بن سمرة وآخرين. وأرسل عن خلق من أصحابة، وعنه أيوب وحميد الطويل ويونس بن عبيد وقتادة وغيرهم، قال أنس اسألوا الحسن فإنه حفظ ونسينا وقال قتادة ما جالست فقيها قط إلا رأيت فضل الحسن عليه وقال ابن سعد كان عالما جامعا رفيعا ثقة مأمونا عابدا كثير العلم فصيحا جميلا وما أسند من حديثه وروى عمن سمع فهو حجة وما أرسل فليس بحجة قال ابن المدينى ومرسلات الحسن البصرى التى رواها عنه الثقات صحاح قلّ ما يسقط منها وقال يونس بن عبيد سألت الحسن قلت يا أبا سعيد إنك تقول قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وإنك لم تدركه قال يا ابن أخى إنى في زمان كما ترى "وكان في عمل الحجاج" كل شئ سمعتنى أقول قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فهو عن على بن أبى طالب رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ غير أنى في زمن لا أستطيع أن أذكر عليا. روى له الجماعة. مات سنة عشر ومائة

(قوله عن حضين في المنذر أبى ساسان) حضين بضاد معجمة وأبو ساسان لقب له على صورة الكنية وكنيته أبو محمد مثل أبى التراب فإنه لقب علي رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

ص: 69

على صورة الكنية وكنيته الحسن وهكذا أبو الزناد وأبو الأحوص وأبو ثور وأبو المساكين فإنها ألقاب ولهم كنى غير هذه، وهذا باب معروف في كتب أسماء الرجال. روى عن عثمان وعلى وأبى موسى ومجاشع بن مسعود وغيرهم. وعنه الحسن البصرى وداود بن أبى هند وعبد الله ابن فيروز وجماعة، وثقه العجلى والنسائى وقال ابن خراش صدوق وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن سعد كان قليل الحديث. مات سنة سبع وتسعين. روى له مسلم وأبو داود

(قوله المهاجر ابن قنفذ) بن عمير بن جدعان بضم فسكون القرشى التميمى. قيل إن اسم المهاجر عمرو واسم قنفذ خلف وإن مهاجرا وقنفذا لقبان، وإنما قيل له المهاجر لأنه لما أراد الهجرة أخذه المشركون فعذّبوه ثم هرب منهم وقدم على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مسلما فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هذا المهاجر حقا، وقيل إنه أسلم يوم فتح مكة وسكن البصرة ومات بها. روى له أبو داود والنسائى وابن ماجه

(قوله وهو يبول) كذا في رواية النسائى وظاهر حديثى الباب ورواية أبى الجهيم عند البغوى ورواية أبى هريرة عند ابن ماجه المتقدمتين أن السلام كان حال قضاء الحاجة، وظاهر رواية أحمد وابن ماجه والبيهقي من حديث المهاجر ابن قنفذ أنه سلم على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو يتوضأ فلم يردّ عليه الحديث، وما تقدم من رواية المصنف والشيخين من حديث أبى الجهيم وابن عمر وابن عباس أن السلام كان بعد قضاء الحاجة. ولا تنافى بين هذه الروايات لأن الواقعة متعدّدة

(قوله ثم اعتذر إليه) عطفا منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على الرجل وتطييبا لقلبه إذ أخر ردّ سلامه إلى أن فرغ من الوضوء إلا فترك الردّ حال البول لا يحتاج إلى اعتذار. وهذا هو اللائق بمكارم أخلاقه العالية عليه وعلى آله الصلاة والسلام

(قوله تعالى ذكره) أى تنزّه ذكره عما لا يليق به، وفى نسخة عز وجل

(قوله إلا على طهر) يعنى إلا متوضئا وعلى هنا للمصاحبة على حدّ قوله تعالى (وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم) والطهر بضم فسكون مصدر طهر الشئ طهارة من بابى قتل وقرب وهو في الأصل النقاء من الدنس والنجس

(قوله أو قال على طهارة) الشك من المهاجر أو ممن دونه

(فقه الحديث) دلّ الحديث على كراهة ذكر الله تعالى حال قضاء الحاجة. وعلى أنه ينبغى لمن سلم عليه في حال قضاء الحاجة أن لا يردّ السلام بل ينتظر حتى يقضى حاجته ثم إذا أراد الردّ فالأفضل أن يؤخره حتى يتطهر. وعلى ما كان عليه النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من حسن الخلق وعظيم الشيم وكمال الشفقة وقد تقدم بيان ذلك في الحديث قبله

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه النسائى عن المهاجر بن قنفذ أنه سلم على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسم وهو يبول فلم يردّ عليه حتى توضأ فلما توضأ ردّ عليه، وأخرجه ابن ماجه والبيهقى بلفظ تقدمت الإشارة إليه

ص: 70