الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " وَقَدَّرْتُ أَنَا بِئْرَ بُضَاعَةَ بِرِدَائِي مَدَدْتُهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ ذَرَعْتُهُ فَإِذَا عَرْضُهَا سِتَّةُ أَذْرُعٍ، وَسَأَلْتُ الَّذِي فَتَحَ لِي بَابَ الْبُسْتَانِ فَأَدْخَلَنِي إِلَيْهِ، هَلْ غُيِّرَ بِنَاؤُهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَا، وَرَأَيْتُ فِيهَا مَاءً مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ ".
(ش) غرض المصنف بهذا بيان أنه رأى بئر بضاعة وقاسها بردائه ثم قاسه بالذراع فإذا عرضها ستة أذرع وأنها باقية على ما كانت عليه زمانه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأن ماءها كثير فلذا حكم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بطهارة مائها مع وقوع النجاسات فيها أما ما رآه من تغير لون مائها فلعل سببه طول المكث أو لما وقع فيها من أوراق الشجر
(قوله مددته عليها الخ) هذا بيان لكيفية تقديره إياها أى بسطت ردائي على البئر وقست الرداء بالذراع فوجدت عرض البئر ستة أذرع بالذراع الشرعي ويقدّر بنحو نصف متر
(قوله ورأيت فيها ماء متغير اللون) قال النووى يعني بطول المكث وأصل المنبع لا بوقوع شئ أجنبي فيه اهـ وإنما فسر بذلك لقول ابن المنذر أجمع العلماء على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت له طعما أو لونا أو ربحا فهو نجس.
(باب الماء لا يُجنِب)
أى في بيان أن الماء لا يوصف بالجنابة أى النجاسة ويجنب بضم المثناة التحتية وكسر النون من أجنب ويجوز فتح الياء وضم النون من جنب من باب قرب وكذا فتحهما من بابي منع وفرح أفاده في القاموس، والجنابة في الأصل البعد وصف بها المحدث حدثا أكبر لأنه يبعد عن مواطن الصلاة ونحوها من الطاعات ثم استعملت في النجاسة لأنها تبعد وتجتنب فلا تستعمل
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، ثَنَا سِمَاكٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: اغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ فِي جَفْنَةٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ لِيَتَوَضَّأَ مِنْهَا أَوْ يَغْتَسِلَ، فَقَالَتْ: لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ:«إِنَّ الْمَاءَ لَا يُجْنِبُ» .
(ش)(رجال الحديث)
(قوله أبو الأَحوص) هو سلام بن سليم الكوفي الحافظ روى عن الأسود بن قيس وزياد بن علاقة وأبي إسحاق السبيعى وعاصم بن سليمان وجماعة
وعنه ابن مهدى وسعيد بن منصور وأبو نعيم وقتيبة بن سعيد وطائفة، قال ابن معين ثقة متقن وقال العجلى كان ثقة صاحب سنه واتباع ووثقه أبو زرعة والنسائي وقال أبو حاتم صدوق وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن سعد كان كثير الحديث صالحا فيه، توفي سنة تسع وسبعين ومائة، وأما ما ذكره العيني من أن أبا الأحوص هذا هو عوف بن مالك بن نصلة فخطأ لأن مسددا ليس من تلاميذه بل من تلاميذ سلام بن سليم وكذا سماك ليس من شيوخ عوف بل من شيوخ سلام كما في تهذيب التهذيب، وأيضا فإن عوفا من التابعين ويبعد أن يكون بينه وبين الصحابي شيخان
(قوله سماك) بكسر أوله وتحفيف الميم ابن حرب بن أوس بن خالد الذهلى وقيل الهذلى أبو المغيرة الكوفي أحد أعلام التابعين. روى عن جابر بن سمرة والنعمان بن بشير وأنس بن مالك وسعيد بن جبير وغيرهم، وعنه شعبة والثوري وداود بن أبي هند وحماد بن سلمة وغيرهم، قال سماك أدركت ثمانين من أصحاب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكان قد ذهب بصرى فدعوت الله عز وجل فردّ عليّ بصرى قال ابن المديني له نحو مائتي حديث وروايته عن عكرمة مضطربة ووثقه ابن معين وأبو حاتم وقال صدوق وقال ابن عدى لسماك حديث كثير مستقيم وأحاديثه حسان وهو صدوق لا بأس به وضعفه شعبة وابن المبارك والثورى وقال النسائي ليس به بأس في حديثه شيء وقال البزار لا أعلم أحدا تركه. توفي سنة ثلاث وعشرين ومائة. روى له الجماعة إلا البخارى
(قوله عكرمة) هو أبو عبد الله القرشى المدني مولى ابن عباس أصله من البربر من أهل المغرب. روى عن مولاه ابن عباس وعلى ابن أبي طالب وابن عمر وأبي سعيد الخدرى وكثيرين. وعنه عمرو بن دينار والزهرى والنخعى وقتادة وآخرون، وثقه أحمد وأبو حاتم والنسائي وقال ابن سعد كان كثير العلم ولا يحتج بحديثه وقال ابن عدى إذا روى عنه الثقات فهو مستقيم الحديث ولم تمتنع الأئمة من الرواية عنه اهـ وتكلم فيه بعضهم لكن قال العجلى ثقة بريء مما يرميه الناس به وقال ابن معين إذا رأيت إنسانا يقع في عكرمة وحماد بن سلمة فاتهمه على الإسلام وقال البخارى ليس أحد من أصحابنا إلا وهو يحتج بعكرمة وقال أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي قد أجمع عامة أهل العلم بالحديث على الاحتجاج بحديث عكرمة وقال إسحاق بن راهويه عكرمة عندنا إمام الدنيا. توفي سنة سبع ومائة. روى له الجماعة
(قوله بعض أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم) هى ميمونة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا لما أخرجه الدارقطني من حديث ابن عباس عن ميمونة قالت أجنبت فاغتسلت من جفنة ففضلت فيها فضلة فجاء النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يغتسل منه فقلت له إني قد اغتسلت منه فقال الماء ليس عليه جنابة فاغتسل منه، ولما رواه ابن ماجه من حديث ميمونة أيضا أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم توضأ بفضل
غسلها من الجنابة
(قوله في جفنة) بفتح الجيم وسكون الفاء هى القصعة الكبيرة وجمعها جفان وجفنات وهو متعلق بمحذوف حال من فاعل اغتسل أى مدخلة يدها في جفنة تغترف منها ليطابق قوله إن الماء لا يجنب، ويحتمل أن تكون في بمعنى من أي اغتسلت مغترفة من جفنة
(قوله أو يغتسل) شك من أحد الرواة. والذى في الترمذى فأراد أن يتوضأ بدون شك
(قوله إني كنت جنبا) تعني وقدا غتسلت منها والجنب بضم الجيم والنون من يجب عليه الغسل بالجماع أو خروج المني ويطلق على الواحد وغيره والمذكر وغيره بلفظ واحد وقد يجمع على أجناب وجنبين
(قوله لا يجنب) أى لا ينجس لما في النسائي من حديث ابن عباس أن بعض أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اغتسلت من الجنابة فتوضأ النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بفضلها فذكرت ذلك له فقال إن الماء لا ينجسه شيء. وعبر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بقوله يجنب بدل ينجس مشاكلة وكأن ميمونة فهمت أن العضو الذى عليه الجنابة في الحكم كالعضو الذى عليه النجاسة فيحكم بنجاسة الماء من غمس العضو الجنب كما يحكم بنجاسته من غمس العضو المتنجس فيه فبين لها أن الأمر بخلاف ذلك. قال في النهاية في حديث ابن عباس الإنسان لا يجنب وكذا الثوب والأرض يريد أن هذه الأشياء لا يصير شئ منها جنبا يحتاج إلى الغسل لملامسة الجنب إياها اهـ واحتج مالك والنخعى والحسن البصرى والثورى بحديث الباب على طهورية الماء المستعمل، وأجاب القائلون بأن الماء المستعمل طاهر غير مطهر بأن ميمونة إنما اغترفت من الجفنة ولم تنغمس فيها إذ يبعد الاغتسال داخل الجفنة عادة وعلى فرض أنها اغتسلت في نفس الجفنة فلا يصلح دليلا لهم للاحتمال والدليل متى تطرّقه الاحتمال سقط به الاستدلال وهذا كله مع قطع النظر عما ورد في حديث ابن عباس عن ميمونة قالت أجنبت أنا ورسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فاغتسلت من جفنة وفضلت فيها فضلة فجاء النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليغتسل منها فقلت إني قد اغتسلت منها فاغتسل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقال إن الماء لا يجنب رواه البغوى في شرح السنة والمصابيح أما مع النظر إليه فلا دليل لهم فيه ألبتة لتصريحه بأن الغسل من الجفنة لا فيها وأنه فضل منها فضلة والحكم بطهارة تلك الفضلة لا يقتضى طهورية الماء المستعمل. أفاده في المرقاة.
(فقه الحديث) دل الحديث على جواز تطهر الرجل بفضل طهور المرأة وإن خلت به وبالأولى إذا لم تحل به وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعى وجمهور العلماء، وسيأتي تمام الكلام على بقية المذاهب في هذه المسألة في باب النهى عن الوضوء بفضل وضوء المرأة إن شاء الله تعالى
(من روى الحديث أيضا) رواه النسائي والبيهقي وابن ماجه وأحمد والترمذى وقال هذا حديث حسن صحيح وصححه ابن خزيمة وروى الدارمى والدارقطني نحوه. قال في الفتح وقد أعله