الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنه لو كان واجبا لأمرهم به شق أو لم يشق، وإلى القول بعدم وجوبه ذهب أكثر أهل العلم بل ادّعى بعضهم فيه الإجماع، لكن حكى الشيخ أبو حامد وتبعه الماوردى عن إسحاق بن راهويه أنه قال هو واجب لكل صلاة فمن تركه عامداً بطلت صلاته، وعن داود إنه واجب لكن ليس شرطا، واحتج من قال بوجوبه بورود الأمر به فعند ابن ماجه من حديث أبى أمامة مرفوعا تسوّكوا، ولأحمد نحوه من حديث العباس، وعن ابن عمر مرفوعا عليكم بالسواك فإنه مطيبة للفم مرضاة للرب رواه أحمد، ولا يثبت شئ منها، وعلى تقدير الصحة فالمنفى في مفهوم حديث الباب الأمر به مقيدا بكل صلاة لا مطلق الأمر ولا يلزم من نفي المقيد نفي المطلق ولا من ثبوت المطلق التكرار اهـ ببعض تصرف. وقال النووى قد أنكر أصحابنا المتأخرون على الشيخ أبي حامد وغيره نقل الوجوب عن داود وقالوا مذهبه أنه سنة كقول الجماعة ولو صح إيجابه عن داود لم تضر مخالفته في انعقاد الإجماع وأما إسحاق فلم يصح هذا المحكي عنه اهـ
(فقه الحديث) دلّ الحديث على ندبية تأخير صلاة العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه كما علمت وذلك ليحصل للمصلين فضل الانتظار لأن الإنسان في صلاة ما انتظرها لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها رواه البخارى من حديث أنس. وعلى ندب الاستياك عند إرادة الصلاة، والسرّ فيه أنا مأمورون في كل حالة من أحوال التقرب إلى الله تعالى أن نكون في حالة كمال ونظافة إظهارا لشرف العبادة. وقد ورد ما يدل على إنه لأمر يتعلق بالملك الذى يستمع القرآن من المصلى فقد روى أبو نعيم برواة ثقات من حديث جابر إذا قام أحدكم من الليل يصلى فليستك فإنه أذا قام يصلى أتاه ملك فيضع فاه على فيه فلا يخرج شيء من فيه إلا وقع في في الملك. ودل أيضا على بيان ما كان عليه النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الرفق بأمته والشفقة عليها لأنه لم يأمر بالسواك على سبيل الوجوب مخافة المشقة عليهم. قال المهلب فيه جواز الاجتهاد من النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيما لم ينزل عليه فيه نص لكونه جعل المشقة سببا لعدم أمره فلو كان الحكم متوقفا على النص لكان سبب انتفاء الوجوب عدم ورود النص لا وجود المشقة اهـ قال ابن دقيق العيد وفيه. بحث، قال الحافظ وهو كما قال اهـ لأنه يجوز أن يكون صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أخبر أمته بأن سبب عدم ورود النص وجود المشقة فيكون معنى قوله لأمرتهم أى عن الله تعالى بأنه واجب اهـ ودلّ على استحباب السواك للفرائض والنوافل لعموم الحديث وعلى إباحة الاستياك في المسجد لأن عند تقتضى الظرفية حقيقة فيقتضى استحبابه في كل صلاة سواء في المسجد وغيره، ويدلّ أيضا بعمومه على استحباب
الاستياك للصائم بعد الزوال
لأن الصلاتين بعده داخلتان تحت عموم الصلاة فلا تتم دعوى الكراهة إلا بدليل يخصص هذا العموم، وسيأتى لذلك مزيد بيان إن شاء الله تعالى
(من روى الحديث أيضا) رواه مسلم والبيهقي بلفظ المصنف ورواه الشيخان والترمذى والنسائى وابن ماجه بلفظ لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ورواه الحاكم والبيهقى بلفظ لولا أن أشق على أمتى لفرضت عليهم السواك مع الوضوء ولأخرت صلاة العشاء الآخرة إلى نصف الليل، وإسناده صحيح، وقال ابن منده إسناده مجمع على صحته
(ص) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ يَقُولُ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» ، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَرَأَيْتُ زَيْدًا يَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنَّ السِّوَاكَ مِنْ أُذُنِهِ مَوْضِعَ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ، فَكُلَّمَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اسْتَاكَ
(ش)(رجال الحديث)
(قوله محمد في إبراهيم) بن الحارث بن خالد بن صخر أبو عبد الله القرشي المدنى. روى عن عبد الله بن عمر بن الخطاب وأنس بن مالك وعروة بن الزبير وعطاء ابن يسار وطائفة. وعنه يحيى بن سعيد ومحمد بن إسحاق ومحمد بن مسلم وأسامة بن زيد الليثى وغيرهم، قال ابن سعد كان فقيها محدّثا ووثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائى وابن خراش وقال يعقوب في شيبة كان ثقة وقال أحمد في حديثه شئ يروى أحاديث مناكير، توفى بالمدينة سنة إحدى وعشرين ومائة، روى له الجماعة
(قوله التيمى) بفتح المثناة الفوقية وسكون المثناة التحتية نسبة إلى جدّه تيم بن مرّة الذى سميت باسمه القبيلة
(قوله زيد بن خالد) أبو عبد الرحمن أو أبو طلحة المدنى من مشاهير الصحابة وأكابرهم شهد الحديبية مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكان معه لواء جهينة يوم الفتح، له أحد وثمانون حديثا اتفق الشيخان على خمسة روى عنه يزيد مولى المنبعث وعبد الرحمن بن أبى عمرة وابن المسيب وغيرهم. مات بالكوفة وقيل بالمدينة سنة ثمان وسبعين. روى له أبو داود والنسائى والترمذى وابن ماجه
(قوله الجهنى) بضم الجيم وفتح الهاء ونون منسوب إلى جهينة بن زيد أبى قبيلة
(قوله فرأيت زيدا إلخ) أى رأيت زيدا حال كونه جالسا في المسجد منتظرا الصلاة والحال أن السواك
موضوع من أذنه في موضع القلم من أذن الكاتب. قال ابن حجر وحكمته أن وضعه في هذا الموضع يسهل تناوله ويذكر صاحبه به فيسن اهـ، قال ملا علي ولا يخفى ما في هذا الوضع من التكلف المؤدّى إلى الحرج، ورواية كان محل السواك من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم محل القلم، محمولة على تقدير صحتها على بعضهم الصادق على الواحد فلا يفيد السنية اهـ ولعل الرواية التى أشار إليها ما روى الخطيب من طريق يحيى بن ثابت عن مالك عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة قال كان أصحاب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يضعون أسوكتهم خلف آذانهم يستنون بها لكل صلاة، وما رواه ابن أبى شيبة عن صالح بن كيسان أن عبادة بن الصامت وأصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كانوا يروحون والسواك على آذانهم. لكن حمل هاتين الروايتين على البعض الصادق على الواحد وأنهما لا يفيدان السنية خلاف المتبادر منهما فالأولى إبقاؤهما على ظاهرهما فهما مفيدان لسنية الوضع المذكور كما قال ابن حجر ودعوى أن في ذلك الوضع تكلفا يؤدى إلى الحرج لا يخفى بعدها لمخالفتها للحسّ
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن الاستياك سنة ثابتة عند الصلاة كما تقدم، وعلى أنه مشروع في المسجد، وقال بعض المالكية يكره فيه لاستقذاره والمسجد ينزّه عنه، لكن قد علمت أن بعض الصحابة كان يضع سواكه على أذنه في المسجد يستاك به كلما قام إلى الصلاة فلا وجه للقول بكراهته في المسجد، وفى فتاوى شيخ الإسلام تقي الدين ما نصه (مسألة) في السواك وتسريح اللحية في المسجد هل هو جائز أم لا
(الجواب) أما السواك في المسجد فما علمت أحدا من العلماء كرهه بل الآثار تدل على أن السلف كانوا يستاكون في المسجد، ويجوز أن يبصق الرجل في ثيابه في المسجد ويتمخط في ثيابه باتفاق الأئمة وبسنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الثابتة عنه بل يجوز التوضؤ في المسجد بلا كراهة عند جمهور العلماء فإذا جاز الوضوء فيه مع أن الوضوء يكون فيه السواك وتجوز الصلاة فيه والصلاة يستاك عندها فكيف يكره السواك وإذا جاز البصاق والامتخاط فيه فكيف يكره السواك (وأما) التسريح فإنما. كرهه بعض الناس بناء على أن شعر الإنسان المنفصل عنه نجس ويمنع أن يكون في المسجد شئ نجس أو بناء على أنه كالقذاة، وجمهور العلماء على أن شعر الإنسان المنفصل عنه طاهر كمذهب مالك وأبى حنيفة وأحمد في ظاهر مذهبه وأحد الوجهين في مذهب الشافعى وهو الصحيح فإن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حلق رأسه وأعطى نصفه لأبى طلحة ونصفه قسمه بين الناس وباب الطهارة والنجاسة يشارك النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيه أمته بل الأصل أنه أسوة لهم في جميع الأحكام إلا ما قام
فيه دليل يوجب اختصاصه به، وإيضا الصحيح الذى عليه الجمهور أن شعور الميتة طاهرة بل في أحد قولى العلماء وهو ظاهر مذهب مالك وأحمد في إحدى الروايتين أن جميع الشعور طاهرة حتى شعر الخنزير، وعلى القولين إذا سرّح شعره وجمع الشعر فلم يترك في المسجد فلا بأس بذلك وأما ترك شعره في المسجد فهذا يكره وإن لم يكن نجسا فإن المسجد يصان حتى عن القذاة التى تقع في العين والله تعالى أعلم اهـ. وقوله يجوز التوضؤ في المسجد بلا كراهة محله ما لم يترتب على ذلك ضرر للمصلين وإلا فلا يجوز
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقي من طريق المصنف والترمذى ولفظه عن زيد ابن خالد الجهنى قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ولأخرت صلاة العشاء إلى ثلث الليل قال فكان زيد بن خالد يشهد الصلوات في المسجد وسواكه على أذنه موضع القلم من أذن الكاتب لا يقوم إلى الصلاة إلا استن ثم ردّه إلى موضعه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ تَوضِّي ابْنِ عُمَرَ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا، وَغَيْرَ طَاهِرٍ، عَمَّ ذَاكَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَتْنِيهِ أَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، حَدَّثَهَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ أُمِرَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، طَاهِرًا وَغَيْرَ طَاهِرٍ، فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، أُمِرَ بِالسِّوَاكِ لِكُلِّ صَلَاةٍ» ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَى أَنَّ بِهِ قُوَّةً، فَكَانَ لَا يَدَعُ الْوُضُوءَ لِكُلِّ صَلَاةٍ
(ش)(رجال الحديث)
(قوله محمد بن عوف) بن سفيان أبو جعفر الحافظ الحمصى روى عن أبى عاصم ومحمد بن يوسف الفريابى والهيثم بن جبل وأحمد بن خالد وجماعة، وعنه أبو داود والنسائى وأبو زرعة الرازى وأبو حاتم وغيرهم، وثقه النسائى وقال أبو حاتم صدوق وقال ابن حبان في الثقات كان صاحب حديث يحفظ وقال الخلال إمام حافظ في زمانه معروف بالتقدّم في العلم والمعرفة كان أحمد يعرف له ذلك ويقبل منه وقال ابن عدىّ عالم بحديث الشام صحيحا وضعيفا. توفى سنة اثنتين وسبعين ومائتين
(قوله الطائى) منسوب إلى طيئ قبيلة
(قوله أحمد بن خالد) بن موسى ويقال ابن محمد الوهبى الكندى أبو سعيد الحمصى. روى عن
يونس بن أبي إسحاق ومحمد بن إسحاق وعبد العزيز الماجشون وآخرين، وعنه البخارى في جزء القراءة والذهلى وعمرو بن عثمان ومحمد بن عوف وغيرهم، قال ابن معين ثقة وقال الدارقطني لا بأس به وذكره ابن حبان في الثقات ونقل أبو حاتم الرازي أن أحمد امتنع من الكتابة عنه مات سنة أربع عشرة أو خمس عشرة ومائتين. روى له أبو داود وابن خزيمة في صحيحه والترمذي والنسائي وابن ماجه
(قوله عبد الله بن عبد الله بن عمر) بن الخطاب أبو عبد الرحمن المدني. روى عن أبيه وأبي هريرة وأخيه حمزة، وعنه الزهري ونافع ومحمد بن عباد وعبد الله بن أبي سلمة وغيرهم وثقه وكيع وأبو زرعة والنسائي وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن سعد كان ثقة قليل الحديث وقال العجلى تابعى ثقة وذكره ابن أبي عاصم في الصحابة من أجل حديث أرسله. توفي في أول خلافة هشام بن عبد الملك سنة خمس ومائة. روى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي
(قوله قال قلت الخ) أى قال محمد بن يحيى قلت لعبد الله بن عبد الله أخبرني عن توضؤ ابن عمر، وأرأيت بفتح المثناة الفوقية في الواحد وغيره واستعماله في طلب الإخبار مجاز علاقته السببية أو المسببية وذلك أنه لما كان العلم بالشئ أو الإبصار به سببا للإخبار عنه استعملت الصيغة التي لطلب العلم أو لطلب الإبصار في طلب الإخبار لاشتراكهما في الطلب ففيه مجازان استعمال رأي التي بمعنى علم أو أبصر في الإخبار واستعمال الهمزة التي هى لطلب الرؤية في طلب الإخبار، وقوله توضى بضاد معجمة مكسورة وياء منقلبة عن همزة وصوابه توضؤ بضاد مضمومة وهمزة على واو وهو مصدر من التفعل
(قوله طاهرا وغير طاهر) حال من ابن عمر أو خبر لكان المحذوفة أي سواء كان ابن عمر طاهرا وغير طاهر والواو بمعنى أو
(قوله عمّ ذاك) بإدغام نون عن في ميم ما الاستفهامية، والمعني لأى شيء كان توضؤه لكل صلاة طاهرا كان أو محدثا وهو تأكيد لما قبله
(قوله فقال حدثتنيه أسماء الخ) أي قال عبد الله ابن عبد الله حدثتني أسماء بسبب وضوء ابن عمر لكل صلاة، وفي نسخة حدثتني، وفي أخرى حدثته (وأسماء بنت زيد بن الخطاب) القرشية العدوية. روت عن عبد الله بن حنظلة. وروى عنها عبد الله ابن عبد الله بن عمر ذكرها ابن حبان وابن منده في الصحابة. روى لها أبو داود
(قوله عبد الله ابن حنظلة بن أبي عامر) أبو عبد الرحمن أو أبو بكر له صحبة. روى عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وعن عمر وعبد الله بن سلام وكعب الأحبار. وعنه عبد الله بن يزيد الخطمى وقيس بن سعد وابن أبي مليكة وأسماء بنت زيد وغيرهم، وفد إلى يزيد بن معاوية ومعه ثمانية من بنيه فأعطاه مائة ألف وأعطى بنيه كل واحد عشرة آلاف فلما قدم المدينة فرّق ما وهب له على أهلها وقالوا له ما وراءك قال أتيتكم من عند رجل والله لو لم أجد إلا بنيّ هؤلاء لجاهدته بهم فبايعوه على، خلع يزيد وخرجوا بجموع كثيرة فبعث يزيد إليه مسلم بن عقبة فكانت وقعة
الحرّة. ولد سنة أربع من الهجرة وقتل يوم الحرّة سنة ثلاث وستين. روي له أبو داود
(قوله أمر بالوضوء الخ) بالبناء للمجهول أى أمره الله تعالى به أمر إيجاب لكل صلاة مفروضة لأنه كان يجب عليه تجديد الوضوء خاصة لما يأتي للمصنف عن أنس قال كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتوضأ لكل صلاة وكنا نصلى الصلوات بوضوء واحد ثم نسخ بحديث عبد الله بن حنظلة هذا وبحديث بريدة أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يتوضأ لكل صلاة فلما كان عام الفتح صلى الصلوات كلها بوضوء واحد رواه الشيخان والحاكم بهذا اللفظ، ويحتمل أن هذا الأمر له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولأمته عملا بظاهر قوله تعالى "إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم" فقد فهم علي رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ منها لزوم الوضوء لكل صلاة. فقد أخرج الدارمى في مسنده حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا شعبة حدثنا مسعود بن علي عن عكرمة أن سعدا كان يصلى الصلوات كلها بوضوء واحد وأن عليا كان يتوضأ لكل صلاة وتلا هذه الآية "إذا قمتم إلي الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم" الآية
(قوله فلما شق ذلك عليه الخ) أي ثقل الوضوء لكل صلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم طاهر أو غير طاهر نسخ وجوب الوضوء إذا كان متطهرا وأمر باستعمال السواك لكل صلاة أمر إيجاب على وجه الخصوصية، لما رواه أحمد وابن خزيمة وصححه والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك عند كل صلاة ووضع عنه الوضوء إلا من حدث وكان ابن عمر يرى أن به قوة على ذلك فكان يفعله حتى مات. لحديث عائشة أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال ثلاث هن على فريضة وهن لكم تطوّع الوتر والسواك وقيام الليل رواه البيهقي وهو وإن كان ضعيفا فقد تقوّى بما جعله حسنا وبه تعلم أنه لا وجه لمن استدلّ بحديث الباب على أن السواك واجب علينا لكل صلاة لأن الوجوب كان خاصا بالنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. ويحتمل أن هذا الأمر له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على سبيل الاستحباب لحديث أبي أمامة أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال ما جاءني جبريل إلا أوصاني بالسواك حتى خشيت أن يفرض عليّ وعلى أمتي رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف وعن واثلة بن الأسقع أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب عليّ رواه أحمد بإسناد حسن. لكن قال المنذرى فيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة مدلس وقد عنعنه، والمعتمد وجوبه عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عند الشافعية والمالكية
(قوله يرى أن به قوة) أي كان عبد الله بن عمر يظن أنه قادر على الوضوء لكل صلاة ولو كان متطهرا، وهذا من كلام عبد الله بن عبد الله، وجملة أن به قوة قائمة مقام مفعولي يرى، والظاهر
أن سبب توضؤ ابن عمر هذا ورود الأمر به قبل النسخ ففيه دليل على أنه إذا نسخ الوجوب بقى الجواز
(قوله لا يدع) أى لا يترك يقال ودعته أدعه ودعا تركته وأصل المضارع الكسر ومن ثم حذفت الواو ثم فتحت عينه لأن لامه حرف حلق. قال بعض المتقدمين وزعمت النحاة أن العرب أماتت ماضى يدع ومصدره واسم الفاعل وقد قرأ مجاهد وعروه ومقاتل وابن أبي عبلة ويزيد النحوى (ما ودعك ربك) بالتخفيف، وفي الحديث لينتهين قوم عن ودعهم الجمعات رواه أحمد ومسلم أى عن تركهم، وقد رويت هذه الكلمة عن أفصح العرب ونقلت من طريق القرّاء فكيف يقال إن العرب أماتت ذلك أفاده في المصباح
(فقه الحديث) دلّ الحديث على استحباب تجديد الوضوء لكل صلاة. وعلى تأكيد الاستياك ولا سيما عند الصلاة. وعلى أن الله تعالى ينسخ ما يشاء من الأحكام ويثبت ما يشاء وأنه بنبيه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رءوف رحيم
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقي من طريق المصنف وابن خزيمة وصححه وقال المنذرى في إسناده محمد بن إسحاق بن يسار وقد اختلف الأئمة في الاحتجاج بحديثه اهـ وتقدم أنه صدوق حسن الحديث إلا أنه يدلس فإن صرح بالتحديث قبلت روايته وإلا فلا وقد روى هنا بالعنعنة
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ رَوَاهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
(ش) أراد المصنف بذكر، هذا الطريق بيان أن الحديث رواه أحمد بن خالد وإبراهيم ابن سعد كلاهما عن ابن إسحاق غير أن أحمد قال في روايته عن عبد الله بن عبد الله بن عمر مكبرا وقال إبراهيم في روايته عبيد الله بن عبد الله مصغرا. وهذه الرواية أخرجها البيهقي من طريق سعيد بن يحيى اللخمى عن محمد بن إسحاق، والدارمى من طريق أحمد بن خالد عن محمد بن إسحاق وكذا الحاكم وفيه بياض لم يعلم منه تلميذ ابن إسحاق ولفظه بعد البياض أبي عن ابن إسحاق ثنا محمد ابن يحيى بن حبان الأنصارى ثم المازني مازن بني النجار عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر قال قلت له أرأيت وضوء عبد الله بن عمر لكل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر عمن هو قال حديثه أسماء بنت زيد بن الخطاب أن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الغسيل حدّثها أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان أمر بالوضوء عند كل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر فلما شق ذلك على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر بالسواك عند كل صلاة ووضع عنهم الوضوء إلا من حدث وكان عبد الله يرى أن به قوة على ذلك ففعله حتى مات. وقد صرّح هنا محمد بن إسحاق بالتحديث ولذا قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه
(قوله إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهرى القرشي المدني أبو إسحاق. روى