الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالواو وهي بمعنى أو وقد صرّح بها في بعض النسخ، وذكر الغسل في تفسير الحديث لأنه مثل الوضوء بل هو أولى
(قوله ولا ينوى الخ) أى المتوضئُ أو المغتسل فكل منهما غير قاصد للطهارة فلا وضوء ولا غسل لهما وإن غسلا ظاهر أعضائهما لأن النية شرط للوضوء والغسل وإلى حمل الحديث على النية ذهب ابن حبيب من المالكية أيضا، وهذا الحمل خلاف الظاهر من الحديث إذ فيه صرف اللفظ عن ظاهره ولا قرينة تدلّ على ذلك بل الظاهر إبقاء الحديث على المتبادر منه وهو التلفظ باسم الله تعالى على الوضوء، وإلى هذا ذهب الجماهير من العلماء.
(باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها)
أى في بيان حكم الرجل المستيقظ من نومه إذا أدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها، وفي بعض النسخ باب يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها.
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، وَأَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ»
(ش)(قوله أبو معاوية) محمد بن حازم و (الأعمش) سليمان بن مهران
(قوله عن أبي رزين) مسعود بن مالك و (أبي صالح) ذكوان السمان.
(قوله إذا قام أحدكم من الليل) أى استيقظ من نوم الليل كما في الرواية الآتية وهذا خطاب للمسلم البالغ العاقل أما الكافر والصبي والمجنون ففيهم وجهان (أحدهما) كالمسلم البالغ العاقل لأنهم لا يدرون أين باتت أيديهم (والثاني) أنهم ليسوا مثله لأن المنع من الغمس إنما يثبت بالتكليف وهؤلاء غير مكلفين، والأول أقرب فإن المنع من غمس يد المستيقظ قبل غسلها مظنة النجاسة وهي موجودة في يد من ذكر، وقيد بالليل لكونه محلّ النوم في الغالب وإلا فنوم النهار مثله كما يأتى
(قوله فلا يغمس يده) وفي رواية البخارى فليغسل يده، وفي رواية الدارقطني والترمذى فلا يدخل يده، وفي رواية البزّار لا يغمسنّ بنون التوكيد، والمراد باليد هنا الكفّ دون ما زاد عليها اتفاقا، وفي إدخال بعضها خلاف، والتعبير بالغمس أبين في المراد من رواية الإدخال لأن مطلق الإدخال لا يترتب عليه كراهة كمن أدخل يده في إناء واسع فاغترف منه بإناء صغير من غير أن تلمس يده الماء
(قوله في الإناء) أى في الماء الذى في الإناء لما في رواية البخارى في وضوئه ورواية البزّار في طهوره ورواية ابن خزيمة في إنائه أو
وضوئه على الشك (قال) في الفتح والظاهر اختصاص ذلك بإناء الوضوء. ويلحق به إناء الغسل لأنه وضوء وزيادة وكذا باقي الآنية قياسا لكن في الاستحباب من غير كراهة لعدم ورود النهى فيها عن ذلك، وخرج بذكر الإناء البرك والحياض التي لا تفسد بغمس اليد فيها على تقدير نجاستها فلا يتناولها (قال العيني) هذا محمول على ما إذا كانت الآنية صغيرة كالكوز أو كبيرة كالحب ومعه آنية صغيرة أما إذا كانت الآنية كبيرة وليس معه آنية صغيرة فالنهى محمول على الإدخال على سبيل المبالغة حتى لو أدخل أصابع يده اليسرى مضمومة في الإناء دون الكفّ ويرفع الماء من الحب ويصب على يده اليمنى ويدلك الأصابع بعضها ببعض فيفعل كذلك ثلاثا ثم يدخل يده اليمنى بالغا ما بلغ من الإناء إن شاء، وهذا الذى ذكره أصحابنا (وقال) النووى إذا كان الماء في إناء كبير بحيث لا يمكن الصبّ منه وليس معه إناء صغير يغترف به فطريقه أن يأخذ الماء بفمه ثم يغسل به كفيه أو يأخذه بطرف ثوبه النظيف أو يستعين بغيره (قلنا) لو فرضنا أنه عجز عن أخذه بفمه ولم يعتمد على طهارة ثوبه ولم يجد من يستعين به ماذا يفعل وما قاله أصحابنا أحسن وأوسع اهـ ولكن مذهب الشافعية أن لذلك الشخص في هذه الحالة أن يغمس يده من غير كراهة إذا لم يتحقق عليها نجاسة لأن من القواعد المقرّرة عندهم أن المشقة تجلب التيسير
(قوله ثلاث مرات) هكذا في مسلم عن جابر وسعيد بن المسيب وأبي سلمة وعبد الله بن شقيق كلهم عن أبي هريرة وفيه عن الأعرج ومحمد بن سيرين وعبد الرحمن وهمام بن منبه وثابت عن أبي هريرة بدون ذكر الثلاث وكذا رواية البخارى، ورواية الثلاث زيادة من عدل فتقبل
(قوله فإنه لا يدرى أين باتت يده) زاد ابن خزيمة والدارقطني في روايتهما منه أى من جسده، وفي رواية للدارقطني فإنه لا يدرى أين باتت يده ولا علام وضعها، والمعنى لا يدرى الموضع الذى باتت قيه ألاقت مكانا طاهرا منه أم نجسا من بثرة أو جرح أو أثر الاستنجاء بالأحجار بعد ابتلال موضع الاستنجاء بالماء أو بنحو عرق (قال) الحافظ ومقتضاه إلحاق من شك في ذلك ولو كان مستيقظا، ومفهومه أن من درى أين باتت يده كمن لفّ عليها خرفة مثلا فاستيقظ وهي على حالها أن لا كراهة وإن كان غسلها مستحبا على المختار كما في المتيقظ اهـ ومحلّ نهى المستيقظ من غمس يده في الإناء حتى يغسلها إذا أراد التطهر كما في رواية الدارقطني إذا قام أحدكم من الليل وأراد أن يتوضأ (واختلف) في سبب النهى قال ابن القيم فقيل تعبد، ويردّه أنه معلل في الحديث بقوله فإنه لا يدرى أين باتت يده، وقيل معلل باحتمال النجاسة في يده أو مباشرة اليد لمحلّ الاستجمار وهو ضعيف أيضا لأن النهى عام للمستنجى والمستجمر والصحيح وصاحب البثرات فيلزمكم أن تخصوا النهى بالمستجمر وصاحب البثور وهذا لم يقله أحد، وقيل وهو الصحيح إنه معلل يخشية مبيت الشيطان على يده أو مبيتها عليه
وهذه العلة نظير تعليل صاحب الشرع الاستنشاق بمبيت الشيطان على الخيشوم فإنه قال إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنشق بمنخريه من الماء فإن الشيطان يبيت على خيشومه متفق عليه وقال هنا فإن أحدكم لا يدرى أين باتت يده فعلل بعدم الدراية بمحلّ المبيت وهذا السبب ثابت في مبيت الشيطان على الخيشوم فإن اليد إذا باتت ملابستة للشيطان لم يدر صاحبها أين باتت، وفي مبيت الشيطان على الخيشوم وملابسته لليد سرّ يعرفه من عرف أحكام الأرواح واقتران الشياطين بالمحالّ التي تلابسها فإن الشيطان خبيث يناسبه الخبائث فإذا نام العبد لم ير في ظاهر جسده أوسخ من خيشومه فيستوطنه في المبيت، فأما ملابسته ليده فلأنها أعمّ الجوارح كسبا وتصرّفا ومباشرة لما يأمر به الشيطان من المعصية فصاحبها كثير التصرف والعمل بها ولهذا سميت جارحة لأنه يجرح بها أى يكسب وهذه العلة لا يعرفها أكثر الفقهاء اهـ (وقال) الباجى اختلف الناس في سبب غسل اليد لمن قام من النوم فقال ابن حبيب في واضحته إنما أمر بذلك لما لعله أن ينال به ما قد يبس من نجاسة خرجت منه لا يعلم بها أو غير نجاسة مما يتقذّر، وقيل إنما ذلك لأن أكثرهم كان يستجمر بالحجارة وقد يمس بيديه أثر النجاسة، وهذه الأقوال ليست ببينة لأن النجاسات لا تخرج من الجسد في الغالب إلا بعلم من تخرج منه، وما لا يعلم به فلا حكم له ولو كان غسل اليد بتجويز ذلك لأمر بغسل الثياب التى ينام فيها لجواز أن تخرج النجاسة منه في نومه فتنال ثوبه أو لجواز أن يمس ثوبه موضع الاستجمار وهذا باطل والأظهر ما ذهب إليه شيوخنا العراقيون من المالكيين وغيرهم أن النائم لا يكاد أن يسلم من حكّ جسده وموضع بثرة في بدنه ومس رفغه وإبطه وغير ذلك من مغابن جسده ومواضع عرقه فاستحب له غسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه على معنى التنظف والتنزّه ولو أدخل يده في إنائه قبل أن يغسلها لما أثم "إلى أن قال" وتعليق هذا الحكم بنوم الليل لا يدلّ على اختصاصه به لأن النائم إن كان لا يدرى أين باتت يده فكذلك المجنون والمغمى عليه وكذلك من قام إلى وضوء من بائل أو متغوّط أو محدث فإنه يستحب له غسل يده قبل أن يدخلها في إنائه خلافا للشافعى لأن المستيقظ لا يمكنه التحرّز من مس رفغه ونتف إبطه وفتل ما يخرج من أنفه وقتل برغوث وعصر بثر وحكّ موضع عرق وإذا كان هذا المعنى الذى شرع له غسل اليد موجودا في المستيقظ ولزمه ذلك الحكم ولا يسقط عنه أن يكون علق في الشرع على النائم ألا ترى أن الشرع علقه على نوم المبيت ولم يمنع ذلك من أن يتعدى إلى نوم النهار لما تساويا في علة الحكم اهـ وقال النووى قال الشافعي وغيره من العلماء إن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالأحجار وبلادهم حارّة فإذا نام أحدهم عرق فلا يأمن النائم أن تطوف يده على ذلك الموضع النجس أو على بثرة أو قذر أو غير ذلك اهـ والحديث يدلّ على النهى عن إدخال اليد في إناء الوضوء عند الاستيقاظ من
النوم قبل أن يغسلها (وقد) اختلف في هذا النهى فالجماهير من العلماء المتقدمين والمتأخرين على أنه نهى تنزيه فلو خالف وغمس لم يفسد الماء ولم يأثم الغامس (وحكي) عن الحسن البصرى وإسحاق ابن راهويه ومحمد بن جرير الطبرى أنه ينجس إن قام من نوم الليل مستدلين بما ورد من الأمر بإراقة الماء في قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإن غمس يده في الإناء قبل أن يغسلها فليرق ذلك الماء أخرجه ابن عدىّ وقال هذه الزيادة منكرة لم تحفظ (ومنه) تعلم أن ما ذهبوا إليه من تنجس الماء ضعيف لضعف ما استندوا إليه ولأن الأصل في الماء واليد الطهارة فلا ينجس بالشك، وقواعد الشرع متظاهرة على هذا، والمحققون على أن هذا الحكم ليس مخصوصا بالقيام من النوم بل المعتبر فيه الشك في نجاسة اليد فمتى شك في نجاستها كره له غمسها في الإناء قبل غسلها سواء قام من الليل أو النهار أو شكّ في نجاستها من غير نوم وهذا مذهب جمهور العلماء (وحكي) عن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى رواية أنه إن قام من نوم الليل كره كراهة تحريم وإن قام من نوم النهار كره كراهة تنزيه، ووافقه عليه داود الظاهرى اعتمادا على لفظ المبيت في الحديث وهو ضعيف فإن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نبه على العلة بقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإنه لا يدرى أين باتت يده، ومعناه أنه لا يأمن النجاسة على يده، وهذا عام لوجود احتمال النجاسة في نوم الليل والنهار وفي اليقظة، وذكر الليل لكونه الغالب ولم يقتصر عليه خوفا من توهم أنه مخصوص به بل ذكر العلة بعده (قال) الشافعى رحمه الله تعالى وأحب لكل مستيقظ من النوم قائلة كانت أو غيرها أن لا يدخل يده في وضوئه حتى يغسلها فإن أدخل يده قبل أن يغسلها كرهت ذلك له ولم يفسد ذلك الماء إذا لم يكن على يده نجاسة اهـ هذا كله إذا شك في نجاسة اليد أما إذا تيقن طهارتها وأراد غمسها قبل غسلها فقد قال جماعة حكمه حكم الشك لأن أسباب النجاسة قد تخفى في حق معظم الناس فسدّ الباب لئلا يتساهل فيه من لا يعرف (والأصح) الذى ذهب إليه الجماهير من العلماء أنه لا كراهة فيه بل هو في خيار بين الغمس أولا والغسل لأن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذكر النوم ونبه على العلة وهي الشك فإذا انتفت العلة انتفت الكراهة ولو كان النهى عاما لقال إذا أراد أحدكم استعمال الماء لا يغمس يده حتى يغسلها وكان أعمّ وأحسن (فتحصل) من هذا أن غسل اليد عند الاستيقاظ من النوم وإرادة الوضوء فيه خلاف فقال أحمد وأصحابه بوجوبه (قال) في الإقناع وشرحه في صفة الوضوء (ثم يغسل كفيه ثلاثا ولو تيفن طهارتهما وهو سنة لغير قائم من نوم ليل ناقض لوضوء) بأن لم يكن نائما أو كان نائما بالنهار أو بالليل نوما لا ينقض الوضوء كاليسير من جالس وقائم (فإن كان) قائما (منه) أي من نوم الليل الناقض للوضوء (فـ) غسلهما ثلاثا (واجب تعبدا) ولو باتتا مكتوفتين أو في جراب