الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجمع أمشاط، وإنما نهى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن الامتشاط كل يوم لما يترتب عليه من تساقط شعر اللحية المأمور بإعفائها ولما فيه من الترفه المنافى لشهامة الرجال قال ابن حجر في شرح الشمائل إنما نهى عن الترجل إلا غبا لأن إدمانه يشعر بمزيد الإمعان في الزينة والترفه وذلك إنما يليق بالنساء وهو ينافى شهامة الرجال اهـ. وقال ابن العربى موالاته تصنع وتركه تدليس وإغبابه سنة اهـ، وإغبابه أن يفعله يوما ويتركه يوما، ويؤيده ما روى عن عبد الله بن مغفل قال نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن الترجل إلا غبا رواه أحمد والنسائى والترمذى وسيأتى للمصنف في أول كتاب الترجل وصححه الترمذى وابن حبان، والترجل تسريح الشعر وفي ترك الترجيل أياما نوع من البذاذة التى هي من الإيمان كما جاء عند المصنف في كتاب الترجيل وابن ماجه من حديث أبى أمامة قال ذكر أصحاب رسول الله صلى الله تعالى علية وعلى آله وسلم يوما عنده الدنيا فقال ألا تسمعون ألا تسمعون إن البذاذة من الإيمان إن البذاذة من الإيمان، والبذاذة رثاثة الهيئة، ولا يعارض حديث الباب ما رواه النسائى باسناد رجاله رجال الصحيح عن أبى قتادة أنه كانت له جمة ضخمة فسأل النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأمره أن يحسن إليها وأن يترجل كل يوم، لإمكان الجمع بينهما بأن النهى مخصوص بمن لا يحتاج شعره إلى الترجل كل يوم أما من يحتاج إلى ذلك كل يوم كأبى قتادة فلا يشمله النهى وكذا لا يعارضه حديث أنس الذى أورده الترمذى في الشمائل كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يكثر تسريح لحيته، لأن إكثار التسريح لا يستلزم الفعل كل يوم بل لو فعله يوما وتركه يوما يعدّ مكثرا، وما ذكره الغزالى في الإحياء من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يسرّح لحيته في اليوم مرتين، لم يرد بهذا اللفظ كما قاله شارحه الزبيدى
(قوله أو يبول في مغتسله) أى ونهى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يبول أحدنا في مغتسله، فأو فيه بمعنى الواو والمغتسل بضم الميم وفتح السين المهملة موضع الاغتسال كما تقدم
(فقه الحديث) دلّ الحديث على كراهة امتشاط الرجال كل يوم لما فيه من المبالغة في الترفه والزينة وكل منهما مناف لشهامة الرجال بخلاف النساء فإنه لا يكره ذلك في حقهن لأنهن محل الزينة والترفه، وعلى أنه يطلب من كل شخص المحافظة على وقته من الضياع فلا يصرفه في غير المطلوب شرعا، وعلى أنه طلب البعد عن تنجيس محل الطهارة وقد تقدم بسط ذلك في الحديث الذى قبله (من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقى وكذا أحمد ضمن حديث وأخرجه النسائى في كتاب الزينة بلفظ نهانا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم
(باب النهى عن البول في الجحر)
بجيم مضمومة فحاء مهملة ساكنة أى الشق في الأرض أو في الحائط كما يأتي
(ص) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْجُحْرِ» ، قال قَالُوا لِقَتَادَةَ: مَا يُكْرَهُ مِنَ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ؟ قَالَ: كَانَ يُقَالُ إِنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ
(ش)(رجال الحديث)
(قوله معاذ بن هشام) بن أبى عبد الله الدستوائى البصرى نزيل اليمن. روى عن أبيه وشعبة وابن عون ويحيى بن العلاء وجماعة، وعنه ابن المدينى وعفان ابن مسلم وأحمد بن حنبل ومحمد بن المثنى وغيرهم. روى له الجماعة وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن قانع ثقة مأمون وقال ابن معين صدوق وليس بحجة وقال ابن عدى ربما يغلط في الشئ وأرجو أنه صدوق. مات بالبصرة سنة مائتين
(قوله حدثنى أبى) هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائى أبو بكر البصرى. روى عن قتادة ومطر الورّاق وأبى الزبير ويحيى بن أبى كثير وغيرهم، وعنه شعبة بن الحجاج وابن المبارك وابن مهدى وبشر بن المفضل وجماعة، قال أبو داود الطيالسى كان أمير المؤمنين في الحديث وقال شعبة ما من الناس أحد أقول إنه طلب الحديث يريد به وجه الله تعالى إلا هشام وذكره ابن علية في حفاظ البصرة وقال أحمد بن حنبل ما أرى الناس يروون عن أحد أثبت منه أما مثله فعسى وأما أثبت منه فلا وقال العجلى ثقة ثبت في الحديث حجة إلا أنه يرى القدر وقال ابن سعد حجة لكنه يرى القدر. مات سنة اثنتين أو ثلاث أو أربع وخمسين ومائة. روى له الجماعة
(قوله قتادة) بن دعامة
(قوله عبد الله بن سرجس) بفتح أوله وسكون الراء وكسر الجيم بعدها سين مهملة غير منصرف للعلمية والعجمة المزنى المخزومى البصرى له سبعة عشر حديثا. روى عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وعن عمر وأبى هريرة، وعنه عثمان بن حكيم وعاصم الأحول وقتادة ومسلم بن أبى مريم. روى له مسلم والنسائى والترمذى وأبو داود وابن ماجه، قال أبو عمر بن عبد البرّ صحابى صحيح السماع من حديثه عند مسلم وغيره رأيت النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأكلت معه خبزا ولحما ورأيت الخاتم "الحديث" وفيه فقلت استغفر لى يا رسول الله، وقال البخارى وابن حبان له صحبة
(قوله نهى أن يبال في الجحر) الفعل في تأويل مصدر مجرور بعن مقدّرة أى نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن البول في الجحر ومثل البول الغائط بل هو أولى، والجحر بضم الجيم وسكون الحاء المهملة في الأصل ما تحتفره السباع والهوام لأنفسها والمراد به في الحديث الشق في الحائط أو في الأرض أو غيرهما وجمعه جحرة كعنبة وأجحار كأقفال، ومحل النهى عن البول فيه ما لم يكن معدًّا لقضاء الحاجة
(قوله قال) أى هشام الدستوائى
تلميذ قتادة
(قوله ما يكره من البول) ما استفهامية ويكره بضم أوله مبنى لما لم يسمّ فاعله أى يبغض ومن زائدة والبول نائب فاعل أى قالوا لأى شئ يكره البول في الجحر فالاستفهام إنما هو عن سبب كراهة البول في الجحر
(قوله قال كان يقال الخ) أي قال قتادة يقال في سبب كراهة البول في الجحر إنها مساكن الجن فينبغى اجتناب البول فيها منعا للإيذاء والضرر وفى رواية البيهقى والحاكم فقال إنها مساكن الجن بدون قوله كان يقال. قال المناوى في شرحه الكبير ويؤيده الأثر الصحيح أن سعد بن عبادة الخزرجى بال في جحر ثم خرّ ميتا فسمعت الجن تقول نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة ورميناه بسهم فلم يخطئ فؤاده، قال في المرقاة شرح المشكاة بعد أن ذكر هذا الأثر الله أعلم بصحته اهـ والضمير في أنها يحتمل أن يكون عائدا على الأجحار المفهومة من السياق بدليل الجمع في قوله مساكن، ويحتمل أن يكون عائدا على الجحر بمعنى الفرجة، وجمع الخبر باعتبار الجنس، والمراد بالجن كل ما هو مستور عن أعين الناس لا خصوص أحد الثقلين فيشمل الحشرات والهوام، والجن في الأصل ضدّ الإنس مأخوذ من الاجتنان وهو الاستتار سموا بذلك لاستتارهم عن أعين الناس وهو اسم جنس واحده جنى وهم أجسام يغلب عليها الجزء النارى وقيل الهوائي من شأنهم الخفاء ولهم قدرة على التشكل بالصور الشريفة والخسيسة وتحكم عليهم الصورة بخلاف الملائكة فإنهم أجسام نورانية لهم قدرة على التشكل بالصور الشريفة فقط ولا تحكم عليهم الصورة. قال في آكام المرجان الجنّ ثلاثة أصناف كما جاء في الحديث، روى ابن أبى الدنيا عن أبى الدرداء قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خلق الله تعالى الجن ثلاثة أصناف صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض وصنف كالريح في الهواء وصنف عليهم الحساب والعقاب اهـ وهذا القسم الأخير هو المكلف من حين الخلقة فمنهم المؤمن ومنهم الكافر قال تعالى حكاية عنهم (وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا) قال المفسرون أى فرقا مختلفة الأديان يهودا ونصارى وعبدة أوثان، وقال الألوسى في روح المعاني، أخرج البيهقى في الأسماء وأبو نعيم والديلمى وغيرهم بإسناد صحيح كما قاله العراقى عن أبى ثعلبة قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الجن ثلاثة أصناف صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء وصنف حيات وكلاب وصنف يحلون ويظعنون، وقال وهب إن من الجن من يولد له ويأكلون ويشربون بمنزلة الآدميين ومنهم من هو بمنزلة الريح لا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون وهم الشياطين اهـ واختلف في أصل الجن فقيل هم ذرية إبليس كما قاله الحسن وعليه فالمتمرّد منهم يسمى شيطانا وقيل هم ذرية غيره كما قاله مجاهدا والشياطين ولد إبليس يموتون معه عند النفخة، والراجح الأول فمن آمن من الجن فقد انقطعت نسبته من أبيه والتحق بآدم ومن كفر من