الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونحوه اهـ ملخصا (وقالت) الحنفية والشافعية والمالكية إنه سنة واحتجوا بأن التعليل بأمر يقتضى الشك قرينة صارفة عن الوجوب إلى الندب، وبحديث أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم توضأ من الشنّ المعلق بعد قيامه من النوم ولم يرو أنه غسل يده كما ثبت في حديث ابن عباس وبأن التقييد بالثلاث في غير النجاسة العينية يدلّ على الندبية، وهذه الأمور إذا ضمت إليها البراءة الأصلية لم يبق الحديث منتهضا للوجوب ولا لتحريم ترك الغسل (قال) الخطابي الأمر فيه ليس للوجوب وذلك لأنه قد علقه بالشك والأمر المضمن بالشك لا يكون موجبا وأصل الماء الطهارة وكذا بدن الإنسان، وإذا ثبتت الطهارة يقينا لم تزل بأمر مشكوك فيه اهـ (قال العيني) في شرح البخارى استدلّ بالحديث أصحابنا على أن غسل اليدين قبل الشروع في الوضوء سنة، بيان ذلك أن أول الحديث يقتضى وجوب الغسل للنهى عن إدخال اليد في الإناء قبل الغسل وآخره يقتضى استحباب الغسل للتعليل بقوله فإنه لا يدرى أين باتت يده يعني في مكان طاهر من بدنه أو نجس فلما انتفى الوجوب لمانع في التعليل ثبتت السنية لأنها دون الوجوب اهـ وفيه أنه لا يصح الاحتجاج به على غسل اليدين قبل الوضوء فإن هذا ورد في غسل النجاسة وذاك سنة أخرى ثابتة بأحاديث أخرى يدلّ عليه ما ذكره الشافعى وغيره آنفا في سبب الحديث (وإذا) علمت أن سبب الحديث ما تقدم (عرفت) أن الاستدلال به على غسل اليدين قبل الوضوء ليس على ما ينبغى "فإن قيل" هذا قصر على السبب وهو مذهب مرجوح "قلنا" سلمنا عدم القصر على السبب لكن ليس في الحديث إلا نهى المستيقظ من نوم الليل أو مطلق النوم فهو أخص من الدعوى أعني مشروعية غسل اليدين قبل الوضوء مطلقا فلا يصلح للاستدلال به على ذلك، ونحن لا ننكر أن غسل اليدين قبل الوضوء من السنن الثابتة بالأحاديث الصحيحة إنما الكلام في الاستدلال بحديث الاستيقاظ على طلب غسل اليدين قبل الوضوء.
(فقه الحديث) دلّ الحديث على نهى المستيقظ من النوم عن غمس يده في الإناء قبل غسلها وهذا مجمع عليه وتقدم بيانه، وعلى أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليس داخلا في ذلك الحكم لقوله أحدكم، وعلى أنه لا يطلب غسل اليد من نحو الغفلة، وعلى استحباب غسل النجاسة ثلاثا لأنه إذا أمر به في المتوهمة ففى المحققة أولى، وعلى أن النجاسة المتوهمة لا يكفي فيها الرشّ فإنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال حتى يغسلها ولم يقل حتى يغسلها أو يرشها وعلى طلب الاحتياط في العبادات ما لم يؤدّ إلى الوسوسة، وعلى
استحباب استعمال ألفاظ الكنايات فيما يتحاشى التصريح به
فإنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا يدرى أين باتت يده ولم يقل فلعل يده وقعت على دبره أو ذكره أو نجاسة أو نحو ذلك، وهذا إذا علم أن السامع يفهم بالكناية المقصود فإن لم يكن كذلك فلا بدّ من التصريح لينتفي اللبس والوقوع
في خلاف المطلوب، وعلى هذا يحمل ما جاء من ذلك مصرّحا به.
(من روى الحديث أيضا) رواه البخارى ضمن حديث من طريق مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. ورواه مسلم من عدّة طرق وابن ماجه من حديث أبي الزبير عن جابر مرفوعا بلفظ إذا قام أحدكم من النوم فأراد أن يتوضأ فلا يدخل يده في وضوئه حتى يغسلها فإنه لا يدري أين باتت يده ولا علام وضعها، ورواه الترمذى بلفظ إذا استيقظ أحدكم من الليل فلا يدخل يده في الإناء حتى يفرغ عليها مرتين أو ثلاثا فإنه لا يدرى أين باتت يده وقال هذا حديث حسن صحيح، ورواه الدارقطني من طريق سالم بن عبد الله عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات فإنه لا يدرى أين باتت يده أو أين طافت فقال له رجل أرأيت إن كان حوضا فحصبه ابن عمر وقال أخبرك عن رسول الله وتقول أرأيت إن كان حوضا، ورواه أيضا من عدّة طرق بأسانيد حسنة "وقوله حصبه أى رماه بالحصباء أى الحجارة الصغيرة" ورواه مالك في الموطأ قال الحافظ في التلخيص ورواه ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي بزيادة أين باتت يده منه، وقال ابن منده هذه الزيادة رواتها ثقات ولا أراها محفوظة.
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ يَعْنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا رَزِينٍ.
(ش) غرض المصنف بذكر هذا الطريق بيان أن مسددا كما روى الحديث السابق عن أبي معاوية عن الأعمش رواه عن عيسى بن يونس عن الأعمش لكن أبو معاوية رواه عن الأعمش عن أبي رزين وأبي صالح وذكر فيه الأمر بغسل اليد ثلاثا بلا شك، أما عيسى بن يونس فرواه عن الأعمش عن أبي صالح فقط وذكر فيه الغسل مرتين أو ثلاثا
(قوله قال مرتين أو ثلاثا) أى قال عيسى بن يونس في حديثه حتى يغسلها مرتين أو ثلاثا، وأو يحتمل أن تكون من كلام النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فتكون للتخيير وأن تكون من كلام بعض الرواة فتكون للشك وهو الأقرب للجزم بالثلاث في الروايات الأخر، وهذه الرواية تدلّ على أن الشخص مخير بين الغسل مرتين أو ثلاثا بناء على أن أو من كلامه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وعلى أنها للشك فلا يخرج بن العهدة إلا بالغسل ثلاثا.
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، قَالَا: ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ، أَوْ أَيْنَ كَانَتْ تَطُوفُ يَدُهُ»
(ش)(رجال الحديث)
(قوله محمد بن سلمة) بن عبد الله بن أبي فاطمة أبو الحارث المصرى، روى عن عبد الله بن وهب وزياد بن يونس وعبد الله بن كليب ويونس بن تميم وغيرهم. وعنه مسلم وأبو داود وابن ماجه والحسن بن علىّ والحسن بن سفيان والنسائي وقال ثقة ثقة وقال ابن يونس كان ثبتا وقال مسلمة في الصلة ثقة وقال أبو عمر الكندي كان فقيها توفي لست خلت من ربيع الثاني سنة ثمان وأربعين ومائتين
(قوله المرادى) بضم الميم نسبة إلى مراد أبي قبيلة من اليمن
(قوله معاوية بن صالح) بن حدير بضم الحاء المهملة ابن سعيد ابن سعد أبو عمر أو أبو عبد الرحمن الحضرمى الحمصى. روى عن يحيى بن سعيد وابن راهويه وأيوب بن زياد والأوزاعي وغيرهم، وعنه الثورى وابن مهدي وبشر بن السرىّ والليث ابن سعد والواقدى وآخرون، وثقه أحمد وابن معين والنسائى والعجلى وقال أبو زرعة ثقة محدّث وقال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث وقال أبو حاتم حسن الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به وقال ابن عمار زعموا أنه لم يكن يدرى أىّ شيء في الحديث وقال يحيى بن سعيد ما كنا نأخذ عنه وقال يعقوب بن شيبة قد حمل الناس عنه فمنهم من يرى أنه وسط ليس بالثبت ولا بالضعيف ومنهم من يضعفه وقال البزّار ليس به بأس وقال محمد بن وضاح قال لى يحيى بن معين جمعتم حديث معاوية بن صالح قلت لا قال قد أضعتم والله علما عظيما. توفي سنة ثمان وخمسين ومائة. روى له الجماعة إلا البخاري
(قوله عن أبي مريم) هو عبد الرحمن ابن ماعز الأنصارى ويقال الحضرمى الشامى خادم مسجد دمشق أو حمص. روى عن أبي هريرة وجابر، وعنه حريز بن عثمان وصفوان بن عمرو ومعاوية بن صالح ويحيى بن أبي عمرو الشيباني روى له الترمذى وأبو داود. وثقه العجلى وقال أحمد رأيت أهل حمص يحسنون الثناء عليه وكانوا يقولون هو معروف عندنا.
(معنى الحديث)
(قوله إذا استيقظ أحدكم من نومه) في إطلاق النوم دليل على أن غمس اليد في إناء الوضوء منهى عنه قبل غسلها سواء أكان عقيب نوم الليل أم النهار، والمدار على
الشك في نجاسة اليد مطلقا كما تقدم "قال" الرافعى في شرح المسند يمكن أن يقال الكراهة في الغمس لمن نام ليلا أشدّ منها لمن نام نهارا لأن الاحتمال في نوم الليل أقرب لطوله عادة اهـ
(قوله أو أين كانت تطوف يده) يحتمل أنه شك من بعض رواته وهو الأقرب أو ترديد منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، والمعنى لا يدري أين دارت يده أعلى موضع نجاسة أم لا، وتقدم تمام الكلام عليه في الحديث السابق.
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الدارقطني من طريق أبي مريم أيضا بلفظ أين باتت يده أو أين باتت تطوف يده وقال هذا إسناد حسن وأخرجه مسلم والبيهقى من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة بدون أو أين كانت تطوف يده.
. . . . . (تمّ الجزء الأول من المنهل العذب المورود). . . . . .
. . . . . (شرح سنن الإمام أبي داود). . . . .
. . . . . (ويليه الجزء الثاني وأوله). . . . .
. . . . . (باب صفة وضوء النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم). . . . .