المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب السواك من الفطرة) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ١

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمةتشتمل على مبادى علم الحديث، وشذرات من علم المصطلح

- ‌الحديث المقبول

- ‌(الخبر المردود)

- ‌ المعلق)

- ‌ المرسل)

- ‌ المعضل)

- ‌ المنقطع)

- ‌المرسل الخفيّ

- ‌المردود للطعن)

- ‌ الموضوع)

- ‌ المتروك)

- ‌ المعلّ)

- ‌ مدرج الإسناد)

- ‌ مدرج المتن)

- ‌ المقلوب)

- ‌ المزيد في متصل الأسانيد)

- ‌ المضطرب)

- ‌ المصحف)

- ‌ المحرف)

- ‌ المبهم)

- ‌التقسيم الثانى للخبر باعتبار نهاية السند

- ‌ المرفوع)

- ‌ الموقوف)

- ‌ المقطوع)

- ‌(فائدة) إذا قال الصحابى كنا نقول أو نفعل كذا

- ‌(أقسام السند)

- ‌العلوّ النسبىّ

- ‌ الموافقة

- ‌ البدل

- ‌ المساواة

- ‌ المصافحة

- ‌(أنواع الرواية)

- ‌ رواية الأقران

- ‌ رواية الأكابر عن الأصاغر

- ‌ رواية الأصاغر عن الأكابر

- ‌ المتفق والمفترق)

- ‌ المتشابه

- ‌ المسلسل)

- ‌(طرق تحمل الحديث)

- ‌ السماع

- ‌ القراءة

- ‌ الإجازة

- ‌ المناولة

- ‌ الإعلام

- ‌ الوجادة

- ‌صيغ الأداء

- ‌(فوائد)

- ‌(ترجمة الإمام الحافظ أبي داود)

- ‌ التعريف بكتاب السنن لأبى داود

- ‌ شرط أبى داود وطريقته في سننه

- ‌ ما سكت عليه أبو داود

- ‌ النسخ المروية عن أبى داود وتراجم رواتها

- ‌(أسانيد الكتاب منى إلى المؤلف رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ)

- ‌(كتاب الطهارة)

- ‌(باب التخلي عند قضاء الحاجة)

- ‌(باب الرجل يتبوّأ لبوله)

- ‌(باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء)

- ‌ التسمية قبل التعوذ

- ‌(باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة)

- ‌(باب الرخصة في ذلك)

- ‌(باب كيف التكشف عند الحاجة)

- ‌(باب كراهية الكلام عند الخلاء)

- ‌(باب أيردّ السلام وهو يبول)

- ‌(باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر)

- ‌(باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء)

- ‌(باب الاستبراء من البول)

- ‌(باب في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده)

- ‌(باب المواضع التى نهى عن البول فيها)

- ‌(باب في البول في المستحم)

- ‌(باب النهى عن البول في الجحر)

- ‌(باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء)

- ‌(باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء)

- ‌لا يشرب نفسا واحدا

- ‌(باب الاستتار في الخلاء)

- ‌(باب ما ينهى عنه أن يستنجى به)

- ‌(باب الاستنجاء بالأحجار)

- ‌(باب في الاستبراء)

- ‌(باب في الاستنجاء بالماء)

- ‌(باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى)

- ‌(باب السواك)

- ‌ الاستياك للصائم بعد الزوال

- ‌(باب كيف يستاك)

- ‌(باب في الرجل يستاك بسواك غيره)

- ‌(باب غسل السواك)

- ‌(باب السواك من الفطرة)

- ‌الاستنشاق)

- ‌قص الأظفار)

- ‌نتف الإبط)

- ‌حلق العانة)

- ‌ اختتان الخنثى

- ‌(باب السواك لمن قام من الليل)

- ‌(باب فرض الوضوء)

- ‌ متي فرضت الطهارة

- ‌ سبب وجوب الطهارة

- ‌(باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث)

- ‌(باب ما ينجس الماء)

- ‌(من أخرج هذه الرواية أيضا)

- ‌(باب ما جاء في بئر بضاعة)

- ‌ بيان أن ماء بئر بضاعة كان كثيرا لا يتغير

- ‌(باب الماء لا يُجنِب)

- ‌(باب البول في الماء الراكد)

- ‌(باب الوضوء بسؤر الكلب)

- ‌(باب سؤر الهرّة)

- ‌(باب الوضوء بفضل طهور المرأة)

- ‌(باب النهى عن ذلك)

- ‌(باب الوضوء بماء البحر)

- ‌ جواز التطهر بماء البحر الملح

- ‌(باب الوضوء بالنبيذ)

- ‌(باب الرجل أيصلى وهو حاقن)

- ‌(باب ما يجزى من الماء في الوضوء)

- ‌(باب الإسراف في الوضوء)

- ‌(باب في إسباغ الوضوء)

- ‌(باب الوضوء في آنية الصفر)

- ‌(باب في التسمية على الوضوء)

- ‌لفظها الوارد

- ‌(باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها)

- ‌ استحباب استعمال ألفاظ الكنايات فيما يتحاشى التصريح به

الفصل: ‌(باب السواك من الفطرة)

(باب غسل السواك)

أى في بيان طلب غسل السواك بعد الاستياك للنظافة مما أصابه من الفم لئلا ينفر منه الطبع

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، ثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْكُوفِيُّ الْحَاسِبُ، حَدَّثَنِي كَثِيرٌ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ:«كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ، فَيُعْطِينِي السِّوَاكَ لِأَغْسِلَهُ، فَأَبْدَأُ بِهِ فَأَسْتَاكُ، ثُمَّ أَغْسِلُهُ وَأَدْفَعُهُ إِلَيْهِ»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله محمد بن عبد الله الأنصارى) ابن المثنى بن عبد الله بن أنس ابن مالك أبو عبد الله البصرى الفقيه قاضى البصرة وبغداد. روى عن أبيه وحميد الطويل ومالك ابن دينار وابن جريج وغيرهم، وعنه قتيبة بن سعيد وأحمد بن حنبل والبخارى والترمذى وجماعة وثقه ابن معين وقال أبو حاتم صدوق وقال النسائي لا بأس به وذكره ابن حبان في الثقات وقال أبو داود تغير تغيرا شديدا وقال الساجى رجل عالم غلب عليه الرأى وقال ابن المثنى سمعت بشر ابن آدم يقول سمعت الأنصارى يقول وليت القضاء مرتين والله ما حكمت بالرأى. مات بالبصرة في رجب سنة خمس عشرة ومائتين. روى له الجماعة

(قوله عنبسة بن سعيد) بن كثير بن عبيد ابن العنبس القرشى. روى عن جده كثير، وعنه محمد بن عبد الله الأنصارى وأبو الوليد الطيالسي وقال كان ثقة ووثقه أيضا ابن معين وأبو حاتم وقال النسائي ليس به بأس وذكره ابن حبان في الثقات. روى له الجماعة

(قوله كثير) بن عبيد القرشي التيمى مولى أبي بكر الصديق أبو سعيد روى عن زيد بن ثابت وأبى هريرة وعائشة وأختها أسماء، وعنه ابنه سعيد ومجالد بن سعيد وعبد الله بن دكين وغيرهم، وثقه ابن حبان

(قوله فأبدأ به) أى باستعماله في فمى قبل الغسل للتبرّك بأثر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والاستشفاء بريقه

(فقه الحديث) دلّ الحديث على جواز الاستياك بسواك الغير برضاه بدون كراهة، وعلى جواز التبرّك بآثار الصالحين ولذلك لم تغسله أم المؤمنين قبل أن تستاك به وهذا يدلّ على كمال فطنتها وحرصها على الخير، وعلى أنه يسن غسل السواك بعد الاستياك به

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقي من طريق المصنف قال في المرقاة وسنده جيد

(باب السواك من الفطرة)

بكسر الفاء بمعنى الخلقة اسم من الفطر بفتح فسكون وهو الخلق والابتداء والاختراع، يقال فطر الله الخلق فطرا من باب نصر خلقهم، والمراد بها هنا السنة التي اختارها الله تعالى لعباده وفي مقدّمتهم الأنبياء والمرسلون

ص: 182

(ص) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ " عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَالِاسْتِنْشَاقُ بِالْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ - يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ - "، قَالَ زَكَرِيَّا: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ «الْمَضْمَضَةَ»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله يحيى بن معين) بفتح الميم وكسر العين المهملة ابن عون ابن زياد أبو زكرياء البغدادى ثقة حافظ مشهور إمام أهل الحديث والجرح والتعديل. روى عن عبد الله بن المبارك وحفص بن غياث وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان وجماعة، وعنه أبو حاتم والبخارى ومسلم وأبو داود وكثيرون، قال ابن المديني لا أعلم أحدا كتب ما كتب ابن معين وانتهى العلم إلى يحيى بن آدم وبعده إلى يحيى بن معين، وقال الدورى عن ابن معين لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجها ما عقلناه، وقال صالح بن محمد يحيي أعلم بالرجال والكنى، وقال عمرو الناقد ما كان في أصحابنا أعلم بالإسناد من يحيى بن معين ما قدر أحد أن يقلب عليه إسنادا قط وقال عبد الخالق بن منصور قلت لابن الرومى سمعت أبا سعيد الحدّاد يقول الناس كلهم عيال على يحيى بن معين فقال صدق ما في الدنيا مثله وقال أحمد بن حنبل السماع من يحيى بن معين شفاء لما في الصدور وهو رجل خلقه الله تعالى لهذا الشأن يظهر كذب الكذابين وكل حديث لا يعرفه يحيى فليس بحديث وقال الفلاس إذا رأيت الرجل يقع في ابن معين فاعلم أنه كذاب إنما يبغضه لما بين من أمر الكذابين وقال ابن حبان كان من أهل الدين والفضل وممن رفض الدنيا في جمع السنن وكثرة عنايته بها وحفظه إياها حتى صار علما يقتدى به في الأخبار وإماما يرجع إليه في الآثار ولد سنة ثمان وخمسين ومائة. ومات بالمدينة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وغسل على أعواد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وله سبع وسبعون سنة إلا نحوا من عشرة أيام وحمل على سرير النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

(قوله وكيع) ابن الجراح

(قوله مصعب) بضم الميم وسكون الصاد المهملة (ابن شيبة) بن جبير بن شيبة ابن عثمان بن أبي طلحة القرشي. روى عن أبيه وصفية بنت شيبة وطلق بن حبيب. وعنه عبد الملك ابن عمير وعبد الله بن أبي السفر وابن جريج وغيرهم، وثقه ابن معين وقال ابن سعد كان قليل الحديث وقال أبو حاتم ليس بالقوي وقال النسائي منكر الحديث وقال أحمد بن حنبل روى

ص: 183

أحاديث مناكير وقال أبو داود ضعيف. روي له الجماعة إلا البخارى

(قوله طلق بن حبيب) بفتح الطاء المهملة وسكون اللام العنزي البصري. روى عن عبد الله بن عباس وابن عمرو بن العاص وجابر بن عبد الله وأنس وكثيرين. وعنه عمرو بن دينار وسعد بن إبراهيم ومصعب بن شيبة وغيرهم، قال أبو حاتم صدوق في الحديث وكان يرى الإرجاء وقال طاوس كان ممن يخشى الله تعالى وقال أبو زرعة هو ثقة لكن كان يرى الإرجاء وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان مرجئا عابدا وقال العجلى تابعى ثقة كان من أعبد أهل زمانه وقال أبو الفتح الأزدي كان داعية إلى مذهبه اتركوه. مات ما بين التسعين والمائة. روى له الجماعة إلا البخارى

(قوله ابن الزبير) هو عبد الله ابن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد أبو بكر أول مولود في الإسلام بالمدينة وكان مولده بعد الهجرة بعشرين شهرا على قول الأكثر والأصح أنه ولد في السنة الأولى من الهجرة كما قاله الحافظ وحنكه النبي صلى الله اتعالى عليه وعلى آله وسلم وسماه باسم جدّه أبي بكر وكناه بكنيته، وقد جاء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليبايعه وهو ابن سبع سنين أو ثمان فتبسم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حين رآه وبايعه وكان قويا شجاعا وسبب ذلك ما روى أنه أتى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو يحتجم فلما فرغ قال يا عبد الله اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد فلما برز شرب الدم فلما رجع قال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يا عبد الله ما صنعت بالدم قال جعلته في أخفى مكان علمت أنه يخفى على الناس قال لعلك شربته قال نعم قال ولم شربت الدم ويل للناس منك وويل لك من الناس رواه أبو يعلى والبيهقي قال أبو موسى قال أبو عاصم فكانوا يرون أن القوّة التي به من ذاك الدم. ولي الخلافة بعد موت يزيد بن معاوية سنة أربع أو خمس وستين وكانت ولايته تسع سنين وخلافته صحيحة خرح عليه مروان بعد أن بويع له في الآفاق إلا بعض قرى الشام فغلب مروان على دمشق ثم غزا مصر فملكها ثم مات ثم غزا بعده عبد الملك بن مران العراق فقتل مصعب بن الزبير ثم أمر الحجاج بغزو مكة فقتل عبد الله بمكة في النصف من جمادى الثانية سنة ثلاث وسبعين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة قتله الحجاج وصلبه. روى له عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ثلاثة وثلاثون حديثا اتفق البخارى ومسلم على ستة وانفرد مسلم بحديثين. روى عنه أخوه عروة وعطاء وعباس ابن سهل وغيرهم. روى له الجماعة

(قوله عشر من الفطرة) أى عشر خصال من خصال الدين فالكلام على تقدير مضاف أو هو صفة لموصوف محذوف أى خصال عشر من خصال الدين وأتى بمن التبعيضية إشارة إلى عدم انحصار خصال الدين في العشر لأن خصاله كثيرة. قال الخطابي فسر أكثر العلماء الفطرة في هذا الحديث بالسنة والمعنى أن هذه الخصال من سنن الأنبياء الذين أمرنا أن نقتدى بهم بقوله تعالى "فبهداهم اقتده" وأول من أمر بها إبراهيم صلى الله

ص: 184

تعالى عليه وعلى آله وسلم وهي المرادة من قوله تعالى "وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن" قال ابن عباس أمره بعشر خصال ثم عدّهن فلما فعلهنّ قال إني جاعلك للناس إماما ليقتدى بك ويستن بسنتك، وقد أمرت هذه الأمة بمتايعته خصوصا لقوله تعالى "ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا" اهـ

(قوله قص الشارب) أى أحد الخصال العشرة قص الشارب فهو مرفوع على أنه خبر لمبتدإ محذوف أو بدل من عشرة، ويصح أن يقرأ بالجر على البدلية من الفطرة وكذا يقال في المعطوفات، والقص القطع يقال قصصت الشعر قصا من باب قتل قطعته، والشارب الشعر النابت على الشفة العليا، قال العيني يستحب أن يبدأ بالجانب الأيمن وهو مخير بين القص بنفسه وبين أن يولى ذلك غيره لحصول المقصود بخلاف الإبط والعانة، واختلف في حد ما يؤخذ من الشارب. فقال الطحاوي قص الشارب حسن والحلق سنة وهو أحسن من القص وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد لحديث أحفوا الشوارب، وقال ابن القاسم عن مالك إحفاء الشارب عندى مثلة والمراد بالحديث المبالغة في أخذ الشارب حتى يبدو حرف الشفة، وقال أشهب سألت مالكا عمن يحفى شاربه فقال أرى أن يوجع ضربا وقال لمن يحلق شاربه هذه بدعة ظهرت في الناس اهـ وقال النووى المختار في قص الشارب أن يقصه حتى يبدو طرف الشفة ولا يحفه من أصله وأما رواية أحفوا فعناها أزيلوا ما طال على الشفتين، قال ابن دقيق العيد ما أدري هل نقله عن المذهب أو قاله اختيارا منه لمذهب مالك، قلت صرح في شرح المهذب بأن هذا مذهبنا اهـ وقال الأثرم كان أحمد يحفي شاربه إحفاء شديدا ونص على أنه أولى من القص اهـ كلامهم (والحاصل) أن السنة دلت على الأمرين ولا تعارض فإن القص يدل على أخذ البعض والإحفاء يدل على أخذ الكل وكلاهما ثابت فيختار المكلف أيهما شاء فينبغى لمن يريد المحافظة على السنن أن يستعمل هذا مرة وهذا مرة فيكون قد عمل بكل ما ورد، وقد ذهب بعض الحنفية وابن حزم إلى وجوب أخذ الشارب لحديث أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى رواه الستة عن ابن عمر، وحديث من لم يأخذ من شاربه فليس منا رواه أحمد والترمذي والنسائي وصححه عن زيد بن أرقم، أما قول ابن دقيق العيد لا أعلم أحدا قال بوجوب قص الشارب من حيث هو فكأنه لم يقف على ما ذ كر وفى شرح الشرعة لا بأس بترك سباليه وهما طرفا الشارب فعل ذلك عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ اهـ ومحل جواز ترك السبالين ما لم يفحش ذلك

(قوله وإعفاء اللحية) إرسالها وتوفيرها وأصله من عفى الشئ إذا كثر وزاد ومنه قوله تعالى "حتى عفوا" أى كثروا، ويستعمل متعديا بالهمزة وبعدمها يقال أعفيته وعفيته، واللحية بكسر اللام اسم لما نبت على الخدين والذقن وجمعها لحى بكسر اللام وضمها كسدرة وسدر وحلية وحلى والذقن مجتمع لحييه، وقد ورد في إعفاء اللحية أحاديث كثيرة (منها) ما رواه البخارى في صحيحه بسنده عن ابن عمر عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى

ص: 185

آله وسلم قال خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب (ومنها) ما رواه أيضا عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى، وقد أخرج هذا الحديث أيضا الأئمة الستة، وفي رواية لمسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى، وفي رواية له عن ابن عمر أيضا عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال خالفو المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى، وروى أيضا بسنده عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم جزوا الشوارب وأرخوا اللحى وخالفوا المجوس. وفي رواية لأحمد والبخارى ومسلم عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال خالفوا المجوس وفروا اللحى وأحفوا الشوارب، إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الصريحة التي يطول ذكرها في الأمر بإعفاء اللحية، وأصل الأمر الوجوب ولا يصرف عنه إلا بدليل كما هو مقرر في علم الأصول فلذلك كان حلق اللحية محرّما عند أئمة المسلمين المجتهدين أبي حنيفة ومالك والشافعى وأحمد وغيرهم. وهاك بعض نصوص المذاهب فيها قال في كتاب الصوم من الدرّ المختار للحنفية لا يكره دهن شارب إذا لم يقصد الزينة أو تطويل اللحية إذا كانت بقدر المسنون وهو القبضة. وصرّح في النهاية بوجوب قطع ما زاد على القبضة (بالضم) ومقتضاه الإثم بتركه إلا أن يحمل الوجوب على الثبوت وأما الأخذ منها وهي دون ذلك كما يفعله بعض المغاربة ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد وأخذ كلها فعل يهود الهند ومجوس الأعاجم اهـ وقال في البحر الرائق ويستحسن دهن الشارب إذا لم يكن من قصده الزينه لأنه يعمل عمل الخضاب ولا يفعل لتطويل اللحية إذا كانت بقدر المسنون وهو القبضة كذا في الهداية وكان ابن عمر يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف رواه أبو داود في سننه وما في الصحيحين عن ابن عمر عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى فحمول على إعفائها من أن يأخذ غالبها أو كلها كما هو فعل مجوس الأعاجم من حلق لحاهم فيقع بذلك الجمع بين الروايات، وأما الأخذ منها وهي دون ذلك كما يفعله بعض المغاربة والمحنثة من الرجال فلم يبحه أحد كذا في فتح القدير، ونحوه في شرح الزيلعى على الكنز وحاشية الشرمبلالى على الدرر وغيرهما من كتب السادة الحنفية (وقال) العلامة الشيخ أحمد بن قاسم العبادى في آخر فصل العقيقة من حاشيته على تحفة المحتاج بشرح المنهاج ردّا على من قال من الشافعية إن القول بحرمة حلق اللحية خلاف المعتمد (ما نصه) في شرح العباب (فائدة) قال الشيخان يعني الرافعى والنووى يكره حلق اللحية واعترضه ابن الرفعة في حاشية الكافية بأن الشافعى رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ نص في الأم على التحريم، قال الزركشى وكذا الحليمى في شعب الإيمان وأستاذه القفال الشاشي في محاسن الشريعة. وقال الأذرعي الصواب تحريم

ص: 186

حلقها جملة لغير علة بها اهـ ونحوه في حاشية العلامة الشيخ عبد المجيد الشرواني. على الكتاب المذكور، ومنه تعلم أن الشافعى نفسه نص على حرمة حلق اللحية وأن القول بالكراهة خطأ لقول الأذرعي الصواب تحريم حلقها الخ (وقال) العلامة الشيخ أحمد النفراوى المالكي في باب الفطرة والختان من شرحه على رسالة الإمام ابن أبي زيد ما نصه، وفي قص الشوارب وإعفاء اللحى مخالفة لفعل الأعاجم فإنهم كانوا يحلقون لحاهم ويعفون الشوارب وآل كسرى أيضا كانت تحلق لحاها وتبقي الشوارب فما عليه الجند في زماننا من أمر الخدم بحلق لحاهم دون شواربهم لا شك في حرمته عند جميع الأئمة لمخالفته لسنة المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولموافقته لفعل الأعاجم والمجوس، والعوائد لا يجوز العمل بها إلا عند عدم نص من الشارع مخالف لهما وإلا كانت فاسدة يحرم العمل بها ألا ترى لو اعتاد الناس فعل الزنا أو شرب الخمر لم يقل أحد بجواز العمل بها اهـ ثم قال (وأمر النبي) صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كما في الموطأ (أن تعفى اللحية) أى يوفر شعرها ويبقي من غير إزالة لشئ منها والمتبادر من قوله وأمر الوجوب وهو كذلك إذ يحرم حلقها إذا كانت لرجل وأما قصها فإن لم تكن طالت فكذلك وأما لو طالت كثيرا فأشار إلى حكمه بقوله (قال مالك) رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ (ولا بأس بالأخذ من طولها إذا طالت) طولا (كثيرا) بحيث خرجت عن المعتاد لغالب الناس فيقص الزائد لأن بقاءه يقبح به المنظر وحكم الأخذ الندب والمعروف أنه لا حدّ للمأخوذ وينبغى الاقتصار على ما تحسن به الهيئة، وقال الباجى يقص ما زاد على القبضة ويدلّ عليه فعل ابن عمر وأبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما فإنهما كانا يأخذان من لحيتهما ما زاد على القبضة، والمراد بطولها طول شعرها فيشمل جوانبها فلا بأس بالأخذ منها أيضا (وقاله) أى ندب الأخذ من الطويلة قبل مالك (غير واحد من الصحابة والتابعين) رضى الله تعالى عن الجميع فيكون هذا هو الراجح ولا يعارضه ما روى عن مالك من ترك طولها حتى تبلغ حدّ التشويه لأنه بيان للطول كثيرا لأن المطلق يحمل على المقيد، ثم قال ظاهر كلام المصنف أنه لا يجوز إلا أخذ الزائد على المعتاد فيفهم منه أنه لا يجوز حلق ما تحت الحنك وهو كذلك فقد نقل عن مالك كراهته حتى قال إنه من فعل المجوس، ونقل عن بعض الشيوخ أن حلقه من الزينة فتكون إزالته من الفطرة، وأقول يمكن الجمع بحمل كلام الإمام على ما لا يلزم على بقائه تضرّر الشخص ولا تشويه خلقته وكلام غيره على ما يلزم على بقائه قبح منظر صاحبه او تضرّره به وقد روى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يأخذ من عرض لحيته وطولها وكان يأمر أن يؤخذ من باطن اللحية، وأما شعر الخدّ فالذى اختاره ابن عرفة جواز إزالته، وأما شعر الأنف فقد استحب بعض الفضلاء قصه لا نتفه لأن بقاءه أمان من الجذام ونتفه يورث الأكلة وأما شعر العنفقة فيحرم إزالته كحرمة

ص: 187

إزالة شعر اللحية وقيدنا ذلك بالرجل لما مرّ من أن المرأة يجب عليها إزالة ما عدا شعر رأسها وأما نتف الشيب من اللحية فقد قال مالك حين سئل عنه لا أعلمه حراما وتركه أحب إليّ أى وإزالته مكروهة على الصواب كما يكره تخفيف اللحية والشارب بالموسى تحسينا وتزيينا وإن قصد بذلك التلبيس على النساء كان أشدّ في النهى اهـ كلام النفراوى ببعض تصرف، وقال العلامة الشيخ أحمد الفاسى المعروف بزرّوق في شرحه على قول الإمام ابن أبي زيد (وأمر أن تعقى اللحية وتوفر ولا تنقص قال مالك ولا بأس بالأخذ من طولها إذا طالت كثيرا وقاله غير واحد من الصحابة والتابعين) ما نصه: فاعل أمر هو النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لحديث أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى، أى اتركوها موفورة وذكر النووى في همزة أعفوا وإسقاطها قولين. ومعني توفر تترك على حالها دون نقص لأنها وجه الإنسان وزينته. ويمنع حلقها وحلق الشيب منها ونتفه ويحرم عقدها وضفرها يعني للمثلة في ذلك ويستحب تسريحها لأنه جمال، وقيل لا يكره ولا يستحب، وقال مالك ولا بأس بالأخذ من طولها، قال الباجى يؤخذ منها ما زاد على القبضة، وعن مالك أنه كره حلق ما تحت الذقن من الشعر وقال هو من فعل المجوس وكره حلق الحاجب والقفا وقال لا أراه حراما ولم أقف على شيء بدائر اللحية وما يحصرها مما يلى الوجه لكنه من الجمال ويعارضه الأمر بالإعفاء فانظره اهـ ونحوه في شرح أبي الحسن للرسالة وحاشية العدوى عليه (وقال) في باب السواك من شرح مختصر المقنع للسادة الحنابلة ما نصه: ويعفي لحيته ويحرم حلقها ذكره الشيخ تقي الدين ولا يكره أخذ ما زاد على القبضة وما تحت حلقه ويحف شاربه وهو أولى من قصه اهـ. وقال العلامة الشيخ منصور بن إدريس الحنبلى في فضل الامتشاط وغيره من كتابه كشاف القناع على متن الإقناع ما نصه (وإعفاء اللحية) بأن لا يأخذ منها شيئا قال في المذهب ما لم يستهجن طولها (ويحرم حلقها) ذكره الشيخ تقي الدين (ولا يكره أخذ ما زاد على القبضة) ونصه لا بأس بأخذه (ولا أخذ ما تحت حلقه) لفعل ابن عمر لكن إنما فعله إذا حج أو اعتمر رواه البخارى (وأخذ) الإمام (أحمد من حاجبيه وعارضيه) نقله ابن هانئ اهـ ونحوه في شرح المنتهى للعلامة الشيخ منصور بن يونس. وقال العلامة الشيخ محمد السفاريني الحنبلى في كتاب غذاء الألباب لشرح منظومة الآداب ما نصه -المعتمد في المذهب حرمة حلق اللحية قال في الإقناع ويحرم حلقها كذا في شرح المنتهى وغيره قال في الفروع ويحرم حلقها ذكره شيخنا اهـ وذكره في الإنصاف ولم يحك فيه خلافا (وفي الصحيحين) عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب زاد البخاري وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه اهـ (وقد) ذكرنا هذه النصوص ليتنبه من شرح الله صدره للعمل بالدين إلى أن أقوال الفقهاء الذين تصدّوا لاستنباط الأحكام صريحة في

ص: 188