الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يذكروا إعفاء اللحية، فقولهم منصوب بنزع الخافض ويصح رفعه بدل من نحو (وبكر) ابن عبد الله بن عمرو أبو عبد الله البصرى. روى عن أنس وعروة بن المغيرة وابن عباس وابن عمر وغيرهم. وعنه قتادة وثابت وحميد وحبيب بن الشهيد وأبو الأشهب وجماعة. قال ابن سعد كان ثقة مأمونا حجة فقيها ووثقه أبو زرعة والنسائي وابن معين. مات سنة ثمان ومائة. روى له الجماعة. والمزني نسبة إلى مزينة قبيلة.
(ص) وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ فِيهِ:«وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ» وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، نَحْوُهُ وَذَكَرَ:«إِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ، وَالْخِتَانَ»
(ش) غرض المصنف بهذا بيان أن حديث عشر من الفطرة روى من طريق محمد بن عبد الله عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا وفيه إعفاء اللحية وروي عن إبراهيم النخعى موقوفا عليه وفيه إعفاء اللحية والختان. ولم نقف على هاتين الروايتين فيما لدينا من كتب الحديث وقوله في حديث محمد بن عبد الله خبر مقدم وقوله فيه تأكيد له وإعفاء اللحية مبتدأ مؤخر (ومحمد ابن عبد الله بن أبي مريم) الخزاعي مولى بني سليم قال أبو حاتم شيخ صالح وقال يحيى القطان لا بأس به وذكره ابن حبان في الثقات، روى عن سعيد بن المسيب وابن دارة مولى عثمان، وعنه مالك ويحيى بن سعيد وصفوان بن عيسى (والحاصل) أن المصنف أشار في هذا الباب إلى أن حديث خصال الفطرة روى من عدّة طرق مرفوعا وموقوفا (الأول) طريق طلق بن حبيب عن ابن الزبير عن عائشة مرفوعا (الثاني) طريق سلمة بن محمد بن عمار عن أبيه أو جده مرفوعا لكنه مرسل أو منقطع على ما تقدم (الثالث) طريق ان عباس موقوفا (الرابع) طريق طلق بن حبيب ومجاهد بن جبر وبكر بن عبد الله المزني موقوفا عليهم (الخامس) طريق أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا (السادس) طريق إبراهيم النخعى موقوفا.
(باب السواك لمن قام من الليل)
أى في بيان ما يدل على استحباب السواك لمن قام في الليل، ومن في قوله من الليل بمعنى في على حدّ قوله تعالى "إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة" وفي بعض النسخ باب السواك لمن قام بالليل
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَحُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ،
(ش)(رجال الحديث)
(قوله محمد بن كثير) العبدى أبو عبد الله البصري. روي عن أخيه سليمان وشعبة والثورى وإسراءيل بن يونس، وعنه أبو حاتم وأبو زرعة والبخاري والذهلي وغيرهم، ذكره ابن حبان في الثقات وقال كان تقيا فاضلا وقال أبو حاتم صدوق وقال ابن معين لم يكن بالثقة ووثقه أحمد بن حنبل، توفي سنة ثلاث وعشرين ومائتين
(قوله سفيان) الثورى
(قوله منصور) بن المعتمر
(قوله وحصين) بن عبد الرحمن أبي الهذيل السلمى الكوفي. روى عن جابر بن سمرة وعمرو بن ميمون وعياض بن سلمة وعبد الرحمن بن أبي ليلى وغيرهم وعنه شعبة وأبو عوانة وهشيم والأعمش وجماعة. وثقه أحمد والعجلى وابن معين وأبو حاتم وقال صدوق ساء حفظه في آخر عمره وقال ابن أبي حاتم سألت أبا زرعة عنه فقال ثقة قلت يحتج بحديثه قال إى والله. مات ستة ست وثلاثين ومائة. روى له الجماعة
(قوله عن أبي وائل) شقيق بن سلمة
(قوله إذا قام من الليل) ظاهره يقتضى تعليق الحكم بمجرد القيام فيكون عاما في كل حالة سواء أكان القيام للصلاة أم غيرها ويؤيده أن الغرض من السواك النظافة وهى مطلوبة في كل حال ولا ينافيه ما في بعض الروايات إذا قام يتهجد لأنه من باب الحكم على بعض أفراد العام وهو لا يخصصه، أو يقال إن التقييد بما ذكر جرى على الغالب من أحواله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من أنه كان إذا قام من الليل يتهجد ومثل القيام من الليل القيام من النوم نهارا لما يأتي عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان لا يرقد من ليل ولا نهار فيستيقظ إلا يتسوّك قبل أن يتوضأ
(قوله يشوص فاه) بفتح المثناة التحتية وضم الشين المعجمة وبالصاد المهملة من الشوص وهو دلك الأسنان بالسواك وكان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يفعل ذلك تعليما للأمة ولإزالة الرائحة الكريهة المتصاعدة إلى فم النائم من أبخرة المعدة.
(فقه الحديث) دلّ الحديث على استحباب الاستياك عند القيام من النوم للتنظف.
(من روى الحديث أيضا) رواه البخارى ومسلم والنسائي والبيهقي وابن ماجه
(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا حَمَّادٌ، أَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ كَانَ يُوضَعُ لَهُ وَضُوءُهُ وَسِوَاكُهُ، فَإِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ تَخَلَّى ثُمَّ اسْتَاكَ»
(ش)(رجال الحديث)
(قوله بهز بن حكيم) بن معاوية بن حيدة القشيري أبو عبد الملك البصرى، روي عن أبيه وزرارة بن أوفى وهشام بن عروة، وعنه الثوري وابن علية وعبد الله ابن عون وحماد بن سلمة وغيرهم، وثقه ابن معين وابن المديني والنسائي وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به وقال الحاكم كان من الثقات ممن يجمع حديثه وإنما أسقط من الصحيح روايته عن ابيه عن جدّه لأنها شاذة لا متابع له عليها وقال ابن عدى قد روى عنه ثقات الناس كالزهرى ولم أر له حديثا منكرا وإذا حدّث عنه ثقة فلا بأس به وقال أبو داود هو عندى حجة وقال ابن حبان كان يخطئُ كثيرا وتركه جماعة من أئمتنا واحتج به أحمد وإسحاق روى له الأربعة
(قوله زرارة بن أوفى) العامري أبو حاجب البصرى. روى عن ابن عباس وأبي هريرة وعمران بن حصين وأنس بن مالك وغيرهم. وعنه أيوب السختياني وقتادة وبهز بن حكيم وجماعة، وثقه النسائي والعجلى وابن سعد وذكره ابن حيان في الثقات. مات سنة ثلاث وتسعين، روى له الجماعة
(قوله سعد بن هشام) بن عامر الأنصارى المدني ابن عم أنس بن مالك. روى عن أبيه وأنس بن مالك وعائشة وأبي هريرة وغيرهم. وعنه زرارة بن أوفي والحسن البصرى وحميد بن عبد الرحمن الحميرى وآخرون. وثقه النسائي وذكره ابن حبان في الثقات وذكر البخارى أنه قتل في أرض مكران غازيا، روي له الجماعة إلا البخاري، ومكران بضم الميم بلدة بالهند
(قوله وضوءه) بفتح الواو أي الماء الذى يتوضأ به
(قوله ثم تخلى ثم استاك) أى قضى حاجته من بول أو غائط، ثم استاك، وهذا لا ينافي ما تقدم من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى، آله وسلم كان يستاك عقب القيام من النوم لأنه لا مانع من أن يستاك بعد القيام من النوم وبعد قضاء الحاجة وقبل الوضوء.
(فقه الحديث) دلّ الحديث على استحباب الاستياك والوضوء بالليل والاستعداد لذلك قبل النوم، وعلى جواز الاستعانة على ذلك بالغير.
(من روي الحديث أيضا) رواه أحمد والبيهقي وسنده حسن كما في المرقاة قال الحافظ في التلخيص ورواه ابن ماجه والطبراني من وجه آخر عن ابن أبي مليكة عن عائشة وصححه الحاكم وابن السكن وابن منده قال المنذرى وفي إسناده بهز بن حكيم وفيه مقال (أقول) قد علمت أنه حجة عند المؤلف وأنه إذا روى عنه الثقة فحديثه يحتج به وهنا قد روى عنه الثقه حماد بن سلمة.
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَرْقُدُ مِنْ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ، فَيَسْتَيْقِظُ إِلَّا تَسَوَّكَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ»
(ش)(رجال الحديث)
(قوله همام) بن يحيى
(قوله أم محمد) اسمها آمنة أو أمينة
بنت عبد الله امرأة زيد بن جدعان. روت عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا، وروى عنها ربيبها على بن زيد. روى لها أبو داود رالترمذى وابن ماجه
(قوله لا يرقد) بضم القاف أى لا ينام يقال رقد رقدا ورقودا ورقادا نام ليلا كان أو نهارا، وبعضهم يخصه بنوم الليل، والأول هو الحق
(قوله من ليل) أي في ليل أو بعض ليل فمن بمعنى في أو تبعيضية
(قوله فيستيقظ) بالرفع عطف على قوله يرقد ويكون النفى منصبا عليهما، وقيل بالنصب على أنه جواب للنفى لأن الاستيقاظ مسبب عن النوم، والمعنى لا يوجد منه نوم في ليل أو نهار واستيقاظ أو لا يوجد منه نوم يتسبب عنه الاستيقاظ إلا يوجد منه التسوّك قبل أن يتوضأ.
(فقه الحديث) دلّ الحديث على تأكد الاستياك ليلا ونهارا عند القيام من النوم قبل الوضوء، وعلى أن ذلك كان دأب النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وعلى أن السواك سنة مؤكدة لمواظبته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عليه ليلا ونهارا.
(من روي الحديث أيضا) رواه البيهقي من طريق المصنف ورواه أبو نعيم من حديث هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يرقد فإذا استيقظ تسوّك ثم توضأ. قال المنذرى في إسناده على بن زيد بن جدعان ولا يحتج به اهـ.
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا هُشَيْمٌ، أَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ، أَتَى طَهُورَهُ فَأَخَذَ سِوَاكَهُ فَاسْتَاكَ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَاتِ:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} حَتَّى قَارَبَ أَنْ يَخْتِمَ السُّورَةَ - أَوْ خَتَمَهَا - ثُمَّ تَوَضَّأَ فَأَتَى مُصَلَّاهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى فِرَاشِهِ فَنَامَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى فِرَاشِهِ فَنَامَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى فِرَاشِهِ فَنَامَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَفَعَلَ مِثْل ذَلِكَ كُلُّ ذَلِكَ، يَسْتَاكُ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ.
(ش)(رجال الحديث)
(قوله هشيم) بالضغير ابن بشير بن القاسم بن دينار أبو معاوية السلمى الواسطي. روى عن عبد الله بن عون والزهرى والأعمش وعمرو بن دينار
وغيرهم، وعنه أحمد وابن معين ومالك بن أنس والثورى وطائفة، وثقه أبو حاتم وقال هو أحفظ من أبي عوانة وقال العجلى ثقة يدلس وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان مدلسا وقال ابن سعد ثقة كثير الحديث ثبت يدلس كثيرا فما صرّح فيه بالتحديث فهو حجة وإلا فلا وقال مالك ليس بالعراق أحد يحسن الحديث إلا ذا الواسطي يعني هشيما وقال حماد بن زيد ما رأيت في المحدّثين أنبل من هشيم وقال عبد الرحمن بن مهدي كان هشيم أحفظ للحديث من سفيان الثورى وقال يحيى بن أبي يحيى ما رأيت في الشيوخ أحفظ من هشيم، توفي ببغداد في شعبان سنة ثلاث وثمانين ومائة وهو ابن تسع وسبعين سنة. روى له الجماعة
(قوله حصين) بن عبد الرحمن
(قوله حبيب بن أبي ثابت) بن قيس بن دينار أبو يحيى الأسدي مولى بني أسد الكوفي روى عن زيد بن أرقم وابن عباس. وابن عمر وطاوس وغيرهم من الصحابة والتابعين، وعنه عطاء، بن أبي رباح والأعمش وحصين بن عبد الرحمن والثورى وطائفة، وثقه النسائي وأبو حاتم وأبو زرعة وذكره ابن حبان في الثقات وقال هو وابن خزيمة كان مدلسا، وقال العقيلى له أحاديث عن عطاء لا يتابع عليها وقال الأزدي ثقة صدوق وقال ابن عدى وابن معين ثقة حجة وقال العجلى كان ثقة ثبتا في الحديث. توفي سنة ثنتين وعشرين ومائة. روى له الجماعة
(قوله محمد بن على الخ) أبو عبد الله الهاشمى المدني. روي عن أبيه وعمر بن عبد العزيز وابن الحنفية وسعيد بن جبير وغيرهم، وعنه ابناه السفاح وأبو جعفر المنصور والحسن البصرى وهشام بن عروة وعبد الله بن سليمان النوفلى وكثيرون، ذكره ابن حبان في ثقات التابعين وقال مصعب كان ثقة ثبتا مشهورا توفي في خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك سنة خمس وعشرين ومائة وهو بن ستين سنة، روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه
(قوله عن أبيه) هو على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب أبو محمد أو أبو الفضل القرشى، روى عن أبيه وأبي هريرة وابن عمر وأبي سعيد الخدرى وجماعة، وعنه بنوه محمد وعيسى وداود وسليمان ومنصور بن المعتمر والزهرى وغيرهم، قال ابن سعد كان ثقة قليل الحديث وقال العجلى وأبو زرعة ثقة وذكره ابن حبان في الثقات، ولد ليلة قتل على بن أبي طالب في شهر رمضان سنة أربعين فسمى باسمه، وتوفي بالشام سنة سبع عشرة أو ثماني عشرة ومائة، روى له الجماعة
(قوله بت ليلة عند النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم) وفي رواية الشيخين بت ليلة عند خالتي ميمونة، وإنما فعل ذلك ليعرف كيف كان النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقوم الليل
(قوله أتي طهوره) بفتح الطاء المهملة الماء الذى يتطهر به
(قوله إن في خلق السموات والأرض) أى في إيجادهما وإنشائهما على ما هما عليه من العجائب والبدائع أو في الخلق الكائن فيهما، فالخلق على الأول مصدر باق على مصدريته وعلى الثاني بمعنى المخلوق، وأتى بإن تأكيدا لتحقيق مضمون الجملة
وجمع السماوات وأفرد الأرض للانتفاع بجميع أجزاء الأولى باعتبار ما فيها من نور الكواكب وغيره دون الثانية فإنه إنما ينتفع بواحدة منها وهي ما نشاهده منها أو لأن كل طبقة من طبقات السماوات ممتازة عن الأخرى بذاتها كما يدل عليه قوله تعالى "فسواهن سبع سموات" سواء أكانت متماسة كما هو رأى الحكماء أم لا كما جاء في الآثار من أن بين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام وأيضا فإن طبقاتها مختلفة الحقيقة بخلاف الأرض فإن طبقاتها ليست مختلفة الحقيقة اتفاقا سواء أكانت متصلة كما هو رأي الحكماء أم منفصلة كما جاء في الآثار من أن ما بين كل أرضين كما بين كل سماءين. وقدّم السموات لما قيل إنها أشرف من الأرض لكونها مسكن المطهرين لا غير
(قوله واختلاف الليل والنهار) أي تعاقبهما وكون كل منهما خلفا للآخر أو اختلاف كل منهما في أنفسهما ظلمة ونورا ونحو ذلك، وقدم الليل لسبقه في الخلق على الصحيح ولا ينافيه قوله تعالى "ولا الليل سابق النهار" لأن المعنى ليس الليل يسبق النهار يحيث يأتي قبل انقضاء النهار فلا يأتي في أثنائه
(قوله لآيات) أى علامات ودلائل على وحدانية الله تعالى وكمال علمه وعظيم قدرته. والتنوين فيه للتفخيم كما وكيفا أي آيات كثيرة عظيمة وجمع القلة هنا قائم مقام جمع الكثرة
(قوله لأولى الألباب) أي لذوي العقول الكاملة فالألباب جمع لبّ وهو العقل، ووجه دلالة المذكورات على وحدانية الله تعالى أنها تدلّ على وجود الصانع لتغيرها المستلزم لحدوثها واستنادها لمؤثر قديم. ووجه دلالتها على كمال علمه وعظيم قدرته أنها في غاية الإتقان ونهاية الإحكام لمن تأمل فيها وتفكر في ظاهرها وباطنها وذلك يستدعي كمال العلم والقدرة، والاقتصار على هذه الثلاثة لأنها أمهات الدلائل إذ الآيات مع كثرتها منحصرة في السماوية والأرضية والمركبة منهما، وقد ورد عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما يحمل العاقل على التفكر في هذه الآية والجدّ في الطاعة فقد أخرج ابن حبان في صحيحه وابن عساكر وغيرهما عن عطاء قال قلت لعائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا أخبريني بأعجب ما رأيت من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قالت وأيّ شأنه لم يكن عجبا إنه أتاني ليلة فدخل معى في لحافي ثم قال ذريني أتعبد لربي فقام فتوضأ ثم قام يصلى فبكى حتى سالت دموعه على صدره ثم ركع فبكى ثم سجد فكى ثم رفع رأسه فبكى فلم يزل كذلك حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة فقلت يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله تعالى لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال أفلأ أكون عبدا شكورا ولم لا أفعل وقد أنزل الله تعالى على في هذه الليلة "إن في خلق السموات والأرض" إلى قوله "سبحانك فقنا عذاب النار" ثم قال ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها
(قوله أو ختمها) الشك من هشيم لما في رواية ابن فضيل عن حصين الآتية حتى ختم السورة بدون شك. والحكمة في تلاوة هذه الآيات ما فيها من اللطائف العظيمة والمعارف الجسيمة لمن
تأمل في مبانيها وتبين له بعض معانيها
(قوله فأتى مصلاه) بضم الميم أى الموضع الذى كان يصلى فيه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ببيته
(قوله كل ذلك يستاك ويصلى ركعتين) تفسير لقوله مثل ذلك فجموع صلاته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ست ركعات كما صرّح به في الحديث الآتي في باب صلاة الليل
(قوله ثم أوتر) أى صلى الوتر ثلاثا لما سيأتي في هذا الحديث من رواية ابن فضيل في صلاة الليل وفيه ثم أوتر بثلاث ركعات
(فقه الحديث) دلّ الحديث على استحباب تهيئة الطهور في كل وقت والتأهب لأسباب العبادة قبل وقتها والاهتمام بها. وعلى استحباب الاستياك عند القيام من النوم. وعلى استحباب قراءة هذه الآيات "إن في خلق السموات" إلى آخر سورة آل عمران عقب القيام من النوم. وعلى جواز قراءة القرآن للمحدث حدثا أصغر وعليه الإجماع. قال ابن بطال فيه ردّ على من كره قراءة القرآن على غير طهارة إذا كان غير جنب لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قرأ هذه الآيات بعد قيامه من النوم قبل أن يتوضأ. وتعقبه ابن المنير وغيره بأن ذلك مفرع على أن النوم ينقض وضوءه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وليس كذلك لأنه قال تنام عيناى ولا ينام قلبي. وأما كونه توضأ عقب ذلك فلعله جدد الوضوء أو أحدث بعد ذلك فتوضأ. وعلى استحباب صلاة الليل. وعلى استحباب تأخير الوتر إلى آخر الليل لمن عنده عزم على التهجد. وعلى جواز نوم الرجل مع أهله بحضرة بعض محارمها وإن كان مميزا، وعلى تواضعه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وما كان عليه من مكارم الأخلاق، وعلى جواز المبيت عند العالم لمراقبة أفعاله فيقتدى به.
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم مطولا والنسائي مختصرا وسيأتي للمصنف في باب صلاة الليل بأتم منه.
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، قَالَ: فَتَسَوَّكَ وَتَوَضَّأَ، وَهُوَ يَقُولُ:«{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ}» حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ
(ش) هذا تعليق أشار المصنف بذكره إلى بعض الاختلاف الواقع في روايتي هشيم ومحمد ابن فضيل عن حصين، فهشيم قال في روايته فاستاك ثم تلا هذه الآيات حتى قارب أن يختم السورة أو ختمها بالشك، وابن فضيل قال في روايته فتسوّك وتوضأ وهو يقول "إن في خلق السموات والأرض" حتي ختم السورة بلا شك، وقد وصل المصنف هاتين الروايتين في باب صلاة الليل وبين بعض الاختلاف الواقع فيهما وهو اختلاف لفظي لا يضرّ لجواز الرواية بالمعنى عند المحدّثين، وأخرّج مسلم في التهجد رواية ابن فضيل قال حدثنا واصل بن عبد الأعلى ثنا محمد بن
فضيل عن حصين بن عبد الرحمن عن حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن على بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن عبد الله بن عباس أنه رقد عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فاستيقظ فتسوك وتوضأ وهو يقول "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب" فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة ثم قام فصلى ركعتين فأطال فيهما القيام والركوع والسجود ثم انصرف فنام حتى نفخ ثم فعل ذلك ثلاث مرات بست ركعات كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات ثم أوتر بثلاث فأذن المؤذن فخرج إلى الصلاة وهو يقول اللهم اجعل في قلبي نورا وفي لساني نورا واجعل في سمعى نورا واجعل في بصري نورا واجعل من خلفي نورا ومن أمامى نورا واجعل من فوفي نورا ومن تحتي نورا اللهم أعطني نورا (وابن فضيل) هو محمد بن فضيل بن غزوان بن جرير أبو عبد الرحمن. روى عن المغيرة والأعمش وعمارة بن القعقاع والمختار بن فلفل وغيرهم، وعنه أحمد والثوري وإسحاق بن راهوبه وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وآخرون. قال النسائي ليس به بأس وقال أحمد كان يتشيع وكان حسن الحديث وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان يغلو في التشيع وقال ابن سعد كان ثقة صدوقا كثير الحديث متشيعا وبعضهم لا يحتج به وقال العجلى ثقة شيعى وقال ابن المديني كان ثقة ثبتا في الحديث وقال ابن معين ثقة وقال أبو زرعة صدوق. توفى سنة أربع أو خمس وتسعين ومائة. روي له الجماعة
(ص) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، ثنَا عِيسَى ثَنَا مِسْعَرٍ، عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: لِعَائِشَةَ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَبْدَأُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ؟ قَالَتْ: «بِالسِّوَاكِ»
(ش) مناسبة الحديث للترجمة من حيث إن دخوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم البيت يعم الليل والنهار فإذا كان كلما دخل البيت بدأ بالسواك لزم منه أن يستاك ليلا عند دخول البيت وأنه إذا قام ليلا وخرج ثم دخل يستاك. يدل على ذلك ما في رواية مسلم من طريق أبي المتوكل عن ابن عباس أنه بات عند نبى الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذات ليلة فقام نبي الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من آخر الليل فخرج فنظر إلى السماء ثم تلا هذه الآية "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار" حتى بلغ فقنا عذاب النار ثم رجع إلى البيت فتسوك وتوضأ الخ. وحديث المصنف من رواية أبي بكر بن داسة كما ذكره الحافظ المزّى في تحفة الأشراف لا من رواية اللؤلؤى فذكره في بعض النسخ المروية عن اللؤلؤى خطأ
من النساخ ولذا لم يوجد في مختصر المنذرى ولا في معالم السنن للخطابي، وقد اختلفت فيه النسخ ففي بعضها ذكر هنا وفى بعضها ذكر في باب الرجل يستاك بسواك غيره ولا يخفى أنه لا يطابق هذه الترجمة، وفي بعضها ذكر تحت ترجمة باب مطلق، ولعل الأصل باب السواك في كل حين كما عند النسائي أو السواك عند دخول البيت.
(رجال الحديث)
(قوله عيسى) بن يونس
(قوله مسعر) بكسر الميم وفتح العين المهملة ابن كدام بكسر الكاف ابن ظهير بن عبيدة أبو سلمة الكوفي أحد الأئمة الأعلام. روى عن عطاء ابن أبي رباح وقتادة وسماك بن حرب والأعمش وغيرهم، وعنه شعبة ويحيى القطان وسفيان الثوري ووكيع وآخرون، وثقه أحمد وأبو زرعة وابن معين وقال يحيى القطان ما رأيت مثله كان من أثبت الناس وقال العجلى ثقة ثبت في الحديث وقال ابن عمارة حجة وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان مرجئا ثبتا في الحديث وقال أبو نعيم كان مسعر شكاكا في حديثه ولم يخطئْ إلا في حديث واحد وقال الأعمش شيطان مسعر يستضعفه فيشككه في الحديث وقال وكيع شك مسعر كيقين غيره، مات سنة خمس وخمسين ومائة، روى له الجماعة
(قوله المقدام بن شريح) بكسر الميم ابن هانئ الحارثي الكوفي، روى عن أبيه وقمير امرأة مسروق، وعنه ابنه يزيد والأعمش، والثورى وشعبة وغيرهم، ذكره ابن حبان في الثقات ووثقه أحمد بن حنبل والنسائي وأبو حاتم وقال صالح الحديث، روى له الجماعة إلا البخارى
(قوله عن أبيه) هو شريح بالتصغير ابن هانئ بن يزيد بن نهيك بن كعب الحارثي أبو المقدام من أهل اليمن نزيل الكوفة من كبار أصحاب على أدرك النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم يره روى عن أبي هريرة وعمر وعلى ابن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وعائشة وكثيرين، وعنه ابناه محمد والمقدام والشعبي والحكم ابن عتيبة وغيرهم، وثقه ابن معين وأحمد والنسائي وقال ابن خراش صدوق وذكره ابن حبان في الثقات، قتل بسجستان مع عبيد الله بن أبي بكرة سنة ثمان وسبعين، وعاش عشرين ومائة سنة روى له الجماعة إلا البخاري
(قوله بأىّ شيء الخ) أى بأىّ فعل من الأفعال وأىّ، استفهامية
(قوله بالسوك) أي يبدأ بالاستياك، والحكمة في ذلك المبالغة في النظافة ولأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يبدأ بصلاة النافلة عند دخول البيت وقلما كان يتنفل في المسجد وتعليما للأمة ولحسن معاشرة الأهل لأنه ربما تغيرت رائحة الفم عند محادثة الناس أو طول سكوت فيتأكد على من دخل منزله أن يبدأ بالسواك لذلك.
(فقه الحديث) دلّ الحديث على مشروعية الاستياك عند دخول المنزل، وعلى أنه لا يختص بالوضوء والصلاة لأن دخول البيت لا يختص بوقت دون وقت ولذا ترجم له النسائى بقوله السواك في كل حين.