المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب ما ينجس الماء) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ١

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمةتشتمل على مبادى علم الحديث، وشذرات من علم المصطلح

- ‌الحديث المقبول

- ‌(الخبر المردود)

- ‌ المعلق)

- ‌ المرسل)

- ‌ المعضل)

- ‌ المنقطع)

- ‌المرسل الخفيّ

- ‌المردود للطعن)

- ‌ الموضوع)

- ‌ المتروك)

- ‌ المعلّ)

- ‌ مدرج الإسناد)

- ‌ مدرج المتن)

- ‌ المقلوب)

- ‌ المزيد في متصل الأسانيد)

- ‌ المضطرب)

- ‌ المصحف)

- ‌ المحرف)

- ‌ المبهم)

- ‌التقسيم الثانى للخبر باعتبار نهاية السند

- ‌ المرفوع)

- ‌ الموقوف)

- ‌ المقطوع)

- ‌(فائدة) إذا قال الصحابى كنا نقول أو نفعل كذا

- ‌(أقسام السند)

- ‌العلوّ النسبىّ

- ‌ الموافقة

- ‌ البدل

- ‌ المساواة

- ‌ المصافحة

- ‌(أنواع الرواية)

- ‌ رواية الأقران

- ‌ رواية الأكابر عن الأصاغر

- ‌ رواية الأصاغر عن الأكابر

- ‌ المتفق والمفترق)

- ‌ المتشابه

- ‌ المسلسل)

- ‌(طرق تحمل الحديث)

- ‌ السماع

- ‌ القراءة

- ‌ الإجازة

- ‌ المناولة

- ‌ الإعلام

- ‌ الوجادة

- ‌صيغ الأداء

- ‌(فوائد)

- ‌(ترجمة الإمام الحافظ أبي داود)

- ‌ التعريف بكتاب السنن لأبى داود

- ‌ شرط أبى داود وطريقته في سننه

- ‌ ما سكت عليه أبو داود

- ‌ النسخ المروية عن أبى داود وتراجم رواتها

- ‌(أسانيد الكتاب منى إلى المؤلف رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ)

- ‌(كتاب الطهارة)

- ‌(باب التخلي عند قضاء الحاجة)

- ‌(باب الرجل يتبوّأ لبوله)

- ‌(باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء)

- ‌ التسمية قبل التعوذ

- ‌(باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة)

- ‌(باب الرخصة في ذلك)

- ‌(باب كيف التكشف عند الحاجة)

- ‌(باب كراهية الكلام عند الخلاء)

- ‌(باب أيردّ السلام وهو يبول)

- ‌(باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر)

- ‌(باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء)

- ‌(باب الاستبراء من البول)

- ‌(باب في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده)

- ‌(باب المواضع التى نهى عن البول فيها)

- ‌(باب في البول في المستحم)

- ‌(باب النهى عن البول في الجحر)

- ‌(باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء)

- ‌(باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء)

- ‌لا يشرب نفسا واحدا

- ‌(باب الاستتار في الخلاء)

- ‌(باب ما ينهى عنه أن يستنجى به)

- ‌(باب الاستنجاء بالأحجار)

- ‌(باب في الاستبراء)

- ‌(باب في الاستنجاء بالماء)

- ‌(باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى)

- ‌(باب السواك)

- ‌ الاستياك للصائم بعد الزوال

- ‌(باب كيف يستاك)

- ‌(باب في الرجل يستاك بسواك غيره)

- ‌(باب غسل السواك)

- ‌(باب السواك من الفطرة)

- ‌الاستنشاق)

- ‌قص الأظفار)

- ‌نتف الإبط)

- ‌حلق العانة)

- ‌ اختتان الخنثى

- ‌(باب السواك لمن قام من الليل)

- ‌(باب فرض الوضوء)

- ‌ متي فرضت الطهارة

- ‌ سبب وجوب الطهارة

- ‌(باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث)

- ‌(باب ما ينجس الماء)

- ‌(من أخرج هذه الرواية أيضا)

- ‌(باب ما جاء في بئر بضاعة)

- ‌ بيان أن ماء بئر بضاعة كان كثيرا لا يتغير

- ‌(باب الماء لا يُجنِب)

- ‌(باب البول في الماء الراكد)

- ‌(باب الوضوء بسؤر الكلب)

- ‌(باب سؤر الهرّة)

- ‌(باب الوضوء بفضل طهور المرأة)

- ‌(باب النهى عن ذلك)

- ‌(باب الوضوء بماء البحر)

- ‌ جواز التطهر بماء البحر الملح

- ‌(باب الوضوء بالنبيذ)

- ‌(باب الرجل أيصلى وهو حاقن)

- ‌(باب ما يجزى من الماء في الوضوء)

- ‌(باب الإسراف في الوضوء)

- ‌(باب في إسباغ الوضوء)

- ‌(باب الوضوء في آنية الصفر)

- ‌(باب في التسمية على الوضوء)

- ‌لفظها الوارد

- ‌(باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها)

- ‌ استحباب استعمال ألفاظ الكنايات فيما يتحاشى التصريح به

الفصل: ‌(باب ما ينجس الماء)

الصلوات بوضوء واحد فقال له عمر فعلت شيئا لم تكن تفعله فال عمدا فعلته يا عمر رواه الطحاوى وابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن ماجه والنسائي وهذا لفظه، وردّ بأنه يجوز أن يكون وضوؤه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لكل صلاة طلبا للفضل لا على الوجوب وأن ذلك كان فرضا ثم نسخ لما تقدّم عن عبد الله بن حنظلة أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك لكل صلاة وصححه ابن خزيمة، وخلافا لمن قال بعدم استحباب تجديد الوضوء لكل صلاة من غير حدث متمسكا بشبهة مهدومة هي مخافة الوقوع بذلك في الوعيد الذى ورد في حديث "فمن زاد فقد أساء وتعدّى وظلم" وسيأتى للمصنف وهي شبهة واهية مردودة بالأدلة الكثيرة الصريحة في أن الوضوء على الوضوء مطلوب كحديث الباب وحديث أبي هريرة مرفوعا لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء ومع كل وضوء بسواك رواه أحمد وحديث أنس كان النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتوضأ عند كل صلاة رواه الجماعة إلا مسلما، وزاد الترمذى طاهرا وغير طاهر، وسيأتي بيان الحديث في موضعه إن شاء الله تعالى، فهل يجمل بطالب الحق الراغب في الأجر أن يدع هذه الأدلة التي لا تحتجب أنوارها ويتمسك بأذيال تشكيك منهار وشبهة ساقطة.

(من روى الحديث أيضا) رواه ابن ماجه بلفظ تقدم والترمذى وقال روى هذا الحديث الإفريقي عن أبي غطيف عن ابن عمر وهو إسناد ضعيف يعني لأن مداره على عبد الرحمن بن زياد الإفريقي وهو ضعيف مدلس ورواه الطحاوى وابن أبي شيبة من حديث أبي غطيف بلفظ صليت مع عبد الله بن عمر الظهر فانصرف في مجلس في داره فانصرفت معه حتى إذا نودى بالعصر دعا بوضوء فتوضأ فقلت له أىّ شيء هذا يا أبا عبد الرحمن الوضوء عند كل صلاة فقال وقد فطنت لهذا مني ليست بسنة إن كان لكافيا وضوئي لصلاة الصبح وصلواتي كلها ما لم أحدث ولكن سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول من توضأ على طهر كتب الله له بذلك عشر حسنات ففي ذلك رغبت يا ابن أخى، وقوله ليست بسنة أى ليست طريقة لازمة، ولما فرغ من بيان فرضية الوضوء شرع في بيان أحوال المياه لتقدّم معرفة المياه على معرفة صفة الوضوء فقال

(باب ما ينجس الماء)

أى في بيان الأمور التي تنجس الماء إذا حلت فيه يعني وما لا تنجسه، وفي نسخة باب الماء لا ينجس

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَغَيْرُهُمْ، قَالُوا: حَدَّثَنَا

ص: 222

أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سُئِلَ النبي اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ عَنِ الْمَاءِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالسِّبَاعِ، فَقَالَ:«إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ» هَذَا لَفْظُ ابْنُ الْعَلَاءِ، وَقَالَ عُثْمَانُ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: والصَّوَابُ محمد بن جعفر.

(ش)(رجال الحديث)

(قوله أبو أسامة) حماد بن أسامة

(قوله الوليد بن كثير) أبو محمد القرشى المدني المخزومى مولاهم. روى عن الزهري ومحمد بن كعب ووهب بن كيسان ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، وعنه إبراهيم بن سعد وعيسى بن يونس وأبو أسامة وسفيان بن عيينة وآخرون، وثقه ابن معين وقال ابن سعد ليس بذاك وقال ابن عيينة كان صدوقا وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن يونس كان متقنا في الحديث وقال الساجى قد كان ثقة ثبتا يحتج بحديثه لم يضعفه أحد إنما عابوا عليه الرأي وقال أبو داود ثقة إلا أنه أباضى اهـ والأباضية فرقة من الخوارج. توفي بالكوفة سنة إحدى وخمسين ومائة

(قوله محمد بن جعفر بن الزبير) ابن العوام. روى عن عميه عروة وعبد الله ولم يسمع منه وعن ابن عمه عباد بن عبد الله وزياد ابن سعد، وعنه عبيد الله بن أبي جعفر وابن جريج وابن إسحاق وعبد الرحمن بن الحارث وآخرون وثقه النسائي والدارقطني وقال البخارى كان من فقهاء المدينة وقرائها، قيل مات سنة عشر ومائة

(قوله عبيد الله) بالتصغير ابن عبد الله بن عمر. وفي بعض النسخ عبد الله بالتكبير وهو وهم لأن محمد بن جعفر إنما روى هذا الحديث عن عبيد الله المصغر والذى رواه عن عبد الله المكبر محمد بن عباد بن جعفر. قال الحافظ في التلخيص وعند التحقيق أنه (يعني هذا الحديث) عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عمر مكبرا وعن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله مصغرا ومن رواه على غير هذ الوجه فقد وهم

(قوله عن أبيه) هو عبد الله بن عمر

(قوله وما ينوبه الخ) عطف على الماء أى سئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن الماء الذى ترد عليه الدواب والسباع مرة بعد أخرى للشرب منه وتبول فيه وتروث فهل يتنجس، والدواب جمع دابة وهي لغة ما يدب على وجه الأرض. وفي العرف تطلق على ذوات الأربع مما يركب، وقال في الصحاح الدابة التي تركب، والسباع جمع سبع وهو كل حيوان عاد مفترس

(قوله إذا كان الماء قلتين) تثنية قة بضم القاف وتشديد اللام وهي الجرّة العظيمة والجمع قلال مثل برمة وبرام أو قلل مثل غرفة وغرف، واختلفوا في مقدار

ص: 223

القلة فقيل خمس قرب كل قربة خمسون منا والمن رطلان، وقيل القلة خمسة وعشرون وتسعمائة منّ، وقال الخطابي القلة تطلق على الإناء الصغير الذي تنقله الأيدى وتتعاطى فيه الشراب كالكيزان وتطلق على الجرة الكبيرة التي يقلها القوى من الرجال، وسياق الخبر دلّ على أن المراد النوع الثاني لأنه إنما سئل عن الماء الذى يكون بالفلاة من الأرض في الوهاد والغدران ونحوها ومثل هذه المياه لا تحدّ بالكوز والكوزين في العرف والعادة لأن النجس إذا أصابه نجسه. وقد روى من غير طريق أبي داود من رواية ابن جريج إذا كان الماء قلتين بقلال هجر، وقلال هجر مشهورة الصنعة معلومة المقدار وهي أكبر ما يكون من القلال وأشهرها ولذلك قيل قلتين على لفظ التثنية ولو كان وراءها قلة في الكبر لأشكلت دلالته فلما ثناها دلّ على أنها أكبر القلال لأنه لا قائدة في تقديره بقلتين صغيرتين مع القدرة على التقدير بواحدة كبيرة اهـ ببعض تصرّف، وهجر التي تنسب إليها اسم لناحية البحرين كلها، وقيل هي قاعدتها وهي إما أن تكون عملت بها وجلبت إلى المدينة وإما أن تكون عملت في المدينة على مثلها

(قوله لم يحمل الخبث) بفتح الخاء المعجمة والموحدة أى لم يحمل النجس كما وقع تفسيره بالنجس في الروايات الأخر، والمعنى لم يقبل النجاسة بل يدفعها عن نفسه ولو كان المعنى أنه يضعف عن حملها لم يكن للتقييد بالقلتين معنى فإن ما دونهما أولى بذلك. وقيل معناه لا يقبل حكم النجاسة، وللخبث معان أخرّ ذكرها في النهاية والمراد هنا ما ذكرنا كذا في نيل الأوطار، واحتج الشافعى وأصحابه بهذا الحديث على أن الماء إذا بلغ قلتين لا ينجس إلا بالتغيير وهو مذهب أحمد وأبي ثور وقالوا معنى قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يحمل الخبث أنه يدفعه عن نفسه كما يقال فلان لا يحمل الضيم إذا كان يأباه ويدفعه عن نفسه ويؤكد ذلك الرواية الأخرى فإنه لا ينجس وقالوا إذا لم يبلغ القلتين وحلت فيه نجاسة نجسته ولو لم يتغير. وقال أبو حنيفة وأصحابه إن كان الماء راكدا قليلا ووقعت فيه نجاسة تنجس ولا يتطهر به. أما الجارى فتصح به الطهارة إذا لم يظهر فيه أثر النجاسة، والكثير إذا وقعت نجاسة في إحدى جانبيه تصح الطهارة من الجانب الآخر، واختلفوا في حدّ الكثير على أقوال أشهرها أن يكون عشرة أذرع في عشرة وعمقه ذراع وقيل شبر قال الزيلعى الصحيح أنه إذا أخذ الماء وجه الأرض يكفي ولا تقدير فيه في ظاهر الرواية وقال وظاهر الرواية عن أبي حنيفة أنه يعتبر أكبر الرأى يعني رأى المتوضئ أو المغتسل فإن غلب على ظنه أن النجاسة وصلت إلى الجانب الآخر من الماء لا يجوز التطهر به وإلاجاز، ذكره في الغاية قال وهو الأصح. وهذا لأن المذهب الظاهر عند أبي حنيفة التحرّى والتفويض إلى رأى المستعمل من غير تحكم بالتقدير بما لا تقدير فيه من جهة الشارع اهـ ببعض تصرف، قال العيني وأما حديث القلتين ففيه اضطراب لفظا ومعنى أما اضطرابه في اللفظ

ص: 224

فمن جهة الإسناد والمتن اهـ ويأتي بيانه بعد روايات الحديث إن شاء الله تعالى، وقال الحافظ في التلخيص قال ابن عبد البر في التمهيد ما ذهب إليه الشافعى من حديث القلتين مذهب ضعيف من جهة النظر غير ثابت من جهة الأثر لأنه حديث تكلم فيه جماعة من أهل العلم ولأن القلتين لم يوقف على حقيقة مبلغهما في أثر ثابت ولا إجماع، وقال في الاستذكار حديث معلول ردّه إسماعيل القاضى وتكلم فيه، وقال الطحاوى إنا لم نقل به لأن مقدار القلتين لم يثبت، وقاله ابن دقيق العيد هذا الحديث قد صححه بعضهم وهو صحيح على طريقة الفقهاء لأنه وإن كان مضطرب الإسناد مختلفا في بعض ألفاظه فإنه يجاب عنه. بجواب صحيح بأن يمكن الجمع بين الروايات ولكني تركته لأنه لم يثيت عندنا بطريق استقلالي يجب الرجوع إليه شرعا في تعيين مقدار القلتين، وأما التقييد بقلال هجر فلم يثبت مرفوعا إلا من رواية المغيرة بن صقلاب عند ابن عدى وهو منكر الحديث قال النفيلي لم يكن مؤتمنا على الحديث وقال ابن عدى لا يتابع على عامة حديثه، قال الحافظ في التلخيص لكن أصحاب الشافعى قوّوا كون المراد قلال هجر بكثرة استعمال العرب لها في أشعارهم كما قال أبو عبيد في كتاب الطهور، وكذلك ورد التقييد بها في الحديث الصحيح، قال البيهقي قلال هجر كانت مشهورة عندهم ولهذا شبه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما رأى ليلة المعراج من نبق سدرة المنتهى بقلال هجر، قال الخطابي قلال هجر مشهورة الصنعة معلومة المقدار والقلة لفظ، مشترك وبعد صرفها إلى أحد معلوماتها وهى الأواني تبقى متردّدة بين الكبار والصغار والدليل على أنها من الكبار جعل الشارع الحدّ مقدّرا بعدد فدلّ على أنه أشار إلى أكبرها لأنه لا فائدة في تقديره بقلتين صغيرين مع القدرة على تقديره بواحدة كبيرة وقد تبين بذلك ثبوت كون القلة تزيد على قربتين، وقد طعن في ذلك ابن المنذر من الشافعية وإسماعيل القاضى من المالكية بما محصله أنه أمر مبنيّ على ظنّ بعض الرواة والظن لا يجب قبوله ولا سيما من مثل محمد بن يحيى المجهول ولهذا لم يتفق السلف والفقهاء على الأخذ بذلك التحديد اهـ كلام الحافظ ملخصا

(قوله وهذا لفظ ابن العلاء الخ) أي ما تقدّم من أن شيخ الوليد بن كثير هو محمد بن جعفر بن الزبير هو رواية محمد بن العلاء أحد شيوخ المصنف قال عثمان بن أبي شيبة والحسن ابن عليّ إن شيخ الوليد محمد بن عباد بن جعفر لا محمد بن جعفر بن الزبير (ومحمد بن عباد ابن جعفر) بن رفاعة بن أمية القرشي المخزومى المكي. روى عن أبي هريرة وجابر بن عبد الله وعائشة وابن عباس وغيرهم. وعنه ابن جريج وعبد الحميد بن جبير والأوزاعي والزهرى وخالد الحذاء وجماعة. وثقة ابن معين وأبو زرعة وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن سعد كان ثقة قليل الحديث وقال أبو حاتم لا بأس به. روى له الجماعة

(قوله والصواب محمد بن جعفر) أى الصواب أن راوى الحديث عن عبيد الله مصغرا هو محمد بن

ص: 225

جعفر لا محمد بن عباد بن جعفر، وفي بعض النسخ وهو الصواب، وعليها فالضمير راجع إلى محمد ابن عباد بن جعفر، وقد علمت أنه إنما روى الحديث عن عبد الله مكبرا كما رواه الحميدى عن أبي أسامة قال حدثنا الوليد عن محمد بن عباد عن عبد الله الخ، وذكر عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب العلل عن أبيه أنه قال محمد بن عباد ثقة ومحمد بن الزبير ثقة والحديث لمحمد بن جعفر أشبه وكذا ابن منده صوب كون الحديث لمحمد بن جعفر وكذا رواه إسحاق بن راهويه وجماعة عن أبي أسامة عن الوليد عن محمد بن جعفر، أما الدارقطني فجمع بين الروايتين فقال ولما اختلف على أبي أسامة في إسناده أحببنا أن نعلم من أتى بالصواب فنظرنا في ذلك فإذا شعيب بن أيوب قد رواه عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير على الوجهين جميعا عن محمد بن جعفر بن الزبير ثم أتبعه عن محمد بن عباد بن جعفر فصح القولان جميعا عن أبي أسامة وصح أن الوليد بن كثير رواه عن محمد بن جعفر بن الزبير وعن محمد بن عباد بن جعفر جميعا عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه فكان أبو أسامة مرّة يحدث به عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير ومرة يحدّث به عن الوليد عن محمد بن عباد بن جعفر اهـ وهو جمع حسن.

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن سؤر السباع والدواب نجس وإلا لم يمكن لسؤالهم والجواب عنه معنى، وعلى نجاسة بولها وروثها لأن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قيد عدم تنجس الماء الذى ترده السباع بالقلتين فإن المعتاد من السباع إذا وردت الماء أن تخوض فيه وتبول وقد لا تخلو أعضاؤها من التلوث بأبوالها ورجيعها، وفي ذلك اختلاف يأتي بيانه إن شاء الله تعالى، ودلّ بمنطوقه على أن الماء الكثير كالقلتين إذا حلت فيه نجاسة طهور لكن ما لم يتغير لحديث ثوبان "الماء طهور إلا ما غلب على ريحه أو على طعمه" رواه الدارقطني، ولما جاء عن أبي أمامة مرفوعا "إن الماء لا ينجسه شئ إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه" رواه ابن ماجه والطبراني، وهما وإن كانا ضعيفين لأن في سندهما رشدين بن سعد وهو متروك فقد قام الإجماع على العمل بمعناهما، ودلّ بمفهومه على أنه إذا كان الماء دون القلتين ينجس بملاقاة النجاسة وإن لم يتغير وهذا المفهوم يخصص حديث جابر مرفوعا "إن الماء لا ينجسه شيء" رواه ابن ماجه وفي إسناده طريف بن شهاب وهو ضعيف متروك عند من قال بالمفهوم كالشافعى ومن لم يقل به كمالك أجراه على عمومه فإن الماء قلّ أو كثر لا ينجس عنده إلا بالتغير، وما قاله الشافعى من تخصيص منطوق هذا الحديث بمفهوم حديث القلتين غير مسلم فإنه مفهوم مخالفة وهو أضعف من دلالة المنطوق لا يقوى على تخصيصه (من روى الحديث أيضا) رواه النسائي وابن ماجه والشافعى وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني والبيهقى والطحاوى والدارمى والترمذي، قال الحافظ في التلخيص قال

ص: 226

الحاكم صحيح على شرطهما وقد احتجا بجميع رواته وقال ابن منده إسناده على شرط مسلم ومداره على الوليد بن كثير فقيل عنه عن محمد بن جعفر بن الزبير وقيل عنه عن محمد بن عباد بن جعفر وتارة عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر وتارة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر (والجواب) أن هذا ليس اضطرابا قادحا فإنه على تقدير أن يكون الجميع محفوظا انتقال من ثقة إلى ثقة، وعند التحقيق الصواب أنه عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر المكبر، وعن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر المصغر ومن رواه على غير هذا الوجه فقد وهم.

(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا حَمَّادٌ، ح وثَنَا أَبُو كَامِلٍ، ثَنَا يَزِيدُ ابْنَ زُرَيْعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ أَبُو كَامِلٍ: ابْنُ الزُّبَيْرِ: عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْمَاءِ يَكُونُ فِي الْفَلَاةِ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ.

(ش) غرض المصنف من ذكر هذه الرواية تقوية رواية الوليد بن كثير، وابن كثير وابن إسحاق وإن كان فيهما مقال فالضعيف يقوّى بعضه بعضا

(رجال الحديث)

(قوله أبو كامل) فضيل بن حسين بن طلحة الجحدرى بفتح الجيم وإسكان الحاء المهملة البصرى. روى عن حماد ابن زيد ويحيى القطان وأبي عوانة وحماد بن سلمة وغيرهم. وعنه أبو زرعة وأبو داود ومسلم والنسائي عن زكريا السجزى عنه والبخارى تعليقا والبزار وطائفة. وثقه ابن المديني وابن حبان وقال أحمد بصير بالحديث متقن. ولد سنة خمس وأربعين ومائة ومات سنة سبع وثلاثين ومائتين

(قوله يزيد بن زريع) أبو معاوية التميمي البصرى الحافظ. روى عن هشام ابن عروة وعبد الله بن عون وأيوب السختياني وشعبة والثوري وكثيرين، وعنه ابن عون وقتيبة ابن سعيد ومسدّد وابن المديني وجماعة، قال ابن معين هو الصدوق الثقة المأمون وقال أبو حاتم ثقة إمام وقال أحمد بن حنبل ما أتقنه ما أحفظه وإليه المنتهى في التثبت صدوق متقن وقال أبو عوانة صحبته أربعين سنة يزداد في كل يوم خيرا وقال ابن سعد كان ثقة حجة كثير الحديث وقال ابن حبان كان من أورع أهل زمانه وقال النسائي ثقة وقال عفان كان من أثبت الناس قيل إنه تغير في آخر عمره. ولد سنة إحدى ومائة، وتوفي بالبصرة. لثمان خلت من شوّال سنة اثنتين وثمانين ومائة. روى له الجماعة

(قوله قال أبو كامل ابن الزبير) أى قال أبو كامل في إسناده إلى محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير يزيادة جدّ محمد، أما موسى بن إسماعيل

ص: 227