الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع
قال المعلمي: اشتراط العلم باللقاء أو بالمعاصرة إنما هو بالنظر إلى من قُصدت الروايةُ عنه، فأما من ذُكر عَرَضًا فالظاهر أنه يكفي فيه الاخال، فإذا كان غيرَ مسمًّى فالأمر أوضح؛ لما مَرَّ فى المبحث السابق.
وذلك كما في حديث "الصحيحين"(1) من طريق عبد العزيز بن صهيب قال: "سأل رجل أنس بن مالك: ما سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يذكر فى الثوم؟ فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم
…
" لفظ مسلم، ولفظ البخاري: "سئل أنس عن الثوم؟ فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم
…
".
عبد العزيز معروف بصحبة أنس، ولا ندري من السائل.
ومن ذلك ما في "صحيح" مسلم (2) من طريق حنظلة قال: "سمعت عكرمة بن خالد يحدث طاوسًا أن رجلًا قال لعبد الله بن عمر: ألا تغزو؟ فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
" وأخرجه البخاري (3) من طريق حنظلة: "عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
".
وقد يأتي شِبهُ هذا، ويكون المُبهم هو الراوي نفسه، وإنما كنى عن نفسه لغرضٍ، كحديث "الصحيحين" (4) عن معاذة: "أن امرأة قالت لعائشة: أيجزي إحدانا صلاتها إذا طهرت؟ فقالت: أحرورية أنت؟
…
" لفظ البخاري.
(1) البخاري (856)(5451)، ومسلم (562).
(2)
رقم (16).
(3)
رقم (8).
(4)
البخاري (321)، ومسلم (335).
وفي "الفتح": "بَيَّنَ شعبةُ في روايته عن قتادة أنها هي معاذة الراوية، أخرجه الإسماعيلي من طريقه، وكذا لمسلم من طريق عاصم وغيره عن قتادة".
أقول: في "صحيح" مسلم من طريق يزيد الرشك "عن معاذة أن امرأة سألت
…
" ومن طريق عاصم عن معاذة قالت: "سألتُ عائشةَ فقلتُ
…
".
وقد يجيء نحو ذلك والراوي لم يشهد القصة ولكنه سمعها بتمامها ممن قصد الرواية عنه، كما في حديث البخاري (1) من طريق علقمة قال: "كنا بحمص فقرأ ابن مسعود سورة يوسف، فقال رجل: ما هكذا نزلت! فقال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
". ورواه مسلم (2) من وجهٍ آخر عن علقمة: "عن عبدالله قال: كنت بحمص، فقال لي بعض القوم: اقرأ علينا، فقرأت عليهم، قال: فقال لي رجل من القوم: والله ما هكذا أُنزلت
…
".
فإن لم يكن التصرف من الرواة، فالجمع بين الروايتين أن علقمة كان مع عبد الله ابن مسعود بحمص ولكنه لم يشهد القصة وإنما سمعها من عبد الله، ولما كان المقصود الرواية عنه هو عبد الله، لم يلتفت إلى ما وقع في الرواية الأولى من إيهام شهود علقمة للقصة، وهكذا ما في قول معاذة:"أن امرأة سألت .... " من إيهام أن السائلة غيرها، فإن مثل ذلك لا يضع حكمًا ولا يرفعه.
والسر في حمل تلك الأمثلة على السماع ما قدمناه، ومن شك في هذا لزمه أن يشك في اتصال قولِ ثقةٍ غير مدلس قد عُرف بصحبة ابن المبارك: طار غراب فقال ابن المبارك
…
أو: هبت ريح فقال ابن المبارك
…
وهذا لا سبيل إليه فكذا ذاك، والله الموفق.
* * *
(1) رقم (5001).
(2)
رقم (801).