الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني
الإصرار على الخطأ وأثره في قبول الراوي
• قال الشيخ المعلمي في ترجمة: المسيب بن واضح (245):
قال أبو حاتم: صدوق يخطىء كثيرا، فإذا قيل له لم يَقْبَل.
أقول: "ذكر الخطيب في "الكفاية" (ص 143 - 147) ما يتعلق بخطأ الراوي، وبعدم رجوعه، فذكروا أنه يُرد روايةُ من كان الغالب عليه الغلط، ومن يغلط في حديثٍ مجتمع عليه، فَيُنْكَرُ عليه، فلا يرجع.
ومعلومٌ من تصرفاتهم ومن مقتضى أدلتهم أن هذا حُكمُ الغلط الفاحش الذي تعظم مفسدتُه، فلا يدخلُ ما كان من قَبيل اللحن الذي لا يُفسد المعنى، ومن قبيل ما كان يقع من شعبة من الخطأ في الأسماء، وما كان يقع من وكيع وأشباه ذلك، وكما وقع من مالك؛ كان يقول في عمرو بن عثمان:"عمر بن عثمان"، وفي معاوية بن الحكم:"عمر بن الحكم"، وفي أبي عبد الله الصنابحي:"عبد الله الصنابحي"، وقد جاء عن معن بن عيسى أنه ذكر ذلك لمالك، فقال مالك:"هكذا حفظنا، وهكذا وقع في كتابي، ونحن نخطىء، ومن يَسلم من الخطأ". فلم يرجع مالك مع اعترافه باحتمال الخطأ.
فكلمةُ أبي حاتم في المسيب لا تدل على أنه كان الغالب عليه، ولا أن خطأه كان فاحشا، ولا أنه بُيِّنَ له في حديثٍ اتفاقُ أهل العلم على تخطئته فلم يرجع.
وقد قال أبو عروبة في المسيب: "كان لا يحدث إلا بشيء يعرفه يقف عليه". وهذا يُشعر بأن غالب ما وقع منه من الخطأ ليس منه بل ممّن فوقه، فكان يَثبت على ما سمع قائلا في نفسه: إن كان خطأ فهو ممّن فوقي لا مني". اهـ.
• وقال الشيخ في ترجمة: الهيثم بن خلف الدوري من "الطليعة"(ص 41):
"الخطأ الذي يضر الراوي الإصرارُ عليه هو ما يُخشى أن تترتبَ عليه مفسدةٌ، ويكون الخطأ من المُصِرّ نفسِه، وذلك كمن يسمع حديثًا بسند صحيح، فيغلط فيركب على ذاك السند متنًا موضوعًا، فينبهه أهلُ العلم، فلا يرجع، وليس ما وقع للهيثم من هذا القبيل، إنما وقع عنده في حديث: الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عتبان، وقع عنده "محمد بن الربيع" بدل "محمود بن الربيع" وثبت على ذلك، وهذا لا مفسدة فيه، بل ثبات الهيثم يدل على عظم أمانته وشدة تثبته؛ إِذْ لم يستحل أن يغير ما في أصله، وقد وقع لمالك بن أنس الإمام نحو هذا، كان يقول في عمرو بن عثمان: "عمر بن عثمان" وثبت على ذلك". اهـ.
* * *