الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السابع
وقع الخطأ في الحداثة وبقاؤه في الأصل العتيق للشيخ
• قال الشيخ المعلمي في ترجمة: مطرف بن عبد الله أبي مصعب اليساري الأصم من "التنكيل"(247):
"في ترجمة أحمد بن داود من "اللسان": قال أبو سعيد بن يونس: حَدَّثَ عن أبي مصعب بحديثٍ مناكير، فسألتُه عنه، فأخرجه من كتابه كما حَدَّثَ به.
وفيه بعد ذلك، ذكر حديثه عن أبي مصعب، عن عبد الله بن عمر، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا: من رأى مبتلى فقال: الحمد لله، إلخ.
قال: قال ابن عدي: لما حَدَّثَ أحمد بهذا الحديث عن مطرف كانوا يتهمونه
…
فظلموه؛ لأنه قد رواه عن مطرف: علي بن بحر (1)، وعباس الدوري، والربيع
…
فقد يكون الحديث الذي ذكره ابن يونس هو هذا الحديث: من رأى مبتلى
…
إلخ. رآه ابن عدي في أصل أحمد بن داود، وعرف أن غيره قد رواه عن مطرف، ورأى أن الحمل فيه على مطرف البتة، فقاس بقية الأحاديث عليه.
وقد يكون الحديث الذي ذكره ابن يونس غير هذا الحديث، ويكون ابن عدي رأى الأحاديث في أصل أحمد بن داود، فاعتقدوا براءته منها للدليل الظاهر، وهو ثبوتها في أصله، فحملها كلها على مطرف.
(1) في "التنكيل": عمر، وهو خطأ.
فإن كان الأمر على هذا الوجه الثاني، فذاك الدليل: وهو ثبوت الأحاديث في أصله، يحتمل الخلل، ففي "لسان الميزان" (ج 1 ص 253):
"أحمد بن محمد بن الأزهر
…
قال ابن حبان: كان ممن يتعاطى حفظ الحديث، ويجري مع أهل الصناعة فيه، ولا يكاد يُذكر له بابٌ إلا وأغرب فيه عن الثقات، ويأتي فيه عن الأثبات بما لا يتابع عليه، ذاكرته بأشياء كثيرة فأغرب عليَّ فيها، فطاولته على الانبساط، فأخرج إليَّ أصولَ أحاديث
…
فأخرج إليَّ كتابه بأصل عتيق
…
قال ابن حبان: فكأنه كان يعملها في صباه
…
". اهـ.
فهذا رجلٌ روى أحاديثَ باطلة، وأبرز أصله العتيق بها، فإما أن يكون كان دجالا من وقت طلبه، كأن يسمع شيئًا، ويكتب في أصله معه أشياء يعملها، وإما أن يكون كان معه وقت طلبه بعض الدجالين، فكان يُدخل عليه ما لم يسمع، كما وقع لبعض المصريين مع خالد بن نجيح، كما تراه في ترجمة: عثمان بن صالح السهمي من مقدمة "الفتح".
وفي ترجمة محمد بن غالب تمتام من "الميزان" أنه أُنكر عليه حديثٌ، فجاء بأصله إلى إسماعيل القاضي، فقال له إسماعيل: ربما وقع الخطأ للناس في الحداثة.
وفي "الكفاية"(ص 118 - 119) عن حسين بن حبان: "قلت ليحيى بن معين: ما تقول في رجلٍ حَدَّثَ بأحاديث منكرة، فردها عليه أصحابُ الحديث، إن هو رجع وقال: ظننتها، فأما إذ أنكرتموها علي، فقد رجعت عنها؟
فقال: لا يكون صدوقا أبدا
…
فقلت ليحيى: ما يبرئه؟ قال: يخرج كتابًا عتيقا فيه هذه الأحاديث، فإذا أخرجها في كتابٍ عتيقٍ فهو صدوق، فيكون شُبِّهَ له، وأخطأ كما يُخطىء الناس، فيرجع عنها".
فأنت ترى ابن معين لم يجعل ثبوتها في الأصل العتيق دليلًا على ثبوتها عمن رواها صاحب الأصل عنهم، بل حمله على أنه شُبِّهَ له وأخطأ في أيام طلبه.
إذا تقرر هذا فلعل الأحاديث التي ذكرها ابن عدي عن أحمد بن داود عن أبي مصعب رآها ابن عدي في أصلٍ عتيقٍ لأحمد بن داود، فبنى على أن ذلك دليل ثبوتها عن أبي مصعب، وهذا الدليل لا يوثق به كما رأيت، لكن في البناء عليه عذر ما لابن عدي، يَخِفُّ به تعجبُ الذهبي إذ يقول: هذه أباطيل، حاشا مطرفًا من روايتها، وإنما البلاء من أحمد بن داود، فكيف خفي هذا على ابن عدي؟! ". اهـ.
• وفي "حاشية الموضح"(1/ 34):
"عبد الله بن عمر -هو ابن محمد بن أبان بن صالح بن عمير القرشي الأموي أبو عبد الرحمن الكوفي- مُشْكُدانه، مُوَثَّقٌ، على ما فيه من الغلو والغفلة.
وفي "الميزان": أنه كان مرة يقرأ التفسير، فمرَّ بقوله تعالى:{يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} فقرأ الكلمة الأخيرة: "ونشرا"، فروجع، فقال: هي منقوطة بثلاث. يعني أنها في كتابه الذي يقرأ منه: "ونشرا"، فقد صَحَّفَها عند كتابته، ثم قرأها على التصحيف". اهـ.
* * *