الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: نماذج من تطبيق المعلمي لتلك القواعد:
1 -
قال المعلمي في "حاشية الفوائد المجموعة"(ص 215):
ابن لهيعة لم يكن يتعمد الكذب، ولكن كان يدلس، ثم احترقت كتبه، وصار من أراد جمع أحاديث على أنها من رواية ابن لهيعة، فيقرأ عليه وقد يكون فيها ما ليس من حديثه، وما هو في الأصل من حديثه: لكن وقع فيه تغيير، فيقرأ ذلك عليه. وقد عوتب في ذلك فقال:"ما أصنع؟ يجيئونني بكتاب فيقولون: هذا من حديثك فأحدثهم".
نعم، إذا كان الراوي عنه ابن المبارك أو ابن وهب وصرح مع ذلك بالسماع فهو صالح في الجملة ..
فأما ما كان من رواية غيرهما، ولم يصرح فيه بالسماع، وكان منكرًا، فلا يمتنع الحكم بوضعه. اهـ.
2 -
وقال في "الفوائد"(ص 470):
ليث -ابن أبي سليم- كما في "التقريب": "صدوق اختلط أخيرًا، ولم يتميز حديثه فترك"، ومثله:"إذا جاء بالمنكر الشديد الإنكار اتجه الحكم بوضعه". اهـ.
3 -
وفي "الفوائد"(ص 171):
حديث: لا تسبوا الديك فإنه صديقي وأنا صديقه، وعدوه عدوي، والذي بعثني بالحق: لو يعلم بنو آدم ما في صوته لاشتروا ريشه ولحمه بالذهب والفضة، وإنه ليطرد مدى صوته من الجن.
قال الشوكاني:
رواه ابن حبان، وهو موضوع، وفي إسناده: رشدين وعبد الله بن صالح وهما ضعيفان جدًّا.
وروي من حديث أنس مرفوعا بلفظ: من اتخذ ديكا أبيض في داره لم يقربه شيطان ولا السحرة.
وفي إسناده: يحيى بن عنبسة، وهو كذاب.
ورواه أبو بكر الرقي بلفظ: الديك الأبيض صديقي - إلخ.
وفي إسناده: وضاع.
ورواه العقيلي بلفظ: الديك الأبيض الأفرق حبيبي. وهو أيضا موضوع.
قال ابن حجر: لم يتبين لي الحكم بالوضع.
قلت: وقد رُوي من طرق بألفاظ مختلفة، وأكثرها لفظ: الديك الكبير الأبيض. فيكون الحديث ضعيفا لا موضوعا. اهـ.
فقال الشيخ المعلمي:
دافع ابن حجر عن ثلاث روايات. وحاصل دفاعه: أن المطعون فيهم من رواتها لم يبلغوا من الضعف أن يحكم على حديثهم بالوضع.
فإن كان مراده أنه لا يحكم بأنهم افتعلوا الحديث افتعالًا، فهذا قريب، ولكنه لا يمنع من الحكم على الحديث بأنه موضوع، بمعنى أن الغالب على الظن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقله، وأن من رواه من الضعفاء الذين لم يُعرفوا بتعمد الكذب، إما أن يكون أُدخل عليهم، وإما أن يكونوا غلطوا في إسناده. اهـ.
4 -
وفي "الفوائد" ص (361):
حديث: أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسد الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب علي.
…
قال ابن حجر في القول المسدد في الذب عن مسند أحمد: قول ابن الجوزي في هذا الحديث باطل، وأنه موضوع، دعوى لم يستدل عليها إلا بمخالفة الحديث الذي في الصحيحين. وهذا إقدام على رد الأحاديث الصحيحة بمجرد التوهم، ولا ينبغي
الإقدام على الحكم بالوضع إلا عند عدم إمكان الجمع، ولا يلزم من تعذر الجمع في الحال أنه لا يمكن بعد ذلك؛ لأن فوق كل ذي علم عليم
…
قال الشوكاني:
ما ذكره من قوله: ولا ينبغي الإقدام على الحكم بالوضع إلا عند عدم إمكان الجمع: كلام غير صحيح. فإنه إذا تعذر الجمع لا يحل لأحد أن يحكم بوضع الموضوع، بل غاية ما يلزم تقديم الراجح عليه. وذلك لا يستلزم كونه موضوعًا بلا خلاف
…
فقال الشيخ المعلمي:
بل إذا تحقق التناقض ولزم من صحة أحدهما بطلان الآخر لزم الوضع، والحكم بالوضع يكفي فيه غلبة الظن كما لا يخفى. اهـ.
5 -
وقال الشيخ المعلمي في حاشية "الفوائد" ص (314):
المتروك إن لم يكذب عمدًا فهو مظنة أن يقع له الكذب وهمًا، فإذا قامت الحجة على بطلان المتن، لم يمتنع الحكم بوضعه، ولاسيما مع التفرد المريب. اهـ.
6 -
وفي "الفوائد" ص (429):
حديث: أهل مقبرة عسقلان يزفون إلى الجنة كما تزف العروس إلى زوجها.
…
روى أحمد في المسند من حديث أنس مرفوعًا: عسقلان أحد العروسين
…
أورده ابن الجوزي في الموضوعات. وقال في إسناده: أبو عقال هلال بن زيد، يروي عن أنس أشياء موضوعة.
وقال ابن حجر في القول المسدد: وهذا الحديث في فضائل الأعمال والتحريض على الرباط، وما يحيله الشرع ولا العقل، فالحكم عليه بالبطلان بمجرد كونه من رواية أبي عقال لا يتجه.
وطريق الإمام أحمد معروفة في التسامح في أحاديث الفضائل دون أحاديث الأحكام.
قال الشوكاني:
هذا كلامه، ولا يخفاك أن هذه مراوغة من الحافظ ابن حجر، وخروج من الإنصاف. فإن كون الحديث في فضائل الأعمال، وكون طريقة أحمد: معروفة في التسامح في أحاديث الفضائل: لا يوجب كون الحديث صحيحًا ولا حسنًا، ولا يقدح في كلام من قال في إسناده وضاع. ولا يستلزم صدق ما كان كذبًا وصحة ما كان باطلا. فإن كان ابن حجر يسلم أن أبا عقال يروي الموضوعات، فالحق ما قاله ابن الجوزي، وإن كان ينكر ذلك، فكان الأولى به التصريح بالإنكار والقدح في دعوى ابن الجوزي
…
فقال الشيخ المعلمي:
ابن حجر لا ينكر ما قيل في أبي عقال، ولكنه يقول إن ذلك لا يستلزم أن يكون كل ما رواه موضوعًا، وإذا كان الكذوب قد يصدق، فما بالك بمن لم يصرح بأنه كان يتعمد الكذب؟ فيرى ابن حجر أن الحكم بالوضع يحتاج إلى أمر آخر ينضم إلى حال الراوي، كأن يكون مما يحيله الشرع أو العقل.
وهذا لا يكفي في رده ما ذكره الشوكاني.
وقد يقال: انضم إلى حال أبي عقال أن المتن منكر، ليس معناه من جنس المعاني التي عني النبي صلى الله عليه وسلم ببيانها، أضف إلى ذلك قيام التهمة هنا؛ فإن أبا عقال كان يسكن عسقلان، وكانت ثغرا عظيما، لا يبعد من المغفل أن يختلق ما يرغب الناس في الرباط فيه، أو يضعه جاهل ويدخله على مغفل، والحكم بالوضع قد يكفي فيه غلبة الظن كما لا يخفى. اهـ.
7 -
وقال الشوكاني في آخر الكلام على الحديث السابق:
وقد روى ابن النجار، عن أنس مرفوعًا
…
في فضل رباط عسقلان.
فقال الشيخ المعلمي:
الشطر الأول من سنده مظلم جدًّا، والثاني كالشمس، وهذا يدل على بطلانه حتما. اهـ.
8 -
وفي "الفوائد" ص (429):
حديث: ما حسن الله خُلق رجل وخَلقه فأطعم لحمه النار.
في إسناده: عاصم بن علي، قيل: ليس بشيء، ورُدَّ بأنه أخرج له البخاري في صحيحه ووثقه الناس.
وروى من حديث أبي هريرة وأنس. وفي إسنادهما: مقال، فالحديث إذا لم يكن حسنًا فهو ضعيف، وليس بموضوع.
فقال الشيخ المعلمي بعد أن نقد أسانيده:
المدار على المعنى. اهـ.
9 -
وفي "الفوائد" ص (304):
حديث: لا تقولوا سورة البقرة، ولا سورة آل عمران، ولا سورة النساء، وكذلك القرآن كله.
رواه ابن قانع عن أنس مرفوعا. وقال أحمد: هو حديث منكر، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات.
قال ابن حجر: أفرط ابن الجوزي في إيراد هذا الحديث في الموضوعات.
ولم يذكر مستنده إلا قول أحمد [وتضيف عبيس]، وهو لا يقتضى الوضع.
فقال الشيخ المعلمي:
لكنه انضم بلى ذلك ما تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من إطلاق (سورة البقرة) وإنما تنطع في ذلك الحجاج بن يوسف كما في حديث رمي الجمرة في الصحيحين. اهـ.