الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - الإجازة:
الإجازة العامة:
• قال الشيخ المعلمى في ترجمة أبي نعيم الأصبهاني من "التنكيل"(1/ 122):
"من أقسام الإجازة: الإجازة العامة، بأن يجيز الشيخ للطالب جميع مروياته أو جميع علومه، فينبغي التثبت في روايات العاملين بهذه الإجازة؛ فإذا ثبت في أحدهم أنه لا يروي بها إلا ما ثبت عنده قطعًا أنه من مرويات المجيز، فهذا ممن يوثق بما رواه بالإجازة.
وإن بأن لنا أو احتمل عندنا أن الرجل قد يروي بتلك الإجازة ما يسمع ثقة عنده يحدث به عن المجيز، فينبغي أن يتوقف فيما رواه بالإجازة؛ لأنه بمنزلة قوله: حدثني ثقة عندي.
وإن بان لنا في رجل أنه قد يروي بتلك الإجازة ما يسمع غير ثقة يحدث به عن المجيز، فالتوقف في المروي أوجب.
فأما الراوي فهو بمنزلة المدلس عن غير الثقات، فإن كان قد عرف بذلك فذاك، وإلا فهو على يدي عدل.
وإذا تقرر هذا فقد رأيت في "تاريخ بغداد"(ج 8 ص 345): "أخبرنا أبو نعيم الحافظ أخبرنا جعفر الخلدي في كتابه قال سألت خير النساج .... " فذكر قصة غريبة ثم قال الخطيب: "قلت: جعفر الخلدي ثقة وهذه الحكاية طريفة جدًّا يسبق إلى القلب استحالتها، وقد كان الخلدي كتب إلى أبي نعيم يجيز له رواية جميع علومه، وكتب أبو نعيم هذه الحكاية عن أبي الحسن بن مقسم عن الخلدي، ورواها عن الخلدي نفسه إجازة، وكان ابن مقسم غير ثقة. والله أعلم".
أقول: فقول أبي نعيم: "أخبرنا الخلدي في كتابه" أراد به أن الخلدي كتب إليه بإجازته له جميع علومه، فأما القصة فإنما سمعها من ابن مقسم عن الخلدي، وابن مقسم غير ثقة، فهذا أشد ما يقدح به في أبي نعيم، لكن لعله اغتر بما كان يظهره ابن مقسم من النسك والصلاح فظنه ثقة، فإن ابن مقسم وهو أحمد بن محمد بن الحسن ابن مقسم ترجمته في "تاريخ بغداد" (ج 4 ص 429) وفيها:"حدثنا عنه أبو نعيم الحافظ ومحمد بن عمر .... وكان يظهر النسك والصلاح ولم يكن في الحديث بثقة" وقد تكلم الدارقطني وغيره في ابن مقسم. والله المستعان.
والحق أن أبا نعيم وضع من نفسه ومن كتبه، فجزاؤه أن لا يعتد بشيء من مروياته إلا ما صرح فيه بالسماع الواضح؛ كقوله في الحكاية المارة أول الترجمة:"حدثنا أبو أحمد الغطريفي" بخلاف ما استدل به الأستاذ (ص 107) وفيه عن أبي نعيم: "أخبرني القاضي محمد بن عمر وأذن لي" فإن هذه الصيغة مما يستعمله أبو نعيم في الإجازة، ومع ذلك فالقاضي محمد بن عمر هو الجعابي متكلم فيه اهـ.
• وفي ترجمة إبراهيم بن راشد الآدمي من "التنكيل"(1/ 92):
"في ترجمة علي بن صالح الأنماطي من (الميزان) حديث ساقه الذهبي من طريق أبي نعيم الأصبهاني: "أنا عمر بن شاهين ثنا أحمد بن محمد بن يزيد الزعفراني ثنا إبراهيم بن راشد الآدمي ثنا علي بن صالح الأنماطي
…
".
استنكره الذهبي وقال: "المتهم بوضعه علي فإن الرواة ثقات سواه".
تعقبه ابن حجر في (اللسان) بأن عليا ذكره ابن حبان في (الثقات) وقال: "مستقيم الحديث" قال ابن حجر: "وينظر فيمن دون صاحب الترجمة".
أقول: أخاف أن يكون هذا من بلايا الإجازة، فإن أبا نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني ربما تكون له إجازة عامة من شيخ، ثم يسمع الشيء ويرويه رجل عن
ذاك الشيخ، فيرويه أبو نعيم عن الشيخ نفسه بلفظ "أخبرنا" على اصطلاحه في الإجازة .. فيكون البلاء في هذا الحديث من الرجل الذي بي أبي نعيم وابن شاهين ويبرأ غيره. والله أعلم اهـ.
• وفي "الفوائد المجموعة"(ص 184 - 185) عند ذكر خبر: "أكل الطين حرام على كل مسلم" تكلم الشيخ المعلمي على طرقه الواهية، ثم قال: وبقيت طرق أخرى معلقة لم تذكر أسانيدها، وأخرى أسانيدها مظلمة، من أشنعها:
الديلمي، أنبأنا ابن همان، أنبأنا أبو نصر محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن صالح، أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الله بن ماشاذه، أنبأنا أبو الشيخ، أنبأنا الفضل بن الحباب، عن القعنبي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر رفعه:"من مات وفي قلبه مثقال من طين، كبه الله في النار".
ولو كان هذا عند أبي الشيخ، لما فات صاحبه أبا نعيم، وأبا القاسم بن منده، وقد عنيا بجمع طرق هذا الخبر، ولا أدري البلاء من بعض المسمين دون أبي الشيخ، أم من الإجازة، فإن صيغة (أنبأنا) يستعملها المتأخرون في الإجازة، وقد يكون لابن ماشاذه مثلًا إجازة عامة عن أبي الشيخ، ثم بعد موته يسمع رجلًا يحدث عنه بحديث فيحسن الظن به، ويذهب يرويه عن أبي الشيخ، وقد يكون الذي أحسن الظن به كذابًا، اتفق مثل هذا لأبي نعيم، كما تراه في ترجمة (خير النساج) من تاريخ بغداد، هذا وكلمة (قلبه) في المتن تشعر بأن كلمة (طن) محرفة عن (كبر) فقد جاءت أحاديث تشبه هذا في الكبر، والله المستعان" اهـ.
الإجازة الخاصة:
• في ترجمة عمر بن الحسن أبي الحسن الشيباني القاضي المعروف بابن الأشناني من التنكيل (1/ 380):
"وقال الخطيب: "أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب أخبرني محمد بن نعيم الضبي (هو الحاكم) قال: سمعت أبا علي الهروي يحدث عن عمر بن الحسن الشيباني القاضي فسألته عنه فقال: صدوق. قلت: إني سمعت أصحابنا ببغداد يتكلمون فيه فقال: ما سمعنا أحدًا يقول فيه أكثر من أنه يرى الإجازة سماعًا، وكان لا يحدث إلا من أصوله".
أقول: هذه الحكاية مسنده صحيحة، وقوله:"يرى الإجازة سماعا"، يريد به الإجازة الخاصة، بدليل قوله:"وكان لا يحدث إلا من أصوله" وهي قوية، فإن كان معنى أنه يراها سماعًا هو أنه يعتد بها، ويروي ما أجيز له عمن أجازه فليس في هذا إلا أنه يصحح الأجازة الخاصة، وهو قول أكثر أهل العلم، وإن كان معناه أنه يروي ما أجيز له بلفظ:"حدثنا" فاصطلاح له قد عُرف ولا محذور فيه
…
". اهـ.
• الغمز بالإجازة:
في ترجمه: محمد بن العباس بن حيوية أبي عمر الخزاز من "التنكيل"(1/ 463) نظر الشيخ المعلمي في قول الأزهري فيه: "كان أبو عمر بن حيويه مكثرا، وكان فيه تسامح، لربما أراد أن يقرأ شيئا، ولا يقرب أصله منه فيقرؤه من كتاب أبي الحسن ابن الرزاز لثقته بذلك الكتاب، وإن لم يكن فيه سماعه، وكان مع ذلك ثقة".
فقال: "علي بن موسى أبو الحسن ابن الرزاز شيخ الخزاز حتما، ثم هناك احتمالان:
الأول: أن يكون شيخه في ذاك الكتاب.
الثاني: أن لا يكون شيخه فيه وإنما سمعه والخزاز من رجل آخر.
فعلى الأول
…
فصورة التساهل موجودة،
…
ومن روى من أصل شيخه لا يأمن أن يقع في نحو هذا [التساهل] إلا إذا كان قد كرر المقابلة حتى وثق كل الوثوق بالمطابقة، والأَولى به وإن وثق كل الوثوق أن لا يروى إلا عن أصل نفسه، فإن كان الخزاز سمع ذاك الكتاب من أبي الحسن أبن الرزاز فتساهله هو ترك الأولى كما عرفت، وعلى الاحتمال الثاني لا يكون للخزاز أن يروي عن كتاب ليس هو أصله ولا أصل شيخه إلا أن يقابله بأصله مقابله دقيقة فيثق بمطابقته لأصله، ومع ذلك فالأَولى به أن لا يروي إلا من أصله، وعلى هذا فتساهل الخزاز هو في ترك الأولى كما أقتضته عياراتهم في الثناء عليه كما مر.
قال الأستاذ -الكوثري-: "وكان ينبغي أن يذكر في السند اسم شيخه الذي ناوله أصله، وليس يمعقول أن يهمل التلميذ ذكر شيخه في سند ما حمله وتلقاه بطريقه".
أقول: هذا مبنى على الاحتمال الأول، وأن لا يكون الخزاز سمع الكتاب أصلا وإنما ناوله إياه ابن الرزاز.
والذي نقوله إنه كان على الاحتمال الأول فالخزاز سمع ذاك الكتاب سماعا من ابن الرزاز، وإلا لغمزوه بأنه يعتمد على الإجازة
…
". اهـ
* * *