المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الرابعفي رواية الأحاديث المكذوبة والباطلة والمنكرة في الكتب - النكت الجياد المنتخبة من كلام شيخ النقاد - جـ ٣

[إبراهيم بن سعيد الصبيحي]

فهرس الكتاب

- ‌الْقسم الثالث«القواعد النظرية والاستقرائية التي بنى عليها المعلمي منهجه في النقد»

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الباب الأولفي فصول نافعة في السنة وأهلها، وعناية الأئمة بها، ومدح أصحاب الحديث، وذم مخالفيهم من أهل الكلام والرأي

- ‌الفصل الأولفي تعريف "السنة

- ‌الفصل الثانيفي منزلة السنة من الدين

- ‌الفصل الثالثكتابة الحديث في العهد النبوي، وأسباب عدم انتشار ذلك حينئذٍ، والاستدلال بحفظ الله تعاله للسنة على دحض شبهات المخالف

- ‌الفصل الرابعتحقيق المقال في الأحاديث الواردة في النهى عن كتابة الحديث

- ‌الفصل الخامسعناية الأئمة بحفظ السنة واحتياطهم البالغ في نقد الرواة والأخبار

- ‌الفصل السادسفي الانتصار لأصحاب الحديث، وبيان مراعاتهم للعقل في نقد الأسانيد والمتون، وذم ما عليه المتكلمون والمتفلسفون لخوضهم في غوامض المعقول

- ‌الفصل السابعفي بيان بعض ما انتقد على أهل الرأي والكلام والكُتَّاب العصريين في دفع الصحيح من المرويات وقدح الثقات من الرواة وغير ذلك

- ‌الفصل الثامنفي رفع الإشكال عن كلمات في ذم الحديث وطلبته خرجت من أصحابها دون قصد ظاهرها

- ‌الفصل التاسعالإشارة إلى إعراض كثير من الناس في العصور المتأخرة عن هذا العلم العظيم، ووجوب تسليم مَن دون أئمة الحديث لهم في معرفة المقبول من المردود

- ‌الباب الثانيفي قواعد نقد الخبر وشرائط قبول الحديث

- ‌الفصل الأولالقواعد النظرية ومنزلتها من النقد

- ‌الفصل الثانيمراتب نقد الخبر، وشرائط قبول الحديث

- ‌المرتبة الأولى: النظر في أحوال رجال سنده واحدًا واحدًا

- ‌الشرط الأول: الإسلام

- ‌الشرط الثاني: البلوغ

- ‌الشرط الثالث: العقل

- ‌الشرط الرابع: العدالة

- ‌المبحث الأولفي معنى العدالة

- ‌المبحث الثانيفي ذكر بعض شروط تحقيق العدالة

- ‌المبحث الثالثفي عدالة الصحابة

- ‌المبحث الرابعفي عدالة التابعين

- ‌المبحث الخامسأوجه الطعن في العدالة

- ‌الوجه الأولرمي الراوي بالكذب في الحديث النبوي

- ‌المطلب الأولفي بيان حفظ الله تعالى للسنة من اختلاط الكذب ونحوه بها وأن وقوع الكذب في الرواية لا يمنع من معرفة الصدق فيها

- ‌المطلب الثانيفي ذم الكذب

- ‌المطلب الثالثفي الرواية عن الكذابين والمتروكين ونحوهم

- ‌المطلب الرابعفي رواية الأحاديث المكذوبة والباطلة والمنكرة في الكتب

- ‌المطلب الخامسفي سرقة الحديث

- ‌أولًا: المقصود بسرقة الحديث:

- ‌ثانيًا: الباعث على سرقة الحديث وقيمة معرفة ذلك:

- ‌ثالثًا: من دلائل الاتهام بسرقة الحديث:

- ‌رابعًا: بعض مسالك الكذابين والسارقين:

- ‌1 - تركيب الأسانيد على متون مسروقة:

- ‌2 - السارق يُدخل الحديثَ على من لا يُظن به الكذب ترويجًا له:

- ‌3 - الكذب على المغمورين أبعد عن الفضيحة:

- ‌4 - أمثلة للتهمة بسرقة الحديث ونظر المعلمي في ذلك:

- ‌خامسًا: السارق لا يُعتد بمتابعته:

- ‌المطلب السادسمن قواعد الحكم على الحديث بالبطلان أو الوضع، وأنه لا يلزم اشتمال إسناده على كذاب

- ‌أولا: قال الشيخ المعلمي في مقدمة الفوائد المجموعة:

- ‌ثانيًا: نماذج من تطبيق المعلمي لتلك القواعد:

- ‌الوجه الثانيأنواع من الكذب تُلحق بالكذب في الحديث النبوي

- ‌الوجه الثالثرمي الراوي بالكذب في غير الحديث النبوي

- ‌الوجه الرابعالتهمة بالكذب

- ‌الوجه الخامسخوارم المروءة

- ‌الوجه السادسالبدعة

- ‌ قال العلامة المعلمي في كتاب "الاستبصار

- ‌ وقال في "عمارة القبور

- ‌ وقال المعلمي في القاعدة الثالثة من قسم القواعد من "التنكيل

- ‌الوجه السابعالجهالة

- ‌الفائدة الأولى: مناهج بعض الأئمة في توثيق المجاهيل

- ‌الفائدة الثانية: المجهول قد يَسْقُطُ أو يُتَّهَمُ بما يرويه إذا قامت القرائن على ذلك:

- ‌الفائدة الثالثة: عدم وقوف أمثالنا على ترجمة للرجل لا يُسَوِّغُ لنا الحكم عليه بالجهالة:

- ‌الفائدة الرابعة: أمثلة لـ: "مجهول الحال

- ‌الشرط الخامس من الشروط الواجب توفرها في الراوي: الضبط

- ‌ ضبط الصدر

- ‌المسألة الأولىالأصل فى الحفظ هو حفظ الصدور

- ‌المسألة الثانيةضبط الصغير المميز

- ‌المسألة الثالثةفي بيان حد الضابط لحديثه، وهل من شرط الضابط أن لا يقع له النسيان أو الشك

- ‌المسألة الرابعةهل الضبط يتجزأ

- ‌المسألة الخامسةالأمية وأثرها في ضبط الراوي

- ‌المسأله السادسةأوجه الطعن في ضبط الراوي أو مظاهر خفة ضبط الراوي

- ‌الوجه الأولوقوع الخطأ في حديث الراوي

- ‌المطلب الأولتفاوت درجات وقوع الخطأ في حديث الراوي، وأثر ذلك في الحكم عليه بالقبول والرد

- ‌المطلب الثانيالإصرار على الخطأ وأثره في قبول الراوي

- ‌الوجه الثاني من أوجه الطعن في ضبط الراوي

- ‌المطلب الأولكبر السن أو ذهاب البصر لا يستلزم التغير، فإنا كان فإنه لا يستلزم الاختلاط الاصطلاحي

- ‌المطلب الثانيقد يتغير الرجل أو يختلط ولا يظهر له في ذلك الحال ما يُنكر عليه

- ‌المطلب الثالثرواية حاكي الاختلاط عن المختلط هل يُعتد بها

- ‌الوجه الثالث من أوجه الطعن في الضبط: قبول التلقين

- ‌المطلب الأولمعنى التلقين وعلاقته بالوضع ونحوه

- ‌المطلب الثانيجواز التلقين على سبيل الامتحان مع بيان ذلك في المجلس وأن الشيخ يسقط بكثرة قبوله له

- ‌المطلب الثالثالإعلال باحتمال وقوع التلقين ممن جُرِّبَ عليه ذلك

- ‌الوجه الرابع من أوجه الطعن في الضبط: الإدخال في حديث الراوي

- ‌المطلب الأولالإدخال القادح وغير القادح

- ‌المطلب الثانيشأن من أُدخلت عليه أحاديث ألا يُقبل منه إلا ما رواه عنه متثبت ينظر في أصول كتبه

- ‌المطلب الثالثقد يسقط الرجل إذا حدث بأحاديث أدخلت عليه

- ‌الوجه الخامس من أوجه الطعن في الضبط: الغفلة

- ‌الوجه السادس من أوجه الطعن في الضبط: النسيان

- ‌ ضبط الكتاب

- ‌المطلب الأولأهميةُ الضبطِ بالكتابة، وعنايةُ المحدثين بأصلِ السماعِ، والمطالبةُ به إذا حَدَثتْ رِيبةٌ، وهل يُغمزُ الراوي حينيذٍ إذا لم يُبْرِزْهُ؟ وهل يُعذر أحيانا إذا لم يبرز بروايته أصلا

- ‌المطلب الثانيصحة كتاب الراوي تغني عن النص على ضبطه إذا كان صدوقا

- ‌المطلب الثالثهل تصح رواية الراوي من غير أصله إذا وثق به

- ‌المطلب الرابعهل الروايةُ من أصلٍ موثوقٍ فيه موثوقٍ أمتنُ أم الرواية من الحفظ

- ‌المطلب الخامستقديم المفضول على الفاضل في شيخٍ لروايته عنه من أصله

- ‌المطلب السادسرواية أهل الثبت والتحري عمن في أصوله سُقْمٌ واضطراب ونحو ذلك

- ‌المطلب السابعوقع الخطأ في الحداثة وبقاؤه في الأصل العتيق للشيخ

- ‌المطلب الثامنضياع الكتب أو دفنها وأثر ذلك على ضبط الراوي

- ‌المطلب التاسعرواية الضرير من كتبه

- ‌المطلب العاشرفوائد تتعلق بالنُسَخِ والأصولِ، وذِكْرِ التسميعات والتصحيحات، وعادة المحدثين في كتابة السماع في كل مجلس، وكيف تصح رواية الحفاظ المتأخرين للكتب الستة ونحوها

- ‌كثرةُ التسميعات والتصحيحات في الأصول القديمة لا ينفي وقوع الخلل فيها

- ‌عادةُ المحدثين كتابةُ السماع في كل مجلس، وما يترتب على ذلك

- ‌استغناء أهل العلم بالوثوق بصحة النسخة عن اشتراهما صحة السند إليها

- ‌المرتبة الثانية: النظر في اتصال الخبر

- ‌المطلب الأولقضية اشتراط العلم بالسماع في الحديث المعنعن بين المتعاصرين

- ‌1 - البحث الذى ذكره الشيخ المعلمي في "عمارة القبور

- ‌2 - القاعدة التاسعة من مقدمة "التنكيل" تحت عنوان: مباحث في الاتصال والانقطاع:

- ‌المبحث الأول

- ‌المبحث الثاني

- ‌المبحث الثالث

- ‌المبحث الرابع

- ‌المبحث الخامس

- ‌3 - جواب المعلمي

- ‌المطلب الثانيفوائد متفرقة تتعلق بقضية التدليس

- ‌الأولى: أثر التدليس على العدالة

- ‌الثانية: الفرق بين حدِّ التدليس والإرسال:

- ‌الثالثة: الوصف بمطلق التدليس يُحمل على أخف أنواعه وهو: تدليس الشيوخ، أما تدليس التسوية فلا بد فيه من التصريح به:

- ‌الرابعة: عنعنة المدلسين داخل "الصحيحين

- ‌الخامسة: الإعلال بالتدليس:

- ‌المطلب الثالثضرورة إجراء القواعد في نقد صيغ الأداء الواردة في الأسانيد

- ‌المطلب الرابعقضايا ومسائل تتعلق بالسماع

- ‌1 - معنى السماع بمعناه الواسع:

- ‌2 - نفي السماع لا يلزم منه انتفاء جميع صور التحمل كالإجازة والمكاتبة ونحوها:

- ‌3 - لا ملازمة بين عدم التحديث وعدم اللقاء أو السماع؛ فإن كثيرا من الرواة لقوا جماعة من المشايخ وسمعوا منهم ثم لم يحدثوا عنهم بشيء:

- ‌4 - عادة المحدثين إثبات سماع الحاضرين في مجالس السماع:

- ‌المطلب الخامسالاعتماد على النظر في سني الولادة والوفاة للرواة لبحث قضية السماع أو الإدراك لاسيما إذا لم توجد نصوص في ذلك

- ‌المطلب السادسنقد بعض صور التحمل سوى السماع

- ‌1 - الوجادة:

- ‌2 - الإجازة:

الفصل: ‌المطلب الرابعفي رواية الأحاديث المكذوبة والباطلة والمنكرة في الكتب

‌المطلب الرابع

في رواية الأحاديث المكذوبة والباطلة والمنكرة في الكتب

• ترجم المعلمي لأبي نعيم الأصبهاني الحافظ في "التنكيل" رقم (21) ونقل غمز الكوثري لأبي نعيم بقوله: "

ويذكر الخبر الكاذب وهو يعلم أنه كذب، ويعلم أيضًا ما يترتب على ذلك من اغترار جهلة أهل مذهبه بذكره الخبر المذكور

ومن المعروف أن عادة أبي نعيم سوق الأخبار الكاذبة بأسانيده بدون تنبيه على كذبها".

فقال العلامة المعلمي:

"أما سياقه في مؤلفاته الأخبار والروايات الواهية التي ينبغي الحكم على كثير منها بالوضع فمعروف، ولم ينفرد بذلك، بل كثير من أهل عصره ومن بعدهم شاركوه في ذلك، ولاسيما في كتب الفضائل والمناقب، ومنها مناقب الشافعي ومناقب أبي حنيفة، ثم يجيء من بعدهم فيحذفون الأسانيد ويقتصرون على النسبة إلى تلك الكتب، وكثيرًا ما يتركون هذه النسبة أيضًا كما في "الإحياء" وغيره.

وفي "فتح المغيث"(ص 106) في الكلام على رواية الموضوع: "لا يبرأ من العهدة في هذه الأعصار بالاقتصار على إيراد إسناده بذلك لعدم الأمن من المحذور به وإن صنعه كثر المحدثين في الأعصار الماضية من سنة مائتين وهلم جرا، خصوصًا الطبراني. وأبو نعيم وابن منده، فإنهم إذا ساقوا الحديث بإسناده اعتقدوا أنهم برئوا من عهدته

قال شيخنا: وكان ذكر الإسناد عندهم من جملة البيان

".

أقول: "مدار التشديد في هذا على الحديث الصحيح: "من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين".

ص: 230

ومن تدبر علم أنه إنما يكون كاذبا على أحد وجهين:

الأول: أن يرسل ذاك الحديث جازمًا كأن يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم

الثاني: أن يكون ظاهر حاله في تحديثه أن ذاك الخبر عنده صدق أو محتمل أن يكون صدقًا فيكون موهمًا خلاف الواقع فيكون بالنظر إلى ذاك الإيهام كاذبًا، وقد علمنا أن قول من صحب أنسًا: "قال أنس

" موهم بل مفهم إفهامًا تقوم به الحجة أنه سمع ذلك من أنس، إلا أن يكون مدلسًا معروفًا بالتدليس، فإذا كان معروفًا بالتدليس فقال فيما لم يسمعه من أنس: "قال أنس

" لم يكن كاذبًا ولا مجروحًا، وإنما يلامُ على شرهه، ويُذْكَرُ بعادته لتعرف فلا تحمل على عادة غيره، وذلك أنه لما عُرف بالتدليس لم يكن ظاهرُ حاله أن لا يقول: "قال أنس

" إلا فيما سمعه من أنس، وبذلك زال الإفهام والإيهام فزال الكذب.

فهكذا وأولى منه: من عُرف بأنه لحرصه على الجمع والإكثار والإغراب وعلو الإسناد يروي ما سمعه من الأخبار وإن كان باطلًا ولا يبّين، فإنه إذا عرف بذلك لم يكن ظاهر حاله أنه لا يحدث غير مبين إلا بما هو عنده صدق أو محتمل للصدق، فزال الإيهام فزال الكذب، فلا يجرح ولكن يلام على شرهه ويذكر بعادته لتعرف، وكما يكفي المدلس أن يعرف عادتَه أهلُ العلم وإن جهلها غيرهم فكذلك هذا؛ لأن الفرض على غير العلماء مراجعة العلماء، على أن العامّة يشعرون في الجملة بما يدفع اغترارهم الذي هوّل به الأستاذ، ولذلك كثيرًا ما نسمعهم إذا ذكر لهم حديث قالوا: هل هو في البخاري؟

فعلى هذا القول في أبي نعيم ومن جرى مجراه: إن احتمل أنهم لانهماكهم في الجمع لم يشعروا ببطلان ما وقع في رواياتهم من الأباطيل فعذرهم ظاهر، وهو أنهم لم يحدثوا بما يرون أنه كذب، وإنما يلامون على تقصيرهم في الانتقاد والانتقاء، وإن كانوا شعروا ببطلان بعض ذلك فقد عرفت عادتهم فلم يكن في ظاهر حالهم ما

ص: 231

يوجب الإيهام، فلا إيهام ولا كذب فإن اغتر ببعض ما ذكروه مَنْ قد عَرفَ عادتهم من العلماء بالرواية فعليه التَّبعَةُ، أو مَنْ لم يعرف عادتهم ممن ليس من العلماء بالرواية فَمِنْ تقصيره أُتِيَ؛ إذ كان الفرض عليه مراجعة العلماء بالرواية، ولذلك لم يَجْرَحْ أهلُ العلم أبا نعيم وأشباهه، بل اقتصروا على لومهم والتعريف بعادتهم، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات". اهـ.

• وترجم المعلمي لأبي الشيخ الأصبهاني الحافظ في "التنكيل" رقم (129) وأورد قول الكوثري فيه: "صاحب كتاب "العظمة" وكتاب "السنة" وفيهما من الأخبار التالفة ما لا آخر له".

فقال المعلمي:

"أما ما في كتبه من الأخبار الواهية فهو كغيره من حفاظ عصره وغيرهم. قال ابن حجر في "لسان الميزان" (ج 3 ص 75) في ترجمة الطبراني: "عاب عليه إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي جَمْعَهُ الأحاديث الأفراد مع ما فيها من النكارة الشديدة والموضوعات

وهذا أمر لا يختص به الطبراني

بل أكثر المحدثين في الأعصار الماضية من سنة مائتين وهلم جرا إذا ساقوا الحديث بإسناده اعتقدوا أنهم برئوا من عهدته".

وقد مَرَّ النظر في ذلك في ترجمة أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني". اهـ.

• وترجم المعلمي لأبي بكر الخطيب في "التنكيل" رقم (26) وأورد من مزاعم ابن الجوزي في الخطيب قوله: "وقد ذكر في كتاب الجهر أحاديث يعلم أنها لا تصح، وفي كتاب القنوت أيضًا، وذكر في مسألة صوم يوم الغيم حديثًا يَدْري أنه موضوع، فاحتج به ولم يذكر عليه شيئًا، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من روى حديثا يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين".

فقال المعلمي:

ص: 232

الجواب من أوجه:

الأول: أن الخطيب إن كان قصد بجمع تلك الرسائل جمع ما ورد في الباب فلا احتجاج، وإن كان قصد الاحتجاج فبمجموع ما أورده، لا بكل حديث على حدة.

الثاني: أننا عرفنا من ابن الجوزي تسرعه في الحكم بالوضع والبطلان، وترى إنكار أهل العلم عليه في كتب المصطلح في بحث "الموضوع".

الثالث: أن من جملة ما أورده في "الموضوعات" وَحْدها أكثر من ثلاثين حديثًا رواها الإمام أحمد في "مسنده" ولعله أورد في "الأحاديث الواهية" أضعاف ذلك، فيقال له: إن كنت ترى أنه خفي على الإمام أحمد ما عَلِمْتَهُ من كون تلك الأحاديث موضوعة أو باطلة، فما نراك أحسنت الثناء عليه، وعلى ذلك فالخطيب أَوْلى أن يخفى عليه.

الرابع: لا يلزم من زعم ابن الجوزي أن الحديث موضوع باطل أن يكون الخطيب يرى مثل رأيه.

الخامس: قد يجوز أن يكون الحديث موضوعًا أو باطلًا ولم ينتبه الخطيب لذلك.

السادس: إذا رُوي الحديث بسند ساقط لكنه قد روي بسند آخر حسن أو صالح أو ضعيف ضعفًا لا يقتضي الحكم ببطلانه لم يجز الحكم ببطلان المتن مطلقًا، ولا يدخل من رواه بالإسنادين معًا في حديث:"من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين".

وقد يُتوسع في هذا فَيُلْحق به ما إذا كان المتن المروي بالسند الساقط ولم يُرو بسند أقوى لكن قد رُوي معناه بسند أقوى، يقوي هذا أن المفسدة إنما تعظم في نسبة الحكم إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع ظن أنه كذب، لا في نسبة اللفظ، وشاهد هذا جواز الرواية بالمعنى. اهـ.

فائدة: في النظر في كتب الهلكى والمتروكين لأغراض صحيحة لا لأجل الاعتماد على

ص: 233

ما فيها:

• ساق المعلمي في ترجمة الإمام أحمد بن حنبل رقم (32) من "التنكيل" ما جاء في "تاريخ" الخطيب (3/ 177) أن أحمد كان ربما نظر في كتب أبي يوسف ومحمد بن الحسن، وكان أكثر نظره في كتب الواقدي، ثم قال المعلمي:

"في الحكاية أنه كان قليل النظر في كتبهما، كثير النظر في كتب الواقدي، هذا مع أنه من أسوأ الناس رأيا في الواقدي، فلم يكن ينظر في كتبه ليعتمد عليه، بل رجاء أن يرى فيها الشيء مما يهمه فيبحث عنه من غير طريق الواقدي على حَدِّ قول الله تبارك وتعالى:{إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} فلم يأمر بإلغاء خبر الفاسق إذ لعلّه صادق، بل أمر بالتبيّن، فخبر الفاسق يكون تنبيهًا يستدعي الالتفات إلى ما أخبر به والاستعداد له وعدم الاسترسال مع ما يقتضيه الأصل من عدمه حتى يبحث عنه فيتبين الحال. اهـ.

* * *

ص: 234