الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا أنه على كل حال إذا كانت عنعنة المدلس في "الصحيح" يكون الظن بثبوت السماع أقوى مما لو كانت في غير الصحيح. اهـ.
الخامسة: الإعلال بالتدليس:
• ذكر الشيخ المعلمي في "الأنوار الكاشفة"(ص 111) قول أبي رية:
"ووقع في رواية أبي إسحاق عند ابن سعد: وأتى كعب عمر فقال: ألم أقل لك إنك لا تموت إلا شهيدًا، وإنك تقول من أين وإني في جزيرة العرب".
ثم تعقبه بقوله: "هي عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، وأبو إسحاق مشهور بالتدليس، ولم يذكر سماعا، وروى غيره القصة عن عمرو بن ميمون كما في صحيح البخاري وغيره بدون هذه الزيادة". اهـ.
• وذكر الشيخ المعلمي فيه (ص 119) قوله:
"وفي تفسير الطبري أن ابن عباس سأل كعبًا عن سدرة المنتهى. فقال: إنها على رءوس حملة العرش، وإليها ينتهي علم الخلائق، وليس لأحد وراءها علم، ولذلك سميت سدرة المنتهى لانتهاء العلم بها".
فقال المعلمي: "هو من طريق الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف، قال: سأل ابن عباس كعبا وأنا حاضر".
كذا قال، والأعمش مشهور بالتدليس، وهلال بن يساف لم يدرك كعبًا" اهـ.
• وذكر فيه (ص 133) قوله:
"فقد روى وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح الخ".
فقال المعلمي: "يُنظر السند إلى وكيع، والأعمش مدلس، وأبو صالح لم يتبين إدراكه للقصة". اهـ.
• وفيه (173 - 174) قوله:
"وعن أبي حسان الأعرج أن رجلين دخلا على عائشة فقالا: إن أبا هريرة يحدث عن رسول الله: إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار. فطارت شققا ثم قالت: كذب والذي أنزل القرآن على أبي القاسم، مَنْ حَدَّث بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان أهل الجاهلية يقولون: إن الطيرة فى الدابة والمرأة والدار، ثم قرأتْ {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}
فقال المعلمي: "
…
أما روايته عن أبي هريرة فعزاه أبو رية إلى "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة، وقد رواه الإمام أحمد في المسند (6: 150 و 240 و 246) من طريق: قتادة، عن أبي حسان، وليس بالصحيح عن عائشة؛ لأن قتادة مدلس، ولو صح عن عائشة لما صح المنسوب إلى أبي هريرة؛ لجهالة الرجلين، وليس في شيء من روايات أحمد لفظ "كذب"، ولو صحت لكانت بمعنى "أخطأ"، كما يدل عليه آخر الحديث. وقد تبين أنه لا خطأ، فقد رواه جماعة من الصحابة كما علمت، فأما معناه والجمع بينه وبين الآية فيطلب من مظانه" اهـ.
• ونظر الشيخ المعلمي في حديث أيي هريرة في يأجوج ومأجوج، فقال في "الأنوار الكاشفة" (ص 184 - 186):
"هذا الحديث مداره على قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة، رواه عن قتادة فيما وقفت عليه ثلاثة:
الأول: شيبان بن عبد الرحمن في مسند أحمد (2: 523).
الثاني: أبو عوانة في سنن الترمذي ومستدرك الحاكم (4: 488).
الثالث: سعيد بن أبي عروبة في تفسير ابن جرير (16: 16) وسنن ابن ماجه ومسند أحمد (2: 532).
فأما شيبان وأبو عوانة ففي روايتهما: "
…
قتادة عن أبي رافع"
وأما سعيد فرواه عنه فيما وقفت عليه ثلاثة:
الأول: يزيد بن زريع عند ابن جرير وفيه أيضًا: "
…
قتادة عن أبي رافع".
الثاني: عبد الأعلى بن عبد الأعلى عند ابن ماجه وفيه: "
…
قتادة قال حدث أبو رافع"
هكذا نقله ابن كثير في تفسيره طبعة بولاق (6: 173) وطبعة المنار (5: 333) ومخطوطة مكتبة الحرم المكي، وهكذا في سنن ابن ماجه نُسخ مكتبة الحرم المكي المخطوطة وهي أربع، وطبعة عمدة المطابع بدهلى في الهند سنة (1273)، ووقع في أربع نسخ مطبوعة هنديتن ومصريتين: "
…
قتادة قال حدثنا أبو رافع" مع أن سياق السند من أوله فيها هكذا: "حدثنا أزهر بن مروان ثنا عبد الأعلى ثنا سعيد عن قتادة
…
" فلو كان في الأصل: "قال حدثنا" لاختصر في الأصول المخطوطة لهذه النسخ الأربع إلى: "ثنا" كسابقيه في أثناء السند، ولكنه جهل الطابعين، حسبوا أنه لا يقال: "حدث فلان" وإنما يقال: "حدثنا فلان" فأصلحوه بزعمهم، وتبع متأخرهم متقدمهم، والله المستعان.
الثالث: روح بن عبادة عند أحمد وفيه "
…
قتادة ثنا أبو رافع" وأحسب هذا خطأ من ابن المذهب راوي المسند عن القطيعي عن عبد الله بن أحمد، وفي ترجمته من الميزان واللسان قول الذهبي: "الظاهر من ابن المذهب أنه شيخ ليس بمتقن، وكذلك شيخه ابن مالك، ومن ثم وقع في المسند أشياء غير محكمة المتن ولا الإسناد" ومن المحتمل أن يكون الخطأ من روح، فإن كلا من يزيد وعبد الأعلى أثبت منه، وقتادة مشهور بالتدليس فلو كان الخبر عند سعيد عنه مصرحًا فيه بالسماع لحرص سعيد على أن يرويه كذلك دائمًا بل أطلق أبو داود أن قتادة لم يسمع من أبي رافع، وظاهره أنه لم يسمع منه شيئًا، ولكن نظر فيه ابن حجر، على كل حال فلم يثبت تصريح قتادة في هذا بالسماع، فلم يصح الخبر عن أبي رافع، وأبو رافع هو نفيع البصري
مخضرم ثقة
…
فلو صح الخبر عنه لزم تصحيحه عن أبي هريرة، ولو صح عن أبي هريرة لصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو صح مع ذلك أن كعبًا أخبر بما يشبهه لكان محمله الطبيعي أن كعبًا سمع الحديث من أبي هريرة أو غيره من الصحابة فاقتبس منه خبره، لكن الخبر لم يصح عن أبي رافع، فلم يصح عن أبي هريرة، فلم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ندري ممن سمعه قتادة، والله أعلم.
• وفيه (64 - 65)
"روى ابن شهاب عن قبيصة أن الجدة جاءت أبا بكر تلتمس أن تورث فقال: ما أجد لك في كتاب الله شيئًا، وما علمت أن رسول الله ذكر لك شيئًا، ثم سأل الناس، فقام المغيرة فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيها السدس. فقال له: هل معك أحد؟ فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك، فأنفذه لها أبو بكر".
فقال الشيخ المعلمي:
"هذه واقعة حال واحدة، ليس فيها ما يدل على أنه لو لم يكن مع المغيرة غيره لم يقبله أبو بكر. والعالم يحب تظاهر الحجج كما بينه الشافعي في الرسالة (ص 432). ومما حسَّن ذلك هنا أن قول المغيرة: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيها السدس" [كما نقله أبو رية] يعطي أن ذلك تكرر من قضاء النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد يستبعد أبو بكر تكرر ذلك ولم يعلمه هو مع أنه كان ألزم للنبي صلى الله عليه وسلم من المغيرة. وأيضًا الدعوى قائمة، وخبر المغيرة يشبه الشهادة للمدعية، ومع ذلك فهذا خبر تفرد به الزهري، عن عثمان بن إسحاق بن خرشة، عن قبيصة، واحد عن واحد عن واحد. فلو كان في القصة ما يدل على أن الواحد لا يكفي لعاد ذلك بالنقض على الخبر نفسه. فكيف وهو منقطع، لأن قبيصة لم يدرك أبا بكر، وعثمان بن إسحاق وإن وثق لا يعرف في الرواية إلا برواية الزهري وحده عنه هذا الخبر وحده". اهـ.