الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له عذرٌ قريبٌ؛ كأن يقول: فاتني أولًا ذلك المجلس، وكان الشيخُ يعتني بي، فأعاده لي وحدي، ولم يحضر كاتبُ التسميع، فإنه يُقبلُ منه". اهـ.
• وقال في ترجمة ابن دوما (74):
"ذكره الخطيب فقال: كان كثير السماع إلا أنه أفسد أمره بأن ألحق لنفسه السماع في أشياء لم يكن عليها سماعه.
ثم قال الخطيب: وذكرت للصوري جزءا من حديث الشافعي: حدثنا ابن دوما فقال لي: لما دخلت بغداد رأيت هذا الجزء، وفيه سماع ابن دوما الأكبر، وليس فيه سماع أبي علي، ثم سمع أبو علي فيه لنفسه، وألحق اسمه مع اسم أخيه.
فمن الجائز أنهم كانوا يحضرونه مع أخيه ولم يكتبوا إسماعه؛ لصغره، فرأى أنه كان مميزًا، وأن له حق الرواية بذلك، فإن كان كتب بخطه العادي أنه سمع، فلعله صادق، وإن كان قَلَّدَ خَطَّ كاتبِ السماع الأول إيهاما أنه كتب سماعه في المجلس، فهذا تدليس قبيح، قد يكون استجازه بناء على ما يقوله الفقهاء في مسألة: الظفر ونحوها، بعلة أنه لا يصل إلى حقه إلا بذلك". اهـ.
(3)
استغناء أهل العلم بالوثوق بصحة النسخة عن اشتراهما صحة السند إليها
.
• في ترجمة: الحسن بن الحسين بن العباس بن دوما النعالي من "التنكيل"(74):
في "تاريخ بغداد"(13/ 374): أخبرنا الحسن بن الحسين بن العباس النعالي أخبرنا أحمد بن جعفر بن سلم حدثنا أحمد بن علي الأبار حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الله بن يزيد المقرىء عن أبيه قال: دعاني أبو حنيفة إلى الإرجاء.
أخبرنا ابن رزق أخبرنا جعفر الخلدي حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد
…
بمثله، وزاد فيه: فأبيت.
قال الكوثري: النعالي هو ابن دوما المزور، قال عنه الخطيب نفسه: أفسد أمره بأن ألحق لنفسه السماع في أشياء لم يكن عليها سماعه.
وكأن الخطيب استشعر تداعي هذا السند حتى ساق شاهدًا فيه ابن رزق والحضرمي.
فقال الشيخ المعلمي:
"ابن رزق هو محمد بن أحمد بن رزق، ثقة تأتي ترجمته، والحضرمي حافظ جليل تأتي ترجمته، فالسند الثاني لا غبار عليه، وإذا كان المتن محفوظًا بسندٍ صحيحٍ، لم يزده سوقُه مع ذلك بسندٍ فيه مقالٌ إلا تأكيدا على أن المقال في ابن دوما لا يضر هاهنا.
فإن كان الخطيب إنما يروي بذاك السند ما يأخذه من مصنف الأبار، والعمدة في ذلك على أن تكون النسخة موثوقًا بها، كما لو روى أحدُنا بسندٍ له من طريق البخاري حديثا ثابتا في "صحيحه"، فإنه لا يقدح في ذلك أن يكونَ في السند إلى البخاري مطعونٌ فيه، وقد شرحت هذا في "الطليعة" وغيرها، والأبار هو الحافظ أحمد بن علي بن مسلم، تقدمت ترجمته، والخطيب معروف بشدة التثبت، بل قد يبلغ به الأمر إلى التعنت، فلم يكن ليروي عن مصنف الأبار إلا عن نسخةٍ موثوقٍ بها، بعد معرفته صحة سماع ابن دوما". اهـ.
• وفي ترجمة: عبد الله بن جعفر بن درستويه (119):
قال الشيخ المعلمي:
"كان يروي "تاريخ" يعقوب بن سفيان، فرواه عنه جماعةٌ، ويروي الخطيب عن رجلٍ عنه، فيأخذُ الخطيبُ الحكايةَ من "تاريخ" يعقوب، ولا يَنُصُّ على ذلك، بل يسوقها بالسند عن شيخه عن ابن درستويه عن يعقوب إلخ، على ما جرت به عادة محدثي عصره، كما ترى في "سنن" البيهقي؛ يأخذ من "سنن" أبي داود و"سنن"
الدارقطني ومؤلفات أخرى كثير؛، فيسوق الحديثَ بسنده إلى أبي داود، ثم يصله بسند أبي داود، ويكرر ذلك بها كل حديث.
وقد قَرَّرَ أهلُ العلم أن جُلَّ الاعتماد في مثل هذا على الوثوق بصحة النسخة، فلا يضر أن يكون مع ذلك في الوسائط التي دون مؤلف الكتاب رجلٌ فيه كلامٌ؛ لأنه واسطة سندية فقط، والاعتماد على صحة النسخة.
وهذا كما لو أحب إنسان منا أن يشوق بسندٍ له إلى البخاري، ثم يصله بسند البخاري لبعض الأحاديث في "صحيحه"، فإنه بعد ظهور أنه إنما يروي بذلك السند من "صحيح" البخاري، لا يكون هناك معنًى لأن يعترض عليه بأن في سنده إلى البخاري رجلًا فيه كلام.
والأئمة الأثبات كالبيهقي والخطيب قد عُرف عنهم كمالُ التحري والتثبت في صحة النُّسخ، وتأكد ذلك بأن مَن كان من أهل العلم والنقد في عصرهم وما بعده لم يُنكروا عليهم شيئًا مما رووه من تلك الكتب مع وجود نسخ أخرى عندهم، وكانوا بغاية الحرص على أن يجدوا للمحدث زلةً أو تساهلًا فيشيعوا ذلك ويذيعوه؛ نصيحةً للدِّين مِن وجهٍ، وحبًّا للسمعة وللشهرة من وجه آخر، ولما قد يكون في صدر بعضهم من الحنق على الرجل أو الحسد له من وجهٍ ثالث.
وقد كان القدماء كسعيد بن أبي عروبة ووكيع وغيرهما يروون من حفظهم، وتكون لأحدهم كتبٌ ومصنفاتٌ لا تحيط بحديثه، فكثيرًا ما يُحدث من حفظه بما ليس في كتبه، مع ذلك كان الرجل إذا روى عن أحدِ هؤلاء ما ليس في كتبه أَنكر الناسُ عليه ذلك، قائلين: ليس هذا في كتب ابن أبي عروبة، ليس هذا في كتب وكيع، حتى تناول بعضهم يحيى بن معين إذ روى عن حفص بن غياث حديثًا لم يوجد في كتب حفص، كما تقدم في ترجمة حسين بن حميد.
فما بالك بالمتأخرين الذين إنما يروون من الكتب.
فما بالك بمثل الخطيب الذي قد عُرف أنه إنما يروي بذاك السند من كتاب يعقوب، فإذا لم يطعن أحدٌ في شيء يرويه الخطيب من طريق ابن درستويه عن يعقوب، ولا قال أحدٌ: هذه الحكاية ليست في "تاريخ" يعقوب، ولا هذا السياق مخالف لما في "تاريخ" يعقوب بزيادةٍ أو نقصٍ أو تغييرٍ، فقد ثبت بذلك وبغيره صحةُ نُسخة الخطيب، وثبوت ذلك عن يعقوب، وهكذا لم يطعن أحد في شيء رواه ابن درستويه عن يعقوب بأنه ليس في كتاب يعقوب، إما البتة وإما بذلك السياق.
فظهر بهذا أن كُلَّ ما رواه ابنُ درستويه عن يعقوب فهو ثابت في كتاب يعقوب.
وبهذا يتبين أن محاولةَ القدحِ في كل الحكايات التي يرويها الخطيب من طريق ابن درستويه عن يعقوب بمحاولة الطعن في ابن درستويه تعبٌ لا يجدي ولا يفيد ولا يبدىء ولا يعيد". اهـ.
• وفي ترجمة: أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك أبي بكر القطيعي (12):
قال الخطيب: كان بعض كتبه غرق، فاستحدث نَسْخَهَا من كتابٍ لم يكن فيه سماعُه، فغمزه الناسُ، إلا أنا لم نر أحدًا امتنع من الرواية عنه، ولا ترك الاحتجاج به، وقد روى عنه من المتقدمين: الدارقطني وابن شاهين
…
سمعت أبا بكر البرقاني سُئل عن ابن مالك، فقال: كان شيخًا صالحًا
…
ثم غرقت قطعة من كتبه بعد ذلك، فنسخها من كتابٍ، ذكروا أنه لم يكن سماعه فيه، فغمزوه لأجل ذلك، وإلا فهو ثقة.
قال الخطيب: وحدثني البرقاني قال: كنت شديد التنقير عن حال ابن مالك، حتى ثبت عندي أنه صدوق، لا يشك في سماعه، وإنَّما كان فيه بُلْه، فلما غرقت "القطيعة" بالماء الأسود غرق شيء من كتبه، فنسخ بدل ما غرق من كتابٍ لم يكن فيه سماعه.
فأجاب الشيخ المعلمي عما قيل في القطيعي حتى قال:
"الذين ذكروا الاستنساخ، لم يذكروا أنه روى مما استنسخه، ولو علموا ذلك لذكروه؛ لأنه أبينُ في التليين، وأبلغ في التحذير، وليس مِنْ لازمِ الاستنساخ أن يروي عما استنسخه ولا أن يعزم على ذلك، وكأنهم إنما ذكروا ذلك في حياته لاحتمال أن يروي بعد ذلك عما استنسخه.
وقد قال الخطيب في "الكفاية"(ص 109): "ومذاهبُ النقاد للرجال غامضةٌ دقيقةٌ، وربما سمع بعضهم في الراوي أدنى مغمز، فتوقف عن الاحتجاج بخبره، وإن لم يكن الذي سمعه موجبًا لرد الحديث، ولا مسقطًا للعدالة، ويرى السامع أن ما فعله هو الأولى؛ رجاء إن كان الراوي حيًّا أن يحمله على التحفظ وضبط نفسه عن الغميزة، وإن كان ميتًا أن ينزله من نقل عنه منزلته، فلا يُلحقه بطبقة السالمين من ذلك المغمز.
ومنهم من يرى أن من الاحتياط للدين إشاعة ما سمع من الأمر المكروه الذي لا يوجب إسقاط العدالة بانفراده، حتى ينظر هل من أخوات ونظائر
…
".
فلما ذكروا في حياة القطيعي أنه تغير، وأنه استنسخ من كتابٍ ليس عليه سماعُه، كان هذا على وجه الاحتياط، ثم لما لم يذكروا في حياته ولا بعد موته أنه حَدَّثَ بعد تغير شديد، أو حَدَّث مما استنسخه من كتاب ليس عليه سماعه، ولا استنكروا له روايةً واحدةً، وأجمعوا على الاحتجاج به كما تقدّم، تبين بيانًا واضحًا أنه لم يكن منه ما يخدش في الاحتجاج به.
هذا، وكتبُ الإمام أحمد كـ "المسند" و"الزهد" كانت نُسَخُها مشهورةً متداولةً، قد رواها غيرُ القطيعي، وإنما اعتنوا بالقطيعي، واشتهرتْ روايةُ الكتب من طريقه لعلو السند، ويأتي لهذا مزيد في ترجمة الحسن بن علي بن المذهب، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات". اهـ.
• وفي ترجمة ابن المذهب (78):
بعد كلام طويل فيما قيل في ابن المذهب والجواب عنه، ذكر الشيخ المعلمي قول الخطيب:"ليس بمحل للحجة"، فقال:
"حاصله أنه لا تقوم الحجة بما يتفرد بمع وهذا لا يدفع أن يُعتمد عليه في الرواية عنه من مصنف معروف: كـ "المسند" و"الزهد".
وسيأتي في ترجمة عبد العزيز بن الحارث طعنهم فيه وتشنيعهم عليه وتشهيرهم به بسبب حديثين نسبهما إلى "المسند" وهم يرون أنهما ليسا منه، ولم يغمزوا ابن المذهب بشيء ما من هذا القبيل.
وذلك يدل أوضح دلالة على علمهم بمطابقة نسختيه اللتين كان يروي منهما "المسند" و"الزهد" لسائر النسخ الصحيحة، فالكلام فيه وفي شيخه (1) لا يقتضي أدنى خدش في صحة "المسند" و"الزهد"، فليخسأ أعداء السنة". اهـ.
• وفي ترجمة: عمر بن محمد بن عيسى السذابي الجوهري (173):
في ترجمة أبي حنيفة من "تاريخ بغداد" حكاياتٌ من طريقه عن الأثرم.
قال الكوثري: قال الذهبي: في حديثه بعض النكرة، تفرد برواية ذاك الحديث الموضوع: "القرآن كلامي ومني خرج
…
".
فقال الشيخ المعلمي:
"روى السذابي هذا الحديثَ عن الحسن بن عرفة، فقد يكون رواه من حفظه فوهم أو أدخله عليه بعض الجهال.
(1) يعني: القطيعي.
فأما روايته عن الأثرم، فالظاهر أنها من كتابٍ مؤلف، والاعتماد في ذلك على صحةِ النسخة كما مَرَّ في ترجمة عبد الله بن جعفر وغيرها، ولذلك تجد تلك الحكايات مستقيمة، قد توبع عليها". اهـ.
• وفي ترجمة: محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر الأدمي (187):
في "تاريخ بغداد"(13/ 405): أخبرنا البرقاني حدثني محمد بن أحمد بن محمد الأدمي حدثنا محمد بن علي الإيادي حدثنا زكريا بن يحيى الساجي حدثنا بعض أصحابنا قال: قال ابن إدريس:
…
قال الكوثري: ترى البرقاني يصفّ نفسَه في صفّ هؤلاء، فيروي عن مثل الأدمي
…
راوي "العلل" للساجي
…
فقال الشيخ المعلمي:
"
…
الخبر في كتاب "العلل" للساجي، ولم يكن البرقاني ليسمع الكتاب من الأدمي حتى يثق بصحة سماعه، وبصحة النسخة.
فهب أن البرقاني أو الخطيب قال: قال الساجي في "العلل"
…
ألَّا يكفي هذا للحجة؟ ".اهـ.
* * *