المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الكلام على غزوة الخندق وخبرها تفصيلا] - بهجة المحافل وبغية الأماثل - جـ ١

[العامري الحرضي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌[خطبة الكتاب والكلام على تفسيرها]

- ‌[مطلب في الكلام على أما بعد]

- ‌[الكلام على المؤلفات في التاريخ النبوى وتقسيم الكتاب الى قسمين]

- ‌[القسم الاول في تلخيص سيرته]

- ‌[الباب الاول من القسم الاول في مولده وشرف نسبه ومحتده]

- ‌[مطلب في الكلام على أنكحة الجاهلية]

- ‌[فصل: وأما ما مهد الله له في قدم نبوته وذكره]

- ‌[فصل: فيما ورد من فضل بلدى مولده ووفاته]

- ‌[مطلب في الكلام على ما ورد في فضل مكة]

- ‌[مطلب وأما ما جاء في فضل المدينة]

- ‌[فصل في ذكر آبائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل فيما نقل من مزايا آبائه عليه الصلاة والسلام]

- ‌[الباب الثاني من القسم الاول في تاريخ مولده الى نبوته]

- ‌[مطلب حمل أمه به صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب فى الآيات التى ظهرت لمولده عليه الصلاة والسلام]

- ‌[مطلب في مراضعه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في شق الملكان صدره الشريف]

- ‌[مطلب في الكلام على إحياء الله تعالى له أبويه حتى آمنا به]

- ‌[مطلب في وفاة جده عبد المطلب وخروجه مع عمه أبى طالب]

- ‌[مطلب فى حضوره صلى الله عليه وسلم حرب الفجار مع قريش وحلف الفضول]

- ‌[مطلب في خروجه الى الشام بتجارة لخديجة وزواجه بها صلى الله عليه وسلم الى الشام]

- ‌[مطلب في بناء قريش الكعبة ووضعه الحجر الاسود بيده الشريفة مكانه من البيت]

- ‌[مطلب في الكلام على أول من بني المسجد الحرام والكلام على أول ما ظهر من لوائح نبوته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[من ذلك خبر زيد بن نفيل وورقة بن نوفل وغيرهما]

- ‌[ومن ذلك خبر سلمان الفارسي رضى الله عنه]

- ‌[ومن ذلك ابن الهيبان من يهود الشام]

- ‌[مطلب في تحنثه صلى الله عليه وسلم بغار حراء وما قيل في عصمته وما كان يراه من أمارت النبوة]

- ‌[الباب الثالث في ذكر نبوته وما بعدها الى هجرته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في بدء نبوته صلي الله عليه وسلم وظهور جبريل له بغراء حراء]

- ‌[مطلب في أخبار صلى الله عليه وسلم لورقد بن نوفل عن ظهور جبريل له]

- ‌[مطلب في تعليم جبريل له عليه الصلاة والسلام الوضوء والصلاة]

- ‌[فصل: في صفة جبريل عليه السلام وانه سفير الانبياء وعدد نزوله على النبى صلي الله عليه وسلم وبيان كيفيات الوحي]

- ‌[مطلب في تاريخ رسالته الى الخلق على ما حكاه أهل التاريح والدعوة اليها سرا]

- ‌[الكلام على حديث ان هذا الدين بدأ غريبا وسيعود كما بدأ]

- ‌[مطلب في ذكر أول من آمن به صلي الله عليه وسلم]

- ‌[الكلام على منابذة قريش له حين أمره الله باظهار الدعوة وان يصدع بما يؤمر]

- ‌[خبر اشتداد قريش على أبي طالب ووثوب كل قبيلة على من اسلم منها يعذبونه]

- ‌[خبر اجتماع قريش الى الوليد بن المغيرة وتآمرهم فيما يرمونه به صلي الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في مناواة قريش له صلى الله عليه وسلم بالذي وذكر طرفا مما آذوه به]

- ‌[تتمة لهذا المطلب في العوارض البشرية التى لحقته صلى الله عليه من جراء ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام على تعذيب قريش للمستضعفين من المؤمنين]

- ‌[مطلب في الكلام على الهجرة الأولى الى الحبشة وبيان من هاجر إليها من الأصحاب]

- ‌[مطلب في تعقب قريش لمهاجرى الحبشة وعودتهم بالخيبة]

- ‌[مطلب في مكاتبته صلى الله عليه وسلم للنجاشى ليزوجه ام حبيبة بنت أبي سفيان وخبر ذلك]

- ‌[فصل وكان صلى الله عليه وسلم يكرم مهاجرة الحبشة ويلاطفهم ويذكر من فضلهم]

- ‌[فصل في حكم الفرار بالدين والعجز عن مقاومة المشركين]

- ‌[مطلب في إسلام سيدنا حمزة عمه صلى الله عليه وسلم وسبب ذلك]

- ‌[مطلب في إسلام سيدنا عمر بن الخطاب وتعزيز الله به ضعفة المسلمين]

- ‌[مطلب في اجتماع بطون قريش على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب وكتبهم بذلك الصحيفة ودخول أبي طالب ومن انحاذ معه الشعب محاصرين من قريش]

- ‌[ذكر خبر نقض الصحيفة المذكورة]

- ‌[109- الكلام على وقعة بعاث بين الأوس والخزرج وقدوم سويد بن الصامت الأوسى عليه صلي الله عليه وسلم وأول خبر الأنصار]

- ‌[الكلام على وفات عمه أبى طالب والسيدة خديجة وحزنه صلى الله عليه وسلم لذلك وما ناله من أذى قريش عقب ذلك]

- ‌[مطلب في خروجه صلى الله عليه وسلم لثقيف بالطائف وخبر ما لقي من أذاهم وخبر جن نصيبين]

- ‌[فصل في الكلام على الجن واختلاف الناس فيهم]

- ‌[مطلب في عرض نفسه صلى الله عليه وسلم على القبائل لحمايته من أذى قريش وليتمكن من نشر دعوته وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في بدء اسلام الأنصار وقصة الإسراء]

- ‌[مطلب فى قدوم الأنصار اليه صلى الله عليه وسلم وخبر بيعة العقبة الأولى]

- ‌[مطلب فى قدوم الأنصار اليه ثانية وبيعة العقبة الثالثة المتفق على صحتها]

- ‌[مطلب في أسماء النقباء من الأوس والخزرج وطرفا من أحوالهم ومواخذة قريش لهم في ذلك]

- ‌[الكلام على بدء الهجرة الى المدينة وأول من هاجر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم]

- ‌[الباب الرابع في هجرته صلى الله عليه وسلم وما بعدها الى وفاته]

- ‌[مطلب في الكلام على وصوله صلى الله عليه وسلم المدينة]

- ‌[فصل: في المسجد الشريف النبوى وعمارته]

- ‌[فصل: في ذكر منازل المهاجرين على الأنصار ومواساتهم لهم]

- ‌[فصل: في ان الله تعالى أوعد الوعيد العظيم على من أسلم قبل الهجرة ولم يهاجر والكلام على ذلك]

- ‌[فصل: فى مناواة يهود المدينة الاذي للنبى صلي الله عليه وسلم بعد ما قدم اليها]

- ‌[فصل: فى ذكر ما أصاب المهاجرين من حمي المدينة ودعائه صلى الله عليه وسلم بان يصح هواءها ويجببها اليهم]

- ‌[فصل ولما اطمأن برسول الله الدار وأعز الله جنده أذن له بقتال قريش ومن ناواه من غيرهم]

- ‌[مطلب في كتبه صلي الله عليه وسلم الكتاب بين المهاجرين والأنصار ومواخاته بينهما وموادعته يهود المدينة]

- ‌[مطلب في مشروعية في الأذان]

- ‌[مطلب في إسلام عبد الله بن سلام وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في غزوة ودان وتحويل القبلة]

- ‌[مطلب في مشروعية صيام رمضان]

- ‌[مطلب في بنائه صلى الله عليه وسلم بعائشة وتزويج علي بفاطمة رضى الله عنهم ومشروعية صدقة الفطر]

- ‌[مطلب في إسلام سيدنا العباس والكلام على أول راية عقدها رسول الله]

- ‌[مطلب فى غزوة بدر الكبري والكلام عليها تفصيلا]

- ‌[مطلب فى خبر حاطب بن أبي بلتعة ومكاتبة لمشركي قريش]

- ‌[فصل: وسمى يوم بدر باسم المكان]

- ‌[مطلب في الكلام على قتل كعب بن الأشرف وأبي رافع بن أبى الحقيق]

- ‌[الكلام على ولادة سيدنا الحسن بن على رضى الله عنهما]

- ‌[الكلام على غزوة أحد تفصيلا]

- ‌[فصل في فضل الشهادة ومزية شهداء أحد]

- ‌[فصل فى الكلام من أكرم بالشهادة يوم أحد]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة حمراء الاسد]

- ‌[مطلب فى الكلام على غزوة النضير]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة بدر الصغرى]

- ‌[مطلب في سرية عاصم بن ثابت الأنصاري وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في سيرته بئر معونة وخبر ذلك]

- ‌[فصل في شهداء بئر معونة وفضل الشهداء ومزيتهم]

- ‌[مطلب في مشروعية قصر الصلاة وما يلحق ذلك من الأحكام]

- ‌[مطلب في الكلام زواج رسول الله عليه وسلم بأم سلمة]

- ‌[الكلام على ولادة سيدنا الحسين وخبر ابن ابيرق]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة ذات الرقاع ومشروعية صلاة الخوف]

- ‌[تتمة في الكلام علي تارك الصلاة]

- ‌[استطراد لذكر قصة غوث بن الحارث]

- ‌[الكلام على حديث جابر وشراء النبى صلى الله عليه وسلم جمله منه]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة بنى المصطلق وهي غزوة المريسيع]

- ‌[الكلام علي سبب نزول سورة المنافقين]

- ‌[تتمة في زواج رسول الله بجويرية بنت الحارث من سبايا بنى المطلق واسلامهم]

- ‌[الكلام على رخصة التيمم وسببها وأحكامه]

- ‌[الكلام على حديث الإفك وخبر ذلك]

- ‌[فصل: في فوائد هذا الحديث بعد مقصوده الأعظم]

- ‌[فصل: اما أحكام القذف]

- ‌[الكلام على غزوة الخندق وخبرها تفصيلا]

- ‌[الكلام علي غزوة بني قريظة وسببها]

- ‌[الكلام على موت سعد بن معاذ ومناقبه رضي الله عنه]

- ‌[مطلب في الكلام على مشروعية تحريم الخمر وسبب ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام على مشروعية الحج]

- ‌[مطلب في قدوم ضمام بن ثعلبة أخي بني سعد بن بكر وإسلامه]

- ‌[تتمة فى الكلام على فوائد حديث ضمام]

- ‌[مطلب في تزويج الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش الأسدية وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام على مشروعية الحجاب وسببه]

- ‌[مطلب في شرح الفوائد التى تضمنت خير زواج السيدة زينب]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة دومة الجندل]

- ‌[الكلام على مشروعية الاستسقاء وصلاة الكسوف وشرح ذلك]

- ‌[الكلام على مشروعية حكم يمين الظهار وسببه]

- ‌[الكلام على صلح الحديبية وصد قريش لرسول الله ومن معه عن مكة]

- ‌[مطلب فى الكلام على بيعة الرضوان]

- ‌[مطلب في الكلام علي الشجرة التى كانت البيعة عندها]

- ‌[الكلام على اسلام خالد بن الوليد وعمرون بن العاص وخبر ذلك]

- ‌[الكلام على اسلام عقيل بن أبى طالب رضى الله عنه]

- ‌[الكلام على غزوة ذي قرد وتسمى غزوة الغابة]

- ‌[مطلب في الكلام علي قصة العرنيين]

- ‌[مطلب في ارسال رسول الله بكتبه الى ملوك الاقاليم الجبابرة]

- ‌[فصل: في فوائد خبر هرقل وما تضمنه من الآداب والأخلاق]

- ‌[تتمة في خبر النجاشي وتكريمه لكتابه صلى الله عليه وسلم وعودة مهاجري الحبشة]

- ‌[الكلام على فتح خيبر وخبر الشاة المسمومة التي أهديت اليه صلي الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في زواجه صلي الله عليه وسلم بصفية بنت حي]

- ‌[مطلب في إسلام أبي هريرة رضي الله عنه وبعض خبره]

- ‌[مطلب في غزوة زيد بن حارثة جذام وذكر سببها]

- ‌[الكلام على غزوة ذات السلاسل وشرح ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام الإمارة والتنفير من التعرض للرياسة والوعيد لأهلها]

- ‌[تتمة في بعث عمرو بن العاص أميرا على جيش ذات السلاسل وذكر بعض مناقبة والكف عن ذكر أصحاب رسول الله إلا بخير]

- ‌[الكلام على عمرة القضاء وزواجه صلى الله عليهو سلم بميمونة بنت الحارث الهلالية]

- ‌[مطلب فى الكلام على وفد عبد القيس وخبر سيدهم الأشج العصري]

- ‌[مطلب في وفات السيدة زينب أكبر بناته صلى الله عليه وسلم وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في اتخاذه صلى الله عليه وسلم المنبر وخبر حنين الجذع]

- ‌[ذكر فضل المنبر المنيف وما بينه وبين القبر الشريف]

- ‌[الكلام على غزوة مؤتة وخبر مقتل زيد حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة]

- ‌[الكلام على غزوة سيف البحر وخبر ذلك]

- ‌[الكلام على فتح مكة ويسمى فتح الفتوح]

- ‌[مطلب في كتابة حاطب بن أبي بلتعة لقريش بمسير رسول الله اليهم وإخبار جبريل له بذلك]

- ‌[الكلام على إسلام أبو سفيان بن حرب وإكرام النبي صلى الله عليه وسلم وله]

- ‌[مطلب في دخوله صلى الله عليه وسلم الكعبة ورد مفتاحها لبني شيبة وكسر ما فيها من الأصنام]

- ‌[فصل: فى ذكر شيء من الواردات يوم الفتح مما ذكره البخاري ومسلم]

- ‌[من ذلك خبر أم هانيء وقد اجارت ابن هبيرة فاجاز صلى الله عليه وسلم جوارها]

- ‌[ومن ذلك قضاء رسول الله لابن من وليدة زمعة بان الولد للفراش]

- ‌[ومن ذلك خبر المخزومية التي سرقت وإقامة الحد عليها]

- ‌[ومن ذلك حرمة مكة وان دخلوها عنوة يوم الفتح كان خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الكلام على غزوة حنين وشرح خبر ذلك]

- ‌[مطلب في ذكر من ثبت مع رسول الله يوم حنين]

- ‌[الكلام على غزوة أوطاس ومقتل أبي عامر الأشعري رضى الله عنه]

- ‌[الكلام على غزوة الطائف وحصاره]

- ‌[مطلب المخنثون على عهد رسول الله أربعة]

- ‌[الكلام على غنائم حنين وتقسيمها]

- ‌[تتمة في مؤاخذة النبي صلي الله عليه وسلم الأنصار حين بلغه موجدتهم لتقسيمه غنائم حنين في قريش]

- ‌[الكلام على وفد هوازن واستعطافهم النبي صلى الله عليه وسلم في سباياهم]

- ‌[مطلب ومما اتصل بالفتح بعث خالد بن الوليد الى بني جذيمة يدعوهم إلى الإسلام]

- ‌[مطلب ومما اتصل بالفتح إرسال البعوث الى هدم أصنام العرب]

- ‌[مطلب في مقدم كعب بن زهير مسلما وانشاده قصيدته المشهورة]

- ‌[تتمة في الكلام على كعب هذا وشىء من شعره في مدح النبى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في الكلام على قصة محلم بن جثامة الليثى وخبرها]

الفصل: ‌[الكلام على غزوة الخندق وخبرها تفصيلا]

ينشدها شعرا فقال:

حصان رزان ما تزن بريبة

وتصبح غرثى من لحوم الغوافل

فقالت له عائشة لكنك لست كذلك قال مسروق فقلت لها أتأذنين له أن يدخل عليك وقد قال الله تعالى وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ قالت وأى عذاب أشد من العمى وقالت انه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم*

[الكلام على غزوة الخندق وخبرها تفصيلا]

وفي هذه السنة وقيل في الخامسة كانت غزوة الخندق وسببها على ما ذكروا ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أجلى بني النضير جعل حيى بن أخطب يسعى بالغوائل وذهب الى مكة في رجال من قومه ودعوا قريشا الى حرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واخبروهم بأنهم اهدى سبيلا منه وفيهم نزل قوله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ الآية فلما اجابتهم قريش تقدموا الى قبائل ابن الانصاري صلى خلف الصديق وسمع عمر وعائشة وغيرهما وروى عنه خلق من التابعين فمن بعدهم منهم أبو وائل وهو أكبر منه وامامته وجلالته وثقته متفق عليها قال الشعبى ما علمت أن أحدا كان يطلب العلم في أفق من الآفاق مثله وقال مرة الهمدانى ما ولدت همدانية مثله وقال ابن المديني ما أقدم عليه واحدا من أصحاب عبد الله وكان أفرس فارس باليمن وهو ابن أخت معد يكرب وقال له عمر ما إسمك قال مسروق بن الاجدع فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الاجدع شيطان أنت مسروق بن عبد الرحمن وقال الشعبي فرأيته في الديوان مسروق بن عبد الرحمن وقال العجلي كان من أصحاب عبد الله الذين يقرؤون القرآن ويعلمون السنة علقمة بن الاسود وعبيدة ومسروق والحارث بن قيس وعمرو بن شراحيل مات سنة ستين وقيل ثلاث وستين انتهى قلت حديث الاجدع شيطان رواه عن عمر أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم (ينشدها شعرا) بضم أوله وكسر ثالثه رباعي وفي مسلم يشبب بأبيات له أى يتغزل (ينافح) بالفاء والمهملة أي يدافع ويناضل (أو) للشك (يهاجي) بالجيم بدون همزة* وفي هذه السنة أى الرابعة (وقيل في الخامسة) وهو الصواب كما مر عن الحافظ ابن حجر وذلك في شوال كما مر أيضا (بالغوائل) بالمعجمة جمع غائلة وهى كل أمر يعمل سرا (في رجال من قومه) سمى منهم في سيرة ابن أسحق سلام بن ابى الحقيق وكنانة بن الربيع بن أبى الحقيق وهوذة ابن قيس وأبو عمار الوائلي في نفر من بنى النضير ونفر من بني وائل (ودعوا قريشا الى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم زاد البغوي عن أبن اسحاق وقالوا انا سنكون معكم حتى نستأصله (وأخبروهم أنهم أهدى سبيلا منه) وذلك انهم قالوا لهم يا معشر يهود انكم أهل الكتاب الاول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد فديننا خير أم دينه فقالوا بل دينكم خير من دينه وأنتم أولي بالحق منه (وفيهم نزل الى آخره)

ص: 262

قيس عيلان فدعوهم الى مثل ذلك فاجابوهم فسارت تلك القبائل ولما علم بهم النبي صلى الله عليه وسلم شرع في حفر الخندق بمشورة سلمان الفارسي وقطع لكل عشرة أربعين ذراعا فجهدوا انفسهم في حفره متنافسين في الثواب لا ينصرف احد منهم لحاجة الا باذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو صلى الله عليه وسلم يكابد معهم* روينا في صحيح البخارى عن البراء ابن عازب قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ينقل من تراب الخندق حتى وارى عني الغبار جلدة بطنه وكان كثير الشعر وجعل يرتجز شعر ابن رواحة

والله لولا الله ما اهتدينا

ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا

وثبت الاقدام ان لاقينا

ان الأولى قد بغوا علينا

اذا أرادوا فتنة أبينا

ويرفع بها صوته أبينا أبينا ولما رآهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحملون التراب على متونهم وما بهم من النصب والجزع قال* اللهم ان العيش عيش الآخرة فاغفر للانصار والمهاجره فقالوا مجيبين له

نحن الذين بايعوا محمدا

على الجهاد ما بقينا ابدا

وقيل بل في كعب بن الاشرف وقيل في كعب بن أسد والجبت والطاغوت صنمان كان المشركون يعبدونهما وفيهما أقوال أخر (قيس عيلان) بالمهملة من مضر (بمشورة سلمان) باسكان المعجمة وفتح الواو ويجوز العكس وهى النصح بالصواب زاد البغوى وكان أوّل مشهد شهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حر (فائدة) أول من خندق الخنادق منو شهر بن أبرح على رأس ستين سنة من بعث موسى ذكره الطبرى وغيره (وقطع لكل عشرة أربعين ذراعا) رواه محمد بن جرير الطبرى والطبراني والحاكم عن عمرو بن عوف وزادوا فاحتج المهاجرون والانصار في سلمان وكان رجلا قويا فقال المهاجرون سلمان منا وقال الانصار سلمان منا فقال النبي صلى الله عليه وسلم سلمان منا أهل البيت جاهدوا أنفسهم أي بلغوا منها غاية الجهد (متنافسين) والتنافس الرغبة في الشئ يقال نافسه منافسة اذا رغب فيما رغب فيه (وروينا في صحيح البخارى عن البراء) وأخرجه عن مسلم أيضا (فانزلن) بنون التأكيد الخفيفة (سكينة) فعيلة من السكون (وثبت الاقدام) أى أنزل النصر (ان لاقينا) العدو (ان الاولى) بضم الهمزة الاولى مع المد أي الذين وهو محذوف الصلة أي الذين سبق منهم ما سبق (قد بغوا) أي ابتدؤا بالقتال (أبينا) روي بالمثناة من الاتيان أى أتينا للقتال وبالموحدة من الاباء أي أبينا الفرار والامتناع (متونهم) بالفوقية جمع متن وهو الظهر (النصب) التعب وزنا ومعنى (ان العيش عيش الآخره) وفي رواية لا عيش الاعيش الآخره أي لا عيش باق ومطلوب سواه وفيه ندب قول ذلك عند

ص: 263

ومرة ارتجزوا باسم رجل من المسلمين كان اسمه جعيلا فسماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمرا فقالوا

سماه من بعد جميل عمرا

وكان للبائس يوما ظهرا

فيجيبهم صلى الله عليه وسلم في قول ظهرا عمرا وجرى في اثناء حفر الخندق معجزات باهرة وبركات ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كحديث جابر وأبى طلحة وضيافتهما وخبر الكدية التي عرضت لهم في الخندق وغير ذلك مما ستراه مثبتا فى قسم المعجزات من هذا الكتاب ان شاء الله تعالى ولما فرغوا من الخندق أقبلت جموع الاحزاب كما قال تعالى إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ أى من قبل المشرق وهم أسد وغطفان في ألف عليهم عوف بن مالك النصرى وعبينة بن حصن الفزارى في قبائل أخر ونزلوا الى جانب احد ومن أسفل منكم وهم قريش وكنانة والاحابيش ومن ينضاف اليهم من أهل تمامة عليهم أبو سفيان بن حرب في عشرة آلاف فنزلوا برومة من وادى العقيق وخرج صلى الله عليه وآله وسلم في ثلاثة آلاف وجعل ظهره الى سلع والخندق بينه وبين العدو وأمر بالنساء والذرارى فرفعوا في الآطام ولما نزل جموع الاحزاب منازلهم اشتد الحصار على المسلمين ونجم النفاق واضطرب ضعفاء الدين كما قال الله تعالى وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ

رؤية ما يكره (جعيل) بضم الجيم ذكره ابن عبد البر وابن مندة وأبو نعيم ولم ينسبوه وليس في الصحابة من يسمى جعيلا غير هذا سوى جعيل بن زياد الاشجعي وجعيل بن سراقة العمري وقيل في كل منهما جعال (فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه بن مندة وأبو نعيم وابن عبد البر في كتب الصحابة (للبائس) للفقير (ظهرا) بالمعجمة أى مستند استند اليه (الكدية) بضم الكاف واسكان المهملة هي القطعة الغليظة وللفاسي والاصيلى في صحيح البخاري كبدة بفتح الكاف وكسر الموحدة قال ابن حجر ويروى بالنون أي بدل الموحدة وبالتحتية أيضا وفي بعض كتب السير فعرضت له عبلة بالمهملة فالموحدة قال السهيلي وهي الصخرة الصماء إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ أى من فوق الوادي من قبل المشرق (النصرى) بالنون المفتوحة والمهملة في قبائل اخر منهم بنو أسد عليهم طليحة بن خويلد وبنو قريظة عليهم حيي بن أخطب (ونزلوا الى جانب أحد) بموضع يقال له ذنب نقمى (ومن أسفل منكم) يعني من بطن الوادي من قبل المغرب (أبو سفيان بن حرب) وأبو الاعور عمرو بن سفيان السلمي (فنزلوا برومة) بضم الراء وكان نزولهم بمجتمع الاسيال منها (سلع) بمهملتين بينهما لام ساكنة جبل في غربي المدينة (الآطام) بفتح الهمزة مع المد وبكسرها مع القصر أي الحصون (الحصار) بكسر الحاء المحاصرة (ونجم النفاق) بالجيم المخففة أي ظهر (وَإِذْ زاغَتِ) أي مالت وشخصت (الْأَبْصارُ) من

ص: 264

وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً وما بعدها من الآيات الى قوله وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً:

وزاد الأمر اشتدادا أن تقدم حيى بن أخطب الى كعب بن اسد سيد بنى قريظة وسئله ان ينقض العهد الذي بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأبى عليه فلم يزل يخادعه بقول الزور ويمينه امانى الغرور حتى سمح له بالنقض على ان أعطاه العهد لئن رجعت تلك الجموع خائبة ان يرجع معه الى حصنه يصيبه ما أصابه ولما انتهى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر نقض بني قريظة بعث اليهم سعد بن معاذ وكانوا حلفاء في الجاهلية وبعث معه سعد بن عبادة وعبد الله بن رواحة وخوات بن جبير وقال لهم ان وجدتموهم ناقضين فالحنوا لي لحنا أعرفه ولا تفهمه الناس وان وجدتموهم على الوفاء فأخبرونى ظاهرا فوجدوهم على أخبث ما بلغهم عنهم وشاتموهم فلما رجعوا الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخوف (وبلغت القلوب الحناجر) أى زالت عن أماكنها حتي بلغت الحناجر من الفزع (وتظنون بالله الظنون) بحذف الالف وصلا ووقفا أهل البصرة وحمزة وباثباتها وصلا ووقفا أهل المدينة والشام وأبو بكر بن عاصم وباثباتها وقفا وحذفها وصلا الباقون ومعناه اختلفت الظنون وظن المنافقون استئصال محمد وأصحابه وظن المؤمنون النصر والظفر لهم (هنالك) أي عند ذلك (ابتلي المؤمنون) أي اختبروا بالحصر والقتال ليتبين المخلص من المنافق (وزلزلوا) حركوا (زلزالا شديدا) حركة شديدة (واذ يقول المنافقون) معتب بن قشير وقيل عبد الله بن أبي وأصحابه (والذين في قلوبهم مرض) شك وضعف اعتقاد ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً هو قول المنافقين يعدنا محمد فتح قصور الشام وفارس وأحدنا لا يستطيع ان يجاوز رحله هذا والله الغرور (وزاد الأمر) بالنصب مفعول والفاعل في قوله ان تقدم ويجوز الرفع على انه فاعل (وسأله ان ينقض العهد فابى) زاد البغوى وقال لست بناقض ما بيني وبينه ولم أرمنه الاوفاء وصدقا (فلم يزل يخادعه بقول الزور الى آخره) لفظ البغوى عن ابن اسحق فلم يزل يقبله في الذروة والغارب (فالحنوا لى) بهمزة وصل وفتح المهملة أى تكلموا بكلام افهمه دون غيرى إذا للحن في الاصل ازالة الكلام عن جهته وأراد صلى الله عليه وسلم ان لا يحصل في قلوب أصحابه حين يسمعون نقضهم خوف كما في سيرة ابن اسحاق ولا تفتوا أعضاد الناس أى ولا تكسروها (فوجدوهم على أخبث ما بلغهم عنهم) زاد البغوي عن ابن اسحق وقالوا لا عقد بيننا وبين محمد ولا عهد (وشاتموهم) فيه أيضا ان الذين شاتمهم سعد بن عبادة وكان رجلا فيه حدة فقال سعد بن معاذ دع عنك مشاتمتهم فما بيننا وبينهم أربي من المشاتمة

ص: 265

قالوا عضل والقارة ثم ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث الى عيينة بن حصن الفزارى والحارث بن عوف المري قائدى غطفان وأعطاهما ثلث ثمار المدينة على ان يفرقا الجمع وبعد المراوضة في ذلك استشار صلى الله عليه وسلم السعدين سيدي الانصار فقالا يا رسول الله امر أمرك الله به لا بد منه أم امر تحبه فتصنعه لنا قال بل رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة فأردت ان أكسر شوكتهم فقال سعد بن معاذ قد كنا نحن وهؤلاء على الشرك وهم لا يطمعون بتمرة منا الا قرى أو بيعا أفحين اكرمنا الله بالاسلام واعزنا بك نعطيهم أموالنا والله لا نعطيهم الا السيف فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انت وذاك وترك ما كان هم به من ذلك ثم اقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والعدو ليس بينهم قتال الا الرمي بالنبل والحصا ومرة جاء عكرمة بن أبى جهل وعمرو بن عبدود في فوارس من قريش فلما وقفوا على الخندق قالوا ان هذه لمكيدة ما كان العرب تكيدها ثم اقحموا خيولهم مهزما من الخندق وجالوا في السبخة فخرج عليهم أمير المؤمنين علي بن أبى طالب في نفر من المسلمين فأخذ عليهم الثغرة التي اقتحموا منها وأقبلت خيل قريش نحوهم فقتل على عليه السلام عمرو بن عبدود وألقى (بعث الي عيينة بن حصن) واسم عيينة حذيفة وسمى عيينة لشين كان بعينيه (وقالوا) امتثالا لامره صلى الله عليه وسلم (عضل) بفتح المهملة ثم المعجمة ولام (والقارة) بالقاف وعضل بطن من بني الهون والقارة أكمة سوداء فيها حجارة نزلوا عندها وهم أصحاب سرية الرجيع الذين قتلوا عاصما وأصحابه ومعناه وجدنا عندهم غدرا كغدر عضل والقارة (المرى) بضم الميم نسبة الي مرة القبيلة المعروفة ابن غطفان (غطفان) بفتح المعجمة فالمهملة (فاعطاهما ثلث ثمار المدينة) فيه جواز اعطاء المال للعدو لمصلحة المسلمين وقد صالح معاوية ملك الروم على الكف عن ثغور الشام بمال دفعه اليه ذكره أبو عبيد (وبعد المراوضة) بالراء والمعجمة وكانوا قد كتبوا الكتاب ولم يقع الشهادة كما في تفسير البغوي (شوكتهم) أى قوتهم (بتمرة) بالفوقية واسكان الميم (قرى) أى ضيافة (نعطيهم أموالنا) زاد البغوى مالنا بهذا من حاجة (والله ما نعطيهم الا السيف) حتى يحكم الله بيننا وبينهم (وترك ما هم به من ذلك) فتناول سعد الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب ثم قال ليجهدوا علينا (عكرمة) بكسر المهملة والراء وسكون الكاف أسلم عام الفتح (ابن عبدود) بضم الواو وفتحها وزاد البغوي وهبيرة بن أبى وهب المخزومي ونوفل بن عبد الله وضرار بن الخطاب ومرداس أخو بني محارب (لمكيدة) بفتح الميم وكسر الكاف وسكون التحتية أى مكر وحيلة (مهزما) بالزاي أى مكانا ضيقا (السبخة) يعني سبخة المدينة (الثغرة) بتثليث المثلثة (فقتل على عمرو بن عبدود) قال البغوي وكان عمرو قاتل يوم بدر حتي أثبتته الجراحة فلم يشهد أحدا فلما كان يوم الخندق جاء معلما ليرى مكانه فلما وقف هو وخيله قال له على يا عمرو انك كنت عاهدت الله ان لا يدعوك رجل من قريش الى خلتين الا أخذت منه احداهما قال أجل

ص: 266

عكرمة بن أبى جهل رمحه وولوا منهز مين ففى ذلك قال حسان:

فرّ والقى لنا رمحه

لعلك عكرم لم تفعل

ووليت تعدو كعدو الظليم

ما إن يحور عن المعدل

ولم تلق ظهرك مستأنسا

كأن قفاك قفا فرعل

وسقط نوفل بن عبد الله المخزومي في الخندق فنزل على كرم الله وجهه فقتله وأصيب يومئذ سعد بن معاذ رماه حبان بن العرقة بسهم في اكحله فقال سعد اللهم ان كنت أبقيت من حرب قال على بن أبي طالب فاني أدعوك الى الله والى رسوله والى الاسلام قال لا حاجة لى بذلك قال فاني أدعوك الى النزال قال ولم يابن أخي فو الله ما أحب أن أقتلك قال على والله لكني أحب ان أقتلك فحمى عمرو عند ذلك فاقتحم عمرو عن فرسه فعقره أو ضرب وجهه ثم أقبل على على فتنازلا وتجاولا فقتله على وخرجت خيله منهزمة (عكرم) مرخم فيجوز فتح ميمه وضمها كما في نظائره (الظليم) بفتح المعجمة وكسر اللام ذكر النعام ويسمى هلقا وهقلا وخفيددا ونقيقا وصعلا (ما) نافية (ان) زائدة (يحور) يرجع (تلق) بضم الفوقية وبالقاف آخره (فرعل) بضم الفاء والمهملة وبينهما راء ساكنة ولد الضبع وقيل ولد الذئب منه (وسقط نوفل بن عبد الله المخزومي في الخندق) فرموه بالحجارة فقال يا معشر العرب قتلة أحسن من هذه (فنزل اليه على فقتله) زاد البغوى فغلب المسلمون على جسده فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يبيعهم جسده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حاجة لنا في جسده وثمنه فشأنكم به فخلا بينهم وبينه (وأصيب يومئذ سعد بن معاذ) قال البغوى قالت عائشة كنا يوم الخندق في حصن بني الحارثة وكان من أحرز حصون المدينة وكانت أم سعد بن معاذ معنا في الحصن وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب فمر سعد بن معاذ وعليه درع مقلصة قد خرجت منها ذراعه كلها وفي يده حربة وهو يقول:

لبث قليلا يلحق الهيجا حمل

لا بأس بالموت اذاحان الاجل

فقالت أمه الحق يا بني والله لقد أخرت قالت عائشة فقالت لها يا أم سعد لوددت أن درع سعد كانت أسبغ مما هى قالت وخفت عليه حيث أصاب السهم منه قلت وهذا البيت لحمل بن سعدانة الكلبى وتمثل به سعد رضي الله عنه (حبان) بكسر المهملة وبالموحدة (فائدة) كل ما في الصحيحين على هذه الصورة فهو بفتح الحاء وبالتحتية الاستة فبالحاء والموحدة منهم ثلاثة بفتح الحاء وهم حبان بن منقذ وحبان بن يحيى وحبان ابن هلال وثلاثة بكسرها وهم حبان بن موسى وحبان بن عطية (وحبان بن العرقة) بفتح العين المهملة وكسر الراء وقاف وهي أمه واسمها قلابة بالقاف المكسورة والموحدة بنت سعد بن هلهل وهى من عبد مناف ابن الحارث سميت العرقة لطيب رائحتها وأبوه أبو قيس بن علقمة بن عبد مناف بن الحارث بن منقذ بن بغيض ابن عامر بن لؤى بن غالب وفي تفسير البغوى وغيره انه قال حين رماه خذها مني وأنا ابن العرقة فقال سعد عرق الله وجهك في النار وقيل ان القائل له ذلك أبو بكر رضي الله عنه وجمع بينهما بانهما قالاه معا (في أكحله) بفتح

ص: 267

قريش شيأ فأبقنى لها وان كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة* ومن دعائه صلى الله عليه وآله وسلم على الاحزاب اللهم منزل الكتاب سريع الحساب أهزم الاحزاب اللهم أهزمهم وزلزلهم* وقال أيضا ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس رواه البخاري ثم كان من مقدمات اللطف أن جاء نعيم بن مسعود الغطفاني ثم الأشجعي الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاسلم وقال يا رسول الله ان قومي لم يعلموا باسلامي فمرني بما شئت فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إنما أنت رجل واحد فخذل عنا ان استطعت فانما الحرب خدعة والمعنى ان المماكرة هنا انفع من الهمزة والمهملة بينهما كاف ساكنة عرق في وسط الذراع وهو عرق الحياة وفي كل عضو منه شعبة لها اسم اذا قطع لم يرقأ الدم (فابقنى) بقطع الهمزة (لها) أى للحرب وفي بعض نسخ البخاري له والحرب تذكر وتؤنث وللكشميهني لهم أي لقريش زاد البغوي فانه لا قوم أحب الى أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك وكذبوه وأخرجوه (تقر عينى) بضم أوله رباعي متعد وبفتحه ثلاثى لازم وقد تقدم معنى قرة العين (ملأ الله) في بعض روايات مسلم حشا الله بيوتهم وقبورهم في رواية لمسلم بدله وقلوبهم (عن صلاة الوسطى) هو من باب مسجد الجامع أي صلاة الصلاة الوسطى أو فعل الصلاة الوسطى زاد مسلم في رواية صلاة العصر وبه استدل أصحابنا على ان العصر هي الصلاة الوسطى أو فعل الصلاة الوسطى زاد مسلم في رواية صلاة العصر وبه استدل أصحابنا على ان العصر هي الصلاة الوسطى وفي الديباج عن بعضهم ان التفسير مدرج قال ولهذا سقط في رواية البخاري وفي رواية أبي داود يعنى العصر وهو صريح في الادراج انتهى ثم صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين العشائين وكان ذلك قبل نزول صلاة الخوف وكان الاشتغال بالعدو عذرا في تأخير الصلاة وفي الموطأ ان الفائتة الظهر وفي غيره انه أخر أربع صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء جمع الحفاظ بينهما بان وقعة الخندق بقيت أياما فكان هذا في بعض الايام وهذا في بعضها (فائدة) اختار السيوطي ان الوسطى هي الظهر قال في الديباج وقد أوضحت ذلك في حواشى الروضة وقررت فيها الادلة على ما قررته من ان الوسطى الظهر ثم أفردت في ذلك تأليفا (اللطف) بضم اللام واسكان الطاء وبفتحهما كما مر (نعيم) بالتصغير (ابن مسعود) بن عامر (الغطفاني ثم الاشجعي) قال ابن عبد البر سكن المدينة ومات في خلافة عثمان على الصحيح (ان الحرب خدعة) رواه أحمد عن جابر وأنس ورواه الشيخان عن جابر وأبي هريرة ورواه أبو داود عن جابر وكعب بن مالك ورواه الترمذي عن جابر ورواه ابن ماجه عن ابن عباس وعائشة ورواه البزار عن الحسين ورواه الطبرانى عن الحسن وزيد بن ثابت وعبد الله بن سلام وعوف بن مالك ونعيم بن مسعود والنواس بن سمعان ورواه ابن عساكر عن خالد بن الوليد فهؤلاء أربعة عشر صحابيا وخدعة بفتح المعجمة واسكان الدال المهملة على الافصح قال ثعلب وغيره وهي لغة النبى صلى الله عليه وسلم وبضم المعجمة واسكان المهملة وبضم المعجمة وفتح المهملة وهي أمر باستعمال الحيلة فيه ما أمكن قال في التوشيح وقال ابن المنذر معناه الحرب الكاملة في مقصودها البالغة انما هي المخادعة لا المواجهة وذلك لخطر المواجهة

ص: 268

المكاثرة وكما قالوا رب حيلة انفع من قبيلة ثم ان نعيم بن مسعود جاء الى اليهود وأخبرهم ان قبائل العرب ينصرفون ويتركونكم ومحمدا ولا طاقة لكم به فيرجع الشؤم والوبال عليكم فاتخذوا منهم رهائن لئلا ينصرفوا حتى يناجزوا محمدا فصدقوه في ذلك وتصادقوه ثم جاء الى قريش وأخبرهم ان اليهود قد ندموا وباطنوا محمدا ووعدوه أن يتخذوا منكم رهائن فيلقوا بهم اليه فيقتلهم وأخبر غطفان بمثل ذلك في كلام كثير زخرفه وزوقه وأوهم كلا منهم في الآخر ولما أصبحوا حشدت العرب للحرب وأرسلوا الى اليهود لينهضوا معهم فاعتذروا بأنه يوم سبتهم وانهم لا ينطلقون معهم حتى يعطوهم رهائن تدعوهم للمناجزة فصدقوا نعيم بن مسعود فيما كان حدثهم به ووقع في قلوبهم الوهن والتخاذل فافترقت عزائمهم وأرسل الله عليهم ريح الصبا في برد شديد فزلزلتهم وقلقلتهم واسقطت كل قائمة لهم وجالت الخيل بعضها فى بعض وكثر تكبير الملائكة في جوانب عسكرهم حتى كان سيد كل حى يقول يا بني فلان هلم فاذا اجتمعوا عنده قال النجاء النجاء اتيتم* ففى صحيح البخاري عنه صلى الله عليه وآله وسلم نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور وفيه أيضا نصرت بالرعب مسيرة شهر وحصول الظفر مع المخادعة بغير خطر انتهى وجوازها مقيد بان لا يكون في ذلك نقض عهد ومنها الكذب فيجوز في الحرب حقيقة خلافا للطبرانى وتعريضا والاقتصار عليه أفضل (المكاثرة) بالمثلثة ويجوز بالموحدة (جاء الى اليهود) زاد البغوى وكان لهم نديما في الجاهلية (الشؤم) بالهمز نقيض اليمن (والوبال) الخزي والهوان (فصدقوه) أي قالوا صدقت (وتصادقوه) أي رأوا انه صديق ناصح (زخرفه وزوقه) أى حسنه وزينه (بأنه يوم سبت) زاد البغوى وهو يوم لا نعمل فيه شيئا وقد كان أحدث بعضنا فيه حدثا فأصابه ما لم يخف عليكم (الوهن) الضعف (ريح الصبا) هى التى نأتي من قبل الكعبة كما مر (النجاء النجاء) بالمد والقصر أي أسرعوا أسرعوا (أتيتم) مبنى للمفعول أى أتاكم القوم (ففي) مسند أحمد و (صحيح البخاري) وصحيح مسلم من حديث ابن عباس (نصرت بالصبا) زاد الشافعى عن محمد بن عمرو مرسلا وكانت عذابا على من كان قبلي (وفيه أيضا) وفي سير النسائى عن جابر (نصرت بالرعب) زاد أحمد عن أبي إمامة يقذف في قلوب أعدائى (مسيرة شهر) بالنصب ولفظ رواية ابن عمرو وعند النسائى نصرت على العدو بالرعب ولو كان بينى وبينهم مسيرة شهر وفي الطبراني عن ابن عباس نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرعب على عدوه مسيرة شهرين وأخرج عن السائب بن يزيد مرفوعا فضلت على الانبياء بخمس بعثت على الناس كافة ودخرت شفاعتى لامتى ونصرت بالرعب شهرا أمامي وشهرا خلفى وجعلت لى الارض مسجدا وطهورا وأحلت لي الغنائم ولم تحل لاحد قبلي وللبيهقي من حديث أبي امامة ونصرت بالرعب

ص: 269

وفيه أيضا عن جابر رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاحزاب من يأتينا بخبر القوم فقال الزبير انا ثم قال من يأتينا بخبر القوم فقال الزبير أنا فقال من يأتينا فقال الزبير انا قال ان لكل نبي حواريا وحوارى الزبير وكان آخر رسول لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حذيفة بن اليمان كما روينا ذلك في صحيح مسلم عن ابراهيم التيمى عن ابيه قال كنا عند حذيفة فقال رجل لو أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلت معه وأبليت فقال له حذيفة أنت كنت تفعل ذلك لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الاحزاب وأخذتنا ريح شديدة وقر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة فسكتنا فلم يجبه منا أحد فقال ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معى يوم القيامة فسكتنا فلم يجبه منا أحد فقال قم يا حذيفة وأتنا بخبر القوم فلم أجد بدا إذ دعانى باسمى ان أقوم قال اذهب فأتنى بخبر القوم ولا تذعرهم على فلما وليت من عنده جعلت كأنى امشي في حمام حتى اتيتهم فرأيت ابا سفيان يصطلى على النار فوضعت سهما في كبد القوس فاردت ان ارميه فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا تذعرهم مسيرة شهرين تسير بين يدي (وفيه أيضا) وفي صحيح مسلم وسنن الترمذي (عن جابر) وأخرجه الترمذي أيضا وابن ماجه من حديث على (ان لكل نبى حواريا) أي صفيا مختصا به أو ناصرا أو وزيرا أو خليلا أو خالصا أو مخلصا أو ناصحا أو مجاهدا أو من يصحب الكبير أو من لا يصلح للخلافة غيره أقوال (وحواريي الزبير) بفتح الياء وكسرها كمصرخى (فائدة) استشهد الزبير يوم الجمل وهو ابن أربع وستين سنة قتله عمرو بن جرموز اليمنى وقال له على سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول بشر قاتل ابن صفية بالنار وقتله بعد ان نزع عن الحرب وانصرف (عن ابراهيم التيمى) ثقة ثبت مات سنة ثلاث وخمسين ومائة (عن أبيه) هو سالم أبو النصر (فقال رجل) زاد البغوي من أهل الكوفة (قاتلت معه فأبليت) لفظ البغوي والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الارض ولحملناه على أعناقنا ولخدمناه ولفعلنا وفعلنا (أنت) بهمزة الاستفهام (وقر) بضم القاف أي برد (جعله الله معى يوم القيامة) أي رفيقى في الجنة كما في البغوى أدخله الله الجنة (ثم قال) أى متراخيا ولهذا عبر بثم وفي البغوي ثم صلى هونا من الليل ثم التفت الينا فقال مثله في الزبير (ولا تذعرهم على) بفتح أوله واعجام الذال أي لا تفزعهم ولا تحركهم على ثم قال اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته (يصطلي) أي يستدفى وفي مسلم يصلي بفتح أوله وسكون الصاد (في كبد القوس) أي في مقبضها (فلما أتيته) زاد البغوي عن ابن اسحاق وهو قائم يصلي فلما سلم

ص: 270

عليّ ولو رميته لاصبته فرجعت وانا امشي في مثل الحمام فلما اتيته فأخبرته خبر القوم وفرغت قررت فألبسنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها فلم أزل نائما حتى أصبحت فلما أصبحت قال قم يا نومان ورواه ابن اسحق بزيادات وفيه فلما رأى أبو سفيان ما فعل الريح وجنود الله بهم لا تقر لهم قدرا ولا بناء قام فقال يا معشر قريش ليأخذ كل رجل منكم بيد جليسه فلينظر من هو قال حذيفة فأخذت بيد جليسي فقلت من أنت فقال سبحان الله اما تعرفني انا فلان بن فلان فاذا رجل من هوازن فقال أبو سفيان يا معشر قريش انكم والله ما أصبحتم بدار مقام لقد هلك الكراع واخلفتنا بنو قريظة وبلغنا عنهم الذي نكره ولقينا من هذه الريح ما ترون فارتحلوا فانى مرتحل ثم قام الى جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب به على ثلاث فما أطلق عقاله الا وهو قائم فسمعت غطفان بما فعلت قريش فانشمروا راجعين الى بلادهم وذكر تمام الحديث* ولما انتهى الى النبى صلى الله عليه وسلم خبر انصرافهم قال الآن نغزوهم ولا يغزوننا نحن نسير اليهم وكان يقول في كثير من المواطن شكرا لله وتذكرا لما أولاه لا إله إلا الله وحده أعز جنده ونصر عبده وغلب الاحزاب وحده ولا شيء بعده وكان مدة حصارهم الخندق بضعا وعشرين ليلة قريبا من شهر وقيل خمسة عشر (أخبرته خبر القوم) زاد البغوي فضحك حتى بدت أنيابه في سواد الليل (قررت) بضم القاف وكسر الراء أي بردت زاد البغوي وذهب عنى الدفء فأدناني النبى صلى الله عليه وسلم فأنامنى عند رجليه وألقي على طرف ثوبه والتزق صدرى ببطن قدمه (عباءة) بفتح المهملة وبالمد كساء ذو خمل (يا نومان) بفتح النون وسكون الواو وهو كثير النوم (لا تقر لهم قدرا) بكسر القاف هو التور من الحجارة (فأخذت يد جليسي) انما فعل ذلك لئلا يتفطنوا له (فاذا رجل من هوازن) ولابن عائذ قبض حذيفة على يد رجل عن يمينه فقال من أنت قال معاوية بن أبي سفيان وقبض على يد آخر عن يساره فقال من أنت قال أنا فلان فلعل الرجل من هوازن هو هذا (بدار مقام) في سيرة ابن اسحق بدار قرار (لقد هلك الكراع) بضم الكاف فيها أيضا لقد هلك الخف والحافر (ولقينا) باسكان التحتية (فما أطلق عقاله الا وهو قائم) لشدة عجلته ومبادرته (فانشمروا) بالنون الساكنة فالمعجمة أى ارتفعوا (وذكر تمام الحديث) يعنى رجوع حذيفة الى النبى صلى الله عليه وسلم وما بعده (أولاه) أعطاه وصنع اليه (أعز جنده) المؤمنين (ونصر عبده) محمدا صلى الله عليه وسلم (ولا شيء بعده) قال في التوشيح ان جميع الاشياء بالنسبة الى وجوده كالمعدوم أو كلها يفنى وهو الباقى فهو بعد كل شئ ولا شئ بعده انتهى وفيه جواز ترجيز الذكر والدعاء اذا لم يكن فيه تكلف (حم لا ينصرون) كان ذلك بامره صلى الله عليه وسلم كما في سنن أبى داود والترمذى وغيرهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليلة الخندق. ان نمتم الليلة فقولوا حم أى والله لا ينصرون انتهى وكأن لا ينصرون

ص: 271