الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مطلب في دخوله صلى الله عليه وسلم الكعبة ورد مفتاحها لبني شيبة وكسر ما فيها من الأصنام]
ولما انتهى صلى الله عليه وآله وسلم الى البيت طاف به سبعا على راحلته يستلم الركن بمحجن في يده وهو منكس رأسه تواضعا لله تعالى ولما فرغ من طوافه دعا بالمفتاح وكان في يد عثمان بن طلحة بن ابى طلحة الحجبي العبدري وبيد عمه شيبة بن عثمان بن ابى طلحة فأتى به ففتح ودخل وركع ركعتين يا نبي الله بايع عبد الله فرفع رأسه فنظر اليه ثلاثا كل ذلك يأبى ان يبايعه ثم بايعه بعد الثالثة ثم أقبل على أصحابه فقال ما كان فيكم رجل رشيد يقوم الى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله فقالوا ما ندري ما في نفسك ألا كنت أو مأت الينا بعينك فقال ما ينبغي لنبي ان يكون له خائنة عين أخرجه أبو داود والنسائي عن سعد وعكرمة بن أبي جهل أسلمت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام ثم استأمنت له وكان قد هرب الى اليمن فأدركته وأتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم واحدى قينتى ابن خطل وسارة استؤمن لهما صلى الله عليه وسلم فأمنهما وعاشت الى زمن عمر فأوطأها رجل من المسلمين فرسا بالابطح فقتلها (طاف به سبعا على راحلته) هذا خلاف ما في الصحيحين وسنن أبي داود والترمذي والنسائي عن ابن عباس ان ذلك انما كان في حجة الوداع لا يوم الفتح وركب صلى الله عليه وسلم بيانا للجواز أو لأن يراه الناس وليسألوه كما في صحيح مسلم أو لانه صلى الله عليه وسلم كان مريضا كما في سنن أبى داود وترجم عليه البخاري فقال باب المريض يطوف راكبا (يستلم الركن) فيه ندب استلام الركن وانه اذا عجز عن استلامه بيده استلمه بعود ونجوه لانه صلى الله عليه وسلم كان يستلمه يومئذ (بمحجن) بكسر الميم وسكون المهملة وفتح الجيم وهي عصى محنية الرأس يتناول بها الراكب ما يسقط له ويحرك بطرفها بعيره للمشى والحجن لغة الاعوجاج (في يده) زاد مسلم ويفتل المحجن (دعا بالمفتاح) لمسلم في رواية دعا بالمفتح بحذف الف مع كسر الميم قال النووى وهما لغتان (بيد عثمان) بن طلحة (بن أبي طلحة) قال النووى واسم أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي ومر انه أسلم مع خالد بن الوليد وعمرو ابن العاص في يوم واحد في هدنة الحديبية (الحجبي) بفتح المهملة والجيم نسبة الى حجابة الكعبة وهي ولايتها وفتحها واغلاقها وخدمتها (العبدري) نسبة الى عبد الدار كما مر (فأتى به) مبني للمفعول أو للفاعل والمراد به نسبته وفي الصحيحين عن ابن عمر ان عثمان ذهب الى أمه فأبت ان تعطيه المفتاح فقال والله لتعطينيه أو ليخرجن هذا السيف من صلبي فأعطته اياه وفي تفسير البغوى وغيره ان عثمان أبا عليّ المفتاح وقال لو علمت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أمنعه المفتاح فلوى علي بن أبي طالب يده وأخذ منه المفتاح وفتح الباب (ودخل) البيت فيه ندب دخوله وقد روى ابن أبي عدى والبيهقي في الشعب عن ابن عباس مرفوعا دخول البيت دخول في حسنة وخروج من سيئة وروى أبو داود والترمذي عن عائشة قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندي وهو مسرور ثم رجع وهو كئيب فقال اني دخلت الكعبة ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما دخلتها اني أخاف ان أكون قد شققت على أمتى ولفظ الترمذي وددت اني لم أكن فعلت اني أخاف ان أكون قد أتعبت أمتى من بعدي (وركع ركعتين) كما رواه مالك والشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم عن ابن عمر رضى الله عنهما انه سأل
وكسر ما فيه من الاوثان وطمس الصور واحرج (1) مقام ابراهيم ونزل عليه جبريل بقوله تعالى «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها» فخرج صلى الله عليه وآله وسلم وهو يتلوها قال عمرو ما كنت سمعتها منه فدعا عثمان والشيبة واعطاهم المفتاح وقال خذاها خالدة تالدة لا ينزعها منكم الا ظالم وكان العباس سئله أن يجمع له السدانة الى السقاية قال ابن مسعود ودخل صلى الله عليه وآله وسلم وحول البيت ستون وثلاثمائة بلالا هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم بين العمودين اليمانيين وي رواية وذهب عني ان أسأله كم صلى وفي أخرى قال سألت بلالا حين ما خرج ما صنع النبي صلى الله عليه وسلم قال جعل عمودين عن يمينه وعمودا عن يساره وثلاثة أعمدة وراءه والبيت يومئذ على ستة أعمدة ثم صلى وفي أخرى صلى ركعتين بين الساريتين اللتين عن يسارك اذا دخلت ثم خرج وصلى في وجه الكعبة ركعتين ولا يعارض ذلك رواية ابن عباس عن أسامة في الامهات انه صلى الله عليه وسلم دخل ولم يصل فقد أجمع أهل الحديث كما قاله النووى على الاخذ برواية بلال لانه ثبت ومعه زيادة علم فوجب ترجيحه واما نفي أسامة لها فسببه كما قال النووى اشتغاله بالدعاء في ناحية من نواحى البيت غير التي كان فيها صلى الله عليه وسلم فلم يره لتخفيفه صلى الله عليه وسلم الصلاة ولظلمة البيت فانه كان مغلقا عليهم وحينئذ فنفي الصلاة عملا بظنه وكان بلال قريبا منه صلى الله عليه وسلم فتحققها ففى ذلك جواز الصلاة داخل البيت اذا توجه الى جدار منه أو الى بابه مردودا بل بديها وبه قال الجمهور وفيه خلاف للسلف قال النووي وفيه دليل لمذهب السلف والجمهور ان تطوع النهار يستحب ان يكون مثنى وقال أبو حنيفة أربعا (وكسر) أى أمر بكسر (ما فيه من الاوثان) قبل ان يدخل كما في صحيح البخاري عن ابن عباس وفيه انهم أخرجوا صورة ابراهيم واسماعيل في أيديهما الازلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم الله اما والله لقد علموا انهما لم يستقسما بها قط والذي تولى كسرها واخراجها عمر بن الخطاب أخرجه أبو داود من حديث جابر (ان الله يأمركم أن تؤدوا الامانات الى أهلها) سبب نزولها ان العباس سأل النبي صلى الله عليه وسلم ان يعطيه المفتاح ويجمع له بين السقاية والسدانة فأنزل الله الآية (فدعى عثمان وشيبة) وللبغوى فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا ان يرد المفتاح الى عثمان ويعتذر اليه ففعل ذلك علي فقال له عثمان أكرهت وآذيت ثم جئت برفق فقال لقد أنزل الله في شأنك وقرأ عليه الآية فقال عثمان أشهد أن محمدا رسول الله وأسلم زاد الزمخشري فهبط جبريل فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان السدانة في أولاد عثمان أبدا انتهى قال القاضي زكريا ويخالف قوله ان السدانة في أولاد عثمان أبدا قول ابن كثير في تفسيره ان عثمان دفع المفتاح الى أخيه شيبة فهو في ولده الى اليوم (خذها) يعني السدانة (خالدة) دائمة (تالدة) بالفوقية بوزن خالدة أى يتعاقبونه ولدا بعد ولد (لا ينزعها منكم الا ظالم) قال العلماء فيحرم ان ينزعها أحد منهم لانها ولاية لهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبقى دائمة لهم لا ينازعون فيها ولا يشاركون ما دام فيهم