الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تتمة في مؤاخذة النبي صلي الله عليه وسلم الأنصار حين بلغه موجدتهم لتقسيمه غنائم حنين في قريش]
ولما لم يصب الانصار من هذه المقاسم قليل شيء ولا كثيره وجدوا وجدا عظيما ووقع في أنفسهم ما لم يقع قبل ذلك وقالوا يغفر الله لرسول الله يعطى قريشا ويدعنا وسيوفنا تقطر من دمائهم وقالوا اذا كانت شديدة فنحن ندعى وتعطى الغنيمة غيرنا فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خبر موجدتهم جمعهم فخطبهم فقال يا معشر الانصار ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بى وكنتم متفرقين فألفكم الله بي وعالة فأغناكم الله بي كلما قال شيئا قالوا الله ورسوله أمنّ قال ما يمنعكم ان تجيبوا رسول الله كلما قال شيئا قالوا الله ورسوله أمن قال لو شئتم لقلتم جئتنا كذا وكذا أما ترضون ان يذهب الناس بالشاء والبعير وتذهبون بالنبي صلى الله عليه وسلم الى رحالكم لولا الهجرة لكنت أمر أمن الانصار ان فعله ذلك بأمر من الله عز وجل وتتمة الحديث خبت وخسرت ان لم اعدل وهو بضم التاء فيهما ومعناه ظاهر وبفتحها على الاشهر ومعناه ان جرت لزم ان تجور أنت لأنك مأمور باتباعي فتخيب وتخسر باتباعك الجائر قال القرطبي هذا معنى ما قاله الائمة قال ويظهر لى وجه آخر وهو انه كان قال له لو كنت جائرا لكنت أنت أحق الناس بان يجار عليك ويلحقك بادرة الجور الذى صد عنك فتعاقب عقوبة معجلة في نفسك ومالك يخسر كل ذلك بسبها لكن العدل هو الذى منع من ذلك وتلخيصه لولا امتثال أمر الله تعالى في الرفق لك لادركك الهلاك والخسار قال في الديباج فاقول الذي عندي ان هذه الجملة اعتراضية للدعاء عليه والاخبار عنه بالحيبة والخسران وليس قوله ان لم اعدل معلقا بها بل بالاول وهو قوله ومن يعدل وما بينهما اعتراض انتهي قلت ايضاح هذا انه صلى الله عليه وسلم كأنه قال ومن يعدل ان لم اعدل خيبك الله وزادك خسرانا وما قاله محتمل لكن تأويل غيره أليق بمقام النبوة وانزه عن مكافأة ذى الشر بمثله وأعظم مدحا له صلي الله عليه وسلم بالحلم والصبر واحتمال الأذى ومقابلته بالعطاء (لم يصب الانصار) بالنصب (قليل شيء) بالرفع (وجدوا) بفتح الجيم (وجدا) بفتح الواو وقد مر ان مصدر الوجد الذى هو بمعنى الغضب موجدة بفتح الميم وسكون الواو وكسر الجيم (وسيوفنا تقطر من دمائهم) قال السيوطى وغيره فيه قلب أى ودماؤهم تقطر من سيوفنا أو من بمعنى الباء (اذا كانت شديدة) أي حرب شديدة (وتعطى) بالفوقية مبنى للمفعول (الغنيمة) بالرفع (غيرنا) بالنصب وروي ويعطي بالتحتية مبني للمفعول الغنيمة بالنصب غيرنا بالرفع وبالتحتية مبنى للفاعل الغنيمة غيرنا بنصبهما (فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم بالنصب (خبر) بالرفع (موجدتهم) أي غضبهم ومرضبطها آنفا (جمعهم) زاد مسلم في رواية فقال أفيكم أحد من غيركم قالوا لا الا ابن اخت لنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أخت القوم منهم قال النووي استدل به من يورث ذوى الارحام وأجاب المانعون بانه ليس في هذا اللفظ ما يقتضي توريثه وانما معناه ان بينه وبينهم ارتباطا وقرابة ولم يتعرض للارث وسياق الحديث يقتضى ان المراد انه كالواحد منهم في إفشاء سرهم بحضرته ونحو ذلك (ألم أجدكم ضلالا) بالتشديد جمع ضال (وعالة) بالمهملة وتخفيف اللام أي فقراء (الله ورسوله أمن) بتشديد النون افعل تفضيل من المن (الى رحالكم) بالمهملة أي بيوتكم (لولا الهجرة لكنت أمرا من الانصار) أراد بذلك ان يطيب قلوبهم حيث رضى بان يكون واحدا منهم أي لولا أمر الهجرة التى لا يمكن تبديلها والمعنى
ولو سلك الناس واديا أو شعبا لسلكت وادى الانصار وشعبها الانصار شعار والناس دثار انكم ستلقون بعدى أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض روي جميع ذلك البخاري. وفي رواية فيه انه صلى الله عليه وسلم جمعهم في قبة من أدم ولم يدع معهم غيرهم فلما اجتمعوا قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما حديث بلغنى عنكم فقال فقهاء الانصار اما رؤساؤنا يا رسول فلم يقولوا شيئا واما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا يغفر الله لرسول الله يعطى قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم فاني أعطى رجالا حديثى عهد بكفر أتألفهم أما ترضون ان يذهب الناس بالاموال وتذهبون بالنبي صلى الله عليه وسلم الى رحالكم والله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به قالوا يا رسول الله قد رضينا وفي رواية أخرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ترضون ان يذهب الناس بالدنيا وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم الى بيوتكم قالوا بلى وفيها قال هشام لأنس يا أبا حمزة وأنت شاهد ذلك اليوم قال وأين أغيب عنه* وروي خارج الصحيحين ان سعد بن عبادة وحسان بن ثابت لولا ان النسبة التي لا يسعني تركها لانتسبت اليكم وتسميت باسمكم لكن خصوصية الهجرة سبقت فمنعت من ذلك وهي أعلا وأشرف فلا تبدل بغيرها هذا معنى ما ذكره الخطابي (واديا) أي مكانا منخفضا وقيل الوادي مجري الماء المتسع (أو شعبا) بكسر المعجمة وسكون المهملة ثم موحدة وهو الفرجة بين الجبلين قاله الخليل أو الطريق في الجبل قاله ابن السكيت (الانصار شعار) بكسر المعجمة الثوب الذي يلى الجسد استعاره لشدة قربهم منه وانهم بطانته وخاصته وألصق به من غيرهم (والناس دثار) بكسر المهملة ومثلثة الثوب الذي فوق الشعار (ستلقون بعدى أثرة) بضم الهمزة مع سكون المثلثة وبفتحهما وهو الاشهر والافصح وهو الاستئثار بالمشرك يستأثر عليكم ويفضل عليكم غيركم بغير حق وهذا من اعلام النبوة فقد وقع الأمر كما قال صلى الله عليه وسلم (روى جميع ذلك) أحمد و (البخارى) ومسلم وأصحاب السنن عن أنس وعن عبد الله بن زيد وعن أسيد بن حضير (من أدم) أي جلود (ولم يدع معهم) روى من الدعاء ومن الودع وهو الترك (فاني اعطى رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم) عد منهم المجد في القاموس الاقرع بن حابس وجبير بن مطعم والحارث بن قيس والحارث بن هشام وحكيم بن حزام وحكيم بن طليق وحويطب بن عبد العزي وخالد بن أسيد وخالد بن قيس وزيد الخيل وسعيد بن بربوع وسهيل بن عمرو بن عبد شمس العامرى وسهيل بن عمرو الجمحى وصخر بن أمية وصفوان بن أمية الجمحي والعباس بن مرداس وعبد الرحمن بن يربوع والعلاء بن حارثة وعلقمة بن علاثة وأبو السنابل بن عمرو بن بعكك وعمرو بن مرداس وعمير بن وهب وعيينة بن حصن وقيس بن عدى وقيس بن مخرمة ومالك ابن عوف ومخرمة بن نوفل ومعاوية بن أبي سفيان والمغيرة بن الحارث والنضر بن الحارث بن علقمة وهشام بن عمرو
انطلقا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبراه بموجدة الانصار فقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن عبادة هل وجدت في نفسك كما وجد قومك فقال والله يا رسول الله ما أنا الا رجل من قومي فأطرق صلى الله عليه وسلم فبينما هو يفكر إذ اندفع حسان يقول
هام الشجي فدمع العين ينحدر
…
سحا على وجنتيه هاطل درر
وجدا بسلمى وقد شط المزار بها
…
وغيرتها نوي في صرفها غير
غراء واضحة الخدين خرعبة
…
ما عابها أود فيها ولا قصر
كأن ريقتها من بعد رقدتها
…
مسك يداف بخمر حين يعتصر
فدع سليمة اذ شط المزار بها
…
واصرف مديحك فيمن فيه تفتخر
ائت الرسول رسول الله أكرمنا
…
ومن بطلعته يستنزل المطر
ائت الرسول وقل ياخير منتخب
…
وزين من يرتجي جودا وينتظر
علام تعطي قريشا وهى نازحة
…
انفال قوم هم أو واوهم نصروا
سماهم الله أنصارا لنصرهم
…
دين الهدى وعوان الحرب تستعر
هم بايعوك وأهل الارض كلهم
…
في حالة الشرك لا سمع ولا بصر
* شعر حسان (هام) أي ذهب لوجهه (الشجي) بالمعجمة والجيم بوزن القوي وهو الذي يعرض له الشجا في حلقه فيغص (ينحدر) يسيل من أعلا الى أسفل (سحا) منصوب على المصدر أو على الحال والسح في الاصل المطر العزير (على وجنتيه) وهما جانبا الجبهة وفي هاء وجنتيه تزحيف (هاطل) سائل وزنا ومعنى (درر) بفتح المهملة وكسر الراء كثير (بسلمى) بفتح السين (شط المزار) أي بعد (وغيرتها نوي) أى بعد (في صرفها) بفتح المهملة وسكون الراء أى الحادث فيها من الكروب (غير) بكسر المعجمة وفتح التحتية قال الشمني اسم من قولك غيرت الشيء فتغير (غراء) بالمد والغرة البياض في وجه الفرس واستعير هنا (واضحة الخدين) أي ظاهرتهما (خرعبة) بضم المعجمة والمهملة وسكون الراء بينهما وبالموحدة وهى البيضاء الناعمة ويقال لها الرعبوبة أيضا (أود) أي انحناء يصفها بانتصاب القامة (من بعد رقدتها) خص ذلك الوقت لأن الريق حينئذ يجف وينتن فاذا كان وصف ريقها بعد الرقدة ما ذكر فكيف اذا كانت لم ترقد والريقة أخص من الريق لانها القليل منه (يداف) يخلط به ويذاف بالمعجمة والمهملة (فدع) اترك (سليمة) بالتصغير (ائت الرسول) أمر من الاتيان (نازحة) بعيدة في الموالاة وان قويت في النسب (لنصرهم) بضم الهاء والميم وكسرهما وكسر الهاء وضم الميم وفي الميم تزحيف وفي بعض النسخ لنصرتهم (وعوان الحرب) أي الحرب العوان بفتح المهملة أي العظيمة (تستعر) تشتعل وزنا ومعنى (وأهل الارض كلهم) فيه ما في لنصرتهم (لا سمع ولا بصر)
نحن الحماة لدين الله ننصره
…
بالمشرفية والاكباد تنفطر
نجالد الناس لا نخشى غوائلهم
…
ولا نهاب العدى يوما وان كثروا
وقد رأيت ببدر والسيوف لها
…
وقع تطير له من حره الشرر
ونحن جندك يوم الشعب من أحد
…
بالمشرفية ما في عودنا خور
والناس الب علينا فيك ليس لنا
…
الا السيوف وأطراف القناوزر
لا ننثنى عن لقا الاعداء كلهم
…
وليس يزجرنا عن حربهم زجر
ويوم سلع وقد خانت وقد نكلت
…
من خوف أسيافنا لما أتت مضر
وكم مقام لنا في الحرب تعلمه
…
قمنا وأوجهنا في ذاك تزدهر
ما ان ضجرنا ولا رابت كتائبنا
…
عن العداة وأهل الشرك قد ضجروا
صخر وعمرو وصفوان وعكرمة
…
وآخرون وقوم ما لهم خطر
فكيف قدمتهم يا خير مؤتمن
…
وقد تبين منا فيهم الأثر
الا العطاء الذي قدمته لهم
…
ولم يكن لك في سادتنا نظر
معنويان (بالمشرفية) جمع مشرفي بفتح الميم والراء وسكون المعجمة بينهما ثم فاء ثم تحتية مشددة منسوب الى مشارف الشام وهى قري من أرض العرب تدنو من الريف قاله في القاموس (والاكباد) بالموحدة (تنفطر) بالفاء تنشق (نجالد الناس) بالجيم أى نصابرهم في الحرب من الجلد وهو الصبر والقوة (غوائلهم) جمع غائلة بالمعجمة والتحتية وهى كل امر يفضي الى الفساد والشر (ولا نهاب) لا نحاف وزنا ومعنى (العدا) بكسر المهملة الأعداء (وقد رايت) بياء المتكلم يريد نفسه أو بياء الخطاب يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما في عودنا) بضم المهملة أي فينا (خور) بفتح المعجمة والواو أي ضعف (والناس إلب علينا) بكسر الهمزة وسكون اللام أي متألبون مجتمعون (فيك) أي بسببك (الا السيوف) بالرفع (واطراف القنا) يعني الرماح (وزر) بضم الواو والزاى جمع وزير أي معين (لا ننثنى) أى لا نرجع (يزجرنا) ينهانا (زجر) بفتح الزاى والجيم أي زاجر كحاكم (ويوم سلع) يريد يوم الخندق (وقد نكلت) بالنون وفتح الكاف أي امتنعت من الحرب (وكم) خبرية (مقام) مجرور بها (تعلمه) بالفوقية (ما) نافية (ان) زائدة (ضجرنا) بكسر الجيم مللنا وزنا ومعنا (ولا رابت) أي خافت (كتائبنا) جمع كتيبة وهي الخيل المجتمعة (صخر) يعني أبا سفيان بن حرب (وعمرو) يعني بن مرداس أو ابن بعكك أبا السنابل فكلاهما كان ممن أعطاه يومئذ كما مر (وصفوان) بالصرف لضرورة الشعر يعنى ابن أمية (وعكرمة) بالصرف كذلك أيضا يعني ابن أبي جهل (ما لهم خطر) بالمعجمة فالمهملة أي قدر يقال فلان عظيم الخطر أي القدر ويحتمل