المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الكلام على غزوة حنين وشرح خبر ذلك] - بهجة المحافل وبغية الأماثل - جـ ١

[العامري الحرضي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌[خطبة الكتاب والكلام على تفسيرها]

- ‌[مطلب في الكلام على أما بعد]

- ‌[الكلام على المؤلفات في التاريخ النبوى وتقسيم الكتاب الى قسمين]

- ‌[القسم الاول في تلخيص سيرته]

- ‌[الباب الاول من القسم الاول في مولده وشرف نسبه ومحتده]

- ‌[مطلب في الكلام على أنكحة الجاهلية]

- ‌[فصل: وأما ما مهد الله له في قدم نبوته وذكره]

- ‌[فصل: فيما ورد من فضل بلدى مولده ووفاته]

- ‌[مطلب في الكلام على ما ورد في فضل مكة]

- ‌[مطلب وأما ما جاء في فضل المدينة]

- ‌[فصل في ذكر آبائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل فيما نقل من مزايا آبائه عليه الصلاة والسلام]

- ‌[الباب الثاني من القسم الاول في تاريخ مولده الى نبوته]

- ‌[مطلب حمل أمه به صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب فى الآيات التى ظهرت لمولده عليه الصلاة والسلام]

- ‌[مطلب في مراضعه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في شق الملكان صدره الشريف]

- ‌[مطلب في الكلام على إحياء الله تعالى له أبويه حتى آمنا به]

- ‌[مطلب في وفاة جده عبد المطلب وخروجه مع عمه أبى طالب]

- ‌[مطلب فى حضوره صلى الله عليه وسلم حرب الفجار مع قريش وحلف الفضول]

- ‌[مطلب في خروجه الى الشام بتجارة لخديجة وزواجه بها صلى الله عليه وسلم الى الشام]

- ‌[مطلب في بناء قريش الكعبة ووضعه الحجر الاسود بيده الشريفة مكانه من البيت]

- ‌[مطلب في الكلام على أول من بني المسجد الحرام والكلام على أول ما ظهر من لوائح نبوته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[من ذلك خبر زيد بن نفيل وورقة بن نوفل وغيرهما]

- ‌[ومن ذلك خبر سلمان الفارسي رضى الله عنه]

- ‌[ومن ذلك ابن الهيبان من يهود الشام]

- ‌[مطلب في تحنثه صلى الله عليه وسلم بغار حراء وما قيل في عصمته وما كان يراه من أمارت النبوة]

- ‌[الباب الثالث في ذكر نبوته وما بعدها الى هجرته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في بدء نبوته صلي الله عليه وسلم وظهور جبريل له بغراء حراء]

- ‌[مطلب في أخبار صلى الله عليه وسلم لورقد بن نوفل عن ظهور جبريل له]

- ‌[مطلب في تعليم جبريل له عليه الصلاة والسلام الوضوء والصلاة]

- ‌[فصل: في صفة جبريل عليه السلام وانه سفير الانبياء وعدد نزوله على النبى صلي الله عليه وسلم وبيان كيفيات الوحي]

- ‌[مطلب في تاريخ رسالته الى الخلق على ما حكاه أهل التاريح والدعوة اليها سرا]

- ‌[الكلام على حديث ان هذا الدين بدأ غريبا وسيعود كما بدأ]

- ‌[مطلب في ذكر أول من آمن به صلي الله عليه وسلم]

- ‌[الكلام على منابذة قريش له حين أمره الله باظهار الدعوة وان يصدع بما يؤمر]

- ‌[خبر اشتداد قريش على أبي طالب ووثوب كل قبيلة على من اسلم منها يعذبونه]

- ‌[خبر اجتماع قريش الى الوليد بن المغيرة وتآمرهم فيما يرمونه به صلي الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في مناواة قريش له صلى الله عليه وسلم بالذي وذكر طرفا مما آذوه به]

- ‌[تتمة لهذا المطلب في العوارض البشرية التى لحقته صلى الله عليه من جراء ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام على تعذيب قريش للمستضعفين من المؤمنين]

- ‌[مطلب في الكلام على الهجرة الأولى الى الحبشة وبيان من هاجر إليها من الأصحاب]

- ‌[مطلب في تعقب قريش لمهاجرى الحبشة وعودتهم بالخيبة]

- ‌[مطلب في مكاتبته صلى الله عليه وسلم للنجاشى ليزوجه ام حبيبة بنت أبي سفيان وخبر ذلك]

- ‌[فصل وكان صلى الله عليه وسلم يكرم مهاجرة الحبشة ويلاطفهم ويذكر من فضلهم]

- ‌[فصل في حكم الفرار بالدين والعجز عن مقاومة المشركين]

- ‌[مطلب في إسلام سيدنا حمزة عمه صلى الله عليه وسلم وسبب ذلك]

- ‌[مطلب في إسلام سيدنا عمر بن الخطاب وتعزيز الله به ضعفة المسلمين]

- ‌[مطلب في اجتماع بطون قريش على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب وكتبهم بذلك الصحيفة ودخول أبي طالب ومن انحاذ معه الشعب محاصرين من قريش]

- ‌[ذكر خبر نقض الصحيفة المذكورة]

- ‌[109- الكلام على وقعة بعاث بين الأوس والخزرج وقدوم سويد بن الصامت الأوسى عليه صلي الله عليه وسلم وأول خبر الأنصار]

- ‌[الكلام على وفات عمه أبى طالب والسيدة خديجة وحزنه صلى الله عليه وسلم لذلك وما ناله من أذى قريش عقب ذلك]

- ‌[مطلب في خروجه صلى الله عليه وسلم لثقيف بالطائف وخبر ما لقي من أذاهم وخبر جن نصيبين]

- ‌[فصل في الكلام على الجن واختلاف الناس فيهم]

- ‌[مطلب في عرض نفسه صلى الله عليه وسلم على القبائل لحمايته من أذى قريش وليتمكن من نشر دعوته وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في بدء اسلام الأنصار وقصة الإسراء]

- ‌[مطلب فى قدوم الأنصار اليه صلى الله عليه وسلم وخبر بيعة العقبة الأولى]

- ‌[مطلب فى قدوم الأنصار اليه ثانية وبيعة العقبة الثالثة المتفق على صحتها]

- ‌[مطلب في أسماء النقباء من الأوس والخزرج وطرفا من أحوالهم ومواخذة قريش لهم في ذلك]

- ‌[الكلام على بدء الهجرة الى المدينة وأول من هاجر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم]

- ‌[الباب الرابع في هجرته صلى الله عليه وسلم وما بعدها الى وفاته]

- ‌[مطلب في الكلام على وصوله صلى الله عليه وسلم المدينة]

- ‌[فصل: في المسجد الشريف النبوى وعمارته]

- ‌[فصل: في ذكر منازل المهاجرين على الأنصار ومواساتهم لهم]

- ‌[فصل: في ان الله تعالى أوعد الوعيد العظيم على من أسلم قبل الهجرة ولم يهاجر والكلام على ذلك]

- ‌[فصل: فى مناواة يهود المدينة الاذي للنبى صلي الله عليه وسلم بعد ما قدم اليها]

- ‌[فصل: فى ذكر ما أصاب المهاجرين من حمي المدينة ودعائه صلى الله عليه وسلم بان يصح هواءها ويجببها اليهم]

- ‌[فصل ولما اطمأن برسول الله الدار وأعز الله جنده أذن له بقتال قريش ومن ناواه من غيرهم]

- ‌[مطلب في كتبه صلي الله عليه وسلم الكتاب بين المهاجرين والأنصار ومواخاته بينهما وموادعته يهود المدينة]

- ‌[مطلب في مشروعية في الأذان]

- ‌[مطلب في إسلام عبد الله بن سلام وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في غزوة ودان وتحويل القبلة]

- ‌[مطلب في مشروعية صيام رمضان]

- ‌[مطلب في بنائه صلى الله عليه وسلم بعائشة وتزويج علي بفاطمة رضى الله عنهم ومشروعية صدقة الفطر]

- ‌[مطلب في إسلام سيدنا العباس والكلام على أول راية عقدها رسول الله]

- ‌[مطلب فى غزوة بدر الكبري والكلام عليها تفصيلا]

- ‌[مطلب فى خبر حاطب بن أبي بلتعة ومكاتبة لمشركي قريش]

- ‌[فصل: وسمى يوم بدر باسم المكان]

- ‌[مطلب في الكلام على قتل كعب بن الأشرف وأبي رافع بن أبى الحقيق]

- ‌[الكلام على ولادة سيدنا الحسن بن على رضى الله عنهما]

- ‌[الكلام على غزوة أحد تفصيلا]

- ‌[فصل في فضل الشهادة ومزية شهداء أحد]

- ‌[فصل فى الكلام من أكرم بالشهادة يوم أحد]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة حمراء الاسد]

- ‌[مطلب فى الكلام على غزوة النضير]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة بدر الصغرى]

- ‌[مطلب في سرية عاصم بن ثابت الأنصاري وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في سيرته بئر معونة وخبر ذلك]

- ‌[فصل في شهداء بئر معونة وفضل الشهداء ومزيتهم]

- ‌[مطلب في مشروعية قصر الصلاة وما يلحق ذلك من الأحكام]

- ‌[مطلب في الكلام زواج رسول الله عليه وسلم بأم سلمة]

- ‌[الكلام على ولادة سيدنا الحسين وخبر ابن ابيرق]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة ذات الرقاع ومشروعية صلاة الخوف]

- ‌[تتمة في الكلام علي تارك الصلاة]

- ‌[استطراد لذكر قصة غوث بن الحارث]

- ‌[الكلام على حديث جابر وشراء النبى صلى الله عليه وسلم جمله منه]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة بنى المصطلق وهي غزوة المريسيع]

- ‌[الكلام علي سبب نزول سورة المنافقين]

- ‌[تتمة في زواج رسول الله بجويرية بنت الحارث من سبايا بنى المطلق واسلامهم]

- ‌[الكلام على رخصة التيمم وسببها وأحكامه]

- ‌[الكلام على حديث الإفك وخبر ذلك]

- ‌[فصل: في فوائد هذا الحديث بعد مقصوده الأعظم]

- ‌[فصل: اما أحكام القذف]

- ‌[الكلام على غزوة الخندق وخبرها تفصيلا]

- ‌[الكلام علي غزوة بني قريظة وسببها]

- ‌[الكلام على موت سعد بن معاذ ومناقبه رضي الله عنه]

- ‌[مطلب في الكلام على مشروعية تحريم الخمر وسبب ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام على مشروعية الحج]

- ‌[مطلب في قدوم ضمام بن ثعلبة أخي بني سعد بن بكر وإسلامه]

- ‌[تتمة فى الكلام على فوائد حديث ضمام]

- ‌[مطلب في تزويج الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش الأسدية وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام على مشروعية الحجاب وسببه]

- ‌[مطلب في شرح الفوائد التى تضمنت خير زواج السيدة زينب]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة دومة الجندل]

- ‌[الكلام على مشروعية الاستسقاء وصلاة الكسوف وشرح ذلك]

- ‌[الكلام على مشروعية حكم يمين الظهار وسببه]

- ‌[الكلام على صلح الحديبية وصد قريش لرسول الله ومن معه عن مكة]

- ‌[مطلب فى الكلام على بيعة الرضوان]

- ‌[مطلب في الكلام علي الشجرة التى كانت البيعة عندها]

- ‌[الكلام على اسلام خالد بن الوليد وعمرون بن العاص وخبر ذلك]

- ‌[الكلام على اسلام عقيل بن أبى طالب رضى الله عنه]

- ‌[الكلام على غزوة ذي قرد وتسمى غزوة الغابة]

- ‌[مطلب في الكلام علي قصة العرنيين]

- ‌[مطلب في ارسال رسول الله بكتبه الى ملوك الاقاليم الجبابرة]

- ‌[فصل: في فوائد خبر هرقل وما تضمنه من الآداب والأخلاق]

- ‌[تتمة في خبر النجاشي وتكريمه لكتابه صلى الله عليه وسلم وعودة مهاجري الحبشة]

- ‌[الكلام على فتح خيبر وخبر الشاة المسمومة التي أهديت اليه صلي الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في زواجه صلي الله عليه وسلم بصفية بنت حي]

- ‌[مطلب في إسلام أبي هريرة رضي الله عنه وبعض خبره]

- ‌[مطلب في غزوة زيد بن حارثة جذام وذكر سببها]

- ‌[الكلام على غزوة ذات السلاسل وشرح ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام الإمارة والتنفير من التعرض للرياسة والوعيد لأهلها]

- ‌[تتمة في بعث عمرو بن العاص أميرا على جيش ذات السلاسل وذكر بعض مناقبة والكف عن ذكر أصحاب رسول الله إلا بخير]

- ‌[الكلام على عمرة القضاء وزواجه صلى الله عليهو سلم بميمونة بنت الحارث الهلالية]

- ‌[مطلب فى الكلام على وفد عبد القيس وخبر سيدهم الأشج العصري]

- ‌[مطلب في وفات السيدة زينب أكبر بناته صلى الله عليه وسلم وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في اتخاذه صلى الله عليه وسلم المنبر وخبر حنين الجذع]

- ‌[ذكر فضل المنبر المنيف وما بينه وبين القبر الشريف]

- ‌[الكلام على غزوة مؤتة وخبر مقتل زيد حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة]

- ‌[الكلام على غزوة سيف البحر وخبر ذلك]

- ‌[الكلام على فتح مكة ويسمى فتح الفتوح]

- ‌[مطلب في كتابة حاطب بن أبي بلتعة لقريش بمسير رسول الله اليهم وإخبار جبريل له بذلك]

- ‌[الكلام على إسلام أبو سفيان بن حرب وإكرام النبي صلى الله عليه وسلم وله]

- ‌[مطلب في دخوله صلى الله عليه وسلم الكعبة ورد مفتاحها لبني شيبة وكسر ما فيها من الأصنام]

- ‌[فصل: فى ذكر شيء من الواردات يوم الفتح مما ذكره البخاري ومسلم]

- ‌[من ذلك خبر أم هانيء وقد اجارت ابن هبيرة فاجاز صلى الله عليه وسلم جوارها]

- ‌[ومن ذلك قضاء رسول الله لابن من وليدة زمعة بان الولد للفراش]

- ‌[ومن ذلك خبر المخزومية التي سرقت وإقامة الحد عليها]

- ‌[ومن ذلك حرمة مكة وان دخلوها عنوة يوم الفتح كان خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الكلام على غزوة حنين وشرح خبر ذلك]

- ‌[مطلب في ذكر من ثبت مع رسول الله يوم حنين]

- ‌[الكلام على غزوة أوطاس ومقتل أبي عامر الأشعري رضى الله عنه]

- ‌[الكلام على غزوة الطائف وحصاره]

- ‌[مطلب المخنثون على عهد رسول الله أربعة]

- ‌[الكلام على غنائم حنين وتقسيمها]

- ‌[تتمة في مؤاخذة النبي صلي الله عليه وسلم الأنصار حين بلغه موجدتهم لتقسيمه غنائم حنين في قريش]

- ‌[الكلام على وفد هوازن واستعطافهم النبي صلى الله عليه وسلم في سباياهم]

- ‌[مطلب ومما اتصل بالفتح بعث خالد بن الوليد الى بني جذيمة يدعوهم إلى الإسلام]

- ‌[مطلب ومما اتصل بالفتح إرسال البعوث الى هدم أصنام العرب]

- ‌[مطلب في مقدم كعب بن زهير مسلما وانشاده قصيدته المشهورة]

- ‌[تتمة في الكلام على كعب هذا وشىء من شعره في مدح النبى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في الكلام على قصة محلم بن جثامة الليثى وخبرها]

الفصل: ‌[الكلام على غزوة حنين وشرح خبر ذلك]

تظل جيادنا متمطرات

يلطمهن بالخمر النساء

فان أعرضتم عنا اعتمرنا

وكان الفتح وانكشف الغطاء

والا فاصبروا لضراب يوم

يعز الله فيه من يشاء

وقال الله قد أرسلت عبدا

يقول الحق ليس به خفاء

وقال الله قد سيرت جندا

هم الأنصار عرضتها اللقاء

تلاقى كل يوم من معد

سباب أو قتال أو هجاء

فنحكم بالقوافي من هجانا

ونضرب حين تختلط الدماء

فمن يهجو رسول الله منكم

ويمدحه وينصره سواء

وجبريل رسول الله فينا

وروح القدس ليس له كفاء

رواه مسلم الا الثالث والثالث عشر فمن سيرة ابن هشام قال وبلغني عن الزهري انه قال لما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم النساء يلطمن الخيل بالخمر تبسم الى أبى بكر رضي الله عنه وقال قد سيرت جندا وفي رواية قد يسرن جندا ولم تصح الرواية بيسرت*

[الكلام على غزوة حنين وشرح خبر ذلك]

واتصل بالفتح غزوة حنين وكان من خبرها ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما فرغ من الفتح أخبر ان هوازن أقبلت لحربه وكان الذي جمعها عوف بن مالك النصري فاجتمع اليه الاعداء وروى الاسد الطماء بالمهملة أي الشجعان العطاش الى دمائكم (تظل جيادنا) أى خيولنا (متمطرات) بالمهملة أى مسرعات يسبق بعضها بعضا يقال جاءت الخيل متمطرة اذا جاءت كذلك (يلطمهن) بالمهملة أي يمسحهن ليزلن عنهن الغبار لعزتها وكرامتها عندهم (بالخمر) بضم المعجمة والميم جمع خمار هذا هو المعروف وهو أبلغ في اكرامها وحكى عياض انه روى بالخمر بفتح الميم جمع خمرة قال النووي وهو صحيح المعنى (وقال الله قد سيرت جندا) من السير هذه رواية ابن هشام ورواه مسلم بشرت من التبشير وهو التهنئة والارصاد (عرضتها) بضم المهملة أى مطلوبها ومقصودها وهمتها (اللقاء) أي لقاء العدو للحرب (فنحكم) بضم أوله رباعي أى ترد وتدفع مشتق من حكمة الدابة ومعناه يقتحم ويحرس من هجانا (بالقوافي) جمع قافية (ليس له كفاء) بكسر الكاف أي مماثل ولا مقاوم (رواه مسلم) عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هجاهم حسان فشفي واشتفى وقال حسان فذكره (الا الثالث) بالنصب (قال) يعنى ابن هشام* تاريخ غزوة حنين (حنين) بالتصغير والصرف واد الى جنب ذي المجاز قريب من الطائف بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا من جهة عرفات قال البكري سمى باسم حنين بن ثابت بن مهلائيل وقد تقدم انه قال في خيبر مثل هذا والله أعلم (ابن مالك النصري) بفتح النون وسكون المهملة وكان عوف يومئذ على هوازن

ص: 416

ثقيف ونصر وجشم وسعد بن بكر وقليل من بني هلال ولم يشهدها أحد من قيس عيلان الا هؤلاء وجملتهم أربعة آلاف وساروا ومعهم دريد بن الصمة الجشمى متيمنين برأيه ومعرفته بالحرب وكان قد قارع الخطوب وأبلي في الحروب وله مائة وستون أو مائة وعشرون سنة كان أشار بتمنيع الذراري والأموال ولقاء الرجال بالرجال وقال ان المنهزم لا يرده شيء فأبى عوف الا المسير بهم فقال دريد هذا يوم لم أشهده ولم يفتني وأنشد:

يا ليتني فيها جذع

أخب فيها واضع

ولما أجمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسير اليهم أرسل الى صفوان بن أمية ابن خلف يستعير منه السلاح وكان صفوان بن أمية حينئذ مشركا فقال أغصبا يا محمد قال بل عارية مضمونة قال ليس بهذا بأس فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح ثم خرج صلى الله عليه وآله وسلم بجيش الفتح وألفين من الطلقاء واستخلف على مكة عتاب بن أسيد (ثقيف ونصر) مصروفان (وجشم) بالجيم والمعجمة بوزن عمر غير مصروف وجشم حى من ثقيف قال البغوي وكان على ثقيف كنانة بن عبد ياليل الثقفى (قيس عيلان) بفتح المهملة وسكون التحتية (دريد) بالتصغير (ابن الصمة) بكسر المهملة وتشديد الميم ابن بكر بن علقمة بن خزاعة بن عدن بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن يكنى أبا قرة قاله السهيلى (متيمنين) بزعمهم أي متبركين (قارع) بالقاف (الخطوب) جمع خطب وهو الأمر العظيم (مائة وستون) كما روى أبو صالح عن الليث (أو مائة وعشرون سنة) كما روي عن ابن اسحاق (الا المسير بهم) بالنصب (لم أشهده) أي لعدم سماع رأيه فيه كأنه لم يشهده (ولم يفتني) أي لحضوره فيه بنفسه (يا ليتني فيها) أى في هذه الحرب (جذع) بسكون العين للزجر وأصل الجذع للدواب ثم استعير للشاب القوي وتمنى كونه جذعا ليبالغ في الحرب ويمعن فيها (أخب) الخب ضرب من السير يكون مع الاسراع ومقاربة الخطا (وأضع) بالضاد المعجمة والعين المهملة أي أسرع (أرسل الى صفوان بن أمية) كما روى أبو داود عنه قال استعار مني رسول الله صلى الله عليه وسلم درعا يوم حنين فقلت أغصبا يا محمد قال لا بل عارية مضمونة قال أهل السير وكان صفوان يوم الفتح هرب الى جدة ليركب منها البحر الى اليمن فاستأمن له عمير بن وهب الجمحي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنه.

فأعطاه عمامته التي دخل بها مكة فخرج ولحقه وجاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اجعلني في أمري بالخيار شهرين قال أنت فيه بالخيار أربعة أشهر (عارية مضمونة) هذا أصل في ضمان العارية (بجيش الفتح) أى وهم عشرة آلاف (وألفين من الطلقاء) وكان جملتهم اثني عشر الفا وقال عطاء ستة عشر الفا وقال الكلبي كانوا عشرة آلاف وكانوا يومئذ أكثر ما كانوا قط (عتاب) بفتح المهملة وتشديد الفوقية (ابن أسيد) بفتح الهمزة وكسر المهملة بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 417

الاموي فكانت مدة اقامته بمكة بعد الفتح الى ان خرج لحنين خمسة عشر أو سبعة عشر أو ثمانية عشر أو تسعة عشر يوما يقصر الصلاة لذلك. قال أصحابنا ان المسافر اذا دخل بلدا ونوى الخروج منها في كل وقت قصر الى ثمانية عشر يوما ثم يتم وقال بعضهم يقصر أبدا مادام على هذه النية وتعليله متجه لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقفت حاجته على هذه المدة والظاهر أنه لو زادت حاجته لبقى على ترخصه يؤيده أيضا ما روى أبو داود وصححه ابن حبان عن جابر ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة ويروى أن ابن عمر أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الى حنين وهو واد بين مكة والطائف وكان المشركون قد سبقوا اليه فكمنوا في أحنائه وشعابه فلما تصوب المسلمون اليه في عماية الصبح شدوا عليهم شدة رجل واحد فاشتمر المسلمون راجعين لا يلوى أحد على أحد وكان رجل من المسلمين قد قال حين رأى رأي في المنام أسيدا أباه واليا على مكة مسلما فمات كافرا وكانت الرؤيا لولده عتاب حين أسلم فولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن احدى وعشرين سنة ورزقه كل يوم درهما وكان يقول لا أشبع الله بطنا جاع على درهم في كل يوم حكاه السيهلي عن أهل التعبير (الأموي) بضم الهمزة نسبة الى أمية على غير قياس (خمسة عشر) كما رواه أبو داود وابن ماجه والنسائي عن ابن عباس (أو سبعة عشر) كما في رواية أخرى لابي داود (أو ثمانية عشر) وقيل الى تسعة عشر يوما واختاره ابن الصلاح والسبكي وغيرهما لقول البيهقي انها أصح الروايات وقيل لا يعارض بل من روي ثمانية عشر أسقط يومي الدخول والخروج ومن روى تسعة عشر أسقط أحدهما وقدموا هاتين الروايتين على رواية سبعة عشر وخمسة عشر لأنهما أرجح وقيل لا يترخص الا أربعة لان الترخص اذا امتنع عليه بنية إقامتها فباقامتها أولى وحكاه في الشرح والروضة قولا (وقال بعضهم يقصر أبدا) وحكى الترمذي الاجماع عليه (أقام بتبوك عشرين يوما) هي على الاول محمولة على انه عد يومي الدخول والخروج (باذربيجان) بفتح الهمزة بغير مد وسكون الذال المعجمة وفتح الراء وكسر الموحدة وسكون التحتية بعدها جيم فألف فنون على الأشهر وقيل بمد الهمزة وفتح المعجمة والراء وكسر الموحدة وفتحها هو اقليم معروف وراء العراق غربي ارمينية (فكمنوا في أحيائه) بالمهملة والتحتية أي معاطفه (في عماية الصبح) بفتح المهملة أي ظلمة الصبح الباقية من ظلمة الليل (شدوا) يعني الكفار (عليهم) أى على المسلمين قال البغوى ما معناه كان المشركون قد انهزموا وخلوا عن الذراري ثم نادوا يا حماة السوء اذكروا الفضائح فتراجعوا (فاشتمر المسلمون) بالمعجمة أي رجعوا منهزمين قال البغوي وقال قتادة ذكر لنا ان الطلقاء انجفلوا يومئذ بالناس فلما انجفل القوم هربوا (وكان رجل من المسلمين)

ص: 418

تكاثر الجيش لن نغلب اليوم عن قلة فلم يرض الله قوله ووكلوا الى كلمته وولوا مدبرين هذا معنى ما ذكر ابن اسحق وفي صحيح البخاري عن البراء بن عازب وقد سأله رجل من قيس أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم حنين فقال لكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يفر كان في هوازن رماة وانا لما حملنا عليهم انكشفوا فأكببنا على الغنائم فاستقبلونا بالسهام ولقد رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم على بغلته البيضاء وان أبا سفيان بن الحارث آخذ بزمامها وهو يقول- أنا النبي لا كذب- وفي رواية- أنا ابن عبد المطلب- وفي اسمه سلمة بن سلامة بن وقش (لن نغلب اليوم من قلة) قال التفتازاني هو نفى للقلة واعجاب بالكثرة يعني ان وقع مغلوبية فليس عن القلة كما قال صلى الله عليه وسلم لن تغلب اثنا عشر الفا من قلة رواه أبو داود والترمذي والحاكم عن ابن عباس وقد توهم بعضهم من هذا الحديث ان القائل يوم حنين لن نغلب اليوم عن قلة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاشا فان هذا الحديث خرج مخرج الخبر على العموم أفكل جيش يبلغ اثنى عشر ألفا لا يغلب عن قلة وهو طرف من حديث أوله خير الصحابة أربعة وخير السرايا أربعمائة وخير الجيوش أربعة آلاف ولن يغلب اثنا عشر ألفا عن قلة وسبب التوهم أنهم كانوا يوم حنين اثني عشر ألفا فظن انه صلى الله عليه وسلم قالها لخصوص ذلك الجيش وليس كذلك والقرآن العظيم يدل على ان قائل تلك المقالة كان معجبا بالكثرة وهو المواجه بالخطاب في أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ الى آخر الآية ثم قال ثم انزل الله سكينه على رسوله ولو كان الخطاب في الآية الاولى موجها اليه صلى الله عليه وسلم لقال ثم أنزل الله سكينته عليكم بل ولو كان الخطاب كذلك لما لزم منه انه صلى الله عليه وسلم قالها يومئذ والله أعلم (وفي صحيح البخاري عن البراء بن عازب) ورواه عنه أيضا مسلم والترمذي (لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر) وللترمذي أشهد على نبي الله صلى الله عليه وسلم انه ما ولى (فاستقبلونا بالسهام) ولمسلم فرموهم برشق من نبل كأنها رجل من جراد (على بغلته البيضاء) قال النووي هي التي تسمى الدلدل ولا يعرف له صلي الله عليه وسلم بغلة سواها انتهى وسيأتي الكلام على ذكر البغال في محله ان شاء الله تعالى (أنا النبي لا كذب) أي حقالا أفر ولا أزول فيه جواز قول ذلك في الحرب ومثله قول سلمة- انا ابن الاكوع- وفيه ان الكلام الموزون بلا قصد لا يسمى شعرا بدليل وما علمناه الشعر وما ينبغي له مع تلفظه صلى الله عليه وسلم بذلك وقد وقع في القرآن كثير من ذلك نحو لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون.

والله يهدى من يشاء الى صراط مستقيم وجفان كالجوايى وقدور را أسيات (انا ابن عبد المطلب) هو على عادة العرب في الانتساب الى الجد اذا كان أشهر من الاب وقيل لان عبد المطلب كان قد سر به صلى الله عليه وسلم وبظهوره فأراد صلى الله عليه وسلم أن يذكرهم بذلك زاد الترمذى اللهم انزل نصرك ثم صفهم وزاد الطبراني عن أبي سعيد بعد قوله انا ابن عبد المطلب أنا أعرب العرب ولدتني قريش ونشأت في بني سعد

ص: 419

رواية فما رئي في الناس يومئذ أشد منه. وروينا في صحيح مسلم عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها ارادة أن لا تسرع وأبو سفيان آخذ بركابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي عباس ناد أصحاب السمرة وكان العباس رجلا صيتا فقلت بأعلى صوتي أين أصحاب السمرة فاني يأتيني اللحن (فما رئى في الناس يومئذ أشد) بالرفع (منه) ففيه دليل على قوة شجاعته صلى الله عليه وسلم وثبات جأشه وقوة ثقته بربه سبحانه وفي رواية في الصحيح قال البراء كنا اذا احمر البأس نتقي به وان الشجاع منا للذي يحاذى به (فلزمت أنا وأبو سفيان) المغيرة (بن الحارث) بن عبد المطلب (رسول الله صلى الله عليه وسلم مفعول (فلم نفارقه) قال النووي في هذا عطف الاقارب بعضهم على بعض عند الشدائد وذب بعضهم عن بعض (فروة) بفتح الفاء وسكون الراء (ابن نفاثة) بضم النون وتخفيف الفاء وبعد الالف مثلثة هذا هو الصحيح المعروف وفي رواية لمسلم بن نعامه بالعين والميم. قال الطبري أسلم وقال غيره لم يسلم وفي صحيح البخاري أهداها له ملك ايلة يحنه بن رؤية وانما قبل هدية الكفار هنا مع قوله في حديث آخر هدايا العمال غلول رواه أحمد والبيهقي في السنن عن أبي حميد الساعدى وأبو يعلي عن حذيفة مع رده بعض هدايا المشركين وقوله انا لا نقبل شيأ من المشركين رواه أحمد والحاكم عن حكيم بن حزام لاختصاصه صلى الله عليه وسلم بالفئ بخلاف غيره فقبل صلى الله عليه وسلم ممن طمع في اسلامه لمصلحة يرجوها للمسلمين لان الهدية توجب المحبة والمودة وأما غيره صلى الله عليه وسلم من العمال والولاة فلا يحل له قبولها لنفسه والا كانت فيئا للمسلمين عند جمهور العلماء لانه لم يهدها اليه الا لكونه امامهم وان كانت من قوم هو محاصرهم فغنيمة (فطفق) بكسر الفاء أشهر من فتحها (يركض بغلته) في هذا كما قال النووي دليل أيضا على قوة شجاعته وثباته حيث يركض بغلته الى جمع المشركين وقد فر الناس عنه وفي رواية أخرى في صحيح مسلم انه نزل الى الارض حين غشوه للمبالغة في الثبات والشجاعة والصبر أو ليواسي من كان نازلا على الارض من المسلمين (وأنا آخذ) بضم المعجمة بلا تنوين فعل مضارع وبكسرها مع التنوين اسم فاعل (ناد أصحاب السمره) هى الشجرة التى بايعوا تحتها بيعة الرضوان وأراد صلى الله عليه وسلم ان يذكرهم ما بايعوا عليه يومئذ لانهم بايعوا يومئذ على أن لا يفروا (وكان العباس رجلا صيتا) أي شديد الصوت بحيث انه كان يقف على سلع فينادى غلمانه في آخر الليل وهم في الغابة فيسمعهم وبين سلع وبين الغابة ثمانية أميال ذكر ذلك الحازمي في المؤتلف (اين أصحاب السمره) زاد البيضاوي

ص: 420

قال فو الله لكأن عطفتهم على حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها فقالوا يا لبيك يا لبيك فاقتتلوا والكفار والدعوة في الأنصار يقولون يا معشر الأنصار ثم قصرت الدعوة على بنى الحارث بن الخزرج فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها الى قتالهم فقال هذا حين حمي الوطيس ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهنّ في وجوه الكفار ثم قال انهزموا ورب محمد قال فو الله ما هو الا أن رماهم بحصياته فما زلت أري حدهم كليلا وأمرهم مدبرا* وروي أن العباس لما ناداهم جعل الرجل منهم يثني بعيره فلم يقدر عليه فيقتحم عنه ويؤم الصوت حتى اجتمع منهم مائة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل ألف فاستعرضوا الناس وساروا قدما حتى فتح الله عليهم وكانت الهزيمة ونزل في ذلك قوله تعالى وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ

وغيره اين أصحاب سورة البقرة أراد المذكورين في قوله آمَنَ الرَّسُولُ قاله الطيبي (لكان عطفتهم على حين سمعوا صوتي) فيه دليل على عدم بعد فرارهم وعدم حصوله من جميعهم بل من الطلقاء ونحوهم ممن لم يستقر الايمان في قلبه (عطفة البقر) بالضم خبر كان المشددة (فاقتتلوا والكفار) بالنصب مفعول معه لا غير (والدعوة) بفتح الدال أي الاستغاثة والمناداة (في الانصار) أي اليهم (ثم قصرت) بفتح القاف وضم المهملة (هذا حين حمى الوطيس) بفتح الواو وكسر المهملة وسكون التحتية آخره سين مهملة وهو التنور أو شبهه فيه قولان يضرب مثلا لشدة الحرب الذى يشبه حرها حره وقال الاصمعي هى حجارة مدورة اذا حميت لم يقدر أحد يطأ عليها وقيل هو الضراب في الحرب وقيل هو الوطس الذي يطس الناس أي يدقهم قال العلماء هذه اللفظة من فصيح الكلام وبديعه الذى لم يسمع من أحد قبل النبي صلى الله عليه وسلم (ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات) في رواية أخرى لمسلم فقبض قبضة من تراب الارض ثم استقبل بها وجوههم (انهزموا ورب محمد) في الرواية الأخرى فيه شاهت الوجوه أي قبحت ففي كلا الحديثين كما قال النووى معجزتان ظاهرتان احداهما فعلية والاخرى خبرية ثم الجمع بينهما انه أخذ قبضة من حصى وقبضة من تراب فرمى بذامرة وبذامرة أو أخذ قبضة واحدة مخلوطة من حصى وتراب (فما زلت أرى حدهم كليلا) بفتح الحاء أى ما زلت أرى قوتهم ضعيفة (وروى ان العباس الى آخره) رواه ابن اسحق في سيرته وغيره (يثنى بعيره) يلويه وزنا ومعنى (فيقتحم عنه) أى يزل (ويؤم الصوت) أي يقصده (قدما) بضم القاف أي يقدم بعضهم بعضا وهذا وصف الشجعان (وكانت الهزيمة) تامة لا تحتاج الى خبر (ويوم حنين) أي ونصركم يوم حنين لانه معطوف على قوله لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ اشارة الى قول من قال لن نغلب اليوم عن قلة (فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً) لأن الظفر لا يكون بالكثرة وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ أي برحبتها وسعتها ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ منهزمين

ص: 421

ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ قال سعيد بن جبير أمده الله يومئذ بخمسة آلاف من الملائكة مسومين. قيل لم تقاتل الملائكة يومئذ وانما نزلت لتجبين الكفار وتشجيع المسلمين* وروى انه لما انهزم المسلمون شمت كثير من الطلقاء وانجفلوا بالناس وقال كلدة بن حنبل الآن بطل السحر فقال له أخوه صفوان بن أمية اسكت فض الله فاك فو الله لأن يربنى رجل من قريش احب الي من أن يربني رجل من هوازن. قال الزهري وبلغنى ان شيبة ابن عثمان يعنى الحجبي فال استدبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وأنا أريد قتله بطلحة بن طلحة وعثمان ابن طلحة وكانا قد قتلا يوم أحد فأطلع الله رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما في نفسي فالتفت الي وضرب في صدري وقال أعيذك بالله يا شيبة فأرعدت فرائصى فنظرت اليه فاذا هو أحب الىّ من سمعي وبصري فقلت أشهد أنك رسول الله وبأن الله قد أطلعك على ما في (ثم) بعد الهزيمة (أنزل الله سكينته) هى فعيلة من السكون أي أمنته وطمأنينته (على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل) من السماء (جنودا لم تروها) يعني الملائكة قال البغوى قيل لا للقتال ولكن لتجبين الكفار وتشجيع المسلمين لانه يروي ان الملائكة لم تقاتل الا يوم بدر انتهى ومر الكلام في ذلك في غزوة أحد (وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالقتل والاسر وسبي العيال وسلب الاموال (وَذلِكَ) التعذيب (جَزاءُ الْكافِرِينَ) بالله ورسوله (ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ) فيهديه للاسلام (وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قال سعيد بن جبير) كما نقله البغوى في التفسير (مسومين) بفتح الواو وكسرها كما مر في غزوة بدر قال البغوي وفي الخبران رجلا من بنى النصر قال للمؤمنين بعد القتال اين الخيل البلق والرجال عليهم ثياب بيض ما كنا نراكم فيهم الا كهيئة الشامة وما كان قتلنا الا بأيديهم فأخبروا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تلك الملائكة (لتحبين الكفار) أى نخذيلهم (وتشجيع المسلمين) أي تجرئتهم (وروي) في كتب السير (شمت) بفتح المعجمة وكسر الميم والشماتة فرح العدو بمصيبة ضده (انجفلوا بالناس) بهمز وصل وسكون النون وفتح الجيم والفاء أى هربوا بسرعة (كلدة) بفتح الكاف واللام والمهملة (ابن حنبل) بفتح المهملة والموحدة وسكون النون بينهما (فقال له أخوه) من أمه (فض الله فاك) أى كسر أسنانك (لان يربني) بضم الراء وتشديد الموحدة أى يتولى على (قال الزهري وبلغني ان شيبة بن عثمان الى آخره) أخرجه أبو بكر أحمد بن أبى خيثمة في تاريخه من حديث شيبة (فالتفت الى) فيه معجزة ظاهرة له صلى الله عليه وسلم حيث اطلع على ما في نفسه وفي حديث ابن أبي خيثمة قال فلما هممت به حال بيني وبينه خندق من نار وسور من حديد فالتفت الى آخره (فارعدت) مبنى للمفعول (فرائصى) جمع فريصة

ص: 422

نفسي* وروينا في الصحيحين واللفظ للبخاري عن ابي قتادة رضي الله عنه قال لما كان يوم حنين نظرت الى رجل من المسلمين يقاتل رجلا من المشركين وآخر من المشركين يختله من ورائه ليقتله فأسرعت الى الذي من ورائه يختله فرفع يده ليضربني فضربت يده فقطعتها ثم أخذنى فضمنى اليه ضما شديدا حتى تخوفت ثم برك فتحلل ودفعته ثم قتلته وانهزم المسلمون وانهزمت معهم فاذا عمر بن الخطاب في الناس فقلت له ما شأن الناس فقال أمر الله ثم تراجع الناس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقام بينة على قتيل قتله فله سلبه فقمت لا لتمس بينة على قتيلي فلم أر أحدا يشهد لى وجلست ثم بدا لى فذكرت أمره لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل من جلسائه سلاح هذا القتيل الذي يذكره عندي فأرضه منه فقال أبو بكر لاها الله اذن لا تعطه أصيبع من قريش وتدع أسدا بالفاء والراء والمهملة مكبرة وهي لحمة بين الثدي والكتف ترعد عند الفزع (وروينا في) الموطا و (الصحيحين) وسنن أبي داود والترمذي (عن أبي قتادة) اسمه الحارث بن ربعى كما مر ورواه أيضا أحمد وأبو داود عن أنس ورواه أحمد وابن ماجه عن سمرة (لما كان يوم حنين) بالنصب والرفع (يختله من ورائه) بفتح أوله وسكون المعجمة وكسر الفوقية أي يريد ان يأخذه على غفلة (فضمنى اليه ضما شديدا) زاد مسلم حتى وجدت ريح الموت (ثم برك) بالموحدة للاكثر ولبعضهم بالفوقية (فتحلل) بالمهملة أى انفك مني (فقال أمر الله) أى حكمه وقضاؤه (على قتيل) وللبيهقى في السنن على أسير (فله سلبه) قال العلماء يستحق القاتل ولو ناقصا ومثله من أزال منعته حال الحرب وكذا الاسير جميع السلب من سلاح معه كسيف ورمح ودرع ومغفر وما عليه للزينة كطوق وسوار ومنقطة وخاتم وفرسه أيضا وكذا نفقته ونفقة مركوبه وما عليه من سرج ولجام ومقود وغيرها والجنيبة لانه قد يحتاج اليها ويستحق من الجنائب واحدة واما الحقيبة وهي بفتح المهملة وكسر القاف الوعاء الذي يجمع فيه المتاع ويجعل خلف الراكب فليست من السلب على اشكال فيها وقد اختار السبكي وغيره دخولها (فقال رجل من جلسائه) قال ابن حجر لم يسم الا انه قرشى وعند الواقدي انه أوس بن خزاعي الاسلمي (فارضه منه) بقطع الهمزة وكسر المعجمة وفي بعض نسخ البخاري فارض منه (فقال أبو بكر) ولاحمد فقال عمر وجمع بأن كلا قال (لاها الله اذن) قال الخطابي صوابه لاها الله ذا بغير الف زادها فيه بمعنى الواو التي يقسم بها فهو بمعنى لا والله ذا معناه لاها الله ذا بمعنى أو ذا قسمى قاله المازنى أو هي زائدة قاله أبو زيد وها بالقصر والمد وهي جارة كالواو ولا يقال ها والله بجمعهما وأنكر الطيبي قول الخطابي وقال بل الرواية صحيحة ومعناها والله اذا لا أفعل قال ويحتمل ان اذا زائدة وقال القرطبي اذن هنا حرف جواب وقد وردت كذلك في عدة من الاحاديث أفيظن بوارد الرواة جميعها الغلط والتحريف معاذ الله قال النووي في هذا الحديث دليل على ان هذه اللفظة تكون يمينا قال أصحابنا ان نوى بها اليمين كانت يمينا والا فلا لانها ليست متعارفة في اليمين (لا تعطه) نهى (اصيبع) رواية القابسي في صحيح

ص: 423