الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الطائف وحده وثبت في صحيح البخارى عن ابن عباس ان ذلك كان عند انطلاقه في طائفة من أصحابه عامدين الى سوق عكاظ فسمعوه وهو يصلى بهم صلاة الفجر وما ثبت فيه مقدم على غيره ويدل عليه ما رواه الترمذي عن ابن عباس وصححه أنهم لما رأوه يصلي بأصحابه وهم يصلون بصلاته ويسجدون معه تعجبوا من طواعية أصحابه له قالوا لقومهم وانه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا* وثبت في صحيح مسلم انه أتاه داعى الجن مرة أخرى بمكة وذهب معه وقرأ عليهم القرآن وسألوه الزاد فقال لهم لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما وكل بعرة علف لدوا بكم فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فلا تستنجوا بهما فانهما طعام اخوانكم قال عكرمة وكانوا اثنى عشر ألفا من جزيرة الموصل ووردت أحاديث أخر تدل على تكرر اجتماعهم بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان ابن مسعود معه في احدى المرات والله أعلم.
[فصل في الكلام على الجن واختلاف الناس فيهم]
(فصل) واختلف في أصل الجن فقيل هم والشياطين ولد ابليس وقيل هم ولد الجان والشياطين ولد ابليس ثم انهم متجسمون محتاجون الى التغذية كالانس خلافا لمن أنكره من كفرة الاطباء والفلاسفة ويتصورون في الصور المختلفة وأكثر ما يتصورون حيات وعقارب وروي في حديث انهم ثلاثة أصناف صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء وصنف حيات والموحدة على وزن الاغلب (وزوبعة) بالزاي والموحدة والمهملة بوزن صومعة وكان رئيسهم (فائدة) حكى عن أبي حمزة الثمالي انهم من بنى الشيصران بفتح المعجمة والمهملة بينهما تحتية ساكنة واختلف في اطلاق اسم الصحبة على من لقيه صلى الله عليه وسلم من الجن والصحيح الاطلاق فقد عد ابن شاهين وغيره جماعة من الجن في أسماء الصحابة (عكاظ) بضم المهملة وآخره معجمة سوق من أسواق الجاهلية وهو مصروف قال الازرقي وراء قرن المنازل بمرحلة على طريق صنعاء في عمل الطائف على بريد منها (طواعية) بفتح المهملة وتخفيف الواو وتشديد التحتية أى طاعة (وانه لما قام عبد الله) أي النبي صلى الله عليه وسلم (يدعوه) الهاء ضمير الله عز وجل أي يعبده (كادوا يكونون عليه لبدا) أصل اللبد الجماعة بعضها فوق بعض أي يركب بعضهم بعضا ويزدحمون حرصا على استماع القرآن وقيل هو من قول النفر لما رجعوا إلى قومهم من الجن أخبروهم بما رأوا من طاعة أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم واقتدائهم في الصلاة به. وقيل لما قام بالدعوة تلبدت الانس والجن وتظاهروا عليه ليبطلوا الحق الذى جاء به ليطفؤا نور الله وأبى الله الا أن يتم نور هذا الامر وينصره على من ناواه (ذكر اسم الله عليه) قيل هذا خاص بمؤمنيهم وأما غيرهم فانما طعامهم فيما لم يذكر اسم الله عليه (الموصل) بفتح الميم وسكون الواو وكسر المهملة من جزائر الشام فصل واختلف في أصل الجن (والفلاسفة) بفاء مكررة وسين مهملة فرقة من الفرق الضالة يحكمون علم الفلك وينسبون القدرة الى النجوم وسموا فلاسفة وعملهم فلسفة اشتقاقا من فيلاسوفا ومعناه محب الحكمة (وورد في حديث انهم ثلاثة أصناف الي آخره) أخرجه الطبراني
وكلاب وصنف يحلون ويظعنون وسموا جنا لاستتارهم عن أعين الناس وجائز رؤيتهم وكان النبي صلى الله عليه وسلم مبعوثا اليهم كالانس قيل ولم يكن ذلك لنبي قبله والصواب ان مؤمنهم يدخل الجنة وكافرهم يدخل النار وروى انهم قبائل متكاثرة وأصناف متباينة وأهواء مختلفة حتى قيل ان فيهم قدرية ومرجئة ورافضة والله أعلم. ثم انهم يعمرون الاعمار الطويلة ومن أعجب ما روى في ذلك ما حكاه القاضى عياض عن غير واحد من المصنفين عن عمر بن الخطاب قال بينا نحن جلوس مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم اذ أقبل شيخ ذو عصا فسلم على النبى والحاكم والبيهقي في الاسماء من حديث أبي ثعلبة الخشنى (قيل ولم يكن ذلك لنبي قبله) قاله مقاتل (والصواب ان مؤمنهم يدخل الجنة وكافر هم يدخل النار) ممن قال به الشافعي ومالك وابن أبي ليلى ورواه جويبر عن الضحاك وذكر النقاش في تفسيره حديثا انهم يدخلون الجنة فقيل هل يصيبون من نعيمها قال يلهمهم الله تسبيحه وذكره ويصيبون من لذته ما يصيب بني آدم من نعيم الجنة واستدل على ذلك بقوله تعالى لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ.
قال سمرة بن حبيب فالانسيات للانس والجنيات للجن وفي رؤيتهم الباري تعالى في الآخرة خلاف قال بعضهم ويكون الانس يرونهم في الآخرة وهم لا يرون الانس عكس ما كانوا في الدنيا وقيل ليس للجن ثواب سوى النجاة من النار وذهب اليه أبو حنيفة وحكى سفيان عن ليث قال الجن ثوابهم ان يجاروا من النار ثم يقال لهم كونوا ترابا مثل البهائم وحكي عن أبي الزناد أيضا وقال عمر بن عبد العزيز ان مؤمنهم حول الجنة في ربض ورحاب وليسوا فيها (فائدة) أخرج أبو يعلى والطبراني في الكبير من حديث غريب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الجن لا يصل أحدا في بيته عتيق من الخيل (قدرية) بالنصب اسم ان. قال النووي وهم طائفة ينكرون ان الله سبحانه قدر الاشياء في القدم وقد انقرضوا وصار القدرية لقبا للمعتزلة لاسنادهم أفعال العباد الى قدرتهم وانكارهم القدر فيها (ومرجئة) لقبوا بذلك لارجائهم العمل عن النية أي تأخيرهم العمل في الرتبة عنها وعن الاعتقاد من ارجأه أخره وهو مهموز. وقيل لانهم يقولون لا يضر مع الايمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة فهم يعظمون الرجاء وعليه لا يهمز لفظ المرجئة (ورافضة) سموا به لرفضهم زيد بن علي بن زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهم أي تركهم اياه قيل سببه انهم طلبوا منه أن لايقول بحقية خلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم فأبى وقد أخبر النبى صلى الله عليه وسلم بان هذا الاسم نبزلهم حيث قال لعلي يا أبا الحسن أنت وشيعتك في الجنة وان قوما يزعمون انهم يحبونك يظهرون الاسلام ثم يلفظونه يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية لهم نتن يقال لهم الرافضة فان أدركتبم فقاتلهم فانهم مشركون وفي رواية قالوا يا رسول الله ما العلامة فيهم قال لا يشهدون جمعة ولا جماعة ويطعنون على السلف أخرجه علي بن عمر الدارقطني من حديث على قال وله عنده طرق كثيرة (ما حكاه القاضى) هو عياض بن موسى اليحصبي (بينا نحن) أي بين أوقات جلوسنا كما مر (عصا) مقصورة منون
صلى الله عليه وآله وسلم فرد عليه وقال نغمة الجن من أنت قال أنا هامة بن الهيم بن الاقيس بن ابليس فذكرانه لقى نوحا ومن بعده في حديث طويل (رجعنا الى القصة) ولما بلغ صلى الله عليه وآله وسلم في مرجعه من الطائف حراء بعث الى الاخنس بن شريق ليجيره قال أنا حليف والحليف لا يجير فبعث الى سهيل بن عمر وفقال ان بنى عامر لا تجير على بنى كعب فبعث الى المطعم بن عدي فلبس سلاحه هو وأهل بيته وخرجوا الى المسجد وبعث الى رسول الله صلى الله عليه وآله (وقال نغمة الجن) بالمعجمة وهي مرفوعة على الخبر لمبتدأ محذوف أي هذه نغمة الجن أي صوتهم (انا هامة) بالتخفيف كلفظ الهامة الطائر المعروف (ابن الهيم) كاسم الجمع من الابل المهيومة (الاقيس) بقاف مكسورة فتحتية ساكنة وفي بعض النسخ بحذفها فمهملة (ابن ابليس) هذا مما يدل على ان الجن من ذرية ابليس وقد ذكر المصنف الخلاف في ذلك (فائدة) قال الكاشغرى عد أبو موسى الاصبهاني هامة في الصحابة قال ولما انتسب قال له النبي صلى الله عليه وسلم لا أرى بينك وبينه الا أبوين قال أجل قال كم أتى عليك قال أكلت عمر الدنيا الا أقلها كنت ليالي قتل قابيل هابيل غلاما وذكر أنه تاب على يد نوح ومن معه وانه لقى شعيبا وابراهيم الخليل ولقى عيسى فقال عيسى ان لقيت محمدا فاقرأه مني السلام فقد بلغت وآمنت بك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على عيسى السلام وعليك يا هامة السلام وعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سور من القرآن فقال عمر رضى الله عنه فمات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينعه لنا ولا أراه الا حيا انتهى. وفي شرح الفقه الاكبر لابى حنيفة تأليف أبي مطيع ما مثاله الشياطين خلقوا للشر الا واحدا منهم وهو هامة وانه أسلم ولقى النبي صلى الله عليه وسلم فعلمه سورة الواقعة والمرسلات وعم يتساءلون واذا الشمس كورت وقل يا أيها الكافرون وسورة الاخلاص والمعوذتين فهو مخصوص بذلك من بين الشياطين انتهى (قلت) وهو شيطان النبي صلى الله عليه وسلم الذي أخبر في الصحيح ان الله أعانه عليه فأسلم وقد وقع الخلاف في اسلامه هل هو حقيقي أم مجازي والصحيح الاول ويؤيده هذا الحديث وحديث فضلت على آدم بخصلتين كان شيطاني كافرا فأعاننى الله عليه حتى أسلم وكان أزواجى عونا لي وكان شيطان آدم كافرا وكانت زوجته عونا على خطيئته أخرجه البيهقي في الدلائل من حديث ابن عمر (حراء) مرضبطه (الى الاخنس) اسمه وسمى الاخنس لانه خنس يوم بدر بثلاثمائة رجل من بني زهرة عن قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم عده ابن شاهين في الصحابة وظاهر كلام البغوي في التفسير انه لم يسلم وان قوله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا الآية نزلت فيه والله أعلم (ابن شريق) بالمعجمة والراء والقاف على وزن قتيل (الى سهيل بن عمرو) بن عامر بن عبد شمس بن عبدود ابن النضر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي وهو الذي جرى بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح يوم الحديبية أسلم يوم الفتح وحسن اسلامه واستشهد يوم اليرموك وقيل يوم مرج الصفر وقيل مات في طاعون عمواس (الى المظعم بن عدي) هو بن نوفل بن عبد مناف كما مر (فلبس) بكسر الموحدة (وبعث الى رسول الله صلى الله عليه