الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انه ليخافه ملك بني الاصفر قال فما زلت موقنا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم انه سيظهر حتى أدخل الله علي الاسلام زاد البخاري قال الزهري فدعا هرقل بطارقة الروم فجعلهم في دار له فقال يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد الى آخر الابد وان يثبت لكم ملككم قال فحاصوا حيصة حمر الوحش الى الابواب فوجدوها قد أغلقت قال علي بهم فدعا بهم فقال انى اختبرت شدتكم على دينكم فقد رأيت منكم الذي أحببت فسجدوا له ورضوا عنه وفي صحيح البخاري زوائد أخر تركتها اختصارا
[فصل: في فوائد خبر هرقل وما تضمنه من الآداب والأخلاق]
(فصل) في فوائد هذا الحديث قال الخطابى اذا تأملت معانى ما استقراه هر قل يعني من أوصافه صلى الله عليه وسلم تبينت قوة ادراكه ولله دره من رجل لو ساعد معقوله مقدوره بذلك وعمرو بن زيد أبو سلمي أم عبد المطلب وأبو قيلة أم وهب أبي آمنة والدته وهو الذي خالف العرب فعبد الشعرى والحرث بن عبد العزى أبوه من الرضاعة قيل وعمرو والد حليمة مرضعته صلى الله عليه وسلم (انه ليخافه) بكسر الهمزة استئنافا لا بفتحها لما في رواية انه لتخافه ولام الابتداء لا تدخل الاعلى ان المكسورة (بني الاصفر) هم الروم نسبوا الى الاصفر بن الروم بن العيص بن اسحاق بن ابراهيم قاله ابن اسحاق والحربى وغيرهما قالوا وهو أشبه وقال ابن الانباري انما سموا بذلك لان جيشا من الحبشة غلبوا على بلادهم في وقت فوطئوا نساءهم فولد الاولاد صفرا بين سواد الحبشة وبياض الروم وقال ابن هشام انما لقب الاصفر لان جدته سارة زوجة الخليل حلته بالذهب (فما زلت موقنا) زاد في حديث عبد الله بن شداد عن أبي سفيان فما زلت مرعوبا من محمد حتى أسلمت نقله في التوشيح (حتي أدخل الله على الاسلام) لم يقل حتي أسلمت اشارة الى ان الاسلام دخل عليه في ابتداء الامر كرها (الفلاح) النجاة (والرشد) بضم الراء وسكون الشين وبفتحها (آخر الآية) بالنصب بنزع الخافض أي الى آخر الآية زاد البخارى في رواية فتبايعوا هذا النبى صلى الله عليه وسلم من المبايعة بالموحدة فالتحتية وللكشميهني من المتابعة بالفوقية فالموحدة (فحاصوا) بالمهملتين أى نفروا (حيصة حمر الوحش) أنما شبههم بها دون غيرها من الوحوش لمناسبة الجهل وعدم الفطنة
(فصل) فى فوائد هذا الحديث (استقرأه) بالهمز طلب من القراءة (لله دره) كلمة تقال في التعجب وربما قالوا در دره بمعناه ويقولون في الدعاء على الشخص لا در دره أي لاكثر خيره قال الفراء اختصوا الدر بذلك لان العرب تفصد الناقة وتشرب لبنها ويشربون ماء كرشها فاللبن أفضل هذا المشروب وقيل أصله أن الرجل تكون له اللقحة النفيسة فيجعل درها لله أي لبنها فلا يحلبها ولا يركبها فيعجب الناس ذلك ويقولون لله دره ثم كثر حتى صار في موضع التعجب من كل شيء (مفعوله) مفعول (مقدوره) فاعل أي لو قدر الله له فوافق القدر ما أداه اليه عقله حتى قال وان الرجل لنبي لكان آمن وعاد أمره الى ما قدر له في الازل من السعادة واما اذا قدر له في الازل الشقاوة فليس مجرد عقله نافعا له فمن ثم آل أمره الى ما قدر له من
قال غيره وانما شح بالملك وأخلد الى الرياسة فآثرها على الاسلام ولو أراد الله هدايته لوفقه كما وفق النجاشي وما زالت عنه الرياسة* اللهم انا نسألك التوفيق ونعوذبك من الخذلان والتعويق وهرقل بكسر الهاء وفتح الراء وسكون القاف كدمشق وهو اسم علم له لا ينصرف للعلمية والعجمة وأما قيصر فهو لقب لكل من ملك الروم كما يقال لملك الفرس كسرى والحبشة النجاشي والترك خاقان والقبط فرعون وحمير قيل واليمن تبع وفي هذا الحديث انه يستحب تصدير الكتاب ببسم الله الرحمن الرحيم أو الحمد لله وكل سنة وفيه ان الكاتب يبدأ باسم نفسه ثم باسم المكتوب اليه قال قوم هذا في الكتاب أما في العنوان فبالعكس والصواب لا فرق ومن فوائده أنه يستحب في المكاتبات التوقى من المجازفات وخطاب كل على حسب ما يقتضيه حاله فلا يفرط ولا يفرط وخيار الامور أوسطها فقد أتى صلى الله عليه وعلى آله وسلم في كتابه هذا مع ما فيه من الزجر والردع بنوع من الاكرام والتلطف الشقاوة فمات على نصرانيته كما روي أحمد في مسنده قال كتب هرقل من تبوك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم اني مسلم فقال صلى الله عليه وسلم كذب بل هو على نصرانيته قلت لعله أراد الاسلام اللغوى فكذبه النبي صلى الله عليه وسلم في الاسلام الحقيقي وشذ من قال انه آمن وفي رواية عبد الله بن شداد عن أبي سفيان لو علمت انه هو لمشيت اليه فهذا يدل على انه بقي معه شك في أمره صلى الله عليه وسلم (قال غيره) كالبخاري في التصحيح (شح) بخل والشح أسوأ البخل (وأخلد) ركن ومال (وما زالت عنه الرياسة) بل كانت تزداد بالاسلام (وهرقل بكسر الهاء وفتح الراء وسكون القاف كدمشق) في الاشهر وقيل بسكون الراء وكسر القاف على وزن خروع (خاقان) بالمعجمة والقاف اسم لكل ملك خقنته الترك على أنفسهم أي ملكوه ورأسوه (القبط) بكسر القاف وسكون الموحدة ثم طاء مهملة (ومن ملك حمير القيل) بفتح القاف وسكون التحتية وقيل القيل أقل درجة من الملك ومن ملك اليمن (تبع) ومن ملك مصر العزيز ومن ملك المسلمين يقال له أمير المؤمنين قال المطرز وابن خالويه وآخرون (ببسم الله) أي يكتب بسم الله (والحمد لله) بالرفع على الحكاية (وكل سنة) وان كان المكتوب اليه كافرا فيه (وان الكاتب يبدأ باسم نفسه ثم باسم المكتوب اليه) فيقول من زيد الى عمرو مثلا وهو الصحيح الذي اجمع عليه الصحابة وقاله اكبر العلماء كما نقله عنهم أبو بكر بن النحاس في كتابه صناعة الكتاب قال ورخص جماعة في ان يبدأ باسم المكتوب اليه فيقول الى عمرو من زيد مثلا وروي بسنده ان زيد بن ثابت كتب الى معاوية مبتدأ باسمه (العنوان) بضم العين ثم نون ما يكتب على ظهر الكتاب من اسم المكتوب اليه (المجازفات) بالجيم والزاي والفاء أي المبالغات في الوصف لترتب الكذب عليها غالبا (فلا يفرط) بالتخفيف لا يجاوز الحد (ولا يفرط) بالتشديد لا يقصر (وخيار الامور) كلها (أوساطها) ولذلك شواهد مشهورة
ممتثلا لما امر به من الانة القول والدعاء الى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة مع التوقى من المجازفة حيث قال عظيم الروم ولم يقل ملكهم لانه لا ملك له ولا لغيره بحكم الاسلام وفي هذا الحديث دليل على ان من كان سببا لضلالة قوم كان اثمه كاثم جميعهم فلذلك قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم فان توليت فعليك اثم الاريسيين وهم اتباعه الذين يترتب اسلامهم على اسلامه ومن ذلك قوله تعالى وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ وفيه غير ذلك والله أعلم وأما كتاب كسرى ففي صحيح البخاري ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر عبد الله بن حذافة أن يدفعه الى عظيم البحرين فدفعه عظيم البحرين الى كسرى فلما قرأه مزقه فحسب ابن المسيب قال فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق قيل هلك منهم عند ذلك اربعة عشر ملكا في سنة حتى ملكوا امرهم امرأة ولما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك قال لن يفلح قوم ملكوا أمرهم امرأة ثم اندرس أمرهم الى آخر الابد فلم يبق لهم ملك ولا مملكة كما بقي للروم ولقد أجاد القول في ذلك محمد بن سعيد الابوصيري حيث يقول في فصل مولده صلى الله عليه وسلم
وبات ايوان كسرى وهو منصدع
…
كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
في الكتاب والسنة (الانة) بكسر الهمزة مصدر ألان الكلام يلينه الانة وهو ضد الخشونة (لا ملك له ولا لغيره بحكم) دين (الاسلام) ولا سلطان لاحد الا لمن ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ولاه من أذن له وان ما ينفذ من تصرفات الكفار لا ينفذ الا لضرورة (وفيه غير ذلك) كاستحباب أما بعد وتحريم قتال من لم تبلغه الدعوة والعمل بخبر الواحد وجواز السفر الى أرض الكفار بآية أو اثنتين ضمن كتاب وجواز حمل الحديث انه أو آيات يسيرة مع غير القرآن كذا قال النووي والصواب أن يقال لم يكتب له رأسه واستحباب البلاغة والايجاز وتحري الالفاظ الجزلة والله أعلم (تنبيه) وقع في شرح السهيلي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب الى هرقل من تبوك في غزوتها وهو وهم مردود بما في أثناء القصة أن أبا سفيان ومن معه كانوا يومئذ هناك في المدة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم وكان يومئذ كافرا وتبوك انما كانت سنة تسع بعد الفتح وكان اسلام العباس يوم الفتح والله أعلم (الى عظيم البحرين) تثنية بحر وعظيم البحرين المنذر بن ساري العبدي بالمهملة وفتح الراء الممالة (كسرى) بفتح الكاف وكسرها قال السهيلى وغيره هوا برويز بن هرمز (لن يفلح قوم ولوا أمرهم أمرأة) رواه أحمد والبخاري والترمذي والنسائي عن أبي بكرة (الابوصيري) تقدم ضبطه (في فصل مولده) بالصاد المهملة (منصدع) منشق (كشمل) هو ما يجتمع من الانسان ويتفرق (غير ملتئم) غير مجتمع والشاهد من البيت كشمل أصحاب كسري غير