الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلم يقدر عليها وكانوا يتحدثون انها رفعت قال معقل بن يسار لقد رأيتني رافعا غصنا من أغصانها عن رأس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
[مطلب في الكلام علي الشجرة التى كانت البيعة عندها]
(فصل) ثم انه قد ثبت لشاهديها المزايا العظام والتنوية على سائر مشاهد الاسلام قال الله تعالى لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وقال تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ وروينا في صحيح البخاري عن جابر بن عبد رضي الله عنهما قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الحديبية أنتم اليوم خير أهل الارض وكنا ألفا وأربعمائة ولو كنت أبصر اليوم لاريتكم مكان الشجرة وعنه أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة رواه البغوي فلم يقدر عليها) قال البغوي قال سعيد بن المسيب حدثنى أبي وكان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة قال فلما خرجنا من العام المقبل طلبناها فلم نقدر عليها (فيتحدثون انها رفعت) قال البغوى روى ان عمر بن الخطاب مر بذلك المكان بعد أن ذهبت الشجرة فقال أين كانت فجعل بعضهم يقول هاهنا وبعضهم يقول هاهنا فلما كثر اختلافهم قال سيروا فقد ذهبت الشجرة (معقل) بفتح الميم وسكون المهملة وكسر القاف (يسار) بفتح التحتية وبالسين المهملة
(فصل) ثم انه (على سائر مشاهد الاسلام) ما عدا مشهد بدر ثم أحد (لقد رضى الله عن المؤمنين اذ يبايعونك) بالحديبية على ان يناجزوا قريشا ولا يفروا (تحت الشجرة) هي اسم لكل ما قام من النبات على ساق ويسمى غيره نجما (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ) يا محمد بالحديبية على عدم الفرار (إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ) لانهم باعوا أنفسهم من الله بالجنة بالوفاء بما وعدهم من الخير (فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) قال ابن عباس وقال السدي كانوا يأخذون بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبايعونه ويد الله فوق أيديهم في المبايعة وقيل نعمة الله عليهم بالهداية فوق ما صنعوا من البيعة وفي الشفاء يد الله قوته وقيل ثوابه وقيل منته وقيل عقده وهذه استعارة وتجنيس في الكلام وتأكيد لعقد بيعتهم اياه وعظم لشأن المبايع صلى الله عليه وسلم (أنتم اليوم خير أهل الارض) هذا من العام الذي أريد به الخاص فان بعض البدريين والاحديين لم يشهد بيعة الرضوان (ولو كنت أبصر الى آخره) من كلام جابر رضي الله عنه (لا يدخل النار أحد) زاد مسلم في رواية جابر عن أم مبشر الانصارية ان شاء الله قال النووى قال العلماء هو للتبرك لا للشك لانه لا يدخلها أحد منهم قطعا (رواه البغوي) في التفسير مسندا عن أبي سعيد الشريحي عن أبى اسحاق الثعلبي عن ابن فيحويه عن على بن أحمد بن نصرويه عن ابي عمران موسى بن سهل بن عبد الحميد الجوني عن محمد بن رمح عن الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر قلت ورواه مسلم كما مرت الاشارة اليه وفيه ان حفصة قالت بلى يا رسول الله فانتهرها فقالت حفصة وان منكم الا واردها فقال النبي صلى الله عليه
مسندا وقال الشعبي في قوله تعالى وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ هم الذين شهدوا بيعة الرضوان وذهب اكثر المفسرين في قوله تعالى إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً انه صلح الحديبية وذلك انها نزلت في منصرفهم منها وهم مخالطهم الحزن والكآبة فقال صلى الله عليه وآله وسلم لقد أنزلت علي آية هي احب الى من الدنيا جميعها ولما نزلت دعا النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب فأقرأه إياها فقال يا رسول الله أو فتح هو قال نعم فطابت نفسه ورجع رواه مسلم. وروينا في صحيح البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية قال الزهري لم يكن فتح أعظم منه قال العلماء ووجه ذلك ان المشركين اختلطوا بالمسلمين في تلك الهدنة وسمعوا منهم احوال النبى صلى الله عليه وسلم الباهرة ومعجزاته المتظاهرة وحسن سيرته وجميل طريقته وشاهدها كثير منهم فمالت انفسهم الى الايمان وأسلم في تلك الايام خلق كثير وسلم ثم ننجى الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا قال النووى مقصود حفصة الاسترشاد لارد مقالته صلى الله عليه وسلم قال والصحيح ان المراد بالورود في الآية المرور على الصراط وهو جسر منصوب على جهنم فيقع فيها أهلها وينجو الآخرون انتهى وروي الحديث أيضا أبو داود والترمذي (الشعبي) عامر بن شراحيل أو شرحبيل كما مر (هم الذين شهدوا بيعة الرضوان) قال سعيد بن المسيب وقتادة وابن سيرين وجماعة هم الذين صلوا الي القبلتين وقال عطاء هم أهل بدر (وذهب أكثر المفسرين) منهم أنس وابن عامر في رواية عنهما (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) انه صلح الحديبية وسمى فتحا لان الصلح مع المشركين بالحديبية كان مغلقا حتى فتحه الله وفي رواية عن أنس انه فتح مكة وقال مجاهد وفتح خيبر والتحقيق ان قوله تعالى إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً المراد به الحديبية لانها كانت مبدأ الفتح لما ترتب على الصلح الذى وقع من الأمن ورفع الحرب وتمكن من يخشى من الدخول في الاسلام للوصول الى المدينة وقوله تعالى وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً المراد به فتح خيبر وقوله فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً المراد به الحديبية أيضا وقوله إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ الفتح المراد به فتح مكة (انها نزلت في منصرفهم منها) كما رواه الشيخان والترمذى عن أنس قال نزل على النبي صلى الله عليه وسلم إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ مرجعه من الحديبية فالفتح المبين هو فتح الحديبية فقالوا هنيئا مريئا لك يا رسول الله لقد بين الله تعالى لك ما يفعل بك فماذا يفعل بنا فنزلت لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ الآية (الحزن والكآبة) بالمد مترادفان (أو فتح) هو بهمزة الاستفهام الداخلة على واو العطف أو واو الابتداء (الهدنة) بضم الهاء وسكون الدال المهملة بعدها نون وهى لغة المصالحة وشرعا مصالحة الكفار على الكف عن قتالهم وسبيهم والتعارض لتجارهم مجانا ويسمى موادعة ومعاهدة (سيرته) بكسر المهملة وسكون التحتية وطريقته مترادفان