الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قريظة بثلاثة أشهر وكانت لطلب الثأر بخبيب بن عدى وأصحابه وخرج صلى الله عليه وآله وسلم فيها موريا بطريق الشام فلما بلغ البتراء صفق ذات اليسار فلما بلغ منازلهم وجدهم قد حذروا وتمنعوا في رؤس الجبال فأخذ راجعا*
[الكلام على مشروعية الاستسقاء وصلاة الكسوف وشرح ذلك]
السنة السادسة وتواريخها مما ذكر فيها الاستسقاء والكسوف وقد ثبتت مشروعيتهما وكونهما سنة بالاحاديث الصحيحة الصريحة اما الاستسقاء فثبت في الصحيحين عن عبد الله بن زيد بن عاصم الانصارى المازنى قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستسقى واستقبل القبلة وقلب رداءه ثم صلي ركعتين زاد البخاري جهر فيهما بالقراءة زاد أبو داود باسناد حسن وقلب رداءه المعجمة (الثأر) بالمثلثة والهمز (موريا) من التورية وهى الستر كانه لخروجه لغير الجهة التى يريدها ستر ما يريد (البتراء) بفتح الموحدة واسكان الفوقية والمد موضع بقربه مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق تبوك (صفق) بالتشديد أي رجع (حذروا) بكسر المعجمة (وتمنعوا) بالنون* السنة السادسة (الاستسقاء) لغة طلب السقيا وشرعا طلب سقيا العباد من الله تعالى عند حاجتهم اليها يقال سقاه وأسقاه بمعنى ثلاثي ورباعي قال تعالى وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً وقال تعالى لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً وقد جمعهما لبيد في قوله
سقى قومي بنى مجد وأسقى
…
نمير او القبائل من هلال
ويقال سقاه ناوله الشرب وأسقاه جعل له سقيا ويقال سقاه لنفسه وأسقاه لما شيته وأرضه وقيل سقاه لسقيه وأسقاه دله على الماء (والكسوف) لغة التغير الى السواد يقال كسف وجهه وكسفت الشمس اسودت وذهب شعاعها (وكونهما سنة) أما الكسوف فاجماعا وأما الاستسقاء فكذلك ما عدا الصلاة لها فان أبا حنيفة يقول بعدم سنيتها وخالفه سائر العلماء من السلف والخلف والتابعين فمن بعدهم (المازني) بالزاي نسبة الى مازن فخذ من الانصار وقد مرانه غير صاحب الاذان عبد الله بن زيد بن عبد ربه اذ ذاك من بلحارث (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ندب الخروج الى الصحراء لانه أبلغ في الافتقار والتواضع ولانها أوسع للناس (فاستسقى) أي طلب السقيا (واستقبل القبلة) فيه ندب ذلك أيضا وقد مر قال النووى ويلتحق بالدعاء الوضوء والغسل والتيمم والقراءة والاذكار وسائر الطاعات الا ما خرج بدليل كالخطبة (وقلب رداءه) أى حوله زاد أحمد وحول الناس معه قال العلماء الحكمة فيه التفاؤل بانقلاب الحال من الضيق والجدب الي السعة والخصب قال تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وروى الدارقطني عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه محمد بن على الباقر نفعنا الله بهم انه صلى الله عليه وسلم حول رداءه ليتحول القحط وكان صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن كما رواه الشيخان وغيرهما عن أنس «فائدة» قال في التوشيح ذكر الواقدي ان طول ردائه صلى الله عليه وسلم كان ستة أذرع في ثلاثة أذرع وطول ازاره أربعة أذرع وشبرين في ذراعين وشبر كان يلبسهما في الجمعة والعيدين انتهى قال شيخنا الشهاب ابن حجر ولم يثبت في طول عمامته شيء (ثم صلى ركعتين) فيه ان صلاتها ركعتان وهي كذلك باجماع المثبتين لها
وجعل ما على الايمن على الايسر وما على الايسر على الايمن وقلبه ظهرا لبطن وفي رواية له أيضا انه كان عليه خميصة سوداء فأراد أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها فلما ثقلت عليه جعلها على عاتقه قال العلماء اذا أجدبت الارض أمر الامام الناس بالتوبة والخروج من المظالم وصيام ثلاثة أيام قال بعضهم ينحتم هذا الصيام ويجب واستدل بقوله تعالى أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قلت ولا يبعد أن يقاس عليه جميع ما يأمر به الامام من المصالح ثم يخرج بهم في اليوم الرابع صياما لانه قد ورد ان دعوة الصائم لا ترد ويخرجون في ثياب بذلة واستكانة ويصلى بهم ركعتين كالعيد (وفي رواية له) لابي داود وللحاكم في صحيحه انها (خميصة) بفتح المعجمة وكسر الميم كساء مخطط (فلما ثقلت عليه قلبها على عاتقه) فهمه بذلك دال على استحبابه وتركه للسبب المذكور (بالتوبة والخروج من المظالم) دما وعرضا ومالا وبفعل الخير من عتق وصدقة وغيرهما لان ذلك أرجا للاجابة ويعم بذلك من يريد الحضور وغيره وكذا الامر بالصوم قاله الفقيه الصالح أحمد بن موسى بن عجيل وقال الفقيه اسماعيل الحضرمى يختص الامر بالصوم بمن يريد الحضور قال تعالى اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وقال إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ الآية وقال وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا الآية ولا شك في دخول الخروج من المظالم في التوبة وكليهما في فعل الخيرات وانما أفرادا بالذكر لعظم أمرهما وكونهما أرجا للاجابة وفي الصحيح عن أبي هريرة قال كيف أنتم اذا لم تجبوا دينارا ولا درهما قالوا وتري ذلك يا أبا هريرة قال نعم والذى نفسي بيده عن الصادق المصدق قالوا وبم ذلك ياأبا هريرة قال تنتهك ذمة الله وذمة رسوله فيمسك الله القطر عن أهل الارض فيمسك الله بأيديهم (وصيام ثلاثة أيام) متتابعة مع يوم الخروج لانه معين على الرياضة والخشوع (قال بعضهم) كابن عبد السلام في قواعده والنووى في فتاويه والاسنوي في المهمات (ينحتم) بسكون النون وكسر الفوقية وبفوقية مكررة مفتوحة مع تشديد الثانية أى يجب حتي يجب تبييت النية كما قاله الاسنوي وان خالفه الاذرعي في التبييت وادعي ان فيه نزاعا للمتأخرين (واستدل) القائلون بالوجوب (بقوله تعالى أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) وفي المراد بأولى الامر خلاف للمفسرين (قلت ولا يبعد ان يقاس عليه جميع ما أمر به الامام من المصالح) كما قال الاسنوى في شرحه انه القياس وهو ظاهر كلام الفقهاء في باب الامامة (لانه ورد ان دعوة الصائم لا ترد) أخرجه أحمد والترمذى وحسنه وابن حبان وصححه وابن ماجه عن أبي هريرة والبيهقى عن أنس (بذلة) بكسر الموحدة وسكون المعجمة الثياب التى تلبس حال الشغل ومباشرة الخدمة وتصرف الانسان في بيته (واستكانة) أى خضوع وظاهره ندب ذلك ولو كان يوم عيد وبه صرح الناشري في الايضاح (كالعيد) للاتباع كما مر فينادي لها الصلاة جامعة ويكبر في الاولى سبعا بين الافتتاح والتعوذ وفي أوّل الثانية خمسا ويرفع يديه ويقف بين كل تكبيرة مسبحا حامدا مهللا مكبرا ولا يخطب ان كان منفردا ويقرأ جهرا في الاولى ق وفي الثانية اقتربت أو سبح والغاشية قياسا لا نصا وما رواه الدارقطني عن ابن عباس انه صلى الله عليه وسلم قرأ في الاولي
ثم يخطب بهم خطبتين ويجعل مكان التكبير فيهما الاستغفار فيقول استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب اليه ويكثر من الاستغفار ويكرره مرارا فمدار الاستسقاء عليه ويقول في الخطبة الاولى اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا مريعا غدقا مجللا سحا عاما طبقا دائما اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم انا نستغرك انك كنت سبح وفي الثانية هل أتاك ضعيف كما قاله في المجموع وقيل يقرأ في الثانية انا أرسلنا قال الشافعى ان قرأ في الثانية انا أرسلنا كان حسنا وليس فيه أيضا أفضل من اقتربت بل معناه انه مستحسن لا كراهة فيه ولا يتعين لها وقت لكن يسن كونها وقت العيد لخبر أبى داود والحاكم وابن حبان عن عائشة قالت شكى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر فأمر بمنبر فوضع له في المصلى ووعد الناس يوما يخرجون فيه قالت فخرج حين بدا حاجب الشمس الحديث (ثم يخطب بهم) لخبر أبي داود هذا ففيه فقعد على المنبر فكبر وحمد الله ثم قال انكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم وقد أمركم الله تعالى أن تدعوه ووعدكم ان يستجيب لكم ثم قال الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ لا إله إلا هو يفعل ما يريد أللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغنى ونحن الفقراء انزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت قوة وبلاغا الي حين ثم رفع يديه حتى بدا بياض ابطيه ثم حول الى الناس ظهره وحول رداءه وهو رافع يديه ثم أقبل على الناس فنزل وصلى ركعتين فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت ثم أمطرت باذن الله تعالى فلم يأت مسجده حتى سالت السيول فلما رأى سرعتهم الي الكن ضحك حتى بدت نواجذه ثم قال أشهد أن الله على كل شيء قدير وأنه عبده ورسوله قلت انما جئت بهذا الحديث بتمامه لما اشتمل عليه من الفوائد النفية منها جواز تقديم الخطبتين واستفتاح الخطب والمواعظ ونحوهما بشىء من القرآن وسرعة اجابته صلى الله عليه وسلم وانه لا بأس بالضحك تعجبا اذا لم يكن فيه نوع استهزاء ولم يخف انكسار قلب المضحوك منه (خطبتين) كالعيد ويكفي خطبة لاطلاق الخطبة في الاحاديث (ويجعل مكان التكبير فيهما) وهو تسع في أوّل الاولى وسبع في أوّل الثانية (الاستغفار الى آخره) لانه أليق بالحال ويبدل أيضا ما يتعلق بالفطرة والاضحية بما يتعلق بالاستسقاء (ويكرره) أى الاستغفار حتى يكون أكثر دعائه (أللهم اسقنا) بوصل الهمزة وقطعها (غيثا) مطرا (مغيثا) منقذا من الشدة (هنيئا) بالهمز والمد أى طيبا لا تنغيص فيه (مريئا) بوزن هنيئا أى محمود العاقبة (مريعا) بوزنه أى ذاريع وهو النماء والزيادة وروى مربعا بضم الميم وبالموحدة مأخوذ من قولهم أربع البعير اذا أكل الربيع وروى أيضا بالفوقية مأخوذ من قولهم ارتعت الماشية اذا أكلت ما شاءت وأرتع الغيث اذا أنبت ما ترتع فيه الماشية (غدقا) بفتح المعجمة والمهملة والقاف أي كثير الخير (مجللا) بضم الميم وفتح الجيم وكسر اللام أى يجلل الارض فيعمها بالوقوع عليها أو يجلل وجهها أي يستره بالنبات (سحا) بمهملتين الثانية مشددة أى شديد الوقوع في الارض (طبقا) بفتح المهملة والباء أى يطبق الارض فيعمها حتى يصير كالطبق لها (دائما) الى انتهاء الحاجة لان دوامه فوق ذلك عذاب (القانطين)
غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا اللهم ان بالخلق من اللأواء والضنك ما لا يشكون الا اليك اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع واسقنا من بركات السماء وأنبت لنا من بركات الارض روى جميع ذلك الشافعى عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم ويستحب للعامة أن يلحوا على صلاحهم وأئمتهم أن يسئلوا الله لهم في المكتوبات والجمع وجميع الاحوال لما ورد في الصحيحين عن أنس ان سليكا الغطفانى دخل يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائم يخطب فقال يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل فادع الله أن يغيثنا فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وقال اللهم اسقنا اللهم اسقنا اللهم الآيسين (مدرارا) أي كثير الدر أي القطر (اللاواء) بتشديد اللام واسكان الهمزة وفتح الواو هي الشدة وكذا الجهد (والضنك) بفتح المعجمة وسكون النون الضيق (بركات السماء) المطر النافع قال الازهرى وهو في الآية السحاب (بركات الارض) ما يخرج منها (روى جميع ذلك الشافعي) تعليقا (عن) سالم بن عبد الله (بن عمر) عن أبيه (عن النبى صلى الله عليه وسلم ووراء ذلك أدعية كثيرة مستوفاة في كتب الاذكار (يلحوا) بضم أوله وبالحاء المهملة أى يطلبوا مع مبالغة في الطلب (لما ورد في الصحيحين) عن أنس وأخرجه عنه مالك وأبو داود والنسائي أيضا (ان سليكا) بضم المهملة مصغر هو ابن عمرو أو ابن هدبة قولان ولم يقع تسميته الا في صحيح مسلم وابن حبان في حديث الامر بالتحتية وتوهم منه المصنف وغيره انه هو المستسقى وليس كذلك اذ المستسقى لم يسم كما قاله الحافظ ابن حجر وغيره قال ابن حجر وقد قيل هو كعب بن مرة وقيل العباس بن عبد المطلب وقيل أبو سفيان بن حرب قال وكل ذلك غلط ممن قاله لمغايرة كل من الاحاديث الثلاثة للقصة التي ذكرها أنس قال ثم وجدت في دلائل البيهقى في رواية مرسلة ما يدل على انه خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزارى أخو عيينة بن حصن فهذا هو المعتمد انتهى (دخل يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب) زاد البخاري في رواية فقعد وجاه المنبر (هلكت المواشي) في رواية في الصحيح هلكت الاموال وفي أخرى هلك المال وضاع العيال (وانقطعت) وللاصيلى في البخارى وتقطعت (السبل) الطرق وذلك لضعف الابل عن السفر لقلة القوت أو لانها لا تجد في الطريق ما يقيمها (أن يغيثنا) كذا لابي ذر في البخاري ولغيره يغيثنا فيكون مرفوعا على الخبر والمبتدأ مقدر أى فهو يغيثنا وفي أوله الضم من أغاث والفتح من غاث بمعنى قال ابن القطاع غاث الله عباده سقاهم المطر وأغاثهم أجاب دعاءهم وقال عياض عن بعضهم هو بالضم بمعنى المعونة (فرفع يديه) وكان ذلك بظهر الكفين كما في مسلم وأبي داود فاشار بظهر كفه الى السماء ففيه ندب ذلك اذا كان الدعاء لرفع بلاء فان كان لسؤال شىء وتحصيله جعل بطونهما الى السماء وما في الصحيحين وغيرهما عن أنس كان لا يرفع يديه في شىء من دعائه الا في الاستسقاء حتى يري بياض ابطيه نفى لرفع خاص وهو الرفع بظهر الكفين أو نفي للرفع البليغ بحيث يرى بياض ابطيه أو نفي لرؤيته ذلك وقد رآه غيره فيقدم المثبتون قال النووي وقد ثبت رفع
اسقنبا قال أنس فلا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيأ ولا بيننا وبين سلع من بيت ولا دار قال فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت قال والله ما رأينا الشمس سبتا ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائما فقال يا رسول الله هلكت الاموال وانقطعت السبل فادع الله أن يمسكها قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا يديه صلى الله عليه وسلم في الدعاء في مواطن غير الاستسقاء وهي أكثر من ان تحصر انتهى قال في التوشيح قد ثبت رفع اليدين في الدعاء في مائة حديث أفردتها بجزء (فلا والله) كذا لابى ذر وفي صحيح البخاري وغيره بالواو (سحاب) أى مجتمع (ولا قزعة) بفتح القاف والزاي وهي القطعة من السحاب قال أبو عبيد وأكثر ما يكون ذلك في الخريف (ولا شيئا) من علامات المطر من ريح وغيره وانتصب عطفا على موضع الجار والمجرور (سلع) بفتح المهملة وسكون اللام جبل بالمدينة قال النووي مراده بهذا الاخبار عن معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعظيم كرامته على ربه سبحانه وتعالى بانزال المطر سبعة أيام متوالية متصلا بسؤاله من غير تقدم سحاب ولا قزع ولا سبب آخر لا ظاهر ولا باطن وهذا معنى قوله ولا بيننا وبين سلع من بيت ولا دار أي نحن مشاهدون له فلم يكن هناك سبب للمطر أصلا (من ورائه) أى سلع (مثل الترس) بضم الفوقية وآخره مهملة أى مستديرة (ثم أمطرت) قال النووى هذا دليل للمذهب المختار أنه يقال مطرت وأمطرت لغتان في المطر خلافا لمن قال لا يقال أمطرت الا في العذاب (سبتا) بلفظ اليوم قال النووى أى قطعة من الزمان وقال في التوشيح كناية عن الاسبوع من باب تسمية الشىء باسم بعضه كما يقال جمعة قال صاحب النهاية ان ذلك كان اصطلاح اليهود لان السبت أعظم الايام عندهم وتبعهم الصحابة في هذا الاطلاق لمجاورتهم لهم وللحموي والمستملي في تصحيح البخارى سبتا بكسر المهملة ثم فوقية مشددة لانها كانت ستة أيام ويوما ملففا من الجمعتين فلم يعد وفي رواية للبخارى سبعا وللفاسى سبتنا بالاضافة كما يقال جمعتنا (ثم دخل رجل) هو الذي جاء في الجمعة الاولي كما اقتضته احدى روايات البخارى لكن في أخرى فقام ذلك الرجل أو غيره وفي رواية شريك بن أبى نمر فسألت أنسا هو الرجل الاول قال لا أدرى (هلكت الاموال وانقطعت السبل) أى لتعطل الرعى وعدم سلوك الطريق من كثرة الماء (يمسكها) بالرفع والجزم وللكشميهني في صحيح البخارى أن يمسكها والضمير للامطار أو السحاب أو السماء (اللهم حوالينا) في بعض نسخ مسلم حولينا قال النووي وهما صحيحان وفيه ندب الدعاء بالرفع عند الحاجة (ولا علينا) قال في التوشيح قال الطيبي في ادخال الواو هنا معنى لطيف وذلك لانه لو أسقطها لكان مستسقيا للآكام وما معها فقط ودخول الواو يقتضى ان طلب المطر على المذكورات ليس مقصودا لعينه ولكن ليكون وقاية لاذى المطر فليست الواو مخلصة للعطف ولكنها للتعليل وهو كقولهم تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها فان الجوع ليس مقصودا
اللهم على الآكام والجبال والظراب والأودية ومنابت الشجر فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس هذا لفظ البخاري وفي رواية له حتى سال وادى قناة شهرا قال فلم يجىء أحد من ناحية الا حدث بالجود وفي أخرى لم ينزل من منبره حتى رأيت المطر يتحادر عن لحيته صلى الله عليه وآله وسلم وفي أخرى عن ابن عمر وربما ذكرت قول الشاعر وأنا أنظر الى وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستسقى فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
…
ثمال اليتامى عصمة للارامل
وروي انه صلى الله عليه وآله وسلم قال لو أدرك أبو طالب هذا اليوم لسره فقال له بعض أصحابه كانك يا رسول الله أردت قوله
* وأبيض يستسقى الغمام بوجهه*
قال أجل* ويستحب للامام أن ينصب الصلحاء من أقرباء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن غيرهم عند الاستسقاء كما اشتهر في صحيح البخاري وغيره ان عمر كان يستسقى بالعباس فيقول اللهم انا كنا نتوسل اليك بنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فتسقينا وانا نتوسل اليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون ومما روي من دعاء العباس حينئذ اللهم انه لم ينزل بلاء من السماء الا بذنب لعينه ولكن لكونه مانعا من الرضاع باجرة اذ كانوا يكرهون ذلك انتهي (الآكام) بكسر الهمزة مع القصر وبفتحها مع المد ومثلها الآطام والآجام وهي جمع أكمة بفتحات التراب المجتمع أو الجبل الصغير أو ما ارتفع من الارض أقوال ويقال في جمع الاكمة أكم بفتح الهمزة والكاف وبضمهما وبضم الهمزة وسكون الكاف قال ابن سيدة زاد ابن جنى وأكوم بوزن أفلس (والظراب) بكسر المعجمة وآخره موحدة جمع ظرب بكسر الراء وهى الرابية الصغيرة قاله الجوهرى واقتصر عليه النووي وقيل هو الجبل المنبسط ليس بالعالي (والاودية) ولمسلم وبطون الاودية جمع واد قال في التوشيح ولم يسمع افعلة جمع فاعل سواه (فاقلعت لي آخره) فيه معجزة له صلى الله عليه وسلم باجابة دعائه متصلا كما كان في الاستسقاء (وفي رواية له) ولمسلم أيضا (وادى قناة) بفتح القاف اسم لواد من أودية المدينة فهو على حد مسجد الجامع وربيع الاول وفي رواية للبخارى وسال الوادي قناة على البدل وفي أخري له وسال الوادى وادي قناة (الجود) بفتح الجيم واسكان الواو وهو المطر الكثير (قول الشاعر) هو أبو طالب (يجيش) بالجيم والمعجمة أي ينصب (وأبيض) بالفتح مجرور برب مقدرة أو منصوب عطفا على سيدا في قوله في البيت قبله
وما ترك قوم لا أبا لك سيدا
…
يحوط الذمار غير ذرب مواكل
(يستسقي الغمام بوجهه الي آخره) الى آخر البيت تقدم شرحه (وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال الي آخره) لم أقف على مخرجه وهو مذكور بهذه الصيغة في كتب السير (أجل) بتخفيف اللام أى نعم ويرادفها جير (ينصب) بكسر الصاد (ومن غيرهم) كما استشفع معاوية بيزيد بن الاسود فقال اللهم انا نستسقى
ولم يكشف الا بتوبة وقد توجه بي القوم اليك لمكانى من نبيك صلى الله عليه وآله وسلم وهذه أيدينا اليك بالذنوب مملوءة ونواصينا بالتوبة وأنت الراعي فلا تهمل الضالة ولا تدع الكسير بدار مضيعة فقد ضرع الصغير ورق الكبير وارتفعت الشكوى وأنت تعلم السر وأخفى اللهم فاغثهم بغياثك قبل أن يقنطوا فيهلكوا فانه لا ييأس من روحك الا القوم الكافرون فما أتم كلامه حتى أزجت السماء مثل الجبال وفي ذلك يقول حسان بن ثابت
سأل الخليفة إذ تتابع جدبه
…
سقيا الغمام بغرة العباس
عم النبي وصنو والده الذي
…
ورث الثناء بذاك دون الناس
أحيا المليك به البلاد فأصبحت
…
مخضرة الاجناب بعد الياس
وجاء في الاستسقاء بالصلحاء أخبار كثيرة ويستحب تكرير الاستسقاء ما لم يسقوا ولا يستبطؤا الاجابة ففي الصحيحين يستجاب لاحدكم ما لم يعجل فيقول دعوت فلم يستجب بخيرنا وأفضلنا اللهم انا نستسقي بيزيد بن الاسود يا يزيد ارفع يديك الي الله تعالى فرفع يديه ورفع الناس أيديهم فثارت سحابة من المغرب كانها ترس وهب لها ريح فسقوا حتي كاد الناس ألا يبلغوا منازلهم (مضيعة) باسكان الضاد وفتح التحتية وبكسر الضاد واسكان التحتية أى موضع ضياع (ضرع) بفتح المعجمة وكسر الراء وضمها آخره مهملة أي ضعف ومنه مالى أرى أجسام بنى أخي ضارعة (ازجت) بالزاى والجيم أى انشأت (الجبال) بالجيم والموحدة أي قطعا عظيمة من السحاب (الخليفة) عمر (تتابع) بالموحدة ويجوز ابدالها مثناة تحتية كما مر (سقيا) مصدر سقي يسقي (بغرة العباس) أى بالعباس والغرة صلة (المليك) بفتح الميم وكسر اللام يعنى الله عز وجل (الاجناب) جمع جنب أي مخضرة النواحي (الياس) بالتحتية أى القنوط أي بعد مقاربتهم الياس ويجوز بالموحدة والبأس والبؤس والباساء الشدة (فائدة) قال اليافعي في الارشاد روي الشيخ تاج الدين بن عطاء الله الشاذلى عن شيخه أبي العباس المرسى عن شيخه أبى الحسن الشاذلى قدس الله أرواحهم انه قال لاصحابه من كانت له حاجة الي الله فليتوسل اليه بالامام أبى حامد الغزالى انتهى ويستحب أيضا لكل أحد ان يتشفع بما فعله من خير لان ذلك لائق بالشدائد في حديث الثلاثة الذين أووا الى الغار وهو في الصحيحين وغيرهما ولا نظر الى نظر بعض المتأخرين فيه ولا الى قول الطبرى ان ذلك من رؤية العمل اذ محل الرؤية القلب لا اللسان فليتأمل واذا تهيؤا للاستسقاء فسقوا قبله خرجوا وصلوا شكرا لله عز وجل وخطب بهم أيضا (ويستحب) اذا لم يسقوا (تكرير الاستسقاء) ولا يتوقفون للصوم وقيل يتوقفون وهما نصان للشافعى ففى حديث ضعيف ان الله يحب الملحين في الدعاء أخرجه الحاكم والطبراني والبيهقي من حديث عائشة وفي (الصحيحين) وسنن أبي داود والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة (يستجاب لاحدكم ما لم يعجل) بفتح أوله واسكان ثانيه وقوله (فيقول دعوت) الى آخره تفسير للعجلة قالوا وعدم الاستجابة اما بكون الوقت الذي قدر الله فيه حصول المسؤل لم يأت بعد أو لان العجلة تدل على عدم التفويض الكلي
لي قال بعضهم يستحب الالحاح والتكرار فان لم تصلح نياتهم فعسى يسقون لتحريهم سنة نبيهم واحيائهم لها ويستحب أن يحسروا أثوابهم لما روى مسلم عن أنس قال أصابنا مطر ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحسر صلى الله عليه وآله وسلم ثوبه حتى أصابه المطر فقلت يا رسول الله لم صنعت هذا فقال انه حديث عهد بربه ويستحب أن يغتسل ويتوضأ فى السيل لأنه صلى الله عليه وسلم كان اذا سال الوادي قال اخرجوا بنا الى هذا الذى جعله الله طهورا فيتطهر منه ويحمد الله عليه قال البيهقي رواه الشافعى باسناد منقطع ويستحب الدعاء عند نزول المطر والتسبيح عند الرعد والبرق وترك الاشارة الى البرق والودق فعدم الاجابة لاختلال شرط من شروطها (والتكرار) بفتح التاء مصدر وبكسرها اسم كما مر (لتحريهم) بفتح الفوقية والمهملة وكسر الراء المشددة أى قصدهم (فحسر) أى كشف (حديث عهد بربه) أي بتكوينه وبتنزيله وروي الحاكم عن أنس أيضا قال كان اذا أمطرت السماء حسر ثوبه عن ظهره حتى يصيبه المطر وسئل ابن عباس عن فعل ذلك فقال للسائل أو ما قرأت وأنزلنا من السماء ماء مباركا فأحب ان ينالني من بركته ولا فرق بين المطر أوّل السنة وغيره ولكنه في أوّل مطر السنة آكد (ان يغتسل ويتوضأ) قال في المهمات وهل هما عباداتان فتشترط فيهما النية أولا فيه نظر والمتجه الثاني الا ان صادف وقت وضوء أو غسل لان الحكمة فيه هى الحكمة في كشف البدن ليناله أوّل مطر السنة وبركته (البيهقي) بفتح الموحدة واسكان المثناة وفتح الهاء ثم قاف هو أبو بكر أحمد بن الحسين ولد سنة أربع وثمانين وثلثمائة ومات بنيسابور في جمادى الاولي سنة ثمان وخمسين وأربعمائة ونقل الى بيهق فدفن بها (رواه الشافعي) في الام والبيهقي في السنن عن يزيد بن الهاد (باسناد منقطع) أي مرسل لان يزيد بن الهاد تابعي (ويستحب الدعاء عند نزول المطر) وشكر الله تعالى بعده روي الشافعى خبر الطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش واقامة الصلاة ونزول الغيث وروي البيهقى خبر تفتح السماء ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن عند التقاء الصفوف وعند نزول الغيث وعند اقامة الصلاة وعند رؤية الكعبة (والتسبيح عند البرق والرعد) روي مالك في الموطأ عن عبد الله بن الزبير انه كان اذا سمع الرعد ترك الحديث وقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وعن ابن عباس قال كنا مع ابن عمر في سفر فأصابنا رعد وبرق وبرد فقال كعب من قال حين يسمع الرعد سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثلاثا عوفي من ذلك فقلنا فعوفينا وقيس بالرعد البرق والمناسب ان يقول عنده سبحان من يريكم البرق خوفا وطمعا فايده نقل الشافعى في الام عن الثقة عن مجاهد ان الرعد ملك والبرق أجنحته يسوق بها السحاب قال الاسنوي فيكون المسموع صوته أو صوت سوقه على اختلاف فيه وأطلق الرعد عليه مجازا (وترك الاشارة بيده الى البرق والودق) لما روي الشافعي عن عروة بن الزبير انه قال اذا رأي أحدكم البرق أو الودق فلا يشر اليه والودق باسكان المهملة المطر وزاد الماوردي الرعد فقال وكان السلف الصالح يكرهون الاشارة الي
وان لا يتبع بصره الكوكب اذا انقض لأحاديث وآثار وردت في ذلك والله أعلم* وأما الكسوف فروينا في صحيحى البخارى ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد من الخلق ولا لحياته فاذا رأيتم ذلك فادعوا الله تعالى وكبروا وتصدقوا* وأما صفة صلاتها فهى ركعتان في كل ركعة قيامان وركوعان وسجودان الرعد والبرق ويقولون عند ذلك لا إله الا الله وحده لا شريك له سبوح قدوس فنختار الاقتداء بهم في ذلك (وان لا يتبع بصره الكوكب اذا انقض) روى النهى عن ذلك ابن السني وانقض بالقاف والمعجمة سقط (لاحاديث) لا ينصرف (وآثار وردت في ذلك) سبق ذكرها ويكره سب الريح كما روى النهى عنه ابو داود والله أعلم (وأما الكسوف) يقال كسفت الشمس والقمر بفتح الكاف وكسفا بضمها وانكسفا وخسفا وخسفا وانخسفا بمعنى وقيل بالكاف للشمس وبالخاء للقمر (في) موطأ مالك و (صحيحى البخاري ومسلم) وسنن أبي داود والترمذي والنسائي (ان الشمس والقمر الى آخره) أخرجه البخارى والنسائى من حديث أبي بكرة وأخرجه الشيخان والنسائي من حديث ابن مسعود وابن عمرو وأخرجه الشيخان من حديث المغيرة وأخرجه البخارى من حديث ابن عباس وأبي موسي وأخرجه مسلم من حديث جابر وأخرجه النسائي من حديث عمر والنعمان بن بشير وقبيصة وأبي هريرة وأخرجه الطبراني من حديث عقبة بن عامر وبلال قال في التوشيح قال ابن حجر فهذه طرق تفيد القطع عند من اطلع عليها من أهل الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله فيجب تكذيب من زعم ان الكسوف علامة على موت أحد أو حياته وسبب الحديث ما جاء في بعض طرقه أن ابن النبى صلى الله عليه وسلم مات فكسفت الشمس فقالوا كسفت لموت ابراهيم فقال صلى الله عليه وسلم ذلك ردا عليهم ولابن النجار من طريق انس أن الشمس والقمر اذا رأي أحدهما من عظمة الله شيئا حاد عن مجراه فانكسف وكان هذا الكلام في خطبته بعد الصلاة قال العلماء كان بعض الجاهلية يعظمون الشمس والقمر فبين صلى الله عليه وسلم انهما مخلوقان لله لا صنع لهما وكان بعض الضلال من المنجمين وغيرهم يقول لا يكسفان الا لموت عظيم فتبين ان هذا باطل لئلا يغتر بقولهم سيما وقد وافق موت ابراهيم (فائدة) كان موت ابراهيم عاشر ربيع الاول كما ذكره الزبير بن بكار في انسابه ورواه البيهقي عن الواقدى فبطل قول علماء الهيئة ان الشمس لا تنكسف إلا في الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين واشتهر انها كسفت يوم قتل الحسين وكان يوم عاشوراء (وأقلها ركعتان) لخبر قبيصة انه صلى الله عليه وسلم صلاها بالمدينة ركعتين وخبر النعمان انه صلى الله عليه وسلم جعل يصلي ركعتين ركعتين ويسأل عنها حتي انجلت رواهما أبو داود باسنادين صحيحين (في كل ركعة قيامان وركوعان وسجودان) أى بأن يزيد قياما على القيام المفروض وركوعا على الركوع المفروض وأما السجود فلا يزاد بحال للاتباع كما رواه الشيخان وغيرهما عن عائشة وجابر وابن عباس وابن عمر وهو أصح ما في الباب قاله ابن عبد البر وما في مسلم في رواية عن عائشة وعن ابن عباس وعن جابر ركعتين في كل
والاكمل أن يقرأ في القيام الاول بعد الفاتحة البقرة وفي الثانى دون ذلك والثالث دونهما والرابع دونهن ويطيل التسبيح في كل ركوع دون القيام الذى قبله ويطول السجدة الاولى كنحو الركوع الاول والثانية كالثانى ويجهر في كسوف القمر لا الشمس ويخطب خطبتين كالجمعة* ركعة ثلاث ركوعات وفي رواية ابن عباس وعلى ركعتين في كل ركعة أربع ركوعات قال الحفاظ الروايات أصح رواتها احفظ واضبط وفي رواية لابى داود من حديث أبى ابن كعب ركعتين في كل ركعة خمس ركوعات قال جماعة من أصحابنا الفقهاء المحدثين هذا الاختلاف في الروايات بحسب اختلاف الكسوف انتهي وهو يشير الى تعدد الكسوف ويخالفه ما قاله البيهقي في المعرفة الاحاديث كلها ترجع الى صلاته صلى الله عليه وسلم في كسوف الشمس يوم مات ابراهيم يعني فلم تتعدد الواقعة وقد نقل التعدد عن جماعة من أئمة الحديث منهم ابن المنذر وقالوا بصحة الروايات كلها وان الجميع جائز (والاكمل) فيه نصان للشافعي الاول ما نص عليه في الام والمختصر وفي موضع من البويطي وعليه الاكثرون (ان يقرأ في القيام الاول بعد الفاتحة البقرة وفي الثاني دون ذلك) أي كمائتي آية منها (والثالث دونهما) أي كمائة وخمسين (والرابع دونهن) أي كمائة والمراد من آياتها الوسط والثاني ما نص عليه في موضع من البويطي ان يقرأ في القيام الاول بعد الفاتحة كالبقرة وآل عمران والنساء والمائدة قال في الروضة وليسا على الاختلاف المحقق بل الأمر فيه على التقريب (ويطيل التسبيح الي آخره) للاتباع رواه الشيخان وغيرهما ويكون تسبيحه في الركوعات والسجودات الاول قدر مائة آية من البقرة وفي الثاني قدر ثمانين وفي الثالث قدر سبعين وفي الرابع قدر خمسين تقريبا وظاهر كلامهم كما قال الاذرعى استحباب هذه الاطالة وان لم يرض المأمومون قال وقد يفرق بينها وبين المكتوبة بالندرة أو بأن الخروج منها وتركها الى خيرة المقتدى بخلاف المكتوبة وفيه نظر ويجوز أن يقال لا يطيل بغير رضاء المحصورين لعموم الخبر اذا صلى أحدكم بالناس فليخفف وتحمل اطالته صلى الله عليه وسلم على انه علم رضى أصحابه وان ذلك مغتفر لبيان تعظيم الا كمل بالفضل ويظهر انهم لو صرحوا له بعدم الرضي بالاطالة لا يطيل وقد يتوقف فيه انتهى (ويجهر في) صلاة (كسوف القمر) لانها ليلية (لا) صلاة كسوف (الشمس) لانها نهارية وما رواه الشيخان عن عائشة انه صلى الله عليه وسلم جهر في صلاة الخسوف في قراءته والترمذي عن سمرة قال صلى بنا النبى صلى الله عليه وسلم في كسوف لا نسمع له صوتا وقال حسن صحيح يجمع بينهما كما في المجموع بان الاسرار في كسوف الشمس والجهر في خسوف القمر ويثبته رواية الطبرانى باسناد جيد عن ابن عباس صليت الى جنب النبي صلى الله عليه وسلم يوم كسفت الشمس فلم أسمع له قراءة وقد أخذ بظاهر حديث عائشة جماعة منهم أبو يوسف ومحمد وأحمد واسحاق فقالوا يجهر في كسوف الشمس أيضا قال في الديباج قلت وهو المختار عندى كالعيد والاستسقاء انتهي وقال ابن جرير الجهر والاسرار سواء (ويخطب) للاتباع (خطبتين) قياسا على العيد فلا تكفي خطبة خلافا لما فهمه ابن الرفعة من كلام حكاه البندنيجي عن نص البويطي من إجزاء خطبة واحدة (كالجمعة) في الاركان وهي خمسة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم والوصية بتقوى الله وهذه الثلاثة أركان في الخطبتين ولا يجب