المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الكلام على فتح مكة ويسمى فتح الفتوح] - بهجة المحافل وبغية الأماثل - جـ ١

[العامري الحرضي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌[خطبة الكتاب والكلام على تفسيرها]

- ‌[مطلب في الكلام على أما بعد]

- ‌[الكلام على المؤلفات في التاريخ النبوى وتقسيم الكتاب الى قسمين]

- ‌[القسم الاول في تلخيص سيرته]

- ‌[الباب الاول من القسم الاول في مولده وشرف نسبه ومحتده]

- ‌[مطلب في الكلام على أنكحة الجاهلية]

- ‌[فصل: وأما ما مهد الله له في قدم نبوته وذكره]

- ‌[فصل: فيما ورد من فضل بلدى مولده ووفاته]

- ‌[مطلب في الكلام على ما ورد في فضل مكة]

- ‌[مطلب وأما ما جاء في فضل المدينة]

- ‌[فصل في ذكر آبائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل فيما نقل من مزايا آبائه عليه الصلاة والسلام]

- ‌[الباب الثاني من القسم الاول في تاريخ مولده الى نبوته]

- ‌[مطلب حمل أمه به صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب فى الآيات التى ظهرت لمولده عليه الصلاة والسلام]

- ‌[مطلب في مراضعه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في شق الملكان صدره الشريف]

- ‌[مطلب في الكلام على إحياء الله تعالى له أبويه حتى آمنا به]

- ‌[مطلب في وفاة جده عبد المطلب وخروجه مع عمه أبى طالب]

- ‌[مطلب فى حضوره صلى الله عليه وسلم حرب الفجار مع قريش وحلف الفضول]

- ‌[مطلب في خروجه الى الشام بتجارة لخديجة وزواجه بها صلى الله عليه وسلم الى الشام]

- ‌[مطلب في بناء قريش الكعبة ووضعه الحجر الاسود بيده الشريفة مكانه من البيت]

- ‌[مطلب في الكلام على أول من بني المسجد الحرام والكلام على أول ما ظهر من لوائح نبوته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[من ذلك خبر زيد بن نفيل وورقة بن نوفل وغيرهما]

- ‌[ومن ذلك خبر سلمان الفارسي رضى الله عنه]

- ‌[ومن ذلك ابن الهيبان من يهود الشام]

- ‌[مطلب في تحنثه صلى الله عليه وسلم بغار حراء وما قيل في عصمته وما كان يراه من أمارت النبوة]

- ‌[الباب الثالث في ذكر نبوته وما بعدها الى هجرته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في بدء نبوته صلي الله عليه وسلم وظهور جبريل له بغراء حراء]

- ‌[مطلب في أخبار صلى الله عليه وسلم لورقد بن نوفل عن ظهور جبريل له]

- ‌[مطلب في تعليم جبريل له عليه الصلاة والسلام الوضوء والصلاة]

- ‌[فصل: في صفة جبريل عليه السلام وانه سفير الانبياء وعدد نزوله على النبى صلي الله عليه وسلم وبيان كيفيات الوحي]

- ‌[مطلب في تاريخ رسالته الى الخلق على ما حكاه أهل التاريح والدعوة اليها سرا]

- ‌[الكلام على حديث ان هذا الدين بدأ غريبا وسيعود كما بدأ]

- ‌[مطلب في ذكر أول من آمن به صلي الله عليه وسلم]

- ‌[الكلام على منابذة قريش له حين أمره الله باظهار الدعوة وان يصدع بما يؤمر]

- ‌[خبر اشتداد قريش على أبي طالب ووثوب كل قبيلة على من اسلم منها يعذبونه]

- ‌[خبر اجتماع قريش الى الوليد بن المغيرة وتآمرهم فيما يرمونه به صلي الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في مناواة قريش له صلى الله عليه وسلم بالذي وذكر طرفا مما آذوه به]

- ‌[تتمة لهذا المطلب في العوارض البشرية التى لحقته صلى الله عليه من جراء ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام على تعذيب قريش للمستضعفين من المؤمنين]

- ‌[مطلب في الكلام على الهجرة الأولى الى الحبشة وبيان من هاجر إليها من الأصحاب]

- ‌[مطلب في تعقب قريش لمهاجرى الحبشة وعودتهم بالخيبة]

- ‌[مطلب في مكاتبته صلى الله عليه وسلم للنجاشى ليزوجه ام حبيبة بنت أبي سفيان وخبر ذلك]

- ‌[فصل وكان صلى الله عليه وسلم يكرم مهاجرة الحبشة ويلاطفهم ويذكر من فضلهم]

- ‌[فصل في حكم الفرار بالدين والعجز عن مقاومة المشركين]

- ‌[مطلب في إسلام سيدنا حمزة عمه صلى الله عليه وسلم وسبب ذلك]

- ‌[مطلب في إسلام سيدنا عمر بن الخطاب وتعزيز الله به ضعفة المسلمين]

- ‌[مطلب في اجتماع بطون قريش على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب وكتبهم بذلك الصحيفة ودخول أبي طالب ومن انحاذ معه الشعب محاصرين من قريش]

- ‌[ذكر خبر نقض الصحيفة المذكورة]

- ‌[109- الكلام على وقعة بعاث بين الأوس والخزرج وقدوم سويد بن الصامت الأوسى عليه صلي الله عليه وسلم وأول خبر الأنصار]

- ‌[الكلام على وفات عمه أبى طالب والسيدة خديجة وحزنه صلى الله عليه وسلم لذلك وما ناله من أذى قريش عقب ذلك]

- ‌[مطلب في خروجه صلى الله عليه وسلم لثقيف بالطائف وخبر ما لقي من أذاهم وخبر جن نصيبين]

- ‌[فصل في الكلام على الجن واختلاف الناس فيهم]

- ‌[مطلب في عرض نفسه صلى الله عليه وسلم على القبائل لحمايته من أذى قريش وليتمكن من نشر دعوته وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في بدء اسلام الأنصار وقصة الإسراء]

- ‌[مطلب فى قدوم الأنصار اليه صلى الله عليه وسلم وخبر بيعة العقبة الأولى]

- ‌[مطلب فى قدوم الأنصار اليه ثانية وبيعة العقبة الثالثة المتفق على صحتها]

- ‌[مطلب في أسماء النقباء من الأوس والخزرج وطرفا من أحوالهم ومواخذة قريش لهم في ذلك]

- ‌[الكلام على بدء الهجرة الى المدينة وأول من هاجر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم]

- ‌[الباب الرابع في هجرته صلى الله عليه وسلم وما بعدها الى وفاته]

- ‌[مطلب في الكلام على وصوله صلى الله عليه وسلم المدينة]

- ‌[فصل: في المسجد الشريف النبوى وعمارته]

- ‌[فصل: في ذكر منازل المهاجرين على الأنصار ومواساتهم لهم]

- ‌[فصل: في ان الله تعالى أوعد الوعيد العظيم على من أسلم قبل الهجرة ولم يهاجر والكلام على ذلك]

- ‌[فصل: فى مناواة يهود المدينة الاذي للنبى صلي الله عليه وسلم بعد ما قدم اليها]

- ‌[فصل: فى ذكر ما أصاب المهاجرين من حمي المدينة ودعائه صلى الله عليه وسلم بان يصح هواءها ويجببها اليهم]

- ‌[فصل ولما اطمأن برسول الله الدار وأعز الله جنده أذن له بقتال قريش ومن ناواه من غيرهم]

- ‌[مطلب في كتبه صلي الله عليه وسلم الكتاب بين المهاجرين والأنصار ومواخاته بينهما وموادعته يهود المدينة]

- ‌[مطلب في مشروعية في الأذان]

- ‌[مطلب في إسلام عبد الله بن سلام وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في غزوة ودان وتحويل القبلة]

- ‌[مطلب في مشروعية صيام رمضان]

- ‌[مطلب في بنائه صلى الله عليه وسلم بعائشة وتزويج علي بفاطمة رضى الله عنهم ومشروعية صدقة الفطر]

- ‌[مطلب في إسلام سيدنا العباس والكلام على أول راية عقدها رسول الله]

- ‌[مطلب فى غزوة بدر الكبري والكلام عليها تفصيلا]

- ‌[مطلب فى خبر حاطب بن أبي بلتعة ومكاتبة لمشركي قريش]

- ‌[فصل: وسمى يوم بدر باسم المكان]

- ‌[مطلب في الكلام على قتل كعب بن الأشرف وأبي رافع بن أبى الحقيق]

- ‌[الكلام على ولادة سيدنا الحسن بن على رضى الله عنهما]

- ‌[الكلام على غزوة أحد تفصيلا]

- ‌[فصل في فضل الشهادة ومزية شهداء أحد]

- ‌[فصل فى الكلام من أكرم بالشهادة يوم أحد]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة حمراء الاسد]

- ‌[مطلب فى الكلام على غزوة النضير]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة بدر الصغرى]

- ‌[مطلب في سرية عاصم بن ثابت الأنصاري وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في سيرته بئر معونة وخبر ذلك]

- ‌[فصل في شهداء بئر معونة وفضل الشهداء ومزيتهم]

- ‌[مطلب في مشروعية قصر الصلاة وما يلحق ذلك من الأحكام]

- ‌[مطلب في الكلام زواج رسول الله عليه وسلم بأم سلمة]

- ‌[الكلام على ولادة سيدنا الحسين وخبر ابن ابيرق]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة ذات الرقاع ومشروعية صلاة الخوف]

- ‌[تتمة في الكلام علي تارك الصلاة]

- ‌[استطراد لذكر قصة غوث بن الحارث]

- ‌[الكلام على حديث جابر وشراء النبى صلى الله عليه وسلم جمله منه]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة بنى المصطلق وهي غزوة المريسيع]

- ‌[الكلام علي سبب نزول سورة المنافقين]

- ‌[تتمة في زواج رسول الله بجويرية بنت الحارث من سبايا بنى المطلق واسلامهم]

- ‌[الكلام على رخصة التيمم وسببها وأحكامه]

- ‌[الكلام على حديث الإفك وخبر ذلك]

- ‌[فصل: في فوائد هذا الحديث بعد مقصوده الأعظم]

- ‌[فصل: اما أحكام القذف]

- ‌[الكلام على غزوة الخندق وخبرها تفصيلا]

- ‌[الكلام علي غزوة بني قريظة وسببها]

- ‌[الكلام على موت سعد بن معاذ ومناقبه رضي الله عنه]

- ‌[مطلب في الكلام على مشروعية تحريم الخمر وسبب ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام على مشروعية الحج]

- ‌[مطلب في قدوم ضمام بن ثعلبة أخي بني سعد بن بكر وإسلامه]

- ‌[تتمة فى الكلام على فوائد حديث ضمام]

- ‌[مطلب في تزويج الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش الأسدية وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام على مشروعية الحجاب وسببه]

- ‌[مطلب في شرح الفوائد التى تضمنت خير زواج السيدة زينب]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة دومة الجندل]

- ‌[الكلام على مشروعية الاستسقاء وصلاة الكسوف وشرح ذلك]

- ‌[الكلام على مشروعية حكم يمين الظهار وسببه]

- ‌[الكلام على صلح الحديبية وصد قريش لرسول الله ومن معه عن مكة]

- ‌[مطلب فى الكلام على بيعة الرضوان]

- ‌[مطلب في الكلام علي الشجرة التى كانت البيعة عندها]

- ‌[الكلام على اسلام خالد بن الوليد وعمرون بن العاص وخبر ذلك]

- ‌[الكلام على اسلام عقيل بن أبى طالب رضى الله عنه]

- ‌[الكلام على غزوة ذي قرد وتسمى غزوة الغابة]

- ‌[مطلب في الكلام علي قصة العرنيين]

- ‌[مطلب في ارسال رسول الله بكتبه الى ملوك الاقاليم الجبابرة]

- ‌[فصل: في فوائد خبر هرقل وما تضمنه من الآداب والأخلاق]

- ‌[تتمة في خبر النجاشي وتكريمه لكتابه صلى الله عليه وسلم وعودة مهاجري الحبشة]

- ‌[الكلام على فتح خيبر وخبر الشاة المسمومة التي أهديت اليه صلي الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في زواجه صلي الله عليه وسلم بصفية بنت حي]

- ‌[مطلب في إسلام أبي هريرة رضي الله عنه وبعض خبره]

- ‌[مطلب في غزوة زيد بن حارثة جذام وذكر سببها]

- ‌[الكلام على غزوة ذات السلاسل وشرح ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام الإمارة والتنفير من التعرض للرياسة والوعيد لأهلها]

- ‌[تتمة في بعث عمرو بن العاص أميرا على جيش ذات السلاسل وذكر بعض مناقبة والكف عن ذكر أصحاب رسول الله إلا بخير]

- ‌[الكلام على عمرة القضاء وزواجه صلى الله عليهو سلم بميمونة بنت الحارث الهلالية]

- ‌[مطلب فى الكلام على وفد عبد القيس وخبر سيدهم الأشج العصري]

- ‌[مطلب في وفات السيدة زينب أكبر بناته صلى الله عليه وسلم وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في اتخاذه صلى الله عليه وسلم المنبر وخبر حنين الجذع]

- ‌[ذكر فضل المنبر المنيف وما بينه وبين القبر الشريف]

- ‌[الكلام على غزوة مؤتة وخبر مقتل زيد حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة]

- ‌[الكلام على غزوة سيف البحر وخبر ذلك]

- ‌[الكلام على فتح مكة ويسمى فتح الفتوح]

- ‌[مطلب في كتابة حاطب بن أبي بلتعة لقريش بمسير رسول الله اليهم وإخبار جبريل له بذلك]

- ‌[الكلام على إسلام أبو سفيان بن حرب وإكرام النبي صلى الله عليه وسلم وله]

- ‌[مطلب في دخوله صلى الله عليه وسلم الكعبة ورد مفتاحها لبني شيبة وكسر ما فيها من الأصنام]

- ‌[فصل: فى ذكر شيء من الواردات يوم الفتح مما ذكره البخاري ومسلم]

- ‌[من ذلك خبر أم هانيء وقد اجارت ابن هبيرة فاجاز صلى الله عليه وسلم جوارها]

- ‌[ومن ذلك قضاء رسول الله لابن من وليدة زمعة بان الولد للفراش]

- ‌[ومن ذلك خبر المخزومية التي سرقت وإقامة الحد عليها]

- ‌[ومن ذلك حرمة مكة وان دخلوها عنوة يوم الفتح كان خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الكلام على غزوة حنين وشرح خبر ذلك]

- ‌[مطلب في ذكر من ثبت مع رسول الله يوم حنين]

- ‌[الكلام على غزوة أوطاس ومقتل أبي عامر الأشعري رضى الله عنه]

- ‌[الكلام على غزوة الطائف وحصاره]

- ‌[مطلب المخنثون على عهد رسول الله أربعة]

- ‌[الكلام على غنائم حنين وتقسيمها]

- ‌[تتمة في مؤاخذة النبي صلي الله عليه وسلم الأنصار حين بلغه موجدتهم لتقسيمه غنائم حنين في قريش]

- ‌[الكلام على وفد هوازن واستعطافهم النبي صلى الله عليه وسلم في سباياهم]

- ‌[مطلب ومما اتصل بالفتح بعث خالد بن الوليد الى بني جذيمة يدعوهم إلى الإسلام]

- ‌[مطلب ومما اتصل بالفتح إرسال البعوث الى هدم أصنام العرب]

- ‌[مطلب في مقدم كعب بن زهير مسلما وانشاده قصيدته المشهورة]

- ‌[تتمة في الكلام على كعب هذا وشىء من شعره في مدح النبى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في الكلام على قصة محلم بن جثامة الليثى وخبرها]

الفصل: ‌[الكلام على فتح مكة ويسمى فتح الفتوح]

ففي صحيح البخاري من رواية أخرى ان قيس بن سعد قال لأبيه كنت في الجيش فجاعوا قالوا انحر قال نحرت قال ثم جاعوا قالوا انحر فنحرت قال ثم جاعوا قالوا انحر فنحرت قال ثم جاعوا قالوا انحر قال نهيت*

[الكلام على فتح مكة ويسمى فتح الفتوح]

وفي رمضان من هذه السنة كان فتح مكة وسمي فتح الفتوح لأن العرب كانت تنتظر باسلامها اسلام قريش ويقولون هم أهل الحرم وقد أجارهم الله من أصحاب الفيل فان غلبوا فلا طاقة لأحد به فلما فتح الله مكة دخلوا في دين الله أفواجا قبائل على جملتها بعد ان كانوا يدخلون أفرادا ولم يقم للشرك قائمة بعده* روينا في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فقال بعضهم لم تدخل هذا الفتى معنا ولنا ابنا مثله فقال انه ممن قد علمتم قال فدعاهم ذات يوم ودعانى معهم فما رأيت انه دعاني يومئذ إلا ليريهم قال ما تقولون في قول الله عز وجل إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ فقال بعضهم أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذ فتح علينا وسكت بعضهم فلم يقل شيئا فقال لى أكذلك تقول يابن عباس فقلت لا قال فما تقول قلت هو أجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعلمه له قال اذا جاء نصر الله والفتح وذلك علامة أجلك فسبح بحمد وأبو داود والترمذي والنسائي كلهم عن جابر وفي الحديث انه صلى الله عليه وسلم زودهم جرابا من تمر لم يجد لهم غيره وكان أبو عبيدة يعطيهم تمرة تمرة فكانوا يمصونها ثم يشربون عليها الماء وانهم وجدوا فقدها لما فنيت وفيه أنهم تزودوا من لحمه فلما قدموا المدينة ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هو رزق أخرجه الله تعالى لكم فهل معكم من لحمه فأرسلوا اليه منه فأكل فيؤخذ من الحديث طلب الصبر على الجوع ونحوه سيما في الغزو ونحوه من الطاعات وانتظار الفرج وسرعة اذهاب العسر باليسر وان رزق المتقين من حيث لا يحتسبون وفيه التأنى والتثبت في الاجتهاد وفيه طهارة ميتة البحر وحل أكلها (فائدة) روى مسلم في صحيحه عن جابر وقوع مثل هذه القصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بطن بواط وقد شكى الناس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع فقال عسى الله ان يطعمكم قال فأتينا سيف البحر فزجر البحر زجرة فألقي دابة فأورينا على شقها النار فأطبخنا واشتوينا وأكلنا وشبعنا قال جابر فدخلت أنا وفلان وفلان حتى عد خمسة في حجاج عينها ما يرانا أحد حتى خرجنا وأخذنا ضلعا من أضلاعه فقوسناه ثم دعونا بأعظم رجل في الركب وأعظم جمل في الركب وأعظم كفل في الركب فدخل تحته ما يطأطيء رأسه* تاريخ غزوة الفتح (كان) تامة (ويسمى) هذا الفتح (فتح الفتوح روينا في صحيح البخاري) وسنن الترمذي (قال بعضهم) هو عبد الرحمن بن عوف (ولنا ابنا) بالصرف (مثله) بالرفع (انه ممن قد علمتم) أي فضله بالعلم وقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمرنا) مبني للمفعول (اذا فتح علينا) مبنى للفاعل وفي الحديث فضيلة ظاهرة لابن عباس ولعمر أيضا حيث عرف فضيلته ووافقه

ص: 397

ربك واستغفره انه كان توابا فقال عمر ما أعلم منها الا ما تقول وكان سبب غزوة الفتح على ما ذكر أهل السير انه كان بين خزاعة وبني بكر عداوة وترات وقد كانت خزاعة دخلت في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صلح الحديبية ودخلت بنو بكر في عهد قريش فمكثوا على ذلك ثمانية عشر شهرا ثم بيتت بنو بكر خزاعة على ماء لهم يسمى الوتير ناحية عرنة وأعانتهم قريش مختفين في سواد الليل فقتلوا رجالا من خزاعة فلما كان ذلك منهم ركب عمرو بن سالم الخزاعي الكعبي الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوقف عليه وهو في المسجد بين ظهرانى الناس فأنشد:

يا رب اني ناشد محمدا

حلف أبينا وابيه الأتلدا

قد كنت والدا وكنا ولدا

ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا

فانصر هداك الله نصرا أعتدا

وادع عباد الله يأتوا مددا

في هذا التأويل (وترات) جمع ترة وهي لغة النقص وأراد أنهم كانت بينهم حروب (ثم تبيتت) أي جاءت بياتا أي ليلا (بنو بكر) زاد البغوي ومعهم نوفل بن معاوية الدئلي في بنى الدئل مع بني بكر (الوتير) بفتح الواو وكسر الفوقية ما بين عرفة الى ادام قال في القاموس والوتير في اللغة الورد الابيض قاله السهيلى (عرنة) بضم المهملة وفتح الراء كما مر (وأعانتهم قريش) بالسلاح وحضر معهم صفوان بن أمية وعكرمة ابن أبى جهل وسهيل بن عمرو مع عبيدهم (مختفين في سواد الليل) أى ظلمته ففيه ان عقد الهدنة ينتقض بنقض بعض الكفار مع سكوت الباقين (فقتلوا رجلا «1» من خزاعة) لم أقف على اسمه (عمرو بن سالم الخزاعى) عده ابن عبد البر وغيره في الصحابة (يا رب) وللبغوي في التفسير لاهم أى اللهم (اني ناشد) سائل مع رفع صوتي (حلف أبينا وأبيه) بكسر الحاء المحالفة أي اني سائله عن الحلف الذي كان بيننا وبينهم هل هم باقون عليه أم لا (الأتلدا) بالفوقية وألف الاطلاق أي الاقدم (قد كنت والدا وكنا ولدا) وللبغوى كنت لنا أبا وكنا ولدا وأراد بذلك عقد المحالفة فانه كان في الجاهلية بهذه المثابة حتى كانوا يتوارثون به وكان كذلك الى أوّل الاسلام ثم نسخ بقوله تعالى «وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ» وذكر السهيلي انه انما قال ذلك لان بني عبد مناف أمهم من خزاعة وكذلك قصي أمه فاطمة بنت سعد الخزاعية (ثمت) أي ثم (أسلمنا) أراد الاسلام اللغوي دون الحقيقى لانهم كانوا لم يسلموا يومئذ (ولم ننزع) ولم نخرج (يدا) عن طاعتك ولم تنقض الحلف الذى كان بيننا وبينك (نصرا اعتدا) ضبط بضم الهمزة وسكون المهملة وكسر الفوقية أي أحصر وهي من الشيء العتيد وهو المهيأ الحاضر وضبط بهمز وصل مع فتح الفوقية أى نصرا تاما متعديا الينا (مددا)

(1) نص المتن رجالا خلافا للشارح فليحرر.

ص: 398

فيهم رسول الله قد تجردا

ان سيم خسفا وجهه تربدا

في فيلق كالبحر يجرى مزبدا

ان قريشا أخلفوك الموعدا

ونقضوا ميثاقك المؤكدا

وجعلوا لى في كداء رصدا

وزعموا أن لست أدعو أحدا

وهم أذل وأقل عددا

هم بيتونا بالوتير هجدا

وقتلونا ركعا وسجدا

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نصرت يا عمرو بن سالم وعرصت سحابة في السماء فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب وغير بعيد أن جاء أبو سفيان يبتغي تأكيد العهد والمزايدة في المدة فأبى عليه رسول الله صلى بفتح الميم أى يمدانهم (قد تجردا) بألف الاطلاق أى خرج من العلائق المانعة له من المسير (ان سيم) بكسر المهملة وسكون التحتية أى طلب (خسفا) بفتح المعجمة وسكون المهملة أى أمرا دنيا (تربدا) بألف الاطلاق وهو بالمهملة أي انه صلى الله عليه وسلم لا يرضى النقص بل يتربد منه (وجهه) أي يتغير ويتكدر ويعلوه ربدة بكسر الراء وهي لون بين السواد والغبرة قاله أبو عمر أولون كدر قاله ابن دريد (في فيلق) متعلق بقوله قد تجردا والفيلق بفتح الفاء واللام وسكون التحتية بينهما آخره قاف الجيش العظيم كالجحفل وجمعه فيالق (في كداء) بفتح الكاف وبالمد اسم لا على مكة (وزعموا ان لست أدعو) أي أعبد (أحدا) أشار الى قول نوفل بن معاوية الدئلى حيث قال له بنو بكر يا نوفل انا دخلنا الحرم أي وقتلنا خزاعة فيه إلهك إلهك أي خف منه فقال انه لا إله له اليوم أصبوا آثاركم فيه ذكره البغوي (هجدا) بضم الهاء وفتح الجيم المشددة وهو نصب على الحال أي حال كوننا هجدا أي نياما جمع هاجد أي نائم (يا عمرو بن سالم) بنصب ابن وفي عمرو الرفع والنصب كنظائره (وعرضت سحابة) وللبغوي عياب بفتح العين وهو السحاب أيضا (ليستهل) من الاهلال وهو رفع الصوت (بنصر بنى كعب) زاد البغوي وهم رهط عمرو بن سالم (وغير بعيدن) بفتح الهمزة (جاء أبو سفيان الي آخره) وتقدم قبل مجيء أبى سفيان مجيء بديل بن ورقاء الخزاعي رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من خزاعة معلما له بما أصيب منهم وبمظاهرة قريش بنى بكر عليهم ثم انصرفوا فلقيهم أبو سفيان بعسفان فسألهم هل أتوا محمدا فجحد بديل فقال أبو سفيان لئن كان الدئلى جاء المدينة لقد علف بها النوى فلما ارتحل بديل جاء أبو سفيان الى مبرك ناقته ففت من بعرها فاذا فيه النوى فحلف لقد جاء بديل محمدا ذكر معنى ذلك البغوى وغيره وذكر أنه صلى الله عليه وسلم كان قد قال للناس كأنكم بأبى سفيان قد جاء يشدد العقدة ويزيد في المدة ففيه معجزة له صلى الله عليه وسلم وذكر أيضا انه لما جاء المدينة دخل على ابنته أم حبيبة فطوت عنه فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يجلس عليه فقال أرغبت بي عن هذا الفراش أم رغبت به عني فقالت بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وانت رجل مشرك نجس فلم أحب أن تجلس عليه فقال والله لقد أصابك

ص: 399