الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله عليه وآله وسلم أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فخطب ثم قال انما أهلك الذين من قبلكم انهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها.
[ومن ذلك حرمة مكة وان دخلوها عنوة يوم الفتح كان خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم]
وعن أبى شريح الخزاعي الكعبي انه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث الى مكة ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولا قام به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الغد من يوم الفتح سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناى حين تكلم به انه حمد الله وأثنى عليه ثم قال ان مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامريء يؤمن بالله واليوم الآخر ان يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة فان أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقولوا له ان الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم وانما أذن لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس وليبلغ الشاهد الغائب خرجاه متفقين على لفظه وانما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا القول حين قتلت خزاعة رجلا من هذيل بمكة ثانى يوم الفتح فوداه النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ومما سبق به من الشعر قبل الفتح قول حسان ردا على أبي سفيان بن الحارث:
الا أبلغ أبا سفيان عني
…
فانت مجوف نجب هواء
مطلقا بل يستحب اذا لم يكن المشفوع فيه صاحب اذاء ونحوه (ثم قام) زاد مسلم من العشى (الذين قبلكم) يعنى بني اسرائيل (وأيم الله) فيه جواز الحلف من غير استحلاف بل ندبه اذا كان فيه تفخيم أمر مطلوب كما مر وللعلماء خلاف الحلف بأيم ومذهبنا انه كناية وتتمة الحديث ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها فقال يونس قال ابن شهاب قال عروة قالت عائشة فحسنت توبتها بعد وتزوجت وكانت تأتي بعد ذلك فارفع حاجتها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم (تنبيه) ما جاء في رواية لمسلم عن عائشة وفي سنن أبي داود والنسائى عن ابن عمر ان امرأة مخزومية كانت تستعير المناع زاد النسائي عن ألسنة جاراتها وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها المراد كما نقله النووي عن العلماء انها قطعت بالسرقة وذكر العارية للتعريف بوصفها لا ان العارية سبب القطع وقد صرحوا في سائر الروايات بأنها سرقت وقطعت بسبب السرقة فتعين حمل هذه الرواية على ذلك جمعا بين الروايات فانها قضية واحدة مع ان جماعة من الحفاظ قالوا بشذوذ هذه الرواية والشاذ لا يعمل به وأخذ أحمد واسحاق بظاهر الحديث فأوجبا القطع على من جحد العارية (وعن أبي شريح الى آخره) روى حديثه الشيخان والترمذي والنسائي ومضى الكلام على حديثه في فضل مكة (قتلت خزاعة) وهم حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم (رجلا من هذيل) بضم الهاء وفتح المعجمة كما مر ولمسلم رجلا من بني ليث فقتل منهم
هجوت محمدا فأجبت عنه
…
وعند الله في ذاك الجزاء
هجوت محمدا برا حنيفا
…
رسول الله شيمته الوفاء
أتهجوه ولست له بكفؤ
…
فشركما لخير كما الفداء
فان أبي ووالده وعرضي
…
لعرض محمد منكم وفاء
ثكلت بنيتي ان لم تروها
…
تثير النقع من كنفى كداء
ينازعن الأعنة مصعدات
…
على أكتافها الاسل الظماء
قتلوه* شعر حسان الذي ردبه على أبي سفيان بن الحارث (برا) أى واسع الخير والنفع وقيل منزها عن المآثم (حنيفا) قيل أي مستقيما والاصح انه المائل الى الخير وقيل هو المتبع ملة ابراهيم وفي بعض النسخ بدله تقيا (شيمته) بكسر المعجمة وسكون التحتية وفتح الميم أى خلقه وسجيته (ولست له بكفؤ) أى بمثل وهو هنا بسكون الفاء مع الهمزة لا غير وقرئ في القرآن بضمها مع الهمز وتركها وسكونها مع الهمز (فشركما لخيركما الفداء) ان قلت في ظاهر هذا اللفظ ما يستبشع من حيث ان أفعل الذي للتفضيل تدل على الاشتراك في الوصف فقولك فلان شر من فلان دال على ان في كل منهما شرا فالجواب ان دلالة أفعل على الاشتراك في الوصف ليست مطردة عند اللغويين فقد أجاز سيبويه قولك مررت برجل شر منك اذا نقص عن ان يكون مثلك فبذلك يندفع الاستبشاع لا سيما وهو على حد قوله صلى الله عليه وسلم في صفوف الرجال وشرها آخرها يريد نقصان حظهم عن حظ الصف الاول ذكر معنى ذلك السهيلي وغيره (فان أبي ووالده وعرضي) احتج به ابن قتيبة لمذهبه ان عرض الانسان هو نفسه لا اسلافه لذكره عرضه واسلافه بالعطف وقال غيره عرض الانسان هي أموره كلها التى يحمد بها ويذم من نفسه واسلافه وكلما لحقه نقص يعيبه (ان لم تروها) يعنى الخيل كناية عن غير مذكور (تثير) بضم أوله رباعي أى تهيج (النقع) بفتح النون وسكون القاف أى الغبار (من كنفى) بفتح النون والفاء أى جانبى (كداء) بفتح الكاف مع المد وهى ثنية على باب مكة قال النووي وعلى هذه الرواية هذا البيت أقوال مخالف لباقيها أى لان باقيها مضموم وحق هذا الجر بالاضافة وفي بعض النسخ غايتها وفي بعضها موعدها وفي بعضها موردها وللبيهقي مطلعها (فائدة) كدى بضم الكاف مع القصر موضع عند باب الشبيكة بقرب شعب الشاميين من ناحية قعيقعان قال العدوي وبمكة موضع ثالث يقال له كدى بالضم والتصغير يخرج منه الى جهة اليمن (يبارين) بالموحدة وكسر الراء قال عياض هذه رواية الأكثرين ومعناها انها لصرامتها وقوة نفوسها يبارى أعنتها بقوّة جندها لها وهى ومنازعيها لها أيضا كما روى ينازعن (الاعنة) جمع عنان وروى الاسنة جمع سنان وهو الرمح قال عياض فمعناه يضاهين قوامها واعتدالها (مصعدات) أى مقبلات اليكم ومتوجهات يقال أصعد في الارض اذا ذهب فيها مبتدئا ولا يقال للراجع (على أكتافها) بالفوقية (الاسل) بفتح الهمزة والسين المهملة ولام أى الرماح (الظماء) أى الرقاق فكأنها لعلة مائها عطاش وقيل المراد العطاش لدماء