المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مطلب في مناواة قريش له صلى الله عليه وسلم بالذي وذكر طرفا مما آذوه به] - بهجة المحافل وبغية الأماثل - جـ ١

[العامري الحرضي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌[خطبة الكتاب والكلام على تفسيرها]

- ‌[مطلب في الكلام على أما بعد]

- ‌[الكلام على المؤلفات في التاريخ النبوى وتقسيم الكتاب الى قسمين]

- ‌[القسم الاول في تلخيص سيرته]

- ‌[الباب الاول من القسم الاول في مولده وشرف نسبه ومحتده]

- ‌[مطلب في الكلام على أنكحة الجاهلية]

- ‌[فصل: وأما ما مهد الله له في قدم نبوته وذكره]

- ‌[فصل: فيما ورد من فضل بلدى مولده ووفاته]

- ‌[مطلب في الكلام على ما ورد في فضل مكة]

- ‌[مطلب وأما ما جاء في فضل المدينة]

- ‌[فصل في ذكر آبائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل فيما نقل من مزايا آبائه عليه الصلاة والسلام]

- ‌[الباب الثاني من القسم الاول في تاريخ مولده الى نبوته]

- ‌[مطلب حمل أمه به صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب فى الآيات التى ظهرت لمولده عليه الصلاة والسلام]

- ‌[مطلب في مراضعه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في شق الملكان صدره الشريف]

- ‌[مطلب في الكلام على إحياء الله تعالى له أبويه حتى آمنا به]

- ‌[مطلب في وفاة جده عبد المطلب وخروجه مع عمه أبى طالب]

- ‌[مطلب فى حضوره صلى الله عليه وسلم حرب الفجار مع قريش وحلف الفضول]

- ‌[مطلب في خروجه الى الشام بتجارة لخديجة وزواجه بها صلى الله عليه وسلم الى الشام]

- ‌[مطلب في بناء قريش الكعبة ووضعه الحجر الاسود بيده الشريفة مكانه من البيت]

- ‌[مطلب في الكلام على أول من بني المسجد الحرام والكلام على أول ما ظهر من لوائح نبوته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[من ذلك خبر زيد بن نفيل وورقة بن نوفل وغيرهما]

- ‌[ومن ذلك خبر سلمان الفارسي رضى الله عنه]

- ‌[ومن ذلك ابن الهيبان من يهود الشام]

- ‌[مطلب في تحنثه صلى الله عليه وسلم بغار حراء وما قيل في عصمته وما كان يراه من أمارت النبوة]

- ‌[الباب الثالث في ذكر نبوته وما بعدها الى هجرته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في بدء نبوته صلي الله عليه وسلم وظهور جبريل له بغراء حراء]

- ‌[مطلب في أخبار صلى الله عليه وسلم لورقد بن نوفل عن ظهور جبريل له]

- ‌[مطلب في تعليم جبريل له عليه الصلاة والسلام الوضوء والصلاة]

- ‌[فصل: في صفة جبريل عليه السلام وانه سفير الانبياء وعدد نزوله على النبى صلي الله عليه وسلم وبيان كيفيات الوحي]

- ‌[مطلب في تاريخ رسالته الى الخلق على ما حكاه أهل التاريح والدعوة اليها سرا]

- ‌[الكلام على حديث ان هذا الدين بدأ غريبا وسيعود كما بدأ]

- ‌[مطلب في ذكر أول من آمن به صلي الله عليه وسلم]

- ‌[الكلام على منابذة قريش له حين أمره الله باظهار الدعوة وان يصدع بما يؤمر]

- ‌[خبر اشتداد قريش على أبي طالب ووثوب كل قبيلة على من اسلم منها يعذبونه]

- ‌[خبر اجتماع قريش الى الوليد بن المغيرة وتآمرهم فيما يرمونه به صلي الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في مناواة قريش له صلى الله عليه وسلم بالذي وذكر طرفا مما آذوه به]

- ‌[تتمة لهذا المطلب في العوارض البشرية التى لحقته صلى الله عليه من جراء ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام على تعذيب قريش للمستضعفين من المؤمنين]

- ‌[مطلب في الكلام على الهجرة الأولى الى الحبشة وبيان من هاجر إليها من الأصحاب]

- ‌[مطلب في تعقب قريش لمهاجرى الحبشة وعودتهم بالخيبة]

- ‌[مطلب في مكاتبته صلى الله عليه وسلم للنجاشى ليزوجه ام حبيبة بنت أبي سفيان وخبر ذلك]

- ‌[فصل وكان صلى الله عليه وسلم يكرم مهاجرة الحبشة ويلاطفهم ويذكر من فضلهم]

- ‌[فصل في حكم الفرار بالدين والعجز عن مقاومة المشركين]

- ‌[مطلب في إسلام سيدنا حمزة عمه صلى الله عليه وسلم وسبب ذلك]

- ‌[مطلب في إسلام سيدنا عمر بن الخطاب وتعزيز الله به ضعفة المسلمين]

- ‌[مطلب في اجتماع بطون قريش على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب وكتبهم بذلك الصحيفة ودخول أبي طالب ومن انحاذ معه الشعب محاصرين من قريش]

- ‌[ذكر خبر نقض الصحيفة المذكورة]

- ‌[109- الكلام على وقعة بعاث بين الأوس والخزرج وقدوم سويد بن الصامت الأوسى عليه صلي الله عليه وسلم وأول خبر الأنصار]

- ‌[الكلام على وفات عمه أبى طالب والسيدة خديجة وحزنه صلى الله عليه وسلم لذلك وما ناله من أذى قريش عقب ذلك]

- ‌[مطلب في خروجه صلى الله عليه وسلم لثقيف بالطائف وخبر ما لقي من أذاهم وخبر جن نصيبين]

- ‌[فصل في الكلام على الجن واختلاف الناس فيهم]

- ‌[مطلب في عرض نفسه صلى الله عليه وسلم على القبائل لحمايته من أذى قريش وليتمكن من نشر دعوته وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في بدء اسلام الأنصار وقصة الإسراء]

- ‌[مطلب فى قدوم الأنصار اليه صلى الله عليه وسلم وخبر بيعة العقبة الأولى]

- ‌[مطلب فى قدوم الأنصار اليه ثانية وبيعة العقبة الثالثة المتفق على صحتها]

- ‌[مطلب في أسماء النقباء من الأوس والخزرج وطرفا من أحوالهم ومواخذة قريش لهم في ذلك]

- ‌[الكلام على بدء الهجرة الى المدينة وأول من هاجر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم]

- ‌[الباب الرابع في هجرته صلى الله عليه وسلم وما بعدها الى وفاته]

- ‌[مطلب في الكلام على وصوله صلى الله عليه وسلم المدينة]

- ‌[فصل: في المسجد الشريف النبوى وعمارته]

- ‌[فصل: في ذكر منازل المهاجرين على الأنصار ومواساتهم لهم]

- ‌[فصل: في ان الله تعالى أوعد الوعيد العظيم على من أسلم قبل الهجرة ولم يهاجر والكلام على ذلك]

- ‌[فصل: فى مناواة يهود المدينة الاذي للنبى صلي الله عليه وسلم بعد ما قدم اليها]

- ‌[فصل: فى ذكر ما أصاب المهاجرين من حمي المدينة ودعائه صلى الله عليه وسلم بان يصح هواءها ويجببها اليهم]

- ‌[فصل ولما اطمأن برسول الله الدار وأعز الله جنده أذن له بقتال قريش ومن ناواه من غيرهم]

- ‌[مطلب في كتبه صلي الله عليه وسلم الكتاب بين المهاجرين والأنصار ومواخاته بينهما وموادعته يهود المدينة]

- ‌[مطلب في مشروعية في الأذان]

- ‌[مطلب في إسلام عبد الله بن سلام وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في غزوة ودان وتحويل القبلة]

- ‌[مطلب في مشروعية صيام رمضان]

- ‌[مطلب في بنائه صلى الله عليه وسلم بعائشة وتزويج علي بفاطمة رضى الله عنهم ومشروعية صدقة الفطر]

- ‌[مطلب في إسلام سيدنا العباس والكلام على أول راية عقدها رسول الله]

- ‌[مطلب فى غزوة بدر الكبري والكلام عليها تفصيلا]

- ‌[مطلب فى خبر حاطب بن أبي بلتعة ومكاتبة لمشركي قريش]

- ‌[فصل: وسمى يوم بدر باسم المكان]

- ‌[مطلب في الكلام على قتل كعب بن الأشرف وأبي رافع بن أبى الحقيق]

- ‌[الكلام على ولادة سيدنا الحسن بن على رضى الله عنهما]

- ‌[الكلام على غزوة أحد تفصيلا]

- ‌[فصل في فضل الشهادة ومزية شهداء أحد]

- ‌[فصل فى الكلام من أكرم بالشهادة يوم أحد]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة حمراء الاسد]

- ‌[مطلب فى الكلام على غزوة النضير]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة بدر الصغرى]

- ‌[مطلب في سرية عاصم بن ثابت الأنصاري وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في سيرته بئر معونة وخبر ذلك]

- ‌[فصل في شهداء بئر معونة وفضل الشهداء ومزيتهم]

- ‌[مطلب في مشروعية قصر الصلاة وما يلحق ذلك من الأحكام]

- ‌[مطلب في الكلام زواج رسول الله عليه وسلم بأم سلمة]

- ‌[الكلام على ولادة سيدنا الحسين وخبر ابن ابيرق]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة ذات الرقاع ومشروعية صلاة الخوف]

- ‌[تتمة في الكلام علي تارك الصلاة]

- ‌[استطراد لذكر قصة غوث بن الحارث]

- ‌[الكلام على حديث جابر وشراء النبى صلى الله عليه وسلم جمله منه]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة بنى المصطلق وهي غزوة المريسيع]

- ‌[الكلام علي سبب نزول سورة المنافقين]

- ‌[تتمة في زواج رسول الله بجويرية بنت الحارث من سبايا بنى المطلق واسلامهم]

- ‌[الكلام على رخصة التيمم وسببها وأحكامه]

- ‌[الكلام على حديث الإفك وخبر ذلك]

- ‌[فصل: في فوائد هذا الحديث بعد مقصوده الأعظم]

- ‌[فصل: اما أحكام القذف]

- ‌[الكلام على غزوة الخندق وخبرها تفصيلا]

- ‌[الكلام علي غزوة بني قريظة وسببها]

- ‌[الكلام على موت سعد بن معاذ ومناقبه رضي الله عنه]

- ‌[مطلب في الكلام على مشروعية تحريم الخمر وسبب ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام على مشروعية الحج]

- ‌[مطلب في قدوم ضمام بن ثعلبة أخي بني سعد بن بكر وإسلامه]

- ‌[تتمة فى الكلام على فوائد حديث ضمام]

- ‌[مطلب في تزويج الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش الأسدية وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام على مشروعية الحجاب وسببه]

- ‌[مطلب في شرح الفوائد التى تضمنت خير زواج السيدة زينب]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة دومة الجندل]

- ‌[الكلام على مشروعية الاستسقاء وصلاة الكسوف وشرح ذلك]

- ‌[الكلام على مشروعية حكم يمين الظهار وسببه]

- ‌[الكلام على صلح الحديبية وصد قريش لرسول الله ومن معه عن مكة]

- ‌[مطلب فى الكلام على بيعة الرضوان]

- ‌[مطلب في الكلام علي الشجرة التى كانت البيعة عندها]

- ‌[الكلام على اسلام خالد بن الوليد وعمرون بن العاص وخبر ذلك]

- ‌[الكلام على اسلام عقيل بن أبى طالب رضى الله عنه]

- ‌[الكلام على غزوة ذي قرد وتسمى غزوة الغابة]

- ‌[مطلب في الكلام علي قصة العرنيين]

- ‌[مطلب في ارسال رسول الله بكتبه الى ملوك الاقاليم الجبابرة]

- ‌[فصل: في فوائد خبر هرقل وما تضمنه من الآداب والأخلاق]

- ‌[تتمة في خبر النجاشي وتكريمه لكتابه صلى الله عليه وسلم وعودة مهاجري الحبشة]

- ‌[الكلام على فتح خيبر وخبر الشاة المسمومة التي أهديت اليه صلي الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في زواجه صلي الله عليه وسلم بصفية بنت حي]

- ‌[مطلب في إسلام أبي هريرة رضي الله عنه وبعض خبره]

- ‌[مطلب في غزوة زيد بن حارثة جذام وذكر سببها]

- ‌[الكلام على غزوة ذات السلاسل وشرح ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام الإمارة والتنفير من التعرض للرياسة والوعيد لأهلها]

- ‌[تتمة في بعث عمرو بن العاص أميرا على جيش ذات السلاسل وذكر بعض مناقبة والكف عن ذكر أصحاب رسول الله إلا بخير]

- ‌[الكلام على عمرة القضاء وزواجه صلى الله عليهو سلم بميمونة بنت الحارث الهلالية]

- ‌[مطلب فى الكلام على وفد عبد القيس وخبر سيدهم الأشج العصري]

- ‌[مطلب في وفات السيدة زينب أكبر بناته صلى الله عليه وسلم وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في اتخاذه صلى الله عليه وسلم المنبر وخبر حنين الجذع]

- ‌[ذكر فضل المنبر المنيف وما بينه وبين القبر الشريف]

- ‌[الكلام على غزوة مؤتة وخبر مقتل زيد حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة]

- ‌[الكلام على غزوة سيف البحر وخبر ذلك]

- ‌[الكلام على فتح مكة ويسمى فتح الفتوح]

- ‌[مطلب في كتابة حاطب بن أبي بلتعة لقريش بمسير رسول الله اليهم وإخبار جبريل له بذلك]

- ‌[الكلام على إسلام أبو سفيان بن حرب وإكرام النبي صلى الله عليه وسلم وله]

- ‌[مطلب في دخوله صلى الله عليه وسلم الكعبة ورد مفتاحها لبني شيبة وكسر ما فيها من الأصنام]

- ‌[فصل: فى ذكر شيء من الواردات يوم الفتح مما ذكره البخاري ومسلم]

- ‌[من ذلك خبر أم هانيء وقد اجارت ابن هبيرة فاجاز صلى الله عليه وسلم جوارها]

- ‌[ومن ذلك قضاء رسول الله لابن من وليدة زمعة بان الولد للفراش]

- ‌[ومن ذلك خبر المخزومية التي سرقت وإقامة الحد عليها]

- ‌[ومن ذلك حرمة مكة وان دخلوها عنوة يوم الفتح كان خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الكلام على غزوة حنين وشرح خبر ذلك]

- ‌[مطلب في ذكر من ثبت مع رسول الله يوم حنين]

- ‌[الكلام على غزوة أوطاس ومقتل أبي عامر الأشعري رضى الله عنه]

- ‌[الكلام على غزوة الطائف وحصاره]

- ‌[مطلب المخنثون على عهد رسول الله أربعة]

- ‌[الكلام على غنائم حنين وتقسيمها]

- ‌[تتمة في مؤاخذة النبي صلي الله عليه وسلم الأنصار حين بلغه موجدتهم لتقسيمه غنائم حنين في قريش]

- ‌[الكلام على وفد هوازن واستعطافهم النبي صلى الله عليه وسلم في سباياهم]

- ‌[مطلب ومما اتصل بالفتح بعث خالد بن الوليد الى بني جذيمة يدعوهم إلى الإسلام]

- ‌[مطلب ومما اتصل بالفتح إرسال البعوث الى هدم أصنام العرب]

- ‌[مطلب في مقدم كعب بن زهير مسلما وانشاده قصيدته المشهورة]

- ‌[تتمة في الكلام على كعب هذا وشىء من شعره في مدح النبى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في الكلام على قصة محلم بن جثامة الليثى وخبرها]

الفصل: ‌[مطلب في مناواة قريش له صلى الله عليه وسلم بالذي وذكر طرفا مما آذوه به]

عِضِينَ* ولما كان ذلك وخشى أبو طالب دهماء العرب أن يركبوه مع قومه قال قصيدته التى يعوذ فيها بالحرم وبمكانه منه وتودد فيها أشراف قومه وهو على ذلك يخبرهم أنه غير مسلم لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم حتى يهلك دونه وجملتها أحد وثمانون بيتا تركناها ايثارا للاختصار وعدم الاكثار وانما نشير الى أصول القصص ومقاصدها دون فضولاتها وزوائدها وسنذكر ما استحسنا من القصيدة المذكورة فيما بعد ان شاء الله تعالى* ولما شاع في البلاد تشاجر قريش وبلغ الاوس والخزرج بالمدينة قال في ذلك أبو قيس بن الاسلت الواقفي قصيدة وبعث بها اليهم يذكرهم نعم الله عليهم ويحذرهم شؤم الحرب وعواقبها ووخيم مشاربها وكان أبو قيس صهرا لهم ذامودة وحياطة لهم ومنعنا من ذكرها ما ذكرنا في قصيدة أبي طالب*

[مطلب في مناواة قريش له صلى الله عليه وسلم بالذي وذكر طرفا مما آذوه به]

ثم ان قريشا لم ينجع فيهم شئ من ذلك ولم يؤثر لما وقع في قلوبهم من الشنآن والبغض لامر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولما تحتم لهم في علم الله من دائرة الشقاء المشار اليه بقوله تعالى وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يألو داعيا الى سبيل ربه مرة بالترغيب ومرة بالترهيب ومرة بالقول اللين وأخرى بالتبكيت والقول ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم فاقتسموا عقار مكة وطرقها وقعدوا على انقابها يقولون لمن جاء من الحجاج لا تغتروا بهذا الرجل الخارج الذي يدعى النبوة يقول طائفة منهم انه مجنون وطائفة انه كاهن وطائفة انه شاعر والوليد قاعد على باب المسجد نصبوه حكما فاذا سئل عنه قال صدق (أولئك) يعنى المقتسمين قاله مقاتل وقيل ان الآية نزلت في اليهود والنصارى حكى عن ابن عباس ومجاهد (عضين) قيل هو جمع عضو مأخوذ من قولهم عضيت الشيء أعضيه اذا فرقته وقيل هي جمع عضه على وزن وجه وقيل عدة وهو الكذب والبهتان (ولما كان ذلك) أي وقع (دهماء العرب) بفتح المهملة وسكون الهاء وبالمد أى غائلتهم (غير مسلم) بالتخفيف (القصص) بالكسر جمع قصة وأما بالفتح فمصدر (مقاصدها) أي المواضع المقصودة منها (فضولاتها) جمع فاضلة (ما استحسنا) بهمز وصل ثم مهملة ساكنة من الاستحسان (فيما بعد) بالبناء على الضم (شاع) أي ظهر (تشاجر قريش) بالمعجمة والجيم أي أي تخالفهم وتنازعهم والشجر بالفتح الامر المختلف (وبلغ الاوس والخزرج) هما القبيلتان المشهورتان من الانصار وسيأتي ذكرهما فيما بعد (ابن الاسلت) بالمهملة والفوقية (الواقفى) نسبة الى واقف كفاعل من الوقوف فخذ من الاوس وهو لقب مالك بن امرئ القيس (شؤم الحرب) بالهمز وهو نقيض اليمن (ووخيم مشاربها) بالمعجمة اي وبيء (وحياطة) بمهملة مكسورة ثم مثناة وبعد الالف مهملة أى نصرة وصيانة (لم ينجع) بفتح التحتية والجيم اي لم يؤثر (من الشنآن والبغض) مترادفان وفي نون الشنآن التحريك والسكون (المشار) بالكسر (ولو شاء الله لجمعهم على الهدى) أي فمن كفر منهم كفر لسابق علم الله فيه (لا يألو) أى لا يقصر ومنه لا يألونكم خبالا (داعيا) حال (بالتبكيت) بفوقية فموحدة وبعد الكاف تحتية ثم فوقية هو والتقريع

ص: 81

الخشن فسبحان من شدد عزائمه وقوى دعائمه وشرح صدره وأعلى قدره وسدده بتسديده وأيده بتأييده وكفاه وحماه حيث نصب وجهه وقام وحده يدعو الى أمر مستغرب لا يعرف الا من جهته ولا يسمع الا منه ولولا كفاية العزيز الوهاب لما أغنى عنه سطته في عشيرته ولا شرف أبي طالب* ومع ذلك فقد نالوه بضروب من الاذى في بعض الاحيان وكان في ذلك سر تحقيق الامتحان الذى هو مدرجة التعبد ومظنة الصبر ومضمار التكليف ورأس التأسى وعنوان الايمان وتحقيق مقام النبوة الذين هم أشد الناس بلاء وبذلك تتبين جواهر الرجال فمن أعظم ما بلغنا في ذلك ما رويناه بسندنا السابق صدر الباب الى أبى عبد الله البخارى رحمه الله قال حدثني عياش بن الوليد بن مسلم حدثني الاوزاعى حدثني يحيى بن أبى كثير عن محمد ابن ابراهيم التيمي حدثني عروة بن الزبير قال سألت عبد الله بن عمرو بن العاص قلت اخبرنى والتوبيخ متقارب (الخشن) ضد اللين (شدد) بالمعجمة أي قوي (وسدده) بالاهمال اي وفقه (وأيده) أي قواه ونصره (حيث) مبنية على الضم (سطة) بكسر السين وفتح الطاء المهملتين اي توسطه (سر) بالرفع (مدرجته) بفتح الميم وسكون المهملة وفتح الراء وهي الطريق والمذهب (ومظنة) بفتح الميم وكسر المعجمة ومظنة الشيء الموضع الذي يظن حصوله فيه (ومضمار) أي محل جريان (التكليف) والمضمار في الاصل موضع جري الفرس (التأسى) أي الاقتداء (وعنوان) بضم المهملة وكسرها هو ما يكتب على رأس الكتاب من اسم المكتوب اليه (الذين هم أشد الناس بلاء) أخرج أحمد والبخارى والترمذى من حديث سعد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الناس بلاء الانبياء ثم الامثل فالامثل يبتلى الرجل على حسب دينه فان كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه وان كان في دينه رقة ابتلى على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الارض وما عليه خطيئة وأخرجه البخاري في التاريخ من حديث أزواج النبى صلى الله عليه وسلم بلفظ أشد الناس بلاء في الدنيا نبي أو صفي. وأخرجه الطبراني في الكبير من حديث أخت حذيفة وأخرجه ابن ماجه وأبو يعلى والحاكم من حديث أبي سعيد بلفظ أشد الناس بلاء الانبياء ثم الصالحون لقد كان أحدهم يبتلي بالفقر حتى ما يجد الا العباءة يحويها فيلبسها ويبتلي بالفقر وبالقمل حتى يقتله ولأحدهم كان أشد فرحا بالبلاء من أحدكم بالعطاء (عياش بن الوليد) بالتحتية والمعجمة هو الرقام مات سنة ست وعشرين ومائتين (الوليد بن مسلم) هو الحافظ أبو العباس عالم أهل الشام مات سنة مائة وخمس وتسعين (الاوزاعى) اسمه عبد الرحمن بن عمرو امام الشام في عصره. قال الذهبي كان رأسا في العلم والعبادة مات في الحمام في صفر سنة سبع وخمسين ومائة. قال النووي وهو منسوب الى موضع بباب الفراديس يقال له الاوزاع وقيل الى قبيلة وقيل غير ذلك (يحيى بن أبي كثير) هو الامام أبو نصر اليمني الطائي مولاهم قال أيوب ما بقى على وجه الارض مثل يحيى بن أبي كثير وكان عابدا عالما ثبتا مات سنة مائة وتسع وعشرين (محمد بن ابراهيم التيمى) هو المدني أبو عبد الله الفقيه ثقة قال أحمد روي مناكير مات سنة اثنتي عشرة ومائة (عبد الله بن عمرو بن العاص) ابن وائل السهمي يكنى أبا محمد وأبا عبد الرحمن أسلم قبل أبيه

ص: 82

بأشد شئ صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال بينما النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلى في حجر الكعبة اذ أقبل عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا فاقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبيه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله الآية* وبه قال حدثنا أحمد بن اسحق حدثنا عبد الله بن موسي قال حدثنا اسرائيل عن أبي اسحق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود قال بينما رسول الله صلى وكان فاضلا عالما قرأ القرآن والكتب المتقدمة. قال أبو هريرة ما كان أحد أحفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مني الا عبد الله بن عمرو فانه كان يكتب ولا أكتب قال سعى بن مانع قال لى عبد الله حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف مثل توفي بالطائف وقيل بمصر سنة خمس وستين (ابن أبي معيط) بمهملتين مصغر (خنقا) بكسر النون وسكونها (احمد بن اسحاق) هو السلمي السرماري البخاري من يضرب بسخائه المثل. وقال الذهبى وغيره قتل ألفا من الترك توفي سنة اثنتين وأربعين ومائتين. قال أبو محمد الاصيلي ينسب الى قرية تدعي سرمار بفتح السين ويقال بكسرها (عبيد الله بن موسي) هو ابو محمد العبسي الحفاظ وثقه ابن معين وأبو حاتم والعجلي وعثمان بن أبي شيبة وآخرون. قال ابن سعد كان ثقة صدوقا حسن الهيئة على تشيعه وبدعته. وروى أحاديث في التشيع منكرة فمن ثم ضعفه كثير وعاب عليه أحمد غلوه في التشيع مع تقشفه وعبادته مات في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة ومائتين (اسرائيل) هو ابن يونس بن أبى اسحاق الشيعى أحد الاثبات. قال أحمد ثقة وتعجب من حفظه وقال مرة هو وابن معين وأبو داود كان أثبت من شريك وقال أبو حاتم هو من أتقن أصحاب أبي اسحاق وضعفه ابن المدنى توفي سنة اثنتين وستين ومائة (أبي اسحاق) اسمه عمرو بن عبد الله الهمذانى الشيعي أحد الاعلام. قال الذهبي وكان صواما قواما عاش خمسا وتسعين سنة ومات سنة سبع وعشرين ومائة وهو منسوب الى سبيع بوزن سميع. ابن سبيع بطن من العرب قاله في القاموس (عمرو بن ميمون) هو الاودي أبو عبد الله ادرك الجاهلية وأسلم في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره فهو معدود من كبار التابعين وكان كثير الحج والعبادة مات سنة أربع وسبعين (عن عبد الله بن مسعود) هو ابن غافلة بالمعجمة والفاء ابن غنم بن سعد بن قريم بن صاهلة بن كاهل بن سعد بن هذيل بن مدركة قديم الاسلام شهد بدرا والمشاهد كلها قال صلى الله عليه وسلم لو كنت مؤمرا أحدا على أمتى من غير مشورة لامرت عليهم ابن أم عبد أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم من حديث على وأم عبد أمه هى بنت عبد ود من هذيل. أيضا قال الذهبى روي ان عبد الله خلف تسعين ألف دينار سوى الرقيق والمواشى وكانت وفاته بالمدينة كما سبق قال فيه عمر رضي الله عنه كنيف ملئ علما. قال النووى في التهذيب الكنيف تصغير كنف وهو الوعاء الذى يجعل فيه الخياط أداته كانه أشار الى قصر ابن مسعود وكان قصيرا حتى يكاد الجالس يوازيه وهو تصغير تحبب وتعظيم لا تصغير تحقير. ونقل بعضهم عن أهل التواريخ ان طول عبد الله كان ذراعين

ص: 83

الله عليه وآله وسلم قائم يصلى عند باب الكعبة وجمع قريش في مجالسهم اذ قال قائل منهم ألا تنظرون الى هذا المرائى أيكم يقوم الى جزور آل فلان فيعمد الى فرثها ودمها وسلاها فيجئ به ثم يمهله حتى اذا سجد وضعه بين كتفيه فانبعث أشقاهم فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وضعه بين كتفيه فثبت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ساجدا فضحكوا حتى مال بعضهم على بعض من الضحك فانطلق منطلق الى فاطمة وهي جويرية فاقبلت تسعى وثبت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ساجدا حتى ألقته عنه وأقبلت عليهم تسبهم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة قال اللهم عليك بقريش ثلاثا ثم سمى اللهم عليك بعمرو بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبى معيط وعمارة ابن الوليد قال عبد الله والله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر ثم سحبوا الى القليب قليب بدر ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأتبع أهل القليب لعنة. وبه قال حدثنا الحميدى حدثنا سفيان (عند باب الكعبة) لمسلم عند البيت (وجمع قريش في مجالسهم) له وأبو جهل في أصحاب له جلوس وقد نحروا جزورا بالامس (اذ قال قائل منهم) فيه انه أبو جهل (جزور) بفتح الجيم (فيعمد) بفتح الميم في المستقبل وكسرها في الماضي أفصح من عكسه (فرثها) بفتح الفاء وسكون الراء ثم مثلثة أى رجيعها (وسلاها) بفتح المهملة وتخفيف اللام والقصر اللفافة التى يكون فيها الولد في بطن الناقة وسائر الحيوانات وهي من الآدميين المشيمة (فانبعث أشقاهم) في احدي روايات مسلم انه عقبة بن أبي معيط (فوضعه بين كتفيه) قال في الديباج. فان قيل كيف لم يخرج من الصلاة بهذه النجاسة. أجاب النووي بانه لم يعلم ما هي (حتي مال) أي سقط (من) شدة (الضحك) زاد مسلم والبخاري في رواية وانا قائم أنظر لو كانت لى منعة طرحته عن ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم (فانطلق) أى ذهب (جويرية) اي صبية تسعي أي تعدو (اللهم عليك بقريش ثلاثا) زاد مسلم والبخاري في رواية وكان اذا سأل سأل ثلاثا وانه رفع صوته وانهم لما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك وخافوا دعوته ففيه ندب تثليث الدعاء ورفع الصوت به اذا ترتب على ذلك ارهاب للكفار (بعمرو بن هشام) يعنى أبا جهل وبدأ به لانه كان السبب في ذلك كما مر (والوليد بن عتبة) ووقع في مسلم عقبة بالقاف وهو غلط (فو الله لقد رأيتهم) أي معظمهم فان عمارة بن الوليد هلك بالحبشة وعقبة بن أبي معيط حمل من بدر أسيرا وقتل بعرق الظبية كما سيأتي (صرعى) جمع صريع بالاهمال بوزن سميع أي هالك زاد مسلم والبخاري في بعض الروايات قد غيرتهم الشمس وكان يوما حارا (ثم سحبوا) أي ما عدا أمية بن خلف فانه تقطعت أوصاله فلم يلق في البئر (الفليب) بالقاف والموحدة البئر التي لم تطو (الحميدي) مصغر هو عبد الله بن الزبير القرشي الاسدي المكي الفقيه أحد الاعلام. قال الفسوي ما لقيت أنصح للاسلام وأهله منه مات سنة تسع عشرة ومائتين (سفيان) هو ابن عيينة أبو محمد الهلالي مولاهم الكوفي الاعور أحد الاعلام ثقة ثبت حافظ امام

ص: 84

حدثنا بيان واسماعيل قالا سمعنا قيسا يقول سمعت خبابا يقول أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد برده وهو في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة فقلت ألا تدعو الله تعالى فقعد وهو محمر وجهه فقال لقد كان من قبلكم ليمشط بامشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه وليتمنّ الله عز وجل هذا الامر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت ما يخاف الا الله عز وجل او الذئب على غنمه. وهذا من احسن الاحاديث الدالة على التأسى وهو في ضمن قوله تعالى أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ

على تدليس فيه مات في رجب سنة سبع وتسعين ومائة (بيان) بفتح الموحدة والتحتية هو ابن نسر المؤذن يكنى أبا بشر (واسمعيل) هو ابن أبي خالد الكوفي الحافظ الطحان توفي سنة ست وأربعين ومائة (قيسا) هو ابن أبي حازم أبو عبد الله البجلي الاخمسي أسلم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يره وهو من كبار التابعين روي عن العشرة الا عبد الرحمن بن عوف وثقوه الا يحيى بن سعيد فانه قال هو منكر الحديث ثم ذكر له حديث نباح كلاب الحوأب مات سنة سبع وتسعين (خبابا) هو ابن الارت أبو عبد الله التميمى ويقال الخزاعي حليف بني زهرة قال الكاشغري وهو عربي سبي في الجاهلية فبيع بمكة وهو ممن سبق الى الاسلام سادس ستة وعذب في الله تعالى مات سنة سبع وثلاثين وهو ابن ثلاث وسبعين سنة وصلى عليه علي بن أبى طالب (برده) نوع من أكسية اليمن اسود مربع فيه صغر يلبسه الاعراب وجمعه برد قاله الجوهري (فقعد وهو محمز وجهه) قيل من النوم وقيل من الغضب (بامشاط) في رواية للبخاري بمشاط جمع مشط كرمح ورماح وارماح (المنشار) بكسر الميم مع الهمز وقد يترك همزه وقد يبدل نونا (من صنعاء) بالمد قصبة اليمن قيل هي أوّل مدينة بنيت بعد الطوفان بناها سام بن نوح (حضرموت) مدينة باليمن يجوز فيها بناء الاسمين وبناء الاول واعراب الثاني قيل سميت بذلك لان هودا أو صالحا لما دخلها حضره الموت وقيل ان صالحا مات بمكة وبين حضرموت وصنعاء نحو اثنتي عشرة مرحلة والمراد من ذلك بيان انتفاء الخوف عن المسلمين من الكفار فانتفاء ما قيل من عدم المبالغة في الامن لقرب المسافة بينهما ويحتمل ان المراد صنعاء الروم أو صنعاء دمشق (تنبيه) أخرج هذا الحديث أيضا من حديث خباب مسلم وأبو داود والنسائى (ما يخاف الا الله الى آخره) هذا من اعلام النبوة قيل يقع في آخر الزمان وقيل بل وقع (التأسى) هو الاقتداء والاتباع (أم حسبتم) أى حسبتم والميم صلة قاله الفراء أو بل حسبتم قاله الزجاج ومعناه أظننتم أيها المؤمنون (ولما) أي ولم وما صلة (مثل) أي شبه (خلوا) أي مضوا وسلفوا (من قبلكم) أي من النبيين والمرسلين (مستهم) أي أصابتهم (البأساء) أى الفقر والشدة والبلاء (والضراء) أي المرض والزمانة (وزلزلوا) أي حركوا بأنواع البلايا والرزايا وخوفوا (حتى يقول) أي حتى قال فمن ثم قرأ نافع برفع اللام لان حتى تستعمل في المستقبل الذى بمعنى الماضى على أحد وجهين له (متى نصر الله)

ص: 85

أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ وقوله تعالى وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ الآيات الثلاث وقوله تعالى فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ والآيات في هذا المعنى كثيرة مشهورة. ومن ذلك ما رويناه في صحيح مسلم بروايتي له عن شيخي الامام الحافظ المسند تقى الدين محمد بن محمد بن محمد بن محمد القرشى الهاشمى العلوى عرف بابن فهد إجازة مشافهة بالمسجد الحرام سنة خمس وثلاثين وثمانمائة وهو ما سمعته على غيره قال انا الشيخ الامام العلامة زين الدين ابو بكر بن الحسين بن عمر العثماني المراغي ثم المدنى سماعا عليه انا به ابو الفتح عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحميد المقدسى انا به ابو العباس احمد بن عبد الدائم المقدسي انا به ابو عبد الله محمد بن علي بن صدقة الحراني انا به مسند الآفاق محمد بن الفضل الفراوي ما زال بهم البلاء حتى قالوا ذلك استبطاء للنصر (الا ان نصر الله قريب) لان كل ما سيجيء فهو قريب وكان نزول هذه الآية في غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد وشدة البرد والخوف وضيق العيش وأنواع الاذى كما قال تعالى وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ قاله قتادة والسدي وقيل بل في شأن الهجرة وما تركوا لله عز وجل من الاموال والديار بمكة في أيدي المشركين ووقعوا فيه من المحنة باليهود قاله عطاء بن أبي رباح وقيل نزلت في حرب أحد (وقوله) بالجر عطف على الاول (وَكَأَيِّنْ) قرأه الجمهور بوزن كعين وقرأه ابن كثير على وزن فاعل ومعناه وكم (قاتَلَ مَعَهُ) وقاتل قراءتان مشهورتان (رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) أى جموع كثيرة (فَما وَهَنُوا) أى فما جبنوا (أُولُوا الْعَزْمِ) أي ذوو الحزم والجد والصبر (مِنَ الرُّسُلِ) تبعيضية وأولو العزم هم نجباء الرسل المذكورون في سورة الانعام وهم الذين أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم ان يقتدى بهم وقيل هم ستة نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى المذكورون على النسق فى سورة الاعراف والشعراء وقال مقاتل هم ستة نوح صبر على أذى قومه وابراهيم صبر على النار واسحاق صبر على الذبح ويعقوب صبر على فقد ولده وذهاب بصره ويوسف صبر على البئر والسجن وأيوب صبر على الضر وقال ابن زيد هم جميع الرسل ما عدا يونس وقال ابن عباس وقتادة وهم نوح وابراهيم وموسى وعيسى أصحاب الشرائع فهم مع محمد صلى الله عليه وسلم خمسة وسيأتي ذكرهم في كلام المصنف (المسند) اسم فاعل من الاسناد وهو ان تنسب الحديث الى غيرك (تقي الدين) بالفوقية (عرف) بالتخفيف والتشديد (بابن فهد) على لفظ الفهد المعروف (المقدسي) بكسر الدال نسبة الى بيت المقدس (صدقة) بالمهملتين والقاف بوزن شجرة (الحرانى) بفتح المهملة وتشديد الراء وبعد الالف نون كمامر (الفراوي) بفتح الفاء وتخفيف الراء.

قال النووي منسوب الى فراوة بليدة من ثغر خراسان قال وهو بفتح الفاء وضمها فاما الفتح فهو المشهور المستعمل بين أهل الحديث وغيرهم ونقل عن السمعاني وغيره انه ضبطه بفتح الفاء فقط وكانت وفاته في

ص: 86

انابه أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي انا به ابو احمد الجلودى حدثنا ابو اسحق ابراهيم بن محمد بن سفيان (ح) وكما يرويه شيخنا تقى الدين اعلا من هذه الدرجة عن شيخه المسند ابراهيم بن محمد بن صديق الدمشقى عن ابي النون يونس بن ابراهيم ان ابا الحسن على بن عبد الله انبأه عن الحافظ ابى الفضل محمد بن ناصر ان الحافظ ابا القاسم عبد الرحمن بن محمد بن منده أنبأه عن محمد بن زكرياء النيسابوري ثنا به مكى بن عبدان قال وابن سفيان ثنا به الحافظ ابو الحسين مسلم بن الحجاج القشيرى رحمه الله. قال وحدثني ابو الطاهر احمد بن عمرو بن سرح وحرملة بن يحيى وعمر بن سواد العامرى والفاظهم متقاربة قالوا انا ابن وهب أخبرنى يونس عن ابن شهاب حدثنى عروة بن الزبير ان عائشة زوج العشر الاواخر من شوال سنة ثلاثين وخمسمائة (عبد الغافر الفارسي) هو ابن أحمد بن محمد بن سعيد الفارسي الفسوي النيسابورى التاجر كان شيخا ثقة صالحا محفظوظا دينا ودنيا عاش خمسا وتسعين سنة وألحق احفاد الاحفاد بالاجداد. وتوفي يوم الثلاثاء ودفن يوم الاربعاء السادس من شهر شوال سنة ثمان وأربعين وأربعمائة على الصحيح (أبو أحمد) هو محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الرحمن بن عمرويه بن منصور النيسابوري (الجلودى) بضم الجيم منسوب الى الجلود المعروفة أو الى حلة الجلوديين بنيسابور الدارسة قولان. وغلط ابن السكيت وابن قتيبة فقالا ان الجلودى بفتح الجيم منسوب الى جلود اسم قرية بافريقية أو بالشام الا أن يريدا من نسب الى هذه القرية فهو مفتوح وقد مر ان الجلودي ليس منسوبا اليها وكان الجلودى شيخا صالحا زاهدا من كبار عباد الصوفية صحب أكابر المشايخ من أهل الحقائق وكان ينسخ الكتب ويأكل من كسب يده وكان متمذهبا بمذهب سفيان الثوري مات يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من ذى الحجة سنة ثمان وستين وثلثمائة عن ثمانين سنة. قال الحاكم أبو عبد الله وختم بوفاته سماع صحيح مسلم (أبو اسحق ابراهيم بن محمد بن سفيان) النيسابوري الفقيه الزاهد العابد المجتهد المستجاب الدعوة مات فى رجب سنة ثمان وثلاثمائة (صديق) بالتشديد (ابن منده) بفتح الميم والمهملة بينهما نون ساكنة (زكريا) بالمد والقصر (ابن عبدان) بفتح المهملة وكسرها ثم موحدة (قال وابن سفيان) أي قال مكى بن عبدان المذكور في السند الثاني ومحمد بن سفيان المذكور في السند الاول (أحمد بن عمرو) بن عبد الله بن عمرو (ابن سرح) بمهملات هو المصرى مولي بني أمية توفي سنة خمس وعشرين ومائتين (حرملة بن يحيى) ابن عبد الله بن حرملة بن عمران التجيبي. قال فيه سفيان كان صندوقا من أوعية العلم. وقال أبو حاتم لا يحتج به مات سنة ثلاث وأربعين ومائتين عن سبع وسبعين سنة (عمرو بن سواد) بفتح المهملة وتشديد الواو هو العامري كان ثقة مأمونا مات سنة خمس وأربعين ومائتين (ابن وهب) بفتح الواو وسكون الهاء ثم موحدة هو أبو محمد الفهري مولاهم أحد الاعلام. قال يونس بن عبد الاعلى طلب للقضاء فجنن نفسه وانقطع توفي سنة سبع وتسعين ومائة (يونس) بن يزيد الايلي أحد الاثبات توفي سنة تسع وخمسين

ص: 87

النبى صلى الله عليه وآله وسلم حدثته أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد فقال لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة اذ عرضت نفسى على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني الى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهى فلم أستفق الا بقرن الثعالب فرفعت رأسى فاذا أنا بسحابة قد اظلتنى فنظرت فاذا فيها جبريل عليه السلام فنادانى فقال يا محمد ان الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك وقد بعث اليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم قال فناداني ملك الجبال وسلم على فقال يا محمد ان الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثنى ربك اليك لتأمرنى بما شئت إن شئت ان اطبق عليهم الاخشبين فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل ارجو ان يخرج الله من اصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيأ وابن عبد ياليل هذا وإخوته رؤساء أهل الطائف وكان هذا حين قدم عليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعوهم الى الله تعالى فأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون خلفه حتي اجتمع عليه الناس وسيأتى خبرهم فيما بعد ان شاء الله تعالى عند ذكر عرض نفسه على القبائل صلى الله عليه وآله وسلم.

ومائة (وكان أشد) بالضم والفتح (ياليل) بالتحتية بوزن هابيل (كلال) بضم الكاف وتخفيف اللام واسم ابن عبد ياليل هذا كنانة أسلم وحسن اسلامه على الصحيح وقيل لم يسلم ومات بأرض الروم (مهموم) أي قد غشينى الهم (فلم أستفق) أى لم أتفطن لنفسى (بقرن الثعالب) هو قرن المنازل ميقات أهل نجد على مرحلتين من مكة أضيف الى الثعالب لكثرتها به (أظلتني) بالمعجمة فقط (ملك الجبال) أي الموكل بها.

قال ابن حجر ولم يسم (الاخشبين) تثنية أخشب بمعجمتين وموحدة بوزن أحمد والاخشبان جبلا مكة أبو قبيس ومقابله المشرف على قعيقعان سمى الجنحتان أو الخط بضم المعجمة بعدها مهملة. وقال أبو وهب الاخشبان الجبلان اللذان تحت العقبة بمنى تحت المسجد (ارجوان يخرج الله من أصلابهم الى آخره) فيه مع صبره وحلمه وشفقته ورأفته ورحمته وحرصه على هداية أمته صلى الله عليه وسلم معجزة له فقد وقع الامر كما رجا أسلم كثير ممن خرج من أصلابهم وهذا الحديث في صحيح البخاري وغيره أيضا (الطائف) بلد على مرحلتين أو ثلاث من مكة من جهة المشرق. قال في التوشح قيل ان أصلها ان جبريل اقتلع الجنة التي كانت لاصحاب الصريم فسار بها الى مكة فطاف بها حول البيت ثم أنزلها حول الطائف فسمى الموضع بها وكانت أولا بنواحي صنعاء انتهى. قال السهيلي وكانت تلك الجنة بحوران على فراسخ من صنعاء فمن ثم كان الماء والشجر بالطائف دون ما حولها من الارضين انتهى وقيل سميت بذلك لان رجلا من كندة من حضرموت أصاب دما من قومه فلحق بثقيف فأقام فيهم وقال لهم ألا أبني لكم حائطا يطيف ببلدكم فبناه فسمى به الطائف ذكره البكري وغيره وفي تفسير البغوى وغيره ان جبريل اقتلع أرض الطائف من الاردن وفلسبطين والله أعلم (فأغروا) من الاغراء وهو التحريش (يسبونه) السب هو ذكر الشخص بما ليس فيه

ص: 88

ولما نزل قوله تعالى وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ صعد صلى الله عليه وآله وسلم على الصفا فجعل ينادى يا بنى فهر يا بنى عدي لبطون قريش حتى اجتمعوا فجعل الرجل اذا لم يستطع ان يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرأيتكم لو أخبرتكم ان خيلا بالوادي تريد ان تغير عليكم أكنتم مصدقي قالوا نعم ما جربنا عليك الا صدقا قال فانى نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا فنزلت تبت يدا ابى لهب وتب ما اغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا الآية رواه البخارى وفي رواية فيه قال يا معشر قريش او كلمة نحوها اشتروا انفسكم لا أغنى عنكم من الله شيأ يا بنى عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيأ يا عباس بن عبد المطلب لا أغنى عنك من الله شيأ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ زاد البخارى ومسلم وغيرهما في بعض الروايات ورهطك منهم المخلصين وكان ذلك قرآنا ثم نسخ (صعد) بكسر العين في الماضى وفتحها في المستقبل (فجعل ينادي يا بني عدي الى آخره) للبغوي وغيره انه نادى يا صباحاه (أبو لهب) اسمه عبد العزى وكني بذلك لان وجهه كان يتلهب جمالا.

قال بعضهم وذلك لما علم الله انه من أهل النار ذات اللهب (أرأيتكم) أي ارأيتم والكاف للتأكيد معناه الاستخبار أى أخبرونى وفوقيته مفتوحة في الواحد والمثنى والجمع ويقال للمؤنث بكسر الفوقية والكاف وفي الجمع كجمع المذكر لكن بنون بدل الميم (لو اخبرتكم الى آخره) فان قلت لم قدم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قبل الابلاغ (قلت) جعله توطئة له وليعلم بذلك أنهم لا يتهمونه بالكذب وان كفرهم مجرد جحود (خيلا) اسم جنس لا واحد له من لفظه (بالوادي) فيه الاشارة الى قرب العذاب الذى جعل هذا مثلا له (ان تغير) بضم أوله رباعى وفي رواية صحيحة لو أخبرتكم ان العدو مصبحكم أو ممسيكم أما كنتم تصدقوني قالوا بلى (مصدقى) بتشديد الياء مكسورة أو مفتوحة (نعم) بفتح العين وكسرها قرئ بهما في القرآن والرواية بالفتح (تبت) أى خابت وخسرت والتباب الهلاك والخسار (يدا أبي لهب) أى هو واليدان صلة (وتب) قرئ شاذا وقد تب الاول دعاء والثاني خبر كما يقال أهلكه الله وقد فعل (رواه) من حديث ابن عباس (البخارى) ومسلم والترمذي (يا معشر قريش) المعشر الجماعة (أو) قال (كلمة) شك من الراوى اشتروا أنفسكم أى آمنوا فاشتروا بالايمان نفوسكم لا أغنى عنكم من الله شيأ معنى ذلك اني لا أنفع بمحض القرابة من لم يؤمن منكم كابى طالب وأبى لهب والتخفيف من العذاب عنهما في النار ليس هو لمحض القرابة بل لامر آخر مذكور في نص الحديث وهذا يوافق معنى قوله صلى الله عليه وسلم من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه أخرجه مسلم وغيره ولا ينافيه قوله صلى الله عليه وسلم أوّل من أشفع له يوم القيامة من أمتي أهل بيتي ثم الاقرب فالاقرب من قريش ثم الانصار ثم من آمن بي واتبعنى من اليمن ثم من سائر العرب ثم الاعاجم ومن أشفع له أولا أفضل أخرجه الطبراني في المعجم الكبير من حديث ابن عمرو لان هذا فيمن تتأتى فيه الشفاعة وأما من لم يؤمن ولو كان في أعلا درجات القرب منه صلى الله عليه وسلم فليس بهذه المثابة

ص: 89