الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاجابه حسان بن ثابت رضي الله عنه
ولست الى سعد ولا المرء منذر
…
اذا ما مطايا القوم أصبحن ضمرا
فلولا ابو وهب لمرت قصائد
…
الى شرف البرقاء يهوين حسرا
أتفخر بالكتان لما لبسته
…
وقد تلبس الانباط ريطا مقصرا
فلا تك كالوسنان يحلم أنه
…
بقرية كسرى أو بقرية قيصرا
ولا تك كالثكلى وكانت بمعزل
…
عن الثكل لو كان الفؤاد تفكرا
ولا تك كالشاة التى كان ذبحها
…
بحفر ذراعيها فلم ترض محفرا
ولا تك كالعادى فاقبل نحره
…
ولم يخشه سهم من النبل مضمرا
فانا ومن يهدي القصائد نحونا
…
كمستبضع تمرا الى أهل خيبرا
[الكلام على بدء الهجرة الى المدينة وأول من هاجر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم]
ولما كان ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لاصحابه ان الله قد جعل لكم (مطايا القوم) رواحلهم (أبو وهب) كنية جبير بن مطعم وقد ذكرنا نسبه قال البغوي أسلم جبير قبل فتح مكة ومات في خلافة معاوية وكان من أكابر قريش وعلماء النسب في الجاهلية والاسلام قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد أساري بدر فسمعه أي سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ والطور قال فكان ذلك أوّل ما دخل الايمان في قلبي روي ذلك البخارى في الصحيح (الى شرف البرقاء) الابرق والبرقاء والبرقة بضم الموحدة في الاخيرة كلها واحد قال الاصمعي الابرق والبرقاء وكذلك البرقة حجارة ورمل مختلطة وقال ابن الاعرابي جبل مخلوط برمل وكل شيء خلط من لونين فقد برق (حسرا) مكشوفات (الانباط) جمع نبطى والنبط اسم جيل من الناس كانوا ينزلون سواد العراق ثم استعمل في اخلاط الناس وعوامهم وقال الليث ورجل نبطى ومنعه الاعرابي (والريط) بفتح المهملة واسكان التحتية الثوب الرقيق أو كل ملاءة ليست ذات لفقين (والوسنان) النائم (والحلم) ما يراه النائم في نومه (كسرى) بكسر الكاف قاله أبو عمرو بن العلاء وقيل بالفتح والكسر افصح وهو ملك الفرس (وقيصر) ملك الروم (والثكلي) من مات ولدها بفتح الثاء والاسم بضمها (ولاتك كالعادي) أي الساعي الى حتفه (مضمرا) منصوب على الحال عند من يجوز الحال بعد النكرة ويروي موترا أى مشدودا. ورواية البيت في السيرة لابن هشام
ولاتك كالعاوي فاقبل نحره
…
ولم يخشه سهم من النبل مضمرا
والبيت الاخير من القصيدة ضربه مثلا وقوله فيه (ومستبضع) أي جاعل التمر بضاعة بكسر الباء أى مالا للتجارة من قولهم استبضعت الشئ جعلته بضاعة لنفسى وأبضعته غيري بالالف جعلته له بضاعة
إخوانا ودارا تأمنون فيها فأول من هاجر الى المدينة بعد بيعة العقبة ابو سلمة بن عبد الاسد ثم عامر بن ربيعة ثم عبد الله بن جحش ثم تتابعوا أرسالا آحادا وثلاثا فلقوا من الانصار دارا وجوارا وآثروهم على أنفسهم في أقواتهم وقاسموهم أموالا وأقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خلفهم ينتظر الاذن في الهجرة ولم يتخلف معه أحد الا من حبس أو فتن الا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وأبو بكر الصديق فانهما حبسا أنفسهما على صحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فاما أبو بكر فصحبه في هجرته وأما أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضى الله عنه فتخلف عنه قليلا بأمره لأمر اقتضى ذلك بأمر ربه تعالى على ما سيأتي خبره ولما رأت قريش ما لقى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من طيب الحال وحسن الجوار من الانصار رهبوا ذلك وحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاجتمعوا في دار (أبو سلمة) اسمه عبد الله (بن عبد الاسد) بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي (بعد بيعة العقبة) لعله أراد بيعة العقبة الاولى فقد حكى ابن هشام انه أوّل من هاجر الى المدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين من قريش من بني مخزوم أبو سلمة وذلك قبل بيعة أصحاب العقبة بسنة وكان قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة من أرض الحبشة فلما آذته قريش وبلغه اسلام من أسلم من الانصار خرج من المدينة مهاجرا وساق ابن هشام عن ابن اسحق قصة هجرته رضي الله عنه وقال الحافظ ابن حجر بعد ان ساق نسبه من السابقين الاولين الى الاسلام أسلم بعد عشرة أنفس وكان أخا النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة كما ثبت في الصحيحين وأمه برة بنت عبد المطلب فيكون ابن عمته صلى الله عليه وسلم مات بالمدينة بعد ان رجعوا من بدر وقال ابن زنجويه توفي أبو سلمة في سنة أربع بعد منصرفه من أحد انتقض به جرح كان أصابه باحد فمات منه وكذا قال ابن سعد انه شهد بدرا واحدا قال ابن حجر وقاله الجمهور وزوجه أم سلمة تزوجها بعده صلى الله عليه وسلم (ثم عامر بن ربيعة) حليف بني عدي بن كعب ومعه امرأته ليلى بنت أبي حثمة وكان ممن هاجر بامرأته هذه إلي الحبشة. قال ابن حجر كان أحد السابقين الاولين شهد بدرا وما بعدها وكان صاحب عمر لما قدم الجابية واستخلفه عثمان على المدينة لما حج قال الواقدى كان موته بعد قتل عثمان بايام وقيل غير ذلك (ثم عبد الله بن جحش) بن رئاب كذا في ابن هشام بالهمز بعد الراء وفي الاصابة ابن رياب براء وتحتانية وآخره موحدة ابن يعمر الاسدي حليف بني عبد شمس أحد السابقين شهد بدرا واحدا ودعا الله ان يرزقه الشهادة فقتل يوم أحد وكان سيفه انقطع يوم أحد فاعطاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عرجونا فصار في يده سيفا ودفن هو وحمزة في قبر واحد وكان له يوم قتل نيف واربعون سنة. وقال ابن هشام احتمل باهله وباخيه عبد بن جحش وهو أبو أحمد الضرير الشاعر وكانت عنده الفرعة ابنة أبي سفيان ابن حرب وكانت أمه أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم فغلقت دار بنى جحش هجرة فمر بها عتبة بن
الندوة وتشاوروا في أمره فتصور لهم ابليس لعنه الله في صورة شيخ نجدى مشاركا لهم في الرأي فتحدثوا أن يربطوه في الحديد ويغلقوا دونه الابواب حتى يموت أو ان يخرجوه من بين أظهرهم فيستريحوا منه او ان يجمعوا من كل قبيلة رجلا فيقتلونه دفعة واحدة فيفترق دمه بين القبائل حتى يعجز قومه عن طلب الثأر وهو رأى أبى جهل فحسنه لهم الشيخ النجدى وتفرقوا على ذلك ولما قصدوا لذلك أخبر جبريل النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وأمره أن يغير فراشه فقال النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لعلي نعم على فراشى وتسج ببردى هذا الحضرمي الاخضر فنم فيه فانه لن يخلص اليك شيء تكرهه ولما قعدوا على بابه لذلك خرج عليهم صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وبيده حفنة من التراب فجعل ينثره على رؤسهم وهو يتلو صدر سورة يس فأتاهم آت فقال لهم ما تنتظرون قالوا محمدا قال لهم خيبكم الله قد خرج والله عليكم محمد ثم ما ترك رجلا منكم الا وقد وضع على رأسه ترابا فتفقدوا ذلك فوجدوه كما قال ثم نظروا الى الفراش فوجدوا عليا عليه السلام مسجي بالبرد فبقوا حينئذ متحيرين حتى أصبحوا فقام على عليه السلام فحين رأوه قالوا والله لقد صدقنا الذى حدثنا فنزل في ذلك قوله تعالى وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ وقوله تعالى أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ
ربيعة والعباس بن عبد المطلب وأبو جهل بن هشام بن المغيرة فنظر اليها عتبة تخفق أبوابها يبابا ليس فيها ساكن فلما رآها كذلك تنفس الصعداء ثم قال:
وكل دار وان طالت سلامتها
…
يوما ستدركها النكباء والحوب
(دار الندوه) هي دار قصى بن كلاب التى كانت قريش لا تقضي أمرا الا فيها (فتصور لهم ابليس في صورة شيخ نجدي) قال ابن اسحاق فيما يرويه عن ابن عباس رضى الله عنهما قال لما أجمعوا لذلك واتعدوا ان يدخلوا في باب الندوة ليتشاوروا فيها في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم غدوا في اليوم الذي اتعدوا فيه وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة فاعترضهم ابليس لعنه الله في هيئة شيخ جليل عليه بت له فوقف على باب الدار فلما رأوه واقفا على بابها قالوا من الشيخ قال شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى ان لا يعدمكم منه رأيا ونصحا قالوا أجل فادخل فدخل معهم لعنه الله وقد اجتمع فيها أشراف قريش ثم عدهم واحدا واحدا (تسج) أي تغط (ببردي هذا الحضرمي) بالفتح ثم السكون وفتح الراء نسبة إلي حضرموت بفتح الميم ناحية واسعة في شرقي عدن بقرب البحر وحولها رمال كثيرة تعرف بالاحقاف وقال أبو عبيدة حضرموت ابن قحطان نزل هذا المكان فسمي به فهو اسم موضع واسم قبيلة