المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل: في صفة جبريل عليه السلام وانه سفير الانبياء وعدد نزوله على النبى صلي الله عليه وسلم وبيان كيفيات الوحي] - بهجة المحافل وبغية الأماثل - جـ ١

[العامري الحرضي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌[خطبة الكتاب والكلام على تفسيرها]

- ‌[مطلب في الكلام على أما بعد]

- ‌[الكلام على المؤلفات في التاريخ النبوى وتقسيم الكتاب الى قسمين]

- ‌[القسم الاول في تلخيص سيرته]

- ‌[الباب الاول من القسم الاول في مولده وشرف نسبه ومحتده]

- ‌[مطلب في الكلام على أنكحة الجاهلية]

- ‌[فصل: وأما ما مهد الله له في قدم نبوته وذكره]

- ‌[فصل: فيما ورد من فضل بلدى مولده ووفاته]

- ‌[مطلب في الكلام على ما ورد في فضل مكة]

- ‌[مطلب وأما ما جاء في فضل المدينة]

- ‌[فصل في ذكر آبائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل فيما نقل من مزايا آبائه عليه الصلاة والسلام]

- ‌[الباب الثاني من القسم الاول في تاريخ مولده الى نبوته]

- ‌[مطلب حمل أمه به صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب فى الآيات التى ظهرت لمولده عليه الصلاة والسلام]

- ‌[مطلب في مراضعه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في شق الملكان صدره الشريف]

- ‌[مطلب في الكلام على إحياء الله تعالى له أبويه حتى آمنا به]

- ‌[مطلب في وفاة جده عبد المطلب وخروجه مع عمه أبى طالب]

- ‌[مطلب فى حضوره صلى الله عليه وسلم حرب الفجار مع قريش وحلف الفضول]

- ‌[مطلب في خروجه الى الشام بتجارة لخديجة وزواجه بها صلى الله عليه وسلم الى الشام]

- ‌[مطلب في بناء قريش الكعبة ووضعه الحجر الاسود بيده الشريفة مكانه من البيت]

- ‌[مطلب في الكلام على أول من بني المسجد الحرام والكلام على أول ما ظهر من لوائح نبوته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[من ذلك خبر زيد بن نفيل وورقة بن نوفل وغيرهما]

- ‌[ومن ذلك خبر سلمان الفارسي رضى الله عنه]

- ‌[ومن ذلك ابن الهيبان من يهود الشام]

- ‌[مطلب في تحنثه صلى الله عليه وسلم بغار حراء وما قيل في عصمته وما كان يراه من أمارت النبوة]

- ‌[الباب الثالث في ذكر نبوته وما بعدها الى هجرته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في بدء نبوته صلي الله عليه وسلم وظهور جبريل له بغراء حراء]

- ‌[مطلب في أخبار صلى الله عليه وسلم لورقد بن نوفل عن ظهور جبريل له]

- ‌[مطلب في تعليم جبريل له عليه الصلاة والسلام الوضوء والصلاة]

- ‌[فصل: في صفة جبريل عليه السلام وانه سفير الانبياء وعدد نزوله على النبى صلي الله عليه وسلم وبيان كيفيات الوحي]

- ‌[مطلب في تاريخ رسالته الى الخلق على ما حكاه أهل التاريح والدعوة اليها سرا]

- ‌[الكلام على حديث ان هذا الدين بدأ غريبا وسيعود كما بدأ]

- ‌[مطلب في ذكر أول من آمن به صلي الله عليه وسلم]

- ‌[الكلام على منابذة قريش له حين أمره الله باظهار الدعوة وان يصدع بما يؤمر]

- ‌[خبر اشتداد قريش على أبي طالب ووثوب كل قبيلة على من اسلم منها يعذبونه]

- ‌[خبر اجتماع قريش الى الوليد بن المغيرة وتآمرهم فيما يرمونه به صلي الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في مناواة قريش له صلى الله عليه وسلم بالذي وذكر طرفا مما آذوه به]

- ‌[تتمة لهذا المطلب في العوارض البشرية التى لحقته صلى الله عليه من جراء ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام على تعذيب قريش للمستضعفين من المؤمنين]

- ‌[مطلب في الكلام على الهجرة الأولى الى الحبشة وبيان من هاجر إليها من الأصحاب]

- ‌[مطلب في تعقب قريش لمهاجرى الحبشة وعودتهم بالخيبة]

- ‌[مطلب في مكاتبته صلى الله عليه وسلم للنجاشى ليزوجه ام حبيبة بنت أبي سفيان وخبر ذلك]

- ‌[فصل وكان صلى الله عليه وسلم يكرم مهاجرة الحبشة ويلاطفهم ويذكر من فضلهم]

- ‌[فصل في حكم الفرار بالدين والعجز عن مقاومة المشركين]

- ‌[مطلب في إسلام سيدنا حمزة عمه صلى الله عليه وسلم وسبب ذلك]

- ‌[مطلب في إسلام سيدنا عمر بن الخطاب وتعزيز الله به ضعفة المسلمين]

- ‌[مطلب في اجتماع بطون قريش على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب وكتبهم بذلك الصحيفة ودخول أبي طالب ومن انحاذ معه الشعب محاصرين من قريش]

- ‌[ذكر خبر نقض الصحيفة المذكورة]

- ‌[109- الكلام على وقعة بعاث بين الأوس والخزرج وقدوم سويد بن الصامت الأوسى عليه صلي الله عليه وسلم وأول خبر الأنصار]

- ‌[الكلام على وفات عمه أبى طالب والسيدة خديجة وحزنه صلى الله عليه وسلم لذلك وما ناله من أذى قريش عقب ذلك]

- ‌[مطلب في خروجه صلى الله عليه وسلم لثقيف بالطائف وخبر ما لقي من أذاهم وخبر جن نصيبين]

- ‌[فصل في الكلام على الجن واختلاف الناس فيهم]

- ‌[مطلب في عرض نفسه صلى الله عليه وسلم على القبائل لحمايته من أذى قريش وليتمكن من نشر دعوته وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في بدء اسلام الأنصار وقصة الإسراء]

- ‌[مطلب فى قدوم الأنصار اليه صلى الله عليه وسلم وخبر بيعة العقبة الأولى]

- ‌[مطلب فى قدوم الأنصار اليه ثانية وبيعة العقبة الثالثة المتفق على صحتها]

- ‌[مطلب في أسماء النقباء من الأوس والخزرج وطرفا من أحوالهم ومواخذة قريش لهم في ذلك]

- ‌[الكلام على بدء الهجرة الى المدينة وأول من هاجر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم]

- ‌[الباب الرابع في هجرته صلى الله عليه وسلم وما بعدها الى وفاته]

- ‌[مطلب في الكلام على وصوله صلى الله عليه وسلم المدينة]

- ‌[فصل: في المسجد الشريف النبوى وعمارته]

- ‌[فصل: في ذكر منازل المهاجرين على الأنصار ومواساتهم لهم]

- ‌[فصل: في ان الله تعالى أوعد الوعيد العظيم على من أسلم قبل الهجرة ولم يهاجر والكلام على ذلك]

- ‌[فصل: فى مناواة يهود المدينة الاذي للنبى صلي الله عليه وسلم بعد ما قدم اليها]

- ‌[فصل: فى ذكر ما أصاب المهاجرين من حمي المدينة ودعائه صلى الله عليه وسلم بان يصح هواءها ويجببها اليهم]

- ‌[فصل ولما اطمأن برسول الله الدار وأعز الله جنده أذن له بقتال قريش ومن ناواه من غيرهم]

- ‌[مطلب في كتبه صلي الله عليه وسلم الكتاب بين المهاجرين والأنصار ومواخاته بينهما وموادعته يهود المدينة]

- ‌[مطلب في مشروعية في الأذان]

- ‌[مطلب في إسلام عبد الله بن سلام وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في غزوة ودان وتحويل القبلة]

- ‌[مطلب في مشروعية صيام رمضان]

- ‌[مطلب في بنائه صلى الله عليه وسلم بعائشة وتزويج علي بفاطمة رضى الله عنهم ومشروعية صدقة الفطر]

- ‌[مطلب في إسلام سيدنا العباس والكلام على أول راية عقدها رسول الله]

- ‌[مطلب فى غزوة بدر الكبري والكلام عليها تفصيلا]

- ‌[مطلب فى خبر حاطب بن أبي بلتعة ومكاتبة لمشركي قريش]

- ‌[فصل: وسمى يوم بدر باسم المكان]

- ‌[مطلب في الكلام على قتل كعب بن الأشرف وأبي رافع بن أبى الحقيق]

- ‌[الكلام على ولادة سيدنا الحسن بن على رضى الله عنهما]

- ‌[الكلام على غزوة أحد تفصيلا]

- ‌[فصل في فضل الشهادة ومزية شهداء أحد]

- ‌[فصل فى الكلام من أكرم بالشهادة يوم أحد]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة حمراء الاسد]

- ‌[مطلب فى الكلام على غزوة النضير]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة بدر الصغرى]

- ‌[مطلب في سرية عاصم بن ثابت الأنصاري وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في سيرته بئر معونة وخبر ذلك]

- ‌[فصل في شهداء بئر معونة وفضل الشهداء ومزيتهم]

- ‌[مطلب في مشروعية قصر الصلاة وما يلحق ذلك من الأحكام]

- ‌[مطلب في الكلام زواج رسول الله عليه وسلم بأم سلمة]

- ‌[الكلام على ولادة سيدنا الحسين وخبر ابن ابيرق]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة ذات الرقاع ومشروعية صلاة الخوف]

- ‌[تتمة في الكلام علي تارك الصلاة]

- ‌[استطراد لذكر قصة غوث بن الحارث]

- ‌[الكلام على حديث جابر وشراء النبى صلى الله عليه وسلم جمله منه]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة بنى المصطلق وهي غزوة المريسيع]

- ‌[الكلام علي سبب نزول سورة المنافقين]

- ‌[تتمة في زواج رسول الله بجويرية بنت الحارث من سبايا بنى المطلق واسلامهم]

- ‌[الكلام على رخصة التيمم وسببها وأحكامه]

- ‌[الكلام على حديث الإفك وخبر ذلك]

- ‌[فصل: في فوائد هذا الحديث بعد مقصوده الأعظم]

- ‌[فصل: اما أحكام القذف]

- ‌[الكلام على غزوة الخندق وخبرها تفصيلا]

- ‌[الكلام علي غزوة بني قريظة وسببها]

- ‌[الكلام على موت سعد بن معاذ ومناقبه رضي الله عنه]

- ‌[مطلب في الكلام على مشروعية تحريم الخمر وسبب ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام على مشروعية الحج]

- ‌[مطلب في قدوم ضمام بن ثعلبة أخي بني سعد بن بكر وإسلامه]

- ‌[تتمة فى الكلام على فوائد حديث ضمام]

- ‌[مطلب في تزويج الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش الأسدية وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام على مشروعية الحجاب وسببه]

- ‌[مطلب في شرح الفوائد التى تضمنت خير زواج السيدة زينب]

- ‌[مطلب في الكلام على غزوة دومة الجندل]

- ‌[الكلام على مشروعية الاستسقاء وصلاة الكسوف وشرح ذلك]

- ‌[الكلام على مشروعية حكم يمين الظهار وسببه]

- ‌[الكلام على صلح الحديبية وصد قريش لرسول الله ومن معه عن مكة]

- ‌[مطلب فى الكلام على بيعة الرضوان]

- ‌[مطلب في الكلام علي الشجرة التى كانت البيعة عندها]

- ‌[الكلام على اسلام خالد بن الوليد وعمرون بن العاص وخبر ذلك]

- ‌[الكلام على اسلام عقيل بن أبى طالب رضى الله عنه]

- ‌[الكلام على غزوة ذي قرد وتسمى غزوة الغابة]

- ‌[مطلب في الكلام علي قصة العرنيين]

- ‌[مطلب في ارسال رسول الله بكتبه الى ملوك الاقاليم الجبابرة]

- ‌[فصل: في فوائد خبر هرقل وما تضمنه من الآداب والأخلاق]

- ‌[تتمة في خبر النجاشي وتكريمه لكتابه صلى الله عليه وسلم وعودة مهاجري الحبشة]

- ‌[الكلام على فتح خيبر وخبر الشاة المسمومة التي أهديت اليه صلي الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في زواجه صلي الله عليه وسلم بصفية بنت حي]

- ‌[مطلب في إسلام أبي هريرة رضي الله عنه وبعض خبره]

- ‌[مطلب في غزوة زيد بن حارثة جذام وذكر سببها]

- ‌[الكلام على غزوة ذات السلاسل وشرح ذلك]

- ‌[مطلب في الكلام الإمارة والتنفير من التعرض للرياسة والوعيد لأهلها]

- ‌[تتمة في بعث عمرو بن العاص أميرا على جيش ذات السلاسل وذكر بعض مناقبة والكف عن ذكر أصحاب رسول الله إلا بخير]

- ‌[الكلام على عمرة القضاء وزواجه صلى الله عليهو سلم بميمونة بنت الحارث الهلالية]

- ‌[مطلب فى الكلام على وفد عبد القيس وخبر سيدهم الأشج العصري]

- ‌[مطلب في وفات السيدة زينب أكبر بناته صلى الله عليه وسلم وخبر ذلك]

- ‌[مطلب في اتخاذه صلى الله عليه وسلم المنبر وخبر حنين الجذع]

- ‌[ذكر فضل المنبر المنيف وما بينه وبين القبر الشريف]

- ‌[الكلام على غزوة مؤتة وخبر مقتل زيد حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة]

- ‌[الكلام على غزوة سيف البحر وخبر ذلك]

- ‌[الكلام على فتح مكة ويسمى فتح الفتوح]

- ‌[مطلب في كتابة حاطب بن أبي بلتعة لقريش بمسير رسول الله اليهم وإخبار جبريل له بذلك]

- ‌[الكلام على إسلام أبو سفيان بن حرب وإكرام النبي صلى الله عليه وسلم وله]

- ‌[مطلب في دخوله صلى الله عليه وسلم الكعبة ورد مفتاحها لبني شيبة وكسر ما فيها من الأصنام]

- ‌[فصل: فى ذكر شيء من الواردات يوم الفتح مما ذكره البخاري ومسلم]

- ‌[من ذلك خبر أم هانيء وقد اجارت ابن هبيرة فاجاز صلى الله عليه وسلم جوارها]

- ‌[ومن ذلك قضاء رسول الله لابن من وليدة زمعة بان الولد للفراش]

- ‌[ومن ذلك خبر المخزومية التي سرقت وإقامة الحد عليها]

- ‌[ومن ذلك حرمة مكة وان دخلوها عنوة يوم الفتح كان خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الكلام على غزوة حنين وشرح خبر ذلك]

- ‌[مطلب في ذكر من ثبت مع رسول الله يوم حنين]

- ‌[الكلام على غزوة أوطاس ومقتل أبي عامر الأشعري رضى الله عنه]

- ‌[الكلام على غزوة الطائف وحصاره]

- ‌[مطلب المخنثون على عهد رسول الله أربعة]

- ‌[الكلام على غنائم حنين وتقسيمها]

- ‌[تتمة في مؤاخذة النبي صلي الله عليه وسلم الأنصار حين بلغه موجدتهم لتقسيمه غنائم حنين في قريش]

- ‌[الكلام على وفد هوازن واستعطافهم النبي صلى الله عليه وسلم في سباياهم]

- ‌[مطلب ومما اتصل بالفتح بعث خالد بن الوليد الى بني جذيمة يدعوهم إلى الإسلام]

- ‌[مطلب ومما اتصل بالفتح إرسال البعوث الى هدم أصنام العرب]

- ‌[مطلب في مقدم كعب بن زهير مسلما وانشاده قصيدته المشهورة]

- ‌[تتمة في الكلام على كعب هذا وشىء من شعره في مدح النبى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مطلب في الكلام على قصة محلم بن جثامة الليثى وخبرها]

الفصل: ‌[فصل: في صفة جبريل عليه السلام وانه سفير الانبياء وعدد نزوله على النبى صلي الله عليه وسلم وبيان كيفيات الوحي]

مثله فلما تم وضوؤه أخذ جبريل كفا من ماء فرش به فرجه ثم قام فصلى ركعتين والنبي صلى الله عليه وآله وسلم مقتدبه ثم قال الصلاة هكذا فجاء النبى صلى الله عليه وسلم الى مكة وقص ذلك على خديجة وعلمها الوضوء والصلاة (قال المؤلف غفر الله زلته) وأقال عثرته وفي سيرة ابن اسحاق أن تعليم الوضوء والصلاة كان في مرة أخرى وقد التقيا بأعلا مكة وفيها ما يدل على أن فرض الصلوات الخمس كان يومئذ وليس كذلك فان فرضها انما كان ليلة الاسراء وكان الواجب أولا قيام بعض الليل كما في صدر سورة المزمل ثم نسخ بآخرها فاقرؤا ما تيسر منه ثم نسخ الجميع بفرض الخمس ليلة الاسراء ذكره النووى رحمه الله في فتاويه

[فصل: في صفة جبريل عليه السلام وانه سفير الانبياء وعدد نزوله على النبى صلي الله عليه وسلم وبيان كيفيات الوحي]

(فصل) واعلم أن جبريل عليه السلام ملك عظيم ورسول كريم مقرب عند الله أمين على وحيه وهو سفيره الى أنبيائه كلهم ورسوله باهلاك من طغى من أممهم ووصفه الله تعالى في القرآن العظيم بالقوة والامانة وقرب المنزلة عنده وعظم المكانة وأخبر بطاعة الملائكة له في (فرش به فرجه) أي الجهة التى فيها الفرج من الآدميين ويحتمل ان يخلق الله له فرجا عند تصوره في صورة الآدميين تتميما للخلقة ثم اذا أعاده الى صورته التى جبل عليها زال عنه ذلك فلا يستدل به على وجود فرج لجبريل ولا لغيره من الملائكة مع قيامهم في صورهم الجبلية وانما فعل ذلك ليعلم النبى صلى الله عليه وسلم. ففي سنن ابن ماجه من حديث زيد بن حارثة علمني جبريل الوضوء وأمرنى ان أنضح تحت ثوبي مما يخرج من البول وفيه ندب فعل ذلك للمتوضيء (ثم قام فصلي ركعتين) قد يؤخذ منه ندب سنة الوضوء وعددها (وكان الواجب) بالرفع اسم كان (قيام) بالنصب خبرها ويجوز عكسه

(فصل واعلم ان جبريل) بكسر الجيم بوزن زنبيل وفتحها بوزن مهليل وبالهمز فيهما مع المد واثبات الياء وحذفها وجبرال بالكسر والفتح أيضا وجبرايل بالتحتية معهما وجبرال بتشديد اللام وجبراييل بألف وتحتيتين وجبراين بالنون قيل ان جبروميك واسراف معناها العبد بالسريانية وال وايل اسمان لله تعالى ورده أبو علي الفارسي بان ايل وال لا يعرفان من أسماء الله وانه لو كان كذلك لم ينصرف آخر الاسم في وجوه العربية ولكان آخره مجرورا أبدا كعبد الله. قال النووي وهذا هو الصواب انتهى. قال في الديباج ورد في أثر ان تفسير جبريل عبد الله وميكائيل عبد الله واسرافيل عبد الرحمن وذكر الجزولي من المالكية ان اسرافيل سمى بذلك لكثرة أجنحته وميكائيل لكونه وكل بالمطر والنبات يكيله ويزنه. وذكر المجد في الصلاة والبشر ان جبريل يكني أبا الفتوح واسرافيل أبا الغنائم (وهو سفيره) بالسين المهملة والفاء بوزن عظيم هو الرسول (من طغي) أي جاوز الحد بالكفر (ووصفه الله تعالى في القرآن العظيم بالقوة والامانة الى آخره) أى على القول بأنه المراد في قوله تعالى إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وهو ما قاله أكثر المفسرين وقال على بن موسى وغيره انه محمد صلى الله عليه وسلم فجميع الاوصاف بعد هذا له وعليه يبطل استدلال الزمخشرى بالآية على تفضيل جبريل على نبينا صلى الله عليه وسلم بل وعلى الاول فان الثناء على

ص: 66

السماء وانه يؤيد به عباده الانبياء وسماه روح القدس والروح الامين واختصه لوحيه من بين الملائكة المقربين وحكى في قوله تعالى في حق النبى صلى الله عليه وآله وسلم وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لجبريل هل أصابك من هذه الرحمة شيء قال نعم كنت أخشى العاقبة فامنت لثناء الله عز وجل علىّ بقوله ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ووصفه الله سبحانه وتعالى بالقدس لانه لم يقترف ذنبا وسماه روحا للطافته ولمكانته من الوحي الذي هو مسبب حياة القلوب* وأما عدد نزوله على النبى صلى الله عليه وآله وسلم فرأيت في بعض التواريخ أنه نزل عليه ستا وعشرين ألف مرة ولم يبلغ أحد من الانبياء هذا العدد وأما صفة مجيئه الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فثبت في صحيح البخارى عن عائشة ان الحرث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله كيف يأتيك الوحي فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحيانا يأتينى مثل صلصلة الجرس شخص لا يلزم منه تفضيله على من سواه (وسماه روح القدس) في قوله تعالى إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ على القول بأن الروح جبريل وقوله تعالى قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ والقدس بضم القاف وفي الدال الضم والسكون الطهارة سمي جبريل بذلك لانه لم يقارف ذنبا (وحكي في قوله تعالى في حق النبى صلى الله عليه وآله وسلم الى آخره) ذكره عياض في الشفا بهذه الصيغة (كنت أخشى العاقبة) قبل بعثتك فلما بعثت أثنى الله علي في الكتاب المنزل عليك بقوله ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (فامنت) العاقبة (لثناء الله عز وجل على) الذى كنت السبب في معرفتي اياه فكنت رحمة لي من هذه الحيثية كسائر العالمين (نزل عليه ستا وعشرين ألف مرة) الذى ذكره ابن عادل أربعا وعشرين ألفا (ولم يبلغ أحد من الانبياء هذا العدد) بل كان نزوله على آدم اثنتي عشرة مرة وعلى ادريس أربع مرات وعلى ابراهيم اثنين وأربعين مرة وعلى نوح خمسين مرة وعلى موسى أربعمائة مرة وعلى عيسى عشر مرات ذكر ذلك ابن عادل أيضا (فثبت في صحيح البخارى) وصحيح مسلم وغيرهما ان الحرث بن هشام هو شقيق أبي جهل أسلم يوم الفتح وحسن اسلامه واستشهد يوم اليرموك أيام عمر في رجب سنة خمس عشرة وقيل في طاعون عمواس سنة سبع عشرة أو خمس عشرة قولان وظاهر ذلك ان الحديث في مسند عائشة وعليه اعتمد أصحاب الاطراف فكانها حضرت القصة ويحتمل كما قال السيوطي وغيره ان يكون الحرث أخبرها بذلك ويكون مرسل صحابي وحكمه الوصل ويؤيده ان في مسند أحمد وغيره من طريق عامر بن صالح الزبيرى عن هشام عن أبيه عن عائشة عن الحرث ابن هشام قالت سألت ولكن عامر بن صالح ضعيف اعتضد بمتابعه عند ابن منده (صلصلة) بفتح المهملتين وهي في الاصل صوت وقوع الحديد بعضه على بعض ثم أطلق على كل صوت له طنين وقيل هو صوت متدارك لا يفهم في أوّل وهلة. قال النووى قال العلماء والحكمة في ذلك ان يتفرغ سمعه ولا يبقى فيه ولا في قلبه مكان لغير صوت الملك انتهى وقيل انما كان يأتيه كذلك اذا نزلت آية وعيد أو تشديد والصلصلة المذكورة هي صوت الملك بالوحي وقيل صوت خفق أجنحته (الجرس) بفتح الجيم والراء آخره مهملة

ص: 67

وهو أشده على فيفصم عنى وقد وعيت عنه ما قال وأحيانا يتمثل لى الملك رجلا فيكلمنى فأعى ما يقول قالت عائشة ولقد رأيته ينزل عليه الوحى في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وان جبينه ليتفصد عرقا أى يسيل وورد في الصحيح أيضا انه كان يأتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين أصحابه فيكلمه في صورة سائل مستفت على صورة دحية بن خليفة وأصله من الجرس بفتح الجيم وسكون الراء وهو الصوت الخفي ويقال بكسر أوله (وهو أشده على) قال السيوطي سبب هذه الشدة ما يترتب على المشقة من زيادة الزلفى والدرجات (فيفصم عني) بفتح أوله وسكون الفاء وكسر المهملة من فصم أى يقلع وينجلي ما يغشاني والفصم هو القطع بلا ابانة وأما القصم بالقاف فقطع مع ابانة وانفصال ومعنى الحديث ان الملك يفارقه على ان يعود ولا يفارقه مفارقة قاطع لا يعود ويروى بضم أوله من افصم ويروى بالبناء للمفعول (وعيت) بفتح المهملة أى فهمت وحفظت ويقال في المال والمتاع أوعيت (يتمثل) أى يتصور بتصوير الله عز وجل (الملك) اللام فيه للعهد أى جبريل كما صرح به في رواية عبيد بن سعيد (رجلا) أي مثل رجل فنصبه على المصدر وقيل تمييز وقيل حال على تأويله بمشتق أي مرئيأ محسوسا قال المتكلمون الملائكة أجسام علوية لطيفة تتشكل أي شكل أرادوا أي باذن الله عز وجل وقال عبد الملك إمام الحرمين معنى تمثل جبريل ان الله تعالى أفنى الزائد من خلقه وأزاله عنه ثم يعيده اليه وجزم ابن عبد السلام بالازالة دون الفناء وقال البلقيني يجوز ان يكون أتى بشكله الاصلي من غير فناء ولا ازالة الا انه انضم فصار على قدر هيئة الرجل واذا ترك ذلك عاد الى هيئته ومثال ذلك القطن اذا جمع بعد أن كان منتفشا فانه بالنفش يحصل له صورة كبيرة وذاته لم تتغير وهذا على سبيل التقريب. قال السيوطى والحق ان تمثل الملك رجلا ليس معناه ان ذاته انقلبت رجلا بل معناه أنه ظهر بتلك الصورة تأنيسا لمن يخاطبه والظاهر أيضا ان القدر الزائد لا يزول ولا يفنى بل يخفى على الرائى فقط (فيكلمنى) بالكاف وصحفه البيهقى بالعين (فاعي ما يقول) عبر فى الشق الاول بلفظ الماضى وهنا بلفظ المستقبل قال السيوطى لان الوعى حصل في الاول قبل الفصم وفي الثاني عقب المكالمة وكان هذا أهون عليه كما أخرجه أبو عوانة في صحيحه وروي ابن سعد من طريق ابن سلمة الماجشون أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول كان الوحي يأتينى على نحوين يأتينى به جبريل فيلقيه على كما يلقى الرجل على الرجل فذاك ينفلت منى ويأتينى في مثل صلصلة الجرس حتى يخالط قلبى فذاك الذي لا ينفلت منى (الشديد البرد) بالاضافة غير المحضة (ليتفصد) بالفاء وتشديد المهملة من الفصد وهو قطع العرق لاسألة الدم وصحف من رواها بالقاف. قال العسكري ان ثبت فهو من قولهم تقصد الشيء اذا تكسر وتقطع ولا يخفي بعده (عرقا) بالنصب على التمييز (أي يسيل) سيلان العرق المفصود من كثرة العرق (وورد في) الحديث (الصحيح) في الصحيحين وغيرهما (دحية) بكسر الدال وفتحها وسكون الحاء المهملتين ثم تحتية مخففة هو (ابن خليفة) بالمعجمة والفاء بوزن عظيمة ابن فروة بن فضالة بن زيد بن امرئ القيس بن عامر

ص: 68

الكلبى أو غيره وكان دحية رجلا جميلا ولم يره النبي صلى الله عليه وآله وسلم على صورته التي جبل عليها وهى ستمائة جناح الامرتين مرة في الارض في الافق الاعلى وهى ناحية المشرق من حراء ومرة في السماء عند سدرة المنتهي على ما تضمنته سورة النجم* ولم يره أحد من الانبياء عليهم السلام على تلك الصورة الا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومرة كان يأتيه الوحي صلى الله عليه وآله وسلم مناما ومرة ينفث في (الكلبي) بالجر منسوب الى كلب بن وبرة الخزج بفتح المعجمة وسكون الزاى ثم جيم شهد دحية أحدا وما بعدها أخرج ابن سعد عن الشعبي مرسلا دحية الكلبي يشبه جبريل وعروة بن مسعود الثقفى يشبه عيسى بن مريم وعبد العزى يشبه الدجال ويشهد لذلك حديث البخاري وغيره (التى جبل) أي خلق والجبلة الخلقة (وهى ستمائة جناح) قال السهيلي قال العلماء في أجنحة الملائكة انها ليست كما يتوهم مثل أجنحة الطير وانما هي صفة ملكية وقوة ربانية لا تفهم الا بالمعاينة واحتجوا بقوله تعالى أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فكيف تكون كاجنحة الطير ولا يري طائر له ثلاثة أجنحة ولا أربعة فكيف ستمائة جناح فدل على انها صفة لا تنضبط كيفيتها بالفكر انتهي وسيأتي في ذلك مزيد كلام في ذكر جعفر ذي الجناحين (مرة في الارض في الافق الاعلى) أى الناحية العليا (وهى ناحية المشرق من حراء) قال البغوى في معالم التنزيل وذلك ان جبريل كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورة الآدميين كما كان يأتي النبيين فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريه نفسه على صورته التى جبل عليها فاراه نفسه مرتين مرة في الافق الاعلى ومرة في السماء فاما التى في الارض ففى الافق الاعلى والمراد بالاعلى جانب المشرق وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم كان بحراء وطلع له جبريل من المشرق فسد الافق الى المغرب فخر رسول الله صلى الله عليه وسلم مغشيا عليه فنزل جبريل في صورة الآدميين فضمه الى نفسه وجعل يمسح التراب عن وجهه (عند سدرة المنتهى) سيأتي الكلام على محلها وعلى سبب تسميتها بذلك. قال الشمني ان قيل لما اختيرت سدرة المنتهى لهذا الامر دون غيرها من الاشجار. أجيب بان شجرة السدر تختص بالظل المديد والطعم اللذيذ والرائحة الطيبة (ولم يره أحد من الأنبياء الى آخره) أي لعدم اطاقتهم رؤيته في تلك الصورة (ومرة كان يأتيه الوحي مناما) ولم يذكره في حديث الحرث بن هشام. قال النووى لان مقصود السائل ما يختص به النبي صلى الله عليه وسلم ويخفى فلا يعرف الا من جهته وأما الرؤيا فمشتركة معروفة انتهى ثم هل أنزل عليه شيء من القرآن في المنام أم لا قال الرافعى في أماليه الاشبه لا وأما الحديث المشهور في سورة الكوثر انه اغفى اغفاءة فقال الاولي أن تفسر الاغفاءة بالحالة التى كانت تعتريه عند الوحي ويقال لها برحاء الوحى فانه كان يؤخذ عن الدنيا (ومرة ينفث) بالفاء والمثلثة مبني للمفعول والنفث تفل خفيف لا ريق معه فعبر به عن الالقاء اللطيف والنافث جبريل كما في الحديث ان روح القدس نفث في روعى ان نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها أخرجه أبو نعيم في الحلية من حديث أبي امامة (فى

ص: 69