الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله عليه وآله وسلم ولم يجبه بشيء يعمل عليه فانصرف كمن لم يجيء ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس بالجهاز فآذن من حوله من الأعراب وقال اللهم خذ العيون والاخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها
[مطلب في كتابة حاطب بن أبي بلتعة لقريش بمسير رسول الله اليهم وإخبار جبريل له بذلك]
ثم ان حاطب بن أبي بلتعة كتب كتابا الى قريش يخبرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اليهم فنزل جبريل فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك. روينا في صحيح البخاري عن علي كرم الله وجهه قال بعثنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبا مرثد الغنوي والزبير بن العوام وفي رواية والمقداد بعدى يا بنية شر (ولم يجبه) من الاجابة (بشىء) وذكر البغوي انه جاء الي ابي بكر ليكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبي ثم عمر فأبى وقال لو لم أجد الا الذر لجاهدتكم به ثم علي بن أبي طالب فقال لقد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم علىّ أمر ما استطيع أن أكلمه فيه فسأل فاطمة أن تأمر حسنا أن يجيز بين الناس فقالت ما بلغ من أمر ابني أن يفعل ذلك فاستشار عليا فأشار عليه أن يجيز بين الناس ثم يذهب الى مكة فقام في المسجد وقال يا أيها الناس اني قد أجزت بين الناس ثم انصرف الى مكة (كمن لم يجيء) فلما أتى مكة سألوه ما فعل فأخبرهم بانه أجاز بين الناس بمشورة على قالوا فهل أجاز ذلك محمد قال لا قالوا فو الله ما زاد على أن لعب بك فما يغني عنا ما قلت قال لا والله ولكن ما وجدت غير ذلك (ثم أمر الناس بالجهاز) بفتح الجيم كما مر في حديث الهجرة قال البغوي فدخل ابو بكر على ابنته عائشة وهى تصلح في بعض جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أي بنية أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم بان تجهزوه قالت نعم فتجهز قال أين ترينه يريد قالت لا أدري وفي سيرة ابن اسحاق من رواية الشيباني عن عائشة قالت دخل أبو بكر وأنا أغربل حنطة فسألني قال السهيلي وفيه من الفقه أكلهم البر وان كان أغلب أحوالهم أكل الشعير اذ لا يقال حنطة الا للبر (وآذن) بفتح الهمزة اعلم (من حوله من الأعراب) انه يريد الخروج الى مكة (حتى نبغتها) أى يأتيها بغتة أى فجأة واستجاب الله عز وجل دعوته فلم يعلم به أحد حتى نزل مر الظهران بالمهملتين والظاء المشالة كما مر (بلتعة) بالموحدة فاللام فالفوقية فالمهملة بوزن علقمة كما مر والبلتعة في اللغة التظرف قاله ابو عبيد في الغريب (كتب كتابا) صورته أما بعد يا معشر قريش فان رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءكم بجيش كالليل يسير كالسيل وو الله لو جاءكم وحده لنصره الله وانجزله وعده فانظروا لانفسكم والسلام حكاه السهيلي وغيره وروى الواقدي ان صورته ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في الناس بالغزو ولا أراه يريد غيركم وقد أحببت أن يكون لي عندكم يد وقال البغوى صورته من حاطب بن ابي بلتعة الى أهل مكة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدكم فخذوا حذركم وفي تفسير ابن سلام ان صورته ان محمدا قد نفر فاما اليكم واما الى غيركم فعليكم الحذر (وروينا في صحيح البخاري) وصحيح مسلم وسنن ابى داود والترمذى (وابا مرثد) بفتح الميم والمثلثة وسكون الراء بينهما (الغنوي) بفتح المعجمة والنون منسوب الى غنى حي من غطفان واسمه كناز بتشديد النون كما مر (وفي رواية المقداد) وفي
وكلنا فارس قال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فان بها ظعينة من المشركين معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة الى المشركين فأدركناها علي بعير لها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلنا أخرجى الكتاب فقالت ما معنى الكتاب فأنحناها فالتمسنا فلم نر كتابا قلنا ما كذب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتخرجن الكتاب أو لنجردنك فلما رأت الجد أهوت الى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجته. وفي رواية انها أخرجته من عقاصها فانطلقا بها الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال عمر يا رسول الله قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعنى فلأضرب عنقه فقال ما حملك على ما صنعت قال والله ما بى أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله أردت أن يكون لى عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالى وليس أحد من أخرى للبغوى وعمار أو طلحة (روضة خاخ) بخائين معجمتين على الصواب ووقع في البخارى من رواية أبي عوانة حاج بمهملة وجيم وهو غلط من أبى عوانة بالاتفاق قال النووى وانما اشتبه عليه بذات حاج بالمهملة والجيم وهي موضع من المدينة والشام على طريق الحجيج وأما روضة خاخ فموضع بقرب المدينة في طريق مكة بينه وبين المدينة اثنا عشر ميلا هذا هو الصواب وقال الصايرى هى بقرب مكة قال النووي في ذلك معجزة ظاهرة له صلى الله عليه وسلم وفيه هتك استار الجواسيس وقراءة كتبهم ولو كانت امرأة وفيه هتك ستر المفسدة لمصلحة (فان بها ظعينة) بالنصب اسم ان والظعينة هذه اسمها سارة وقيل كنود مولاة لعمران بن أبي صفي بن هاشم بن عبد مناف وذلك أنها أتت المدينة وشكت حاجة شديدة فاعطوها نفقة وكسوة وحملوها على بعير ذكره البغوي عن المفسرين وقيل كانت مولاة للعباس والظعينة في الاصل المرأة مادامت في الهودج ثم جعلت المرأة المسافرة ظعينة ثم جعلت المرأة ظعينة سواء سافرت أم أقامت (ما معنى الكتاب) أي ما أردتم بالكتاب موهمة أنها لا تعرف معناه وفي بعض نسخ الصحيح ما معنى كتاب (لتخرجن الكتاب) بضم الفوقية وسكون المعجمة وكسر الراء والجيم وتشديد النون واللام فيه للقسم (أو لنجردنك) أي من ثيابك كما في رواية في الصحيح أو لنلقين الثياب زاد البغوي أو لأضربن عنقك (الجد) بكسر الجيم نقيض الهزل (حجزتها) أي معقد ازارها (وفي رواية) في الصحيح (أنها أخرجته من عقاصها) بكسر العين والصاد المهملتين وبالقاف وهو الخيط الذي تشد به المرأة أطراف ذوائبها والمعنى أنها أخرجت الكتاب من ضفائرها المعقوصة ويجمع بينه وبين الاول بأنها أهوت أولا الى حجزتها ثم أخرجته من عقاصها فتوهم من أي المحلين أخرجته فروى هذا تارة وهذا تارة (فانطلقنا بها) أى بالصحيفة المكتوبة وفي رواية في الصحيح فاتينا به أى بالكتاب (فدعنى فلأضرب عنقه) فيه استئذان الامام في الحدود والتعزيرات قاله النووي (قال والله ما بي أن لا اكون مؤمنا بالله ورسوله) أى لم يحملني ما فعلت عدم الايمان بل (أردت ان يكون لى عند القوم يدا) أى نعمة (يدفع الله بها عن أهلي ومالي) انما قال ذلك لانه لم يكن له بمكة أهل ولا عشيرة انما كان ملصقا في
أصحابك الاله هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم صدق ولا تقولوا له الاخيرا فقال عمر انه قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعنى فلأضرب عنقه فقال أليس من أهل بدر فقال لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة أو قد غفرت لكم فدمعت عينا عمر وقال الله ورسوله أعلم هذه احدى روايات البخاري وباقي رواياته وروايات مسلم مقاربة لها ونزل في أمر حاطب قوله تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ» الآيات. وتضمنت منقبة لحاطب حيث خوطب بالايمان وهو أمر باطن ففيه دليل على أن كبائر الذنوب لا تسلب الايمان ولا يكفر أهلها. وثبت لحاطب أيضا منقبة أخرى وهى ما روينا في صحيح مسلم عن جابر رضى الله عنه ان عبدا لحاطب جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليشكوا حاطبا فقال يا رسول الله ليدخلن حاطب النار فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذبت لا يدخلها فانه شهد بدرا والحديبية قريش أى حليفا ولم يكن من أنفسها ومضي ذكر نسبه في غزوة بدر وفي مسند الحارث ان حاطبا قال يا رسول الله كنت عزيزا في قريش أى غريبا وكانت أمى بين ظهرانيهم فأردت ان يحفظوني فيها أو نحو هذا (صدق ولا تقولوا له الا خيرا) فيه جواز ترك تعزير من استحق التعزير لكونه ذاهيئة أو صلاح وان ذلك منوط بنظر الامام وفيه ان الجاسوس المسلم لا يحل قتله كما ذهب اليه الشافعى وقال بعض المالكية يقتل ما لم يتب وقال بعضهم بل وان تاب وقال مالك يجتهد فيه الامام (لعل الله اطلع على أهل بدر) وللحاكم عن أبي هريرة ان الله اطلع ولابي داود عنه اطلع الله وبه يعلم ان لعل هنا واجبة وقد مضي الكلام عليه في غزوة بدر (أو) قال (فقد غفرت لكم) شك من الراوى وللحاكم وأبي داود فقد غفرت لكم بلا شك (ونزل في شأن حاطب) كما رواه الشيخان وغيرهما (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بالله بالله ورسوله (لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) في الآية حرمة موالاة الكفار (تلقون اليهم بالمودة) أى المودة والبا زائدة على حد ومن يرد فيه بالحاد وقال الزجاج تلقون اليهم أخبار النبى صلى الله عليه وسلم وسره بالمودة التى بينكم وبينهم (ففيه دليل) لما ذهب اليه أهل السنة (ان كبائر الذنوب لا تسلب) عن صاحبها (اسم الايمان) الذي المراد منه التصديق بل يكون مطيعا بايمانه عاصيا بفسقه وذلك لان الاعمال عندهم ليست جزأ من الايمان نعم ينقص عندهم بالمعاصى كما يزيد بالطاعات وقال المعتزلة الفسق يزيل اسم الايمان بمعنى ان الفسق واسطة بين الكفر والايمان بناء على زعمهم ان الاعمال جزء من الايمان (ان عبدا لحاطب) اسمه سعد ذكره ابن مندة وأبو نعيم وابن عبد البر (كذبت لا يدخلها) قال النووي فيه ان لفظة الكذب هي الاخبار عن النبي على خلاف ما هو عمدا كان أو سهوا سواء كان الاخبار عن ماض أو مستقبل وخصته المعتزلة بالعمد وهذا يرد عليهم (فانه شهد بدرا و) شهد (الحديبية)
رجعنا الى القصة. قال أهل السير ثم ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرغ من جهازه وخرج لعشر مضين من رمضان واستعمل على المدينة كلثوم بن حصين الغفارى فلما بلغ الحجفة لقيه عمه العباس مهاجرا ببنيه وقد كان بعد اسلامه مقيما بمكة على سقايته وعذره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولقيه أيضا ببعض الطريق أبو سفيان بن الحارث وعبد الله ابن أبى أمية وكلمته أم سلمة فيهما فقالت يا رسول الله ابن عمك وابن عمتك وصهرك فقال لا حاجة لى بهما اما ابن عمى فهتك عرضي واما ابن عمتى وصهرى فانه قال لي بمكة ما قال فقال أبو سفيان والله لتأذنن لى أو لآخذن بيد بنيى هذا ثم لنذهبن في الارض حتى نموت عطشا وجوعا فرق له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدخلا عليه واسلما وأنشد أبو سفيان قصيدته التى يقول فيها:
لعمرك انى يوم أحمل راية
…
لتغلب خيل اللات خيل محمد
ومن شهد أحدهما فقط لا يدخل فكيف بمن شهدهما معا (ابارهم)«1» بضم الراء وسكون الهاء (كلثوم) بضم الكاف والمثلثة وسكون اللام بينهما (ابن حصين) بالاهمال والتصغير بن عبيد بن بني غفار بن مليل بالتصغير شهد احدا والشجرة ذكره ابن مندة وأبو نعيم وابن عبد البر (ولقيه أيضا بعض الطريق) أي بالابواء كما ذكره ابن عبد البر وغيره وقيل بين سقيا والعرج (أبو سفيان بن الحارث) بن عبد المطلب (وعبد الله بن أبي أمية) حذيفة وهو أخو أم سلمة (ابن عمك) يريد أبا سفيان واسمه المغيرة (وابن عمتك) يريد عبد الله بن أبي أمية (وصهرك) يريد عبد الله أيضا لانه أخوها وفي رواية ذكرها ابن عبد البر قالت لا يكن ابن عمك وأخى ابن عمتك أشقا الناس بك (اما ابن عمي فهتك عرضي) أي بما ينسبني به من الهجاء في شعره قيل انه بعد اسلامه ما رفع رأسه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حياء منه لما كان يهجوه (واما ابن عمتي وصهري فانه الذي قال لى بمكة) والله ما أومن بك أبدا حتى تتخذ الى السماء سلما ترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتيها وتأتي بنسخة منشورة ونفر من الملائكة يشهدون لك بما تقول وأيم الله لو فعلت ذلك لظننت ان لا أصدقك وكفا صلى الله عليه وسلم عن هذه المقالة بقوله (ما قال) استعظاما لها واستبشاعا لصورتها القبيحة (بيد بني) بالتصغير وأراد ابنه جعفرا فانه كان معه يومئذ (فرق له رسول الله صلى الله عليه وسلم أي لان له ورحمه لما ذكر من الذهاب في الارض وروى ابن عبد البران علي بن أبي طالب قال لابي سفيان بن الحارث أئت رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل وجهه فقل له ما قال أخوه يوسف تالله لقد آثرك الله علينا وان كنا لخاطئين فانه لا يرضى ان يكون أحد أحسن قولا منه ففعل ذلك أبو سفيان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين وقبل منهما فأسلما (لتغلب) بلام كي (خيل اللات) أي خيل عابدى اللات يعني الصنم
(1) كذا في الأصل.