الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حصن خوفًا من الطوفان ثَانِيًا وَقَالُوا: نَبْنِي صرحا شامخا يبلغ السَّمَاء، فَجعلُوا لَهُ اثْنَيْنِ وَسبعين برجا على كل برج كَبِير مِنْهُم يستحث على الْعَمَل، فانتقم اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُم وبلبلهم إِلَى لُغَات شَتَّى، وَلم يوافقهم غابر على ذَلِك وَاسْتمرّ على طَاعَة اللَّهِ، فبقاه اللَّهِ على اللُّغَة العبرانية. وَلما افترق بَنو نوح صَار لولد سَام الْعرَاق وَفَارِس وَمَا يَلِي كَذَا إِلَى الْهِنْد، ولولد حام الْجنُوب مِمَّا يَلِي مصر على النّيل ومغربا إِلَى الْمغرب الْأَقْصَى، ولولد يافث مَا يَلِي بَحر الخزر ومشرقا إِلَى جِهَة الصين، وَكَانَت شعوب أَوْلَاد نوح عِنْد تبلبل الْأَلْسِنَة اثْنَيْنِ وَسبعين شعبًا.
(ذكر هود وَصَالح)
نبيان أرسلا بعد نوح وَقبل إِبْرَاهِيم، وَقيل: إِن هودا هُوَ غابر بن شالخ. أرسل اللَّهِ هودا إِلَى عَاد أهل أصنام ثَلَاثَة، وَكَانَت عَاد وَثَمُود جبارين طوَالًا بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى:{واذْكُرُوا إِذْ جعلكُمْ خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم فِي الْخلق بسطة} . ودعا هود قوم عَاد فَلم يُؤمن مِنْهُم إِلَّا الْقَلِيل،، فَأهْلك اللَّهِ الَّذين لم يُؤمنُوا برِيح سبع لَيَال وَثَمَانِية أَيَّام حسوما أَي دَائِما، فَلم تدع من عَاد أحدا حَتَّى هلك غير هود وَالْمُؤمنِينَ مَعَه فَإِنَّهُم اعتزلوا فِي حَظِيرَة. وَبَقِي هود كَذَلِك حَتَّى مَاتَ وقبره بحضرموت، وَقيل بِحجر مَكَّة.
قيل: من قوم عَاد لُقْمَان غير الْحَكِيم الَّذِي على عهد دَاوُد، وَحصل لعاد قبل هلاكهم جَدب فأرسلوا جمَاعَة مِنْهُم إِلَى مَكَّة يستسقون لَهُم، مِنْهُم لُقْمَان. فَلَمَّا هَلَكت عَاد بَقِي لُقْمَان بِالْحرم، فَقَالَ لَهُ اللَّهِ تَعَالَى: اختر وَلَا سَبِيل إِلَى الخلود، فَقَالَ: يَا رب أَعْطِنِي عمر سَبْعَة أنسر. فَكَانَ يَأْخُذ الفرخ الذّكر حِين يخرج من بيضته حَتَّى مَاتَ أَخذ غَيره، وعاش كل نسر ثَمَانِينَ سنة، وَاسم النسْر السَّابِع لبد، فَلَمَّا مَاتَ لبد مَاتَ لُقْمَان مَعَه. وَقد كثر ذكر هَذَا نظما ونثرا.
وَأرْسل اللَّهِ صَالحا إِلَى ثَمُود، وَهُوَ صَالح بن عبيد بن آسَف بن ماشخ بن عبيد بن جاثر بن ثَمُود، فَدَعَا صَالح قوم ثَمُود - كَانُوا بِالْحجرِ - إِلَى التَّوْحِيد فَلم يُؤمنُوا بِهِ إِلَّا قَلِيل مستضعفون، ثمَّ أَن كفارهم عاهدوه على أَنه إِن أَتَى بِمَا يقترحونه آمنُوا، فاقترحوا أَن يخرج من صَخْرَة مُعينَة نَاقَة ،
فَسَأَلَ صَالح اللَّهِ، فَأخْرج نَاقَة، وَولدت فصيلا. فَلم يُؤمنُوا، وَفِي الآخر عقروها، فأهلكوا بعد ثَلَاثَة أَيَّام بصيحة من السَّمَاء فِيهَا صَوت كل صَاعِقَة، فتقطعت قُلُوبهم فَأَصْبحُوا فِي دِيَارهمْ جاثمين؛ وَسَار صَالح إِلَى فلسطين، ثمَّ إِلَى الْحجاز يعبد اللَّهِ حَتَّى مَاتَ ابْن ثَمَان وَخمسين سنة.
(ذكر إِبْرَاهِيم
صلى الله عليه وسلم َ -)
هُوَ إِبْرَاهِيم بن تارخ - وَهُوَ آزر - بن ناخور بن ساروغ بن أرغو بن فالغ بن غابر بن
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
.
شالخ بن أرفخشذ بن سَام بن نوح، وَأسْقط ذكر قينان بن أرفخشذ من عَمُود النّسَب قيل: لِأَنَّهُ كَانَ ساحرا فَقَالُوا: شالخ بن أرفخشذ وبالحقيقة هُوَ شالخ بن قينان بن أرفخشذ. ولد إِبْرَاهِيم بالأهواز، وَقيل: بِبَابِل - وَهِي الْعرَاق -، وَكَانَ آزر أَبوهُ يصنع الْأَصْنَام ويعطيها إِبْرَاهِيم ليبيعها فَيَقُول: من يَشْتَرِي مَا يضرّهُ وَلَا يَنْفَعهُ.
وَلما أَمر إِبْرَاهِيم بِدُعَاء قومه إِلَى التَّوْحِيد دَعَا أَبَاهُ فَلم يجبهُ، ودعا قومه فاتصل أمره بنمروذ بن كوش ملك تِلْكَ الْبِلَاد، وَكَانَ نمروذ عَاملا على سَواد الْعرَاق وَمَا اتَّصل بِهِ للضحاك، وَقيل: كَانَ مُسْتقِلّا. فَرمى نمروذ إِبْرَاهِيم فِي نَار عَظِيمَة فَكَانَت النَّار عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا، وَخرج من النَّار بعد أَيَّام، وآمن بِهِ رجال من قومه على خوف من نمروذ، وَآمَنت بِهِ زَوجته سارة بنت عَمه هاران.
ثمَّ أَن إِبْرَاهِيم وَمن آمن مَعَه وأباه - على كفره - هَاجرُوا إِلَى حران مُدَّة؛ ثمَّ سَار إِبْرَاهِيم إِلَى مصر وصاحبها فِرْعَوْن، قيل: اسْمه سِنَان بن علوان، وَقيل: طوليس، فَذكر جمال سارة لفرعون، فأحضرها وَسَأَلَ إِبْرَاهِيم عَنْهَا، فَقَالَ: هَذِه أُخْتِي - يَعْنِي فِي الْإِسْلَام فهم فِرْعَوْن بهَا فأيبس اللَّهِ يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ، فَلَمَّا تخلى عَنْهَا أطلق، ثمَّ هم بهَا فَجرى لَهُ ذَلِك، فَأطلق سارة وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي لهَذِهِ أَن تخْدم نَفسهَا فَوَهَبَهَا هَاجر جَارِيَة، فَجَاءَت بهَا إِلَى إِبْرَاهِيم.
ثمَّ سَار إِبْرَاهِيم من مصر إِلَى الشَّام وَأقَام بَين الرملة وإيليا، وَكَانَت سارة لَا تَلد فَوهبت إِبْرَاهِيم هَاجر فَولدت مِنْهُ إِسْمَاعِيل - وَمَعْنَاهُ بالعبراني: مُطِيع اللَّهِ - لمضي سِتّ وَثَمَانِينَ من عمر إِبْرَاهِيم، فحزنت سارة لذَلِك فَوَهَبَهَا اللَّهِ إِسْحَاق، وَلدته سارة بنت تسعين سنة.
وَغَارَتْ سارة من هَاجر وَابْنهَا وَقَالَت: ابْن الْأمة لَا يَرث مَعَ ابْني، وَطلبت من إِبْرَاهِيم إخراجهما عَنْهَا. فَسَار بهما إِلَى الْحجاز وتركهما بِمَكَّة، وَتزَوج إِسْمَاعِيل بِمَكَّة امْرَأَة من جرهم، وَمَاتَتْ أمة بِمَكَّة، وَقدم إِلَيْهِ إِبْرَاهِيم وبنيا الْكَعْبَة - الْبَيْت الْحَرَام -، ثمَّ أمره الله بِذبح وَلَده، وَقيل: إِسْحَاق: وَقيل: إِسْمَاعِيل، وفداه اللَّهِ بكبش. وَكَانَ إِبْرَاهِيم فِي آخر أَيَّام بيوراسب الضَّحَّاك، وَسَيذكر مَعَ الْفرس فِي أول ملك أفريدون، والنمروذ عَامله.
ولإبراهيم أَخَوان هاران وناخور ابْنا آزر، فهاران أولد لوطا، وأولد ناخور تبويل، وأولد تبويل لَا بَان، وأولد لَا بَان ليا وراحيل زَوْجَتي يَعْقُوب.
وَمن زعم أَن الذَّبِيح إِسْحَاق يَقُول: مَوضِع الذّبْح بِالشَّام على ميلين من إيليا - وَهِي بَيت الْمُقَدّس -، وَمن زعم أَنه إِسْمَاعِيل يَقُول: كَانَ بِمَكَّة.
وَاخْتلف فِي الْأُمُور الَّتِي ابتلى اللَّهِ إِبْرَاهِيم بهَا قيل: هِيَ هجرته عَن وَطنه والختان وَذبح ابْنه، وَقيل غير ذَلِك. وَفِي أَيَّام إِبْرَاهِيم توفيت سارة بعد هَاجر وَفِيه خلاف وَتزَوج بعد سارة امْرَأَة من الكنعانيين ولدت من إِبْرَاهِيم سِتَّة، فجملة أَوْلَاده ثَمَانِيَة بِإِسْمَاعِيل.
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
.