الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيهَا: توفّي نصر بن أَحْمد الساماني، فَقَامَ بِمَا كَانَ إِلَيْهِ من الْعَمَل بِمَا وَرَاء النَّهر أَخُوهُ إِسْمَاعِيل.
وفيهَا: قدم الْحُسَيْن بن عبد اللَّهِ بن الْجَصَّاص من خمارويه بِمصْر بِهَدَايَا عَظِيمَة بِسَبَب تَزْوِيج بنت خمارويه من المعتضد.
وفيهَا: توفّي أَبُو عِيسَى مُحَمَّد بن عِيسَى بن سُورَة التِّرْمِذِيّ الضَّرِير السّلمِيّ بترمذ فِي رَجَب؛ حَافظ، من تصانيفه الْجَامِع الْكَبِير فِي الحَدِيث، وَهُوَ تلميذ البُخَارِيّ وشاركه فِي بعض شُيُوخه مثل قُتَيْبَة بن سعيد وَعلي بن حجر.
ثمَّ دخلت سنة ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا توفّي الْمُفَوض جَعْفَر بن الْمُعْتَمد.
ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا سَار المعتضد إِلَى ماردين فهرب صَاحبهمَا حمدَان وخلى ابْنه بهَا فقاتله المعتضد وَسلمهَا إِلَيْهِ.
وفيهَا: دخل طغج بن جف عَامل دمشق من قبل خمارويه من طرطوس إِلَى الرّوم فَفتح وسبى.
وفيهَا: توفّي عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن أبي الدُّنْيَا صَاحب التصانيف.
ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا أَمر المعتضد بافتتاح الْخراج فِي النيروز المعتضدي رفقا بِالنَّاسِ وَهُوَ فِي حزيران عِنْد ركون الشَّمْس فِي أَوَاخِر الجوزاء.
وفيهَا: قتل خمارويه بن أَحْمد بن طولون؛ ذبحه بعض خدمه على فرَاشه فِي الْحجَّة بِدِمَشْق، نقل إِلَيْهِ أَن جواريه اتخذن طواشيه أَزْوَاجًا فخافوه وقتلوه ثمَّ قتل مِنْهُم نَيف وَعِشْرُونَ، وبويع بعده جَيش ابْنه وَكَانَ جَيش صَبيا.
وفيهَا: توفّي أَبُو حنيفَة أَحْمد بن دَاوُد الدينَوَرِي صَاحب كتاب النَّبَات، والْحَارث بن أبي أُسَامَة وَله مُسْند، وَأَبُو العينا مُحَمَّد بن الْقَاسِم الضَّرِير روى عَنهُ الْأَصْمَعِي شَاعِر ذكي ظريف ذُو نَوَادِر، ومولده سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَة وكف بَصَره وَهُوَ ابْن اربعين سنة، ولقب بِأبي العينا لِأَنَّهُ قَالَ لأبي زيد الْأنْصَارِيّ كَيفَ تصغر عينا؟ فَقَالَ: عيينا يَا أَبَا العينا، قَالَ يَوْمًا المتَوَكل: لَوْلَا أَنه ضَرِير لنادمته، فَقَالَ: إِن أعفاني من رُؤْيَة الْأَهِلّة فَإِنِّي أصلح للمنادمة.
قلت: وَمن أجوبته السريعة: أَنه شكا إِلَى عبيد اللَّهِ بن سُلَيْمَان بن وهب الْوَزير سوء الْحَال فَقَالَ: أَلَيْسَ قد كتبنَا إِلَى إِبْرَاهِيم بن الْمُدبر فِي أَمرك؟ قَالَ: نعم قد كتبت إِلَى رجل قد قصر من همته طول الْفقر وذل الْأسر - يَعْنِي أسر الزنج - ومعاناه الدَّهْر فأخفق سعيي وخابت طلبتي، فَقَالَ عبيد اللَّهِ: أَنْت اخترته، فَقَالَ: وَمَا عَليّ أَيهَا الْوَزير فِي ذَلِك وَقد اخْتَار النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
عبد اللَّهِ بن سعد بن أبي سرح كَاتبا فَرجع إِلَى الْمُشْركين مُرْتَدا، وَاخْتَارَ عَليّ بن أبي طَالب أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ حَاكما لَهُ فَحكم عَلَيْهِ
.
وَصَارَ أَبُو العينا يَوْمًا إِلَى بَاب صاعد بن مخلد فَاسْتَأْذن عَلَيْهِ فَقيل: هُوَ مَشْغُول بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: لكل جَدِيد لَذَّة، وَكَانَ صاعد قبل الوزارة نَصْرَانِيّا، وَالله اعْلَم.
ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا خلع طغج بن جف أَمِير دمشق جَيش بن خمارويه بِدِمَشْق، وَاخْتلف جَيش جَيش عَلَيْهِ لصباه وتقريبه الأرذال وتهديده لقواد أَبِيه فثاروا وقتلوه ونهبوا دَاره ونهبوا مصر وأحرقوا وأقعدوا أَخَاهُ هَارُون بن خمارويه فِي الْولَايَة. وَمُدَّة جَيش تِسْعَة أشهر.
وفيهَا: مَاتَ البحتري الشَّاعِر الْوَلِيد بن عبَادَة بمنبج، ومولده سنة سِتّ وَمِائَتَيْنِ.
قلت: الصَّوَاب أَنه أَبُو عبَادَة بن عبيد بن يحيى بن شملال بن جَابر بن مسلمة بن مسْهر بن الْحَارِث بن جشم بن أبي حَارِثَة بن جدي بن بدول بن بحتر نسب إِلَى جده بحتر، ولد بمنبج وَتخرج بهَا، ثمَّ خرج إِلَى الْعرَاق ومدح جمَاعَة من الْخُلَفَاء أَوَّلهمْ المتَوَكل، قَالَ: صرت فِي أول أَمْرِي إِلَى أبي تَمام بحمص وَعرضت عَلَيْهِ شعري فَأقبل عَليّ وَترك النَّاس وَقَالَ: كَيفَ حالك، فشكوت خلة، فَكتب إِلَى أهل معرة النُّعْمَان وَشهد لي بالحذق وشفع لي إِلَيْهِم وَقَالَ: امتدحهم فصرت إِلَيْهِم فأكرموني بكتابه ووظفوا لي أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم فَكَانَت أول مَال أصبتها ذكره ابْن خلكان فِي تَارِيخه.
وَمَا أحسن قصيدته فِي المتَوَكل الَّتِي أَولهَا:
(أُخْفِي هوى لَك فِي الضلوع وأضمر
…
وألام من كمد عَلَيْك واعذر)
وَمِنْهَا:
(بِالْبرِّ صمت وَأَنت أفضل صَائِم
…
وبسنة اللَّهِ الرضية تفطر)
(فانعم بِيَوْم الْفطر عينا إِنَّه
…
يَوْم أغر من الزَّمَان مشهر)
(أظهرت عز الْملك فِيهِ بجحفل
…
لجب يحاط الدّين فِيهِ وينصر)
وَمِنْهَا:
(فالخيل تصهل والفوارس تدعى
…
وَالْبيض تلمع والأسنة تزهر)
(وَالشَّمْس طالعة توقد فِي الضُّحَى
…
طورا ويطفئها العجاج الأكدر)
(حَتَّى طلعت بِنور وَجهك فانجلى
…
ذَاك الدجى وأنجاب ذَاك العثير)
(وافتتتن فِيك الناظرون فأصبع
…
يومي إِلَيْك بهَا وَعين تنظر)
(ذكرُوا بطلعتك النَّبِي فهللوا
…
لما طلعت من الصُّفُوف وَكَبرُوا)
(حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى الْمصلى لابسا
…
نور الْهدى يَبْدُو عَلَيْك وَيظْهر)
(ومشيت مشْيَة خاشع متواضع
…
لله لَا يزهى وَلَا يتكبر)
(فَلَو أَن مشتاقا تكلّف فَوق مَا
…
فِي وَسعه لسعى إِلَيْك الْمِنْبَر)
(أيدت من فصل الْخطاب بِحكمِهِ
…
تنبي عَن الْحق الْمُبين وتخبر)
(ووقفت فِي برد النَّبِي مذكرا
…
بِاللَّه تنذر تَارَة وتبشر)
وَالله أعلم.
وفيهَا: توفّي عَليّ بن الْعَبَّاس الرُّومِي الشَّاعِر.
وفيهَا: أَمر المعتضد أَن يكْتب إِلَى الأقطار يرد الْفَاضِل من سِهَام الْمَوَارِيث على ذَوي الْأَرْحَام وأبطل ديوَان الموارث.
وفيهَا: أَمر المعتضد بالسب والطعن فِي مُعَاوِيَة وَأَبِيهِ وَابْنه على المنابر، ثمَّ خشِي من استطالة العلويين فَأمْسك عَنهُ.
ثمَّ دخلت سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا أخبر المنجمون بغرق أَكثر الأقاليم بِسَبَب كَثْرَة الأمطار وَزِيَادَة الْأَنْهَار فتحفظ النَّاس، فَقلت الأمطار وَغَارَتْ الْمِيَاه واستسقوا بِبَغْدَاد مَرَّات.
وفيهَا: اخْتَلَّ حَال هَارُون بن خمارويه بن طولون بِمصْر وَاخْتلف القواد عَلَيْهِ وانحل نظام مَمْلَكَته من جِهَة طغج بن جف.
وفيهَا: توفّي إِسْحَاق بن مُوسَى الإسفرايني الْفَقِيه الشَّافِعِي.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا فتح المعتضد آمد بالأمان وَكَانَ صَاحبهَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن عِيسَى بن الشَّيْخ، ثمَّ سَار إِلَى قنسرين فتسلمها وتسلم العواصم من نواب هَارُون بن خمارويه سَأَلَهُ هَارُون ذَلِك.
وفيهَا: مَاتَ إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق من أَعْيَان الْمُحدثين بِبَغْدَاد.
قلت: وفيهَا توفّي عَليّ بن عبد الْعَزِيز الطرسوسي راوية أبي عبيد الْقَاسِم، وَكَانَ بَين مَوْتهمَا سِتُّونَ سنة، كَمَا كَانَ بَين وَفَاة الشَّافِعِي وراويته الْمُزنِيّ، وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا ظهر بِالْبَحْرَيْنِ أَبُو سعيد الجنابي من القرامطة وَكثر جمعه، وَقتل جمَاعَة بالقطيف وبتلك الْقرى.
وفيهَا: توفّي الْمبرد أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن يزِيد إِمَام النَّحْو واللغة وَله كتاب الْكَامِل وَالرَّوْضَة والمقتضب وَغير ذَلِك، تأدب على أبي عُثْمَان وَغَيره وَأخذ عَنهُ نفطويه وَغَيره، ومولده سنة سبع وَمِائَتَيْنِ، طلبه صَاحب الشرطة للمنادمة فكرة ذَلِك فألح الرَّسُول فَأدْخل فِي غلاف مزملة فارغة لتبريد المَاء فَدخل الرَّسُول فَلم يره، فَلَمَّا مضى الرَّسُول قَالَ صَاحب الدَّار وَهُوَ أَبُو حَاتِم السجسْتانِي: الْمبرد الْمبرد، فَصَارَ لقبا عَلَيْهِ:
قلت: وَفِيه وَفِي ثَعْلَب يَقُول أَبُو بكر الغلاف:
(ذهب الْمبرد وَانْقَضَت أَيَّامه
…
وليذهبن أثر الْمبرد ثَعْلَب)
(بَيت من الْآدَاب أصبح نصفه
…
خربا وَبَاقِي بَيتهَا سيخرب)
وَالله اعْلَم.
ثمَّ دخلت سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا استولى إِسْمَاعِيل بن أَحْمد الساماني صَاحب مَا رواء النَّهر على خُرَاسَان بعد قتال وَأسر أَمِير خُرَاسَان وَهُوَ عَمْرو بن الصفار، ثمَّ
أرْسلهُ إِلَى المعتضد بِبَغْدَاد فحبس عَمْرو بهَا إِلَى أَن قتل سنة تسع وَثَمَانِينَ فِي الْحَبْس.
وفيهَا: سَار مُحَمَّد بن زيد الْعلوِي صَاحب طبرستان إِلَى خُرَاسَان وَقد سمع أسر ابْن الصفار ليستولي عَلَيْهَا، فَجرى بَينه وَبَين عَسْكَر إِسْمَاعِيل الساماني قتال ثمَّ انهزم عَسْكَر الْعلوِي وجرح جراحات ثمَّ مَاتَ الْعلوِي مِنْهَا بعد أَيَّام، وَأسر ابْنه زيد فِي الْوَقْعَة وَحمل إِلَى إِسْمَاعِيل الساماني فَأكْرمه ووسع عَلَيْهِ، وَكَانَ مُحَمَّد بن زيد دينا فَاضلا شَاعِرًا حسن السِّيرَة رَحمَه اللَّهِ تَعَالَى.
وفيهَا: مَاتَ عَليّ بن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ بِمَكَّة.
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا حفر لُؤْلُؤ وَالِي المعرة غُلَام وصيف بن صوار تكين أَمِير حمص خَنْدَقًا على معرة النُّعْمَان وحاصره جهير بن مُحَمَّد التنوخي وَبَنُو كنَانَة وَطَالَ الْقِتَال، ثمَّ انْصَرف وَلم يفتحها.
وَمن تَارِيخ ابْن الْمُهَذّب - وَهُوَ خلاف مَا قدمْنَاهُ - أَن فِيهَا قتل أَبُو الْجَيْش خمارويه بن أَحْمد بن طولون قَتله خدامة على فرَاشه بِدِمَشْق بِحَضْرَة دير مران، وَكَانَت قطر الندى بنت أبي الْجَيْش قد تزَوجهَا المعتضد وزفت إِلَيْهِ مَعَ ابْن الْجَصَّاص صَاحب المعتضد، فَقَالَ المعتضد لأَصْحَابه: أكرموها بشمع العنبر، فَوجدَ فِي الخزانة أَربع شمعات عنبر فِي أَرْبَعَة أتوار فضَّة، فَلَمَّا كَانَ وَقت الْعشَاء جَاءَت إِلَيْهِ وقدامها أَرْبَعمِائَة وصيفة فِي يَد كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ تور ذهب أَو فضَّة وفيهَا شمعة عنبر، فَقَالَ المعتضد لأَصْحَابه: أطفئوا شمعنا واسترونا.
وَكَانَت إِذا جَاءَت إِلَى المعتضد يكرمها بطرح مخدة، فَجَاءَت يَوْمًا فَلم يطْرَح لَهَا فَقَالَت: أعظم اللَّهِ أجر أَمِير الْمُؤمنِينَ، قَالَ: فِي من؟ قَالَت: فِي عَبده خمارويه، قَالَ: أَو قد سَمِعت بِمَوْتِهِ؟ قَالَت: لَا وَلَكِنِّي لما رَأَيْتُك تركت إكرامي علمت أَنه قد مَاتَ أبي، وَكَانَ قد سمع بِمَوْتِهِ وكتمه عَنْهَا، فَأمر أَن تطرح لَهَا المخدة فِي كل الْأَوْقَات، وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا كَانَت حَرْب بِالشَّام بَين طغج أَمِير دمشق وَبَين القرامطة.
وفيهَا: لثمان بَقينَ من ربيع الآخر توفّي المعتضد أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن طَلْحَة الْمُوفق وَدفن لَيْلًا فِي دَار مُحَمَّد بن طَاهِر، ومولده فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ، وخلافته تسع سِنِين وَتِسْعَة أشهر وَثَلَاثَة عشر يَوْمًا، وَخلف من الذُّكُور عليا المكتفي وجعفرا المقتدر وَهَارُون وَإِحْدَى عشر بِنْتا.
وَلما حضرت المعتضد الْوَفَاة أنْشد أبياتا مِنْهَا:
(وَلَا تأمنن الدَّهْر إِنِّي أمنته
…
فَلم يبْق لي خلا وَلم يرع لي حَقًا)
(قتلت صَنَادِيد الرِّجَال وَلم أدع
…
عدوا وَلم أمْهل على ظَنّه خلقا)